قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي والعشرون

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي والعشرون

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي والعشرون

دلفت نبض إلى غرفة صباح وهي تحمل صنية طعام وتقول: -
- طنط أنا جهزتلك..
لم تكمل حديثها حين رأت صباح على الأرض فاقدة للوعى، وضعت الصنية على الطاولة وأسرعت لها وهي تنادى على يوسف بهلع. دلف للغرفة فرأها تجلس على الأرض تحاول أفاقة والدته، نقلها للفراش وهو ينظر لملامحها الحزينة ووجهها الشاحب بينما نبض تفحصها فسألها: -
- مالها يا نبض!

- صدمة عصبية. مستحملتش الفراق. عمومًا أنا اديتها حقنة والصبح هتكون كويسة
قالتها وهي تقف، سألتها سارة بهدوء وهي على وشك البكاء: -
- ماما هتكون كويسة صح..
- اه متقلقيش يا سارة هي محتاجة ترتاح
قالتها نبض بهدوء، جلست سارة بجوار والدتها وقالت: -
- أنا هنام جنبها مش هسيبها
أومأت لها بنعم ثم أخذت زوجها وخرجت من الغرفة، سألها بجدية وهو يسير معها في الرواق: -
- نبض! هي كويسة؟

- كويسة والله يا حبيبى، الصدمة بس كانت شديدة عليها
دلفا إلى غرفتهما وهو يقول ببرود: -
- أمى، مدام صباح رئيس مجلس إدارة الشركة أقوى من كدة، مش لحظة فراق توقعها كدة
جلست بجواره على الفراش وقالت: -
- فراق الحبيب يا يوسف بيكسر ومش أى حد يتحمله، لو أنا جرالى حاجة هتقدر تتقبل كدة؟
وضع سبابته على شفتيها بخوف وقال: -
- الله يكرمك يا نبض بلاش كلام في الموت، ولأنك عارفة أنه بيكسر ليه مُصرة على اللى في دماغك.

- عشان عندى أمل في ربنا أنه ينجي أنا وهو، أنا مش مصرة علي الولادة عشان أموت أنا نفسي أعيش معاك العمر كله، لكن جوايا إحساس أن ربنا هيقف معايا ويكمل فرحتى ولأنه قريب مُجيب بدعيه وبترجاه يكمل فرحتنا بخير، الجندى اللى بيحرب بيدخل الحرب وهو عارف أن ممكن يموت لكنه بيدخلها وعنده أمل أن ربنا ينصره ويرجعه بخير، أنا كمان عندى الأمل دا، عندى أمل أنى أديك أغلى حاجة في الحياة ممكن تزرع جوا قلبك الحب والحنية.

- برضو بتعاندى!
تبسمت وهي تمسح على رأسه بحنان وقالت: -
- مسموش عناد أسمه معافرة، بعافر عشانك وعشانك وعشانك وعشانى في الأخر، ربك قال أسعى يا عبد وأنا أسعى معاك. ادعيلنا بس يا يوسف زى ما أنا بدعيلك تحب
- أحب!
قالها بتعجب لتقول بجدية: -
- يوسف أنت محتاج تحب
نظر لها بتعجب ثم وضع قبلة في قلب كفها وقال بلطف: -
- ما أنا بحبك يا نبضى.

- مش بس أنا اللى محتاج تحبها، أنت محتاج تدخل الحب قلبك، محتاج تحب أهلك وتديهم الحب، محتاج تعرف تحب أصحابك وتقرب منهم. معتقدش من يوم ما أتجوزتك لاقيتك مرة خارج مع صحابك أو حد بيجيلك، أنت أقلمت حياتك كلها على الشغل صحابك بقوا المؤظفين عندك ورجال الأعمال اللى بيشاركوا أو بينافسوك، محتاج تبص للدنيا والحياة من منظور تانى غير الشغل
وضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف وقال بجدية: -.

- أنا مش محتاج أحب حد غيرك ولا يكون في حياتى حد إلا أنتِ يا نبضة قلبى
- بس أنت محتاج تحب يا يوسف ناس غيرى، أنا تقريبًا الزوجة الوحيدة اللى بتطلب من جوزها أن ناس تانية تشاركها قلبه، يوسف أنت لو معرفتش تحب أختك ومامتك مش هتعرف تحبنى أنا ولا هتعرف تحب ابننا.
قالتها بجدية وهي تنظر لوجهه فكانت تعابيره هادئة وخالى من أى رد فعل، وضع رأسه على قدمها ومدد جسده على الفراش وهو يحتضن يدها بيده فوق صدره وقال: -.

- دايما بتطلبى منى الحاجات اللى مبعرفش أعملها يا نبض
- أنا مش عاوزك تكون ملك فقيد الحب
تبسم بعفوية عليها رغم هدوءه وقال: -
- أنا ملك عثر على الحب في نبضه
وضعت قبلة على جبينه بلطف وتبسمت له بحنان..

ذهب يوسف و سارة إلى دار مناسبات أحد الجوامع بالزمالك للعزاء بينما نبض ظلت بالقصر لرعاية صباح، كانت تتناول غداءها في هدوء حتى أوقفها صوت طقطقة حذاء على الدرج، نظرت فرأت صباح مُرتدية بنطلون أسود فضفاض وبلطو أسود تغلق رابطة حول خصرها وتحمل حقيبتها السوداء فأسرعت نحوها وهي تسألها: -
- على فين يا طنط؟
- رايحة عزاء جوزى ولا عاوزة حد غيرى يأخد عزاءه
قالتها ببرود فأردفت نبض بزمجرة: -.

- يوسف هناك يا طنط، حضرتك تعبانة
- أنا كويسة قدامك أهو
قالتها ثم خرجت من القصر، زفرت نبض بأختناق وأخرجت هاتفها تتصل ب يوسف..

لم تتحمل سارة البقاء في صالة العزاء كثير فخرجت من هناك باكية تخفى ضعفها عن الجميع لتصدم بأحد النساء وسقطت القهوة على حذاءها ولم تبالى فأنصرفت وجلست على أحد الأدراج بعيد عن أنظار الجميع، جهشت في البكاء بحزن على فراق والدها وهي تتذكر طفولتها معه، رأت ظل رجل أمامها فرفعت رأسها لترى كريم يجلس أمام قدمها ويمسح حذاءها بمنديل، جففت دموعها سريعًا وقالت: -
- أنت بتعمل أيه هنا؟

- أستاذ يوسف كلفنى بمراقبتك بس ممكن تكملى وكأنى مش موجود
قالها وهو يقف كى يغادر بعيدًاعنها فمسكت يده بحزن وقالت: -
- متمشيش. أقعد
جلس بجوارها على الدرج وهو يقول: -
- أنا ممكن أسمعك لكن خلينى أعرفك للعلم أنا مبعرفش أواسىء
جهشت في البكاء وهي تضع وجهها بين كفيها كطفلة صغيرة، أربت على كتفها بلطف وقال: -
- أهدى على الأقل.

- الفراق فظيع جدًا، إحنا كنا عارفين أنه في أيامه الأخيرة وكنت منتظرين رحمة ربنا عليه لكن لما جت كانت مُخيفة وموجعة، مكنش نعرف أننا هنتوجع كدة لما تيجى
تحدثت بصوت مبحوح، أخرج من جيبه عبوة عصير وقال بينما يمد يده لها: -
- أشربى دا على الأقل جسمك هيحتاجه عشان تقدرى تقفى
أخذته منه وقالت: -
- شكرًا
نظر لعيناها في هدوء وقال بنبرة دافئة: -
- سارة أنا بحبك!
أتسعت عينيها بذهول وقالت بعصبية وهي تقف: -.

- أنت عبيط. لا أنت أكيد مجنون ومبقتش عارف مكانك أيه وأنك مجرد واحد شغال عندنا، أنت مش شايف أنت فين ومين وأنا مين، أنا هعتبر نفسي مسمعتش اللى أنت قولته دا ودا لمصلحتك
ألقت العصير بوجهه وذهبت غاضبة، أتسعت عيناه بذهول من حديثها وقسوتها ثم ذهب إلى أحد الحراس يكلفه بمراقبتها بدلاً منه..

وصلت صباح للعزاء وخلفها نبض ببلوفر أسود وبنطلون أسود كما كانت بالمنزل دون أن تغير ملابسها، نظرت النساء إليها فهل هذه البلهاء زوجة يوسف الحناوى، تقدمت جهاد إليها وقالت: -
- البقاء لله يا حبيبتى
- ونعمة بالله يا ماما، بابا معاكِ هنا
قالتها وهي تجلس على المقعد، أومأت لها جهاد، نظرت نبض بتعجب إلى النساء وقالت بتمتمة: -
- ماما هو أنا فيا حاجة غلطة، أنا حاسة أنى دخلت عليهم بالأحمر
- لا يا حبيبتى بس مكانتك..

كبثت نبض بسمتها أحترامًا للمكان وقالت بسخرية: -
- مكانتى تمنعنى أحضر عزاء بلبس زى دا مثلًا أول مرة أعرف أن العزاء له لبس معين
- حصل خير، طمنينى عليكى في الحمل؟
سألتها جهاد بقلق لتُجيبها قائلة: -
- أدعيلى يا ماما أقوم بالسلامة منه، وربنا يقوينى عليه
- هتقومى يا حبيبتى ثقى بربك وهو مش هيخذلك عمر ما لجأله محتاج ورده مكسور الخاطر، دا رحمته واسعة
قالتها جهاد بتفائل، وضعت نبض يدها على بطنها بلطف وأمل..

دلف كريم ببرود تام إلى يوسف وأخبره بوصول زوجته ليغمض عينيه بغضب من مغادرتها للفراش بل للقصر بأكمله رغم تحذيرات الطبيبة، هذه الزوجة ستقتله يومًا بعاندها وعدم سماع الكلام بتمردها.
كاد أن يخرج ليوقفه رجل قدم يده إليه ويقول: -
- البقاء لله.
نظر يوسف ليرى عصام أمامه وينظر بشماتة له، لم يصافحه يوسف ووضع يديه في جيبه وقال: -
- ايه اللى جابك؟
- أنا جوز أخت المتوفى وجيت أعمل الواجب.

قالها بغرور فنظر يوسف له بأختناق وقال ببرود: -
- الباب اللى جيت منه تطلع منه بدل ما تحصل المرحوم
- مش يمكن حد تانى اللى يحصل المرحوم، أنت عارف الواحد نبضه بيكون ضعيف جدًا
قالها ببرود وتهديد، نظر يوسف له بأغتياظ وهو يذكر أسم زوجته ويهدده بأن يوسف الحناوى أصبح ضعيف بها، تبسم يوسف وهو يتقدم خطوة نحوه بثقة وقال بتهديد صريح: -.

- خلى بالك أن ألمانيا مش بعيدة عن أيدى ومكالمة تليفون منى ممكن يوصلك بعدها خبر مش لطيف زى مثلا وفأة ميرا أثناء الجراحة بسبب نزيف أو ظروف صحية..
أزدرد عصام لعابه بخوف فهو يعلم كل شيء عنه وحتى عن سبب سفر ابنته ويراقبها، أردف بتوتر ملحوظ: -
- زى موت نبض في الولادة كدة ودى محدش هيشك فيها لأنها يا حرام عارفة دا وأنت كمان والدكاترة هتأكد دا
- أنطق أسمها مرة ثالثة وهتكون في قبرك دا لو لاقيت قبر يلمك.

قالها بجدية وغضب قاتل ثم أنصرف للخارج قبل أن يفقد سيطرته ويقتله حقًا فتمتم عصام قائلاً: -
- أكيد هي ثمن كل اللى حصل في بنتى لكن اللى حصل معايا ثمنه عمرك أنت يا يوسف
تقدمت ميادة نحو صباح، رأتها صباح وهي تتقدم نحوهما فقالت مُتمتمة إلى نبض بهمس: -
- متنطقيش بحرف واحد مهما أتكلمت
أومأت لها بنعم، وصلت ميادة أمامهما وقالت: -
- البقاء في حياتك يا صباح
نظرت صباح إلى يدها الممدودة وقالت: -.

- بتعزينى في أخوكى، على حد ما أعتقد أن المفروض تقفى تأخدى عزاءه، اه صح نسيت أنك مش من العيلة.
- صباح أنا.
تحدثت صباح بجدية وهي تقول: -
- أنتِ جاية ليه؟ أطلعى برا
- أنا غلطانة أنى جيت أعمل الواجب والأصول
قالتها بغيظ لتبتسم صباح بمكر وقالت: -
- الواجب! دا مفهومك عن العيلة لأنك لو تعرفى يعنى أيه عيلة مكنش حصل كل اللى حصل، أطلعى برا الواجب بتاعك إحنا في غني عنه.

غادرت ميادة لتقابل يوسف فرمقته بنظرها وذهبت، رأته نبض بالخارج فذهبت إليه، سألها بغضب: -
- أيه اللى جابك يا نبض؟ هو دا اللى هسمع كلام الدكتورة
- طنط خرجت من القصر وهي تعبانة خوفت عليها
قالتها بحزن ليقول وهو يسمك ذراعها بغيظ وقوة: -
- هي تعبانة وأنتِ أيه؟ مش هتبطلى عنادك دا وعدم سمعان الكلام
- هو كل حاجة عندك عناد يا يوسف، أنا بجد كنت قلقانة عليها
قالتها بحزن ليُجيبها بغضب سافر: -.

- روحى يا نبض ولينا كلام في البيت!
- أنا جيت خلاص خلينى وهروح معاك أنا معيش عربية
تأفف بأختناق وهو يتحاشي النظر لها فوقع نظره على عصام يبتسم له بسخرية وهو ينظر على نبض فقال: -
- أدخلى ومطلعيش غير لما أكلمك. فاهمة يا نبض
أومأت له بنعم ودلفت مُجددًا، عاد يوسف لقاعة الرجال وجلس بجوار فؤاد ليقول: -
- هدى نفسك يا بنى، هو جه هنا مخصوص عشان يحرق دمك
- أنا هحرقه هو مش دمه.

قالها يوسف بزمجرة ليربت فؤاد على قدمه وقال: -
- أرتاح بكرة في البيت مفيش داعى تيجى الشركة وعرض الأزياء اللى في الغردقة نانا هتتكفل بيه متقلقش
- ماشي..
قصر الحناوى
دلفت نبض إلى غرفتها صباحًا فوجدته ما زال نائمًا بفراشه، تأففت بتذمر وصعدت إلى الفراش تقول: -
- يوسف. حبيبى يا كسول
جذبت الغطاء عنه وهي تقول: -
- قووم بقى. يا يوسف قووم
أعدل في جلسته بوجه ناعس وهو يقول مُتمتمًا: -
- عاوزة أيه يا نبض؟

- كريم عاوزك تحت، وبعدين كفاية كسل بقى
قالتها بأختناق ليقول: -
- ماشي، قومى أوعى كدة عدينى
- يا سلام ما تنزل من عندك
قالتها وهي تضحك عليه فتحدث بزمجرة قائلة: -
- أنتِ بقيت تخينة كدة ليه بعد الحمل. ما شاء الله واخدة السرير كله أشحال حامل فتؤام بس
قهقهت ضاحكة عليه بسعادة وقالت: -
- أنا أخد السرير كله أنا وولادى براحتنا على فكرة وبعدين أنا لسه في الخامس يا بابا.

عاد إليها مسرعًا بعد أن وصل للباب ووضع قبلة على جبينها رقيقة وقال: -
- بحبك
خرج من الغرفة لتلمس جبينها بعفوية وقالت مُتمتمة: -
- أتغيرت يا يوسف بعد موت عمه.
دلف يوسف إلى المكتب فوجد كريم بأنتظاره ليقول وهو يجلس على مقعد: -
- حمد الله على السلامة يا كريم، وصلت مصر أمتى؟
- من يومين
أومأ له بنعم وقال ساخرًا: -
- يومين ولسه فاكر تكلمنى وتيجى؟
- في الحقيقة أنا ليا طلب عند حضرتك وأتمنى تنفذهولى.

قالها كريم بجدية فسأله يوسف بتعجب: -
- في ايه يا كريم، أنت متغير بقالك ثلاثة شهور وسفر فجأة وراجعلى بعد شهور. قول ولو بمقدرتى هنفذهولك أكيد
وضع كريم ورقة على المكتب، نظر يوسف للورقة بتعجب ثم فتحها وكانت الصدمة له حين وجدها أستقالة كريم من العمل، تحدث يوسف بصدمة: -
- أيه دا؟
- أتمنى تقبلها؟
- دا ليه؟ فجأة كدة ولا أنت مقرر دا من قبل السفر؟
سأله بصدمة ونبرة هادئة ليجيبه كريم وهو يقف: -.

- مش هتفرق كتير، عن أذنك.

خرج من المكتب ليقابل سارة وهي تدخل من باب القصر، نظرت له بهدوء ودهشة من وجوده فهو أختفى منذ لقاءهما الأخير بعزاء والدها من ثلتثة أشهر، كان بهيئته لم يتغير كثير، رمقها بصمت تام كانت مُرتدية تنورة حمراء تصل لركبتها وقميص نسائى أبيض اللون، خرج من القصر دون أن يتفوه بكلمة واحدة، أستدارت تنظر له بهدوء وشوق وهو يغادر فحقًا حين غاب عن نظرها أشتاقت له بجنون، صعد سيارته وغادر القصر وذهب إلى الكافى الذي يلتقى ب نادين به، دلف ورأها جالسة هناك ترتشف قهوته، جلس أمامها لتعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت بتذمر: -.

- خير كلمتنى ليه، مش كنت أختفيت من غير ولا كلمة. أيه اللى فكرك بيا
- ممكن تهدى كدة ونتكلم؟
نظرت للجهة الأخرى بأختناق وقالت: -
- نتكلم! انت عندك خليفة أنا أتخضيت أزاى لما أختفيت كدة
- أسف كنت محتاج فترة لوحدى
قالها بهدوء لتقول بغضب: -
- وما دام محتاج تقعد لوحدك طلبتنى ليه. اقولك كمل قاعدة لوحدك بقى. وابقى أدفع تمن القهوة دى.

قالتها وهي تقف غاضبة وتغادر، نظر لها وهي تغادر وتبسم على تذمرها ثم دفع التكلفة وغادر..

كانت نبض تسير بطلاقة في المكان وبطفولية وهي تشاهد أغراض الأطفال بداخل محل مليء بكل مستلزمات الولادة والأطفال، كان يوسف يسير خلفها وهو يراقب بسمتها المُشرقة وكأنها تناست قدر الخطورة التي ستواجهها أثناء الولادة، كان يرفض وجود طفل بداخلها فرزقهما الله بطفلين لا يعلم أهما رزق أم عقاب، امرأة بحالتها لا تستطيع أنجاب طفل واحد رزقها الله طفلين معًا لتتضاعف الخطورة والألم ويتضاعف معهما خوفه ورعبه، كان يراقبها وهي تختار أشياء لطفلهما الولد وهكذا البنت، تلتقط الصور مع الملابس والسراير بصحبته وهي تضحك بإشراق، تبسم وهو يرى سعادتها رغم خوفه، توقف فجأة حين رأى ميرا تقف أمامهما يبدو أنها أنهت شهورها في ألمانيا للعلاج وعادت.

رمقته بشوق وشغف كبير وقالت بنبرة هادئة: -
- أزيك يا يوسف؟
سمعت نبض صوتها فأستدارت وهي تحمل في يدها فستان لطفلتها ثم وقفت بجواره تتباطى ذراعيه لتلاحظها ميرا وتنظر لها بحقد شديد ثم نظرت إلى بطنها المُنتفخة قليلًا بحقد فكم تمنت بأن تكون هي بجواره في تلك اللحظة يختار معًا أشياء طفلهما، تبسمت نبض بعفوية وقالت: -
- أزيك يا ميرا؟
رمقتها ميرا ببرود وقالت: -
- كنت كويسة لحد ما شوفتك.

- شكرًا يلا يا يوسف عشان ترجع كويسة لما أمشي
قالتها بإستياء وهي ترحل من أمامه لتبتسم ميرا بأختناق شديد فجاءت تمارا لها وهي تقول: -
- هي دى نبض. مش حلوة خالص
- لما بشوفها ببقى عاوزة أقتلها
قهقهت تمارا بسخرية وهي تقول: -.

- أنتِ مش قولتى أنها هتتكل على الله في الولادة خلاص أنتِ مش محتاج غير أنك تصبرى كمان كام شهر ولما تموت في الولادة تبقى ترجعيله حتى عشان ميكرهكيش ويقول أنك السبب في موتها ولا أنك اذيتها..
- ربنا يأخدها هي واللى في بطنها بقى ويريحنى..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة