قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

رواية ملك فقيد الحب الجزء الأول للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

فصحها خالد وهي نائمة بفراش المرض بجسد ضعيف بينما يوسف يقف بجوارها يمسك يدها، صرخ خالد بالممرضة قائلًا: -
- أنا مش قولت تروح ترتاح من أمبارح
- هي دماغها ناشفة يا دكتور
قالتها نادين بحزن فقال: -
- يعنى أنتوا مبسوطين كدة لما وقعت منكم
تحدث يوسف بجدية كى ينبهه بأن هذه زوجته هو حتى لا يقتله ذات مرة: -
- هي مالها يا دكتور؟!
نظر خالد له ببرود وقال بأستفزاز: -.

- مالها يعنى واحدة شغالة بقالها ثلاثة أيام متصلين من غير نوم ولا أكل
زفر يوسف بأختناق لينصرف خالد فقالت نادين: -
- هي عندها هبوط ومحتاجة ترتاح شوية خصوصًا أنها حامل
تركته وخرجت من الغرفة، جلس بجوارها ويحتضن يدها بقوة وهو ينظر لوجهها ويقول: -.

- كدة يا نبض. تخضينى عليكى، من يوم ما أتجوزتك وأنتِ بتخضينى عليك بس المرة دى أشد، خضتينى وأنتِ بتقولى هسيبك. عاوزة تسيبينى بعد ما بقيتى نبضة قلبى، منكرش يا نبض أن عقلى فكر كدة غصب عنى لكن..
صمت ولم يكمل حديثه حين شعر بيدها تتحرك بين يديه وتفتح عينيها فقال بلهفة: -
- نبض.
رمقته بصمت وهي تعتدل في جلستها بنظرات باردة ثم قالت بلهجة واهنة: -
- أنت بتعمل أيه هنا؟ أعتقد أن قولتلك أنى عاوزة أطلق.

- أنتِ تعبانة يا نبض. لما تهدأى نتكلم
قالها بهدوء لتجذب يدها من قبضته وقالت: -
- طلقنى يا يوسف، أنا مش عاوزاك في حياتى
صمت ولم يجيب عليها مما جعلها تنفعل عليه وهي تنزع من يديها الكانولا وتقول: -
- أمشي أنا ما دام أنت هتكون مبسوط كدة
مسك يديها بذعر وهو يقول: -
- أهدى يا نبض وأنا هعملك اللى عاوزاه أهدى بقى
جذبت يدها من قبضته بأشمئزاز وهو تقف من فراشها وتردف بغضب سافر قائلة: -.

- انا عاوزاك تطلقنى، أنا في بيت أهلى وورقتى توصلنى يا يوسف
خرجت من الغرفة بغضب وهو يسير خلفها يراقبها بهدوء حتى وصلت أمام السيارة وطلبت من عثمان أن يأخذها إلى منزل والدها فنظر بتعجب إلى يوسف ليؤمأ له بنعم كى يأخذها إلى أين تريد ورحلت..
قصر الحناوى.

كانت صباح جالسة في الصالون بأنتظار عودته و ميادة جالسة على مقعد أرجوحى هناك تأكل المكسرات وبسمة تعلو وجهها لأن يوسف يمكن أن يتغاطى أى شيء إلا ذلك العقدة التي صنعتها ابنتها له وحيث يثير الشك قلبه لن يعود بها كما قالت صباح بتحدى..
زفرت صباح بأختناق: -
- شايفاه الحرباية دى مش هترتاح غير لما أقطع رقبتها بأيدى
- أهدى يا ماما، هي أخرى تحرق دمك بالكلام زى البغبغان مش أكتر.

قالتها سارة ببرود ممزوج بثقة فقالت ميادة باستفزاز: -
- مش هيرجع أيده في ايدها يا صباح قومى نامى كفاياك أنتظارى
وقفت صباح بانفعال وهي تقول: -
- يبقى لازم تخافى يا ميادة، لو ابنى بيته ادمر وحياته اتهدم بسبب افعال بنتك ونجاستها أنا هرميكى في الشارع للكلاب أنتِ وهي و10? اللى ليكى في القصر مش هيحموكى منى
- أنا قاعدة في ملكى يا صباح هانم
أقتربت صباح منها وهي تعقد ذراعيها بغرور وقالت بتهديد واضح: -.

- أمشي يا ميادة من القصر، خدى بنتك وأمشي وأنا هديكى الفلوس اللى تطلبيها في ال 10? نصيبك
وقفت ميادة أمامها بعيون تبث غضب قاتل وقالت: -
- هو أنتِ شايفانى بقول للبيع
- دى فرصتك لأنى لو رميتك في الشارع مش هطول لا فلوس ولا حتى 1?..
دلف يوسف وسط شجارها لتنظر صباح بدهشة من عودته وحده وأتجه للأعلى دون أن يتفوه بكلمة واحدة، قهقهت ميادة بأنتصار تغيظ صباح وخرجت للحديقة فتمتمت صباح بذهول قائلة: -.

- أخوكى مرجعش بمراته يا سارة
- متقلقيش يا ماما يوسف مش هيستغنى عن نبض وابنه اللى في بطن، ربما حصل خناق بينهم لأن غياب نبض عن البيت أكدلى أن في مشكلة بينهم، أنا بكرة هعدى عليها في المستشفى وهتكلم معاها شوية
أستدارت صباح لها بقلق وقالت: -.

- أقنعيها يا سارة، ولو المشكلة اللى بينهم بسبب وجود ميرا في القصر قوليلها أنى هطردهم من القصر قريب جدًا، وأنى هحل أى مشكلة بينهم. نبض لو سابت يوسف عمتك هتستغل الفرصة وتنبش في الماضي ببجاحة وعين واسعة. دول ميعرفوش الخجل
- متقلقيش يا ماما وارتاحى سيبى نبض عليا
تمتمت وهي تنظر للأعلى وتقول: -
- ويوسف عليا.

دلف يوسف إلى غرفته مُنهكًا وصامتًا بهدوء قاتل وأعينه تنظر على صورها في الأرجاء ورائحتها ما زالت بالغرفة، سار نحو الفراش ليرى روبها وقميصها عليه، أمسكهم بهدوء وهو يستنشق عبيرها منهم ويقول مُتمتمًا: -
- عاوزة تطلقى يا نبضة قلبى.

ألاقى بجسده على الفراش بتعب ليرى صورتها في السقف وبسمتها المُشرق وما زال يغلق قبضته على ملابسها، منذ نعومة أظافره لأول مرة يعرف معنى الأشتياق وكيف يشتاق لشيء، مُشتاقًا لصوتها ودلالتها، نعومتها وسحرها الذي تلقيه عليه بلمسة واحدة منها، نظرة عينيها وهما يلمعان بالحب والدفء، دفء حضنها الذي يلقى جسده وروحه بيه كل يوم بعد يوم طويل من العمل، لأول مرة يشعر براحة وأمان في حياته فقط بين ذراعيها، عنادها أشتاق له بحنون واصرارها القوة على أى شيء تريده، منذ زواجهما وهي تخبره عن الحب وتطلبه بأن يترك لها المجال كى تولج إلى قلبه وحين سمح لها أرادت الرحيل وكأنها تعاقبه على ذنب أقترفه وهو لا يعمل ما هو ذنبه، أغمض عينيه بتعب فهو الأن لا يريد النظر لها لا يريد أن يهزمه قلبه المُشتاق ويركض لها يخبرها كم هو مُشتاق، لا يرغب بقلبه المفطور شوقًا أن يهزمه في تلك اللحظة التي يجتاحه بها الشعور في عناقها، فقط يريد التمسك بكبرياءه وغروره المتغطرس..

شقة الزمالك
استيقظ فؤاد و جهاد في منتصف الليل على صوت جرس الباب، نظر فؤاد إلى ساعة الحائط وهو يرتدى روبه بفزع ليجدها في تمام الساعة 11: 30 ليلًا، خرج وخلفه جهاد وهو يقول: -
- مين اللى بيخبط كدة، حاضر هو أنا نايم وراء الباب
نزل الدرج و جهاد تقول بغضب: -
- أيه قلة الذوق دى، في حد يروح لحد في وقت زى دا.

فتح فؤاد الباب ليُصدم بطفلته الصغيرة تقف على باب منزله في هذا الوقت ومما زاد قلقه هيئتها وهي بجسد هزيل وضعيف مُتكئة بيدها على باب الشقة وتنظر للأسفل بوجع، دموعها تنهمر بغزارة على وجهها الشاحب وعينيها المنتفختين، أنفها حمراء وهكذا وجنتها البيضاء تحولت للون الفراولة وكأن دماءها تغلى بداخلها، شفتيها زرقاوتين كالجليد من البرد القارس، ملابسها اصابته بصدمة أخرى فكانت ترتدى ملابس العمليات تيشرت بنص كم وبنطلون أخضر في عز البرد القارس هذا تتجول في الشوارع بهذه الملابس الخفيفة، نزع روبه ووضعه على أكتافها ويدخلها وهو يقول: -.

- حصل ايه يا نبض؟ ازاى تخرجى كدة
أغلق باب المنزل و جهاد تاخذها في ذراعيها بهلع من هيئة طفلتها وهي تقول: -
- مالك يا حبيبتى؟
- ماما..
قالتها باكية وهي تحتضن والدتها بجسدها المُرتجف وسقطت منها فاقدة للوعى بضعف جسدها..
شركة ال Ss
كان مُتكيء على مقعده وهو يحركه يمين ويسار بشرود تام حتى دلف فؤاد بملف وبصحبة كريم تحدثا لكنه لم ينتبه لهما وقال: -
- مين لعب في دماغها؟
- بتقول أيه يا مستر يوسف.

اوقف حركة مقعده وهو يضع يديه على المكتب ويقول: -
- مين لعب في دماغ نبض، مين وصلها فكرة أنى بشك فيها وشايفاها خاينة، أنا مسافر وإحنا مبسوطين وتمام مفيش مشاكل بينا، مين الحقير اللى فهمها أن بيشوفها بالصورة دى، لو أعرف مين الزبالة دا
تنحنح فؤاد بأحراج وهو يتذكر حديثه معها ليتابع يوسف قائلًا: -
- اسمع يا فؤاد، تعرفلى منها مين اللى أتكلم معاها في موضوع ميرا والماضي، أتكلم معاها كدة وشوفها هتقولك أيه.

- احم. بصراحة أنا اللى أتكلمت معاها..
رفع يوسف نظره بصدمة ليتابع فؤاد بخوف قائلًا: -
- بس أنا مقولتلهاش أنك شاكك فيها، هي كانت عاوزة تسافرك وأنا فهمتها أنها عمرها ما هتسافر معاك ولا..
صرخ به وهو يقف من مكانه ويقول بانفعال: -
- وأنت مالك هتسافر معايا ولا لا، بتتحشر في اللى مالكش فيه ليه، كنت كلمنى وعرفنى أنها عنيدة وراكبة دماغها وعاوزة تسافرلى كنت هقولك أبعتها
نظر فؤاد ل كريم بهدوء وسأله بجدية: -.

- متأكد أنك كنت هتقولى ابعتها، متأكد أنك مكنتش هتقولى أمنعها بأى طريقة وأن نبض متغبش عن نظرى
صمت يوسف وهو يجلس مكانه ليتابع يوسف بهدوء: -.

- أنا مقولتش أنك شاكك في بنتى وتربيتى لأنى عارف أنا مربي بنتى أزاى، بس أنت عقلك بيصورلك أن الماضي ممكن يعيد نفسه مش لأن الستات خاينة في نظرك لكن لأنك شايف العيب فيك وأن مفيش ست تستحمل تعيش مع راجل حارمها من أى كلمة حلوة ومن الحب اللى تقريبًا كل الستات بدور عليها لأن ربنا خلقهم كدة بيمشوا وراء عواطفهم.

- أنت أذيت نبض بكلامك معاها، أنا حاولت قدر المستطاع محرمهاش من حاجة ولا أحساسها أنها محتاجة حاجة مش موجودة فيا، حاول أستسلم تمامًا لجنانها لما غيرت بيتى وحتى تليفونى ولبسى كانت بتدخل فيهم وأنا قبلت دا عشان محسسش بنقص ولا أذيها لأن من اول يوم معاها وأنا عرفت أنها عاطفية وقلبها اللى بيتحكم فيها ومُتناسية عقلها تمامًا، فهمتها وحاول اعمل اللى يريحها لكنك أنت أذيتها وهدمت كل اللى أنا عملته مع أن كلكم عارفين وواثقين أنا بعمل كدة غصب عنى وبضغط عليا بس أنا كنت راضي لأن نبض كانت تستاهل.

- اعتقد مكنش ينفع تحكلها عن الماضي وتكتفى بسبب أن الطلاق بينكم كان بسبب الخلفة، أنا مقولتش لنبض على الخيانة أنا مجرد ما قولتها مش هتسفرى معاه هي ترجمت الكلام اللى أنت حكيته ليها، مش كل الماضى ينفع يتحكى يا يوسف
صمت وهو ينظر على المكتب في هدوء تام ليقول كريم: -
- كلمها يا أستاذ فؤاد وهي في بيتك وحاول تصلح الأمر وأن الماضي خلاص راح مينفعش تسبوا يدمر الحاضر والمستقبل.

تنهد فؤاد بعجز وهو يرمق يوسف ويقول: -
- نبض مُصرة على الطلاق، وماسكنى من أيدى اللى بتوجعنى ورافضة تأكل أى حاجة ولا تأخد أدوية الحمل لحد ما تطلق.
- يعنى أيه
قالها كريم في هدوء ليُجيبه فؤاد: -
- يعنى محدش هيراضي نبض ويحل الخلاف غيرك يا يوسف، نبض عنيدة ودماغها ناشفة ودى مراتك واللى بتعمله هيعرضها هي وابنك للخطر..
مستشفى الجلاء الخاص
- أيه اللى جابك وأنتِ تعبانة يا نبض.

قالتها نادين بزمجرة شديدة من عناد هذه الفتاة، أجابتها نبض بأختناق: -
- مخنوقة يا نادين، لو فضلت في البيت هطق. هتجنن. هيجرالى حاجة
- ليه حصل أيه؟
قالتها نادين بفضول لتُجيبها قائلة: -
- أوووف مفيش، أنا جعانة ومأكلتش بقالى 4 أيام تقريبًا
تبسمت نادين وهي تضع يدها في يد صديقتها وأردفت: -
- ليه معندكوش أكل في القصر
شردت نبض بحزن وقالت بنبرة حزينة: -.

- لا في، بس أنا بهددهم عاوزة أبيع القطة بتاعتى ومش راضية فعمل أضرب عن الأكل قدامهم
تبسمت بسمة مُصطنعة وهي تضع يدها على بطنها وتقول: -
- بس لازم أكل عشان النونو، حاساه بيشتمنى ويقولى بطلى ظلم يا مامى انا جعان
قهقهت نادين ضاحكة على حديثها ثم توقفت عن الضحة وهي تقول: -
- نبض أنتِ عندك فوبيا من القطط ومعندكيش قطة
تنحنحت نبض بأحراج وهي تقول مُتجاهلة ذكاء صديقتها: -
- أنا في الكافتريا.

ذهبت إلى الكافتيريا وطلبت الطعام ثم ذهبت تجلس على طاولة وتناولت طعامها كاملًا واخذت علاجها ثم ذهبت تطلب قهوتها، شعرت بشخص يقف بجوارها فنظرت لترى سارة تقول: -
- أزيك يا نبض
- بخير
جلسا على طاولة في صمت لتتحدث سارة قائلة: -
- أنا عرفت أن في مشكلة بينك وبين يوسف، أتمنى متكنش بسبب ميرا وعمته
- سارة بعد أذنك أنا مش عاوزاه أتكلم في الموضوع دا
قالتها نبض بحزم لتُجيبها قائلة: -.

- وأنا مش عاوزة اعرف حاجة أصلاً أنا جاية بس أقولك متفتحيش الباب لواحدة بنجاستها عشان تخطف جوزك منك وابو ابنك، ميرا بقالها أسبوع كامل من حادثة اختطافك مختفية وأختفاءها دا وراء كارثة، لتكونى فاكرة أنها مكسورة وندمانة على اللى حصل، ميرا مبتندمش يا نبض وإلا مكنتش تفضل قاعدة قدامه بعد اللى عملته وتتكسف على دمها، لكن هي قاعدة عشان تنمى جوا عُقدة وتفضل تفكره كل يوم باللى عملته ومينساش يوم واحد شكلها وهي في حضن راجل تانى في سريره، يوسف يا نبض مبقاش يوسف الحناوى اللى كل بيخاف منه بالساهل، عشان قلبك يبقى حجر لازم تكون الدنيا قسيت عليك وفرستك تحت عجلتها ويوسف شاف كتير ولأنك الحاجة الوحيدة اللى ممكن تعتبر عوض ربنا له أنا بقولك أرجعى لجوزك ومتسبيش غيرك يقسي عليه، أرجعى وأنتِ الجزء الحنين في حياته.

أستمعت لحديثها في صمت وقلب مُفطور ثم قالت: -
- أسفة يا سارة أنا طالبة الطلاق ودا أخر حاجة عندى..

مر يومين و نبض ترفض لقاءه تمامًا وثابتة على موقفها حتى وافق على طلبها معتقد بأنها حقًا لم تتناول شيء وتأذي نفسها وطفلها بعنادها، أخذ المأذون وذهب إلى منزلهم، كانت جالسة في صمت تام مُرتدية بنطلون جينز وقميص أبيض وعليه بلطو سكرى وشعرى مسدول على الجانبين بحرية، وتتحاشي النظر له تحدثت جهاد بحزن شديد وهي ترى أبنتها لا تكفى عن البكاء وهدوءها يفطر قلب الام بداخلها: -.

- فكرى يا نبض متخربيش بيتك على أهون سبب.
رمقته نبض وهو يجلس هناك أمامها بجوار والدها صامتًا ببرود قاتل وقالت بغيظ مكتوم: -
- خلاص يا ماما. أنا مش هرجع عن قرارى
نظر لها بهدوء تام ودموعها ملوثة عينيها الخضراء ليتحدث فؤاد قائلًا: -
- يا نبض مفيش حد بيطلق عشان سبب تافه زى دا، خراب البيت مش بالسهل وفي طفل في بطنك فكرى فيه متبقيش أنانية.

تحاشت النظر له ناظرة للجهة الأخرى بغضب وقلبها ينزف دماءًا لا تتخيل يومًا بأنها ستطلب الطلاق منه، رغم ما مرت به لم تطلب الطلاق منه وتحملت قسوته وبرودها وربما كانت البداية بينما عن قرب وأقتربت من الوصول لقلبه وكاد أن ينطق ويشعر بالحب، لذا لم تتخيل الفراق ولم تكتبه في خططها..
- فكروا يا جماعة، أن ابغض الحلال عند الله الطلاق.

قالها المأذون بنبرة هادئة ربما يستطيع أن يصلح الحال بين هذان الزوجين ولا يهدموا حياتهم، تحدثت بجدية: -
- خلصنا يا عم الشيخ أنا ورايا شغل
أخيرًا تحدث هذا الرجل الذي يشبه لوح الثلج يقول: -
- يلا يا عم الشيخ..

مرت أجراءات الطلاق سريعًا وحين وقعت على الورق فرت هاربة من أمامها ولم تتخيل بأنه فعلها، تساءلت أين ذهب حديث والدها حين أخبرها بأن هذا الزوج لم يطلق سراحها مهما فعلت لكن الأن لبى طلبها في هدوء تام دون أن يجادلها حتى، دلفت إلى غرفتها وهي تكتم شهقاتها بقوة وبدأت يظهر صوت نحيبها وحسرتها وهي تفقد السيطرة على قلبها الموجوع، نظرت من شرفة غرفتها لترى كريم يفتح له باب السيارة، توقف وهو يرفع نظره للأعلى ليراها تقف هناك بنظرة عتاب، نظرة لن ينساها أبدًا وهو لا يفهم ماذا تعنى بنظرتها هذه، دلفت للداخل ليصعد إلى سيارته ويرحل، فتح باب غرفتها ودلف فؤاد وحده وهو يسمع صوت بكاءها فجلس بجوارها على الفراش وهو يقول بهدوء: -.

- بتعيطى ليه دلوقت، مش أنتِ اللى ركبتى دماغك وأصرتى على الطلاق
- بعيط على وجعى يا بابا، كان عندى أمل انه ممكن يتمسك بيا ولو مرة واحدة، كنت فاكرة أن هيصحح أفكارى وأنه مش شايفنى خاينة ويعتذر على شكه فيا، متخليتش يوم أنه يطلقنى يا بابا، أنت قولت انه مستحيل يطلقنى
أحتضنها بحزن وهو يربت على كتفها بحنان ويقول: -
- الخير فيما اختاره الله يا نبض ومحدش عارف الخير فين.

جهشت في البكاء بين ذراعيه بوجع كالمحيط ويكاد يفيض منه.
قصر الحناوى
- طلقتها!
قالتها صباح بانفعال وتابعت غاضبة: -
- كدة من نفسك، من غير ما تأخد رأى ولا حتى تشاورنى يمكن نصلح ونحل المشكلة. تطلقها من نفسك
لم يُجيب عليها وصعد للأعلى صامتًا لتزفر بأختناق، أخرجت صباح هاتفها وأتصلت ب سارة وبعد ساعة جاءت سارة غاضبة بشدة وهي تقول: -
- طلقها، ابنك أتجنن وكدة خسرها للابد. هو فين
- فوق.

ركضت سارة إلى الأعلى بغضب سافر وفتحت باب غرفته بدون اذن كالعاصفة القادمة وقالت: -
- طلقتها يا يوسف
- أنتِ أزاى تدخلى كدة؟
- رد عليا طلقتها؟ طلقت نبض البنت الوحيدة اللى حبتها
أتسعت عيناه بصدمة لتتابع حديثها بقسوة: -.

- اه حبتها، مش مهم أنت هتفضل تنكر لحد أمتى لكن الحقيقة اللى أنت مش عاوز تعترف بها أنك حبتها يا يوسف، أنت فاكر أن بالطلاق كدة انتوا خلاص طلعتوا من حياة بعض، وهي كدة بقيت برا حياتك نبض موجودة معاك يا يوسف موجودة في قلبك
- أنتِ
صرخت بأنفعال مغتاظة منه قائلة: -.

- طلقتها ازاى، نبض كانت بتقول كدة عشان تسمعك تعتذر بعد مع غلط وتتنازل عن غرورك شوية، كانت بتضغط عليك عشان تعترف بحُبك، أنا اسفة في الكلمة بس أنت غبى
نظر لها بذهول وهو يقول: -
- أنتِ بتقولى أيه؟
••• فلاش باك •••
خرجت نبض من المستشفى ركضًا حتى تلحقها قبل أن تغادر وقالت: -
- سارة
توقفت سارة أمام سيارتها وهي تقول بابتسامة: -
- ايه غيرتى رأيك؟

- لا أنا مُصرة على الطلاق فعلًا، بس أنا محتاجة أضغط على يوسف لأن ارتكب جريمة في حقى لما شك فيا وفكر فيا بالطريقة دى، صدقينى يا سارة أنا بحبه ومقدرش أعيش من غيره والا كنت قدرت أنام في غيابه طول ما هو مسافر بعيد عنى لكن هو وجعنى وجرح كرامتى وكبريائى، صدقنى يوسف لو جالى حتى من غير ما يعتذر هرجع معه، أنا محتاجة أنه يجيلى بمزاجه يثبتلى مرة واحدة بس أنى مهمة في حياته وأنه عاوزانى مش لسه مجبور عليا لأن مامته أخترتنى زوجة له.

- يعنى مش هتطلقى منه؟
- أكيد لا أنا بحبه ومقدرش على بعده بس هو لازم يتحرك، يوسف لو طلقنى هو اللى هيقتلنى لكن لو أتمسك بيا هيحينى، محتاجة يقولى هتعيشي معايا غصب عنك ويتمسك بيا..
••••••••••••••••••••••••••••••••••••.

أتسعت عيناه بصدمة قاتلة وكأنها صعقت قلبه بصاعقة كهربائية، شعر كأن قلبه توقف عن النبض فدفعها بقوة وخرج من الغرفة يجتاحه الشعور بعناقها الأن وتقيبلها، يرغب بأخبارها أنها حقًا داخل قلبه وأنه سيعترف بتلك الحقيقة ويكف عن الأنكار، قاد سيارته كالجنون وعلى شفتيه بسمة لم يفهمها لكن يجتاحه شعور الشوق..
شقة الزمالك.

جلست نبض على الفراش وهي تفتح هاتفها لترى إذا أتصل بها أم لا ولكنها لم تجد شيء ألقته على الفراش لتصدم ببقعة دم على الفراش نظرت أكثر فصرخت بهلع وهي تجلس على فراشها وتبكى وهي تنادى والدتها قائلة: -
- ماما، ماما..
دلفت جهاد بهلع على صوت صرخها لتصدم حين رأت فستان نوم طفلتها به دماء وهكذا فراشها و نبض تضع يدها أسفل بطنها وتبكى بهلع وخوف وهي ترتجف وتقول: -
- ماما. ابنى..

أغمى عليها من الخوف أن تكون خسرت طفلها وهو الشيء الوحيد المتبقى من حبيبها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة