قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل السابع والعشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل السابع والعشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل السابع والعشرون

اسرعت صدفة بارتداء ملابسها و هي شبه منهارة تبكى بشهقات طويلة مرتفعة تجعل كامل جسدها ينتفض مرتجفاً بينما قلبها يكاد يغادر صدرها من شدة خوفها و ارتعابها على راجح.
فهى لا تستطيع تخيل حياتها بدونه فاذا حدث له شئ لن تستطيع ان تحى من بعده...

ارتدت ملابسها و هبطت الدرج مسرعة بقدميها التي كانت لا تستطع حملها حيث كانت اشبه للهلام لكنها تحاملت و هبطت مسرعة حتى تلتحق بخميس الذي كان ينتظرها بالاسفل راغبة بان تصل الى المشفى باسرع وقت ممكن حتى تطمئن على راجح...
التوت قدمها اسفلها مما جعلها تكاد ان تسقط من فوق الدرج لكنها اسرعت بالتشبث بالدرابزين واستعادت توازنها...

التقطت نفسها سريعاً قبل ان تعاود الهبوط و هي تبكى بشهقات ممزقة و عقلها يصور لها زوجها و هو مستلقى بمفرده في المشفى بحالة خطرة...
عندما وصلت الدرجة الاخيرة من الدرج ارتطمت بقوة بجدار بشرى صلب جعلها تتراجع للخلف بقوة مما جعلها تصرخ مرتعبة عندما قبضت يدين قوية على ذراعيها و صوت قوى عميق يتردد
=صدفة،؟! راحة فين و بتعيطى ليه.؟!

رفعت رأسها بحدة فور سماعها صوت صوت راجح اخذت تتطلع اليه عدة لحظات بأعين فارغة متسعة كما لو كانت تحلم او ترى سراباً امامها قد صوره لها عقلها
من شدة خوفها عليه لكن عندما شعرت بلمسة يده التي تمر فوق خديها و هو يغمغم بصوت يملئه القلق بوضوح
=مالك يا حبيبتى، انطقى في اي...

لكنه ابتلع باقى جملته عندما ارتمت بين ذراعيه فجأة تضمه بقوة اليها دافنة وجهها بصدره منفجرة في بكاء حاد و هي لا تصدق انه بين ذراعيها بخير...
عقد راجح ذراعيه حول خصرها جاذباً اياها ليلتصق جسدها بجسده بشدة هامساً باسمها بصوت مختنق متألم و هو لا يفهم ما الذي اصابها...
=اهدى يا حبيبتى، اهدى
انهى جملته مبعداً اياها برفق عن صدره ممرراً يديه فوق وجهها المحتقن الملطخ بالدموع
= ايه حصل، بتعيطى ليه.؟!

ليكمل بحدة و غضب فور ان ضربته فكرة جعلت الدماء تغلى بعروقه...
=حد من اللى فوق لمسك، او قرب منك...
هزت رأسها بالنفى بينما يديها المرتجفة بدأ تمر على انحاء جسده باستكساف محاولة ايجاد اى ضرر قد حدث لها و هي تهمس من بين شهقات بكائها
=انت كويس،؟ انا اترعبت عليك، لما خميس جه و قالى انك عملت حادثة...
قاطعها راجح و الارتباك يستولى عليه
=حادثة ايه.! خميس مين بالظبط؟!

اجابته بصوت مكتوم باكي و كامل جسدها يرتجف بقوة
=خميس اللى شغال معاك في الوكالة...
ضيق عينيه بغضب محدقاً بها و قد بدأ يفهم ما يحدث
=و انتى كنت راحة معاه...
اومأت برأسها هامسة من بين نشيج بكائها
=قالى انه مستنينى تحت...
لم ينتظر راجح ان يستمع الى باقى جملتها حيث اندفع راكضاً خارجاً الى الشارع مما جعلها تركض خلفه و هي تهتف باسمه بذعر لكنه استدار اليها هاتفاً بحدة
=اطلعى على فوق و اقفلى باب الشقة عليكى...

ليكمل مزمجراً بغضب عندما رأها تتقدم نحوه رافضة الانصياع اليه
=صدفة متجننيش انا على اخرى. قولتلك على فوق يلا...
توقفت مكانها و هي لا تفهم ما يحدث بينما اندفع هو راكضاً الى الخارج يبحث عن ذاك الذي يدعى خميس وقف بمنتصف الشارع يبحث بعينيه عن اى شخص غريب لكنه لم يجد احد حيث كان الشارع فارغاً مرر يده بشعره يفركه بعصبية و هو يهمس من بين اسنانه المطبقة بقسوة.

=اها يا ولاد الكل. ب، هي حصلت لكدة و رحمة امى ما هرحمكم...
وقف مكانه عدة لحظات يتنفس بقوة و صعوبة بسبب الغضب المشتعل بداخله و هو يتخيل ما يرغب بفعله بهم عندما يعثر عليهم، فقد كان متأكداً ان توفيق الملعون هو من خلف كل ذلك...

التف عائداً الى المنزل مرة اخرى و نيران الغضب تكوى اعماقه لكنه فور ان دلف الى مدخل العمارة و رأى صدفة جالسة على احدى درجات الدرج بوجهها المحتقن الملطخ بالدموع و الخوف والارتعاب لا يزالان يظهران عليها بوضوح. ازداد غضبه و اشتعل اكثر فور تخيله انهم كانوا سيحصلون عليها لولا انه جاء الى المنزل مبكراً بعد ان يأس من ايجاد فرصة عمل يستطيع ان يكتسب منه رزقه.

اتجه نحوها بهدوأ ثم انحنى حاملاً جسدها المرتجف بين ذراعيه بصمت و لدهشته قامت باحاطة عنقه بذراعيها دافنة وجهها بكتفه فلأول مرة منذ ما حدث بينهم تبادر بلمسه من تلقاء نفسها حيث كانت تتجنبه طوال الايام الماضية.

صعد بها إلى شقتهم من ثم مباشرة الى غرفة النوم وضعها برفق فوق الفراش و ما ان حاول الابتعاد امسكت بيده رافضة تركه هامسة بصوت منخفض يملئه الخوف فلازالت لا تصدق انه بخير فقد شعرت بأسوء شعور في حياتها عندما اعتقدت بانها كادت ان تفقده...

استلقى راجح بجانبها بصمت على الفراش لتسرع هي بالاندساس بين ذراعيه مشددة من احتضانها له. دافنة وجهها بعنقه مستنشقة بقوه رائحته التي تعشقها و الذعر و الخوف من فقدانه لا يزال يعصفان بداخلها.
مررت يدها بلهفة فوق كتفه و ذراعه تتلمسه برفق حتى تطمئن قلبها بانه بالفعل بخير و بين يديها.؟
لا تصدق بانها كادنت على وشك ان تفقده خاصة و هم متخاصمين فقد رفضت جميع محاولاته طوال الايام الماضية لكى يجعلها ان تسامحه.

لكنها الان لا ترغب بشئ من هذه الحياة سوا ان يكون معها بخير و بصحة جيدة، فهى غير مستعدة بان تفقده...
مرر راجح يده فوق ظهرها محاولاً تهدئتها قبل ان يرفع برفق رأسها المدفون بعنقه مرر اصبعه بحنان فوق وجنتيها يمسح برفق خدها قبل ان يقوم بنزع الحجاب الذي تعقده حول رأسها و هو ينظر بعمق بعينيها قائلاً بصوت منخفض
=انتى عارفة ايه اللى حصل النهاردة...
هزت رأسها نافية هامسة بصوت مختنق.

= مش عارفة حاجة، و لا بقيت فاهمة حاجة...
لتكمل وهي تقرب وجهها منه تستنشق انفاسة الدافئة بشغف قبل ان تسند جبينها على جبينه
=بس اللى عارفاه انى معنديش استعداد اخسرك. انت روحى و كل حياتى يا راجح...
انهت جملتها تلك مخفضة رأسها نحو صدره تطبع بشفتيها المرتجفة قبلات متتالية فوق موضع قلبه الذي كان يخفق بجنون بضربات عاصفة مجنونة...

اهتز جسد راجح بعنف فور ان شعر بقبلاتها تلك فوق صدره بينما اخذ قلبه بتسابق بجنون و هو لا يصدق انه سمع اخيراً تلك الكلمات منها بعد ان يأس من ان تسامحه.
احاطت يده بمؤخرة عنقها هامساً بصوت مرتجف و هو يرغب التأكد مما سمعه
=يعنى، يعنى انتى سامحتينى،؟

اومأت برأسها بالموافقة بينما ارتسمت ابتسامة مرتجفة على شفتيها مما جعله يلتقط نفساً طويلاً قبل ان يضغط بشفتيه على شفتيها يقبلها بلهفة و يده تمر ببطئ على عنقها يجذبها اقرب اليه بينما يستحوذ بالكامل على شفتيها مقبلاً اياها بشغف مما جعل الحرارة تنتشر داخل عروقه سريعاً كالحمم الملتهبة فقد مر وقت طويل منذ ان لمسها بهذا الشكل...

دفعته برفق في صدره فاصلة قبلتهم عندما احتاجت الى الهواء لكنها شهقت عندما رأت الرغبة العاصفة التي اظلمت بها عينيه لكنه كتم شهقتها تلك بشفتيه يقبلها مرة اخرى بينما يضمها اليه اكثر، لكنه اضطر الى فصل قبلتهم مذكراً نفسه بمدى ضعفها و مرضها.
همس بصوت اجش مرتجف و هو يتلمس شفتيها المنتفخة بانامله
=واحشتينى اوي يا مهلبية...
عقدت ذراعيها حول عنقه هامسة بصوت يملئه الاشتياق و اللهفة.

=انت اللى واحشتنى يا قلب المهلبية...
تنهد قائلاً و هو يطبع قبلة على مقدمة انفها
=طلعتى عينى. و روحى يا صدفة، انا خلاص كنت قربت اتجنن...
هزت كتفيها قائلة بعتاب
=ومين السبب في ده مش انت اللى صدقت عليا ان ممكن اخونك. و ابقى مع راجل تانى و...
وضع يده فوق فمها يمنعها من تكملة جملتها
=عارف ان عندك حق. و انى مهما اقول مش هيشفعلى اللى عملته...
ليكمل و هو يلف ذراعه حول خصرها يقربها منه برفق.

=بس لازم تعرفى برضو اللي حصل يومها...
ثم بدأ يخبرها بما حدث ثم جعلها تشاهد الصور التي ارسلت له
انفجرت باكية فور رؤيتها لصورتها الشبة العارية عاى هاتفه مما جعله يضمها اليه محاولاً تهدئتها لهثت قائلة بصوت يملئه الالم دافنة وجهها بعنقه تبكى بمرارة
=ليه، عملت في هاجر ايه علشان تعمل فيا كده، ليه ده انا كنت بعتبرها اختى، و أمنتها على سرى، بعدين عايزين يخطفونى يعملوا بيا ايه...

ربت بحنان على ظهرها محاولاً تهدئتها
=مش انتى يا حبيبتى اللى مقصودة من كل ده هما استخدموكى علشان يضربونى في ظهرى...
ليكمل بلوم و هو يتحسس وجهها بحنان
=و انتى كمان غلطتى يا صدفة، و ساعدتيهم في كل ده...
هزت رأسها هامسة بارتباك
=انا. طيب ازاى، عملت ايه.؟!
احاط وجهها بيديه مغمغماً بصوت اجش.

=لما خبيتى عليا انك مبتعرفيش تقرى و تكتبى، و روحتى من ورايا لمدرسة، لو كنت اعرف من الاول عمر ما كان ده حصل ولا قدروا يستغلوكى ضدى.
ليكمل بحنان و هو يفرك برفق جانب عنقها بابهامه متحسساً جلدها الناعم
=عايزك تعرفى ان ده عمره ما كان هيقلل منك في عينى ابداً بالعكس. ده يعرفنى. قد ايه انتى اتعذبتى و شوفتى كتير في حياتك و يخالينى اشيلك في قلبى و عينيا...

شعر بجسدها يرتجف بقوه بين ذراعيه تأثراً بكلامه هذا مما جعله ينحني عليها يقبل وجهها بشغف موزعاً قبلات متفرقة فوقه حتى وصل إلى شفتيها ليقبلها بيأس و حاجة مشدداً من احتضانه لها بينما بدالته هي قبلته تلك بشغف...
بعد عدة لحظات ابتعد ببطئ عنها بأنفس لاهثه تاركاً لها المجال للتنفس بينما همست صدفة باكية
=انا بحبك اوى. يا راجح. و الله عمرى ما هخبى ابداً عنك حاجة بعد كده...

ابعد شعرها المتناثر فوق وجهها إلى خلف اذنها مغمغماً بصوت اجش
=و انا مش بحبك بس يا صدفة انا بعشقك، انتى النفس اللى بتنفسه، و عمر اللى حصل ده ما هيتكرر تانى صدقينى...
ليكمل بحزن و عينيه تظلم بشدة
=و في حاجة عايز ابقى احكيلك عليها، عنى انا و عابد و الراوى...
عقدت حاجبيها قائلة بارتباك بينما تهز رأسها باستفهام
=هتقولى ايه؟
اجابها بهدوء يعاكس الالم و الانفعال اللذان يلتمعان بعينيه
=بعدين هحكيلك كل حاجة...

ليكمل سريعاً ممرراً يده فوق انتفاح بطنها البسيط
=حبايب بابا عاملين ايه،؟!
اشرق وجهها بابتسامة واسعة فور سماعها كلماته تلك اخذت أصابعها تداعب فكه بينما عينيها تحدق في وجهه قبل ان ترفع رأسها أخيرًا و تضغط بقبلة رقيقة فوق فمه
=تعبنى و مجننى. زى ابوهم...
تنهد راجح قائلاً بحزن مصطنع
=طيب و نبى ابوهم غلبان...
همست بالقرب من شفتيه مشاكسة اياه و هي تبتسم بخبث
=انت. غلبان، انت...

لتكمل بشقاوة ويدها تتحسس صدره من اسفل قميصه مما جعله بقبض على يدها تلك مزمجراً
=صدفة، متختبريش صبرى، انا على اخرى
اطلقت ضحكة رنانة جعلت دقات قلبه تتتسابق بجنون فقد اشتاق إلى سماع صوت ضحكتها تلك...
عقد ذراعيه حولها يضمها اليه بقوة دافناً وجهه بعنقها يمتص أنفاس عميقة من رائحتها التي اشتاق اليها. فلم يشعر أبدًا بأنه على قيد الحياة أكثر مما كان عليه في هذه اللحظة فهذة المرأة هي الحياة بالنسبة اليه.

تثائبت صدفة بنعومة مما جعله يدرك انها تشعر بالارهاق همس بالقرب من اذنها
=نامى يا مهلبية، يلا و ارتاحى
اومأت برأسها بصمت عاقدة ذراعيها من حوله تبسط راحتها على ظهره العريض و لم تمر سوا دقائق قليلة و سقطت بالنوم بين احضانه...
بينما ظل هو مستيقظاً متنعماً بشعورها بين ذراعيه و الذي افتقده كثيراً خلال الاسابيع الماضية التي مرت عليه كالجحيم.
بمكان اخر...
صرخ توفيق بغضب بالهاتف.

=يعنى ايه يا روح ام. ك، راجح طب عليك...
اجابه خميس بتلعثم
=انا، انا كنت مستنى تحت بعد ما قولتلها تغير هدومها و تحصلنى تحت...
قاطعه توفيق هاتفاً بشراسة
=و منزلتهاش معاك ليه يا غب. ى على طول، هدوم ايه اللي خلتها تغيرها...
غمغم خميس بخوف.

=كانت لابسة عباية بيتى و لو كانت نزلت كدة كانوا اللي الناس اللى في الشارع خدوا بالهم ان حصل حاجة و كانوا اتلموا علينا. بعدين انا اول ما شوفت راجح الراوى داخل البيت خدت العربية و جريت...
صرخ توفيق بغاضب عاصف
=انت اللى غ. بى، و انا غلطان انى اعتمدت على واحد زيك ح. مار، غور اب. و اللي يعتمد عليك...

انهى المكالمة و القي الهاتف من يده و هو يصرخ بشراسة فقد خربت خطته فماذا سيفعل الان. و من اين سيأتى بالاموال التي يسدد بها تلك الوصولات.
توقف قليلاً و قد ضربته فكرة جعلت شفتيه تتسع بابتسامة واسعة
=ازاى فاتتنى دى...
امسك هاتفه و بدأ يبحث به عن مراده، اقتربت منه اشجان التي دلفت الى الغرفة و هي تحمل صينية من الطعام قائلة بحدة
=ها، هتعمل ايه، بعد ما بنت الك. لب دى فلتت، هتجيبها تانى ازاى.؟!

لوح توفيق بيده دلالة على عدم الاهتمام و هو لا يزال يعبث بهاتفه
=لا سيبك من صدفة دى خالص دلوقتى، راجح هيقفل عليها بعد ما عرف اننا حاولنا نخطفها، انا لقيت حل تانى اجيب منه الفلوس
وضعت اشجان الصينية من يدها بحدة فوق الطاولة و هي تهتف بغضب
=نعم يا خويا، يعنى اية اسبنى منها، انت عارف انى هموت و انزل مناخيرها الارض...
قاطعها بحدة ملتفاً نحوها يتطلع اليها بقسوة.

=بقولك ايه، انا مش فاضى للت النسوان بتاعك ده، انا كل اللى يهمنى الفلوس...
صرخت به اشجان مقاطعة اياه
=طيب انت هتطلع بالفلوس، انا بقى. هستفيد ايه من ام الليلة دى...
اقترب منها مربتاً على ذراعها
=متقلقيش، هطلعك بمصلحة حلوة من الليلة...
ليكمل غامزاً بعينه
=هو انا ليا غيرك يا شوشو...
نفضت يده بعيداً قائلة بحدة
=ايوة ياخويا كُل بعقلى حلاوة، ما اشوف اخرتها...
لتكمل و هي تزفر بحدة
=هتبات النهاردة هنا، ولا هتمشى.؟!

اجابها و هو يبتعد عنها
=هبات، مش قولتى عابد مسافر و مش جاى الا بكرة
اومأت برأسها قائلة و هي تتناول تفاحة من الصحن الذي فوق الطاولة
=ايوة مسافر، من يوم ما راجح سابله الشغل و هو عمال يلف حاولين نفسه زى الفرخة الدايخة...
ضحك توفيق قائلاً بتهكم
=هو اصلاً مالوش في الليلة. و لا يفهم فيها...
ليكمل و هو يلتقط هاتفه مرة اخرى
=سبينى بقى، علشان اعرف اركز و اظبط الليلة...

زفرت بحدة قبل ان تلقى بنفسها فوق الاريكة و عينيها مسلطة عليه بغضل تتابع ما يفعله و داخلها ممتلئ بالغيظ و السخط...
بعد مرور اسبوع...
تلملمت صدفة في نومها عندما شعرت بيدين تتلمسها حاولت تجاهله و جذب الغطاء اعلى رأسها لكن جذبه بعيداً عنها راجح الذي كان يجلس على طرف الفراش بجانبها محيطاً خصرها بذراعيه قبل ان يبداً يمطر وجهها بقبلات رقيقة حنونة و هو يهمس بالقرب من اذنها.

=يلا يا مهلبية اصحى علشان تتغدى، انتى نايمة بقالك 4 ساعات
همهمت رافضة هامسة بنعاس و هي تدفن وجهها بالوسادة دافعة اياه بصدره برفض
=سيبنى يا راجح شوية. كمان و نبى.

ضحك بخفة على حركتها تلك لكنه رفض تركها تستكمل نومها مرر يده بحنان فوق بطنها المنتفخة فقد اوشكت على الانتهاء من الشهر الثالث من حملها. و برغم شهور حملها القليلة تلك الا ان بطنها كانت اكبر من حجمها الطبيعى لأى حامل اخرى بنفس شهور حملها حيث كانت تحمل بطفلين و ليس طفل واحد. تحسس بطنها بلطف قائلاً
=مش هينفع لازم تصحى تاكلى علشام ميعاد الدوا...

ليكمل و هو يدفن رأسه ببطنها يقبلها بحنان كما لو كان يقبل اطفاله
=و علشان الحلوين دول يشرفونا. و صحتهم كويسة...
ابتسمت صدفة و هي لازالت مغلقة العينين مدت يدها تدفنها برأسه الذي لا يزال فوق بطنها تمرر اصابعها بحنان بشعره.
تنهدت عندما ساعدها بلطف على النهوض ليجعلها نصف مستلقية واضعاً خلف ظهرها وسادة حتى يحقق لها الراحة.

ثم وضع على ساقيها صينية تحتوى على الدجاج المحمر و الارز و البطاطس المصنوعة بالفرن فقد كان يحاول ان يمدها بجميع الاطعمة التي يمكن ان تغذيها هي و اطفالهم...
احاط وجهها بيديه مبعداً شعرها المتناثر بعشوائية فوق عينيها إلى خلف اذنها طابعاً قبلة على شفتيها قائلاً بحنان
=يلا يا حبيبتى كلى...
قطبت حاجبيها وهي تتفحص الطعام قائلة بتململ
=هو كل يوم فراخ. و لحمة يا راجح، انا زهقت
ربت برفق فوق خدها قائلاً بمرح.

=لا مش كل يوم و بطلى استعباط يا صدفة، انا بحاول كل يوم انوعلك الاكل علشان متزهقيش و في نفس الوقت تستفيدي منه...
تنهدت بسخط مما جعله يضرب اصبعه برفق فوق جبينها قائلاً بتحذير
=افردى بوزك، و عايز الاكل ده كله يخلص...
امسكت بيده توقفه عندما رأته ينهض
=مش هتاكل معايا...
اجابها و هو يدلك باصابعه راحة يدها التي تمسك بيده
= لا يا حبيبتى انا كلت، لسه مخلص اكل، كلى انتى، يلا
ليكمل بهدوء مشيراً الى الخارج.

=هروح انضف الشقة، و اشوف هعمل ايه...
خفق قلب صدفة على حنانه هذا فهو منذ مرضها حتى من قبل ان يعلم بحملها و برائتها كان يمنعها من عمل اى شئ بالمنزل فقد كان يقوم هو بجميع الاعمال المنزلية برغم انه يجد الصعوبة في تنفيذها بعض الشئ حيث احرق الطعام عدة مرات، و قام بخلط الملابس اثناء غسلها الا انه يبذل اقصى جهده رافضاً محاولاتها لمساعدته مصراً على ان تستريح تماماً...

رفعت يده طابعة قبلة حنونة عليها مغمغمة بشغف و عينيها ممتلئ بالامتنان والحب
=ربنا يخاليك ليا يا حبيبى، انا عارفة ان كل ده كتير و صعب عليك.
مال نحوها و شفتيه تلمس شفتيها يقبلها بلطف بينما يده تمر ببطئ فوق بطنها المنتفخة فقد اصبحت تلك حركته المعتادة كلما كان بالقرب منها كما لو كان ادمنها فصل شفتيهم هامساً باعين تلتمع بالعشق و الشغف.

=و يخاليكى ليا، و يديمك نعمة في حياتى يا صدفة، اى حاجة في الدنيا دى ممكن استحملها الا انك تبعدى عنى تانى...
قفز قلبها بداخل صدرها بعنف فور سماعها كلماته تلك طبع قبلة اخيرة على جبينها قبل ان يستقيم و يتجه نحو باب الغرفة مغادراً...
خرج راجح من غرفة صدفة و اتجه نحو غرفة الاستقبال يشعر بالثقل و الانهاك ارتمى فوق الاريكة مخرجاً من جيبه حافظة نقوده...

التى قام بتفريغ جميع محتوياتها على الاريكة بجانبه اخذ يعد النقود التي معه.
زفر بحنق و هو يفرك وجهه بعصبية فقد بدأت الاموال تنفذ منه و لم يعد معه الا القليل...
فقد كان يحاول ان يقتصد قدر امكانه لا يأتي الا بالضروريات مثل ادوية صدفة و الطعام اللازم لاستعادتها صحتها.
فقد كان يأتي بالطعام الذي يكفيها هي فقط بينما هو يكتفى بأكل اي شئ يسد جوعه فالاموال التي معه لن تكفيهما معاً...

لا يعلم ماذا يفعل و المال بدأ ينفذ منه فكيف سيهتم بصدفة. خاصة زيارتها للطبيب اسبوعياً تتطلب مبلغ و قدره...
فرغم علمه انه لن يستطع العمل الا بالوظيفة التي مارسها منذ ان كان مراهق لم يبلغ السبعة عشر عاماً الا انه اخذ يبحث عن اى وظيفة يمكنه من خلالها الانفاق على زوجته...

تشدد وجهه بغضب فور تذكره اليوم الذي ذهب به إلى الوكالة حتى يسترد حقه من عابد الراوي فقد منعه من دخول الوكالة حيث استأجر عدة رجال لكى يمنعوه من دخول الوكالة فقد علم انه بالبداية طلب من عمال الوكالة القيام بهذة المهمة لكنهم رفضوا تنفيذ امره هذا مما جعله يستأجر بلطجية مرتزقة حاوطوا انحاء الوكالة...

و عند ذهابه الى هناك تصادم معهم لكنهم غلبوه حيث كانوا اكثر منه عدداً مما جعله يغادر و انتظر عابد اسفل المنزل و عند قدومه تشاجر معه لكنه احتمى بالبلطجية الذين اصبحوا يرافقونه بكل مكان.
ومنذ ذلك اليوم اخذ يبحث عن عمل اخر حتى يجد حل مع عابد حتى انه اضطر الى عرض سيارته للبيع لكنه لم يجد لها مشترى حتى الان...
فرك وجهه بقوة محاولاً تهدئت ذاته فسوف يجد حل بالتأكيد...

تنهد قبل ان ينحنى ويلتقط شطيرة فول من الصحن الموضوع فوق الطاولة فهذا كان طعامه طوال الفترة الماضية.
اخذ يأكل و هو يفكر في حل لما هو به فلم يعد معه سوا سبعون جنيهاً لن تكفى شئ من الالتزامات التي عليه...
في ذات الوقت...
كانت اشجان جالسة على الفراش تدلك قدم عابد الذي كان يدخن من الشيشة التي بجانب الفراش قائلة بمكر
=قولت ايه يا عابد، موافق...
ربت عابد على ذراعها قائلاً.

=اهدى يا اشجان، متبقيش حامية اوى كدة، بعدين اكتبلك ازاى محل باسمك، انت عايزة الناس تاكل وشى...
هتفت اشجان بحدة و هي تنزع يده من فوق ذراعها
=و الناس تاكل وشك ليه ان شاء الله، بقي
ارتشف عابد من كوب الشاى الذي بيده قبل ان يجيبها
=علشان كله عارف ان المحل ده بتاعى، ازاى في يوم و ليلة يبقي بتاعك...
وضعت يدها فوق خده تدير وجهه اليها في محاولة منها لجذب انتباهه
=قول انى اشتريته منك...
ضحك عابد قائلاً بسخرية.

=اشتريتى ايه يا اشجان، اشتريتى محل يدخله في 2 مليون جنية، هنضحك على بعض ما كله عارف انك متملكيش جنية...
انتفضت واقفة مبتعدة عنه هاتفة بغضب
=قصدك ايه يا عابد بالظبط، لا بقولك اتكلم عدل معايا...
زفر عابد بحدة و قد تجهم وجهه بغضب مما جعلها تخفض صوتها مغيرة من طريقتها فور ادراكها انها اغضبته همست ببكاء
=خلاص يا عابد مش عايزة حاجة، خالينى كدة ضهرى مكشوف و اللى يسوى و ميسواش يبيع و يشترى فيا...

انهت جملتها منفجرة في بكاء مصطنع دافنة وجهها بين يديها مما جعل عابد يزفر بحدة قبل ان
يمسك بذراعها جاذباً اياها بجانبه مرة اخرى عاقداً ذراعه حول كتفيها
=بتعيطى ليه دلوقتى...
ليكمل باستسلام قبل ان يغمغم بحده و هو يفرك وجهه
=خلاص يا اشجان، هعملك اللى عايزاه...
اتسعت شفتيها في ابتسامة واسعة هاتفة بفرح فور سماعها كلماته تلك
=بجد، بجد يا عابد
جذبها عابد من يدها لتصطدم بصدره
=ايوة بجد، يا روح عابد...

مررت يدها ببطئ فوق صدره هامسة باغراء بالقرب من شفتيه
=يخاليك ليا. يا سيد الرجالة...
لتكمل و هي تنهض من فوق الفراش غامزة له بعينها
=ما اقوم اعملك طاجن كوارع يرم عضمك...
انهت جملتها متجهة نحو الباب
ضحك عابد هاتفاً من خلفها
=متنسيش ورق العنب معاه. يا شوشو
اجابته اشجان هاتفة من الخارج
=عينيا...

ابتسم عابد متناولاً مرة اخرة الشيشة جاذباً نفساً عميقاً منها عندما صدح هاتفه برنين قصير دلالة على وصول رسالة اليه تناول هاتفه و هو يسعل بصوت متحشرج غليظ فتح الرسالة لكن ما ان رأى محتواها اختفت الابتسامة عن وجهه و قد تغضن وجهه بغضب و التمعت عينيه بقسوة تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً كأن ستار اسود من الغصب يعمى عينيه. هاتفاً بشراسة
=اها يا ولاد الك. لب...

القى الشيشة من يده منتفضاً واقفاً متناولاً ملابسه و ارتداها مسرعاً قبل ان يتجه نحو باب الشقة مغادراً كما لو الشياطين تلاحقه.
خرجت صدفة من غرفة النوم وهي تحمل صينية الطعام الخاص بها حتى تجلس مع راجح بغرفة الاستقبال فقد ملت من الاستلقاء بالفراش...
لذا قررت النهوض و تناولها الطعام اثناء مشاهدتها للتلفاز مع راجح...
لكن تسمرت قدميها فور ان دلفت الى الغرفة و رأت راجح يجلس على الاريكة يتناول الطعام.

تقدمت نحوه قائلة بلوم
=اخص عليك يا راجح لما انت لسه ماكلتش بتقولى كلت ليه وسبتنى اكل لوحدى...
لكنها ابتلعت باقى جملتها عندما رأته ينتفض في مكانه مرتبكاً كما لو تفاجئ بوجودها وقعت عينيها على شطيرة الفول التي بين يديه والصحن الذي امامه و به اثنين من الشطائر اقتربت منه قائلة بارتباك
=بتعمل ايه يا راجح. بتاكل فول ليه،؟!
وضع راجح الشطيرة من يده قائلاً بتلعثم.

=ابداً اصل زهقت من الفراخ و اللحمة فقولت اجيب ساندوتشات فول النهاردة...
شعرت صدفة بان هناك شئ خطأ يظهر من ردة فعله عندما انتفض فور سماعه صوتها و محاولته لتخبئت تلك الشطائر عنها مررت عينيها من حوله بحثاً عن شئ يستدعى ان يبدى ردة فعله تلك.
وقعت عينيها على حافظة نقوده و النقود الملقاه بجانبه على الاريكة.

وضعت صينية الطعام من يدها على الطاولة قبل ان تتجه نحوه و تلتقط تلك الاموال و تقوم بعدها تحت نظرات راجح المرتبكة لتجدها لم تتجاوز المائة جنية انحنت لتلتقط محافظة النقود حتى تبحث عن مال اخر بداخلها و قد بدأت تستوعب ما يحدث لكن اسرع راجح بالتقاطها قبلها قائلاً بحدة وهو يحاول ابعادها عنها
=في اية يا صدفة، عايزة ايه.؟!

اختطفت الحافظة من يده و ادارت ظهرها له سريعاً عندما حاول جذبها منها لتشعر بالبرودة عندما تحققت من ظنونها فقد كانت بالفعل الحافظة فارغة...
رفعت عينيها هامسة بصوت مختنق
=لما انت مش معاك فلوس، كان لازمته ايه تصرف عليا كل ده...
غمغم بخشونة و عصبية مفرطة
=و انتى مين قالك بقى انى مش معايا فلوس...
هتفت صدفة بحدة مقاطعة اياه
=متكدبش عليا يا راجح...

لتكمل و هي تلقي الحافظة بجانبه مشيرة بيدها نحو الطعام الذي على الطاولة
=بقي عمال تاكلنى في فراخ و لحمة و خضار و فاكهة اشكال والوان، و انت بتاكل في فول و طعمية...
غمغم بمرح وهو يلوي شفتيه في شبه ابتسامة محاولاً التخفيف من الامر
=طيب و ماله الفول و الطعمية طيب والله احلى من اى اكل...

شعرت صدفة بالذنب يعصف بها فقد امضت الايام الماضية تتنعم بتدليله لها و لم تفكر فيما فعله بعد ان طرده والده من العمل و لا من اين اتى بالمال دفنت وجهها بين يديها بينما حلقها ينقبض وهي تحاول كتم شهقات بكائها لكنها فلتت منها منكسرة.
جذبها راجح نحوه على الفور مجلساً اياها فوق ساقيه يضمها اليه قائلاً بحنان و هو يمرر يده فوق رأسها المدفون بصدره
=بتعيطى ليه بس يا حبيبتى دلوقتى...

ليكمل و هو يزيد من احتضانه لها عندما استمرت بالبكاء
=الدنيا مزنقه معايا الفترة دى اها مزنقه معايا بس ربك هيفرجها من عنده متخفيش...
رفعت وجهها من فوق صدره هامسة من بين شفتيها التي كانت ترتجف بقهر
=بس انا حاسة بالذنب انت شلت فوق طاقتك بسببى...
قاطعها بنبرة متحشرجة و هو ينظر إلى عينيها الملتمعة بالدموع
=ذنب ايه بس يا حبيبتى. ليه هو انتى اللى طردتينى من الشغل و لا كلتى حقى...

احاط وجهها بيديه مقبلاً مقدمة انفها المحمرة من اثر بكائها
=لو عايزة تريحينى و تخففى عنى يبقى تاخدى بالك من نفسك و من ولادنا...
ليكمل و هو يمطر وجهها بقبلات شغوفة و يده تتحسس بطنها بحنان
=انتوا اغلى و اهم حاجة في حياتى، كل حاجة ممكن تتعوض الا انتوا...
عقدت ذراعيها حوله دافنة وجهها بعنقه تقبله بحنان قبل ان تنهض من فوق ساقيه شدد ذراعيه رافضاً ان يدعها تذهب مما جعلها تهمهم
=ثوانى بس يا حبيبى...

افلت صراحها و شاهدها و هي تغادر الغرفة من ثم عادت بعد عدة دقائق جالسة فوق ساقيه مرة اخرى امسكت بيده من ثم وضعت مبلغ من المال به.
غمغم راجح بارتباك و هو يتطلع الى المال الذي بيده
=ايه دول يا صدفة.؟!
اجابته و هي تعقد ذراعيها حول عنقه مرة اخرى
=دول 7 ألاف جنية...
غمغم بحدة و هو ينظر للمال بصدمة
=7 الاف.؟! جبتيهم منين
اجابته بهدوء وهي تمرر يدها برفق على ظهر عنقه.

=فاكر ال5 ألاف اللى كنت ادتهوملى قبل جوازنا علشان اجيب اى حاجة نقصانى انا مكنتش صرفتهم و كمان كنت بحوش المصروف اللي كنت بتدهولى لنفسى كل اول شهر، خدهم فك بيهم زنقتك...
اعاد المال اليها مرة اخرى قائلاً بحدة و صرامة
=مش هاخد حاجة يا صدفة دى فلوسك...
وضعت يدها فوق فمه تمنعه من تكملة جملته قائلة
=لا دى فلوسك، و لو حتى فلوسى، انا و انت واحد...
لتكمل نازعة يدها من فوق فمه مسندة جبينها فوق جبينه.

=خدهم يا حبيبى و فك زنقتك. و اعتبر ده علشان خاطر ولادنا، و زى ما انت مش عايز حاجة في الدنيا دى غيرنا، انا كمان مش عايزة غيرك و لا مال الدنيا كله يسوى شعرة واحد منك...
عندما هم بالاعتراض همست بالقرب من اذنه وهي تقبله بشغف فوق جانب عنقه
=علشان خاطرى يا حبيبى...

تنهد راجح باستسلام مغمغماً بالموافقة مما جعلها ترفع رأسها مبتسمة باشراق و سعادة جعلت ضربات قلبه تتقافز بجنون دفن وجهه بعنقها مقبلاً حلقها بشغف و هو يكاد يفقد السيطرة على نفسه من شدة اشتياقه لها لكنه انتفض واقفاً بفزع و هو يحمل صدفة بين ذراعيه عندما صدح بالارجاء صوت صراخ حاد مرتفع يأتى من الخارج جعل قلب راجح يكاد يتوقف من شدة الفزع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة