قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع والعشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع والعشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع والعشرون

ظل راجح جالساً بمكانه عدة لحظات بجمود و هو يتطلع الى شاشة الهاتف باعين مظلمة ممتلئة بالغضب العاصف قبل ان يلقي الهاتف من يده...
و يفتح درج مكتبه مخرجاً منه هاتف صدفة الذي كان يحتفظ به داخل هذا الدرج منذ ان وصل إلى هنا...

فعند دخوله الى غرفة النوم لكى يبدل ملابسه رأى الهاتف ملقى على الوسادة بجانب صدفة التي كانت لازالت غارقة بثباتها العميق ليتذكر بانه قد نسيه هنا بتلك الليلة التي قام بضربها و طردها بها...
ليسرع وقتها بأخذه و وضعه بجيب بنطاله مقرراً اخفاءه حتى لا تتمكن التواصل مع عشيقها فقد تأكد بوقت سابق من والدته انها لا تملك هاتف اخر عندما قامت بتبديل ملابسها لها...

اعتدل في جلسته و كامل جسده متصلب من شدة الغضب بينما يفتح الهاتف و يقوم بفحصه حيث وجد ان الرسائل موجودة عليه بالفعل زمجر بشراسة من بين اسنانه المطبقة بقسوة
=يا ولاد الك. لب...
اسرع بتناول هاتفه متصلاً بوالدته التي اجابته ليسألها على الفور
=صدفة صحت ولا لسة ياما...
اجابته نعمات بهدوء.

=لا يا بنى لسه نايمة حاولت معاها كذا مرة بس هي مفيش خالص و ادينى قاعدة معاها في الاوضة من ساعة ما مشيت مش جايلى قلب اسيبها لوحدها، بس ابوك جه و عمال يزن عايزنى انزل احضرله العشا وانت عارفه مش بيسكت
زفر راجح بعنف و النيران التي بصدره تشتعل اكثر و قد تأكدت شكوكه...
=طيب ياما، انزلى انتى و انا ربع ساعة و هبقى عندك...

اغلق معها و ظل جالساً بمكانه يحدق بالهاتف الذي بين يديه وعقله يبدأ بنسج خيوط ما يحدث...
فهو الان متأكداً من ان صدفة لم ترسل تلك الرسائل فمن اذاً فعلها...
ابتلع الغصة التي تشكلت بحلقه فور ان ضربته فكرة ان يكون كل هذا لم يكن الا مخطط للايقاع بزوجته و هو بسبب غيرته و جنونه قد وقع به بكل سهولة...

لكن ان كان هذا صحيحاً لماءا التقطت صدفة لنفسها تلك الصور العارية، و لما ارسلتها لهذا الرقم، و كيف لم تلاحظ تلك الرسائل على هاتفها...
وقف مسرعاً يلملم اشياءه حتى يغادر و هو ينوى كشف ما يحدث و بداخله ينمو الامل ببرائتها، امل اذا ثبت عدم صحته فسوف يتدمر حقاً هذه المرة...
فور ان دلف راجح الى المنزل اتجه بخطوات مترددة نحو غرفة صدفة ليصل إلى سمعه صوت اناتها المتألمة بينما تتقئ بالحمام...

وقف بمنتصف الغرفة بجسد متصلب بينما قلبه يلتوى بداخله و هو يستمع إلى المها هذا.
ظل واقفاً بمكانه عينيه مسلطة على باب الحمام المفتوح نسبياً يضغط على يديه بقوة بينما يقاوم بصعوبة رغبته بالاندفاع لداخل الحمام و الاطمئنان عليها.
اخرجت صوت صغير متألم كان كسكين غرز بقلبه مما جعله يتخذ خطوة مندفعة نحو الحمام لكنه توقف بمنتصف الطريق معنفاً نفسه على ضعفه هذا لذا ثبت بمكانه بصعوبة...

اخذ يربت برفق على خدها بيده التي كانت ترتجف بشدة و عقله ينسج سيناريوهات بشعة لكنه زفر بارتياح فور ان فتحت عينيها بصعوبة كما لو كانت تقاوم الغمامة التي تحيطها تنظر اليها بتشوش كما لو كانت لا تراه.
اسرع بحملها بين ذراعيه و خرج بها من الحمام واضعاً اياها برفق على الفراش لتستلقى عليه و هي شبه غائبة عن الوعى.

تركها و توجه مسرعاً نحو المطبخ يبحث عن شئ يمدها بقليل من الطاقة ليجد عبوة عصير قد صنعتها والدته بوقت سابق.
ملئ كوب كبير منه واخذه عائداً به نحو الغرفة مرة اخرى ليجدها على حالتها التي تركها عليها...
جلس بجانبها على الفراش يحمل جسدها الذي لاحظ انه اصبح انحف من قبل حتى وجهها فقد بريقه و امتلائه المحبب.
رفعها بين ذراعيه يسندها اليه بينما يرفع كوب العصير إلى شفتيها يحثها برفق على الارتشاف منه...

اخذت ترتشف منه ببطئ بينما لازالت شبه لا تدرك ما يحدث حولها لكن عندما وصلت لمنتصف محتوى الكوب بدأت تستعيد بعضاً من وعيها رفعت رأسها نحوه ببطئ تنظر اليه بصمت عدة لحظات قبل ان يشحب وجهها شحوب فوق شحوبه كما لو كانت استوعبت اخيراً هويته.
شعر بجسدها يتشدد بين ذراعيه و قد اصبحت عينيها ضبابيبة ممتلئة بالدموع قبل ان تخفض وجهها و تهز كتفيها محاولة تحرير جسدها من بين ذراعيه و ابعاده رافضة لمسته.

اشاحت وجهها بعيداً لكن ليس قبل ان يرا خطوط الدموع المتساقطة على خديها مما جعل ضعف غريب يستولي عليه تنحنح قائلاً بصوت متحشىح و هو يقاوم المشاعر التي تعصف بداخله
=كملى العصير...
ادارت ظهرها اليه متجهه نحو حافة الفراش بجسدها الضعيف الهش محاولة النهوض لكنه امسك بمرفقها يجذبها منه قائلاً بحدة
=راحة فين...
اجابته بصوت منخفض ضعيف دون ان تلتف اليه
=همشى...

انهت جملتعا نازعة ذراعها من قبضته ناهضة على قدميها المرتجفة وهي تشعى بالوهن و الضعف لكنها رغم ذلك اجبرت قدميها على التحرك نحو الباب لكنها تراجعت خطوة للخلف بتعثر عندما وقف راجح امامها يمنع عنها التقدم هاتفاً بها بحدة
=هتروحي فين بحالتك دي انتي قادرة حتى تقفى على رجلك...
قاطعته بغضب وهي تمسح بيدها المرتعشة الدموع العالقة بوجنتيها
=وانت مالك بيا، ان شالله حتى اموت، يهمك في اية و لا...

لكنها ابتلعت باقي جملتها مطلقة تأوه منخفض عندما شعرت بمعدتها تؤلمها و قد انتابتها مرة اخرى نوبة من الغثيان لتسرع راكضة نحو الحمام تفرغ ما بجوفها وهي تأن بألم...
ليلحق بها راجح على الفور
و القلق و الخوف عليها يعصفان بداخله، جلس على عقبيه بأرضية الحمام يحتوي بين ذراعيه جسد صدفة التي كانت منهارة تفرغ ما بجوفها بمقعد المرحاض.

مما جعله يربت على رأسها بحنان مبعداً شعرها للخلف محاولاً التخفيف عنها و قد ألمه رؤيتها تعانى بهذا الشكل...

عندما انتهت اسندت رأسها بتعب للخلف على كتفه و هي شبه غائبة عن الوعى و قد كان صدرها يعلو و ينخفض بقوة تكافح لالتقاط انفاسها بينما اخذ هو يمرر يده على رأسها بحنان و عينيه مظللة بالألم و القلق تتفحص وجهها الذي كان خالى من اى لون يدل على الحياة و شفتيها الشاحبة المرتجفة بينما كانت عينيها غائرة بشدة تحيطها الهالات السوداء التي تدل على مدى مرضها.

كان رؤيته لها بحالتها تلك جعلت صدره ينقبض بألم، ظل يتحسس شعرها برفق حتى شعر بتنفسها اللاهث ينتظم و يعود إلى طبيعته.
نهض و هو يحملها بين ذراعيه متجهاً بها نحو الحوض يغسل وجهها المحتقن المتعرق و فمها...
و عندما انتهي دفنت وجهها بعنقه تتنفس بتعب و ضعف مما جعل دقات قلبه تزداد بعنف حتى ظن انه سوف يغادر جسده تأثراً بحركتها تلك...
خرج بها لغرفة النوم واضعاً اياها بلطف فوق الفراش.

لكنها جلست رافضة الاستلقاء مسندة رأسها الى ظهر الفراش...
بينما اتجه راجح نحو الطاولة ملتقطاً حقيبة الادوية واضعاً اياها فوق ساقيها قائلاً بصوت اجش
=طلعى الدوا اللى الدكتور كاتبه للترجيع هتلاقى اسمه تقريباً نافيدوكس، عقبال ما اجيبلك ميا من المطبخ...
انهى كلماته تلك و خرج مسرعاً من الغرفة هارباً حتى يهدئ ممن شاعره التي تتصارع بداخله...

بينما ظلت صدفة جالسة على الفراش تحدق برعب بالحقيبة التي امامها لا تستطع تحديد عبوة الدواء من تلك العبوات العديدة التي تملئ الحقيبة. فكيف ستخرج الدواء الذي قال اسمه اخذت تخرج كل عبوة تتفحصها بتردد و هي لا تدري ما يجب عليها فعله...

دلف راجح الى الغرفة لكنه توقف بمكانه يشاهد ما تفعله باندهاش فقد كانت تمسك كل عبوة دواء تديرها بين يديها و تتركها كما لو كانت لا تستطيع قراءة اسمائها حتى انها امسكت عدة مرات بالعبوة التي تحمل اسم الدواء المخصص للغثيان و تركتها من يدها...
غمغم قائلاً و هو يكمل طريقه نحوها
=طلعتى الدوا،؟!
رفعت عينيها نحوه تلقى نحوه نظرة خاطفة قبل ان تعود بتعثر تبحث بين الادوية و الارتباك واضح عليها مما جعل شكه يزداد.

همست بصوت متشنج بالتوتر
=بشوفه اهو...
لكنه اقترب منها بهدوء متناولاً من امامها عبوة الدواء التي كان الاسم مكتوب عليها بوضوح مخرجاً منه قرص واضعاً اياه بين يديها ثم اعطاها كوب الماء.
تناولت الحبة بينما كان وجهها محتقناً من شدة الحرج...
بينما كان راجح يتطلع اليها بصمت بينما لا يكف عن التفكير بما حدث الان.

فقد كانت تنظر الى العبوات كما لو كانت لا تستطيع القراءة لكنه هز رأسه نافياً ذلك، فاذا كانت لا تستطيع القراءة كان سيعلم كما انها كانت ستخبره بالتأكيد لما ستخفى عنه شئ كهذا، لكنه تذكر ايضاً رفضها القاطع بالماضي عندما كان يقترح ان يشاهدوا فيلماً اجنبى سوياً...
و تلك المرة عندما سألها ان تقرأ تاريخ الفاتورة التي كانت ملقية على الطاولة منذ فترة طويلة حتى يعلم متى اخر مرة سدد فتتورة الهاتف.

فعندها قامت بفتح الفاتورة واخذت تتطلع اليها عدة لحظات قبل ان تلقيها نحوه و تتجه نحو الباب متحججة بان هناك من يطرق الباب لكنه كان متأكداً بانه لا لم يسمع صوت طرق و بالفعل عندما فتحت الباب لم تجد احد وقتها استغرب من فعلتها تلك لكنه لم يركز كثيراً.

لكنه يجب ان يتأكد من هذا الامر لانه اذا اتضح صحته سيكون دليل قاطع على برائتها شعر بقلبه يقصف بعنف داخل صدره عند هءة الفكرة لكنه خرج من افكاره متنحنحاً و هو يغمغم بينما يتجه نحو الباب
=هروح اعملك، تاكلى...
قاطعته صدفة بجفاف بينما تنهض بتثاقل من فوق الفراش
=لا كتر خيرك مش عايزة حاجة، انا يدوب الحق امشى...
التف عائداً اليها هاتفاً بحدة و هو يشعر انه يدور بدوامة لا يعلم متى ستتوقف و يخرج منها.

=تمشى تروحى فين، ام محمد مسافرة، ايه عايزة تروحى عند اشجان و ابنها...
اشعلت كلماته تلك الالم الذي ينبض بداخلها و قد تذكرت جميع ما حدث لها بسببه هتفت بقسوة
=و مفكرتش في كدة ليه لما ضربتني و طردتني من البيت في نص الليل...
شحب وجه راجح فور تذكره ما فعله بها بتلك الليلة فاذا ثبتت برائتها فهي لن تسامحه ابداً على ما فعله بها غمغم بصوت مختنق.

=خاليكى يا صدفة انتى لسه تعبانة، على الاقل هنا امى هتراعيكى و تاخد بالها منك...
لكنها تجاهلته و اتجهت نحو الباب باصرار دون ان تستمع اليه فهي لن تبقى بهذا المنزل بعد ما فعله بها، ليسرع راجح نحوها يسد الطريق عليها بجسده الضخم قابضاً على بذراعها حتى يمنعها من الخروج و هو يهتف بشراسة و غضب و قد بدأ يفقد السيطرة على غضبه فكل ما يحدث يضغط على اعصابه و قوة تحمله
=قولتلك مش هتمشى، يعنى مش هتمشى.

انتفضت صدفة متراجعة للخلف بقوة كما لو كانت لمسته قد احرقتها و الخوف يرتسم على وجهها من غضبه هذا...
تراجعت للخلف اكثر مبتعدة عنه قدر الامكان و هي تتذكر ما فعله بها باخر مرة كان غاضباً.
ضربه و سبابه اياها لا يزال برأسها كما لو كان الامر حدث اليوم مما جعل الخوف و الذعر يسيطران عليها.

سقط قلب راجح فور رؤيته للرعب المرتسم بعينيها بوضوح فقد كانت خائفة منه حقاً، ابتلع بصعوبة الغصة التي تشكلت بحلقه و هو يدرك انها تعتقد انه سيقوم بضربها مرة اخرى، مرت امام عينيه مشاهد لما فعله بها وقتها و صوت صراختها المتألمة تتردد بأذنيه تعذبه بل تقتله...

فاذا كان ما حدث فخ نصبه احدهم لهم فهو مديون لها بالكثير و لا يعلم كيف سيجعلها تسامحه على ما فعله بها فهو نفسه لن يستكع مسامحة نفسه. طهمس بصوت منخفض محاولاً ان يطمئنها
=صدفة، اهدى. ايدى عمرها ما هتتمد عليكى تانى...
هزت رأسها و هي ترفض ان تستمع اليه هامسة بارتجاف و خوف
=ابعد عنى، و اياك تقرب منى...
انهت جملتها تلك متجاوزة اياه سريعاً تفر نحو الباب مما جعله يندفع خلفها ممسكاً بها يمنعها من الخروج.

نفضت يده بعيداً عنها كما لو كانت لا تطيق لمسته و هي تصرخ بحدة لاذعة
=ابعد ايدك دى عنى و متلمسنيش...
احاطها بذراعيه محاولاً منعها من الفرار مما جعلها تضربه بقبضتيها في اعلى كتفيه و صدره صارخة بألم بينما عينيها اصبحت محتقنة بالدموع
=قولتلك، سيبنى، سيبنى، سيبنى بقي في حالى حرام عليك...

احاط خصرها بذراعيه جاذباً اياها نحوه رافضاً اطلاق سراحها و عينيه مسلطة عليها يتطلع اليها باعين ممتلئة اخيراً بالادراك، كما لو كانت هناك غمامة على عقله و تم ازالتها اخذ يفحص وجهها ذو الملامح الملائكية و هو يفكر كيف امكنه ان يصدق بان تلك المخلوقة التي بين يديه يمكنها القيام بخيانته، فالتى بين يديه الان ليست الا زوجته. حبيبته، ملاكه.

فقد اعمته غيرته الجنونية عليها و حبه الشديد لها و صدق ما ارسل اليه، اخذ يتذكر مواقفهم سوياً خاصة عندما اصابته الكورونا و خوفها عليها و رفضها لتركه وحيداً. و دافعها عنه امام والده حنانها الذي كانت تغدقه به دائماً كيف كان احمق بهذا الشكل و صدق تلك الخطة الخبيثة...

لكن من زرع الشك بداخله نفذ خطته تلك باحكام شديد فيكفى تلك الصور التي رأى بها جسدها عارى فوحدها يمكن ان تذهب بعقله إلى الجحيم و تجعله يرتكب جريمة قتل...
ضمها اليه دافناً وجهه بعنقها يتنفس رائحتها التي اشتاق اليها كثيراً فقد كان بدونها كالطفل الذي فقد والدته...
=صدفة...
همس اسمها بصوت معذب بينما يشدد من احتضانه لها راغباً بدفنها بداخله فقد كان كما لو كان في كابوس و استيقظ منه اخيراً...

ارتجف جسد صدفة عندما شعرت بانفاسه الدافئة تلمس جانب عنقها استجابات لقربه منها بهذا الشكل لكنها افاقت من غيمة مشاعرها تلك دافعة اياه بحدة بعيداً متراجعة للخلف هاتفة بانفعال بينما صدرها يعلو وينخفض بشدة...
=متلمسنيش و لا تقرب منى...

لتكمل و هي تحيط جسدها المرتجف بذراعيها بينما تقاوم بصعوبة الدموع التي انسابت بصمت على وجنتيها و هي تدرك بانه ليس لديها مكان اخر يمكنها ان تذهب اليه سوا الشارع لذا فمن اجل اطفالها ستبقى هنا لكن بشروطها هى.
=مش عايزنى امشى يبقى تطلع برا الاوضة، و متدخلش اي مكان انا فيه...
لتكمل وهي تنفجر باكية بشهقات ممزقة
= انا مبقتش مستحملة اى وجع او اهانة كفاية اللى حصلى...

اتخذ راجح خطوة نحوها و قد ألمه سماعه كلماتها تلك ولكن و قبل ان يفتح فمه و يعترض دلفت إلى الغرفة والدته التي بعد ان انهت مطالب زوجها بالاسفل صعدت لكى تطمئن على صدفة لكنها وجدتهم يتحدثون لذا قررت البقاء بالخارج تاركة اياهم يحلون امورهم لكن ما ان احتد بينهم النقاش و اصبحت صدفة تبكى بهذا الشكل الهستيرى كان يجب عليها التدخل ربتت بلطف على ذراع ولدها قائلة بصوت يملئه التعاطف وهي ترا الالم و الكرب مرسوم على وجهه بوضوح.

=اطلع يا ضنايا دلوقتى و سيبها تهدى، متضغطش عليها هي لسة تعبانة...
وقف راجح ينظر بعجز إلى صدفة التي اشتد بكائها مما جعله يومأ برأسه بالموافقة هامساً لوالدته بصوت مختنق
=خدى بالك منها ياما...
ربتت نعمات على ظهره قائلة بحنان
=متخفش يا حبيبى انا هفضل. معاها...
اومأ برأسه ملقياً على صدفة نظرة خاطفة قبل ان يلتف و يغادر الغرفة بخطوات متثاقلة.

لتتجه نعمات نحو صدفة تحتضنها بين ذراعيها لتدفن الاخيرة وجهها بصدرها تبكى بشهقات ممزقة على كل ما مرت به و ما فقدته...
في اليوم التالى...
كان راجح يجول بانحاء الوكالة يتفحص البضاعة و العمل عندما رأى ام محمد تتجه نحوه مما جعله يتوقف في مكانه وعينيه مسلطة عليها بحدة و هو يفكر متي عادت من السفر فعودتها الان ليست في صالحه بالمرة فصدفة ستصر على المغادرة والبقاء لديها...

اقتربت منه ام محمد قائلة بابتسامتها البشوشة
=صباح الخير يا راجح باشا...
اومأ راجح برأسه مجيباً على تحيتها تلك بهدوء
=صباح الخير يا ام محمد، حمد لله على السلامة. رجعتى امتي من البلد
اجابته و ابتسامتها لازالت على وجهها
=النهاردة الصبح، ما صدقت اخت جوزي جت و قعدت مع حماتي فقولت ارجع انا بقي اشوف اكلي عيشي اللي سيباه بقالي مدة...
لتكمل مغمغمة سريعاً عندما ادركت انها تثرثر بتفاصيل قد لا تهمه.

=المهم انا كنت جاية اطمن منك على صدفة اصل بكلمها بقالي مدة و تليفونها مقفول، و انا بصراحة مش عايزة اروحلها البيت علشان الحاج عابد ميعملش مشكلة...
غمغم راجح مستفسراً و هو يقطب حاجبيه بعدم فهم
=و الحاج عابد يعمل مشكلة ليه مش فاهم.؟!
اجابته ام محمد و قد اصبح وجهها محتقن بشدة.

=اصل، اصل كنت في مرة راحة ازور صدفة و قابلنى على السلم و انا طالعة عندكوا كلمنى وحش و طردني، فانا مشيت و محبتش اقول لصدفة لحسن تزعل...
تصلب جسده فور سماعه كلماتها تلك بينما اشتعل بداخله غضب عاصف غمغم بحدة وهو يضغط على فكه بقسوة
=الحاج عابد مالوش دعوة مين يجى يزورنى و مين ميجيش، ده بيتك يا ام محمد و تيجى في اى وقت تشرفينا...
اشرق وجه ام محمد قائلة بفرح
=تسلم يا سي راجح يارب ما هو ده برضو العشم.

لتكمل قائلة و قد عاودها القلق
=المهم طمني على صدفة هي بخير و كويسة مكلمتهاش من وقت ما سافرت واتصلت بها كذا مرة موبيلها بيديني مغلق...
اجابها راجح بتجمد
=والله يا ام محمد مش هكدب عليكي صدقة تعبانة شوية...
ضربت يدها على صدرها هاتفة بفزع
=تعبانة مالها فيها ايه، كفى الله الشر؟
تنهد راجح قائلاً بينما يفرك وجهه بيده
=الانيميا عندها عاليه اوى
ده غير ان حصلها هبوط حاد، و راحت المستشفى.

هتفت ام محمد قائلة بحدة ة استهجان
=هي طول عمرها عندها انيميا و ريقي كان بينشف معاها تكشف و تاخد علاج بس دي مكنتش بتهتم بنفسها و هي اصلاً مبتاكلش اكلتها قليلة زي العيال الصغيرة، جسم على الفاضي...
قاطع راجح نوبتها الهيسترية تلك قائلاً وهو يشعر بالغضب من نفسه كيف لم يلاحظ انها لا تهتم بنفسها جيداً
=اهدى يا ام محمد متخفيش الدكتور كتبلها على علاج، و ههتم بأكلها كويس و ان شاء الله هتبقي كويسة...

زفرت ام محمد قائلة بقلق و اضطراب
=طيب و نبى تاخد بالك من علاجها و تديها العلاج بنفسك اصل اخر مرة كانت تعبانة معرفتش تقرا اسم الدوا و خدت بداله دوا تانى غلط و دوخنا بها في المستشفيات...
قاطعها راجح سريعاً و قد جذب انتباهه كلماتها تلك
=معرفتش تقرا اسم الدوا ازاى،؟!
اجابته ام محمد بعفوية غافلة عن الاهتمام الذي التمع بعينيه بسبب قلقها على صدفة.

=معرفتش تقرا اسم الدوا ما انت عارف ان متولى الله يحرقه طلعها من التعليم وهي في سنة تانية ابتدائي...
ابتلعت ام محمد باقي جملتها لاطمة خدها فور ادراكها ما افصحت به و قد نست تماماً ان صدفة لم تخبر راجح بأمر أميتها همست بصوت مرتعب
=يالهوى عليا و على لسانى، صدفة لو عرفت انى قولتلك انها مبتعرفش تقرا ولا تكتب هتقتلنى...

تصلب جسد راجح فور سماعه كلماتها التي اكدت شكوكه السابقة فان كان يظن انها بريئة بنسبة 80% الان اصبح متأكداً من برائتها مائة بالمائة...

فقد استغل احدهم جهل زوجته وقام بما قام به بهاتفها و هذا الشخص لابد ان يكون مقرب منها و يعلم بأمر أميتها تلك. يجب ان يتحدث معها ويعلم منها من اين اتت بهذا الفستان و اين كانت تذهب في تلك المرات التي اخبرته انها خارجة مع هاجر شقيقته و لما تصورت تلك الصورة بهذا الفستان العارى...
خرج من افكاره عندما تابعت ام محمد بصوت يملئه الفزع.

=ونبى ما تعرفها ان قولتلك حاجة صدفة لو عرفت هتقاطعنى. هي عندها حساسية من الحتة دى...
هز راجح رأسه وهو يحاول التحكم بالغضب المشتعل بداخله
=متقلقيش، مش هقولها حاجة انا بس عايز منك خدمة بلاش صدفة تعرف انك رجعتى من السفر.
قطبت ام محمد حاحبيها مغمغمة بعدم فهم
=ليه...
اجابها بهدوء يعاكس النيران التي تغلى بعروقه
=متخانق انا و هي ولو عرفت انك رجعتى هتصر تمشي و تسيب البيت...
اومأت ام محمد بهدوء و تفهم.

=خلاص متقلقش يا باشا بس ونبي لما تروح خليها تفتح موبيلها و تكلمني...
هز راجح رأسه بالموافقة من ثم ودعها و انصرف مسرعاً عائداً إلى المنزل باقصى سرعة لديه...
كانت صدفة جالسة بالفراش تشاهد التلفاز الذي عندما استيقظت و جدت انه تم نقله إلى غرقتها مما جعلها تندهش لكن اختفت دهشتها تلك عندما اخبرتها نعمات ان راجح من قام بنقله إلى هنا قبل ذهابه إلى العمل حتى تستطع مشاهدته دون ان تترك الفراش...

فمنذ الامس و هي تتلاقى الاهتمام و الرعاية من نعمات التي كانت تقريباً كل ساعة تطعمها بأطعمة مختلفة و عندما كانت تعترض بسبب امتلئ معدتها كانت تصر عليها و ان لم تطعمها تصنع لها عصيراً وتجعله تشربه امامها...

فقد كانت تعاملها بحنان و لطف على عكس معاملتها لها السابقة تماماً شعرت بداخلها بالامتنان لها خاصة و انها تدرك ان اطفالها بحاجة الى هذا الاهتمام و الرعاية مررت يدها بحنان فوق بروز بطنها الطفيف فقد كانت حامل بالشهر الثاني كما اخبرها الطبيب.
تلمست بطنها برفق و قلبها يتخلله عاطفة الامومة.

لكنها انتفضت مبعدة يدها عن بطنها معتدلة في جلستها عندما فتح الباب و دلف راجح الى الغرفة بوجه يظهر عليه على الاكفهرار و الاغتمام لكنها تجاهلته و ركزت عينيها على شاشة التلفاز لكنها اخفضت عينيها عندما القي بورقة على الفراش امامها
=الورقة دي سلمهالي بتاع الكهربا، راح شقة متولى ملقاش حد هناك فجبهالى على الوكالة على اساس ان العداد باسمك...
غمغمت صدفة بارتباك بينما تمسك الورقة بين يديها.

=فيها ايه الورقة دي...
اجابها بهدوء و عينيه مسلطة عليها بتركيز و اهتمام يراقب ردة فعلها
=دى ورقة فيها انذار عن شهور الكهربا اللي مدفعتش...
ليكمل وهو يشير نحو الورقة التي بيدها
=اقري، و شوفي بنفسك...
اخذت تتطلع اليه بصمت عدة لحظات قبل ان تقوم بفتح الورقة بيد مرتجفة اخذت تنظر اليها عدة لحظات تتصنع قرائتها قبل ان تومأ برأسها قائلة
=ماشي، لما ترجع ام محمد هخليها توديها لبيت متولي وهو يتصرف و يدفع...

همست بعدم فهم وهي تتطلع اليه باعين متسعة ممتلئة بالارتباك
=خبيت عليك ايه بالظبط، مش فاهمة
اشار للورقة التي لازالت بين يديها
=الورقة اللي في ايدك لا بتاعت كهربا و لا تخصك من الاساس دى ورقة من ورق الوكالة...

شحب وجه صدفة فور ادراكها معنى كلماته تلك شعرت بانفاسها تنسحب من داخل صدرها كما لو ان المكان يطبق جدرانه من حولها فقد اكتشف امر أميتها امتلئت عينيها بدموع محتقنة مما جعلها تخفض رأسها و هي تشعر بالعار و الخجل
جلس راجح بمواجهتها مائلاً إلى الامام ممسكاً بيديها بين يديه و ظل ينظر اليها حتى بادلته بتردد نظراته تلك
=خبيتى عنى لية، فكرك ان ده كان هيفرق معايا، او هيغير نظرتى ليكى بالعكس...

عينيها كانت ضبابيتين بينما تحاول مكافحة الدموع مما جعلها تدفن وجهها بين يديها بينما حلقها ينقبض وهي تحاول كتم شهقات بكائها لكنها فلتت منها منكسرة
جذبها راجح اليه يضمها برفق بين ذراعيه يربت برفق على ظهرها محاولاً تهدئتها
بكت صدفة كما لم تبكى من قبل شاعرة بالحرج و انها اصبحت بعينه اقل شأنناً من اى وقت...

بينما كان راجح يستمع إلى بكائها هذا وقلبه يتمزق بداخله مدركاً مدى عدم ثقتها بنفسها لكنها حمقاء اكانت تعتقد ان عدم معرفتها للقراءة و الكتابة قد يقلل من حبه او عشقه لها. فهى الهواء الذي يتنفسه. الهواء الذي انقطع عنه خلال الايام التي غابت بها عن حياته فقد كان يعيش كالميت بدونها.

ظل يحتضنها و هو لا يزال يربت برفق على ظهرها و عندما هدأت ابعدها بلطف محيطاً وجهها بيديه يتفحص بشغف عينيها و انفها المحتقنين من اثر بكائها اقترب منها طابعاً على وجهها قبلات حنونة متفرقة و قد بدأ يفقد سيطرته على نفسه حيث غلبه شوقه اليها اخفض رأسه حتى لامست شفتيه شفتيها ممرراً يده ببطئ على عنقها يجذبها اقرب اليه بينما يستحوذ بالكامل على شفتيها مقبلاً اياها بشغف مما جعل الحرارة تنتشر داخل عروقه سريعاً كالحمم الملتهبة فقد كان يريدها كثيراً، اكثر من الحياة بأكملها.

ارتجف جسد صدفة باستجابة لقبلته تلك رفعت يدها تحيط وجهه لكنها سرعان ما ادركت فضاحة ما تفعلة متذكرة ضربه و اهانته لها...
انتفضت مبتعدة عنه تدفعه بصدره هاتفة بحدة و انفس لاهثة
=ابعد...
توقف راجح يتطلع اليها بنظرة يملئها العذاب فقد كان يعلم انه يستحق هذا. بعد ما فعله بها و عدم ثقته بها شعر كما لو سكين حاد يغرز بقلبه...

حاول التركيز على ما قد جاء من اجله فيجب كشف من خلف تلك الخطة الحقيرة و جعله يدفع الثمن غالياً من ثم سيقضى حياته بأكملها يعوض اياها و يطلب مسامحتها...
شاهدها تتراجع على الفراش الى الخلف محاولة ترك اكبر قدر من المساحة بينهم...

فرك وجهه و هو يلتقط نفساً عميقاً محاولاً تهدئت الالم الذي ينبض بداخله من رؤيتها تبتعد عنه بهذا الشكل مقارناً حالتها تلك بالماضى فقد كانت ما ان تراه تسرع نحوه وتندس بحضنه هز رأسه محاولاً طرد افكاره تلك و التركيز على ما اتى من اجله
=مين عملك حساب الفيس، و مين كان بيكتب الرسايل اللي كنت بتبعتهالي...
احمر و
احمر وجهها قائلة بحدة و هي تشعر بالحرج من التحدث عن أميتها
=بتسأل ليه،!
اجابها راجح بهدوء.

=جاوبيني يا صدفة...
تنهدت قائلة وهي تعقد حاجبيها
=هاجر اللي ساعدتنى لما عرفت اني مبعرفش اقرا ولا اكتب و ادتنى حساب بتاعها قديم وغيرت الاسم بتاعه لأسمى...
شحب وجه راجح فور سماعه اسم شقيقته اخر اسم توقع ان يسمعه غمعم باضطراب
=هاجر،؟!
اومأت صدفة برأسها بينما تتابع
=و كتر خيرها اتفقتلى مع المدرسة بتاعتها تعلمني القراية و الكتابة...
اجبر راجح شفتيه على التحرك قائلاً بصعوبة و هو يعلم الاجابة.

=كنت بتروحى للمدرسة دى لما كنت بتكدبى عليا و بتقوليلي بخرج مع هاجر مش كدة.
اومأت برأسها و قد ازداد اشتعال وجهها بسبب كذبها عليه
=ايوة، هاجر اتفقت معايا اننا هنقولك اني بخرجها معاها. و اروح انا احضر الدرس...

احتبست انفاسه داخل صدره وهو يتذكر حديثه مع شقيقته التي انكرت تماماً انها رأت صدفة خلال الفترة الماضية لما كذبت عليه وقتها خرج من افكاره تلك عندما سألته صدفة بصوت منخفض ميت بينما كتفيها منحيين و الالم يلتمع بعينيها بوضوح
=هو ده السبب اللي ضربتنى علشانه، انى كنت بخرج من وراك.؟!
هز راجح رأسه نافياً بينما يبتلع الغصة التي تشكلت بحلقه بينما الندم على ما فعله بها يمزق داخله
=لا يا صدفة، مش ده السبب...

صمت للحظة قبل ان يتابع بنبرة متحشرجة و هو ينظر إلى عينيها و كل الندم و الاسف الذي يشعر بهم مرتسمين على وجهه
=السبب لو عرفتيه هتكرهيني. اكتر ما انتى بتكرهينى دلوقتى...
تراجعت صدفة و عيونها متسعة من الدهشة من نبرة المرارة الموجودة في صوته همست بصوت مختنق مرتجف
=ضربتنى ليه يا راجح،؟! ايه اللى عملته و كان يستاهل انك تكسرنى الكسرة دى...

التوى قلبه داخل صدره عند سماعه كلماتها تلك اخفض عينه ليجد يده ترتجف بقوة مما جعله يقبض بقوة عليها محاولاً عدم اظهار ضعفه
=معملتيش حاجة. يا صدفة، انا اللى عملت و كنت انسان غبى...
ليكمل متنحنحاً و هو يغير الحديث عائداً إلى اسألته
=مين اللى جابلك الفستان اللي لبستيه يوم ما كنت زعلان منك، ومتقوليش انها امى لان انا و انتى عارفين انها مش هى...
هتفت بحدة مندهشة من اسألته تلك.

=هو في ايه، ايه الاسئلة دى كلها، انا مش فاهمة حاجة
هز رأسه قائلاً بجدية يحثها على اجابته
=ردى يا صدفة و هتعرفى كل حاجة في وقتها.
زفرت بحدة قبل ان تجيبه بحنق
=هاجر اللي جبتهولى وقالتلى انها مكسوفة انك تعرف انها جابتلى حاجة زى كده فقالت انى اقولك ماما اللى جابته...
اهتز جسد راجح بعنف فور سماعه كلماتها تلك هامساً بحدة
=هاجر برضو...

فقد تأكد الان بان شقيقته هي من وراء كل ما حدث شعر انه سيجن لما فتاة لم تنخطى سن المراهقة بعد...
تفعل ذلك و ما الذي ستستفيده من جعله يشك بزوجته وتخريب زواجه أوالده من جعلها تفعل ذلك و هو من خلف كل هذا...
اجابته صدفة بعفوية و هي غافلة عن الصدمة و الصراع الذي يشعر بهم.

=ايوةهاجر. هىاكتر واحدة وقفت معايا ده حتى يومها ساعدتنى ان اصالحك. وخلتنى البس الفستان و صورتنى بالموبيل و وبعتتلك الصورة و خلتنى كمان اسجلك رسالة صوت بس معرفتش تبعتها ليك بسبب مكنش في نت و...
انتفض راجح واقفاً فور سماعه ذلك و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة شاعراً كأن ستار اسود من الغضب يغمى عينيه و قد ادرك الان كيف وصلت صورتها إلى هاتف هذا الاحمق
فشقيقته استغلت ثقة زوجته بها و فعلت كل هذا...

تجاهل هتاف صدفة المنصدمة باسمه و اتجه نحو الباب و كامل جسده متصلباً بينما تضيق به الانفاس كما لو منع عنه الهواء فجأة يشعر كأنه وسط جحيم يشعل جسده بنار لا يستطيع تحملها...
هبط راجح إلى الاسفل مسرعاً
فاتحاً باب شقة والديه بالمفتاح الخاص به حيث كانت والدته تزور خالته شوقية بسبب مرضها و والده لا يزال بالعمل و مروان بااخاؤح كعادته.

اتجه على الفور نحو غرفة هاجر التي فتحها دون ان يطرق بابها لتنتفض هاجر التي كانت جالسة تدرس غمغمت بقلق
=في حاجة يا راجح ولا ايه،؟!
تجاهلها راجح و اتجه نحو الطاولة التي تجلس بجانبها و اختطف هاتفها من فوقها حاول فتحه لكنه وجده مغلق ببصمة اليد دفعه نحوها قائلاً بقسوة
=افتحي التليفون ده...
شحب وجه هاجر فور سماعها كلماته تلك همهمت بصوت مرتجف من شدة الخوف الذي بدأ ينتشر بداخلها
=ل، ليه.

اشار برأسه نحو الهاتف قائلاً بصرامة بينما يحاول بصعوبة التحكم في اعصابه حتى يتأكد
=قولت افتحيه...
ظلت هاجر تتطلع بفزع نحو الهاتف الذي يمده نحوها دون ان تقوم باي حركة لتنفيذ امره مما جعله يزمجر بشراسة جعلتها تنتفص في مكانها
=افتحيه، اخصلى...
تناولت منه بيد مرتجفة و فتحته ببصمة اصبعها...
خطفه راجح من بين يدها و بدأ يفتح رسائل المسانجر لكنه لم يجد شئ به...

من ثم قام بفتح الواتس و اخذ يبحث به لكنه لم يجد شئ ايضاً فقد كانت جميع المحادثات مع اصدقائها البنات كان يهم بغلق الواتس عندما لاحظ اخر رساله من فتاة تدعى ((توتا)) مكتوب بها كلمة حبيبي.
اسرع راجح بفتحها ليصدم عندما وجد ان تلك الفتاة ليست الا رجل يدعى توفيق لكنه لم يشك و لو للحظة واحدة بانه من الممكن ان يكون صديقه...

بدأ يقرأ الرسائل بينهم وكامل جسده ينتفض من شدة الغضب و هو يكتشف كيف خططوا للايقاع بزوجته و الفخ الذي نصبوه لها...
اهتز جسده بعنف كما لو ضربته صاعقة عندما تعمق في قراءة الرسائل و وجد رسالة يخبرها به انه سيغلق اچنص السيارات الخاص به و سيذهب للمنزل عندها علم بان توفيق هذا ليس الا صديقه...
القى الهاتف من يده واتجه نحو هاجر التي كانت واقفة بمننصف الغرفة تتابعه بوجه يرتسم عليه الرعب و الخوف.

محدقة في وجهه بخوف من لهيب الكراهية الذي يلتمع بعينيه بينما كان يأخذ خطوات متواعدة نحوها مما جعلها تتراجع إلى الخلف محاولة الهرب للخارج لكنه كان اسرع منها ولحق بها يقبض على شعرها يجذب خصلاته بقوة حتى ارجع رأسها إلى الخلف صائحاً بشراسة مرعبة و هو يكاد يكون خارج السيطرة
=اها يا يا زب. الة، يا واط. ية بقى انتى اللي عملتى كل ده فيا و في مراتى، و مع مين. مع توفيق عرة الرجالة...

صرخت هاجر بصوت مرتجف و قد شحب وجهها من شدة الذعر و الخوف بينما تحاول التراجع إلى الخلف بعيداً عنه و الافلات من بين قبضته لكن ما اصابها من ذلك الا انه قد شدد من قبضته حول شعرها يجذبه بعنف اكثر مما جعلها تصرخ بألم وهي تبكي
=والله يا راجح مكنتش اقصد، توفيق هو اللي ضحك عليا...
قاطعها صائحاً بشراسة وهو يقرب وجهه منها ينظر اليها بعينين تلتمع بوحشية مما جعلها تخفض عينيها في ذعر و خوف.

=ضحك عليكي برضو يا رخي. صة ليه مش ده حبيب القلب...
همست بصوت منخفض مرتجف من بين شهقات بكائها وقد اخذت ضربات قلبها تزداد من شدة الخوف
=و. و، والله مكنتش اقصد...
قاطعها بقسوة وهو يصفعها على وجهها صفعة مدوية جعلتها تصرخ متألمة و رأسها يرتد للخلف من شدة الصفعة
=مكنتيش تقصدى ايه...
ليكمل و هو يصفعها مرة اخرى
=مكنتيش تقصدى تتهمى مراتى في شرفها، و تبعتى صورها لرجالة وسخ. ة زيك.

صرخت هاجر منتحبة عندما اخذ يصفعها على وجهها صفعات متتالية قاسية بينما يصرخ بها و هو في حالة شبه هستيرية
=ليه، قوليلى ليه. عملت فيكى ايه وحش علشان تعملى فيا كده...
صرخت باكية بينما تضع يديها فوق وجهها لتحميه من صفعاته تلك
=معملتش حاجة، انت اكتر واحد بتحبني و بتخاف عليا و الله و انا مكنتش اقصد أأذيك...

قاطعها بشراسة وشرارت الغضب تتقافز من عينيه بينما يجذب خصلات شعرها بقوة اكبر جعلتها تصرخ بألم و بكائها يزداد
=اومال لو تقصدي تأذيني، كنت هتعملى ايه خلتيني ادمر مراتى و دمرت نفسي معاها...
ليكمل وقد اسودت عينيه من شدة الغضب بشكل مرعب فور تذكره للعلاقة التي بينها و بين توفيق. صفعها بعنف جعل وزنها يختل وتسقط على الارض بقسوة.

=لا و ماشيالي مع توفيق اللى متجوز و مخلف وكمان ضعف عمرك و بتخططيلى معاه، قسماً بالله لأم. وتك و ام. وته يا رخي. صة.
انهى جملته منهالاً عليها يض. ربها ضربات متفرقة بانحاء جسدها و هو يسبها بافظع لشتائم مما جعلها تصرخ من شدة الالم الذي تشعر به لكنه لم يتوقف عن ضربها حتى شعرت بوجهها و جسدها يتخدر من شدة الالم ولم تعد تشعر بشئ همست له بغل فور توقفه عن ضرب. ها وهي تنظر في عينيه بغضب.

=انا مش ماشية مع حد. انا و توفيق بنحب بعض و هيطلق مؤاته و هنتجوز غصب عنك و عن اي حد، هنتجوز.
فقد راجح السيطرة على غضبه فور سماعه كلماتها تلك ليعاود ضربها و هو يصيح بغضب مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه
= يتجوز مين يا زب. الة. ده بيتسلى بيكي يا رخي. صة، زى كل الستات اللي يعرفهم على مراته...

اخذت هاجر تصرخ وهي تحاول حماية جسدها من ضرباته عندما دلف عابد الذي وصل لتوه إلى المنزل ليفزع فور ان رأي ما يفعله راجح اندفع نحوه يجذبه بعيداً عنها و هو يصرخ به
=انت بتعمل ايه، بتعمل ايه يا ابن الكل. ب...

قام بجذبه بعيداً عنها من ثم وقف حائلاً بينهم و هو يزجره بنظرات شرسة لكن لم يبالى راجح و حاول تجاوزه و معاودة الهجوم على تلك التي نهضت مسرعة مختبئة خلف ظهر والدها تتشبث به و كامل جسدها يرتجف من شدة الخوف. دفعه عابد بعيداً و هو يصرخ بشراسة
=هى حصلت تمد ايدك على بنتى يا ابن مأمون و ديني ل...
قاطعه راجح هاتفاً بقسوة
=بنتك دي عيلة زبا. لة و متربتش، بتكلم راجل متجوز قد ابوها و بتخطط معاه كمان ل...

صفعه عابد و هو يصرخ بقسوة بينما تنطلق منه شرارت الغضب
=قطع لسانك انت و اللي جابوك...
تصلب وجه راجح و قد احتدت عينيه بقسوة عاصراً قبضتيه بقوة محاولاً السيطرة على الغضب الثائر بداخله حتى لا يقدم على شئ قد يندم عليه زمجر من بين اسنانه المطبقة بقوة بينما ينحنى ويلتقط هاتفها الملقى على الارض ويدفعه بين يده
=عندك تليفونها افتحه و شوف رسايلها مع توفيق الحلاونى...

صرخت هاجر بينما تتشبث بظهر والدها محاولة نفى الاتهام عنها
=محصلش، محصلش يا بابا صدقني...
زمجر راجح محاولاً الهجوم عليها مرة اخرى و قد جعله كذبها يفقد اعصابه لكن دفعه عابد بصدره هاتفاً بشراسة
=اياك تلمس شعرة واحدة منها، و انا من الاهر كدة مش مصدق كلمة من اللي بتقولها...
اشار راجح الى الهاتف الذي بين يده قائلاً بحدة
=عندك التليفون في ايدك افتحه و بص فيه...
القي عابد الهاتف من يده قائلاً ببرود.

=مش هبص في حاجة انا مصدق بنتى، و واثق فيها
ليكمل بسخرية لاذعة و هو يرمق راجخ بازدراء
=مش هكدب بنتى. بنت الحلال و اصدق واحد زيك ابن ااا...
لم يكمل جملته لكن قد وصل الى راجح ما كان يرغب بقوله مما جعل جسده يهتز من شدة الغضب لكنه رسم على وجهه البرود قائلاً بسخرية.

=تمام، صدق اللي تصدقه بس اليوم اللي هتجيلى فيه بتعيط بدل الدموع دم علشان الحقك انت وبنتك بنت الحلال اعرف انى مش هز شعره واحدة من راسي و مش هدخل...
ثم تركه و غادر المكان كالاعصار و كامل جسده ينتفض بالغضب، بينما استدار عابد إلى ابنته يحتضنها بين ذراعيه قائلاً
=ايه اللي يخليه يقول كده عليكى...

شحب وجه هاجر لا تدرى بما تجيبه لكن انقذها رنين هاتفه الذي اخرجه من جيب جلبابه ليعقد حاجبيه فور رؤيته لاسم المتصل ربت على ذراع هاجر قائلاً
=هرد على التليفون ده و ارجعلك...
شاهدته هاجر يغادر باعين متلهفة قبل ان تلتقط هاتفها الملقى على الفراش و ارسلت رسالة إلى توفيق تخبره بكل ما حدث و تحذره من راجح مخبرة اياه بالا يرسل لها شئ هذه الفترة من ثم قامت بمسح جميع الرسائل التي تخصه من على هاتفها...

وقف عابد بالشرفة يتحدث بالهاتف الى اشجان
=يا ستي بقولك متلقحة فوق من امبارح، احلفلك بايه علشان تصدقى
هتفت اشجان برعب
=طيب ازاى، ازاي رجعها بعد كل اللي حصل بينهم، بعدين يا عابد انا كدة في مصيبة...
زفر بحنق قائلاً بنفاذ صبر
=مصيبة ايه، عملتى ايه تاني يا اشجان.؟!
اخذت تخبره بما حدث مع صدفة من محاولة اغتصاب اشرف لها و ضربها اياها، و هروبها منهم
هتف عابد بحدة.

=الله يخربيتك يا اشجان راجح لو عرف هيقتلك و يقتل ابنك...
همست اشجان برعب حقيقي
=طيب اعمل ايه يا عابد، انصحنى...
اجابها هو يتلفت خلفه حتى يتأكد من انه لا يوجد احد يستمع إلى حديثه
=لمى و هدومك و اطلعي على الشقة بتاعتنا اقعدي فيها لحد ما نشوف حل...
همهمت اشجان بالموافقة قبل ان تغلق معه و تسرع بتنفيذ ما اخبره به...
في ذات الوقت...

دلف راجح بوجه مقتطب و جسده يملئه الغضب إلى متجر السيارات الخاص بتوفيق مقتحماً مكتبه بحثاً عنه لكنه وجده فارغاً خرج منادياً على الشاب الذي يعمل بالمتجر يسأله بخشونة وعصبية مفرطة
=فين توفيق يا راضي...
اجابه راضي بارتباك و هو يراه بحالته الغاضبة تلك
=مش عارف والله يا راجح باشا كان قاعد هنا من شوية و مرة واحدة لقيته خرج بسرعة و ساب المكان من غير حتى ما يقولى اقفل امتي...

اومأ راجح برأسه و هو يدرك ان هاجر قد حذرته مما جعل السعير الذي يكوي اعماقه يزداد اكثر و اكثر
تناول احد قطع الحديد الموضوعة بجانب الحائط دافعاً راضي إلى الخلف قائلاً بشراسة
=طيب ابعديلى انت كده بقي...

تراجع راضي بخوف و هو لا يفهم ما يحدث لكن دب الرعب اوصاله فور ان شاهد راجح يندفع نحو احدى السيارات الجديدة المصفوفة داخل المتجر المعروضة للبيع ويقوم بضرب العصا الحديدية بزجاجها و هيكلها الخارجى مما ادي تكسير زجاجها و تدميرها هيكلها تماماً...
صرخ راضي و هو يندفع نحو راجح هو والعامل الاخر الذي يعمل معه هاتفاً بفزع
=بتعمل ايه يا راجح باشا مينفعش كده...
استدار اليهم راجح هاتفاً بشراسة و قسوة.

=اللي هيدخل ولا يفكر يقرب منى عليا النعمة لأهرسه تحت رجلى، ابعد يالا انت و هو...
تراجع راضي و الشخص الاخر إلى الخلف و قد دب الرعب بداخلهم من تهديده هذا بينما استمر راجح بتدمير سيارة تلو الاخرى يقوده غضبه العاصف الذي لو اطلق له العنان لأحرق الأخضر و اليابس و لا يترك خلفه سوى الدمار والموت...

فور ان انتهي من تدمير جميع السيارات وقف يتفحص الدمار الذي اخلفه و عروق عنقه تتنافر بينما يزداد وجهه احتقاناً من عنف و وحشية افكاره...
استدار إلى راضي الذي كان يقف باقصى المتجر بوجه شاحب و عينين. تلتمع بالخوف قائلاً بانفس لاهثة
=عرف اللي مشغلك ان اللي حصل ده جزء بسيط من الحساب اللي بنا، و انه لو مستخبى تحت الارض هجيبه، و هيدفع التمن و غالى اوى.

ثم استدار خارجاً و هو لا يعلم الى اين يذهب بكل الغضب الذي يشتعل داخل صدره...
في ذات الوقت...
وقف عابد يتطلع باعين مشتعلة بالغضب العاصف إلى وجه ابنته المحتقن و المتورم بشدة و الذي يظهر بها بعض الكدمات من اثر ضربات راجح لها قائلاً بحدة
=قوليلي ايه اللي يخليه يعمل فيكي كده مع انه عمره ما مد ايده عليكى ده بالعكس كان اكتر واحد بيدلع فيكى...

ابتلعت هاجر الغصة التي تشكلت بحلقها و هي تدرك ان والدها بدأ يشك بالامر لذا يجب ان تنقذ نفسها بالضغط على نقطة ضعفه والتي تعلمها جيداً انفجرت باكية قائلة بنشيج متقطع
=بيحاول يبرر لمراته يا بابا، صدفة راحت قالتله انى متفقه مع توفيق عليها و انها مخنتوش و ان انا اللي بعت الصور الوحشة دي لرقم الراجل...
لتكمل بانكسار مصطنع عندما رأت وجه والدها يتشدد بقسوة و ان خطتها قد نجحت.

=تخيل يا بابا صدقها و كدبنى، انا هعمل كده ليه اصلا، هي بتلبسنى مصيبتها علشان تطلع بريئة قدامه...
زمجر عابد من بين انفاسه المحتقنه
=يا بن. ت الكلب، بقى عليزة تلبسك. مصيبتها
ليكمل و هو يندفع نحو باب الشقة
= طيب و ربى المعبود، لأكون معلمها الادب و اعرفها تتبلى على اسيادها ازاي...

كانت صدفة نصف نائمة تحاول ان ترتاح بعد موجة الغثيان التي اصابتها عندما سمعت طرق حاد متتالى على باب الشقة مما جعلها تتحامل على نفسها و تنهض بتثاقل لكى تذهب وتفتحه...
لكن ما ان فتحته متراجعة الى الخلف بفزع عندما دلف عابد الراوى الى الداخل كالاعصار و الذي و دون اي مبررات قام بصفعها بقوة صفعة جعلتها تكاد ان تسقط على الارض...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة