قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الرابع عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الرابع عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الرابع عشر

عندما قام بقياس نبضه وجده مظبوط، قالت نايا بخوف ودموع تسيل على وجنتيها: - ابنى ماله! اديني أبني.
لم يرد عليها، فهو قلق مثلها، توجه به إلى المرحاض حتى يغسل وجهه، قالت من بين شهقتها: - أنت رايح بيه فين؟ أنا عايزه ابني.
-هو كويس، هفوقه متقلقيش.
تدخل توتا من الحديقه تتطلع إليهم وهي تضحك، هتف مهيمن بعصبيه: - أنتى بتضحكي واخوكى فاقد الوعي.
زاد ضحكها قائله بكلمات متقطعه لم أحد يفهمها.

نظر إليها بحده قائل بجديه، حتى تنهى ضحيج ضحكها: - بتقولي إيه؟ بطلى ضحك وأنتى بتتكلمي.
لم تقدرعلى التفوه، ظلت تضحك حتى زمجرت بين بطنها وصدرها، و لم تستطيع اخذ أنفاسها، رمقها بعين غاضبه، ثم قال بحده: - توتا اتعدلي، فيه ايه؟!

تعرفه جيدا عندما يغضب، حاولت أن تكتم ضحكتها وهي تقف انتباه، قائله: - اصل مستقبل نزل يسحف زي الشمبنزي، ودخل المطبخ نزل كل الأكل اللى في التلاجه، وفضل يأكل اللى عجبه، وكان طالع وأول ما شفكم عمل نفسه كده.
ثم انفجرت فيه نوبة ضحك من جديد، فهي كانت تشاهده من خلف الزجاج، يفتح مستقبل عينه قائل: - هصصصص.

ثم أخرج لسانه وأخرج صوت مصاحبه الرزاز، يمسح مهيمن وجهه، ثم يمسك بأنيابه على شفته السفله مخرج بها غاضبه: -يا ابن...
تربت عليه: - أوعى تقول على نفسك كده، ده هو البيبي ذاته.
أنزله على الأرض، قائل بضيق: - مشي الولا ده من قدامي.
يرفع مستقبل رأسه وهو يضع يده على أذنه: - هص، هص...

يمسك بوساده توضع على الأريكة يود ان يخبطه بيها، لكن طفل لا يتحمل، أمسكها بقوه يفرغ بها شحنة غضبه ثم يجلس قائل: - اتكلي على الله يا نايا.
يستيقظ وجود من نومه، ينزل من على فراشة يحبي، ثم يجلس أمام أعتاب أول السلم من فوق ينظر إليهم، نهض مهيمن متوجه إليه قائل: - أنت العاقل، تصدق بقى إنى مخلفتش غيرك.
تحمحت توتا بأعتراض على ما يقوله: - احم احم، نحن هنا.

يقترب إليها وهو حامل وجود، يضمها إلى حضنه: - والبت دي، اما اللي هناك ده معرفهوش.
حدقته نايا بغيظ وتقول لمستقبل: - أنت العسل كله سيبك منهم.

على الساعه الثامنه، نايا كانت تضع اللمسات الأخيره في تزين الحديقة، حتى تفاجأ مهيمن بحفل عيد ميلاده، عزمت فريده وشادي، دانيه وفادي وأنيس الذي أصبح شقياً، وهذا هو سبب جذب كل الناس إليه من حوليه، ونهال وحازم، الذي يبلغ من العمر عشر سنين، اصبح أقل كلاماً اكثر نضجاً، يسرق النظرات من العنيده والمتمرده، فالنظره في عيونها، تفقد عقله الوعي، فهي مثل النبيت الذي يسكره من سحر جمال عيناها.

دخل الجميع، وقامت نايا وزوجها بستقبالهم والترحيب بهم، ثم جلس الكبار على طاوله، والأطفال يلعبواً مع بعض، ويوجد أحد المتخصصين في الحفاظ عليهم، مهيمن قام بأحضار بلاي استيشن، نهضت نايا حتى تحضر العشاء، و ذهبت معاها دانيه و ظلت نهال و فريده مع الشباب يتسمرون.

تعمل نايا في المطبخ، كالفرشة الطليقه بانسيابيه، و هي تتندن بعض الألحان بسعاده، جلست دانيه على مقعد خشبي ثم وضعت رأسها بزهق على الرخامه، خذبت انتباه نايا، صمتت ثواني، ثم أقتربت إليها بتأفف: - وبعدين معاكي يا دانيه؟! اخرتها معاكي إيه!، حرام عليكي فادي تعب منك.

تسابقت دموعها بأحتضان وجنتيها، تكاد أن تدخل سباق، وكل حبه تتسارع في الهطول حتى تنال من الفوز، قائله بوجع داخل أعماق قلبها وهي تضع يدها عليه: - لسه يا نايا قلبي وجعني، مش عارفه ليه الإكتئاب والألم استمروا معايا، مع ان الدكتوره مأكده أن أول ما أولد كل حاجه هتتغير.

فهي الآن في موقف لا تحسد عليه تود أن تبوخها وفي نفس ذات اللحظه تريد أن تأخذها بأحضانها؛ فهي صديقتها بمثابة اختها، وهي تعرفها جيداً، لا تحب النكد، وطبعها شعنونة أكثر منها، اردفت بحنان قائله: - معلش يا دانيه، حولي طيب تفرفشي نفسك وتبطلي تفكير في اي حاجه تضايقك.

- والله يا نايا، الأيام دى ولا بحسس فادي بحاجه و على طول أهزر معاهم، أنا بحاول أضحك وأكون عادي، بس والله غصب عني، من ساعة ما حملت في أنيس مش قادره من الاكتئاب وحالة الأختناق اللى كل يوم بتزيد.
- دانيه انيس أبنك مهما حصل، حولى تطلعي الأفكار اللى في دماغك.

ارتفع صوت شهقتها، فهي تتهماها بأنها لا تحب أبنها، أجابتها بأعتراض: - والله بحبه، لكن أنا زعلانه من نفسي، مش بيبقى عندى لهفه عشان أشوفه، لو معايا أهو قاعد ولو عند فريده وماما ببقى عادى جدا مش بحس بفراقة وقلبي يتقبض عليه أنا بحس أنى مستحقش أكون أم، بحس ببرود معرفش ليه مع أنى بخاف عليه ليقع أو يتعور، بس طول ما هو فيه أمان حتى لو بعيد عني مش بفكر فيه، فاكره لما الدكتوره قالتلي ده اسمه اكتئاب حمل وممكن تكرهي البيبي، بس أول ما يشرف الدنيا هتحبي، أهو لسه أستاذ اكتئاب مشرف أعمل ايه انا؟

تجمعت العبرات في عين نايا، تأخذها بأحضانها تربت عليها، قائله بهمس: - أنا واثقه في حبك ليه، وعمري ما أشك لحظه، بس ده اسمه شيطان يا قلبي اللي بيصورلك كده، أنا بشوفك كويسه جدا معاه، وبتحبيه وبتخافي عليه كمان.
- يا سلام على الروايح اللى تفتح النفس.
ابتعدت نايا مسرعة عن دانيه وكل منهن يمسحن دموعهن.

لم ينظر إليهن، فكان نظره متوجه على الطعام، الذي يوضع على الرخامة، كالطاوس الذي يفتح ذيله يعرض ألوان الجذابه، وقف ينظر عليه بأعجاب ملحوظ وهو يستنشق رائحته بقوة، تقول نايا ممازحا: - شكلك مش بتعملى أكل.
تنظر دانيه إليه بأبتسامه، ثم تقول بنبرة رقيقه: - هو أنا اكلي وحشي؟
يرفع يده يعانقها من خلف المقعد، هامس بجوار اذنها: - طبعا لا، كل أكلك زي الفل.

ثم يرجع بجسده للخلف، يهز رأسه شمالاً و يساراً لنايا انه وحش جداً، تأخذ دانيه بالها، فتضربه بيدها على ساقه قائله بغيظ من بين أسنانها: - أنا أكلي وحش، شوف مين بقى هيعملك أكل تاني.
يضحك بصوت مرتفع وهو يمسك يدها قائل: - بهزر.
- هزر براحتك، بس شوف مين هتتعب نفسها بعد كده؟
- من غير ما أشوف، أكيد أنتى اللى هتعملي، لاني أنا واثق في نور عيني مش هتسبني من غير أكل.

قال أول جمله بثقه شديده وهو يضع يده اليسره داخل جيب البنطلون، بعد أن رمقته دانيه بحده، قال جملته الثانيه، وهو متصنع الخوف.
- رخم رخم
تحمحم وهو يحك طرف انفه، مغير الحديث: - قولولي، قعدين تنمو على مين؟
أجابته نايا وهي تعطيه ظهرها: - ولا بنم ولا حاجه بنحضر الغدا.
تدخل توتا وهي تقول بضيق: - نونو أبنك ده لو مالمش نفسه، والله هعلقه.

ترفع يدها تضعها على صدرها تتصنع الفزع: - لا، كله إلا أبني حبيبي اللى جيبلي الكلام دايما، هو فين وحشني ابن القرده.
يخرجون جميعهم وهم حاملين الأطباق، فتجلس توتا بعيداً ممسكه بالهاتف ويبدو على وجهه العبس، أقترب إليها حازم قائل: - قعده لوحدك ليه؟
تطلعت إليه بغيظ، ثم قالت: - وحضرتك حاشر نفسك ليه؟

فوجهه أحمر من أثار كلامها، الذي يشبه ثعبان ساام، ابتلع ريقه بصعوبه ثم انسحب من أمامها، عازم أن لم يتحدث معها مره ثانيه
تجمع الجميع على سفرة الطعام، ماعد توتا وحازم الذين يقف كل منهما يعطي ظهره للثاني، فتوتا بالفعل مازالت طفله تميل إلى الأطفال وتحب تلعب معهم، اما حازم يكتفي بالنظر عليهم، فهو غير جميع الأطفال لا يحب العب، وبعد فتره أنتهت الحفله في جو هزار وحب ونظرات أخاذه مصوبه بأحترافيه.

ارتمت نايا على فراشها بتعب: - يوم جميل جدا.
نام بجوارها مأكد كلامها: -فعلا والأولاد اتبسطوا.
أبتسمت ثم صمت تداعب أصابعها بتوتر
عقد ما بين حاجبيه مستغرباً: - مالك؟!
-اصل كنت عايزه أطلب منك طلب.
-ومن أمتى بيبقى حالك كده وأنتى لما بتكوني عايزه تقولي حاجه.
- بصراحه خايفه من رد فعلك.
أبتسم لها إبتسامه حنونة ثم أخذها بين ضلوعه: - طيب بلاش تقولي للشرير، قولي لحبيبك.

كيف تتفوه ببنت شفة بعد أن علمت جيدا ماذا يفعل وقت غاضبه: - طب توعدني لو اضايقت، تعتبر انى مقولتش حاجه ومتزعلش مني.
أومأ برأسه بتأكيد وحب، فدلقت من شفتيها ما تريد تقوله بسرعة البرق حتى لا تتراجع: - عايزه اشتغل.
انصدم لوهله، ثم أبعدها عنه بوجه مدعي الأبتسامه قائل: - أنا الحمدلله، وانتى اخبار صحتك ايه.
قال هذه الكلمات مغير مسار الموضوع حتى لا يفقد أعصابه عليها كما وعدها.

فهمت من أجابته رفضه القاطع، لكن رديت بصوت منكسر حزين: - كان في أختراع في دماغي، بس ما فيش مشاكل، اللى يريحك هعمله.
- لا ثانيه، انت قصدك تشتغلي في المعمل.
اومأت رأسها بحزن.
- موافق طبعا، ده مجالك ولكي حرية التصرف.
ردت بفرحه: - بجد.
- طبعا بجد، مستنى اختراعك، ومتأكد انة هيكون حاجه تهز العالم.
- فعلا، ده هيبقى عن...
وضع سبابته على شفتيها: - اختراعك لآزم اتفاجأ بيه عملي، ما أنتي عارفه مش بحب النظري.

- أوعدك إنك هتتبهر، ومصر هتستفاد من الأختراع.
-ان شاء الله.

استمر الوضع على ما هو عليه لمدة سنتين...

نايا تعمل بتجربتها بحماس، ولا يعلم أحد شئ عن تفاصيل ما تقوم به غير مدير المختبر، أما في بيتها أولادها جننوها أكثر ما هي مجنونة، وبالأخص مستقبل الذي ورث كل شقاوتها، وأضاف هو المقالب الذي يقوم بها دائماً، كل يوم قبل ان تنام تحدث والدتها بالهاتف تطلب مسامحتها أنها كانت تجننها مثل ما يفعلوا بها أطفالها، لا أحد يشعر بالمأساة إلا من فيها، اتخرجت فريده، لكن اجلت ميعاد عمليتها حتى تراعي أختها دانيه التي حملت جنينها الثاني، الذي غيرها، او بمعنى اصح، عادت روحها التي افتقدتها عندما حملت أنيس، الضحكة لا تفارق شفتيها وجهها سعيد، دائما تحدث جنينها، حتى مضى تسع أشهر أخرين، وكان عليها أن تضع وليدها الثاني، عندما داخلت غرفة العمليات أصرت تأخذ بنج نصفي، بعد أن نصها السفلي تخدر، رفعت اللممرضه قدم دانيه تعقمها كما عقمت جسدها، فقالت دانيه بأستغراب: - هي البت الممرضه رفعه رجلها ليه لحد فوق كده؟

ينظر فادي على قدمها التي تتشعلق بالهواء، ثم ينظر على وجهه يخبرها بتوضيح: - عيوني دي رجلك.
تحدق بذعر على قدميها قائله بذهول: - اه صحيح هي فعلاً، طيب اهرشلي في رجلي أصلها بتهرشني؟
عقد ما بين حاجبيه بتعجب: - أنتى حاسه بيها اصلاً؟
ردت بلهفه خوفاً على قدمها: - لا، هي رجلي حصلها حاجه!
أجابها وهو يضحك: - محصلش حاجه.
- امال مش حاسه بيها ليه؟
- عشان البنج يا عيوني.
بعد فتره تقول بزهق: - أقوم؟

- تقومي تروحي فين؟ بطنك مفتوحه.
قالها فادي بتعصب.
يتحرك طبيب التخدير، تمسك دانيه يده بسرعه وعلى وجهها علامات الخوف: - خليك جنبي وجودك مطمني، اصل اللى قاعد جنبي ده من أعدائي، وأكيد هيقتلني!
كانت تشار على فادي الذي فتح عينه بدهشه عقب كلامها، ضحك كل ما في الغرفة، حدث نفسه: - أنا مش عارف ليه سمعت كلامك وخليتك تاخدي نصفي.
ظلت تضحك من دون أي سبب قائله: - والنبي خلاص حد ينزلني من على المرجيحه دي.

رفع فادي حاجبه اليسار مستغرباً على ما هي تقوله من أثار البنج: - على فكره ده بنج مش هيروين.
- لو سمحت يا دكتور عايزه تشطيب فنادق.
قالتها دانيه وهي ترفع يدها اليمنى للطبيب.
نظر عليها الطبيب وهو يضحك: - تشطيب قصرور كمان.
اخيرا اخرج الطبيب الطفله، أخذتها باحضانها وظلت تبكي بحب، وشوق وحنان؛ لم تشعر بهم من قبل، برغم مولدها الأول الذي أتم من العمر أربعة أعوام، لكنها لم. تشعر بأحساس واحد من هذا الشعور.

خرجت من غرفة العمليات محتضنه أبنتها بعد أن البسوها ثيابها، لم تقدر عن بعدها ثانيه واحده، الجميع باركوا، و ظلوا بجوارها، فرحتها بأبنتها جعلتها ترفرف حتى السما، أبتسامتها ترتسم على شفتيها ووجهها، أقسم الطبيب بعد أن رأها في هذه الوضعيه إنها ليست من قام لها بالعملية، فهي كانت جالسه وترتدي ثياب خروج اشيك من جميع الجالسين معها بالغرفه، وحمرت وجهه من الفرح، تكاد تظهر عليه بعض مساحيق الجمال، تناست كل ألمها فور رؤية ابنتها الحبيبه، التي اسرت على تسميتها بنفسها، نظرت إلى فادي قائله بشغف وحب: - كارما تشبهلك أووي يا حبيبي.

رمقها بسعادة بالغه، فهي من أحبها، نعم هي دانيه، وجهها خالي من اي عبس صوتها المشاغب الذي يحمل نبرتها الحنونه إليه، فهي تضحك بلا أن تفكر بنكد، أقترب إليها أخذ يدها بين يده مقبلها حامد ربه على بعث حبيبته من جديد قائل بنبرة شوق تخرج من قلبه المشتاق: - ياااا يا دانية وحشتيني، وحشتني عيونك اللى فيها لمعة من كتر الضحك، وحشني صوتك اللى يشبه المزيكا، وحشني كل حاجه فيكي،.

عانقها بقوه يكاد أن يصحق عظامها قائلا بنبره هامسه حامل شغف سنين، هوائها ساخن لفح اذنها الهبت عروقها، فوجنتها طلت بالون الاحمر القاني بسبب حركاته الجنونية أمام أعين الجميع: - حمدلله على سلامتك يا عيوني.
فهو كان يقصد رجوع دانيته، وهي ظنت على إنجاب جنينهم، ردت بصوت مستحي خاجل: - الله يسلمك حبيبي.

أغمض عينه حتى لا يكون كل ما فيه حلم، حتى لو حلم يتمنى أن يحلم ويحلم حتى آخر نبضه داخل قلبه، لكن فاق على يدها الحنونة ناعمة الملمس على وجنتيه، قائله: - حبيبي الناس.
أبتعد عنها رغم عنه وهو مبتسم: - مبروك يا أم كارما.
قلبها تسارع في نبضاته، مثل سباق سيارات يحمل كل معاني الجنون.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة