قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الخامس

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الخامس

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الخامس

ألقت بهاتفها، ثم ركضت نحو صندوق القمامة، برعب تملك كل أوصاله
هتف شادي بعصبية: - الو الو.

لم يأته صوتها، أغلق الهاتف وأنحدر وهو يركض مسرعاً على الدرج، استقل سيارته متخذا مكانه أمام عجلة القيادة، أدار المحرك مسرعاً، لم يعرف أين سيذهب؟ لكن توجه نحو طريق جامعتها بأقصى سرعة، فكانت فريدة ممسكة بعض الحجارة، تقوم بقذفها على الكلاب الضالة المفترسة، فهي في موقف لا تحسد عليه، من قوة تحملها المنظر الذي أمام أعينيها، قذفت حجر تلو الآخر، حتى هربوا خائفين، ركضت بأقصى سرعة حتى أقتربت من صندوق القمامة، مالت تحمل طفل يجهش في البكاء، رفعته بحنان إلى حضنها فهو لاحول له ولا قوة، كانت الكلاب تنهش به بلا رحمة، ركضت به وهي تبحث عن سيارات الأجرة، لكنها لم تجد، أستمرت تركض سرعة وهي تنظر للطفل بوجع وألم وحزن، قلبها كاد أن ينفجر من صعوبة منظره الذي يملأه الدماء، يا لها من أم لا تعرف الرحمة يوما، تلقي بفلذة كبدها وقلبها، لوحوش لا تعرف معنى الرحمة ألا على فصيلتها وجنسها، فمن يتمنى ظافر طفل لم يجده، وهم يرتكبون المعاصي، والفواحش بكامل إرادتهم، وتكون الضحية هو الجنين، الذي لا يوجد له ذنب أن يكون بذرة نبتة سيئة.

كل هذا كان يدور داخل عقل فريدة.

بعد جدال كبير، أخذت وئام أنفاسها بهدوء، قائله بإصرار وصرامة: - لو سمحتى، ابعتي مدير المستشفى، وأنا أمضي على كلامي قدامه.
اومأت الممرضة رأسها بقلة حيلة، وهي ذاهبة برغم اعتراضها على كلامها.
وعندما حضر تحدثت وئام كثيراً، حتى تقنع بقرارها، هتف المدير بتأني بعد تفكير: - أنا موافق، وطبعا عشان أريحك،
وإن شاء الله ربنا يقومك بألف سلامة، بعد إذنك.

أغلقت عينيها بارتياح، لم تشعر به من قبل، حتى غفت في نوم عميق.

كان يمشي في أنحاء الطرق، عقله كاد أن ينفجر، بمجرد التخيل أن شىء ما حدث لها، حدق ببصره أمامه بذهول، فوجدها تركض، لكن ما الذي تحمله؟ أوقف السيارة متوجهه إليها؛ كانت دموعها تكاد تخفي ملامحها، هتفت بخوف على الطفل: - الحق يا شادي الكلاب أكلت البيبي.

نظر إلى الطفل بصدمة ثم افاق على كلمتها الأخيره أخذه منها، تحسس نبضه، فاطمأن عليه، ثم قال: - ماتقلقيش في نبض اركبي، ذهب إلى المشفى، متوجها على الفور بالطفل إلى حجرة العمليات. عبراتها لم تجف ثانية، كانت تتمنى ظافر طفل، فكيف عن أم أو أب يفعلون ذلك بهذا المسكين؟ كل ذنبه أنه ابن لكائنات بلا قلب ولا رحمة، فهم تجردوا عن أي مشاعر عندما باعوا أنفسهم بالرخيص.

بعد أن هدأ فادي من نفسه، ذهب إليها ضمها بين ضلوعه: - والله ما أقصدش أزعلك، أنا خايف عليكم، واحنا بقينا العصر، إزاي نستنى لحد بالليل وأنتى تعبانة كده.
رفع رأسها له ناظرا لمقلتيها بحب: - ايه رأيك أدخل معاكي وأنتي بتولدي مش هسيبك لحظة.
ثم رفع يده يمسح وجهها من كثرة بكائها، ضمته بشدة قائلة: - ماتسيبنيش.

ضمها بشدة، ثم قبلها على رأسها، وساعدها في تجهيز كل شىء، ثم دلفا إلى الخارج وهو يلقي عليها كلامه المعسول.

بعد ساعة من الزمن خرج شادي وهو يتصبب العرق، ركضت إليه بدموع ولهفة، قائله: - البيبي عامل إيه؟
رد عليها بسلاسة وهو يطمئنها: - اطمنى هي كويسة، و إن شاء الله هنعملها عملية تجميل، الحمدلله فقدت صوباعين بس.

قلبها انقبض خوفا عليها، هتفت وبداخلها نار تشتعل بكامل جسدها: - يا حبيبتى، هي اللى رمتها مافكرتش إيه ممكن يحصلها؟ الناس دى تعرف تغلط وترمى كده بالساهل، سبحان الله اللى عايز مش طايل واللى معاه النعمة يرميها للكلاب، حسبي الله و نعم الوكيل، أنا عايزة أشوف البيبي؟
أمسك يداها قبلها ثم يقول: - تعالى نروحلها العناية.

نظر لمعشوقته بشوق وهي بين احضانه: - بقالنا كتير ماقعدناش لوحدنا، وحشتيني يا نايا.
- وأنت أكتر يا روحي.
تعالى رنين هاتفها، أمسك مهيمن يدها قبل أن تأخذ هاتفها مرددا: - ماترديش، خلينا مع بعض شوية في هدوء.
رفعت رأسها وهي تنظر للهاتف قائلة: - دى دانية، ممكن تكون عايزة حاجة.
سمح لها بالرد، عندما أتاها صوت دانية، سمعت بكائها لتقول بقلق: - دانية في إيه؟ مالك؟

قالت من بين شهقاتها: - أنا بولد يا نايا، تعالى بسرعة مستشفى.
نهضت من فراشها مسرعة: - حبيبتى ربنا يقومك بألف سلامة مسافة السكة وأكون عندك.
- نايا عدى على ماما هاتيها معاكي.
- بس كده عيوني، اجمدي كده وامسحي دموعك، للولد يطلع مبوز.
ابتسمت رغم ألم جسدها وقلبها: - حاضر.
ثم أغلقت الهاتف.
تنظرت لمهيمن بإحراج، وهي تشبك يداها في بعضها، ربت على شعرها: - سمعت، وعارف عايزة تقولي ايه، يلا أوصلك.

- بجد يا روحي، يعني مش زعلان؟
هز رأسه بنفي، فقالت: - طب خليك هروح لوحدي، أنت مانمتش من إمبارح.
هز رأسه برفض وأسرار: - اتفضلي غيري هدومك.
هرولت حتى تصل لصديقتها في أسرع وقت.

نظرت فريدة بحب وهي تبتسم، تربت على أيدي الطفلة ثم نقلت نظرها لشادي بتساؤل: - هي عندها قد ايه؟
كان ينظر لها بحزن، فهو يشعر بكل ما في قلبها، انتبه عندما ألقت عليه جملتها: - تقريبا أسبوع، مش أكتر.
هتفت وهي تنظر للطفله بتملك: - أكيد ما اتطعمتش، عايزة أطعمها.
وضع يده على كتفها وربت عليها: - فعلا يا وردتي طعمناها.
نظرت له بتوسل ثم نظرت للطفلة، قائلة برجاء: - أنا عايزة اتبنى البنت، واكتبها على اسمي.

رمقها بصدمة، لماذا هو مستغرب؟ فهو كان متوقع ذلك من فتاة حرمت من نعمة الأطفال، لكن نطقها بالجملة الجمته، فكيف يرد عليها؟ هو ليس مستعدا على صدمها برأيه، فاق من شروده، وهي تمسك يده بقوة قائلة بتساؤل: - مالك يا شادي؟
نظر بعيدا وهو يعبث بيده بين خصلات شعره، ثم أغمض عينيه بقوة يستعد لنطق كلماته، ابتلع حلقه ثم نظر لها مرة ثانية، قائلا: - أنتى مركزة يا فريدة في اللى بتقوليه؟

أجابته بأستغراب و ذهول: - طبعاً مركزة.
- أنتى عايزة تتبني بنت، وتكتبيها على أسمى عادي كده؟
حدقت به بألم، فلماذا يرفض دائما أن
يجعلها تشعر بالأمومة، وأن تكون أم؟ فهو لثاني مرة يحرمها، فقالت: - و فيها إيه! نايا عاملة كده.

وقف كثيرا يبعد نظراته عن مقلتيها الذي تبث له كل اتهامات بالباطل، قطع صمتهما رنين هاتفه، أمسكه مسرعاً وهو يحمد ربه أنه أنقذه من عيونها، فابتعد عنها قليلا، ثم أجاب على فادي الذي قال بتساؤل: - شادي دانية بتولد أروح فين؟
بالغه بطمئنان: - تعال على المستشفى هنا، متقلقش هكلم دكتور كويس.
أغلق هاتفه ثم نظر لفريدة قائلاً بجدية: - ممكن نأجل الكلام في موضوع البيبي دلوقتى؟ دانية شوية وتوصل هتولد.

أومأت برأسها، وبرغم حزنها فقلبها يعلن عن بداية فرحة حقيقية.

وصل فادي إلى المشفى، اقتربت منهما فريدة تصافحهم، ثم دلفوا غرفة الكشف، وظل بجانبها ممسكاً يدها، تحدث الطبيب بعملية: - لازم نوقف الطلق، البيبي وضعه غلط في بطنها، ولو استمر الطلق البيبي ممكن يتخنق!
نزلت دموع دانية وضغطت على يد فادي قائله: - ابنى هيموت قلبي كان حاسس في حاجه هتحصل؟
ربت على يدها بحنان: - اهدى يا حبيبتي نفهم من الدكتور.
-مافيش داعي للقلق، هتولدي قيصري.

رد فادي بقلق على شعنونته: - أهم حاجة عندى هي تبقى كويسة.
- اطمن هي والبيبي هيبقوا بخير.
ثم خرج الطبيب وأمر بتحضير غرفة العمليات.
نهضت دانية وهي تبكي، أخذها في عناق حنون: - يا عيونى متخفيش، هتبقوا كويسين إن شاء الله.
وقفت فريدة بجوارها تقول بنبرة تشبه البكاء: - دانية والله هعيط أنا كمان بس بقى.

جففت دموعها و خرجوا من غرفة الكشف، اقترب منهم شادى قائلاً بهدوء بعد ما تفهم وضعها من صديقه الطبيب: - دانية ده فتح بسيط خالص، متقلقيش مش هتحسى بحاجة.
تدخلت الممرضة في حديثهم قائله بابتسامة تملأ ثغرها الوردي: - يا مدام اطمني أنا جايبة اتنين والله قبل كده، واهو حامل في التالت، وبولد قيصرى كل مرة.

دخلت نايا تركض هي وسوسن وخلفهم مهيمن يمشى بهيبة وثقة، أخذت سوسن ابنتها في أحضانها، ثم نقلت عينيها لفادي متسائلة: - مالها بتعيط ليه يا فادي؟
- هتولد قيصري، و من ساعة ما سمعت كده مبطلتش عياااط، أمسكت نايا يداها تربت عليها: - هتولدى وهتقومى بالسلامة، وهتجيبيلنا ولد زي القمر شبهك.
وقف الطبيب بجانبها يطمئنها: - مدام دانية لو سمحتى، الوضع مش محتاج لخوف ولا توتر.

جففت دموعها وهي تفكر في سبب تقنع به نفسها قبل أقناعهم وتقول: - أنا مش خايفة من العملية، أنا زعلانة على بطني اللى مش هترجع زي الأول.
الطبيب وكل من معها، نظروا لها بأستغراب على تفكيرها، فهذه هي مخاوفها! لماذا كل هذا الهراء؟ تحدث الطبيب بضيق من كلامها وبحدة: - طب أحب أقولك بقى، أنتى هتدخلى أوضة العمليات، وهتعملى عملية، وبطنك هتتفتح سبع طبقات.

ضحكوا جميعا ماعدا فاديك احتضنها بشدة وتألم عليها، ثم نظرلها وجدها تضحك قائله: - أنا مش بخاف يا دكتور.
ثم أكملت بحزن متسائلة: - بس بطنى هيبقى فيها ترهلات.
أجابها الطبيب بغيظ: - لا يا مدام دانية، لو هو ده اللى تاعب نفسية حضرتك، ممكن نعمل شد.
قالت وهي تبتسم: - طب يلا نتوكل على الله.

قالت كلامها الأخير وهي تدعى الابتسامة حتى تخفف من قلقها، لكن قلقها يزداد كلما تقترب ساعة الولادة، فقلبها أصبح يقرع مثل الطبول هتفت بصوت مرتعش: - عايزة جوزي يدخل معايا.
أمسك فادي يدها بقوة: - أنا وعدتك مش هسيبك.

أومأ الطبيب لها بالموافقة، وتركهما ليحضرا نفسهما للعملية ثم دخل فادي غرفة تعقيم، و دانية تغير ثيابها، ودخلا غرفة العمليات كانت نائمة على فراش متحرك ممسكة بيده، والجميع في انتظارها بالخارج يدعون لها.
^
ذهبت فريدة إلى مكتب زوجها حتى تنهى حوارهما، طرقت الباب ثم دلفت قائله: - ها قلت ايه؟
نظر لمقلتيها وقرأ كل ما بداخلها، لكن ما باليد حيلة، نهض من مقعده، وقف أمامها قائلا بهدوء: - فافا التبني حرام.

تجمعت عبراتها معلنة بثورة كبيرة داخلها، هتفت بصوت عال: - ما مهيمن كاتب توتا باس...
قاطعها بهدوء: - يا حببتي، مهيمن كاتب بالتبني يعنى معروف إنها مش بنته.
ازدردت ريقها، قائله بترجي: - طب عشان خاطرى يا شادي خلينى أربي البنت، عمرى ما هنسالك الجميل ده، لو بتحبني يا شادي اكتبها على اسمك بالله عليك.

فقد أعصابه وأبلغها بقوة: - فريده بقولك حرام، وأنا مش هعمل حاجة حرام، عايزه تربيها ربيها، بس مش في بيتي كمان، عشان نفسيتها ونفسيتك ونفسيتي متتعبش لما تكبر.
ردت عليه بعصبية وحدة: - ونفسيتنا كلنا تتعب ليه؟

جلس ثم وضع رأسه بين يده يهدئ من نفسه ثم رفع رأسه قائلا بهدوء: - عشان مش هخليها في البيت أول ما تكبر، عشان حرام تقعد معايا في بيت واحد، ومش هيبقى ليا الحق إنى اخدها في حضنى، مش هيبقى ليها هي الحق إنها تكون بحريتها قدامي، مش هيكون ليكى أنتى الحق تقعدى براحتك في البيت قدامها، وبكده فهمتي نفسيتنا كلنا هتتعب ليه؟
أمسكت يده وهي تحاول أن تفهمه أو تقنعه بوجهة نظرها: - بس أنت هتبقى زي أبوها.

- اديكى قلتى زي، و أنا مش هقبل أدخل عيلة مش من صلبي البيت، والكلام في الموضوع ده منتهي.
ثم وقف وأعطاها ظهره، تلألأت عيناها بالدموع، راكضة إلى خارج المكتب.
قلبه اعتصر من دموعها، لن يتحمل أن يتخلى عنها وهي مجروحة، ركض خلفها ممسكا بيدها. طالعته بحدة وهي تقول بعصبية: - لو سمحت عايزة أبقى لوحدى.
رفع يده يهدئها ثم أومأ لها برأسه، وقف بعيدا عنها، وقلبه يكاد أن يتقطع عليها، لكن لم يقدر بفعل شىء حرام.

بعد ما أخذت دانية البنج، قالت بعدم تركيز وهي تنظر لفادي باستغراب: - انت مين؟
ضم فادي ما بين حاجبيه: - أنا جوزك.
قالت بنبرة غريبة لم يسمعها من قبل وهي تصطك بأسنانها الأمامية على شفتها السفلى: - ماتجيب بوسة.
حمحم الطبيب ثم حثه على المواصلة موضحا: - إحنا في أوضة العمليات.
حركت رأسها ناظرة حولها، ثم أمسكت يد الطبيب: - أنت مين؟
- أنا الدكتور اللى هولدك.
هتفت بنبرة عالية: - ماتجيب بوسة.

حدّجه فادي بنظره قائلا: - دانية ايه اللى بتقوليه ده!
نظرت لزوجها: - أنت مز أووي، ماتجيب بوسة.
قهقه الجميع عليها
بعد دقائق حدقت عينيها باستغراب: - انتوا مين؟
- اهدي يا دانية شوية، ثم قال لطبيب التخدير: - ماتديها بنج خليها تفصل.
رد عليه الطبيب بعملية: - اللى هي فيه من آثار البنج، هزود الجرعة عشان تنام.
طب الحمدلله انكم متعو...
قاطعته دانية و هي تمسكه من ثيابه، ثم جذبته لها، قبلته أمام الأطباء والممرضين.

أبعدها بلطف، وجدها نامت، حاوطها بيده بحنان، ظل يناجي ربه أن يحفظها.
اخرج الطبيب الطفل، ابتسم فادي بفرحة وأخذ قلبه يرفرف بمولوده الأول، لم يدقق النظر به ولم يأخذه، فهو وعد زوجته لم يبعد عنها ثانية، أخذت الممرضة الطفل إلى غرفة الكشف حتى يطمئنوا عليه اولاً.
بعد أن فاقت دانية وضعت يدها على بطنها شعرت بالجرح، حركت عينيها وجدت فادي بجانبها، قالت بتساؤل: - فين ابنى؟ أنا عايزه ابنى.

قبلتها سوسن بحرارة: - حمدلله على سلامتك.
اقتربت نايا: ثوانى ويكون عندك، هو فوق لسة بيعملوله حاجات.
اقترب فادي من وجه دانية: - حبيبتى أنتى سقعانه؟
كان ارتعاش جسدها يهز السرير بقوة مثل الزلزال.
هزت رأسها بنفي قائله: - عايزة ابني.
قبلها على رأسها: - هروح أجيبه.
توقفت فريدة عن البكاء، ومسحت وجهها بظهر كفها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة