قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثالث عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثالث عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثالث عشر

جلست على المقعد، وضعت يدها على وجهها تبكي بحرقه، ندمت بشده؛ حين أدركت ما تفوهت به من اتهامات جارحة لحبيبها الذي تحبه بجنون، لم يتحمل بكائها، جلس أمامها ناظرا بنظره بعيد عنها، محاولا أن لا تتلاقى أعينهم، يأخذ أنفاسه بصعوبه، ثم ينظر إليها ممسكاً بهم، قائل بنبره هادئه يكسوها الألم: - ممكن تهدي؟
رفع وجهها إليه، مجفف لها وجنتيها التي أصبحت وردية اللون، تقول بين شهقتها: - طب عشان خاطرى ياشادي وافق.

نظر يسارا وحاول أن يلبي طلبها رغماً عنه، اومأ برأسه بالموافقه بصعوبه وثقل، مسحت عبراتها وقرفصت في مقابلته تقول بفرحة عارما: - بجد.

شعر بتخبط بين جدران عقله، نهض ثم رحل من أمامها شعر بالذنب والحرمانيه ظل يجوب الشوارع حتى يهدأ من روعه، رأى بيت من بيوت الله، دلج بالداخل بخطوات ثقيله، محملاً فوق ظهرة من الحمول التي يصعب على أحد حملها، جلس حتى يشكي همومه واحزانه لربه، وبالصدفه وجد الشيخ أبراهيم الذي كان يعالجه في يوما ما، عندما تقابلت الأعين حاول الشيخ النهوض بصعوبه، فتقدم نحوه شادي بخفة السهم وابتسامة صافيه، يمسك يده يجلسه ويجلس بجواره، قائلا بعد ترحيب: - عم ابرهيم، وحشني يا طيب.

أجبه بلهجته الصعيديه بسرور ووجهه بشوش كعادته: - وأنت أكتر ياولدي، أخبار الدنيا معاك اية؟
نظر للأرض يجيبه بضيق، وبنبره مخنوقه: - متلخبطه ومدياني ضهرها.
أجابه بصوته العجوز المتفائل: - أياك يا ولد تيأس من رحمة ربنا، وتفقد الأمل في الله عز وجل، طول ما النفس داخل خارج جول يارب، واشتكى للي خلقك.
رد بخذي وخجل من نفسه: - مكسوف منه يا عم إبراهيم.

- أوعاك تظن بالله، فالله يحب عباده التوابين، مش عيب أنك تغلط، المهم تقف وتجول أنا غلطت يارب سامحني.
لمعت عيناه بالدموع، ربت عليه: - جول وفضفض يا ولدي، يمكن تلاجي حلك عندي، أنا عجوز أه بس لسه فيا العقل، وخبرتي من الدنيا مش قليله، وياما شوفت منها.
رمقه بستغاثه، وأخبره بصوت متحشرج ضعيف كل ما مر به مع زوجته، وانتهى بتنهيده حاره: - كده أنا غلطت يا عم إبراهيم أني مش عايز أعمل حاجه حرام وأخد ذنب.

وقبل أن ينطق العجوز؛ صدح الأذان بقول الحق الله أكبر، الله اكبر قام بضعف، فنهض شادي يسانده فيقول له وهو يشار بسبابته الذي مر عليها الزمن وأصبحت مجعده مرتعشه: - الله بيناديلك، تعالى نلبي نداء المولى سبحانه وتعالى وأستغفره كتير، فالاستغفار له سحر عجيب، كتير من العباد غافل عنه، فكل بني أدم خطاء، وحلك عندي بعد الصلاه.

ابتسم وتوجه إلى مرحاض الجامع وتوضئ ونقى نفسه بالوضوء، ثم أدى فريضته، وحين أنهى قص عليه عم إبراهيم الحل، شكره بكل امتنان، وقد شعر أن الله وضعه امامه، حتى يرسى على بر الأمان، صافحه بكل حب، وتركه ثم توجه إلى بيته، وجدها كما هي على حالتها منذ أن تركها، تبكي بحرقه، حزينه، لم يعطيها رد بالتأكيد، رفعت عيناها ونظرت له بعتاب ولوم على أنصرافه وتجاهلها، كانت نظراتها كالسهام تطعنه في قلبه، لم يتحمل كل هذه الطعنات، تشجعت وقالت بصوت هامس ضعيف، لا تقوى على اخراجه، متسائله هل وافق حقا، هز رأسه بالنفي، تقدمت نحوه تترجاه بأن يوافق، خرج عن شعوره وصاح بصوته بالرفض، احتد بشده النقاش بينهما، سمعت سوسن صوتهما المرتفع؛ نزلت مسرعه من غرفتها قائله: - خير يا حبيبي مالكم؟!

غمض عينه قائل بحزن: - تعالى شوفي فريده بتتهمني بأيه يا ماما؟ وعايزاني اوافق على أية؟
أقتربت إليها بحنان: - مالك يا بنتى؟
أجابتها والدموع تنزل من مقلتيها مثل انحدار الشلالات: - أنا عايزه أجر رحم احط فيه البيبي، وشادي رافض.

يزفر أنفاسه بقوه وهو يرجع شعره إلى الخلف بعصبيه من أتهامتها له من غير وجه حق قائلا بما أبلغه به الشيخ: - أنا قولت حرام، تحبي اجبلك الفتوى اللي بتقول حرام، عشان تصدقى وتبطلى اتهاماتك اللي بالباطل.
فسوسن نفسها تسعد أبنتها، وتحقق لها ما تتمنى به، لكن عند الوصول للحرام فهي لا تريد أن تغضب ربنا، فقالت لها بهدوء: - شادي ياحببتي عنده حق، أنا نفسي أنك تفرحي، بس ميكنش فرحتك دي على حساب أنك تغضبي ربنا؟

قاطع حديثها ونظر شادي لزوجتة مؤكد على حديث والدتها، وقال موضحاً بعمليه، ومن الناحيه الشرعيه: - عشان ممكن تكون اللي اخدت النطفه يحصلها اجهاد، ووارد تحمل بعدها على طول بجنينها وبالتالي إحنا مش هنصدق إنها سقطت أبننا، وسبب تاني، ممكن يفشل الزرع وإحنا منعرفش وهي يكون عندها مبيض متلقح وتحمل، وهي وإحنا نفتكر أن الجنين أبننا، فلما تولد إحنا هناخده وهيبقى فيه اختلاط نسب، ثم أخذ هاتفه أفتحه على الفتوى وقال: - بس تصدقي في طريقه مش حرام.

نظرت إليه وكل حواسها منتبه تسمع: - ايه؟
أجابها بتهكم: - لو في رحم ضرتك، بيقال عادى، لأن حتى لو فشل هيبقى البيبي من صلبي.
قال آخر كلمة مأكد على حروفيها
تنهضت ناظره إليه بهجوم وغيره: - أنت بتقول أيه! لا طبعا، أنا مستحيل أوافق أن حد يشاركني فيك؟ أنت ليا أنا وبس؟
رفع حاجبه الأيسر، قائل بانتصار: - يبقى ننسى كل التخاريف، وأنا هنسى أو هتغاضه عن اتهامك ليا.

صمتت سوسن تفكر في أمر ما، ثم تسائلت بعفويه: - طب التبرع بالرحم، مش حرام؟
صح!

نعم هي الأم تود أن تسعد أبنائها دائما، ولا تتحمل ترى بهم أي مكروه، أجابها بهدوء وعمليه: - أيوه مش حرام، لأنه عباره عن عضو بيحمل بداخله الجنين، التبرع بالمبيض أو الحيوان المنوي هو اللى حرام، عشان بيكونوا حاملين الجينات الوراثية للأم والأب، ولما كانت الفرصه بين أيدى عملتها ليها وفشلت، ممكن أفهم في أيدى إيه أعمله واتأخرت عنها؟
ردت بتسأل: - طيب لو واحده سنها كبير ينفع تتبرع لها؟

أجابها وهو يأخذ أنفاسه بضيق: - ينفع أي سيده الرحم عندها بحاله جيده، سن المستأصل مش بيفرق معانا، أهم شئ اللى هيتزع ليها الرحم سنها من 22 ل 35.
ابتسمت سوسن بسعاده قائله: - يعني ينفع أنا اللي أتبرع، كده مش هيكون في أي حرمانيه؟
اصدرت فريده شهقه: - لا طبعا يا ماما، مستحيل أخد جزء منك واتعبك.

تجمعت العبرات داخل عين سوسن قائله: - وأني أشوفك كده تعبانه ومحرومه، مش تعبانه؟ أنا مش هستحمل أشوفك بتتعذبي قدامي كده يافريده، أنا يهمنى سعادتك يا بنتى، والرحم أصلا مش لزمني، أنتى لو طلبتي قلبي مش هستخسره فيكي.

تنهض فريده مقبله يدها، ثم تأخذها في احضانها وهي تنظر لشادي، ينظر إليهما بحده قائل: - اعملوا اللى انتوا عايزينه، أنا مليش فيه براحتكم، عشان بعد كده متهمش إنى أنا اللى رافض وأناني، قال كلامه و انصرف في الفور.

يخرج أنيس من المرحاض، يركض بدون ملابس يقفز فرحاً وجسده يتصبب الماء من أثر الأستحمام، تركض خلفه دانيه، قائله: - يا ولد، خد هنا جننتني، تعالى البس هتبرد.
يصعد على منضدة الطعام بنشاط وطاقه قائل: - ماما هص هص.
تجلس على الأرض تتصنع البكاء: - اخ يانا منك، أنا خلاص تعبت.

نزل الصغير ينظر عليها بقلق، وجدها تبكي، ركض عليها بحنان حتى يمسح دموعها، فجأته بأنها تبسط يدها حتى تتمكن من المسك به، لكن رد فعله أسرع من يدها، ركض سريعاً، مطلق عنان ضحكات مصاحبه بصرخات بها سعاده مثل العصفور الحر، نهضت تركض خلفه: - خد هنا يا ولا.
قفز على الأريكة، عندما رأها تقترب منه، نزل مسرعاً، كان هيرتطم بالأرض، لكن يدها أمسكته بسرعة البرق، قائله بحنان: - حبيبي ينفع كده كنت هتقع؟

ظل يتحدث بعبرات غير مفهومه، حملته ودخلت به غرفة نومها، ألبسته ثيابه وحاولت ان تنيمه في احضانها، وصل فادي المنزل بعد يوم شاق ومتعب، بحث عليهما، وجدهما تحت الغطاء قائل بمزح: - اه قلبي، بتعملوا إيه؟
رفعت الغطاء قائله: - بنيم إبنك الشرس ده، اللى مغلبني وراه طول اليوم، كل العيال تستحمي تنام، إلا ده بياخد باور زياده.
قفز أنيس خارج الغطاء بطفوليه: - بابي.

مال إليه أخذه مابين يده ويظل يطيره في الهواء بسعاده تغمر قلبهم، ثم ناظر إليه قائل: - تعرف أنك أنت الراجل الوحيد اللى بسمح ليه يلمس دنيتي، وطبعاً رغم انفي، استنى بس كمان سنه ومحدش هيشاركني فيها، هنتطرد بره.
يرفع يده يطلب منه أن ينزله، وذهب داخل حضن والدته يقبلها قائل: - ماما أنا، هصصصص.
قهقه على أفعال صغيره قائل: - الواد بيغظني.
تحاوط صغيرها الرضيع، قائله بضحك: - بس حرام عليك، هو يفهم حاجه.

رد وهو يبدل ثيابه: - ده يفهم الكفت ذاته!
ظلت دانيه تضحك على أفعال زوجها الذي يغار من صغيرهم، عندما أقترب منه مره ثانيه، وجده نائم، تقدم عليه حامله، ثم يتركه من الجنب الآخر من الفراش، قائل بهمس وهو يغمز لها: - اخيراً!
يستلقي بجسده على الفراش، ثم يضع يده بخصرها اخذها بحضانه، يقوم أنيس يزج يده و ينام في النصف، ويقوم يزجه واحده واحده حتى وقع على أرضا، فأردف بغيظ: - أعمل في أمك إيه أنا بس؟!

- وأنا مالي ياخويا أنت وأبنك اتصافوا مع بعضكم!
قالتها وهي تضحك، وبرغم مرور سنتين، مازالت على وضعها تحمل داخل قلبها المرار والألم، ويتزايد مع الأيام.

بعد عناء يوم طويل من المجهود والتعب على نايا، أدخلت أطفالها إلى الفراش، تحكي لهم بعض الحكايات بالطريقه المسرحيه وصوت ضحكاتهم ترتفع حتى غفوا في ثبات النوم، أو هي معتقده ذلك، نهضت قبلتهم، ومشيت على أطراف أناملها، حتى خرجت من غرفتهم، دلفت حجراتها منتظره حبيبها الذي يكاد أصبح مجنون من أفعالهم، استقلت فراشها تفكر، فهي لم تفعل أي شئ بعد إنجاب أطفالها، قررت تتحدث مع مهيمن أن يسمح لها بالعمل في المعمل، فهي دكتوره مجتهده وتستطيع بأنجاز كثير من التجارب والأبحاث، استمعت أزيز سيارتة بجوار الفيلا، انتبهت جميع حواسها، حتى فتح الباب الحديدي وتأكدت أنه حبيبها، هرولت مسرعه من على الفراش تنظر إليه من النافذه حتى تملئ عيناها بهيبته وجماله الساحر، فهو يسحر عقلها، ويسكره كالخمر، فالنظر إليه يسلبها عقلها فيجعلها تنسى ماحدث لها من مشاغبات ومشحنات أطفالها المتعبه، لكن تعب اللذيذ الذي يثير الأدرينالين في عروقها بغزاره، مخلوط معه جرعات مكثفه من الحب والأمان، فهم سندها، تستمد منهم قوتها مهما يحدث، فتح الباب الخشبي ثم دخل، لكن أول ما قدمه لمست البيت اصبه الدهشه والتعجب من كثرة الألعاب، يكاد قنبله انفجرت، وبعثرتهم في كل مكان، ظل ينظر يميناً وشمالاً بخوف، ثم همس بصوت منخفض ينادي على معشوقتة مطمئن عليها إنها مازالت على قيد الحياه من أفعال أطفاله بها: - نايا يا نااايا، هما عيالك عملوا فيكى إيه؟

حاول أن ينير أضاءة غرفة الهول، لكن لا فائده، في أقل من ثانيه سمع صوت فرقعات، وأشياء تتساقط على رأسه، فكان أطفالهم يندثوا خلف العمود، قامت توتا بأشعال النور، و قفزوا عليه وهم يصرخون بفرح وسعاده
انتفض فزعاً من أفعالهم، ورجع للخلف خطوه قائل: - الله يخربيت جنان أمكم.
نزلت نايا بذهول تركض على السلم، قائله: - في ايه؟ ايش جاب سيرة امهم؟!
هتفت توتا بصوت مرتفع: - يالا يا أولاد، وان تو ثري.

هتف وجود ومستقبل بحروف ناقصه ومتعتعين وهم يقتربا إليه: happy birthday Baby-
مسك قلبه وهو يأخذ أنفاسه، قائل: - أنتى لسه بتسألي فيه إيه! بعد الخضه دي، دوري على تربه وصوتي عليا، ثم وقع على الأرض متصنع الموت، مستقبل و وجوده انقضا على جسده، قائل مستقبل بالكنه طفوليه غير متقن الأحرف السليمه مصحوبه بالدغه، وهو يلعب في أعينه: - ده مث بيبوت!

اما وجود نام على صدره وظل يربت عليه بحنان، هتفت توتا بمشاكسه: - بابا مااات، بينا على الخطه التانيه.
فتح عينه فجأه! رمقها بذعر، مسرعاً من أفعالهم الشيطانيه: -أنا عايش، هتعملوا فيا إيه تاني، حرام عليكم.
ثم وجه نظره لنايا الواقفه تضحك على منظره، مما فعل به صغاره قائل: - أنا عمري ما خوفت، غير من عيالك.

أقتربت منه، جلست بجواره تربت عليه بطريقة كوميديا: - معلش يا حبيبي، عشان تعرف أنا أخر النهار ببقى تايهه ليه.
نظر إليها قائل بهمس حتى لا يسمعوا اطفاله القرود: - أنا هقوم، هنجري على طول، لازم نوصل الأوضه بسرعه قبل ما يلحقونا
تغمز له بطرف عينيها بصوت غليظ: - ماشى ياريس.
نهض مسرعاً، قفز على كتفه مستقبل قائل: - ثلي ثلي.
يمسك بيد نايا، قائل: - خليكى جنبي ليكلني الولا ده.
ردت وهي تضحك: - في ضهرك يا كبير.

مال حمل وجود، ثم توتا قفزت على ظهره بسعاده، حملهم جميعاً، ودلف بيهم غرفتهم، أنزلهم على الفراش، ثم رقد بجوارهم أخذهم وعانقهم بين ذراعيه مثل الصقر الذي يأخذ أطفاله تحت جناحيه بحنان، خوفاً عليهم من أي خطر، حين شعر الأطفال بالأمان غاصوا في نوم سبات، قام بهدوء ذاهب إلى غرفته، كانت تنتظره بلهفة المشتاق، عندما وقعت عينيها عليه، تقول بحب: - ياااااه، كل ده، اخيراً!

يمسك بالوساده يضربها بخفه قائل: - واطي صوتك، ما أنتي فاشله مش عارفة تنيميهم.
ردت بلا مبالاه: - المهم أنهم ناموا، تعالى بقى نحتفل يا روحي أنا.
قالتها و هي تقترب إليه تزغزغه، أمسك يدها الإثنين مقربها له قائل: - تعالى نشوف مين بقى اللى بيغير؟
أطلقت عنان ضحكتها: - لا لا بغير.
- بث، بابا، ماما، اغير.

كان صوت مستقبل وهو يستقل فراشهما، نظر إليه مهيمن بدهشه وذهول، ثم نظر لنايا وهو يتركها ويضع يده على ذقنه، قائل: - احيه!
أزدردت ريقها بصعوبه، و هي تتطلع إليه وتقول بسخريه وهي ترفع أصبع يداها السبابه وتحركهما يمياً ويساراً: - امممم أنا اللي فاشله؟!
أمسك شفته السفلى بأطراف أسنانه بقوه، ثم قبض يده بغيظ وضرب الجدار بعنف، حين شاهده الطفل شعر بالخوف.

قالت نايا بهدوء محاوله امتصاص غضبه: - اهدى ليحصلك حاجه، هروح أنا اتاويه.
دلف إلى المرحاض قائل وهو يغلق الباب بتحذير: - روحي يا نايا، ومش عايز أشوفك أنتى كمان.
حملت صغيرها الذي يشبها، فهو يرث منها كل جنانها، وتهورها، ومشاغبتها، قائله له وهي تداعب وجنته: - دايما كده جيبلي الكلام.
نظر إليها الطفل بذعر، وخوف، ونام في حضن أمه.

لازالت تجلس فريده بجوار امها بقلب حزين قلق، فهو من وقت ما تركهما لم يجيب على هاتفه، حاولت العديد الإتصال به، كان يجلس بالمشى ينظر إلى الهاتف بأهمال، فكان قلبه يتمزق إرباً وهو يستمع ضجيج هاتفه ولم يرد عليها، لكن هي دائماً تشك به، كيف لا تعلم أنه يعشقها لحد الجنون، نهض وأنصرف إلى فيلته بوجه عابس، عندما داخل البيت، تركض إليه تحضنه معتذره عن كل ما تفوهت به: - أنا آسفه، لما بتعصب مبعرفش الكلام إزاي بيطلع مني؟

لم يبادلها الحضن، ولم يخرج يده من جاكته، همس والمراره بحلقه: - لأنه بيطلع من قلبك، هو ده اللي في قلبك ليا؟
حركت رأسه بنفي نافيه ما قاله بأصرار: - لا والله أنا بحبك، بس الموضوع مأثر عليا.
قالتها بكسوف من نفسها، فهي تتحامل عليه كثيراً، أجابها بجمود ووجه خالي من أي مشاعر: - خلاص يا فريده حصل خير.
تبتسم وهي تضع يدها بين خصلات شعره: - طيب أضحك.
رد بجديه: - أاه عشان تبقى عارفه، مش دلوقتي العمليه هتتعمل؟

حاولت أن تقاطعه وضع صبعه السبابه على شفتيها قبل أن تتفوه ببنت شفة مكمل كلامه: - لأنها هتفشل زي اللى قبلها، لآزم يكون مش عندك انميا، وجسمك يستحمل، يعني على خمسه وعشرين سنه على الأقل، واهو يبقى خلصتي الماجستير.
ترفع أصابع يدها تعد وهي حدقه عينها، ثم تتطلع إليه، وهي ترفع يدها بسنتين، أومأ رأسه بتأكيد، قائل: - بالظبط كده.
ردت بأبتسامه صفراء: - بسيطه، أصبر.

تقوم سوسن تحضنها: - خلى ضحكتك بقى تنور وشك، ونركز في مذاكرتنا، ومشروعك اللي ماشاء الله بقى فيه أطفال كتير، وأنتى لسه مش شبعانه منهم.
ردت بأبتسامه تظهر سعادتها وهي تتحدث عن الأطفال: - يجننوا يا مامتي، هما اللى بيفتحوا نفسي للحياه كل ما ابصلهم، وبالأخص چيسي العسل بزياده.
- ربنا يسعدك يا بنتي ويفرح قلبك بضناكي.
-اللهم امين يا مامتي.

صباح مشرق بيوم جديد، تخرج نايا من غرفة أطفالها تمسك بظهرها، فلم تنام بأرتياح طوال الليل، رأت مهيمن خارج من الغرفة الرياضيه، رمقها بغيظ، أبتسمت وهي تقترب إليه، قائله بدلع: - صباح الخير يا بيبي.
رد بتأفف: - صباح ضرب الليله.
أبتسمت بمشاكسه وتغمز له قائله: - هتتعوض.

نزلا على السلم، وهي واضعه يدها بيده، فجأه رأه مستقبل واقع على آخر درجتين، قدمه للأعلى ورأسه للأسفل، ترك يدها، ثم ركض حامله يقيس إليه نبض رقبته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة