قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع عشر

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع عشر

- ف، ف. فهد.
عندما سمع أحرف اسم فهد، انتفض من جانبها، يكاد أصبح مثل موجة تيسماني، وتذكر حينها ما تفوه به حازم، فكان محق بهذا الفهد العين، قائلا بأعلى نبره وهو يتجه للباب: - دى ليلة اهله سوده.

عندما رأت جيوش غاضبه تستعد لحرب، سقطت مغشيه عليها، قبل أن يغلق الباب سمع صوت أرتطمها بالأرض رجع إليها بخوف وقلق حملها على فراشها ظل يفوقها، حتى افتحت عينها، الذي كسوها الرعب من نظرات أبيها، الذي تكاد تحرق كل شئ من حوله، شعر برجفتها، بخوفها، رفع كفيه على وجنتها بحنان أب، أصبح وجهها كله بين يده، بعد أن جفف دموعها وظل ينظر عليها، لم تتحمل نظراته طأطأت رأسها بكسره، قال اسمها بصوت وهن هادئ به حزم: - توتا، مش عايز أشوف الرهبه اللي في عيونك دى مني تاني، وأياكي عينك تنكسر قدام أي حد في الوجود، توتاااا، ارفعي عينك في عيني، عايزك قوية شرسه تقدري تدفعي عن نفسك مهما كان الموقف، لازم يبقى عندك رد فعل قوي، أوعى خوفك يسيطر عليكي وتقولي اللي قدامي أقوى مني مش هقدر عليه، اعزمي القوه حتى لو تصنع، ساعتها اللي قدامك هو اللي هيخاف، الحلبه ميقفش فيها اتنين أقويه لازم واحد يكون قوي يرعب اللي قدامة، من بكره هتنزلي تمارين تديكي سرعة بديهه، تخليكي تعرفي اللي قدامك بيفكر في إيه؟ تعرفي الضربة هتجيلك فين؟ أول ما يستعد انه يهاجم، حتى قبل ما هو نفسه يعرف الضربة هتصيبك فين؟ اتفقنا يا روح قلبي.

اومأت رأسها التي تستقر بين كلوة يده، نهض مبتسماً ثم قبلها على جبينها قائلا: - وأنا هجبلك حقك.
- بابا، أنا، أسفه.
قالتها وهي تبكي بندم، تتمنى أن كانت سمعت كلام أمها وأبيها، ولم تحدثه في يوم.

جلس بجوارها مره ثانيه قبل يدها بعطف، ثم اخذها بحضنه كالصقر الذي يأخذ فروچه تحت أجنحته، أرجع ظهره للخلف وهي داخل حضنه، حتى هدأت وغفت، نهض من فراشها بخفه وخرج على غرفة أخوانها الذين يجلسون يضحكون مع بعضهما، دخل هتف بغضب: - قوم يا حيلتها منك ليه، لما أختك واحد سافل يفكر ينتهك عرضها، متبقوش انتوا رجاله، اللي يفكر يلمس طرف من أختكم تساوا بيه الأرض.
رد وجود بعدم فهم وتساؤل: - بابا فيه إيه؟

مسكهما من ثيابهما قائل بحده: - ورايا.
- حضرتك تقصد أن حد اتعرض لتوتا، ورب الكون لشقه نصين، مين اللي لعب في عداد عمر اهله وبيقرب لبنت مهيمن الزناتي.

قالها مستقبل وهو في حالة عصبيه شديده، تفوق عمره، نعم هو يمازح كثيراً ويضحك، لكن هو من صلب مهيمن، الذي لا يقفل له جفن حتى يأخذ بتاره، صعدوا السياره وكل منهم داخله صراع من الغضب، حتى وصلوا لفيلا اسماعيل البنهاوي، مستشار قانوني ونائب برلماني، دخل من بوابة الفيلا في وسط حرس البنهاوي، ينزل من سيارته قائلا بنبره قوية: - أبنك لو مش عارف تربيه، أنا اربهولك يا بنهاوي بيه.

نهض البنهاوي من مجلسه بغرور وهو يغلق چاكت بدلته: - كويس أنك جيت يا مهيمن باشا كنت ناوي اجيلك بنفسي، أبني ازاي يطلع من بيتك متكسر.
- طب كويس أن وفرنا على سعادتك المشوار، واحمد ربنا أنه طلع فيه نفس، عشان لو كان حد مننا كان موجود، كان طلع على قبره.

قالها وجود بصوت به حده واستهزاء بمن يقف أمامه، لم يرد عليه ووجهه كلامه لمهيمن بعصبيه بالغه: - إيه اللى بيقوله أبنك، شكلك معرفتش تربي أبنك يتكلم إزاي مع اللى أكبر منه؟
- عيال مهيمن متربين اووى، الدور والباقي على ابن معاليك، اللى بيدخل بيوت الناس، ورجالتها مش موجودين، بص اخر كلام عندى، أبنك هيتعاقب على اللي عمله مع بنتي ويا تعاقبه، يا اخواتها ياخده حق أختهم.

أخاف على أبنه من تهديده الصريح، حك مأخرة رأسه قائل بستفهام: - ايه اللى بتقوله ده، مش لما أعرف أبني عمل ايه لكل ده؟
- معنديش وقت ارغي، بس أبنك لو يلزمك يمشي من جمهورية مصر العربية كلها، وصدقني هيكون ربنا كتبله عمر جديد، بس لو لمحته أنا أو اخواتها متلومش غير نفسك.

ثم تركه مهيمن من غير سلام، بعد أن قال كلامه بهدوء قاتل، وقف البنهاوي يغلي من أفعال أبنه الضال الذي جلب إليه الضغط والسكر، ويكاد أن يجلطه، هو يعرف مهيمن جيداً، لم يستهون بتهديده، اتصل على الأمن الذين ذهبوا مع أبنه إلى المشفى حتى يجبس كسوره، قال بحده: - تطلع بفهد من المستشفى على باريس، هحولك كل ورقه على هناك.
- علم وسينفذ يا فندم.

تدخل مدام اسماعيل البنهاوي سيدة الأعمال الشهيرة، تقول بكل ثقه وهي تزفر دخان سجارها في الهواء: - هو فهود عنده رحله.
نظر إليها بشمئزاز، فكل منهم تزوج الثاني من البدايه للمصلحه، رد عليها بنبرة غيظ: - ما طول ما الهانم مش مركزه غير في النادي والشبنج، والشغل، هتعرف إيه عن أبنها المتدلع ومبيفكرش في تصرفاته.

- يوووه، كلام بتاع كل يوم، أوعى تنسى نفسك، أنت من غيري ولا حاجه، أنا اللي عملتك وخلتك مستشار ونائب، لولا بابي كنت هتكون لسه في اوضتك اللي في الحاره.
صفعها بقلم قوي على وجنتها مردد: - إبنك يا هانم مهيمن وعياله هيقتله، ياترى هتفوقي أمتى وتنتبهي أن ليكي إبن، هو مش ذنبه أن يكون ليه أم زيك، فوقي بقى لأبنك وركزي قبل ما يروح مننا.
هتفت بسرعة وخوف على أبنيها: - ومهيمن وعياله مالهم ومال أبني.

- ده اللي تعرفي من أبنك، مهيمن حكم عليه يا يهاجر يا هو يتصرف معاه.
- طيب أنا هعمل إيه من غيره، ده ميعرفش يقعد لوحده، أتصرف يا اسماعيل، أنا هتحرم من أبني بالحياه، أتصرف اعمل حاجه.
- خلص الكلام يا شهيره، وعلى فكره أنا اللي عملت نفسي وبنيت نفسي، لو مكنتش استحق المكانه اللي أنا فيها، أبوكي عمره ما كان هيكون وسيط من البدايه، وهو ممدش إيده لله في لله، اخد أضعاف المصالح من وريا...

تقاطعه حتى تتفوه، لكن قاطعها بحده: - هشششششش، خلص الكلام ما بينا، أنتى طالق يا هانم يا سيدة المجتمع.
حديثه أنزل عليها مثل صاعقه من السماء تركت كل العالم وصبت بها كل شحناتها الكهربائيه، من قليل خسرت ثفقه كبيره وبعدها مهيمن حكم على بعد أبنها الوحيد من أمام أعينها، وأنتهى اليوم بطلاقها، مهما لا يوجد حب بين الطرفين، الطلاق أقوى صدمه لاي أمرأه مهما تظاهرت بالقوة.

دخل الفيلا مع أبنائه قائلا بلغة امر: - على اوضتكم.
رد مستقبل في استحياء: - بابا مش عايزك تزعل مني.
رفع يده يداعب شعره، مع إبتسامه مستعارة: - مش زعلان اتفضل على اوضتك.
ذهبا الاخوان في صمت مع بعضهم حتى وصلا غرفتهما.

جلس مهيمن بتعب تجولت عينه على كل شئ من حوله، يشعر أن الأيام قد اقسمت على تحطيمه، إلى متى سيظل الزمن يلقي عليه احماله، مشاكل تليها مصائب فوق راسه، لقد أصابه الشقى والتعب من أفعال زوجته، فمتى يهدأ ثورانها؟ لقد أصاب الأسد العجز مبكرا وانحنى من كثرة حمل الهموم، متى تحن عليه الأيام وتذوقه من شهدها؟

نظرت عليه من شرفتها، شعرت بحاله تمنت أن تنزل تأخذه في عناق حميم، لكن هي تعلم أن زوجها عنيد شديد الغضب في ثورانه، فقررت أن تبعد حتى يهدأ الثور من هيجانه.

لم يستلقي بجانبها في فراشاً واحداً فكان هذا أشد عقاباً لها هجران فكان هذا يمزقها، فهو اختار أشد أنواع العقاب، كان ينظر حتى يناموا أطفاله في فراشهم ليلاً، ثم يصعد إلى غرفه أخرى ينام بمفرده، حزينا فهو يعاقب قلبه قبل ان يعاقبها.

بعد مرور أربع ايام، باب منزل فادي يدق في الفجر، تقوم دانيه بفزع: - مين اللى بيخبط بدري كده؟
ينهض ليرتدي تيشرت: - متقلقيش، هروح أشوف مين؟
فتح الباب وجد الطارق ظابط وعسكري، يقول بلهجه رسميه: -خير!
رد الظابط: - حضرتك فادي محمد نور الدين.
- أيوه أنا، خير؟
- أبنك عمل حادثه إمبارح، وهو فيه المستشفى.
- أبني! ازاي؟

قامت دانيه بقلق، ركضت إلى غرفة أطفالها، وجدت أبنها نائم بفراشة في أمان قبلته بحنان، ثم ارتدت إسدالها، وتوجهت إلى الباب وعلى وجهها الدهشه والتعجب: - ايه اللى حضرتك بتقوله ده!؟ أبنى نايم في سريره.
- و الله اللي مكتوب عندى أن إبن رائد فادي محمد نور الدين عامل حادث وموجود في المستشفى .
- تمام أتفضل أنت.
قالها فادي بلامبالاة، أنصرفا الظابط في الحال، ثم نظر لدانيه: - طيب ادخلي، وأنا هروح أشوف فيه إيه؟

تمسك يده بضيق توقفه: - أنت ليه ملهوف على الولد وعايز تنزل؟ هو أنت متجوز عليا؟ وكمان معاك إبن منها!؟
عقد ما بين حاجبيه بذهول من أتهامها: - أنتى بتقولي إيه؟!
وجدها تنظر إليه بحده وأتهام، زفر أنفاسه بقوه: - عشان ترتاحي مش هروح.
شعرت بنقباض قلبها، أدت إلى نغزه قويه داخله، وعلى أثرها وضعت يدها على قلبها وردت بصوت مخنوق: - لا هتروح، لكن أنا هكون معاك، اتفضل.
-هتنزلي كده؟!
اومأت رأسها وهي تربع يدها.

- طيب العيال؟!
- هتصل على ماما تيجي تقعد معاهم، وهي معاها نسخة من المفتاح، ها عندك اي حجه تاني؟
نظر إليها وجدها كالنمرة الشرسه تريد أن تنقض عليه بكل شراسة، فحاول جاهداً يتجنبها، ثم هز رأسه بلا.
- اتفضل يلا.
- تمام اتفضلي.
اتصلت بوالدتها، ردت سوسن عليها بقلق، طمئنتها وأبلغتها أن تذهب إلى منزلها حتى تجلس مع صغارها.

ظل مهيمن الأربعة أيام السابقه، لم يتناول معهم وجبة الغداء، لا يتحدث مع أولاده كثيراً، لم تجد نايا لهفته عليها في عينه، ولا صوته، فهو قام بمعاقبتها سابقاً، لكن كانت تسمع صوتة وهو يسأل عليها دميانه، كانت تشعر في صوتة بالشوق، أما هذه المره، ابتعد عنها بمشاعره، بكيانه وليس بجسده، لكن اتضح إليها، البعد بالمشاعر أصعب من بعد المسافات، بعاده كان يشعرها بالشلل، سمعت صوت باب غرفة مهيمن ينفتح، فتحت بابها عازمه على الحديث معه، دخلت خلفه غرفة الرياضة قائله: - ممكن أتكلم معاك؟

لم ينظر إليها ولم يعطيها اي إهتمام، ثم ينام على الأرض يمارس رياضة الثبات وضع بها كل تركيزه، شعرت بالأهانة انهمرت دموعها على وجنتيها بحرارة، نهض بهدوء توجه إلى جهاز الركض قائل بلامبالة اوحتى يلتفت إليها: - اتفضلي هاتي اللي عندك.
شعرت في تلك اللحظة بضيق بصدرها ولم يتبقى غلاوة في قلبه لها، تسابقت دموعها في الهطول كالامطار في ليل شتاء قارصه، ارتفع صوت شهقتها وضعت يدها على شفتيها: - خلاص شكرًا.

أمسك زجاجة المياه جانبه بين قبضة يده قائل قبل أن يغادر الغرفة تركها بمفردها: - مش عارف أقول ليكي إيه بصراحة، حتى شفرتك مبقتش عارف افكها.
قفلت باب الغرفة بقوة بعدما أنصرف، جلست بالأرض تصرخ بها، فأنها غرفة عازلة الصوت لم أحد يسمعها، لكن قلبه يسمعها ويعتصر الماً عليها، فهي تضع نفسها بمواقف لا تحسد عليها.

وصلا فادي و دانيه المشفى، وجدا الطفل نائم ببراءة، ووجهه يوجد به كدمات، ويده يلتف عليها الجبس.
شعرت دانيه بعدة مشاعر مختلفه واخرها بأنهيار حصونها، لم تعرف مصدرها.
أقتربت إليه لا ايرادياً تكاد ان تكون مسحوره او مشدوده له بلاوعي أو نائمه تنويماً مغناطيسيا، جلست بجواره ممسكه يده بعطف اموي، مقبلة كف يده بحنان، ظلت الدموع حبيسه متحجره في مقلتيها.

نظر فادي على الطفل الذي يشبه كثيراً، وكان يتمنى أن الأرض تنشق وتبتلعه قبل ما زوجته تصدر عليه اي اتهاماً، ثم نظر للطبيب: - هو ليه قال ان أنا أبوه؟!
- الولد من ساعة ما جه وهو في غيبوبه.
أردفت دانيه بتساؤل وشك ينبنى روايدا روايدا: - امال عرفتوا من فين أن فادي ابوه؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة