قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقة الليث للكاتبة روان ياسين الفصل الرابع عشر

رواية معشوقة الليث للكاتبة روان ياسين الفصل الرابع عشر

رواية معشوقة الليث للكاتبة روان ياسين الفصل الرابع عشر

بمصر
في منتصف الليل
هرولت داخل المشفي تسأل عن الغرف التي تقبعن بهن والدتها و مريم، وصلت للطابق المنشود هي و ليث و عمار لتجد مرام تجلس بأخر الطابق و هي تبكي بصمت و بجوارها رامي بحالة رثه، حثت السير نحوها و هي تقول بلهفه:
- مرام!
نظرت نحوها مرام بسرعة و ما لبست حتي أنتفضت من جلستها قائلة ببكاء عنيف:
- رُسل!
قطعت المسافة التي بينهما لتلقي بنفسها بين أحضان شقيقتها، أحتضنتها رُسل بحماية هامسة:.

- أهدي يا مرام!
ظلت مرام بين أحضان شقيقتها لدقائق ثم أبتعدت عنها لتسأل رُسل بألم:
- ماما و مريم عاملين أية؟!
أجابت بصوت متحشرج:
- الحمدلله النزيف وقف عند مريم!
= و ماما؟!
سألت بتوجس ل تُجيب مرام بحزن:
- حالتها مش مستقرة!
أخذت نفس عميق ثم أطلقته بعمق، قالت و هي تربت علي كتفها:
- روحتي جبتي اللي قولت عليه؟!
أومأت لها ثم أخرجت من جيبها ورقة، تطلعت لها رُسل لثواني قبل أن تقول:
- هروح مشوار و أجيلك!

كادت مرام أن تسأل لكن رُسل سارعت بالرحيل، ذهب خلفها ليث، أوقفها قائلاً بصرامة:
- اللي عايزة تعمليه دلوقت هيوجع جوز أختك أكتر ما هو موجوع!
توقفت هاتفه بغضب:
- ليث لو سمحت متدخلش!
ألصقها في الحائط، قال بصرامة:
- لو غلط اللي بتعمليه أكيد هتدخل، علي الأقل أستني شوية!
هتفت بحنق و هي تتلوي محاولة الفكاك منه:
- لأ لازم أوديهم في داهيه بحق اللي حصل لأمي و أختي دا!

= و أنا مش هخليكي تمشي، الناس دي زي ما قدرت تعمل في أختك كدا تقدر تأذيكي!
- و أنا مش خايفة!
= بطلي شغل الجنان دا، أخواتك و مامتك محتاجينك!
- و أنا بعمل كدا لمصلحتهم و لو سمحت بلاش تجادل في حوار عقيم لا هيقدم و لا هيأخر!
تطلع لها للحظات بغضب ثم أبتعد عنها لتسارع ب الخروج من المشفي، ركل الحائط بعنف و هو يصرخ جازاً علي أسنانه:
- غبية!
= ليث!

أستدار ليث ليجد إياد يقف أمامه و قد حلت الدهشة علي ملامحه، قطب ليث جبينه و قال:
- أنت بتعمل أية هنا يا إياد؟!
= أنا هنا مع مرام، و بعدين أنت نزلت من أمريكا إمتي!
- تاني كدا معلش، هي البنت اللي أنت قولتلي أنك خطبتها هي مرام؟!
= اه في أية بس؟!
- مرام دي تبقي أخت عمار يا إياد؟!
= نعم، إزاي يعني؟!
قالها بصدمة ليزفر ليث و يبدأ بقص كل شئ عليه!

بصباح اليوم التالي
جلست راوية هي و بناتها في منزلها يتأكلون خوفاً، هتفت سُمية بقلق:
- تفتكروا رامي ممكن يبلغ عننا؟!
= مظنش أحنا برضو أهله و هيخاف علينا!
تمتمت بها سهير بهلع، دق الباب بعنف لينتفضن من علي مقاعدهم بفزع، نظروا لبعضهن ثم تقدمت سهير لتفتح الباب، شهقت بصدمة عندما وجدت قوة عسكرية تقف علي الباب، هتف أحد الضباط:
- فين راوية ناجي و سُمية و سهير فهمي؟!
أبتلعت ريقها قائلة بتوجس:.

- أنا سهير فهمي، و أمي و أختي جوه!
أشار الضابط للقوة التي معه قائلاً بصرامة:
- خدوهم!
أندفعوا لداخل الشقة جارين راوية و سُمية بالقوة وسط أعتراضهم و صياحهم، مصمصت إحدي الجارات التي خرجت من منزلها لتري لما هذا الصراخ و الصياح فمها متشدقه بشماته:
- أحسن، كانوا بيستقوا علي خلق الله و جه اللي يلمهم أهه!
صرخت راوية بإنفعال:
- أوعي كدا سيبني يا عم!
هدر بها الضابط بخشونة:
- يلا يا روح أمك منك ليها أحنا هنستعبط؟!

خرجوا من باب المبني لتتسع أعين راوية هي و بناتها عندما رأوا تلك التي تستند علي سيارتها و تبتسم بشماته، أزاحت نظارتها الشمسية و أقتريت منهن، قالت بنبرة باردة و هي تربت علي كتف سهير:
- قلبي عندكوا يا جماعة!
أقتربت أكثر من راوية و قالت بجانب أذنها بنبرة تشبه الفحيح:
- أنا لسة لغاية دلوقت ما خلصتش حق أختي و أمي المرمين في المستشفي بسببكم، عموماً لما هتروحوا السجن هتعرفوا يعني أية اللعب معايا!

رمقتهم بنظرة كره خالصة ثم أستدارت مستقلة سيارتها و قد تقلص وجهها بغضب!

= مدام مريم حالتها بقت مستقرة الحمدلله بس..
هتف رامي بلهفه:
- بس أية يا دكتور؟!
قال الطبيب بأسف:
- الرحم متضرر جداً بسبب الإجهاض الهمجي اللي أتعرضت له و للأسف صعب أنها تحمل تاني!
صاحت رُسل بفزع:
- أية، يعني مش هتعرف تخلف يا دكتور؟!
= و الله يا أنسة هو مش مستحيل بس ممكن مع العلاج المكثف تتحسن حالتها!
أومأت له بشرود ثم قالت:
- طب ممكن أدخلها؟!
= أكيد بس يا ريت بلاش تتعبوها!

لم يرد عليه رامي حتي بل أندفع لداخل الغرفة ليجدها مستلقيه علي السرير تنظر أمامها بشرود، جلس بجانبها، قال و هو يقبل يديها بلهفه:
- حمدلله علي سلامتك يا حياتي!
دلفت رُسل هي الأخري بعدما شكرت الطبيب ببعض العبارات، هتفت بمرح و هي تجلس بجانب مريم من الجهه الأخري:
- حبيب قلبي اللي جرجرني علي ملا وشي من أخر بقاع الدنيا!
أبتسمت لها مريم بشحوب لتأخذها رُسل بين أحضانها قائلة بحب أخوي:.

- كدا تخضيني عليكي يا ميرو دا أنا و الله كنت قاعدة في الطيارة علي نار، كنت عايزة أقول للطيار بسرعة ياسطا شوية!
فلتت ضحكة من مريم ليقول رامي بإبتسامة مشرقة:
- كويس أنك جيتي يا رُسل عشان تضحكي مريم!
= و كويس برضو أنها جت عشان تطلقني منك!
تشدقت بها مريم ببرود ليشحب وجه رامي سريعاً من تلك الجملة التي قالتها، قطبت رُسل جبينها قائلة:
- مريم، متاخديش قرارات وقت ما أنتي متعصبة!
أردفت مريم بنبرة فاترة:.

- أنا في أهدي أوقاتي دلوقت يا رسل!
قال رامي و هو علي وشك البكاء:
- مريم، أنا مليش ذنب و الله بس أنا أسف يا حبيبتي، أرجوكي يا مريم بلاش تطلبي مني طلب زي دا و أنتي عارفة أن الموت عندي أهون، أن، أنا هبعد عنهم و هقاطعهم خالص و الله عشان اللي حصلك أنتي و إبني، بس متبعديش عني!
تشدقت بألم:
- للأسف يا رامي مش هقدر أكمل معاك و أهلك هما السبب في موت أبني اللي مشافش النور!
كاد أن يتكلم لتمنعه قائلة بصرامة:.

- يا ريت تخرج عشان عايزة أرتاح!
طالعها بحزن لوهلة ثم نهض من علي مقعده، خرج من الغرفة لتقول رُسل بهدوء و هي تنهض هي الأخري:
- رامي راح بلغ عن أهله يا مريم، أختارك أنتي عليهم ف ياريت تفكري كويس قبل أي خطوة!
ثم ذهبت تاركه إياها تفكر في كلامها...!

طالعها بنظرات غامضة، ف تلك الفتاة صعب فهمها!
أردف بهدوء:
- لية قولتي ل مريم أن رامي هو اللي راح بلغ؟!
حركت بؤبؤي عينيها من علي والدتها المسجاه علي ذلك السرير و متصل بجسدها العديد من الأسلاك و الإبر، قالت بشجن:
- رامي صعب عليا الصراحة، أنا عارفة أنه بيحب مريم ف حاولت أني أغير رأيها!
تنهدت ثم قالت:.

- مع أني كنت علي طول بتدايق منه لكن دلوقت عارفة و متأكدة أنه ضحية زيه زيها، أه أهله ناس وحشين بس هو بصراحة شخص محترم جداً!
أرجعت ناظريها لوالدتها و هي تفكر فيما مضي و ما سوف يحدث، خرج الطبيب من غرفة والدتها لتتجه نحوه قائلة بلهفه:
- أية الأخبار يا دكتور!
قال الطبيب بأسف:
- القلب كل شوية يقف و حالته صعبة جداً، مرضها ب القلب مأثر علي حالتها جامد، و للأسف هي مش قدامها كتير!

تقلص وجهها بألم و قد أحست ب المكان يدور بها، ترنحت قليلاً ليسارع ليث بإمساكها هاتفاً بقلق:
- رُسل!
أمسكت بياقه كنزته جيداً ثم قالت بضعف:
- أقدر أدخلها يا دكتور؟!
أومأ لها الطبيب بهدوء لتزيح يد ليث عنها و هي تتقدم للباب ببطئ!
جاءت مرام هي و إياد ب تلك اللحظة لتسأل بلهفه:
- الدكتور سمحلنا ندخلها؟!
هز ليث رأسه لتسارع هي بفتح الباب لاحقه ب رُسل، وقف إياد بجانبه، تشدق بتوجس:
- الدكتور قال إية يا ليث!

أجاب بجمود:
- بيقول مش فضلها كتير!
أغمض إياد عينيه بأسف ليخطو ليث تجاه الغرفة و تبعه إياد، جثت رُسل بجانب السرير قائلة بأعين دامعه و هي تمسك بيد والدتها:
- ماما أنا عارفة أنك سمعاني، حبيبتي فوقي أنا عايزة أتكلم معاكي!
ثواني و فتحت حميدة عينيها ببطئ لتتهلل أسارير مرام و رُسل، غمغمت حميدة بتعب:
- رُسل، أختك عاملة أية؟!
مسحت رُسل دمعة هاربة من عينيها و قالت:.

- بخير الحمد لله يا ماما، بس طمنينا عليكي يا حبيبتي!
تساقطت دموع حميدة و هي تقول بصوت متحشرج:
- مش مرتاحة يا بنتي، مش عايزة أموت و أنا سيباكم من غير ضهر و سند يحميكم، أنا عارفة مريم أكيد هتبعد عن رامي و هو حتي مش هيكون معاكم!
هتفت مرام بهلع:
- بعيد الشر يا ماما، أنتي إن شاء الله هتتحسني و هتبقي صحتك أحسن مني أنا شخصياً!
قالت جملتها الأخيرة بمرح أختلط ببكائها، قبلت رُسل يدها و قالت بمرح و بكاء:.

- جرا يا حميدة ما بلاش جو الدراما دا لحسن أنا دمعتي قريبة!
هتف إياد فجأة بمرح مصطنع و هو يتقدم من السرير التي ترقد عليه حميدة:
- أنتي بتشككي في نوعي ك ذكر إنسان يا طنط، و بعدين يا حبيبتي أنتي إن شاء الله هتخفي و تبقي أحسن، و لو علي مرام أنا مستعد أغلط و أتجوزها وقتي عشان خاطر عيونك!
أبتسمت حميدة بشحوب و قالت:
- بجد يا إياد يابني؟!
مال بجذعه مقبلاً يدها ثم أردف:
- بجد يا ست الكل!

= و أنا هنا بنفسي يا حميدة هانم عشان أطلب من حضرتك رسمي إيد مرام ل إياد و رُسل ل ليث!
ألتفتوا جميعاً ل تلك الوافدة ليجدوا ناريمان تقف بآخر الغرفة و هي تنظر لهم بشموخ، هتف إياد بصدمة:
- ماما؟!
تقدمت ناريمان من حميدة و هي تقول بإبتسامة لطيفة:
- أنا ناريمان الرفاعي والدة إياد و ليث، أية رأيك يا حميدة هانم في عرضي!
قالت حميدة بأعين تغشيها الدموع:
- موافقة بس عندي طلب واحد، كتب الكتاب يتم هنا، قدامي!

ربتت ناريمان علي منكبها و تشدقت:
- اللي تشوفيه يا حبيبتي!
تطلعت ل إياد بصرامة قائلة:
- روح هات مأذون يا إياد حالاً عشان كتب كتابك علي مرام و، ليث علي رُسل!
قالت جملتها الأخيرة و هي ترمق ليث الذي بانت إمارات الغضب علي محياه بتحدي، أومأ إياد بسرعة ثم نهض حتي يأتي ب ذلك المأذون!

- بارك الله لكما و بارك عليكنا و جمع بينكما في الخير إنشاء الله!
هتف المأذون بتلك الكلمة و هو ينهض من علي ذلك المقعد الحديدي بهمه، نظرت رُسل بأعين دامعه ل ليث جامد التعابير ؛ فهي الأن أصبحت زوجته شرعاً و قانوناً لكنه إرضائاً لوالدتها التي علي فراش الموت!

أما الأخر ف كان يغلي من الغضب، ف كيف لوالدته أن تزوجه هكذا عنوة كما كانوا يفعلون مع الفتيات ب القدم، هو لن يستطيع أن يعلق فتاة به و خصوصاً رُسل و قلبه توجد به أخري!
قالت حميدة بضعف:
- أنا وافقت عشان عارفة أن إياد شاب محترم و أكيد أخوه ميتخيرش عنه ف يا ريت تحافظوا عليهم زي عنيكم!
ردد إياد بتأثر:
- أكيد يا طنط!
أبتسمت حميدة بشحوب ثم أغلقت عينيها تدريجياً بإستسلام!

طالعتها كلاً من رُسل و مرام بقلق ليصدح ب لحظتها صوتت صفير مزعج من أحد الأجهزة معلنة توقف عضلة القلب عن الخفقان!
صرخت رُسل بعدم تصديق:
- ماما، ماما لأ متمشيش ماما!
بينما الأخري لم تتحمل الصدمة و وقعت مغشياً عليها ليلتقفها إياد سريعاً صائحاً بفزع:
- مرام!
أصبح المكان يعج ب الفوضي ممرضين هنا و دكاترة هناك يحاولون إنعاش عضلة القلب من جديد و قد أخرجوهم من الغرفة، ضربت رُسل علي الزجاج قائلة بهيستيريا:.

- لأ بقاااا لأ، يا ماماااا فوقي!
دقائق و بدأوا بالإنسحاب من الغرفة مطأطأين الرأس لتشعر هي حينها بإنسحاب روحها، همست بتعب و هي تترنح:
- لأ ماما!
ثم سقطت بعدها في هوه عميقة ألتقفتها برحابة صدر..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة