قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العشرون

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العشرون

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العشرون

فتح عينيه بتمهل ومازال النعاس متمكنا منهما رمش بأهدابه عدة مرات فى محاولة منه للإعتياد على ضوء الصباح المتخلل من الشرفة ليشعر بها أثناء ذلك وهى متوسدة صدره أخفض عينيه لتلك الفاتنة التى مؤكدا وحتما آسرت كيانه وجعلته ملكية خاصة لها وحدها، رآها مستيقظة وتنظر له بخضراوتين متوهجتين بسعادة عارمة لم يرَها عليها قبلا وابتسامة خلابة مرتسمة فوق شفتيها المكتنزتين اللتين أفقدتاه عقله ليلة أمس ولم يصل منهما لحد الإكتفاء وكيف يكتفى منهما وهما بهما إكسير حياته فبمجرد الشعور بملمسهما فقط يجعل بداخله مزيجا من عدة مشاعر لتوه أختبر الشعور بها لينهر نفسه على كل يوم حرم نفسه منها ومن ذلك النعيم الذى لم يعايشه سوى مع تلك الفاتنة التى امتلكته قلبه، روحه، وكيانه بالتأكيد.

تنهد بارتياح لأول مرة يحتس به ورفع يده وثبتها فوق جانب رأسها محتويا إياه واقترب بوجهه ملثما مقدمة رأسها وعاد برأسه على وسادته مجددا وقال لها بتحشرج إثر نومه الذى لتوه استيقظ منه
-صباح الخير
اقتربت وقبلت شفتيه بقبلة رقيقة ناعمة وقالت بنعومة وهى تنظر له بعشق يندلع بقوة من خضراوتيها اللامعتين
-صباح النور يا حبيبى
تساءل بعينين ساهمتين متفحصتين لملامحها الملتاع لتلمس كل إنش بها بشفتيه
-صاحية من بدرى؟

رفعت أحد كتفيها بدلال وأجابته وهى تتحس وجنته بأناملها بلمسات رقيقة
-منمتش اصلا
انتفض قليلا ورمقها بتفحص وتساءل بقلق
-ليه فى حاجة بتوجعك؟
هزت رأسها نافية وردت بمشاكسة ممزوجة بعشقها
-تؤ، كنت بتفرج عليك وانت نايم شكلك بيبقى حلو اوى، شوية صغننة كمان ولو مكنتش صحيت كنت هاكلك.

تنفس الصعداء مع ابتسامة تسللت لثغره لما قالته ورفع جسده واستند على عارضة الفراش كى يتسنى له رؤية وجهها بوضوح ووضع أحد ساعديه خلف رأسه وذراعه الآخر محتوٍ جسدها الشبه معتلٍ لجسده شاعرا بملمس جسدها الحريرى الدافئ فوق جذعه، ظل يرمق ملامحها رائعة الجمال لعدة ثوانٍ وتكلم بعدها بعاطفة رادفا
-عايزك تفضلى فى حضنى، مش عايزك تبعدى عنى ابدا.

ابتسمت بسعادة وقربت جسدها ودفنت رأسها فى عنقه تستنشقه مطولا وهى محتضناه وهمست بنبرة هادئة دافئة للغاية
-قولتلك مش هقدر ابعد عنك ولا هقدر اتخيل يوم واحد فى حياتى من غيرك يا مجد.

أغمض عينيه بانتشاء يسرى بعروقه وقال بخفوت ونبرة رخيمة مليئة بعشقه لها الذى إن لم يعلن به بفيهه بعد فقد أذعن به جسده أثناء لحظاتهما الحميمية التى شعرت خلالها بلمساته الحانية الراغبة بها والتى لاحظت بها أيضا احتوائه لها وحرصه على عدم إوجاعها بأى شكل من الأشكال
-ازاى كنت غبى كده!، ازاى قدرت ابعد عن حضنك وعن عينيكى!، ازاى قدرت احرم نفسى منك!

ابتسمت له بحب بعدما رفعت رأسها عن عنقه وجعلته فى مواجهة وجهه وتلمست ذقنه النابتة متحسسة إياه بإبهامها بحنوٍ وقالت بهدوء
-اللى فات خلاص انساه خلينا فى دلوقتى واللى جاى، نظرت له بداخل عينيه وتابعت متسائلة بتوجس انت هتفضل معايا مش هتسيبنى تانى صح؟
لاحظ الخوف الذى اعترى ملامحها وقام بجذبها لأحضانه وشدد على عناقها بذراعيه وقال بحرارة وخفوت بجانب أذنها
-مستحيل اسيبك تانى أو ابعد عنك يا طيف.

فرقا عناقهما بعد مدة ليجدها تزم شفتيها ويظهر عليها رغبتها فى التكلم وبالفعل وجدها بعد عدة ثوانٍ تتكلم بارتباك وكأنها تخشى شيئا ما
-فى حاجات، قولتها امبارح ومفهمتش منها حاجة
همهم بتفهم ثم هدر بهدوء وهو يقرص وجنتها بلطف
-طب ينفع نقوم نفطر الأول واسألى بعدها فى كل اللى عايزاه وانا هجاوبك.

أومأت له بالموافقة بينما نهض هو لترى ظهره العارى العريض ابتلعت وهى تشعر بسخونة اندلعت بوجنتيها وشردت بذهنها فيما حدث بينهما أمسا من لحظات شغوفة أذابت الجليد بينهما لتفق على صوته المتسائل وهو ينظر إليها بنصف التفاته وهو جالس على طرف الفراش
-مقومتيش ليه؟!

تضرج وجهها بحمرة خجلة وقضمت شفتيها فهى لتوها أدركت وضعها أمامه عارية الغطاء فقط ما يحجب عنه رؤية جسدها، لتعود بظهرها على الفراش جاذبة الغطاء فوق جسدها حتى عنقها وقالت بنبرة مرتبكة وصوت مهزوز
-روح انت و. وانا هقوم دلوقتى
ابتسم بتسلية بعدما لاحظ خجلها ليقترب وجثى فوق جسدها واقترب مقبلا وجنتها برقة وانفاسه الساخنة تلفح صدغها ليصيب جسدها بقشعريرة لذيذة بينما تكلم هو فى أذنها بنبرة هامسة مخالطها المكر.

-مش غريب شوية الكسوف ده!
ظهر العبوس على ملامحها ولكزته بصدره بينما ابتسم هو ابتسامة عريضة اظهرت نواجزه وأزاح الغطاء عن جسدها واقترب واضعا أحد ذراعيه أسفل ركبتيها والآخر خلف ظهرها حاملا إياها، حاوطت هى عنقه ودفنت رأسها بتجويف عنقه ليذهب هو بها إلى الحمام الملحق بغرفتهما.

بعدما انتهيا الاثنين من تناولهما الإفطار توجها لغرفة المعيشة مستلقيين بجانب بعضهما على أريكة وثيرة بينما كان مجد أخذا طيف بأحضانه واضعا رأسها فوق كتفه ويملس على خصلاتها بحنان، ليصدح صوته بغتة محفزها على التكلم
-ها بقى عايزه تسألى فى ايه؟
اعتدلت قليلا فى نومتها واتكأت فوق صدره بساعدها ورفعت وجهها ليتسنى لها رؤية تعبيراته ثم تساءلت باهتمام.

-مين الناس اللى كنت بتحبهم وبعدوا عنك وسابوك، ضمت شفتيها بتحفز وتساءلت بحذر وهى تتفرس ملامحه انت كنت بتحب واحدة تانية قبلى؟
ابتسم بهدوء وهو ينظر إليها وعيناه تشعان بالهيام وقال
-انتى اول واحدة احبها محبتش أى ست قبلك.

ازداد نبضها لتصريحه ذاك بعشقه فهذه هى المرة الأولى الذى يذعن بها بعشقه لها لتبتسم باتساع واقتربت وقبلت ثغره بلطف بينما عمق هو فى تلك القبلة لتفرقها هى بعد مدة واسندت جبهتها فوق جبهته لتهدئة دقات قلبها التى تطالب بقربه وهى لا تريد أن تنجرف معه الحين فى تيار الحب لكى تتساءل عما ترغب بمعرفته، ابعدت وجهها ورمقته بنظرات والهة ثم استطردت سائلة
-طب قصدك مين بالناس اللى سابوك وبعدوا؟!
مرحبا بك،.

تلقينا رسالتك، سنجيبك في أقرب وقت ممكن.
إذا كنت تريد طرح سؤال ما أو ما شابه فأرجوا أن لا تنتظر حتى نجيبك فقط اطرح سؤالك أو مشكلتك وسنجيبك عليها، فور اطلاعنا عليها.

احتكاك جسدها بجسده مع تحركاتها تلك تؤجج بداخله رغبة فى الخوض معها بممارسات حالمة يطفئ بها اللهيب المتقد بداخله والتى يمنع نفسه هو الآخر عنها الآن رغبة فى إخبارها عن خلجات نفسه ومكنوناته التى لم يسبق له أن أخبر بها أحدا، ليتنهد بحرارة وتكلم بأمر وظهرت بعينيه الرغبة.

-اثبتى طيب عشان اعرف احكيلك، رأت بعينيه رغبته بها والتى أرضت مشاعرها كأنثى بحد بالغ لتبتسم ابتسامة صغيرة وظلت ثابتة بأحضانه تطالعة بترقب ليطنب هو متكلما بهدوء وانا صغير فضلت عشر سنين من غير أخ أو أخت، لما أسيف اتولدت انا كنت بحبها اوى مكانتش بتبعد عنى لحظة كانت معايا طول الوقت حتى وقت النوم كانت بتنام فى حضنى كنت متعلق بيها بشكل ميتوصفش، لما اتخطفت انا دخلت فى حالة نفسية وحشة اوى وكنت رافض الأكل خصوصا لما ضاعت وملقنهاش وافتكرنا انها ماتت كل اللى كنت بفكر فيه وقتها انى ابقى معاها تانى واموت وراها، حالتى متحسنتش شوية إلا اما عرفنا ان باباكى اتبناها، اه كنت هتجنن اننا مش عارفين هى فين بس تعب ماما جه غير كل حاجة.

طغى الحزن على ملامحه وتابع باختناق وبعينين لامعتين بطيف دموع
-ماما كانت بتعافر قدامى يوم ورا التانى مع المرض، كل يوم كان بيعدى كان بيبقى بالنسبالى عد تنازلى لخسارتها، ماما كانت كل حاجة بالنسبالى انا كنت متعلق بيها اوى، مكنتش متخيل ان ييجى يوم وتبعد عنى، انا لسه لحد دلوقتى مش قادر انسى يوم موتها ولا قادر انسى شكلها وهى بتفارقنى، انا بقيت انسان تانى من بعدها.

دمعة خائنة فرت من إحدى عينيه كفكفها سريعا بيده وتابع بنبرة صوت ضعيفة
-من وقتها وانا شايف الحب والاحتياج ده ضعف واحساسهم مؤلم اوى خصوصا لو الشخص اللى بتحبه ومحتاجله بعد عنك، مكنتش عايز اتوجع تانى بعد بُعد أسيف عنى وموت ماما، حاولت على قد ما اقدر ادفن نفسى فى الشغل محاولتش اصاحب حد ولا احب حد، ممكن جاسم الوحيد اللى عرف يصاحبنى تقدرى تقولى فرض نفسه عليا ومعنديش صحاب غيره.

شعرت بغصة مؤلمة بحلقها حزنا عليه ولكنها أرادت أن تنتشله من حالة البؤس تلك لتستطرد متسائلة بفضول ظاهرى ولكنه فى الحقيقة إرادة منها على إشغاله عن تلك الذكريات المريرة
-يعنى انت محبتش خالص، فضلت السنين دى كلها من غير حب ولا قلبك دق لواحدة حتى فى سن المراهقة
نظر لها مطولا يمتع عينيه بملامحها التى ليس لها مثيلا وقال لها بمراوغة ومازال صوته تعتليه الكسرة.

-يعنى كان ينفع احب ست غيرك، رغم دقات قلبها الهادرة سعادة لإذعانه لها بعشقه ولكن عبست ملامحها لإدراكها عبثه معها وزمت شفتيها فى تحفز ليتكلم هو مسرعا قائلا بهدوء خلاص خلاص، صدقينى عمرى ما حبيت قفلت على نفسى وحاولت على قد ماقدر ابعد نفسى عن اى واحدة تقع فى طريقى مكنتش متقبل فكرة الحب اصلا يا طيف، عشان كده كنت ببعد نفسى عنك.

لم يخفى عنه إيماءات وجهها التى اعترتها التساؤل ليبتسم بخفة وهدر بنبرة متريثة وهو يملس فوق خصلاتها.

-من اول يوم دخلتى فيه البيت ده وانا عارف انه مش هيبقى مجرد جواز كده وخلاص ويا يكمل يا ينتهى وكل واحد فينا يروح لحاله، انا كنت حاسس انى بتأثر بكل كلمة بتطلع منك نظرة واحدة من عنيكى كانت بتقلب كيانى وببقى حاسس انى مش عارفة اقول كلمتين على بعض وانا ببص فى عينيكى وبفضل ارتب الكلام مية مرة قبل ما اقوله عشان مايبانش حاجة عليا، انا كنت شايل من دماغى فكرة الجواز كنت عامل حسابى ان يوم ما اتجوز هيبقى عشان بس يبقالى بيت واولاد، سبب اكمل علشانه، لكن الحب ده كنت لاغيه، الحب مربوط عندى بالضعف وانا مكنتش عايز ارجع ضعيف تانى، كنت مرتاح او بقنع نفسى انى مرتاح وانا بتعامل ببرود وجفاء مع الكل كأنى كنت قاصد انى مخليش حد يحبنى ولا اسمح لنفسى انى احب حد، بس كل حاجة اتغيرت معاكى.

تحامل على نفسه ومنعها من الإنخراط فى نوبة البكاء التى تهدده بالهطول وتلك الغصة تخنقه شهيق طويل سحبه لرئتيه ثم لفظه على مهل وتابع بخفوت وملامح تصرخ بالشجن.

-انا فعلا كنت ببعد نفسى عنك وسافرت عشان اهرب منك بس مش عشان مبحبكيش زى ما كنتى فاهمة، انا بعدت عشان لقيتنى ضعيف وانا معاكى محتاج ليكى ولحضنك بعدت عشان حبيتك ودى حاجة انا كنت رافضها بعدت عشان انساكى وبرضه معرفتش، رجعت وانا بحبك أكتر من الأول ومحتاجلك أكتر من الأول
ابتسم لها بوهن بينما هى تنظر له بتريث وهى لا تصدق أنه كان يعشقها لطوال تلك المدة ليسترعى انتباهها بعد لحظات وهو يقول.

-انتى عارفة، وانا مسافر كنت عامل حسابى انى افضل مسافر كام شهر انسى حبك فيهم وارجع بعدها اعيش معاكى ونكمل حياتنا مع بعض عادى بس من غير حب واحتياج، تفكير اهبل انا عارف، عقلى كان رافض انى احب بس قلبى كان متمسك بالحب ده، انا مكنتش عايز اسيبك ولا ابعد عنك وفى النفس الوقت مش عايز احب، الخوف اللى جوايا وعقدتى ان هبقى لواحدى كانوا مشتتين تفكيرى مكنتش فاهم انا عايز ايه ولا المفروض اعمل ايه.

نظر لها بعينين دامعتين ورأت فى تعبيراته كم هو مشتت لتجده بغتة دفع جسدها عنه وجثى فوقها وقال لها بانكسار متسائلا وهو ينظر له وكأنه طفل ينظر لوالدته ويبحث بداخلها عن العطف والآمان
-طيف انتى بجد مش هتسيبينى؟، يعنى بعد مابقيتى كل حاجة فى حياتى وبقيت محتاجلك انتى أكتر من أى حد مش هتبعدى وتسيبينى؟، مش هبقى لواحدى تانى؟

تهاوت دموعها وهى تتألم بداخلها لأجل نبرته، ملامحه، وعينيه الباكيتين، احتوت وجهه بين يديها وهمست له بحب بالغ محاولة بث الطمأنينة بقلبه
-مش هبعد ابدا عنك يا مجد صدقنى انا بحبك اوى، الحاجة الوحيدة اللى هتبعدنى عنك هى الموت
توسعت عينيه بوجل وهز رأسه بهيسترية وصاح بها بلهوجة هائلة قائلا
-لا لأ مفيش موت هيبعدك عنى، انتى هتفضلى معايا يا طيف مش هتسيبينى.

مال بوجهه فى لمح البصر آخذا شفتيها وهو يقبلها بخوف عارم من أن يفقدها يوما حاوطت عنقه وهى تبادله تلك القبلة التى خطفت انفاسهما، كل ما يريده فى تلك اللحظة هو احتوائها وطمأنته انها لن تبتعد عنه، خوفه المستبد منه لن يرحمه وسيظل مترقبا ليوم يأتى يفقد فيه روحه من جديد.

حاولت قدر إمكانها أن تنتزع ذلك الخوف عنه وتشعره ببقاءها معه وأنها معه وبين يديه ولن يبعدها عنه شيئا مهما حدث، يبدو أنها بداخل معركة ضارية مع عقدة لعينة تؤرق عليهما راحتهما، وما تعرفه أنها لن تتراجع غير وهى متغلبة على جميع أفكاره وهواجسه المستميتة فى إقناعه بأنه سيُترك وحيدا لا محاولة، لن تتراجع عن نزع تلك المشاعر المهشمة عن داخله.

فى المساء..
جالسة بأحضانه يشاهدان التلفاز بانتباه تام منها ونظراته إليها التى تصرخ بعشقه لها وشغفه بمتابعة جميع إيماءاتها، ابتسم عندما واتته تلك الذكرى ليجذب منها جهاز التحكم وأغلق التلفاز لتشهق هى واستدارت له وقالت بحنق وهى تحاول جذب جهاز التحكم من يده
-عدى انا بحب الفيلم ده متهزرش بقى، وهات الريموت ده
اتسعت ابتسامته مظهرة غماذتيه وأومأ برفض وهو يقول باستفزاز لها
-لأ مفيش ريمومات يا حبيبتى.

حاولت جذبه مجددا ولكنه باعد يده عنها ليختل توازنها ووقعت فوق صدره، حاصرها بأحضانه بذراعيه اللذين حاوطا خصرها بينما ازداد نبضها بوتيرة عالية، ليبتسم وعينيه غامت باشتهائه لها وقال بهمس امام شفتيها وانفاسه الساخنة تجول بروية مهلكة فوق وجهها.

-فاكرة اليوم اللى اخدت منك الريموت فيه ووقعتى فى حضنى، كانت دى اول مرة تبقى قريبة منى اوى كده، انا مش عارف حبيتك وقتها ولا كنت بحبك من قبلها، بس اللى عارفه ومتأكد منه انى عمرى ما حبيت ولا هحب حد غيرك
قرب رأسها من وجهه ولثم شفتيها بنعومة وعشق ليفرقا تلك القبلة وهما يلهثان بخفة لتحتل ابتسامة عابثة ثغر الآخر وقرب فمه من أذنها وقال بهمس
-ايه رأيك أعمل اللى مديتينيش فرصة اعمله يومها.

عقدت حاجبيها بعدم فهم وتساءلت ببراءة
-هو ايه ده اللى مديتلكش فرصه تعمله؟!
ابتسم باتساع مظهرا اسنانه ونهض وقام بحملها وقال وهو فى طريقه لغرفتهما
-تعالى وانا اعرفك
يريد أن يخوض معها تجربة حالمة يطلق بها العنان لكل مشاعره لكى تحتس دائما بحبه الجارف لها وعشقه الذى أضناه عذابه فترة إبتعادها عنه.

بعد مرور يومين بالمساء..
دلفت غرفتها لتستحم ريثما يأتى زوجها من عمله لتتفاجأ وهى فى طريقها للحمام بوجود فستانا بنهاية فراشها أبيض اللون رقيق للغاية بأكمام ضيقة ذو فتحة صدر ليست بكبيرة ووجدت ورقة مطوية موضوعة فوقه، التقطتها طيف وفتحتها وقرأتها بصوت ظاهر
-إلبسى بسرعة وانزلى مستنيكى تحت فى العربية.

رمشت بأهدابها باستغراب وانتقلت بنظرها للفستان كان جميلا ورائعا للغاية، التقطته وذهبت لغرفة الثياب وابتسامة زينت ثغرها وبداخلها تتحرق شوقا لمعرفة ما يرتب له.

بعد مدة استغرقتها فى ارتداء ذاك الفستان الذى احتضن جسدها بحرفية تامة ووضع زينتها الرقيقة المظهرة جمال خضراوتيها وشفتيها المكتنزتين، وانتهاءً بشعرها الذى تركته منسدلا فوق كتفيها، ألقت نظرة أخيرها على مظهرها بنظرة إعجاب اندلعت من عينيها وابتسمت برضاء ثم غادرت الغرفة نزولا له بالمرأب
بالأسفل..

ما إن وقعت عينيه عليها وهى قادمة نحوه بخطواتها المتمهلة وجسدها الممشوق الذى يجعله يرسم بمخيلته أمورا عدة من لحظات شغوفة لهما معا تدفعه لعدم ذهابهما بعيدا عن المنزل لشهور بل سنوات، تنهد نافضا تلك الأفكار عن رأسه عندما دلفت السيارة ووجهت نظرها له متسائلة بابتسامة هادئة
-رايحين فين؟
أدار محرك السيارة وأجابها بابتسامة وعينيه متوهجتين إثر جمالها الأخاذ
-مفاجأة.

ابتسمت وحركت رأسها بإنكار بينما تحركت السيارة مغادرة حديقة المنزل، لم يمر العديد من الوقت وتوقفت السيارة أمام واحدا من المطاعم الكبرى آثار إعجاب الآخرى لتلتفت له متسائلة
-هندخل المكان ده؟
أومأ بالإيجاب وهو يشرع بالترجل من السيارة والتقط بيده هاتفه وحافظة نقوده وسلسلة مفاتيحة ثم تكلم بابتسامة صغيرة
-يلا انزلى.

ترجلا من السيارة ومد يده لها آخذا يدها وتوجها للداخل، تفاجأت طيف بوجود أفراد عائلتاهما جالسون حول طاولة كبيرة يبدو وأنه قد قام مجد بدعوتهم ورتب لذلك الأمر مسبقا لتلتفت له وإمارات التساؤل تعتلى وجهها حول تجمعهم ذلك ولمَ لم يخبرها بالأمر بالأصل وكادت تتكلم ليقترب مجد منها قائلا بنبرة صوت مرتفعة قليلا ليستمع له الجالسين يشاهدونهما بفرحة عارمة.

-ده احتفال صغير عملتهولك كتويض عن الفرح اللى متعملش ومنه انه الكل يعرف انى بحبك وانك انتى اللى اختارتها تكمل معايا حياتى.

ابتسمت بسعادة بالغة بينما كان هو يحدقها بنظرات دافئة نفذت إلى داخلها ولكن جذب انتباهها تلك العلبة المخملية التى أتى بها أحد العاملين بالمطعم وأعطاها ل مجد وقام هو بفتحها ليظهر لها خاتم زواجها الذى إلى الآن لم تكن ترتديه، أخرجه من العلبة وأمسك بكف يدها ووضعه بإصبعها وألتقط آخر مصنوعا من الماس ووضعه فوقه ورفع يدها وقبلها وهو ينظر لها بإشراقة أجبرتها على التحديق بداخل عينيه اللتين لتوها لاحظت أنهما باللون البنى وليستا سوداوتين، انزل يدها وصدح صوته بنبرة رخيمة قائلا.

-بحبك
ترقرقت الدموع بعينيها وارتمت بأحضانه معانقة إياه بقوة غير آبهة بنظرات الجميع إليهما وهو الآخر بادلها العناق بذات القوة، باغتها وهو محتضنها بتكلمه بأذنها بعبث وخفوت لكى لا يستمع إليه أحد
-كنت مرتب للموضوع ده بقالى فترة وكنت عايز نبدأ حياتنا مع بعض بعده بس انتى اللى اتسرعتى.

فهمت مضمون كلماته العابثة لذا ضربته بغيظ بيدها فوق ظهره وهما متعانقين لتصدح ضحكته التى عشقت صداها بأذنيها بينما تمتمت هى بابتهاج متعاظم
-بحبك اوى يا مجد
فرقا عناقهما وتوجها للبقية الذين توالت دعواتهم لهما بدوام الفرحة عليهما بينما لم ينتبه مجد لأى شىء مما يقال من حوله فكل ما كان يشغله هى بجمالها، ضحكاتها، نبرة صوتها، مشاكستها، وسعادتها الجلية عليها فكل ما يختص بها أصبح شغوفا به.

انقضت الليلة وذهب الجميع كلٌ منهم لوجهته، بداخل سيارة مجد تشعر طيف بسعادة لم تغمرها من قبل وظلت تتابعه بنظراتها تود لو يعودان سريعا لبيتهما كى تنهال عليه بالكثير من القبل وتظل محتضنة إياه طوال الليل، استدارت برأسها والبسمة لم تفارق ثغرها ولكنها اختفت شيئا فشىء عندما رأت الطريق الذى تسير به السيارة لتتعجب طيف من الطريق الذى يسلكه الآخر فهذا ليس بطريق العودة لبيتهما، وجهت نظرها له وتساءلت.

-مجد احنا رايحين فين ده مش طريق البيت؟
التفت لها وقال بمرح لأول مرة تراه عليه
-خاطفك
تحكمت ببسمتها لكى لا تظهر وقلبت عينيها بنفاذ صبر وقالت بإلحاح
-بطل رخامة بقى، بجد رايحين فين
أردف بجدية وهو مثبت نظره أمامه على الطريق
-رايحين المطار
ضيقت ما بين حاجبيها بغرابة وتساءلت بنزق
-ليه؟
رفع كتفيه بحركة تصنع عفويتها وأجابها موجزا
-مسافرين
توسعت عينيها بتفاجؤ وكررت ما قاله مرددة
-مسافرين؟!

أومأ بالإيجاب وأختطف نظرة إلى ملامحها وتكلم بمكر
-ايوه، ايه مش عايزه نقضى شهر عسل؟!
شهقت بعدم تصديق وأردفت بتلهف
-بجد ولا بتهزر!
ابتسم بتريث وهدر مستفهما بعبثية
-انتى شايفة ايه؟
ابتسمت باتساع واقتربت منه وضمت جسدها إليه وعانقته وهو يقود ليقوم بمحاوطتها بذراعه بينما تكلمت هى متسائلة بحماسٍ
-هنروح فين؟
انتقل بنظره إليها وغمز لها قائلا بتسلية
-مفاجأة
رفعت وجهها إليه وهمهمت بمشاكسة تندلع من خضراوتيها وأردفت.

-شكلى كده هحب مفاجآتك
تساءل بكلمات ذات مغزى وهو يرمقها بنظرة اعتداد بنفسه
-مفاجآتى بس اللى هتحبيها؟!
قضمت شفتها السفلى وطالعته بوجه تخضب بحمرة دافئة وسريعا ما تحاشت النظر إليه ووضعت رأسها فوق كتفه وأغمضت عينيها بإنتشاء ودقات قلبها لا ترحمها بقربه فهى لتوها تختبر سعادة العشق الذى حُرمت منه طوال الفترة الماضية.

بعد مرور أسبوعين..

بعد عودتهما من سفرهما، والذى قضيا به لحظات أقل ما توصف بها أنها أسعد لحظات عشاها على الإطلاق، فقد أختبرا بها قوة مشاعرهما وتبين لهما احتياج كل منهما للآخر، لم يُخيل له لوهلة أن تغمره السعادة لتلك الدرجة بعد كل تلك السنوات العجاف التى لم يسمح لقلبله بها أن يتخلله النور، أصبحت حياته الآن مفعمة براحة بالغة لم يحتس بها من قبل، تنهد وهو يلتقط الهاتف الموضوع أمامه فوق المكتب ببيته والذى أفاقه من شروده على صوت رنينه، عقد حاجبيه بغرابة فقد كان المتصل أحد رجاله الذين أمرهم مسبقا بمتابعة تحركات كل من أختيه وزوجته لكى يطمئن أن ذاك البغيض لا يعترض طريقهن ولكن لمَ يهاتفه الآن فالساعة مازالت مبكرة واليوم عطلة وزوجته بالمنزل و أسيف كذلك فقد كانت تتحدث إليها طيف عبر الهاتف منذ برهة و رفيف مؤكد أنها لم تخرج بعد من البيت.

ران الصمت فى الغرفة للحظات وهو يستمع إلى الطرف الآخر عبر الهاتف لتحتد ملامحة بغتة وقال له بجمود
-تمام أقفل انت
التقط متعلقاته من فوق المكتب وغادر الغرفة بخطوات متعجلة وهو فى طريقه للخارج اوقفته طيف التى اعترضت خروجه متسائلة بتعجب
-مجد انت رايح فين مش هتفطر؟
تخطاها وتكلم بجدية دون أن يوجه نظره إليها
-بعدين يا طيف.

توجه نحو المرأب ودلف سيارته وسريعا ما أدار المحرك وتحرك بها مغادرا البيت متوجها نحو النادى حيث يتواجد رفيف و جاسم، فقد أمر مسبقا من يقوم بمتابعة رفيف أن يخبره إلى أين تذهب ومع من، قد طفح كيله منهما فهو لطوال تلك الفترة السابقة لم يخبره أحدا حول علاقتهما وكانت هذه مهلة كافية لإنتظار أحد منهما أن يتكلم حول الأمر وفرصة اعطاها لهما ولم يُقبل أحد إليه ليصارحه لذا قد أضاعا كل الحلول أمامه ولم يتبقى لديه سوى مواجهتهما.

أقبل نحوه أحد رجاله عندما دلف ذلك المجمع الرياضى وهو بسيارته وتساءل مجد بحدة
-هما فين؟
أجابه الرجل بلهجة رسمية وهو يشير له بذراعه فى اتجاه معين
-هناك سعتك بيجروا.

ترجل من السيارة ونيران الغضب تندلع من عينيه ناهيك عن وجهه الذى أصبحت ملامحه محتدة بشكل مرعب للغاية تكاد تفزع من يطالعه، لمحهما من على بعد مقبول منه وهما يركضان سويا وصوت ضحكاتهما يصل إليه، وأثناء مطالعته لهما كان جاسم يتكلم بأذن رفيف بشىء ما والتى لكزته فى صدره أثناء ذلك وقامت بحركة بيدها بمرح وركضت هاربة منه بينما الآخر ركض لاحقا بها، وقف مجد امامهما بغتة مانعا إياهما من الحراك ليضهر على وجهاهما إمارات الصدمة والهلع من ظهوره المفاجئ تلك، ابتلعت رفيف بتوتر ملحوظ وقالت بنبرة متلعثمة.

-مجد، ايه المفاجأة الحلوة ده
اقتربت وعانقته بينما رفع هو ذراعه رابتا على ظهرها وهو مثبتا نظره على جاسم الواقف خلفها يبادله نظراته بارتباك، فرقت عناقهما وقالت بعاطفة
-I miss you, جيتوا امتى من السفر
رمقها بنظرة مبهمة لم تفهم من خلالها شىء ولكن بثت الرهبة بداخلها خاصة عندما صدح صوته بجدية قائلا
-امبارح، روحى غيرى هدومك يلا عشان اوصلك.

رمشت بأهدابها بتوتر من هيئته الغامضة بالنسبة لها وسريعا ما ردت عليه قائلة
-انا معايا عربيتى
رد عليها بوجوم آمرا إياها
-هخلى السواق يروحها، روحى يلا ومتتأخريش
لم تجد مفر من الذهاب معه أمآت له برأسه بهدوء وانصرفت لتبدل ثيابها بينما توجه نحوه الآخر بتعبيرات مهزوزة بعض الشىء ورحب به قائلا بابتسامة هادئة
-ازيك يا مجد.

نظرة نارية انطلقت من ثاقبتيه نحوه فإن كانت النظرات تقتل لخر الآخر صريعا الآن بينما أجابه بإيجاز ونبرة حادة للغاية
-تمام
التف مغادرا إياه تحت انظاره المرتبكة فإذا بقى لثانية أخرى لباغته بكلمة تطرحه أرضا فما بداخله من نيران يكفى لإشعال بلدة بأكملها، توجه لسيارته وبقى بها منتظرا قدوم أخته، دقائق معدودة ودلفت السيارة بجانبه ليلتف لها على حين وغرة وتكلم دون مقدمات متسائلا.

-ايه اللى بينك وبين جاسم يا رفيف؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة