قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العاشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العاشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل العاشر

كان يتحسس الفراش وهو مازال مغمض العينين لاحظ عدم وجودها بجانبه فتح عينيه ببطء والنعاس مازال متمكن منه فرك عينيه بيديه ثم نهض ليرى أين ذهبت، قبل خروجه من غرفته نظر تجاه الحمام الملحق بالغرفة وجده مغلق علم انها بالخارج، مشى بخطوات متمهلة وهو يتثاءب توقف عندما رآها بالمطبخ تعد شيئا ما اقترب منها وقد سرع من خطواته ليحتضنها من خصرها من الخلف ودفن رأسه بعنقها لتشهق هى فى مفاجأة من فعلته وقالت بخجل وارتباك من عناقه لها هكذا.

–عدى خ. خضتينى
ابتسم وهو يقبل عنقها ثم تساءل بهمس
–بتعملى ايه يا حبيبتى؟
قالت بخفوت وهى تحاول الابتعاد عنه وفك حصاره عنها ولكنه كان مشدد يديه بقوة رافضا تركها
–بعمل فطار لينا
ادارها إليه ثم قال بحشرجة وانفاس ساخنة وهو ينظر لشفتيها
–انا جعان اوى
قالت بابتسامة رقيقة وبراءة اتسمت بخضراوتيها
–دقيقتين بالظبط والأكل هيكون جاهز
ابتسم بمكر ثم قال بمراوغه وهو يقرب وجهه من وجهها.

–طب ماتخلينى اشوف الأكل اللى قدامى ده الأول
توسعت عينيها فى عدم فهم لما قاله وعلى حين غره وجدته ملتهما شفتيها بين شفاهه بشغف ولهفة بالغة مقربا جسدها من جسده ويديه تضغط على ظهرها بامتلاك لا يعلم لمَ تحرمه من تلك الشفاه التى حتما لن يقدر على تركها حتى مماته.

بينما هى ازداد توسع عينيها ولكن بصدمة مما يفعله تيبس جسدها لثوانٍ لا تدرى ماذا تفعل ولا تملك القدرة على دفعه بعيدا عنها تشعر بجسدها أصبح كالهلام بين يديه أحست بأجراس الخطر تضرب فى رأسها عندما وجدته يتحسس ظهرها بإثارة مهلكة، إلى هذا الحد ولم تستطع الصمود دفعته فى صدره بكل ذرة قوة متبقية بداخلها كانت دفعتها ضعيفة للغاية ولكنه ردع لإرادتها خوفا من جعلها ترفض قربه مجددا أو تُدَمر علاقتهما.

ابتعد ليلهثا بقوة نظر لها بحب وكان سيبدأ بالتكلم بينما هى لم تدعه يتشدق بكلمة ودفعته من كتفه وغادرت مسرعة
صر اسنانه وأغمض عينيه بحزن على صدها له فى كل مرة يتودد إليها بها، اخذ يهدئ من انفاسه المتسارعة حين دخول والدته المطبخ زم شفتيه بحنق وشرع بالخروج حتى استمع إلى كلماتها المراضية له حيث انها فطنت ما حدث بينهما حينما خرجت أسيف واضعة يدها على فمها وتسير بهرجلة واضحة لم تخفى عنها.

–معلش يا حبيبى بكرا تتعود عليك، وبعدين مش فى المطبخ برضه يا عدى هى كده هتتحرج منى وطبيعى هتبقى متوترة وهتصدك
نظر لها فى حزن ثم أردف بقلة حيلة
–هى لا عطيالى فرصة لا فى اوضه ولا فى مطبخ ولا فى اى حته
قالت له بنبرة تملأها الآسى على حال ابنها
–طب اقعد كل يا حبيبى
أومأ فى رفض ثم قال بحنق وهو يغادر
–لأ انا يدوب أجهز، النهارده أول يوم فى فرع مجد باشا وعايز اليوم يعدى على خير.

لم يعد يتحمل تلك المهلكة لكيانه باكمله فهى بابتعادها المتواصل عنه تهشم قلبه إلى فتات وتسحق مشاعره، يستطيع رؤية ارتباكها وتوترها بأم عينيه عليها ويلتمس لها العذر أيضا، ولكن ماذا عنه فهو زوج عشق زوجته ويتمنى قربها هل هذا خطأه الأوحد أنه سلم قلبه لتلك القاسية التى لن تكن القسوة سمة بها يوما لكن لمَ تتعامل معه بها! ألا ترى تبدل حاله عندما يقترب منها! ألا تشعر بقوة نبضات قلبه التى تطالب بها فى كل لحظة! ألا تحتس بعشقه الذى ينمو بداخله لها يوما بعد يوم!، ألن ترأف به وبقلبه يوما! أم ستتركه يضيع بين مشاعر مهشمة ستكون هى المتسبب الأول والآخير بها!

اقتحم مكتبه دون استئذان بعنجهيته المميتة ونظراته الخبيثة واقفا امامه بشموخ وبسمة استفزاز مرتسمة على ثغره تركض خلفه السكرتيرة بهرجلة تحاول منعه من الدخول قائلة لمديرها بسرعة وتبرير
–حاولت امنعه والله يا Mr مجد و...
أشار لها بيده مانعا اياها من متابعة حديثها ثم أردف بهدوء وهو يعود بظهره للخلف على مقعده وهو موجه نظره للماثل امامه بثبات
–اخرجى انتى يا امل.

قالت باحترام وهى تعود ادراجها لمغادرة الغرفة
–حاضر يا فندم
توجه نحوه الآخر وجلس على المقعد امامه بأريحية تامة واضعا ساقا فوق الأخرى ثم هدر ببرود محتفظا ببسمته المستفزة وهى يوجه نظره إليه
–لسه راجع من السفر حالا قولت لازم اجى اشوفك
ضحك مجد ضحكة صغيرة باستهزاء وحرك رأسه فى انكار ثم سأله ببرود مماثل لبرود الآخر
–عايز ايه يا عاصم؟!
قال له بنبرة ماكرة وهو يحك شفته السفلى بسبابته.

–سمعت انك لقيت أختك اللى كانت ضايعة، اسمها كان ايه، اسمها كان ايه، آه أسيف، مش كده برضه
ادعى التذكر لاستفزاز مجد بينما تبدلت ملامح الآخر لشراسة مخيفة وازدادت داكنتاه قتامة ثم صاح به بتهديد
–لو قربتوا منها تانى هتبقى بموتك انت المرادى يا عاصم، المس بس شعرة منها وانت هتشوف وشى التانى وربنا مايوريك هو عامل ازاى.

قهقه بسخرية ثم عقب بغيظ ونظرات عابسة بأعصاب مجد الذى بدا وكأنه جالس على شعلة من الجمر
–لا متقلقش مش هقرب منها بقيت كارت محروق خلاص، وبعدين كفاية اوى على هشام بيه حرقة قلبه عليها الستاشر سنة اللى كانت بعيدة عنه فيهم وموت الست الوالدة بقهرتها، دول راضينى اوى وزيادة كمان
قست ملامحه وأصبح كالأسد الذى يتهيأ للإنقضاض على فريسته ثم تحدث بخشونه من بين اسنانه
–اطلع. برا. يا عاصم، براااا.

قال الأخيرة بعصبية خالصة بعد أن هب واقفا ضاربا المكتب بيديه بقوة، قام عاصم من مقعده بكبر وهو يعدل من حلته الرسمية ثم قال بغل ونبرة تهديدية
–انا كده كده ماشى، بس أعرف ان اللى بينا مخلصش والضربة الجاية هتوجعك جامد اوى انت وهشام بيه، هو عامل ايه صحيح، ابقى سلملى عليه.

القى كلماته الأخير ببرود ثم غادر الغرفة تاركا الآخر ليشعر وكأنه قارب على الإنفجار ودمائه تغلى داخل عروقه ارتفع صوته مناديا لسكرتيرته بعصبية والتى أتت مسرعة وعلى وجهها علامات الريبة من مناداته لها بتلك الطريقة ثم قال لها بصراخ جهورى وأمر بالغ
–الزبالة ده لو جه تانى تجيبوله الأمن يرموه برا، انتى فاهمة.

أومأت له وخرجت سريعا خوفا من هيئته وعينيه الحادتين اللتين برقتا للغاية، جلس على كرسيه يتنفس بغضب خلل اصابعه بفروة رأسه بقوة يقسم هذه المرة إذا اعترض أحد منهم طريق فرد واحد من عائلته لسوف يفتك به ويمزقه إربا سيلقى حتفه حتما على يده لن يدع ما حدث بالماضى على يد الوغد والده يكرره هو بمنتهى السهولة لن يسمح بأى أذى يمس عائلته حتى إذا كان بموته.

–اهلا اهلا اتفضلوا ده البيت نور
قالتها نادية ل هشام و رفيف بابتسامة متسعة وملامح مرحبة داعية إياهما للدلوف داخل الشقة ولم تتعجب لهذه الزيارة المفاجئة فهى كانت متوقعة قدومه خاصةً انه لم يأت ولو لمرة واحدة بعد عقد قران عدى على ابنته واكتفى بمحداثتها هاتفيا للإطمئنان عليها ابتسما لها بمجاملة ثم تشدق هشام بهدوء
–البيت منور بأهله ده من ذوقك بس.

ابتسمت له واصطحبتهما إلى غرفة الجلوس ثم قالت وهى تشير بيدها
–اتفضلوا، دقيقة واحدة هروح اعرف أسيف انكوا هنا.

أومأ لها هشام بهدوء وانصرفت هى متوجها لغرفة أسيف لتخبرها بقدومهما، عدة دقائق وولجت أسيف الغرفة بابتسامة متسعة مظهرة اسنانها توجهت نحو والدها الذى قام من جلسته واحتضنته بعاطفة قوية وهو كذلك فقد افتقدها كثيرا الأيام الفائتة ولم يرِد المجئ إليها ليدعها تهنأ بأوليات أيام زواجها ثم قالت بإحساس نابع من قلبها
–وحشتنى يا بابا اوى
سعد كثيرا لما قالته وفرق عناقهما وقبل جبينها ثم اردف فى حنان.

–انتى وحشتينى اكتر يا روح بابا
–هو انا ماليش حضن حلو زى ده ولا ايه
قالت ذلك رفيف بابتسامة مشرقة محفزة أسيف على الإقبال إليها وبالطبع توجهت نحوها وأحتضنتها بود ثم قالت لها رفيف بحماس
–وحشتينى يا أسيف، وعايزه نقعد انا وانتى مع بعض ونتكلم فى حاجات كتير اوى
أومأت لها فى حب وقالت برقة وفرحة بوجدهما حولها فهى لم تكن تتوقع ان يكونا بهذه السلاسة فى التعامل معها.

–أنا كمان عايزه اتكلم معاكى عشان ملحقناش نتكلم المرة اللى فاتت
–خلاص طالما كده تيجى تقعدى معانا انتى وعدى يومين منها تتكلمى انتى ورفيف وتعرفوا بعض ومنها تبقى قريبة منى وقدام عينى يومين اعوض بهم السنين اللى فاتوا وانتى مش معايا
قالها هشام بحزن بالغ استطاعت أسيف رؤيته عليه اقتربت منه ثم قالت بابتسامة هادئة
–موافقة يا بابا عدى بس ييجى من الشغل واقوله وني..
–وانا كمان موافق.

قاطع كلامها صوت عدى من خلفها الذى أتى لتوه من عمله واستمع إلى حديث والدها وارادته فى اخذهما لمنزله بضعة أيام نقلوا انظارهم إليه ليقبل عليهم بابتسامة ومد ذراعه ل هشام ملتقطا يده فى سلام ثم قال بترحيب
–ازيك يا عمى البيت منور
ربت هشام بيده الأخرى على ذراع عدى ثم تشدق بود
–منور بيكوا يابنى ثم حول نظره تجاه أسيف وقال لها فى لهفة يلا يا حبيبتى روحى اجهزى بقى انتى عشان تيجوا معانا واحنا ماشيين.

أومأت له بموافقة وتوجهت لتخرج من الغرفة لتستمع لصوت عدى يقول بعدما رحب ب رفيف هى الأخرى
–تمام وانا هدخل اجهز انا كمان، عن اذنكم
لحق بها إلى غرفته التى اصبحت غرفتهما الآونة الأخيرة، ولج الغرفة بعدها مباشرة ثم هتف بها بجدية ونبرة ذات مغزى وهى مولية ظهرها له تعبث بدولابهما لتنتقى ثيابا لها
–ياريت محدش يعرف علاقتنا ماشية ازاى، ولو حد سأل احنا زى اى اتنين متجوزين، أكيد طبعا فاهمانى يا أسيف.

التفتت له نصف التفاتة وأومأت بالموافقة ثم تابع وهو يلج الحمام وينظر لها بطرف عينيه وهو معطٍ لها ظهره
–وبلاش تبينى قدامهم انك متوترة وانا معاكى عشان ميتفهمش غلط.

اختفى من امامها داخل الحمام بعدما القى كلماته عليها بينما وقفت هى مشوشة مما قاله ومما فعله هذا الصباح لا تعلم من فيهما المخطئ فعله أم رد فعلها، لا تستطيع ان تنكر ان لقربه منها تأثيرا لذيذا تحتس به يتوغل بثائر جسدها ولكن الخوف بداخلها مازال متملك منها ومازلت مشدوهة من زواجهما الذى لم تكن تتوقعه يوما.

بين يوم وليله تحول من شقيق لها لزوج هائم بها ماذا يتوقع منها!، أن تتقبل الأمر بسهولة أن تفتح ذراعيها له وتهبه نفسها؟! يمزح بالتأكيد إن كان يعتقد ذلك، فهو اكثر شخص بالوجود يفهمها ويعلم بما تفكر دائما وما احساسها وكيف تتعامل مع ما يوجهها ولكن لا تدرى هل مازال يفهمها حقا؟! ام زواجهما جعل منه شخصا آخر! وإذا فعل، لربما ايضا غير منها هى الأخرى الكثير!

جالس بمكتبه مازال الغضب متملكا منه دافنا وجهه بكفيه كلمات ذلك البغيض لا تغادر أذنه ويشغل باله كثيرا المغزى وراء كلماته الأخيرة الذى ألقاها فى وجهه بمنتهى الغل والكره الدفين الذى لا يعلم من منهما عليه أن يكره الآخر زفر بتعب وعاد برأسه للخلف محاولا نفض تلك المقابلة عن فكره.

أخبره والده منذ قليل أن يأتى هو وزوجته ويمكثان معهم لبضعة أيام كما أسيف و عدى وافق على مضض، فهو ليس ببال صافٍ لتلك الاجتماعات العائلية ولكنه لم يرغب بإحزان والده لذا وافق، تنهد وهو يلتقط هاتفه جاء برقمها ثم قام بمهاتفتها أغمض عينيه وهو منتظر اجابتها
‐ألو جاءه صوتها الحزين الذى يعلم انه السبب الرئيسى به ليزيد من وصد عينيه ويقول لها دفعة واحدة بجفاءه الذى أصبح عليه معها الأيام السابقة.

–بابا كلمنى وقالى نروح نقعد معاه كام يوم، جهزى نفسك وهبعتلك السواق يوصلك و. أسيف واخوكى هناك، هخلص شغل وهجيلكوا
قالت بحزن ورجفة فى صوتها
–تمام
أغلقت بعد أن قالتها ليزفر هو بضيق وحيرة ويلقى الهاتف أمامه بإهمال وتعب.

يعلم انه يتحدث معها فى كثير من الأحيان بأسلوب غير لائق وجفاء حاد ولكنه ليس أمامه حل آخر سوى ذلك، يرى وبوضح عليها بوادئ تعلق به ولن يستطيع نهائيا أن يسايرها فى ذلك أو بمعنى أصح يمنع نفسه من ذلك لا يريد أن يتعلق هو أيضا بها، ذلك الضعف الذى يتملك منه أمامها وتأثيرها الطاغى على جميع حواسه كلما اقتربت منه ينبئه بخطر قريب.

يعلمه أنه إذا انفلتت زمام تحكمه بنفسه معها ستتحكم هى به بجميع تفاصيلها الفاتنة التى تجذبه يوما بعد يوم وهو يكذب ذلك مرارا وتكرارا ويقنع نفسه أنها لا تعنى له شيئا ولكن إلى متى!، إلى متى سيصمد أمام تلك الخضراوتين اللامعتين بالثقة والتحدى عندما تحدث معها أول مرة! ولكن ما يؤلمه ان الحزن ملأهما مؤخرا والسبب بذلك الحزن ليس أحد سواه.

–ايه ده انت هنا؟!
أردف بها مجد بتفاجؤ ل جاسم عندما رآه جالسا بجانب والده يتحدث إليه وهو الذى قد أتى لتوه عندما فرغ من أعماله أو ربما عندما هدأت تلك النيران المستعرة بداخله منذ مجئ ذلك البغيض نهاية بها وبنبرتها الحزينة، توجه نحو والده واحتضنه هادرا بهدوء وابتسامة مقتضبة حاول قدر امكانه إخفاء ضيقه عن والده
–ازيك يا بابا
ربت والده على ظهره بحب وأردف بعتاب.

–انا تمام يا مجد، لازم اتحايل عليك يعنى عشان تيجى تقعد معانا
جلس على المقعد بجانبه ثم قال بتعب
–حقك عليا، الشغل مخلينى مش عارفة ابص ورايا حتى نظر لصديقه مغيرا مجرى الحديث كى ينهى ذلك العتاب فهو ليس لديه ذرة تحمل واحدة للرد عليه والتبرير حاليا مقولتليش يعنى انك جاى!
وضع كوب مشروبه على الطاولة امامه ثم أردف بهدوء.

–هشام بيه كلمنى وانا مروح وقالى اجى اقضى اليوم معاكم وانك هتيجى انت كمان، مجاش فى بالى خالص أعرفك جيت على هنا علطول، ايه اللى أخرك انت لحد دلوقتى ده الساعة بقت تسعة
قال بنبره مغلفة بالإرهاق وهو يعود بجسده للخلف على المقعد
–مفيش كان فى شوية ملفات كنت براجعهم واخرونى
أومأ له بتفهم ثم انتقل الآخر بنظره فى الأرجاء، عاد بنظره إلى والده عندما أردف بنبرة إخبارية موجها كلامه إليه.

–أسيف وعدى فوق رفيف طلعت معاهم توريهم اوضتهم وطيف فى الجنينة قالت انها حابة تقعد فى الهوا شوية
أومأ له دون أن يضيف وظل شاردا فى الفراغ قليلا ثم نهض فجأة وقال بدون تفكير لما اخرجه من فيهه وهو يغادر
–نسيت الموبايل فى العربية هطلع أجيبه.

تعجبا قليلا لما قاله ولكنهما لم يفكرا كثيرا وعادا للحديث مرة أخرى، بينما هو ظل يبحث بنظره بأرجاء الحديقة عنها حتى رآها واقفة على بعد مسافة منه ليست بكبيرة توجه نحوها بخطوات متمهلة ولكنه تيبث مكانه عندما وصل لأنظاره تلك الدموع المنهمرة فوق وجنتيها وانتفاضة جسدها وهى تحاول ان تتحكم بشهقاتها المصاحبة لبكائها التى يخشى وبشدة أن يكون هو أيضا السبب به.

قبل ساعتين..
أحضرها السائق إلى القصر دلفت إلى الداخل رحب بها هشام وتحدث معها بضع كلمات بينما كانت هى فى مزاج غير رائق للحديث وملامح باهتة لاحظ عليها ذلك وخمن أن حالتها تلك ابنه هو المتسبب بها لذا لم يتطرق إليها بأحاديث أخرى أخبرها فقط بوجود شقيقها و أسيف بالأعلى بغرفتهما ثنم أمر العاملة باصطحابها لغرفة مجد لوضع حقيبتها.

دلفت الغرفة وهى تحتس برجفة فى جسدها لا تدرى لمَ أحست بها، دقات قلبها أخذت بالتسارع ما إن وقعت عينيها على صورة له موضوعة فوق الكومود بجانب سريره التقطتها بين يديها وجلست على السرير ظلت تتمعن بها وتتفقد ملامحه وكأنها تحفرها بداخل ذهنها كى لا تنساها أخذت أناملها فى تحسس الصورة وتحديد ملامحه لا تدرى ما الذى طرأ عليها وغير حالها بهذا الشكل، لمَ تأبه بمعاملته لها لما تأبه به هو نفسه!

تتذكر تلك الكلمات التى خرجت من أعماق قلبها عندما تساءلت والدتها عن ما إذا كانت تريد ان تُكمل زواجها به ام تنهيه بعد المدة التى أخبرها بها مجد والتى تعلم بها والدتها لإخبار طيف ما قاله يومها لها
–مقولتليش يا طيف قررتى ايه فى موضوع جوازك، انتوا داخلين على شهر مع بعض.

تحدثت نادية متسائلة وهما جالستين قبالة بعضهما فى إحدى زيارات طيف لها لتتفاجأ بكلمات طيف التى قالتها بعاطفة قوية ومبرة هائمة لاحظتها والدتها عند ذكر زواجها به
–عايزه أفضل معاه يا ماما مش عايزه اسيبه ولا ننفصل.

تنهدت بآسى ووضعت الصورة بمكانها وذهبت لتضع متعلقاتها وثيابها بالخزانة، وعندما انتهت خرجت من الغرفة نزولا لأسفل حيث البقية، لم تجد ايا من أسيف ، عدى ولا رفيف علمت من هشام انهم مازالوا بالأعلى، استأذنت منه وخرجت للحديقة متعللة بأنها تريد الوقوف بالهواء الطلق.

وبالطبع ها هى واقفة منذ ما يقارب الساعة ونصف تراجع أحداث الأسبوعين الماضيين وطريقته معها التى تسوأ يوما بعد يوم، وهى لا تدرى ما الذى بدر منها لمعاملته تلك، لم يكن بمخيلتها يوم أتت إلى بيته أن تقف هكذا بكل ذلك الحزن الدفين من بضع كلمات مقتضبة جافة يتحدث بها إليها، ماذا كانت تنتظر منه؟! أن يعاملها كزوجته!، أن يعاملها بحب ويرحب بوجودها بحياته!

كان هذا المتوقع منذ البداية زواج تم بطريقة خاطئة وهى من وافقت وسمحت بذلك فلتتحمل إذا، ولكن لمَ لا تتحمل، تواترات دموعها وهى تتساءل لمَ هذا الوجع بقلبها، منذ متى وأصبحت حساسةً إلى هذا الحد لمَ لم يساعدها لسانها لو لمرة واحدة فى الإنفجار بوجهه عندما يتحدث معها بكلماته التى تشعرها أنه يمقت وجودها معه ورد له الصاع صاعين كحالها دائما أين جرأتها التى تتحلى بها لمَ تتبخر أمامه وامام تلكما السوداوتين اللتين أصبحت تعشق النظر بهما، لقد أنقلب حالها رأسا على عقب فى غضون شهر بل أقل.

أحست بوجود أحد قريب منها التفتت بوجهها وهى تجفف دموعها ولكن عندما رأته لم تستطع منع دموعها من الإنهمار مجددا والبكاء بحرقة ليقبل عليها بخطوات غير متحكم بها، وقف امامها وهى تنظر بعينيه مباشرة بحزن بالغ وتتواتر الدموع دون توقف، مد كفيه مجففا لها دموعها لتفاجئه هى بارتمائها داخل احضانه ودفن رأسها بصدره لم يجد مفر من محاوطتها وظل يربت على ظهرها ورأسها بحنان ينبع من داخل قلبه ولأول مرة بحياته يظهر مشاعره لأحد وأمام أحد حتى أخته لم يكن معها يوما هكذا بهذا الضعف امام بضعة دموع.

رفعت وجهها لتعود بالنظر لعينيه بعدما هدأت قليلا وتوقفت عن البكاء ليسرح هو فى تلك الخضراوتين الدامعتين التى لم يرَ بجمال رونقهما فى الوجود، ملس على وجهها بكفه برقة تعجبت طيف لها كثيرا والذى جعل خفقات قلبها تزداد مرة واحدة هو نطقه لاسمها لأول مرة بخفوت جعل قلبها يكاد يتوقف من شدة خفقاته
–طيف، تعالى نطلع اوضتنا شكلك مرهق اوى ومحتاجة ترتاحى.

أومأت له وهى تعيد نطقه لاسمها بأذنها ولأول مرة تعشق نطق اسمها من فيه أحد، توجها معا وهو محاوط كتفيها بذراعه وقد أحبت كثيرا تلك الحركة المباغتة منه وأحست باحتوائه لها من خلالها التى لم تود سواه فى وقت كذاك، دخلا معا الغرفة وتسطحت على الفراش ولكنها عندما وجدته يبتعد وظنت انه سيخرج ويتركها هتفت به بخفوت واحتياج
–مجد، رايح فين
التفت لها وقال بهدوء وابتسامة لم تلامس عينيه.

–هدخل أغير هدومى، أكيد مش هنام كده
أومأت له وهى تنهض وتمتمت
–وانا كمان هقوم أغير
دقائق قليلة وانتهيا من تبديل ثيابهما لتلتفت له طيف وهى متسطحة الفراش بجانبه وأخذت ترمقه بتفقد لجميع ملامحه لعدة دقائق لم يلحظ هو ذلك لوصده عينيه، شعرت بحاجتها لقربه أكثر اقتربت منه وباغتته بتوسدها صدره
فتح عينيه بتفاجؤ من فعلتها ورمش باهدابه عدة مرات لترفع نظرها له فى توسل وأردفت بهمس
–ممكن؟

ابتلع بحيرة ثم أومأ لها بالموافقة ليجدها تشدد من تشبثها به، يعلم انه السبب فى حالتها تلك لذا لم يستطع ان يبتعد، حاول بصعوبة ان يرغم نفسه على النوم وتظاهر بانتظام انفاسه ليوهمها انه غط فى النوم ولكنه كان يشعر بتشتت هائل ولا يدرى لما تسيطر عليه هكذا، أتعلق حقا بها!، أأصبحت لها تحكم على جسده أكثر منه!، أوصد عينيه بمزيد من الإرغام على النوم علّ هذا التشتت الذى يصيب فكره دون هوادة ينتهى مع نومه.

–هنكمل كلامنا بكرا، تصبحى على خير.

قالتها رفيف بتثاؤب لشقيقتها بعدما جلستا معا بالحديقة لما يقارب الساعتين بعد أن اصطحبتها هى و عدى لغرفتهما وأخذتها بعدها لتريها المنزل وتناولوا جميعهم معا طعام العشاء وأثناء تناولهما الطعام علمتا من العاملة بذهاب طيف و مجد لغرفتهما عندما استعلمت أسيف عن مجئ طيف وقالت لهم العاملة ايضا ان مجد اخبرها انهما سيخلدان للنوم كى لا يزعجهما أحدا، ثم عرضت عليها رفيف بعد ذهاب الجميع للنوم ان يتحدثا سويا فهى لم تكن تريد النوم وقتها وتريد أن يتعرفا على بعضهما.

ابتسمت لها أسيف وهى تنهض من جلستها ثم أردفت
–وانتى من اهل الخير
سارتا معا صعودا لأعلى تركتها أسيف ودلفت غرفتها أكملت رفيف السير فى الرواق المؤدى لغرفتها ما إن فتحت الباب حتى وجدت يد تسحبها للداخل لتشهق بفزع ثم رفعت نظرها له لتجده جاسم الذى أغلق الباب سريعا وكمم فمها حتى لا تصرخ ويستمع أحد لها وحاصرها بينه وبين الحائط محاوطا خصرها بذراعه والآخر مازال مكمم به فمها.

رفعت يدها لتزيح يده من فوق فمها وازدردت ريقها ثم همست بتساؤل له بملامح مرتبكة
–جاسم انت بتعمل ايه هنا؟
خلل يديه فى خصلاتها وهو ينظر لانهر العسل المتواجدة بعينيها ثم قال بخفوت ومراوغة
–انتى شايفة ايه!
ابتلعت بمزيد من الارتباك وقالت بتلعثم
–جاسم، ما. ماتهزرش، عايز ايه!
قربها له اكثر بيده المتمسكة بخصرها فى تملك ثم قال بأنفاس ساخنة تلفح وجهها ولا ترحم تلك الحمرة التى اندلعت بوجنتيها.

–حبيبتى وحشتنى ومطنشانى من ساعة ما جيت، فقولت اطلعلها اشوفها أنا طالما هى مش عايزه تشوفنى
اصطنعت الإنزعاج وحاولت دفعه وهى تقول
–ابعد يا جاسم بقى وانزل مينفعش كده بابا او مجد ممكن يج..

قاطعها بانقضاضه على شفتيها التى احتضنهما بشفتيه بقبلة لم يستطع التهرب منها منذ وقعت عيناه عليها وقت مجيئه، وصد عينيه باستمتاع بمذاق تلك الكرزيتين التى لا يعشق مثلهما بحياته، ابتعد عنها عندما احس بحاجتها للهواء وهما يلهثان بشدة ليفرق قبل ناعمة على سائر وجهها وهو يخلل اصابعه أكثر بخصلاتها لترفع يديها بتلقائية وتحيط عنقه باستحياء ثم قال لها بهمس وهو يدفن وجهه بعنقها يلثمه برقة بالغة لينهالا جفناها لأسفل.

–مش هتقوليها بقى يا رفيف
همست بصوت منخفض للغاية استطاع تميزه بصعوبة وهى تحيط عنقه أكثر
–أقول ايه!
ارتفع بشفتيه لأذنها ملتقطا شحمة أذنها بين اسنانه ثم همس بحرارة وانفاسه لم يعد يتحكم بها
–بحبَك، عايز اسمعها منك يا رفيف، قوليها أرجوكى
انتفض جسدها بين يديه وازداد ارتفاع وهبوط صدرها ليرتطم بصدره الذى يعلو ويهبط بصخب ليتابع بهمس مجددا أمام شفتيها
–قوليها يا رفيف معدتش قادر.

كان وجهه قريبا بشده من وجهها لدرجة انها احست بحركة شفاهه وهو يتكلم فوق شفاهها لتهمس له بعاطفة قوية
–بحبك.

ابتسم بسعادة بالغة وأوصد عينيه من جديد واقترب اخذا شفتيها بين خاصته بقبلة شغوفة متعمقا بها إلى ابعد حد لتبادله هى هذه المرة بعدم خبرة وارتباك شديدين واناملها أخذت طريقها لخصلاته من الخلف تعبث بها برقة بالغة ليقربها إليه أكثر وهى يحرك يديه فوق مفاتنها بحرية وانسلتت واحدة من يديه أسفل كنزتها مداعبا بشرتها الحليبة لتإن أثناء قبلتهما ظلا على وضعهما لدقائق حتى توسعت عينيها فى رعب عندما استمعت لطرقات على الباب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة