قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن والعشرون

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن والعشرون

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن والعشرون

استيقظت بوقت متأخر من الليل وهي تشعر بألم بالغ بأسفل معدتها حاولت التماسك وتحكمت بآناتها ألا تخرج بصوت هادر لكى لا تيقظ النائم بجانبها بعدما قضى منها وطره ولكن دون إرادة منها اندفعت صرخة متألمة من فيهها لشعورها بوخزات تكاد تفتك بمعدتها وتقلصات شديدة أسفل الظهر لتضع يدها على بطنها وهي تقضم شفتها السفلى ورفعت جسدها قليلا والألم كلما تحركت يزداد، تهدج صدرها بأنفاسا متثاقلة وشعرت بغتة بألم حاد بمنتصفها السفلى لتندلع صرخة أخرى تبعها هتافها به باستغاثة:.

- عاصم، عاصم قوم بسرعة انا تعبانة اوى
استيقظ مع تكرار ندائها وصرخاتها وآنار الضوء بجانبه وظهر على وجهه الدهشة وقال مستفهما وهو يزيح الغطاء قليلا وينهض من نومته:
- في ايه!، ايه الدم ده؟
قال الأخير بتفاجؤ بالغ عندما رأى بقعة دماء ليست بكبيرة تظهر من أسفل داليا وهو فاغر العين لا يفقه شيئا مما يحدث، ليأتيه صوتها بنبرته التي أوشكت على البكاء يعتريه الألم والتوجع وتكومت الدموع بمقلتيها:.

- مش عارفة، بطنى بتوجعنى اوى حاسة بسكاكين فيها، الحقنى أرجوك
شعر بخوف اعترى قلبه لرؤية تلك الدماء ونهض على عجالة وأخذ ينتشل ملابسه الملقاه على الأرض وهو يغمغم بهرجلة واضحة:
- طيب طيب، قومت اهو.

ارتدى ملابسه سريعا وساعدها على ارتداء ملابسها واتكأت عليه حتى السيارة وخلال تلك المسافة التي قطعاها إلى عيادة الطبيبة التي تتابع معها حملها كان هو يشعر بخوف بالغ يتوغل بقلبه فهو يخشى الدماء كثيرا وتلك البقعة التي رآها جعلت رجيف قلبه ينبض بقوة، بينما كانت هي تنهمر عبراتها ولم يتوقف الألم بعد ولا تدرى ما سبب تلك الدماء التي انهمرت من أسفلها تخشى أن يكون ما حدث بينها وبين عاصم قد تسبب لها بضرر.

بينما كانت الطبيبة تفحص داليا المستلقية على السرير أمامها والخوف جلي على تعبيراتها مع شعورها ببعض الألم بعد فقد أعطتها دواء يسكن الألم، تكلمت بنبرة مطمئنة وبابتسامة منمقة قائلة:
- متقلقيش محصلش أي ضرر للحمل، النبض كويس والسائل الأمينوسى نسبته طبيعية
تنفست الصعداء عندما طمأنتها على حملها ولكنها مازال يشغل تفكيرها ذلك النزيف وما سببه لتتساءل ببعض الإعياء:
- طب والنزيف ده سببه ايه؟

توقفت عن فحصها لها ورمقتها بنظرات هادئة وبنبرة علمية أجابتها:
- النزيف اللى حصل بسبب زيادة معدل تدفق الدم للمهبل وعنق الرحم، وأثناء ممارسة العلاقة بيكون في ضغط إضافى على منطقة عنق الرحم وده تحديدا اللى أدى لحدوث النزيف
نهضت داليا وقالت وهي تعدل من ثيابها متسائلة باهتمام بالغ وهي تنظر للطبيبة التي توجهت لمقعدها أمام مكتبها:
- يعنى مفيش حاجة حصلت للبيبيز.

بينما كان عاصم يتابع الفحص من بدايته ويستمع لحوار داليا والطبيبة بمزيج من الملل والتوتر الذي لم يفسر معناه ولم يعرف ما سببه ولكنه فسره بالأخير أنه نتيجة لرؤيته لتلك الدماء، فغر عينيه عند قولها للأخير مشدوها، فماذا قالت للتو!، أهذه صيغة جمع!، أم هُيأ له!، أهذا يعنى أنها تحمل برحمها بأكثر من طفل!، أسكتت تلك التساؤلت بعقله إجابة الطبيبة بطمأنة معلقة:.

- اتطمنى مفيش أي حاجة حصلت للطفلين، بس كإجراء آمان الفترة الجاية يفضل الإمتناع عن ممارسة العلاقة لإن عندك ضعف في جدران عنق الرحم.

ما إن استمع إلى قول الطبيبة كلمة طفلين وتأكد من شكه حول حملها باكثر من طفل حتى اكفهر وجهه وشعر بالتخبط فبداخلها ينمو طفليه وتلك المرة لم يُجهضا كالجنينين السابقين ماذا سيفعل الآن حيال ذلك؟، هل يكمل في عناده ويتركها تتحمل نتيجة تصميمها على أمر مخالف لإرادته؟، أم يخنع للأمر الواقع ويتقبل ذَيْنِك الطفلين؟ كونه بالأول أو بالآخير والدهما وإذا حق القول يجب أن يتحمل تلك المسئولية معها، فاق من خضم تفكيره على صوت داليا المتسائل بقليل من التلعثم وهي تنظر له بنظرة خاطفة موجهة حديثها للطبيبة:.

- هي، هي ممكن العلاقة تسبب إجهاض يا دكتور؟
مطت الطبيبة شفتيها بحركة عفوية وتكلمت وهي تتفاعل بيديها مع الحديث موضحة بطريقة علمية بحتة:.

- الإجهاض الناجم عن العلاقة الزوجية نادر الحدوث، لأن الجنين مؤمن في الكيس الأمينوسي، والكيس ده ملئ بالسوائل وبيعمل على حماية الجنين وبيعمل كممتص للصدمات من أي ضرر جسدى، وعلاوة على كده بيتم إبعاد الجنين عن منطقة الجماع، ولو هيبقى فيه ممارسة في حالتك عشان ضعف في عنق الرحم لازم يبقى في تقنين عشان حماية الطفلين وعشانك
أومأت برأسها بتفهم وابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت وهي تنهض عن المقعد:.

- شكرا يا دكتور وآسفة إنى قلقتك في وقت زي ده
ابتسمت ابتسامة مجاملة وردت بهدوء وهي تخلع نظارتها الطبية:
- العفو على ايه ده شغلي
بداخل السيارة وهما عائدين لبيتها وكانت داليا قد تحسنت حالتها قليلا وزال شعورها بذلك الألم بحد كبير، تكلم عاصم بهدوء كاسرا حاجز الصمت بينهما متسائلا وهو موجه نظره للطريق أمامه:
- ليه مقولتيش قبل كده انك حامل في توأم؟

أدارت وجهها له عندما استمعت لتساؤله ونظرت له بحزن اندلع من خضراوتيها وعلقت بقليل من التهكم الممزوج بالخذلان:
- قبل كده امتى! وانت اول ما عرفت سيبتنى ونهيت اللى بينا، وبعدين لو كنت قولت كان هيفرق معاك في حاجة أو هيغير حاجة من اللى قولتها؟
رمقها من طرف عينيه شزرا ثم عاد للنظر أمامه من جديد وبنبرة خالية من المشاعر اعتادت عليها منه تكلم:
- لأ مش هيغير حاجة.

دلف مجد غرفته بعدما انهى بعض الأعمال بغرفة مكتبه بالأسفل، ليتفاجأ بهيئة طيف الحزينة فقد كانت ساندة وجهها فوق كفيها ومتكأة بمرفقيها فوق مكتبها ليعقد مجد حاجبيه وهو متوجه نحو وتساءل باهتمام بنبرة تعتريها الغرابة بعض الشيء:
- في ايه، قاعدة كده ليه؟
رفعت انظارها إليه وهي ثابته على وضعيتها وأجابته بصوت يعتليه الضيق بملامح عابسة:
- مفيش.

دنا منها أكثر واحتوى وجنتها بيده وتساءل من جديد في غير صبر والقلق بدأ في احتلال قلبه:
- ايه اللى حصل يا طيف؟
انهمرت عبراتها دون إرادة منها وقالت بنشيج مجيبة إياه:
- مش فاهمة حاجة يا مجد وفاضل حاجة بسيطة على الإمتحانات وشكلى كده هعيد السنة
التقط يدها وأوقفها ثم ضمها إليه وتكلم بنبرة هادئة بصوت أجوف وهو يملس فوق خصلاتها:
- طب اهدي بس بتعيطي ليه؟

وهي واضعة رأسها فوق صدره ولم تكف عن البكاء بعد أجابته بنبرة مهتزة مليئة بالكدر:
- انا قاعدة بقالى اربع ساعات بذاكر ومش فاهمة حاجة خالص
صمت مليا كإنما شرد في شيء ما ثم تشدق بعد هنيهة بنبرة هادئة آثرت غيظها:
- طيب وايه المشكلة في كده؟
فرقت عناقهما وابتعد عنه قليلا حتى يتسنى لها النظر بوجهه ثم هدرت بحنق:
- بقولك مش فاهمة حاجة وهعيد السنة يا مجد، دى مش مشكلة؟

مط شفتيه باصطناع واستطرد متسائلا بنبرة لا تحمل المزاح ولكن يتواجد بين طياتها الغموض:
- طب ومين قالك انك هتعيدي السنة؟
تنهدت بنفاذ صبر وظهر عليها الإستياء من استخفافه في الحديث وغمغمت بتجهم:
- انت شايف يعني حاجة تانية!
رفت على شفتيه ابتسامة بسيطة ولكن يظهر بها بعض الإعتداد بالنفس وأردف بنبرة واثقة:.

- شايف اني لو ذاكرتلك كل يوم جزء من مادة وقسمناها كويس من هنا لحد امتحاناتك هنكون لمينا المنهج كله ومفيش سنة كده هتتعاد
رمشت بأهدابها بطريقة لا تخلو من الحيرة ثم سألته بتوجس:
- يعنى تفتكر هقدر في الوقت القصير ده؟
أحاط خصرها بيديه وأجابها بتأكيد محاولا طمأنتها قائلا:
- طبعا هتقدرى، سيبي نفسك ليا بس وهتشوفي
انشقت شفتيها بابتسامة مشاكسة وعلقت على حديثه بتسلية بعدما احاطت عنقه بيديها:.

- اسيب نفسي ليك ايه أكتر من كده!
رمقها بنظرات ماكرة وابتسامة للجانب اعتلت ثغره وتكلم بعبثية معقبا على ما قالته:
- كان في واحدة بتعيط لسه من دقيقتين وهتعيد السنة
مطت شفتيها بضيق مصطنع وقالت بنرفزة غير مبررة ولا تدرى لمَ أصبحت أعصابها تثور سريعا تلك الفترة:
- بس بقى عشان هعيط تاني والله
لاحظ عليها خلال الأيام الماضية عصبيتها المبالغ بها والذي فسرها انها من أعراض حملها لذا حاول ألا يغضبها بحديثه وأردف:.

- لأ خلاص تعيطي إيه مش ناقصين نكد
فغرت عينيها بصدمة وأشارت على نفسها وهي تردد بتساؤل:
- أنا نكدية؟
أومأ بالنفى وسريعا ما نفى تلميحه المتواري الذي اذعن به زلة لسانه وقال بجدية زائفة:
- ابدا يا حبيبتى مين اللى قال كده!، هي هرمونات بس
غمغم بالأخير بخفوت لكي لا تستمع إليه لتعقد هي ما بين حاجبيه لعدم استطاعتها فهم ما قاله وتساءلت:
- بتقول ايه!

أمسك بخصرها من جديد وأطبق جيدا بكفيه عليه ومال عليها بشفتيه وانفاسه الساخنة تجول فوق وجهها وهو يهمس:
- بقول ماتسيبك من المذاكرة دلوقتي وتيجي معايا عشان عايزك في موضع مهم
فهمت ببديهية ما يرمى إليه وتساءلت بابتسامة متسلية بصوت ناعم:
- مهم أوي الموضوع ده؟

تحفز وجدانه أجمع لتلك اللحظات القادمة للغاية خاصة بعد طريقتها المليئة بالدلال والتي لم تزيده سوى رغبة في تجديد مشاعر حبه المتقد ليسحبها من يدها متوجها بها نحو فراشهما وهو يجيبها بابتسامة مغرية وبهمس دافئ قاصدا استدراج مشاعرها إليه:
- تعالى وانتي تعرفي بنفسك.

استوى بها على الفراش وسريعا ما أحتوى شفتيها بقبلة عميقة ممسدا شفتيها بشغف ولهفة بالغين، ليعيدا بث مشاعرهما الوجدانية لبعضهما وإخماد نيران رغبتهما بالتحام الروح قبل الجسد.

بينما كان عدى يبدل ثيابه فهو لتوه عائدا من الخارج وجد زوجته ركضت نحو المرحاض، ارتدى قميصه سريعا الذي قد بدأ في ارتدائه بالفعل ولحق بها ليجدها تتقيأ، ظل يمسد ظهرها بيده برفق حتى انتهت وقام بعدها بغسل وجهها ثم تجفيفه بالمنشفة وساندها حتى الفراش، أزاح الغطاء وأراح جسدها فوق الفراش ثم دثرها جيدا بالغطاء فقد لاحظ ارتجافه بسيطة قد أصابت جسدها وجلس بجنابها وهو يمسح بيده برفق فوق خصلاتها وهي مستلقية بظهرها وسألها بقلق راغب في الإطمئنان عليها:.

- بقيتي كويسة؟
رفعت خضراوتيها المرهقتين إليه وأجابته بصوت ظاهر عليه الإعياء قائلة:
- ايوه الحمد لله
ابتسم لها ابتسامة صافية واقترب وقبل مقدمة رأسها وأردف بحنوٍ:
- ارتاحي يا حبيبتي
نهض عن الفراش متوجها صوب باب الغرفة ليقاطع متابعة سيره صوتها الضعيف متسائلة وهي مضيقة ما بين حاجبيها:
- رايح فين يا عدي؟
التفت لها وهو يجيبها ببساطة رادفا بنبرة صوت هادئة:
- هقفل باب الاوضة وهاجى انام جنبك.

أومأت له بخفة بينما أوصد هو الباب وعاد إليها ودثر نفسه بالغطاء بجانبها ثم جذبها وحاوط خصرها ضامما إياها إليه مريحا رأسها فوق صدره وتساءل باطمئنان عليها مجددا:
- حاسة انك احسن؟

همهمت له وهي شاعرة بقليل من الراحة فهذه هي عادتها مؤخرا بعدما تستفرغ يبدأ شعورها المزعج بالغثيان والتخمة يقلان ويتبدل بارتياح يتوغل تدريجيا لداخلها، وبينما هي موصدة عينيها تنعم بذلك الدفء في أحضان زوجها حتى طرأ بفكرها شيء ما لتفتح عينيها واطلقت العنان للسانها لينطق بما جال بخاطرها مرددة:
- عدي انت صحيح مقولتليش، عايز بنت ولا ولد؟

ابتسم باتساع على سؤالها المباغت والذي لم يعتقد أنه سيشغلها ذلك الأمر ليجاوبها بنبرة صوت دافئة وهو يضمها إليه أكثر هامسا بغبطة:
- اللى يجيبه ربنا انا راضي بيه، المهم عندي انه يبقى بصحة كويسة، والمهم عندي أكتر إنه هيبقى منك.

رفعت وجهها إليه ونظرت له بنظرات تشع بالعشق الذي يتنامى بداخلها على مدى الأيام، ورفعت جسدها قليلا وقبلت وجنته ثم احتضنته بقوة دافنة رأسها بعنقه، ليبتسم هو مظهرا غمازتيه وشدد من ضمة ذراعيه عليها وأوصد عينيه تاركا نفسه لذلك الشعور المفعم بالألفة والود.

بعد فترة:
واقفة أمام باب منزلها منتظرة أن تفتح لها وفي خلال جزء من الدقيقة فُتح الباب لتتكلم رفيف باندفاع فور أن رأت صديقتها أمامها صائحة:
- داليا انتي مختفية ليه وبكلمك مبتردي..

أُلجم لسانها وتطايرت الأحرف من عليه عندما سقطت مقلتيها لبطنها المستدير والبارز بوضوح ولكنها أبت أن تصدق أن ذلك حملُ فكيف يكن كذلك وهي غير متزوجة؟ بالإضافة إلى أنها لم تخبرها قبلا أن هناك أحد بحياتها أو حتى تعشق أحدهم، لتبتلع بتخبط وتساءلت وهي لم تحرك ساكنا وقد كانت بحالة مشدوهة للغاية:
- ايه ده؟

تفاجأت داليا من قدومها المباغت فهي قد تخفت عن الأنظار منذ بدأت بطنها في الظهور واعتكفت بالبيت طوال الفترة السابقة، ولكنها الآن أصبحت بموقف لا تُحسد عليها، زمت شفتيها بخزي بالغ من نظرات صديقتها المصدومة وتكلمت بنبرة صوت تعتليها الوهن:
- ادخلي يا رفيف الأول أكيد مش هنتكلم على الباب.

دلفت وهي آثارة الصمت غير مستوعبة الذي تراه ولا يسعفها عقلها على تصديق أن صديقتها حامل دون زواج، جلست على الأريكة بحالة جلي عليها الذهول لتجلس داليا بجانبها ظلت لبضعة دقائق صامتة لا تدري ماذا تقل أو من أين تبدأ حتى، ولكنها تكلمت بالنهاية قاصصة عليها بتوضيح سريع يشمل الأحداث الهامة بعلاقتها بابن خالتها من البداية حتى يوم شجاره معها ورفضه الإعتراف بذلك الطفل بل وتركه لها، وكل ذلك تستمع إليه الأخرى بتعبيرات تجمع بين الحزن والصدمة والغضب البالغ، تشنجت قسماتها بقوة عندما توقف الحديث بينهما على نقطة أنه رافض الزواج بها وهبت واقفة قائلة بانفعال:.

- يعني ايه رافض يتجوزك، كلمي حد من اهله اتصرفي، انتي ازاى اصلا تفضلي لحد دلوقتى من غير ماتشوفي حل للمصيبة دى
رمقت هيئتها المنفعلة بنظرات تشع منها اللا مبالاة لما تفوهت به فهى أكثر من يعلمه ويعلم أنه لن يغير شيء تحدثها لأحدهم فهو لا يأبه بأحد بالأساس وذلك لن يجني سوى العناد الذي سيخلف ابتعاده عنها نهائيا وهذا آخر ما تتمنى حدوثه خاصة بعد رجوعه إليها، لتردف بعدم استخسان غير موافقة إياها الرأى معلقة:.

- عاصم مبيفرقش معاه حد ومش هييجى بالطريقة دي
قطبت جبينها مدهوشة من رد الأخرى قائلة بصوت هادر زاجرة إياها:
- انتي لسه هتدوريله على طريقة.

لم تستطع التماسك لأكثر من ذلك فهي بداخلها خراب لا يعلم به أحد وتعلم أنها المذنب الأول بحق نفسها وهي من ألقت ذاتها في تلك العلاقة الشنيعة ولكن في جميع الأحوال قد تدمرت حياتها وأصبحت فتاة ذات ثمانية عشر عاما تحمل بطفلين خطيئة ولا تدرى ما الحل في تلك الكارثة التي وضعت نفسها بها والتي لم تكن سوى تمسك منها بآخر أمل لها لتصبح أمًا، لتتكلم بنبرة منفعلة قاربت على البكاء وهي تلوح بيديها بانفعالات جسدية مع كلماتها:.

- مفيش حل يا رفيف، انتي متعرفيهوش
حركت رأسها بإستنكار لموقفها السلبي تجاه تلك الكارثة الواقعة بها وهدرت باستهجان صريح:
- لازم تلاقى حل وبسرعة بطنك ظاهرة خالص، انتي بتخرجي ازاى اصلا بمنظر بطنك دى
غلف صوتها الإختناق ووجدت صعوبة في النطق وهي تجاوبها بنظرات يعتليها الإنكسار:
- مش بخرج، هو على قد المتابعة بتاعة الحمل بس، وأكلى وعلاجى بطلبه بالفون.

شعرت بالندم كونها انفعلت عليها بتلك الطريقة فهي في جميع الأحوال ليس لديها رقيب على أفعالها ولا يوجد لديها من يتصدى لذلك المجرم الذي انتهك جسدها واستحله واستباح معاشرتها، جلست بجانبها ووضعت يدها فوق كتفها وقالت بلوم لها على عدم التحدث إليها حول علاقتها به من قبل:
- انتي ازاى مكلمتنيش عن علاقتكوا دي خالص؟، كان ممكن الأمور متوصلش للدرجة دى.

كانت منكسة رأسها لأسفل وانهمرت دمعة من عينيها على ثقتها به الذي جعلها تبكي ندما عليها وأخبرتها بصوت يحمل العديد من المشاعر المهشمة بداخلها:
- كان متفق معايا اني معرفش حد وان علاقتنا تفضل بينا
رمقتها بنظرات مستريبة وشعرت بالقلق حيال ذلك السؤال الذي طرأ بعقلها وتساءلت بتوجس:
- انتوا علاقتكوا دى مستمرة من امتى؟

حدجتها ببعض الريبة تجاه ردة فعلها فهي عندما قصت عليها منذ القليل تسلسل الأحداث بعلاقتها استثنت التوقيت الذي بدأ فيه تقاربهما، لاحظت رفيف التردد البائن في صوتها وهي ترد:
- من أكتر من تلت سنين
شهقت رفيفة مصدومة، واستمرت تتطلع إليها بنظرات متسعة لبرهة، وتساءلت بعدم تصديق لكل تلك المصائب التي تستمع إليها:
- ايه!، وازاى محصلش حمل قبل كده؟
توترت تعبيراتها وهي تعترف لها بصوت مهزوز موضحة:.

- كان حصل قبل كده مرتين وعملت إجهاض
أغمضت عينيها فقد أصيبت بصداع لعين نتيجة لكل ما استمعت إليه والذي لا يُصدَق بالأساس، ولكنها تمالكت أعصابها واستطردت متسائلة بوجه أخذ الضيق طريقه إليه:
- امتى الكلام ده؟ وانا معرفش عنه حاجة ازاى؟
ظل الألم يوغر صوتها وهي تحاول إفشاء ما خبأته كثيرا قائلة بإيضاح:.

- مرة في اول علاقتنا وكنت قولتلك وقتها اني مسافرة، ومرة تانية قبل تعب مامته وسفره معاها، أجهضته انا لواحدي المرة دي كنت عارفة الدكتور اللى عملت عنده العملية اول مرة
برقت عيناها مذهولة وتساءلت بصوت امتزج بحنقها:
- انتي ازاى تسمحى بكل ده انه يحصل؟، ازاي يا داليا؟
تهاوت دموعها بقوة مصحوبة بانتحابها الشديد وتنفسها السريع فهى قد وصلت لأقصى درجات الضغط النفسي، وأردفت بكلمات ذى تواتر سريع وبهيسترية:.

- غصب عني، بحبه، بحبه يا رفيف وعندي استعداد اخسر حياتي كلها بس يفضل معايا وميسيبنيش، انا كنت حاسة اني بموت الشهرين اللى بعدهم عني لما صممت منزلش الحمل، انا مستعدة اتحمل أي حاجة إلا انه يبعد عني ويسيبني
نظرت لها بتعاطف ممزوج بالشفقة على ما آلت إليه حياتها وربتت على يدها المرتجفة قليلا وهي تردف بحزن بالغ على حالتها المتدنية:
- اهدي يا داليا، اهدي عشان متتعبيش.

ظلت ساكتة تربت على ذراعها وتمسد فوق ظهرها حتى هدأ بكائها إلى حد معقول لتتكلم رفيف مستفهمة بتخبط:
- طيب هو ليه رافض الجواز؟، طالما علاقتكوا مستمرة الفترة دى كلها وكل ما بيبعد بيرجعلك تاني.

قالت بشيء من التهكم وهي تضحك ضحة خافتة ينبعث منها التوجع وعبراتها مغرقة وجنتيها ومستمرة في الإنهمار:
- بيقول مش عاصم الصباحي اللى يتقيد بجواز وخلفة
فغرت عينيها بصدمة هائلة من ذكرها لاسمه غير مستوعبة أن يكون ابن خالتها هو نفسه السبب في تدمير علاقتها ب جاسم وابن مختطف أسيف الذي حرمهم منها لسنوات ورددت بتساؤل وصوت واجل:
- قولتى مين؟

غادرت بيت داليا بعدما تأكدت من شكها حول هوية ابن خالة رفيقتها وأثناء ذلك وقصها عليها ما فعله عاصم معهم ووالده من قبل قد بُعث إليها برسالة كان فحواها أن تذهب لشركة جاسم في الحال فهناك شيء هام في انتظارها، تعجبت كثيرا لما قرأته ولكن ساورتها الشكوك حول تلك الرسالة لذا لم تمنع نفسها عن التوجه لشركته لترى ماذا تعنى تلك الرسالة التي أشعرتها لوهلة بالتشتت.

فتحت باب المكتب دون أن تطرق كعادتها ليمنع دلوفها ويشل حركتها رؤيتها ل جاسم محتضن أحدهن، لتتسع عينيها بصدمة من ذلك المشهد الذي لم تتوقع أن يحدث في يوم، فهى لم تكن تتخيل أن يقم جاسم بفعلة كتلك، لم تكن تتخيل أن يخونها، تهاوت دموعها دون تحكم منها، وما كادت تتحرك مغادرة المكتب حتى صدح صوت جاسم مناديا عليها بلهفة وقد ابعد تلك الفتاة عنه مسرعا:
- رفيف.

هرول إليها وهو يكرر النداء محاولا منعها عن المغادرة وأمسك ذراعها قائلا محاولا تبرير ما شاهدته للتو:
- رفيف استني والله ما..
استدارت هي إليه بملامح جامدة رغم دموعها المتساقطة فوق وجنتيها والمليئة بحدقتيها وباغتته بصفعة فوق وجهه وقالت بنبرة صوت حادة:
- أنا غلطانة اني مسمعتش كلام مجد وفضلت مع واحد زيك.

دلف أحد رجال عاصم مكتبه بعدما أذن له ليصدح صوت عاصم متسائلا بنبرة جامدة وهو ينظر بعدة أوراق موضوعة أمامه فوق المكتب بعدما:
- الراجل اللى تبعك وراها دلوقتي؟
أومأ الراجل بالإيجاب وأردف باحترام وطيف تردد اعترى صوته بالآخير:
- ايوه يا باشا بس في مشكلة
رفع وجهه إليه وعقد حاجبيه وهو ينظر اه نظرات يندلع منها الشراسة وقال مستفسرا بملامح مشدودة:
- مشكلة ايه؟
ابتلع ريقه خيفة من ردة فعله ثم أخبره بهدوء حذر:.

- مش راكبة العربية لواحدها
زفر بغضب واستياء من عدم إبلاغه الأمر دفعة واحد واطنب متسائلا بحدة:
- مين معاها؟
حدجه الرجل بنظرات مرتبكه وهو ينطق بوجل ميجبا إياه:
- داليا بنت خالة سعتك
اكفهر وجهه عندما استمع لاسمها وشعر بقوة رجيف قلبه بغتة وخشى أن يتسبب لها بضرر أو لذينك الطفلين بأحشائها وردد بتخبط وهو ينظر إليه بغرابة:
- داليا!، وداليا معاها بتعمل ايه؟
حمحم الرجل ثم أجابه قائلا بحذر:
- معرفش يا باشا.

طرق عاصم بيده فوق سطح المكتب بعنف وهدر بعصبية مستنكرا:
- يعني ايه متعرفش!
نظر إليه بنظرات محتقنة وصر أسنانه بغضب ثم تابع بصوت صارم أمرا إياه:
- مفيش حاجة تحصل غير لما داليا تنزل من العربية، انت فاهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة