قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن عشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن عشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثامن عشر

شهقت بخوف جم ووضعت يدها فوق فيهها بصدمة بالغة وهى تحرك رأسها بعدم تصديق لما قاله وتنظر له بأعين متسعة لا تدرى أصدمة أم خزلان لتخونها دموعها وانهمرت بقوة فوق وجنتيها وعادت بظهرها للوراء وهى لم تحِد بعينيها عنه كأنها تتوسله أن يكذب ما استمعت إليه ليقابلها هو بصمت تام ووجه خالٍ من أى تعابير إلى أن زاد بكائها استدارت وغادرت المكتب ركوضا.

بينما كان هو واقفا مكانه لم يتحرك قيد أنملة صدمته مما تفوه به فاقت صدمتها بمراحل عدة، لا يدرى كيف نطق لسانه بتلك الكلمات التى تنافى ما بداخله، كيف استطاع أن يصرخ عليها بتلك الطريقة وهى التى كانت تحاول الإطمئنان عليه، كيف يحزنها بعد كل ما بدر منها تجاهه وبعد كل تلك الراحة التى لم يشعر بها سوى معها، أمن المفترض أن يكون هذا جزاءها منه؟!

صرخ عقله عليه بالعديد من الأشياء فقد أخذ يتجادل معه، ينهره على ما فعله، وأخيرا يلومه، حتى عقله الذى كان ضده بالأساس فى المضى فى ذاك العشق لم يوافقه على فعلته، قلبه أصبح جذوة نار أحرقت خلجات صدره، شعوره الآن لا يوجد له وصف فهو محاط من جميع الجهات بالقهر الذى لا يريد مفارقته ويضغط عليه بقوة مهشما إياه ليصبح بداخله فتات.

ذلك الكيان الصلب الذى أقسم ألا يهتز مهما بلغ الأمر ضراوته أصبح بكل وهن واقف متهدل الكتفين دموعه تنهمر دون تحكم لا يدرى أحزن عليها أم على حاله أم من خوفه الشديد مما جال بخاطره وسيطر على عقله بشأنها، ولكن أى لعنة جعلته يتفوه بتلك الكلمات التى لا تمت لما يكنه بقلبه لها بأية صلة.

ماذا سيفعل الآن كيف سيسترضيها، أسيقول لها انه من كثرة خوفه وغضبه مما ألقاه عليه ذلك الشيطان انفعل بها هى لذلك الحد وبتلك الطريقة، ماذا عن كل ما قاله كيف سيبرر لها بعدما أخبرها أنه كاره لحياته لوجودها بها، لقد أخبرها أيضا بأن تبتعد عنه، كيف يفعل ذلك كيف؟! وهو أكثر ما يخشاه بُعدها وتركها له.

جلس على أقرب مقعد منه، لم يعد بمقدوره الوقوف حتى على قدميه كل ذرة به أصابها الضعف، أرجع رأسه للوراء وأغمض عينيه بوجه شاحب خالٍ من الحياة من يراه على حالته الآن لأقسم انه أصابته فاجعة كبرى
صوت محتد برأسه يدفعه للصعود لها فى الحال وأخذها بأحضانه والإعتذار منها وآخر يخبره أن يبقى حتى يتسنى له الشعور ببعض الهدوء الذى نُزع منه منذ تلك المكالمة التى قلبت كل شىء بداخله رأسا على عقب وشتت فكره بشكل بالغ.

بقى على وضعه لما يقارب الساعتين لم يتوقف عقله عن التفكير مصاحبا ذلك تلك الوخزات بقلبه كلما جاء أمامه هيئتها وهى مغادرة الغرفة، لم يعد يستطيع البقاء أكثر لَمَا كان ينبغى عليه من البداية البقاء وتركها لكل تلك المدة.

بعد مضى ثلاثة دقائق تقريبا أصبح أمام غرفتهما واقفا بتردد لم يكن عليه يوما، تنهد بإرهاق وامسك بمقبض الباب وأداره ليرى الغرفة حالكة الظلام توجه ناحية فراشهما وهو بالكاد يرى أمامه من الضوء الخفيض للغاية المتخلل من الشرفة.

جلس على السرير وكانت هى معطية له ظهرها كان يعلم انها تتظاهر بالنوم فهى لن يجافيها النوم بعد ما قاله لها، ليتها ترى نظراته النادمة الآن، زفر بتريث وقام متوجها نحو غرفة الثياب بقى بها لبضعة دقائق وخرج بعدما بدل ثيابه
دثر جسده بالأغطية بجانبها بل واقترب منها للغاية وأحاطها من خصرها بذراعه ليصبح ظهرها ملامس صدره قبل رأسها من الخلف وهمس لها بنبرة نادمة
‐آسف، صدقينى معرفش ازاى قولت الكلام ده.

لم يبدر منها اى ردة فعل سوى الصمت ليقترب أكثر منها دافنا رأسه بشعرها ثم تكلم
-عارف انك صاحية، قولى اى حاجة حتى لو هتزعقى فيا، بس اتكلمى ارجوكى متسكتيش.

لم تجِبه مجددا ولكنها هذا المرة ابعدت ذراعه عن خصرها كإشارة منها على رفض قربه، أعتلى ملامحه الحزن الممزوج بالشفقة عليها فهى محقة فى رفض اعتذاره لذا استجاب لإرادتها وابتعد ونام بالطرف الآخر من الفراش ليظل طوال الليل لم يتقابلا جفنيه سوى لثانية وهو يرمش بأهدابه وبقى مستيقظا محملقا فى سقف الغرفة بشرود تام وحزن دفين لا يدرى متى سيبتعد عنه.

لما يقارب الساعتين وهو مستيقظ يتفحص كل إنش بملامحها بسعادة عارمة وهى متوسدة صدره ومحاوطة خصره بقوة كأنها تحتمى به وليست نائمة فحسب، يبتسم كلما تطرق لذاكرته لحظاتهما الحميمية أمس وكيف بدد ذلك الخوف والرهبة بداخلها لرغبة ومشاعر مليئة بلذة جرباها معا وغاص ببحورها لاول مرة.

انشقتا شفتيه بابتسامة متسلية وهو يقرب يده من وجهها وداعب ارنبة انفها الصغير امتعضت ملامحها بطريقة طفولية لتتسع ابتسامته بينما سار بأصبعه على طول وجنتها بلمسة رقيقة همهمت هى على أثرها، ظل يداعب وجهها حتى رمشت بأهدابها وعينيها مغلقتين ليعلم أنها قد استيقظت، قرب وجهه من اذنها وقال بهمس
-اصحى بقى يا حبيبتى كل ده نوم.

فتحت عينيها ببطء وقربت يدها من عينيها وفركتهما لنفض علامات النعاس عنهما، قضمت شفتيها بخجل عندما وجدت نفسها تتوسد صدره العارى وأخذت تتذكر شيئا فشىء أحداث ليلة أمس ليتضرج وجهها بالحمرة، رفعت حدقتيها نحو عدى وابتسمت بوداعة وقالت بخفوت
-صباح الخير
مد يده نحو وجهها واحتوى وجنتها واقترب مقبلا جبينها مطولا وأردف بنبرة هادئة مليئة بالعاطفة قائلا
-صباح النور يا روحى.

ابتسمت وابتعدت عنه وكادت تنهض ليجذبها من ذراعها وجثى فوقها بجسده وتمتم أمام شفتيها بنبرة رخيمة متسائلا
-رايحة فين؟
سخونة انفاسه المرتطمة بشفتيها مع اقترابه تلك جعل وجهها يحتقن بالدماء وأردفت بتلعثم وهى تشيح بنظرها عنه
-اا، انا، هروح الحمام
أومأ نافيا وهو يقرب وجهه من خصلاتها مستنشقا عبيرهم ليقول ببحة مثيرة إثر خموله من رائحتها المسكرة له.

-مفيش الكلام ده، انتى مش هتبعدى عن حضنى ثانية واحدة، انا مش مصدق لسه انك معايا دلوقتى وبإرادتك، رفع وجهه عن شعرها ليقابل خضراوتيها الرائقتين ليردف بحب نابع من أعماق قلبه وهو مسبل عينيه انا بحبك اوى يا أسيف
ابتسمت بخجل بالغ ونظرت لأسفل وقضمت شفتيها بتأهب ثم همست له برقة لا متناهية
-انا كمان بحبك
ابتسم باتساع حتى ظهرت غمازتيه واقترب متكئا بجبينه فوق جبينها وهو يتنهد براحة عارمة وهمس بشغف.

-عايز اسمعها منك على طول متبطليش تقوليها.

لم ينتظر ردها وأقترب آخذا شفتيها بين شفتيه بقبلة ناعمة تريث بها قدر المستطاع، لقد كان يحاول أن يشعرها بالتلقائية معه كى لا يصيبها التوتر من جديد يريدها أن تستقبل لمساته عن طيب خاطر وتبادله إياها بحب، لم يصعب عليه أخذها لعالم عشقه فهى مستسلمة له بشكل تام كأنها تخبره أنها أصبحت ملكه وله وراغبة بكامل إرادتها فى الخوض معه فى مغامراته التى لم يغامر بها قَبلا سوى معها هى.

جالسة فوق أرجوحتها تحركها ببطء وهى موجهة نظرها أمامها بشرود ووجهها امتلأ بكدرة هائلة لم يغب عن مسامعها للحظة صوته الصارخ وكلماته القاسية التى صاح بها فى وجهها أمس ونظراته الثاقبة التى كلما تذكرتها أحست برجفة تسرى بسائر جسدها لم تكن تتوقع ان تخشى وجودها بالقرب منه لهذه الدرجة خاصة بعدما وصلا معا بعلاقتهما لتلك النقطة فهما كان على شفا حفرة من ان يصبحا زوجين طبيعيين، ليأتى هو ويدمر كل شىء من جديد ولكن تلك المرة لن تساطيع إلتماس الأعذار له ولن تتغاضى عما قاله مثل المرات الماضية، يكفى إلى ذلك الحد.

استمعت لحمحمة بجانبها ليزداد نبضها بغتة وحولت نظرها لمصدر الصوت الذى لم تجده لسواه بالتأكيد، احتدت ملامحها وأوقفت الأرجوحة عن الحركة ونهضت من عليها وشرعت فى المغادرة ليوقفها هاتفا باسمها وكان قد الحق بها وقبض على ذراعها بيده
-طيف
سحبت ذراعها منه وقالت بحدة وهى تضع يدها أمام وجهه مانعة إياه من التفوه
-لوسمحت انا مش عايزه اتكلم فى حاجة.

تنهد وانفاس مرتبكة غادرت رئتيه ليهدر بمصدقية وندم اعترى كلماته متكلما
-انا غلطان فى كل اللى قولته واعتذرت منك امبارح وبعتذر تانى، أنا آسف بجد مش عارفة قولت الكلام ده ازاى، طيف انا...
قاطعته بعصبية هادرة وهى تلوح بيديها امام وجهه ولأول مرة يرى منها تلك التعبيرات ولوهلة شعر بانه أمام شخص آخر
-خلاص يا مجد انا فعلا مش عايزه لا اتكلم معاك ولا اسمع تبريراتك.

أغمض عينيه بإرهاق لم يحتس به من قبل فكل ما يحدث من حوله أصبح أكثر من قدرته على تحمله ليتكلم من جديد بتلك النبرة النادمة
-مش ببرر بس انا بج...
لم تعد تحتمل كلماته فهى أصبحت كالبركان الثائر وحتما ستنفجر فى وجهه فالغصب أصبح جليا عليها بقوة لتقاطعه مجددا صائحة بنبرة مرتفعة للغاية.

-خلاص، مش عايزه اسمع حاجة، انا استحملت كتير اسلوبك معايا وانت عارف كويس اوى كنت بتعاملنى ازاى، كنت بحاول اقرب منك وانت تصدنى وسافرت من غير ما تعرفنى كأنى ولا ليا قيمة فى حياتك ولا عملت اعتبار انى مراتك وعديتها، عمال تقرب وتبعد تقرب وتبعد اما تعبت ومعدتش عارفة انت عايز ايه، وتوصل بيك انك تقولى انك كاره حياتك بسببى وعايزنى ابعد عنك، خلاص طالما كده طلقنى وانا ابعد.

صر أسنانه فقد أشعل ذكرها للطلاق فتيلة الغضب بداخله قبص على ساعدها بقوة ثم تكلم بانفعال
-قولتلك قبل كده مفيش طلاق، مش هيحصل انتى فاهمة، انتى هتفضلى مراتى بمزاجك غصب عنك هتفضلى مراتى
نفضت يدها ورمقته بنظرة استهجان انفجرت من عينيها ثم تكلمت بجرأة عهدها عليها منذ أول يوم تحدثا به.

-انا مبعملش حاجة غصب عنى ولو انا لسه على ذمتك لحد دلوقتى فعشان انا عايزه كده، لكن لو ده هيجى على حساب راحتى وكرامتى فمش عايزه الجوازة دى
ضيق ما بين حاجبيه وتساءل باستنكار وهو يتفقد ملامحها الثائرة
-وانتى بقى مش مرتاحة معايا؟!
أجابته بتأكيد وتعبيرات متهكمة اعتلت وجهها وصرحت بها جميع إيماءاتها.

-لأ مش مرتاحة، ارتاح معاك ازاى وانت مش عايز تريحنى، انت حتى مش عايز تريح نفسك، تنهدت فى محاولة للتحكم بأعصابها ثم تابعت متسائلة بجدية وكلماتها تصرخ بالتوسل لقوله أى شىء يطمئنها مجد فى ايه مخليك عايز تبعد عنى، انا متأكدة انك عايزنى معاك وحابب وجودى فى حياتك، لو فى حاجة هى اللى مخلياك معايا كده عرفنى.

قابل تساؤلها بصمت مبهم دام لعدة ثوان لتخرج ضحكة خافتة من بين شفتيها تسخر بها على نفسها وسذاجتها التى خيلت لها انه سيتكلم معها ويصارحها بمكنونات صدره لتومأ عدة مرات وهى ناظرة بداخل عينيه كأنها تخبره انه هو السبب فيما آلت إليه علاقتهما ثم أردفت
-تمام براحتك.

لم يعد يستطيع مسايرة ذلك الجدال المحتدم بينهما لذا آثار الصمت واستغل إنهائها للحديث واستدار ليغادر بينما أوقفه جملتها التى خرجت بثبات كأن ما حدث بينهما منذ هنيهة وانفعالها عليه لم يحدث
-انا هروح اقعد مع ماما كام يوم اريح اعصابى
التفت لها نصف التفاته ورمقها بملامح مبهمة لم يتبين لها ما يجتاحه بينما بداخله شعر ببركان يغلى وقال لها بهدوء ولا مبالاة آثارت حفيظتها
-اعملى اللى يريحك.

استدار بعدها وغادر المكان بل وغادر البيت كله وتركها واقفة مكانها تشعر بسائر جسدها ينتفض لا تدرى أغضب ذلك أم نوبة بكاء تجاهد لمنعها ولكنها لم تتحمل أكثر لتنهمر دموعها فوق وجنتيها بقوة كأن تلك الدموع حُبساء وأمرت للتو بتحريرهم.

انهارت قواها ولم تستطع قدماها حملها لتجلس على المقعد المتواجد خلفها مباشرة واضعة يديها بجانبها من الجهتين متكئة عليهما وهى منحنية المنكبين وظلت تبكى قهرا على ما آلت إليه علاقتهما التى لم تكَد تُوطَد حتى تدمرت تماما.

بعد استيقاظهما وخروجهما لتناول الطعام رفقة والدتهما والتى أخبرها عدى -على انفراد رغبة فى عدم إخجال أسيف - بطريفة متوارية أنهما أتما زواجهما فرحت كثيرا لذلك الخبر الذى طال انتظاره منهما فهى تتمنى أن تحمل طفلهما بين يديها بفارغ الصبر، انتهوا جميعا من تناول الفطور دلفت أسيف الغرفة لترتيبها وبعدما انتهت دلفت لتستحم بينما تفاجأت وهى بالداخل ب عدى يحتضنها من خصرها من الخلف.

لن تنكر توترها الذى شعرت به حينها ولكنها تحاول أن تتقبل كل ما يبدر منه معها كى تعتاد على كل ذلك وعلى صعيد آخر تريد أن تشعره برغبتها فى كل ما يحدث بينهما، بعدما انتها من استحمامهما جلسا على الأريكة ليتحدثا معا قليلا فقد اشتاق كثيرا لتناولهما الأحاديث فيما بينهما ومراقبة سائر إيماءتها وتعبيراتها المنعشة لروحه وكذلك حركات شفتيها المكتنزتين الذى يشعر باستمتاع غريب لمراقبة تحركاتهما فقط.

جالسا فوق الأريكة وهو محتوى جسدها بين ذراعيها لاصقا ظهره بصدره دافنا رأسه بخصلاتها وهمس إليها بتساؤل
-حبيبتى انتى كويسة، مش حاسة بتعب؟!
توصلت لمغزى سؤاله وهو رغبته فى الإطمئنان عليها بعد ليلتهما الأولى لتبتلع فى تحفز ثم أجابته بتلعثم خجل
-اا، انا كويسة، مش حاسة ان فى تعب خالص.

زفر براحة ثم ابعد خصلاتها قليلا ليتسنى له رؤية عنقها المرمرى ومرر شفتيه عليه بتريث ملثما إياه مما أدى لحدوث قشعريرة صغيرة بجسدها ليحتس هو بعروق عنقها النابضة بهيستيرية تحت شفتيه وأردف بخفوت بجانب أذنها.

-عايز نبقى مبسوطين مع بعض مش عايز أى حاجة تدخل بينا تفرقنا، مش هقدر تانى استحمل ثانية واحدة وانتى بعيدة عنى، لو حصل فى يوم وفى حاجة حصلت منى ضايقتك عرفينى عشان معملهاش تانى، احنا بقينا غير الأول يا أسيف يعنى احنا كنا أخ وأخت وعلاقتنا مهما كانت قوية عمرها ما هتتقارن بعلاقتنا دلوقتى، حاسس اننا بقينا واحد ومش عايز الأحساس ده يروح منى.

شدد من احتضانه لخصرها وهو دافنا رأسه بملتقى عنقها لينسدلا جفناها تأثرا بكل تلك الأحاسيس الجديدة عليها من نوعها وبمنتهى التلقائية أحاطت ذراعيه بذراعيها وقالت بكلمات هادئة رقيقة تحمل العديد من المشاعر.

-انا كنت خايفة اوى من علاقتنا اللى اتغيرت وانك بين يوم ليلة اتحولت من اخ ليا لزوج، كنت حاسة ان علاقتنا هتبوظ وبالذات بعد ما حسيت انك مشاعرك اتغيرت ناحيتى، بُعدنا عن بعض كان مضايقنى اوى وخصوصا انه اول مرة يحصل بس فى نفس الوقت كنت شايفة انه الحل الوحيد عشان مضعفش قدامك.

استرعى انتباهه آخر كلماتها ليرفع رأسه عن عنقها وحرك جسدها قليلا ليرى ملامحها وهو عاقد حاجبيه بينما هى رأت تلك التساؤلات على وجهه ورغبته فى فهم ما تقوله لتبتسم بعذوبة وتابعت وهى تتفقد سائر ملامحه التى كانت تفتقدها كثيرا.

-من اول مرة كنت هتقرب منى فيها لما ضايقتنى واخدت منى الريموت وانا كنت حاسة بشعور غريب جوايا دقات قلبى زادت اوى مش خوف، يمكن توتر اه بس كان فى شعور تانى مكنتش فاهماه وقتها بس فهمته مع الوقت، انا كنت بتأثر بكل حاجة بتحصل منك معايا كنت بحب قربك اوى وبحب حضنك ولمستك ليا بس خوفى من بعد كده هو اللى كان بيوقفنى، خوفى من علاقة الجواز، مسؤولياته، الحياة الجديدة دى كان كل ده مخليانى واقفة مكانى وعماله ابوظ علاقتنا ببعض عشان بس مضعفش ليك و...

وضع يده فوق فيهها مقاطعا سيل كلماتها متسائلا باهتمام
-طب ودلوقتى، لسه خايفة من جوازنا؟
ابعدت يده قليلا بيدها وقبلت انامله برقة وظلت ممسكة بيده وأمأت بالنفى وأجابته بابتسامة رائعة قائلة.

-مش خايفة، انا كنت غبية اوى وموثقتش فيك، انت الوحيد فى الدنيا دى كلها اللى ببقى متطمنة وانا معاه كان لازم مخافش وابقى واثقة انك زى ما كنت أحسن أخ وصاحب ليا هتبقى أحسن زوج وحبيب فى الدنيا، طيف كان عندها حق لما قالتلى انك أكتر حد مناسب ليا، مكانش ينفع حد تانى غيرك يبقى معايا يا عدى.

سحبها داخل أحضانه ضاممها إليه بقوة فهى لا تعلم مقدار السعادة والراحة اللتين توغلا بداخل قلبه لسماعه تلك الكلمات التى خرجت من بين شفتيها بكل تلك المشاعر الذى ود طوال الخمس أشهر الماضية أن يحتس بها معها.

لن تنكر تلك الراحة التى تتملكها عند احتضانه إياها وضم جسدها إليه بتلك القوة كأنه يخبرها على طريقته أنها ملكه، ملكه فقط، أراحت رأسها فوق صدره وأغمضت عينيها وهى تتذكر كيف كان رقيقا معها لأبعد حد كأنه يخشى تهشيمها بين يديه.

ظلا متعانقين آبيين تفريق ذلك العناق الذى يحمل دفء مختلف من نوعه وله لذة غريبة عشقاها وودا لو يمسيان ويصبحان وهما متنعمان بأحضان بعضهما هكذا، أن يفرغ العالم من حولهما ويُتركان وحدهما فى خضم مشاعرهما وعشقهما الذى بدآ بالإنغماز به توا.

بعد مرور عدة أيام..
أخبرته عبر الهاتف بفرحة عارمة وهى واقفة بمنتصف غرفتها تقفز بالهواء كالأطفال صائحة
-نجحت، نجحت يا جاسم i can t believe it (لا استطيع ان أصدق الأمر)، انا فرحانة اوى بجد
أخذت البسمة طريقها لشفتيه من استماعة لنبرتها الفرحة تلك والتى لم ترها هى بالتأكيد ثم أردف بمكر ومراوغة.

-الف مبروك يا حبيبتى، بس هو يعنى، مفيش مكافأة لجاسم حبيبك اللى تعب معاكى وكان بيذاكرلك وكنتى بتصحيه من عز النوم عشان تسأليه على اللى كان بيوقف عليكى
همهمت بدلع مصطنعة التفكير ثم قالت بصوتها الرقيق المماثل لها
-عايز مكافأة ايه طيب؟
أردف باشتياق بالغ ونبرة خافتة احست بارتجافة بداخلها إثرا لها
-وحشتينى، بقالنا كتير مقعدناش مع بعض لواحدنا.

فهمت انه يريدها أن تذهب له الشركة فهذا المكان الوحيد الذى يجتمعان به ويبقيان بمفردهما خصيصا فى غرفة مكتبه، استمع لتنهيدتها المطولة ليعلم انها مازالت رافضة للأمر ليستطرد مسرعا مترجيا
-أرجوكى مترفضيش يا رفيف، مش هعمل حاجة وحشنى حضنك بس.

كانت مترددة تجاه الأمر بشدة نعم تشتاق إليه وإلى عناقه وضمته لها بذراعيه ولكن ماذا سيحدث بعدها، لاحظ صمتها الذى طال وكاد يتكلم ولكنها سبقته وهى تتكلم بارتباك وتردد هائلين صرخت بهما نبرتها وهى تقول
-جاسم، انا، يعنى بصراحة..
قاطع تلعثمها تلك سائلا بطيف حزن متوجسا
-يعنى انا مواحشتكيش؟
أحابته مسرعة قائلة بلهفة وحب اعتلى نبرتها
-طبعا وحشتنى
اطنب هو فى طلبه قائلا بخفوت ونبرة لحوحة.

-يبقى تيجى واوعدك مش هيحصل حاجة تضايقك
شعرت بقلة الحيلة أمام نبرته المتوسلة تلك ولحه عليها واشتياقه لها الذى يتضح بشدة من كلماته والتى اكتشفت انها ضعيفة للغاية امام بضع كلمات فقط منه لتجيبه بالنهاية بموافقة
-حاضر هاجى.

استمرا فى تبادلهما الحديث سويا لتتفاحأ بولوج مجد بغتة الغرفة والذى دلف دون استئذان عندما وجدها غير موصدة الباب واستمع لصوتها تتحدث لأحدهم بالهاتف ولكنه تفاجأ بإنزالها الهاتف سريعا عن أذنها وتوترت للغاية ليمط شفتيه بتعحب وهو يرمقها وتساءل
-كنتى بتكلمى مين؟!
ابتلعت قبل أن تجيبه وهزت كتفيها بحركة زيفت تلقائيتها وأردفت بارتباك
-دى، دى داليا
حدجها بمقلتين مثبتتين عليها وأومأ برأسه ثم قال بهدوء.

-تمام، كنت جاى اتطمن عليكى بس قبل ما انام، تصبحى على خير
ابتسمت باقتضاب وردت عليه بهدوء عكس العاصفة التى انفجرت بداخل رأسها
-وانت من اهله.

غادر الغرفة بهدوء لتتنفس هى الصعداء وقامت من فوق الفراش وتوجهت نحو الباب لتوصده وعادت مرة ثانية والتقطت الهاتف مسرعة لتحادثه من جديد وتعتذر منه على انهائها المكالمة دون اخباره فقد توترت كثيرا من دلوف مجد المفاجئ عليها والتى تخشى ان يكون قد ظهر عليها أية إمارات توتر يجعله يشك فى أمرها.

واقف بغرفته ببيت والده والذى ذهب إليه بعد ذهاب طيف لبيت والدتها لعدم استطاعته البقاء دونها، انتشل الهاتف من فوق الكومود لتوه متفقدا اياه ليرى إذا كانت قد قامت بمهاتفته ليخيب أمله مثل الأيام السابقة منذ ذهابها بيت والدتها منذ ما يقارب الأسبوعان.

تنهد بسأم مما تفعله ومن التغير اللعين الذى أصابها، أكل ذلك من بضع كلمات خرقاء غادرت شفتيه دون تحكم وأخبرها انها لا تمت لما بداخله بأية صلة، لمَ عنادها إذا ألا تصدقه ألا ترى ذلك العشق الذى أذعنته عينيه قبل شفتيه، يعلم انه لم يخبرها مسبقا بعشقه لها ولكن ذلك ظاهرا وجليا عليه.

أتى برقمها وأجرى الإتصال منتظرا بلهفة عارمة ردها فقظ اشتاق لصوتها كثيرا والذى فُتحت المكالمة وأتاه ولكن بمنتهى الجفاء الذى لم تكف عنه طوال تلك الفترة ليزفر هو وقال بإندفاع فهو لم يعد يطيق الإنتظار ويتحرق شوقا لرؤيتها وأخذها بأحضانه
-هتفضلى قاعدة عند مامتك؟! انتى بقالك اسبوعين قاعده هناك
استمع لزفرتها التى تعبر عن ضيقها صاحبها كلماتها المتسائلة بهدوء
-عايز ايه يا مجد؟

أغمض عينيه بقوة وهو زامما شفتيه محاولا التحكم فى اعصابه كى لا يصرخ بها وتكلم بهدوء ممزوج بالسخط على أفعالها البادرة منها معه والتى سأمها
-عايز افهم هتفضلى عندك لحد امتى ده انتى حتى مبتكلمنيش واما بكلمك انا مبترديش عليا، ولو رديتى بيبقوا كلمتين كأنك بتمنى عليا بيهم، سحب نفسا لرئتيه وزفره سريعا وتابع قائلا طيف انا معدتش متحمل اللى بيحصل ده لوسمحتى ارجعى.

أجابته بعد صمت دام لثوان بموافقة تعجب لها فقد توقع ان تجادله او ترفض
-حاضر يا مجد، انا هقفل دلوقتى عشان مش فاضية، باى.

أنهت المكالمة ليشعر بغضب يتآكل به لم يعد يتحمل جفاءها معه لم تكن بضع كلمات خرجت دون إرادته واعتذر عنها تستدعى كل ذلك، أغمض عينيه بأسى بلا تستدعى لقد صرخ بها وأخبرها انه كاره لحياته بسببها وان تبتعد عنه ماذا كان ينتظر، أن تأتى هى إليه وتراضيه على صراخه عليها، أن تلتمس له الأعذار كالعادة أم أن تتغاضى ككل مرة؟!

يعلم أن لكل إنسان طاقة تحمل ويعلم ايضا انه استنفذ كامل طاقتها بكل ما فعله معها منذ علمه بمشاعرها المنجرفه نحوه، محقة فى ردة فعلها ومحقة فى ابتعادها ولكنه رغم ذلك لا يتحمل ذلك البعد، يشعر بأنه غير قادر على ابتعادها عنه لثانية أخرى ألم تشتاق له مثلما يشتاق إليها هكذا؟!، يستحيل أن تختفى مشاعرها نحوه من جدال حدث بينهما، مؤكد تشتاق إليه وتتحرق لرؤيته كما هو حاله.

عزم على إصلاح الأمور بينهما عند عودتها سيحاول جاهدا بقصارى جهده ان يسترضيها حتى إذا اضطر ان يفشى لها عن مخططه الذى يدبر له منذ مدة فى تستر كى يفاجئها به، يجب أن تعود معه كما كانت وهو لن يتوانى فى إرضائها وإرجاعها لأحضانه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة