قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل التاسع عشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل التاسع عشر

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل التاسع عشر

كان يشرع فى الترجل من سيارته التى أوقفها بالقرب من أحد المطاعم الكبرى التى يتقابل بها مع العملاء وغيرهم لعقد اتفاقياتهم حول عمله، ليستوقفه مظهر السيارة الواقفة أمامه والتى غالبا تعرف على صاحبها والذى لم سكن سوى جاسم، التقط هاتفه وقام بفتح باب السيارة ولكنه توقف مجددا مشدوها مما يراه، لقد فُتحت السيارة أمامه وترجلت منها شقيقته الصغرى وكذلك صديقه ليعقد هو حاجبيه بتعجب، فلمَ يجتمعا الإثنان معا ولكن ما زاد تفاجؤه وظهرت إمارات الصدمة جلية على وجهه هو عندما مد جاسم ذراعه والتقط يد رفيف ممسكا بها وتوجها سويا لداخل المطعم.

التوى فم الآخر للجانب فقد اتضحت الرؤية أمامه وأصبحت شكوكه حول رفيف وعلاقتها بأحدهم تتحول ليقين وليس مجرد شك، وما جعله يشك بالأمر بالأساس هو عند دخوله عليها غرفتها وهى تتحدث لأحدهم عبر الهاتف لم يكن من الصعب عليه رؤية توترها وردها الكاذب حول مهاتفتها لصديقتها فهو أكثر من يعرفها، ولكن أن تصبح تلك العلاقة مع صديقه هذا ما لم يدع عقله يتخيله، لا ينكر أنه عندما أخبرته طيف بذكر رفيف ل جاسم فى حديث معها جعله يتعحب ولكنه سريعا ما نفض ذلك عن فكره ووبخ نفسه على ظنه الذى كان يعتقد انه خاطئ ولكن ماذا عن الآن! أيكذب عينيه اللتين رآتهما وهما يترجلان سويا من سيارته ويتوجهان معا لداخل المطعم وهما ممسكين بيدى بعضهما.

أيعقل أن يكون هناك علاقة بينهما حقا!، ولكن كيف يفعل ذلك صديقه ولمَ لم يخبره بالأساس! إلا إذا كانت نواياه سيئة حيالها حينها فقط لن يخبره، ولكن يستحيل أن يفعلها جاسم فهو أكثر من يشهد له بالأمانة وكذلك أخلاقه الرفيعة التى يشهد بها الجميع ولا خلاف عليها فهذا ما جعله يطمئن لدخوله بيتهم وجعله فردا منهم وهذا أيضا ما جعله يعتمد عليها فى العديد من الأحيان فى الكثير من أمور عملهما ومؤكدا أنه إذا كان يحمل مشاعر بداخله لأخته لكان أخبره، لن يتحدث عن فارق السن بينهما فهو الآخر بينه وبين زوجته فارق سن مقارب لهما لذا لن يتعجب للأمر، يجب أن يتحدث لأحدهما لكى يفهم لأى مدى تصل علاقتهما لكى لا يتطرق هو لذهنه أمور أخرى.

ترجل من السيارة واتجه هو كذلك نحو المطعم، لينتقل بعينيه فى أرجائه لكى يرى على أى طاولة يجلسان، وقعت عينيه عليهما على طاول تبتعد عن طاولته بمسافة ليست بقليل ولكن هيئتهما تلك لا تبشر بخير فتلك الابتسامة الجلية على وجهاهما وتبادلهما الحديث بذلك الاهتمام المتبادل بينهما يجعل شكه يزداد حيالهما، ابعد بصره عنهما وتحرك متوجها نحو طاولته حيث العملاء الذين سيتناول معهم طعام الغداء ويتناولون الحديث حول صفقة ما.

عندما وقعت عينا أحدهم عليه هب واقفا ومد ذراعه إليه مرحبا به باحترام قائلا
-مجد بيه اهلا بسعتك، فى الميعاد مظبوط.

ابتسم له باقتضاب وتبادلوا الترحيب فيما بينهم جميعا، وجلس على الطاولة معهم بينما بدأوا هم بتناول الطعام لم يشِح هو بعينيه عنهما وفى أثناء ذلك توسعت عينيه صدمة وأحس بغليان الدماء بعروقه عندما التقط جاسم يد رفيف وقام بتقبيلها واحتفظ بها فى يده بينما ظلا يتناولان الحديث بذلك الشغف الجلى عليهما، كان سينهض ويتوجه إليهما ولكنه منع نفسه عن فعلها، فإذا ذهب إليهما الآن لربما يتحايلان عليه وينفيان وجود علاقة بينهما بات متأكدا من وجودها، لذا سينتظر لبعض الوقت ليرى ما إذا قام أحدهما بأخباره عن الأمر فهو لا يدرى منذ متى تجمعهما تلك المقابلات وهل أصبح هناك مسمى لتلك العلاقة بينهما أم ماذا.

لكنه لا يدرى ما الذى سيفعله إذا لم يخبره أحدهما فحينها لا يضمن ما سيقوم به معهما وكذلك ردة فعلها حيال الأمر، نعم هو لم يقسَ على رفيف من قبل وتجمعهما علاقة صداقة جاهد لتكوينهما بينهما، لكن ما تفعله الآن ما لا يقبله أخٌ على الإطلاق، فلا يوجد أخ يعلم بأن شقيقته تجمعها علاقة برجل ولا يتخذ موقف حيال ذلك او يوافق بالأساس على أمر كهذا، كظم غيظه وحاول قدر استطاعته إبعاد بصره عنهما كى لا ينهض ويقوم بلكمه وسحبها معه إلى الخارج.

دقائق قليلة وانتهيا من تناول غدائهما ورحلا من المطعم بينما ظل مجد شاردا بأمرهما ولا يدرى هل يتخذ موقفا ويواجه أخته بالأمر أو صديقه أم ينتظر لبعض الوقت حتى يتسنى لهما التحدث إليه حول تلك العلاقة التى تجمعهما والتى لا يعلم منذ متى تجمعهما وإلى أى حد تصل.

جالسة رفقة والدتها منذ استيقاظهما وتتاولهما طعام الإفطار، حتى أصبحت الساعة مقاربة للثانية عصرا حدجت طيف فى أنحاء الشقة الظاهر لمرمى بصرها من موضع جلوسها بتفقد ثم انتقلت ببصرها لوالدتها وتكلمت ياستفسار
-امال فين أسيف مشوفتهاش من ساعة ما صحيت، هى كل ده نايمة؟
رفعت والدتها كتفيها بعدم علم وأخبرتها متكلمة بعدما استدارت بجسدها ناحيتها
-شكلها لسه نايمة، انا صاحية من بدرى محستش بيها صحت خالص.

رمقتها لعدة ثوانٍ بصمت ثم اقترحت عليها وهى جالسة فى تحفز
-طب ادخل اشوفها واصحيها ولا ايه؟
أومأت برأسها مؤكدة عليها وتكلمت بنبرة أمومية طيبة
-اه ادخلى اتطمنى عليها ولو نايمة صحيها كفاية كده عشان جسمها ميتعبش.

نهضت من مقعدها وتوجهت صوب غرفة أسيف، هى على علم مسبقا بمغادرة شقيقها كل صباح لعمله لذا هى ذاهبة لتيقظ أسيف فقط من نومتها التى تأخرت بها لتلك الوقت المتأخر وهذا على غير عادتها فهى فى الغالب تستيقظ مع والدتهم أو أبكر إذا كانت ذاهبة لكليتها، قبضت على مقبض الباب بيدها وأدارته ودفعت الباب لتتسمر مكانها عند رؤيتها لهذا المنظر الذى أخجلها وجعلها تشعر بارتباك جلى عليها وألجم تفكيرها لثوانٍ.

ولكنها سريعا ما أفاقت نفسها وتراجعت بجسدها للخلف وأغلقت الباب ووقفت بالخارج بجانب الباب تبتلع بصدمة فهى لم تكن تعلم أن شقيقها لم يغادر لعمله ومازال بالمنزل، ولكن رؤيتهما نائمين هكذا و أسيف متوسدة صدره ولا يستر جسداهما سوى الغطاء آخر ما كانت تتخيل رؤيته، هى حتى لم تتوقع أن يكونا نائمين بغرفة واحدة فليلة أمس تشاجرا معا وتركت له الغرفة وأصرت على النوم بغرفتها بمفردها.

نعم كانا يمزحان ولكنها ظنت أن كل واحد فيهما نام بغرفته حتى أنها كانت تريد الذهاب إليها ليلا ليتحدثا قليلا عندما لم يجافيها النوم بعد محاولات عدة لكى تنم، حمدت ربها أنها لم تذهب إليها حينها مؤكدا أنهما كانا حينها مستيقظين وكانت ستقطع عليهما خلوتهما وتُوقع ذاتها فى موقف بالغ الإحراج لربما تمنت حينها أن تنشق الأرض وتبتلعها.

زفرت هواء ساخن برئتيها مع شعور باختناق مفاجئ تمكن منها لا تدرى لمَ، هل لرؤيتها لشقيقها وأسيف بتلك الهيئة، أم لأنها لا يحدث معها مثل ذلك فهى لم تحظَ منذ زواجها بتلك اللحظات الحميمية التى يتشاركاها الزوجين معا والتى تمنت لو يطالب بها الآخر ليست لأنها تريد الأمر عينه ولكنها كانت تريد الشعور برغبته بها كزوجة وبلهفته عليها وبذلك العشق الذى تتمنى أن تتأكد أنه يبادلها إياه.

سارت بتباطؤ وشرود عائدة أدراجها لترى والدتها قسماتها التى اعترتها الحزن للتفاجأ وتساءلت بعدما جلست طيف بجانبها
-أسيف نايمة لسه؟
أومأت بهدوء دون النظر بعينيها فهى مازالت محرجة مما رأته لتتساءل والدتها مجددا
-طب مصحتيهاش ليه؟
وضعت خصلاتها خلف أذنها بتوتر صرخت به ملامحها وقالت متلعثمة
-اصل، اصل عدى نايم جنبها وا، معرفتش اصحيها.

تعجبت الأخرى لبقاء عدى وعدم ذهابه لعمله فاليوم ليس بعطلة أسبوعية ولم يخبرها أيضا بشىء يخص أخذه لإجازة أو ما شابه، ولكن ما استرعى انتباهها هو حالة ابنتها فملامحها تحمل مزيجا من التوتر والحزن الدفين شخصت ذلك التوتر من ولوجها الغرفة عليهما، فقد دلفت الغرفة على زوجين نائمين لذا تخيلت ما رأته ولكن لَ هذا الحزن البفدى عليها؟!، نعم هى تعلم بشأن شجارها مع زوجها ولكن طيلة الأسبوعين التى قضتهم معها لم يظهر عليها سوى الثبات حتى انها عندما كانت تستمع لمكالماتها معه لم يبدر منها خلالها إلا كلمات تندلع من شخصية قوية اعتادت ان تراها عليها.

تعلم أن ابنتها لطالما تحلت بتلك الصفات ألا وهى الشجاعة، الجرأة، قوة الشخصية، وأهمهم وأولاهم العناد وكان لصفاتها تلك عامل قوى لاطمئنانها عليها وتأكدها من انها ستتعامل وتتواجه مع كل صعاب الحياة ولن تكل إلا وهى متغلبة عليهم بل وواصلة لما تريده، ولكن ما شتت تفكيرها الآن تحولها بعدما ذهبت لإيقاظ أسيف هل رؤيتها لها رفقة عدى بغرفة نومهما تحزنها إلى هذا الحد وإذا كان الأمر كذلك فلما؟!، طرق تفكيرها بغتة ذلك السؤال ولم تترد لطرحه عليها قائلة بعفوية ودون ترتيب مسبق لما تتفوه به.

-طيف كنت عايزه أسألك عن علاقتك انتى ومجد، يعنى انتوا لسه زى مانتوا مقربتوش من بعض، او يعنى..
لاحظت ازدراد ابنتها وانتقال بصرها لأسفل وتفاقم حالة الحزن المعترية لقسماتها لتنتبه لما قالته دون دراية منها، زمت شفتيها ووضعت يدها فوق ذراعها بحنان وقالت بندم.

-معلش يا حبيبتى لو ضايقتك بسؤالى او فاجئتك بيه، بس انا من اول جوازك وانا مسألتكيش فى الموضوع ده وقولت اسيبك انتى اللى تيجى تعرفينى عشان عارفة جوازكم تم ازاى وطبيعى متقربوش لبعض على طول، بس اهو بقالكم أكتر من خمس شهور متجوزين فحسيت انى لازم اكلمك طالما مكلمتنيش انتى
هزت رأسها بتفهم ورفعت بصرها إليه وقالت بأسى على حالها
-متضايقتش منك يا ماما، انا بس مش لاقية رد اقولهولك ولا حتى عارفة المفروض اعمل ايه.

توصلت والدتها لمضمون ما قالته وفطنت انهما لم يمارسا علاقتهما الزوجية حتى الآن ولكنها تعجبت للأمر وتساءلت مستفسرة علّها فهمت الأمر بطريقة خاطئة
-يعنى افهم من كده ان مفيش حاجة لسه حصلت بينكم؟
أومأت برأسها نافية وقد غلف تعابيرها البؤس وجاوبتها.

-لأ، انا اصلا مفكرتش فى الموضوع خالص فى بداية جوازنا لأنى مكنتش اعرفه وكل اللى كنت عايزاه وقتها افهمه واعرف طباعه عشان اعرف هكمل معاه ولا لأ، بس لما حبيته، قضمت كلماتها بتشوش هل تتكلم وتخرج ما بجعبتها أم تصمت لكى لا تُظهر ضعفها ولكن يد والدتها التى تربت على ذراعها بذلك الحنان الأمومى شجتعها على التكلم لتتابع بخفوت لما حبيته منكرش انى كان نفسى نقرب من بعض ونمارس حياتنا طبيعى زى اى زوجين، بس انا مش فاهمة ماله مش عارفة ايه اللى بيبعده عنى.

امتلأت مقلتيها بالدموع ورغم ذلك الحزن الذى اعتصر قلب والدتها على حال ابنتها لكنها لم تمنع نفسها عن سؤالها متوجسة
-يمكن مقربش عشان عايزكوا تنفصلوا؟

أومأت بلهوجة نافية وبرقت عينيها بخوف استشعرته من دقات قلبها التى ازدادت بغتة وقالت مسرعة
-لأ لأ، مجد مش عايزنا ننفصل، انا سألته مرتين اننا نتطلق وهو رفض وآخر مرة يوم خناقتنا من اسبوعين ووقتها زعق جامد
ظهرت الحيرة على تعابير والدتها وظلت صامته لثوانٍ معدودة وتكلمت فى النهاية بحنوٍ
-ربنا يهديلك الحال يا بنتى ويبعد الحزن عن قلبك.

تنهدت طيف بإرهاق واقتربت من والدتها ودست جسدها بأحضانها متنعمة بدفئهم محاولة بث الراحة المؤقتة لفكرها الذى تهشم من كثرة تفكيرها فى أمر زواجها وعلاقتها الممزقة بزوجها وعشقها الذى اعترته اللوعة والبؤس.

دلف جاسم عليه غرفة مكتبه -وهو يباشر بعض الأعمال- بابتسامته الهادئة وجلس على أحد المقعدين الملحقين بالمكتب وقال بنبرة رخيمة
-بقالك كتير مطنشنى وشكلك كده نسيتنى قولت اجيلك افكرك بيا
أغلق مجد الحاسوب وهو يناظره بثبات وملامح خالية من أى تعابير، تعجب الآخر قليلا ولكنه أيضا معتاد على هيئته تلك فى كثير من الأحيان وخاصة إذا كان هناك أمر يشغله، مشكلة فى العمل أو غيره.

عاد بظهره للخلف وهو مثبت نظره عليه وتكلم فى النهاية بعد صمت لم يُطِل كثيرا قائلا بنبرة مبهمة
-وانا اقدر انساك، طب ده انت كنت لسه فى بالى النهارده، كنت معدى بالعربية جنب المطعم اللى بنقابل فيه العملا دايما ولقيت عربيتك راكنة هناك، كان غدا مع عملا مش كده؟

تساءل بالأخير محاولا كشف أمره من إجابته وتعبيرات وجهه فهو فى الغالب يفهم من يتحدث إليه من كلماته وتعبيراته وهو يتكلم ومن خلالها يميز الصادق عن الكاذب، لذا لم يخفَ عنه التوتر الذى جلى على ملامح الآخر وتلعثمه فى الحديث وهو يقول
-اا، ايوه كان غدا فعلا مع عملا وكنا بنرتب لكام صفقة كده.

أومأ ببطء وهو مازال ينظر بداخل عينيه مما جعل القليل من الخوف يدب بقلب جاسم خاشيا أن يكون رآه رفقة رفيف وشك بأمرهما، ليستطرد متسائلا بتوجس وهو يحك لحيته بإبهامه
-هو انت كنت معدى من قدام المطعم ولا دخلت؟
زم شفتيه للجانب بحركة معتاد عليها عند شعوره بالغيظ تزامنا مع ارتفاع احدى حاجبيه واجابه بمكر
-قولت كنت معدى، ايه اللى واخد عقلك؟!

تساءل بالأخير بمراوغة اربكت الآخر ورد بتوتر وهو يعتدل بجلسته ووضع يداه أعلى فخذيه بتحفز
-اا، لا ابدا مفيش حاجة، انا همشى انا عشان اروح ارتاح شوية واغير هدومى عشان عندى عشا بالليل مع عميل مهم ولازم ابقى مركز للكلام اللى هتكلم فيه
ابتسم ابتسامة لم تلامس عينيه بسخرية مكتومة وتكلم
-غدا مع عملا وعشا دلوقتى مع عميل مهم، لا انت الله يكون فى عونك بجد هننقل شغلك للمطاعم بقى والمقابلات الخارجية.

حاول جاسم ألا يرتاب لردوده وملامحه تلك وشخص حالته على انه لربما ضغط بالعمل او ما شابه هو الذى بدل حالته هكذا، ليبتسم ياقتضاب اخذا كلامه بمزاح وقال فى النهاية بعدما استقام واقفا
-طب سلام انا عشان الحق اجهز نفسى
غادر الغرفة دون حتى ان ينتظر رد الآخر على ما قاله ليتأكد مجد من عدم رغبته فى التكلم حول علاقته بشقيقته وانه قاصد ان تجمعهما علاقة فى التستر دون علم أحد عن الأمر.

أغمض عينيه بخيبة أمل بالغة فهو لم يتوقع نهائيا أن يفعل ذلك صديقه، فإذا خان ثقته مع شقيقته التى إئتمن لدخوله بيتهم وللتعامل معها فماذا إذا عن عمله الذى وكله حرية التعامل والتصرف بسائر شؤونه.

يتناولون مشروبا ساخنا معا لتدفئتهم وهم يشاهدون التلفاز معا كعادتهم كل مساء ولكن انتشل انتباههم المنصب على التلفاز حمحمة عدى التى تبعها قوله بمرح
-هاخد من وقت حضراتكم دقيقة كده ده بعد إذنكم طبعا.

أغلقت والدته صوت التلفاز وحركت طيف رأسها باستنكار بينما كانت أسيف تطالعه باهتمام وحب بالغ ابتسمتا له والدته وأخته بعدما اعتدلتا فى جلستهما وهما منتظرين ما يريد إخبارهن به بود وسعادة لسعادته فهما لم تريا عليه كم الفرحة الظاهرة عليه وواضحة للعيان قبلا، ذهب أمام نظرهم والتقط علبة مخملية صغيرة الحجم من فوق الطاولة ويبدو أنه جلبها للتو فهن لم يرونها من قبل.

تقدم تجاه أسيف وانحنى أمامها وجلس على إحدى ركبتيه بحركة عاطفية شهيرة عادة ما تحدث فى الأفلام العالمية، رمشت أسيف بأهدابها بتفاجؤ من جلسته أمامها هكذا وانتقلت ببصرها ل طيف والدتهم وحركت رأسها بعدم استيعاب ولكن ازداد تفاجؤها عندما قام عدى بفتح تلك العلبة لترى بها خاتمين زواج لهما، برقت بعينيها بفرحة عارمة ونقلت خضراوتيها اللامعمتين له وهو يقول بعاطفة.

-المفروض كنا نلبسهم من اول جوازنا، بس انا بالنسبالى جوازنا بدأ من ايام بس، أنا بقيت أسعد واحد فى الدنيا لما قبلتى تكملى حياتك معايا التقط يدها ووضع به خاتم الزواج وانحنى مقبلا إياها مطولا ورفع وجهه إليها واطنب قائلا بحبك وهفضل احبك طول عمرى
أدمعت عينيها إثرا لكلماته ووقفت معه وهو ينهض وعانقته بقوة بالغة وغمغمت بحب
-وانا كمان بحبك اوى.

فرقا عناقهما والتقطت أسيف خاتمه ووضعته فى إصبعه وقبلت باطن يده برقة، فرحت طيف كثيرا لرؤية سعادتهما وتمنت دوام الفرحة لهما ولكن لمَ تلك الغصة بحلقها وكأنها قاربت على البكاء، لم يكن من طباعها يوما أن تنظر بحياة أحد وتتمنى أن يحدث معها ما يحدث معه، ولكنها راغبة وبشدة أن يقوم مجد من أجلها بشىء مما يقوم به عدى ل اسيف، تتمنى أن ترى فرحته بحياتهما سويا، تتمنى أن يصرح بعشقه لها الذى إلى الآن تشكك فى وجوده بالأساس.

قامت من جلستها وتوجهت نحوهما ورسمت البسمة على محياها وتكلمت بود موجهة حديثها لكليهما قائلة
-بجد فرحانة ليكوا اوى واتمنى من ربنا انى افضل شايفة السعادة اللى فى عيونكم دى طول العمر ومتبعدوش عن بعض ابدا
احتضنها شقيقها بعاطفة أخوية وأردف وهو معانقها بمراوغة
-وانا اتمنى انى اعرف مالك وسايبة جوزك بقالك داخل فى اسبوعين ليه
فرقت عناقهما وتنهدت واجابته بهدوء فى حين ذهبت أسيف لتتحدث لوالدتهم.

-مفيش حاجة يا عدى حاسة انى كنت مضغوطة الفترة اللى فاتت فى الامتحانات وحابة اريح أعصابى شوية
شعر بعدم صدقها مما أردفت به ولكن استرعى انتباهه رغبتها فى أن تُريح أعصابها بمكوثها هنا معهم بعيدا عن بيتها وزوجها ليتساءل باهتمام متوجسا
-وهو قعادك مع مجد تاعبلك اعصابك؟!
أومأت برأسها بالنفى وأجابته مسرعة بارتباك
-لا، ابدا، مش تاعبلى اعصابى ولا حاجة.

زم شفتيه بيأس من معرفة ما يدور بينها وبين زوجها ومن ما حدث وجعلها تأتى للمكوث معهم وهو على علم بعدم قدرتها على البقاء دونه واشتياقها لزوجها الذى رآها عليه لأكثر من مرة، فقد رآها منذ عدة أيام جالسة على أريكتها بمفردها وجالبة صوره فى هاتفها وظلت تشاهدهم واحدة تلو الآخرى وتتمعن النظر إليهم لساعات حتى غفت مكانها وهو من أغلق الهاتف بعدها ووضعه بجانبها، ليتكلم بحنان ودعم لها قائلا.

-انا مش هضغط عليكى يا طيف عشان تتكلمى وعارف انك بتحبى تحلى مشاكلك لواحدك، بس انا عايزك تعرفى برضه انى اخوكى الكبير وهفضل واقف فى ضهرك ومش هسمح بأى حاجة توجعك طول مانا عايش
توهجت نظراتها بتأثر واقتربت منه وعانقته مجددا وهدرت به مؤكدة علمها حول ما قاله ومطمئنة إياه قائلة
-عارفة يا حبيبى، انا عايزاك متقلقش عليا وركز انت مع أسيف ها، ألا مفيش بيبى كده ولا كده جاى فى السكة.

قالت الآخير بمزاح وهى تغمز له ليباغتها بضربة فوق رأسها بيده ولكن برفق وضحكا سويا واقتربا بعدها من والدتهما و أسيف ليكملوا سهرتهم سويا.

واقفة بغرفة الثياب بمنزلها بعدما تركت بيت والدتها عندما هاتفها مجد وأخبرها بوجود السائق اسفل بيتها منتظرها ليقلها لبيتهما، لتوها انتهت من استحمامها حتى أنها لم ترتدى ثيابها بعد مازالت محاوطة جسدها بمنشفة وشعرها لم تجففه تاركة إياه منسدل فوق كتفيها وقطرات الماء تنساب منه فوق نحرها تزامنا مع انسياب دموعها من مقلتيها لم تعد قادرة على التحكم بهم، يكفى رسمها للقوة لكل تلك المدة يكفى عدم إظهارها تأثرها لكل ما يحدث معها.

لم تكن يوما ممن يشتكوا على ما يحدث بحياتهم فهى دائما ما تقابل الشدائد بصدر رحب وتتغلب عليها بضراوة ولكن لمَ تشعر بالضعف والهوان منذ وطأت بقدمها ذلك المنزل الذى جمع بينها وبين رجل عشقته بكل ذرة بكيانها، تقسم أنها لم تضع بحسبانها أن تصيبها لعنة العشق التى لطالما سخرت منها لم تكن تتخيل لوهلة أن تقف تبكى بحرقة لبعد زوجها عنها وعدم رغبته بها كزوجة له.

لم تكن من اللاواتى تهتمن ببضع لمسات حميمية ولكن بعد عشقها لذلك الكيان الجافى اختلف الأمر كل الإختلاف، فهى لطالما تمنت أن يتقرب منها ببضع لمسات منه أو حتى تلثيمه لها كانت ترغب كأى زوجة بالشعور بمشاعر العشق مع زوجها والشعور أيضا بتلهفه عليها إرضاءً لأنوثتها التى تدمرت لأكثر من مرة رفض تقربها إليه فيها، لمَ لم يطالب بحقه الشرعى بها أليست زوجته أم أنه لا يراه زوجته بالأساس لذا لم يتقرب أو يطالب بذلك الأمر.

ولكن هل هناك عيب ما بها يجعله يتمنع عنها هل يراها قبيحة أو شىء من ذلك القبيل أكان يتمنى أخرى معه لذا لا يريدها هى أم ماذا، يكاد عقلها ينفجر من كثرة التساؤلات، الإحتمالت، والاجوبة الحارقة لروحها، دلف مجد غرفة الثياب مسرعا عندما استمع لنهنهات قادمة منها حيث انه كان لتوه والجا غرفتهما، اقترب منها على عجل وامسك بها من ذراعيها عينيه تتفحصها من أعلى رأسها لأخمص قدميها بخوف من أن يكون قد أصابه مكروه ثم بتلهف تساءل.

-طيف، بتعيطى ليه ايه اللى حصل؟
ابتسمت بتهكم وسط دموعها المنهمرة من حدقتيها وتكلمت بصوت مختلط ببكائها
- يهمك امرى اوى عايز تعرف بعيط ليه، تحب تعرف انا وصلت للحالة دى ازاى وبسبب ايه وبسبب مين.

فطن على من ترمى بحديثها والذى لم يكن سواه بالتأكيد ليبتلع بمشقة فهو لا يستطيع إطلاقا تحمل تلك الحالة التى هى عليها وما لا يتحمله أكثر هو أنه السبب فى إيصالها لتلك النقطة، قرب يده فى محاولة لتلمس وجنتها وهو يقول بصوت هادئ
-اهدى طيب وتعالى نتك..
ابعدت وجهها عن يده ونفضت يده الأخرى عن ذراعها وهاجت الدماء فى عروقها واستثارت وانفجرت صارخة بتشنج.

-مش ههدى انا تعبت خلاص معدتش قادرة اتحمل اكتر من كده انا مبقتش فاهمة فى ايه وليه بيحصل معايا كل ده، انا واحدة اتحطيت فى حياة غير حياتى واتجوزت واحد معرفش عنه حاجة ومتكلمتش ولا اعترضت وحاولت على قد ما اقدر انى اعود نفسى على بيت جديد وواحد بقيت عايشة معاه وبنام معاه فى اوضة واحدة وبعد كل ده يوم ما مشاعرى اتحركت ناحيته داس عليها برجله.

تفاجأ من حالتها المروعة تلك والتى هى من صنع يداه لتظهر إمارات الندم جلية على وجهه وحاول الإقتراب منها مجددا لتعود خطوة للخلف وتابعت ببكاء مرير قطع نياط قلبه
-كل مرة كنت بحاول اقرب منك فيها كنت بتبعد عنى، سافرت شهرين وسيبتنى لواحدى مرمية هنا زى الكلبة ولا كأنى مراتك، شوية تبقى كويس معايا وشوية تتغير وتعاملنى وحش، ليه؟! ايه الغلط اللى ارتكبته معاك يخليك كاره حياتك معايا شوفت منى ايه وحش؟!

لم يجد رد ليجيبها به فهى لديها كل الحق فى ان تنهار عليه بذلك الشكل فكل ما بدر منه تجاهها وهو سبب فيما آلت إليه حالتها يجعل بداخله شعور بالغ بالذنب، لتكمل هى بنحيب وهى تنظر له بخضراوتين مليئتين بالإنكسار.

-ده انت حتى مقربتش منى ولو مرة واحدة تحسسنى بيها انك عايزنى وعايز تكمل معايا، بقالنا اكتر من خمس شهور متجوزين كل مرة انا اللى كنت بقرب منك فيها واحاول اعودك عليا واكتر من مرة برضه كنت بترفض ده وتحسسنى انى رامية نفسى عليك، غصب عنى مشاعرى كانت بتتحكم فيا وبتخلينى محتجالك محتاجة لجوزى اللى المفروض يقدر ده مش يزعق فيا ويسافر عشان يبعد ويهرب منى.

نوبة من البكاء تملكت منها ويبدو أنها لن تنتهى مع شعوره بغصة مؤلمة بحلقه نتيجة لكل ما تقوله وصوتها الباكى الذى لم يعد يتحمل أثره على سمعه لتطنب هى مجددا بصوت مبحوح تمزق من كثر بكائها وانفعالها.

-انت وصلتنى لدرجة انى بصيت لعدى وأسيف واتمنيت انك تعمل معايا زى ما عدى بيعمل مع أسيف وانا عمرى ما كنت كده ولا عمرى بصيت لحد، وصلتنى انى واقفة دلوقتى بعيط عشان مقربتش منى ومحسسنى انى فيا حاجة غلط مخلياك رافضنى و..
هز رأسه بنفى وقاطع كلماتها بلفهة بائنة وهو يقول
-مفيش الكلام ده، انتى أجمل واحدة شوفتها فى حياتى والوحيدة اللى عايز ابقى معاها وملمسش غيرها.

ازدادت خفقات قلبها لما وقع على مسامعها من معسول الكلام التى تمنت أن يطرى به عليها منذ عشقته، تكلمت باختناق وملامحها تصرخ بالتوسل له أن يردف بأى كلمة تطمئنها
-طالما كده ليه بتبعد عنى ليه كل ما احاول نبقى كويسين مع بعض ونبقى زى اى زوجين بتهد كل محاولاتى وبترجعنا لنقطة الصفر تانى
غامت عينيه خلف سحابة من الدموع خفق قلبها بغتة بقوة عندما تبينت لها ثم هدر هو بضعف ونبرة صوت متحشرجة إثر كتمه لبكائه.

-خايف، خايف يا طيف
حملقت فيه بغرابة واندهشت من جملته، عقدت حاجبيها وتساءلت باستشفاف
-خايف من ايه؟!
لم يعد بقدوره حبس دموعه أكثر من ذلك ليسمح لهم بالإنهمار أخيرا وخرجت شقهة من حلقه وهو يشرع فى التكلم قائلا ببكاء
-خايف تبعدى عنى زى ما أى حد كنت بحبه وسابنى وبعد، خايف تسيبينى بعد ما بقيتى كل حاجة فى حياتى وبقيت محتاجلك انتى اكتر من أى حد، خايف أخسرك أو تتأذى بسببى وبسبب جوازنا.

هطلت دموعها فى تزايد واقتربت منه واحتوت وجنتيه وجففت دموعه فآخر همها هو رؤيته هكذا ولكن ملامحها صرخت بعدم استيعابها لما يقوله ليتابع هو بلهوجه فى حديثه وكأن الكلمات ستهرب من فوق لسانه.

-الراجل اللى كان خاطف أسيف ابنه هددنى بيكى فى اليوم اللى زعقتلك فيه، انا مكنتش اقصد اى كلمة من اللى قولتها يومها، كان من كتر خوفى انه يئذيكى، كنت مرعوب انهم يعملوا فيكى حاجة وانا مش هتحمل اشوفك مأذية بسببى عندى اهون اننا نبعد و..
انزلت يديها اللتين كانتا محتوتين وجنتيه بتفاجؤ وقاطعته بكلمات مستفسرة أكثر منها ساخرة اندلعت منها الخزلان.

-عندك اهون اننا نبعد! مش هتتحمل تشوفنى مأذية بسببك لكن هتتحمل تبعد عنى!
ارتفعت نهنهات بكائه واقترب ممسكا بذراعيها ويديه لا تكفا عن الإرتجاف وتكلم بانفعال ولهاث من كثرة الضغط العصبى الذى أصابه تلك القترة
-مش قادر حتى اتحمل بعدك عنى ومش عارف اعمل ايه قوليلى انتى اعمل ايه؟

احتوت وجنتيه بين يديها من جديد واقتربت أكثر منه ونظرت بداخل عينيه الممتلئتين بدموع يتبين لها أنها لم تخرج منذ زمن ولتوه فك حصاره عنها وقالت بصوت خفيض دافئ
-تبعد كل الأفكار الغلط والهواجس دى عن دماغك يا مجد لا حد هيقدر يعمل فيا حاجة ولا يئذينى طول مانت معايا ولا انا هبعد ولا هقدر اصلا لأنى بحبك افهم بقى بحبك.

ذلك العشق الذى صرحت به له بنبرتها المليئة بالدفئ جعله يقترب مسرعا بوجهه كالمغيب إثر لمفعول كلماتها محتويا شفتيها بين شفتيه بقبلة مليئة بالشوق لها ولكل ما بها من تفاصيل عشقها وحبست بداخل قلبه وأغلق مغاليقه عليها، قبلة احتوت مذاق دموعهما المنهمرة بوجع وألم ملآ قلباهما من كثرة الجفاء والبعد اللعينين اللذين تغللا علاقتهما، فصل قبلتهما بعد مدة وهما يلهثان بقوة لتتمتم طيف بنبرة غلفتها الرغبة الممزوجة بعشقها واشتياقها له وهى تنظر بتوسل ألا يرفض مبادرتها بالتقرب إليه وإظهار احتياجها له تلك المرة.

-انا عايزاك يا مجد، عايزاك ومتبعدش عنى المرة دى ارجوك.

ازدادت انفاسه حدة وبلمح البصر اقترب منها مجددا وقبلها بنهم وشغف خالص معمقا بقبلته لأقصى حد كأنه يخبرها أنه لن يبتعد تلك المرة، أحتضن جسدها بذراعيه وهو مازال يقبل ذلك الثغر الناعم الممتلئ بإثارة ساحقة لكل ذرة بكيانه، انفاسهما الممزوجة بشبق كليهما للمزيد جعل جسداهما شديدى السخونة صدراهما يعلوان ويهبطان بهرجلة واضحة ودقات قلبهما ازدادت بوتيرة صاخبة.

فرق قبلتهما بعد مدة عندما أحس ان احدهما سيختنق حتما ان لم يصل الهواء لرئتيهما، ظلا يلهثان بأنفاسهما التى يتلاحقان لتمريرها لرئتيهما بينما هى رفعت جسدها واقفة على أصابع قدميها واحتوت وجهه وفرقت قبل صغيرة على سائر وجهه بفوضية واحتضنته بعدها بقوة ليشعرا بدقات قلبهما فوق صدراهما، أخفض إحدى ذراعيه أسفل ركبتها والاخرى مازالت خلف ظهرها وحملها وهى محاوطة عنقها ودافنة رأسها بعنقه وسار بها حتى فراشهما.

انزلها برفق حتى لامستا قدميها الأرض وأخفض مقلتيه لجسدها الذى امتلأ بحمرة مغرية ظاهرة فوق نحرها العارى من المنشفة المحاوطة جسدها مانعة بصره من التنعم بكنزه الثمين، مد يده وحررها من تلك المنشفة لتسقط من فوق جسدها بروية مهلكة جعلها ترتجف وأغمضت عينيها بمزيج من الرغبة والخجل اقترب منها بجسده حتى تلاصقا ودفعها فوق الفراش بتريث وجثم فوقها ثم قال بهمس لاهث امام شفتيها وانفاسه التى تلفح وجهها جعلت جفنيها ينهالا لأسفل.

-انا كمان عايزك اوى ومش هقدر امنع نفسى عنك اكتر من كده.

أغمض عينيه وهو يقترب بوجهه أخذا شفتيها بقبلة ناعمة وصلت بها عنان السماء ثم اخفض شفتيه لعنقها منهالا عليه بسيل من قبل لا نهائية متناهية الرقة مع لمساته فوق جسده الذى ذهب بها لعالم آخر وأصبحت لا تشعر به سوى بتلك اللمسات الساحرة التى أججت رغبة جسداهما بالمزيد من ذلك الشعور شديد اللذة الذى حرمها وحرم نفسه من التنعم به، كانت ليلة مليئة برقته ورغبته بها الذى أذعن بها عن طريق كامل لمساته لها ولهفته لامتلاكها لم يتفاجأ بثباتها بل وجرأتها فى إظهار رغبتها واحتياجها لكل ما يبدر منه، لم يشعرا بمرور الوقت عليهما فقد ظلوا بأحضان بعضهما متشبثين بقوة متمنين أن ينقطع الزمن من حولهما ويقف عند تلك اللحظة التى لم يشعرا ولو يوما واحد بكل تلك المتعة والدفء اللذين شعرا بهما الآن، تلك اللحظات الحميمية المميزة التى غابا فيها ليست فقط اجتماع لجسديهما بل كانت أيضا اجتماع لروحيهما اللتين تلاقتا بشوق عارم وصرحتا برغبتهما فى التشبث ببعضهما إلى ان تُفنى العصور والأزمنة جميعا إلى أن ينتهى الكون كله..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة