قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثالث

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثالث

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الثالث

نظروا له بإندهاش ممزوج ببعض البلاهة خاصةً جاسم و رفيف، جاسم يعلم أنه كان لصديق والده طفلة أُختطفت منذ الصغر ولكن لم يفهم قصده ولا يدرى من هو الذى أخذها إذا كان يتحدث عنها ولما اتى بذكره الآن، ومن هو ؟! الذى قالها أيعقل أن يكون قاصدا بها عدى ! لكن كيف؟!، بديهيا حينها كان طفلا هو الآخر، لم يختلف إندهاشه كثيرا عن إندهاش الآخرى فظلت ناظرة لوالدها بعدم استيعاب لم قاله كانت أيضا تعلم أن لها أختا تكبرها بعامين لا تتذكرها فقد كان لديها عامين بوقت الحادثة ولكن تعلم ظروف اختفائها فوالدها كثيرا ما يأتى بذكرها ويظهر على نبرته حينها الحزن الدفين ولكن لم يخطر ببالها الآن انه يقصدها حتى ظنت للحظات أنه يتحدث عنها هى وليس الأخرى، أردف أخيها سائلا بصدمة قليلة والكثير من الإندهاش، موفرا عليهم التفكير فيما خرج من فيه والدهما.

–مين اللى أخد أختى، تقصد أسيف صح؟!
أومأ له عدة مرات متتالية بعد أن فرت دمعة من عينه، قام بمسحها رامقا ابنه قائلا فى ضعف وخوف
–أيوه أسيف، الاسم اللى جاسم قاله دلوقتى هو اللى اخد بنتى
أردف بنبره هادئة كى يفهم حتى لا يختلط عليه الأمر
–بابا ازاى عدى ده هو اللى أخد أسيف، جاسم لسه قايل انه من سنه، يبقى أخدها ازاى
رد بأختناق تمكن منه وعينيه لم تتوقف عن ذرف الدموع.

–مش عدى، أبوه، أبوه هو اللى لقاها وأخدها وسلمها للشرطة واما الشرطة عملت تحرياتها وملقتش اهلها سلموها للملجأ، هو اللى أخدها من الملجأ واتبناها، هو يا مجد، طارق الجمّال أنا متأكد أن هو، قلبى بيقولى ان بنتى عندهم
نظر له فى تأثر وحزن على حالته قائلا فى هدوء
–طيب، طيب اهدى يا بابا وانا هكلم عدى ده وهشوف إذا كانت أسيف فعلا عندهم ولا لأ
أردف بلهفة ممسكا يد ابنه.

–عشان خاطرى يا مجد دلوقتى، روحلهم دلوقتى وطمننى علطول
ربت على يد والد قائلا بقليل من الإرهاق
–حاضر يا بابا
ثم وجه أنظاره لصديقه قائلا بنبره رخيمه وهو يغادر
–تعالى معايا يا جاسم
نهض من مقعدة منتشلا هاتفه ومتعلقاته ليتبع صديقه إلى خارج القصر متوجهين نحو المرأب صاح جاسم فى صديقه بنبرة مرتفعة كى ينتبه له حيث انه كان يسبقه بعدة خطوات
–مجد، استنى، أنا مش فاهم احنا رايحين فين دلوقتى.

التفت ثم أردف وهو يحك مقدمة رأسه محاولا تجميع أفكاره
–مش عارف، بس أنا عايز اتأكد الاول انه هو نفس الشخص، أفرض تشابه أسماء، مش من الطبيعى انى اروحله بيته أقوله أختى عندكم وانا نفسى مش متأكد
أومأ له فى تفهم ثم قال
–عندك حق أنا كنت بفكر فى كده برضه، طب ايه رأيك اجيب رقمه ونتصل بيه ونقابله فى اى كافيه، ونعرف منه هناك بدل البيت، وكده مش هيبقى شكلها وحش
هز رأسه فى اعتراض ثم قال.

–أفرض لاوع، افرض قال انها مش عندهم، افرض قال انه مش ابوه اصلا اللى اخدها، انا عايز اثبات ان ابوه نفس الراجل اللى اتبنى اختى، وقتها اروحله البيت وانا متأكد انى اختى هناك، مش رايح لسه أسأل ويا تطلع هناك فعلا يا متطلعش
وقفا يفكران قليلا حتى صدح صوت صديقه رادفا بجدية.

–احنا ممكن نشوف فى محضر الخطف اللى ابوك كان عامله اسم الراجل اللى اثبت انه اتبنى اختك، ونقارن الاسم باسم عدى اللى فى الCV بتاعه
حرك رأسه فى انكار قائلا بنفاذ صبر.

–حاجة زى دى هتاخد وقت، عشان نطلع المحضر ده تانى مش سهل، الموضوع من سنين، صمت قليلا حتى هدر مسرعا وهو يتوجه نحو سيارته احنا نشوف فى الCV بتاعه محل ميلاده كان فين، لو كان فى القاهرة او بلد جنبها يبقى هما لان احنا وقتها كنا عايشين هناك، يلا بسرعة اركب
تحرك صديقه دالفا السيارة بعدما ادارها الآخر ثوانٍ وكانا خارجين من بوابة القصر متوجهين نحو شركتهما تحديدا الفرع الذى يديره جاسم.

جالسا فوق مقعده فى شرفة غرفته بعدما اخبر ابنته انه متعب قليلا ويريد ان يستريح فى غرفته، شرد بذهنه فى يوم الحادثة، يوم اختطاف روحه منه، تسيل دموعه فوق وجنتيه وهو يتذكر كيف كانت حالته وزوجته تخبره فى الهاتف أن ابنته أُختطفت، على إيدى من لا رحمة فى قلوبهم ولا يصنفون بشر
واضعا الهاتف على اذنه بعدما فتح الخط هادرا بهدوء
–أيوه يا حبيبتى
تيبس جسده عندما سمع اختلاط الكلمات ببكائها رادفة بإنهيار.

–الحقنى يا هشام، أسيف اتخطفت..
هب واقفا مع زيادة نبضات قلبه وارتجاف جسده هادرا فى قلق شديد واعين متسعة من هول صدمته
–انتى بتقولى ايه، أسيف، اتخطفت ازاى، ومين اللى خطفها، ايه اللى حصل يا نجوى فهمينى
استمع إلى شهقاتها كانت تحاول تنظيم انفاسها لكى تخرج الكلمات ليستطيع زوجها ان يفهم ماذا حدث، لم ينجح الأمر وظلت تبكى حيث أردفت باختناق بين شهقاتها.

–معرفش مين يا هشام، ك. كانوا حاطين اقنعة على وشوشهم، كانت أس. أسيف لسه نازلة الجنينه تلعب، كأنهم كانوا مستنينها تنزل، أول مانزلت سمعت صوت تكسير، جريت اشوف فى ايه، لل. لقيت البواب مضروب وواقع فى الارض، وناس من ضمنهم واحد شايل أسيف وهى بتع. بتعيط، وأخدوها وركبوا عربية كانت مستنياهم قدام البوابه ومشوا، هاتلى بنتى يا هشام ارجوك، والنبى هاتلى بنتى.

وقع الهاتف من يده لم يستطع تحمل الصدمه، ابنته، لم يتخيل أن تصل الأمور إلى هذا الحد، لم يكن يعلم أنهم بذلك الجحود، إنهم وحوش بشرية، أناس تتاجر بأرواح الغير، كيف كان له أن يصمت على أفعالهم، على تجارتهم لأدوية مغشوشة تؤدى إلى موت حتمى لمن يتناولها ومن يصادفه الحظ وينجو، يحيا باقى حياته بأمراض مزمنة فى النهاية ستقضى عليه وتبقى هذه الأدوية هى المسبب فى قتلهم وهؤلاء المصنفون ضمن البشر هم القتلة، هل لأمانته كان جزائه خسارة طفلته وابتعادها عن احضانه ما يقارب الستة عشر عاما، فاق من شروده وصدمته على صوت هاتفه مرة أخرى توقع أنها زوجته لكنه كان رقم غير مدون تركه ولم يجب حتى صدح فى الغرفة رنينه مرة أخرى، شعر انه من الممكن ان يكون امرا هاما او شىء بخصوص ابنته فتح الخط سريعا قائلا فى لهفة وخوف.

–ايوه مين.

كان آخر من يتوقع أن يكون إنه القاتل، المجرم، خاطف ابنته، كمال الصباحى كان شريكه فى وقت سابق إلى أن حدث بينهما خلاف ما، قاما بفض الشراكة واصبح منافسا له فى السوق، لم يعطِ للأمر اهميه كونه اصبح ينافسه، لكن الأخر لم يخرجه فى رأسه وظل يفعل له الأفاعيل كى يوقع اسهم شركته ويقوم بتسوئ سمعتها وينهى وجودها فى السوق وبين العملاء، وقع تحت ايدى هشام ادلة وملفات تدين الآخر فى عمله الغير مشرع وصفقاته المشبوهة، علم الآخر بذلك الأمر وهدده أكثر من مرة ولكن لم يجد نفعا فى ذلك مما جعله يلجأ إلى فعلته الدنيئة هذه وأختطاف ابنته، هدر بإنفعال وتشنج.

–فين بنتى يا كمال..
ضحك باستفزاز ليصل الآخر إلى ذروة غضبة صائحا بإنفعال
–انطق بنتى فين، اخدتها ليه يا زبالة..
ضحك مرة أخرى متحدثا له فى هدوء ونبره شامتة مستمتعا بهذه الحالة التى أصبح عليها الآخر جراء فعلته
–مالك يا هشام بس اهدى، فين اللى كان واقف قصادى بالند وبيقول انا استحالة اسكت على جرايمك، أكيد مش خطفى للعيلة دى يهدك كده، وبعدين مانت عندك اتنين غيرها مش هيحصل حاجة لو دى راحت.

صاح به مرة أخرى حتى كادت حباله الصوتية تتقطع من قوة صراخه
–بنتى لو جرلها حاجة انا هقتك يا كمال، فاااهم، هقتلك، بنتى ترجعلى احسنلك، انا هوديك ورا الشمس وخصوصا لو لمست شعرة منها، قلبتى عليك هتبقى وحشة لو أسيف جرالها حاجة او مرجعتش
أردف بغل وكره ظاهر فى نبرته.

–وانا عايزك تعرفنى هتودينى ورا الشمس ازاى وتورينى قلبتك الوحشة دى يا هشام، وبنتك مش هترجع غير لما الورق يوصلى غير كده، ابقى تعالى خد جثتها.

مازال يتردد فى ذهنه كلمات هذا المسخ وهو يخبره أن يعطيه الملفات المتواجدة معه التى تدينه فى أعماله المشبوهة وفى المقابل يعطيه إبنته، هربت الدماء من عروقه أثر تذكره كلماته وصوته البغيض ومساومته بطفلته الصغيرة التى لم تكن تعى أى شىء فى الحياة بعد، يتذكر حينما لجأ إلى الشرطة يبلغهم بكل شىء كى يُرجِعوا طفلته إلى أحضانه وتوصل إلى مالك السيارة التى قامت باختطافها من تسجيل الكاميرات الموضوعة على بوابة قصره، مازالت الطلقات النارية المتبادلة بين خاطفى طفلته والشرطه تدوى فى عقله كأنها تحدث امامه وعلى مسامعه الآن.

علم من الشرطة عدوم وجود الطفلة بالداخل ولكنهم وجدوا آثار قدم صغير لطفلة قاموا بتتبعه حتى وصلوا إلى جانب طريق والآثار اختفت، اخبروه انها كانت تسير بمفردها لعدم وجود آثار لأقدام أخرى بجانبها.

كيف لطفلة أن تتتحمل موقف كهذا، كيف لها أن تصبح أولى ذكريات تثبت فى عقلها تكن هكذا، فطفلته الصغيرة لم تتحمل كانت تبكى وترتجف من الرعب وهى لا تفقه شيئا غير انها تستمع إلى اصوات صاخبة مخيفة حولها وظلمة مرعبة تحاوطها، ما إن أنشغل عنها الخاطفون للتصدى فى وجه الشرطة وتركوها بمفردها حتى فرت هاربة، تجرى بأقصى سرعة لطفلة ذات أربع أعوام، ظلت تجرى فى الظلام حتى وصلت لبداية الطريق وأصبح هناك طفيف من النور، سقطت الطفلة منهكة القوى على جانب الطريق غير قادرة على الحراك او المزيد من البكاء، استسلمت للنوم علّه ينقذها من براثن هؤلاء الوحوش والظلمة الموحشة التى سقطت فيهما.

عاد للخلف قليلا ليريح رأسه التى تهشمت من كثرة تفكيره وحزنه الذى قضاه السنين الماضية وحسرته على طفلته وفقدانه أغلى مافى حياته زوجته التى توفيت بعد الحادثة بثلاثة أعوام، فقد مرضت من حزنها على طفلتها وأخذ المرض يتآكل فى الباقى من روحها حتى استسلمت للموت علّه رحمة من الخالق انتشلها به من حياة قاسية وعذاب مرير لقيت حتفه..

انتشله من شروده صوت هاتفه الذى اعلن عن وجود مكالمة، قام بمسح دموعه ملتقطا الهاتف ازدادت خفقات قلبه عندما رأى اسم ابنه فتح الخط سريعا هادرا بلهفة والكثير من الخوف
–ايه يا مجد عملت ايه.

رد الآخير محافظا على نبرته الهادئه رغم ما يعتريه من توتر وهو يدير سيارته متحركا بها من امام شركته متوجها إلى منزل هذا العُدى
–بابا أنا روحت الشركة عشان اشوف فى الCV بتاعه محل ميلاده كان فين ولقيته القاهرة، انا دلوقتى شبه متأكد ان هو، بس كنت عايز اسألك أنت فاكر اسم الراجل اللى اتبنى اسيف؟، يعنى فاكر كان طارق ايه؟
أردف مسرعا بتأكد تام من الاسم فكيف ينساه وهو معه فلذة كبده.

–طارق عبدى الحى الجمّال
ارتسمت شبح ابتسامه على وجهه هادرا فى راحة
–تمام يا بابا هو، انا رايح دلوقتى هخلص واكلمك
ابتسم والدموع تسيل من عينيه قائلا فى اختناق ممزوج بالسعادة
–متتأخرش عليا يا مجد، كلمنى علطول يا ابنى
أغلق معه الخط وهو يدعو الله ويتضرع له أن يجمعه بابنته ويطمئن قلبه عليها ويمتع عينيه بها قبل ان يلقاه.

توجهت طيف إلى الباب لتفتحه لترى من جاء إليهم فى وقت كهذا فالساعة قد تعدت الواحدة بعد منتصف الليل وليس فى العادة أن يزورهم أحد فى مثل ذاك الوقت، ما ان فتحته حتى تهكمت نظراتها واحست بارتجافة قليلة سرت فى جسدها وزادت وتيرة خفقات قلبها لثوانٍ من رؤيتها للرجلين الواقفين امامها فقد خمنت من هيئتهما أنهما ذوا نفوذ ومكانة مرموقة، اردفت بهدوء والقليل من التعجب
–نعم، عايزين مين!
أردف مجد بتسرع.

–عايز أسيف
رفعت احدى حاجبيها فى تعجب هادرة بجدية
–نعم عايزينها فى ايه، انتوا مين اصلا معلش!
نظر له صديقه وهو يلكزه فى ذراعه هادرا بهدوء لها
–عايزين عُدى، بلغيه إن مديره مستنيه وعايزه فى موضوع مهم
أومأت بخفة وهى تشير لهما بالولوج للداخل ثم قالت
–طيب اتفضلوا
اصطحبتهما إلى غرفة المعيشة رادفة بهدوء وهى تشير لهم بالجلوس
–ثوانى هدخل اعرفه.

هز لها جاسم رأسه وهو ينظر إلى صديقه ولأول مرة يراه متوترا إلى هذا الحد فهو منذ عرفه ولا يفهم بما يشعر فى كثير من الأحوال ولا يراه متأثرا بأى موقف واجهه مثلما هو الآن
دقائق معدودة حتى دلف إليهما عُدى بإبتسامة واسعة هادرا بترحيب حار
–اهلا اهلا يا Mr جاسم، البيت منور والله
صافحه جاسم وهو يشير إلى صديقه قائلا فى هدوء
–اهلا يا عُدى، Mr مجد الكيلانى.

علم الآخر هويته على الفور متوجها نحوه مصافحا إياه وهو محافظ على بسمته ولكن بقليل من التعجب ثم أردف لهما
–طيب اتفضلوا، تشربوا ايه
قال جاسم فى هدوء وقليل من التوتر
–شكرا يا عدى بس احنا مش جايين نشرب، احنا عايزينك فى موضوع كده
اعتدل عُدى فى جلسته ناظرهما فى انتباه ثم أردف بتساؤل
–موضوع ايه خير؟!
–أسيف.

قالها مجد دون سابق إنذار مما جعل عدى يعقد حاجبيه فى استغراب من لفظه اسم اخته ليحمحم وسأله
–مالها أسيف؟!
رد مجد ببرود وبنبره حازمة
–انت سألت عايزين ايه وانا بقولك عايزين أسيف، لوسمحت عرفها اننا عايزينها
زفر مطولا فهو يحاول التحكم بغضبه سائلا بجديه
–تمام وعايزين أختى فى ايه ممكن أعرف؟!
ابتسم مجد بغيظ رادفا باستفزاز للآخر
–طب متقولش أختك بس، وادخل هاتها أخلص.

هب واقفا فلم يستطع التحكم فى غضبه أكثر من ذلك صارخا فيه بقوة
–ايه متقولش اختك وادخل هاتها دى!، انت عايز ايه!، ولو مقولتش عايز ايه المرادى يستحسن تتفضل
كاد يرد معنفا إياه على تطاوله عليه فى الحديث وصراخه فى وجهه بينما وجد جاسم أردف مسرعا
–عُدى اهدى وانا افهمك..

–انتى متأكدة انه قالك عايز أسيف
قالتها أسيف وهى تلتفت ناظرة إليها فى تعجب لتومأ لها أختها قائلة بتأكيد
–ايوه حتى انا استغربت وقولتله عايزها فى ايه وسألتهم هما مين، قام اللى معاه قال انه مدير عدى وعايزه فى موضوع
مطت شفتيها متعجبة من كلام أختها وتفقدتها بحيرة ثم سألت
–وهو هيعرفنى منين اصلا عشان يقول اسمى؟!
حركت كتفيها فى عدم علم قائلة.

–مش عارفة، اصبرى اما يمشوا ونسأل عدى كانوا عايزينه فى ايه ونفهم منه اذا كان جاب اسمك فى الكلام ولا لأ
نظرت لها فى صدمه ثم قالت بإندفاع
–انتى قولتى لعدى انه قالك عايز أسيف!
نفت برأسها ثم قالت
–لأ طبعا أقوله ازاى يعنى، انا قولتله مديرك برا وقال انه عايزك فى موضوع
أومأت لها أسيف بهدوء ثم تابعت أختها قائلة.

–بس أول ما شوفتهم حسيت قلبى بيدق جامد وخصوصا اول ما عينى وقعت على اللى قال انه عايزك ده، مش عارفة ليه بس ممكن عشان اتفاجئت بيهم تقريبا واستغربت شكلهم
كادت ترد عليها الاخرى حتى سمعتا صوت أخيهما مرتفع بشدة ومن الواضح انه يتشاجر مع هاذان الرجلان المجهولان بالنسبة لهما.

تريث لبرهة ثم تابع
–أسيف تبقى أخت Mr مجد، واحنا جايين ناخدها.

قالها فى خروج طيف و أسيف من غرفتهما بعدما استمعتا لصراخ شقيقهما، تيبست أقدامهم أرضا واصبحت أسيف كمن سُكب عليها دلو ماءً باردا لما استمعته برقت بعينيها عندما وجدته أمامها، نعم انه هو، هو الذى يأتيها فى احلامها باستمرار بهيئته المريبة والحابسة للأنفاس ونظراته الثاقبة اللى تعرى كل من يقف أمامه وتكشف ضعفه مقارنةً به، سرت قشعريرة فى جسدها عندما استمعت عدى يهدر باستنكار ونبرة اتضح عليها التكذيب والاستهزاء بما تفوه به الآخر.

–أخت مين معلش! ده اللى هو ازاى!، والمفروض منى دلوقتى أدخل لأسيف أقولها أخوكى بره عايزك، وكمان عايز ياخدك، صح!
كاد جاسم أن يرد معقبا على حديثه حتى نهاه عدى واضعا يده امام وجهه كى لا يبدأ بالحديث فى تراهات من وجهة نظره رادفا بجدية
–لوسمحت، مش عايز كلام تانى واتفضلوا من هنا.

هب مجد واقفا متوجها إليه ينوى لكمه فى وجهه فقد نفذ صبره وقف الاخر حائلا بينه وبين عدى بينما مجد لم يتحكم فى صراخه الذى اندلع فى وجهه رادفا بقوة
–هو مش قالك أخته وجايين ناخدها، ايه اللى مش واضح فى كلامه، انا ساكت ومستنى اجيب أخرك لكن خلاص انا اللى جبت أخرى، أدخل هاتلى أختى خلينا نخلص بدل ما ادخل انا أجيبها.

رمقه الآخر بغضب بينما دفع جاسم مجد فى صدره دفعة صغيرة ليبتعد قليلا كى لا يدخلا الاثنان فى شجار وهو يعلم صديقه جيدا لن يتهاون معه وسيبرحه أرضا او يلقيه حتفه فى الحال رادفا بهدوء وتريث محاولا فض الأشتباك الوشيك بينهما وتوضيح الأمور للآخر
–عدى للمرة التانية بقولك اهدى وانا هفهمك كل حاجة.

التفت ناظرا لصديقه كى يهدأ هو الآخر واشار له بالجلوس وكرر فعلته مع عدى ليجلس على مضد وخوف داخلى من أن يكونوا صادقين حقا وأن هذا ال مجد شقيقها ويأخذوها عنوة عنهم، حينها لن يقدر أن ينبس ببنت شفة، يعلم أنها ليست شقيقته ويعلم فى أى ظروف أتت إلى منزلهم ولكن ما لم يتخيله يوما أن تبتعد عنهم، نظر فى حزن يجاهد أن يخفيه عن أعينهما بينما كان جاسم يهدر بجدية محاولا ان يؤكد له أن مجد شقيقها الحقيقى ويقنعه انه له الحق فى أخذها.

–بص يا عدى من غير لا لف ولا دوران انت أكيد عارف إنها مش أختك وأكيد برضه عارف أن باباك كان متبنيها، سنك وقت أسيف ما جت عندكم تقريبا كان كام!، عشر سنين!، مش من الطبيعى انى اصدق إنك مش عارف، ومش من الطبيعى برضه اننا نبقى عارفين التفاصيل دى ومش هنبقى اهلها، ومش من الطبيعى برضه أن اخ يسيب أخته فى بيت ناس ميعرفهمش وبيت أبوها موجود، ولا انت شايف ايه؟!
نظر له شزرا ورد فى هجوم.

–ومش من الطبيعى برضه أن اهلها يسيبوها المدة دى كلها ويجوا يسألوا عليها دلوقتى وياخدوها، بأى وجه حق أصلا ترموها فى الشارع وتيجو بعد ستاشر سنة تقولوا عايزينها، بأى وجه حق تحرموها مننا وتحرمونا منها، دلوقتى، بعد ستاشر سنة بقت أخته وبنتكم، بقى ليها بيت وعيلة، امال كنتوا رمينها ليه.

كان يتحدث بعصبية بالغة وعروقه بارزه تكاد تنفجر من شدة الغضب، قام مجد من مقعدة مهرولا إليه لاكما إياه بغتة على حين غرة مما جعل أختيه ووالدته يشهقون من هول الموقف ثم تقدموا مسرعين نحوهما فاصلين بين عدى الذى كاد يرد له اللكمة و مجد الذى أصبح ثائرا وزادت سوداوتيه قتامةً وتصلب جسده بشده ليس من السهل على جاسم ردعه الآن وإبعاده عن عدى فهو يعلم أنه عندما يثور لا يستطيع أحد الوقوف أمامه واعتراض طريقه عما ينوى فعله.

أردفت نادية والدة طيف و عدى مسرعة موجهة كلماتها ل مجد
–اهدى يابنى هى بنتكم وحقكم تبقى فى بيتكم، بس الأمور مبتتاخدش كده، قدروا موقفها هى على الأقل، سيبها حتى تهيأ نفسها لظهوركوا فى حياتها
هدر باستخفاف لكلامها
–موقفها شىء ميخصكوش، يخصنا احنا، وانا قولت هاخد اختى، مش ماشى من هنا من غيرها
–وانا مش رايحة معاك فى حتة.

أردفت بها أسيف بتحدٍ لهذا ال مجد الواقف امامها رغم ما يعتليها من خوف وتوتر بالغين، لم يلحظ وجودها الآخر حينما ولجت إليهم ولكن ما ان نطقت بكلماتها حتى التف ناظرا إليها فى تفحص، كانت تشبه والدته الراحلة كثيرا فهى اذا حق القول نسخة مصغرة عنها باختلاف الأعين فقط أخذتها عن والدهم، لم يشعر بقدميه وهو متوجها إليه، اشارت له بيدها أن يتوقف والا يقترب منها رادفة به مرة أخرى بعينين زائغتين غير قادرة على النظر لعينيه.

–لو سمحت متقربش انا معرفش انت مين، وحوار اختك اللى جاى تعمله ده انا مش مصدقاه اصلا، وحتى لو اختك!، زى ما قال عدى جاى تسأل عليا وعايز تاخدنى بعد ستاشر سنة!، انا ماليش أهل غير دول وماليش بيت غير البيت ده، وانا مش هاجى معك فى أى مكان، ودلوقتى بقى اتفضلوا..

أنهت حديثها وتركتهم والجة إلى غرفتها بعبرات مكتومة أبت نزولها أمامهم، كم كانت تتوق لمعرفة اهلها وتجدهم وتعلم منهم لما تركوها ولكن لم ولن تقدر على مفارقة أهلها الحاليين فهى تربت وترعرت ونشأت بينهم وجميع ذكرياتها معهم، هى لم تشعر يوما انها ليست ابنة هذا البيت، فى حين كان الآخر واقفا مشدوها من حديث اخته التى القته فى وجوه دون حتى ان تستمع إليه شعر بغصة فى حلقة، كان على وشك الولوج خلفها كى يتحدث معها مصمما على عدم تركها اعترض ذلك قبضة جاسم على ذراعه متمتما بهدوء وعقلانية.

–مجد، كفاية كده نمشى دلوقتى ونفكر بعدين فى حل نرجعها بيه، مش هتاخدها غصب يا مجد بلاش تخوفها منك أكتر من كده
انهى كلامه ناظرا إليه بنظرات ذات معنى فهمها مجد ثم خرج من الغرفة والبيت كله دون النطق بحرف، نظر الآخر لهم قائلا وهو يشرع أيضا فى الخروج.

–متأسف على اللى حصل، كلامنا مخلصش طبعا بس لازم نمشى دلوقتى، وياريا تعرفوا أسيف أن باباها تعبان من وقت ما أتخطفت وأمنية حياته أن يلاقى بنته وياخدها فى حضنه قبل مايموت، عن اذنكم
قال الأخير وأختفى من أمامها ذاهبا وراء صديقه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة