قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الأول

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الأول

رواية مشاعر مهشمة للكاتبة شيماء مجدي الفصل الأول

كان الجميع مطأطئين رؤوسهم لم يستطيعوا أن ينبسوا ببنت شفة، لا يدرون ماذا عليهم أن يقولوا أو يبرروا موقفهم من تكاسل واهمال فى العمل فى الآونة الآخيرة رغم تحذيرات مديرى الإدارات من أى تقصير كى لا يصل الأمر للمدير العام وقتها لن يستطيع أحد الوقوف امام مثل تلك الكارثة
-انا مش فاهم ايه الاستهتار ده، دى مابقتش شركة دى ملاهى بنيجى نلعب ونمشى.

أردف تلك الكلمات بعصبية مفرطة وغضب خالص يكاد يفتك بمن حوله إذا اعترضوا طريقه فى وقت كذاك، مجد الكيلانى اسم يهتز على ذكره أعتى الرجال ويُكن له الإحترام والتقدير من ذوى الطبقات المخملية وصفوة القوم فى المجتمع ولما لا وهو صاحب مجموعة شركات من اكبر شركات الشرق الأوسط للأدوية استطاع بعلمه وجده فى العمل أن يرفع بشأنه وشأن شركاته وارتفع باسمها بين جميع منافسيه وليس ذلك فقط بل أصبح أعلى رأسهم جميعا بالإضافة إلى فروعه بالخارج التى لا تقل علوا عن البقية.

كانوا يتبادلون النظارات فيما بينهم بصمت تام لم يعقبوا على حديثه خوفا بل رعبا من أى خطأ يبدر منهم مما جعل الآخر يستشيط غضبا من صمتهم وهب فيهم واقفا مشيرا لهم بيده ناحية باب مكتبه رادفا بنبره اهتزت لها أجسادهم جميعا
-كلوا برا حالا، براا.

قال الأخيرة صارخا فيهم بقوة على اثرها هبوا مزعورين وفروا إلى الخارج، اعترض ذلك الموقف دخول جاسم شريكه ببضع أسهم فى شركاته وذراعه الأيمن فى عمله وصديقه الأوحد خارج نطاق العمل، توجه إليه بامتسامة وهدر بتردد وهو يجلس على أحد المقاعد الجلدية
-مجد اهدى بلاش العصبية الزايدة دى مش هتفيد بحاجة، مشكلة وهتتحل واكيد مش بالعصبية بتاعتك دى.

كان الآخر واقفا امام شرفة مكتبه الزجاجية يتطلع إلى الخارج بنظرة فارغة وملامح واجمة، برزت عروقه بشده اثر عصبيته ضامما شفتيه بقوة إلى أن وصل إلى مسمعه حديث صديقه حتى التف إليه رامقا اياه بغضب هادرا بإنفعال
-انت واخد بالك أنت بتقول ايه، مشكلة ايه اللى هتتحل دى مصيبة، لو جاى عشان تستفزنى امشى احسن
عقد حاجبيه وهدر بهدوء محاولا امتصاص غضب الآخر.

-مش بستفزك صدقنى، بحاول اهديك عشان على الأقل نفكر بعقل، العصبية مش هتفيد وعارف ان فى استهتار وعشوائية كبيرة الفترة دى، وخصوصا فى فرع السويس، ولو استمر الوضع على كده انا هبتدى اخد اجراءات، وهستغنى عن اللى هيخالف الاستراتجيات الجديدة اللى انا ناوى أحطها الفترة الجاية
وأردف متابعا حين وقف قائلا
-أنا بنفسى بكرا من بدرى هسافر السويس وهتابع الفرع ده الفتره الجاية مع الفرع بتاعى.

عقب الآخر فى هدوء نسبى وهو يقف امامه بهيمنته الطاغية وبنية جسده القوية والمؤثرة فى نفوس جميع من يطالعه فحسب
-تمام وكل الfiles تتبعتلى على الemail بتاعى بخصوص الفترة اللى فاتت واللى جاية، وده اللى هيحصل بعد كده ومش بس فى الفرع ده هيبقى فى كله، لان انا مش هسمح بالاستهتار اللى حصل ده انه يتكرر تانى.

غادر صديقه المكتب ووصد الباب خلفه بعد أن انتهى مجد من كلماته، حول نظره مرة أخرى تجاه الزجاج يحدج الخارج بنظراته الثاقبة وعينيه السوداوين المحاوطَة بأهدابه الطويلة الكثيفة التى لا تزيد ملامحه سوى حدة وصلابة، قد لانت ملامحه الهائجة وارتخت كثيرا عن ذى قبل واختفى منها آثار غضبه وثورته على موظفيه منذ بضع دقائق.

تلك الإمبراطورية شيدها بتعبه وحنكته طوال السنوات الماضية لم يتوانَ فى عمله ولو ليوم واحد، لن يسمح نهائيا ومهما كلف الأمر بضياع كل ما عمل ليلا ونهارا بجده المتواصل على الوصل إليه لن يسمح باستهتار وتكاسل أن يحدث فى إحدى فروع شركاته، لن يضحى بسمعتهم، مكانتهم وباسمه بين منافسيه وداخل سوق العمل وكل ذلك بسبب بعض الموظفين الذين ينعدم لديهم ضميرهم أثناء أداء مهامهم.

لم يعش حياة الترفه يوما لم ينزه عن نفسه مثل أى شاب فى سنه، فلقد أهدر زهرة سنين عمره داخل قوقعة العمل التى تركها والده على عاهله منذ رحيل والدته وسقوط شركاته فرع يليه الآخر إلى إن وصل به الأمر إعلانه إفلاسه لأكثر من مرة لتتبدل خلال تلك الفترة حياتهم رأسا على عقب ليأتى هو خلال ثلاث سنوات فقط ويجعل لشركات الكيلانى اسم داخل السوق مجددا وفى خلال خمسة أعوام أخر يجعل شركاته على القمة ويتقدم بهم تقدم باهر لم يقم به أحد من قبل سوى ذلك الكيان الصلب المدعو ب مجد الكيلانى.

كانت واقفة أمام المرآه تطالع هيئتها بنظرة أخيرة قبل خروجها من الغرفة، مشت فى الرواق المؤدى إلى غرفة المعيشة حيث والدتها وأختها التى تكبرها بعامين يجلسا معا هناك كل صباح وهى رفقتهما عند استيقاظهم ويتناولون فطورهم أيضا، بابتسامتها الهادئة وملامحها الناعمة هادرة تحية الصباح بحماس طفيف كعادتها فى أولى ايام كليتها على مدار العامين الماضيين فكليتها بمثابة إنجاز حققته حيث كانت تحلم بولوجها منذ الصغر.

-صباح الخير
بادلتها شقيقتها طيف الابتسامة وردت عليها بنبرة مرحة
-صباح النور على الرايقة اللى فينا
جلست أسيف على كرسى مجاور لها تحرك رأسها فى استنكار من مزاحها المتواصل سائلة إياها بنبرة هادئة
-ماما فين مش قاعدة بتفطر معاكى ليه؟!
تركت طيف طعامها رامقة الأخرى بنظرة علمت منها أسيف أنها ستعود إلى مزاحها مرة أخرى.

-ما الهانم على راسها ريشة باين فمش يتعملها فطار وبس لا والاسبريسو بتاعها كمان نظرت لها بغيظ مرح ثم أكملت قائلة اشمعنا انتى بيحترموكى وانا لأ، انتى عملالهم عمل يا بنتى! كانت تنظر لها بجدية زائفة مما جعل الأخرى تكركر ضاحكة حتى دمعت عيناها، حاولت طيف رسم الجدية وعدم التأثر بضحك أختها حتى انفجرت هى الأخرى فى الضحك
حاولت أسيف ضبط انفاسها قائلة بنبرة مازال عليها أثر الضحك
-انتى مش طبيعية والله.

جاءت ولادتهما على ضحكهما هادرة برفق وابتسامة حانية
-الاسبريسو بتاعك يا سوفى، كملى فطارك بسرعة وأشربيه عشان متتأخريش يا حبيبتى
ضيقت الأخرى عيناها بصدمة مضحكة قائلة بتبرم طفولى مصطنع
-سوفى، اسبريسو، حبيبتى، هو انتوا مش مبتبنينى بجد!
انفجرتا والدتها وأختها ضاحكتين، اصطنعت الأخرى الحزن قائلة
-انا همشى انا ماليش مكان بينكم أصلا
هبت أسيف ورائها قائلة بنبره لم تخلُ من الضخك بعد
-استنى يا بنتى انا جاية معاكى.

وضعت طيف حقيبتها فوق كتفها وامسكت بمتعلقاتها فى يدها ثم اعادت نظرها تجاه اختها ووالدتها قائلة فى مرح
-انا اصلا ماليش غير عُدى هو ده اللى فيكوا، استنوا عليا بس اما يرجع من الشغل
خرجتا معا متوجهتين لجامعتهما لتبتسم والدتهما وتحرك رأسها باستنكار على فتاتيها اللتان كبرتا ومازالتا على طباعهما الطفولية.

لن تكف طيف نهائيا عن عبثها معهم ومرحها الذى يملأ البيت بهجة فهى شقية حد الهلاك ومليئة بطاقة إيجابية دائما ما تُرى البسمة مرتسمة على ملامحها الفاتنة التى تجذب أعين كل من يراها بذوقها الرفيع فى إختياراتها لكل شىء تمتلك جسدا ممشوقا ذا قامة طويلة إلى حد ما، ذو شخصية قوية لن يستطيع أحد ما مهما كانت مكانته عندها فرض عليها أمر لا تريده تمتلك من الجرأة قدرا كافيا يمكنها من مواجهة صعاب الحياة والتعامل معها بصدر رحب دون يأس بل بمثابرة وعزيمة قوية.

على عكس أسيف ذو الملامح الناعمة الهادئة فهى رقيقة إلى أبعد حد، ملامحها تُشعر الناظر لها براحة شديدة ناهيك عن جمالها الرقيق الذى لا يوجد له مثيل، ذو جسد مائلا للرفع قليلا ولكنه يليق بها كثيرا لا تمتلك قامة طويلة مقارنة بشقيقتها، تلقى الدعم والمعاونة من عائلتها حيث انها هشة للغاية تخشى العديد من الأشياء فى حياتها لا تستطيع مواجهة أمر صعب بمفردها عادة ما تحتاج لمساعدة أخويها لها، فهما ووالدتهم كل ما تملكه فى هذه الحياة.

جالس هو كعادته فى شرفة غرفته واضعا حوله صور ومتعلقات زوجته الراحلة ينظر لهم تارة بابتسامة وتارة أخرى فى حزن، لا يدرى متى ستنتهى هذه العادة المتعبة لقلبه، انه لصعب على أى إنسان فى الوجود تحمل الأشتياق لشخص ليس له وجود بيننا فارق الحياة وتركنا نحن نبكى على اطلاله نتمنى ولو يوم واحد، واحد فقط يعود كى نملى اعيننا به، ممسك بصورة تجمعهما معا فى ايام صباهما، صورة تملأها الضحك والحياة، كانت صورة لهما التقطت قبل الحادثة الشنعاء التى اخذت منهم كل شىء، بما فيه زوجته مع مرور الوقت، أصبح منذ رحيلها جسد بلا روح، إذا أمعن أحد النظر بداخله لعلم انه فارق معها الحياة، كم يتمنى الرحيل من وقت رحيلها عنه كى يجمعه الله بها...

قطع تفكيره طرقات ابنته على باب غرفته جفف دوعه التى خانته لا يريد لابنته ان تراه على هيئته تلك كى لا يحزنها هى الأخرى بعدها سمح لها بالدلوف
-صباح الخير يا بابى
قالتها ابنته رفيف بابتسامتها الرقيقة التى اعتاد عليها كل صباح كى تنير يومه بها، بادلها ابتسامتها ورد عليها فى لين ورمقها فى تعجب
-صباح النور يا حبيبة بابى، لابسة وعلى فين كده!

جلست على كرسى بجاوره ثم حولت انظارها إليه بعد أن وضعت حقيبتها على المنضدة المقابلة لهما قائلة بامتسامتها ورقتها المعهودة
-مفيش بقالى فترة كبيرة معملتش shopping وفى حاجات كتير نقصانى عايزه اجيبها فقررت أنا وداليا ننزل سوا خصوصا كمان ان الدراسة بدأت وفى حاجات كمان خاصة بالكلية لسه مجبتهاش
أومأ لها متفها بعد أن ارتشف من كوب قهوته الصباحية المعتادة قائلا فى هدوء ورفق.

-ماشى يا حبيبتى أعملى اللى تحبيه أهم حاجة تخلى بالك من نفسك
قامت من جلستها بعد ان تفقدت الوقت، متوجهة نحوه محتضنة إياه ثم قبلته فوق وجنته قائلة فى استعجال طفيف
-أوكى يا حبيبى متقلقش اخذت حقيبتها ثم اشارت له بيدها مودعة إياه باى يا بابى
ابتسم على حيويتها الدائمة متمتما بحب
-باى يا روح بابى.

انطلقت من امامه مغادرة الغرفة بخفة تشبه بخطواتها نسائم الربيع المدغدغة كلما لامست جسد احدهم، تمتلك حيوية دائمة، جميلة ذو ملامح صغيرة تعطى لها هيئة أصغر من عمرها الذى لم يتخطى الثمانية عشر عاما والذى يُثبّت هيئتها الصغير تلك جسدها الرفيع ذا القامة القصيرة ولكن رغم ذلك بها أنوثة بالغة تجذب إليها الأنظار، تعشق والدها للغاية فهو المتبقى لها بعد رحيل والدتها التى لا تذكرها بالأساس لوفاتها وهى طفلة ذات العامين فقط، ليصبح والدها كل عالمها هو وشقيقها الوحيد مجد.

كان يحتسى القهوة رفقة صديقه فى الوقت المخصص لوجبة الغذاء فى الشركة التى يعملا بها والذى انتقل هو للعمل بها مؤخرا بمساعدة صديقه الجالس رفقته الآن، رامقا إياه فى جدية قائلا
-الشغل كتير جدا فعلا زى ماقولت بس كله يهون بالنظام العالى اللى هنا، دى تالت شركة أشتغل فيها بس حقيقى غير الاتنين اللى فاتوا بجد، تقدر تقول فرق السما عن الأرض
وضع الأخر كوبه على المنضدة المقابلة له قائلا فى تفهم.

-طبيعى يبقى فرق السما عن الأرض أنت فى فرع من فروع الكيلانى، واعتقد مش محتاج احلل اسم الكيلانى لانه غنى عن التعريف
اومأ له عدى عدة مرات متفها وابتلع أخر رشفة فى كوبه ثم وضعه امامه قائلا فى امتنان
-متشكر جدا يا حمزة على وقفتك جنبى ودعمك ليا عند المدير لولاك مكنتش اتقبلت وبج...
قطع حديثه واضعا يده فوق يد صديقه رادفا بإبتسامة.

-صدقنى أنا معملتش حاجة الحسابات فعلا كانت محتاجة حد فى خبرتك، أنا كل اللى عملته إنى خليتهم يدققوا فى الCV بتاعك مش أكتر، أصلا لو كانوا ركزوا فيه من غير ماتكلم كنت هتتقبل برضه أضاف بنبرة مرحة كى يلطف الأجواء بينهما أنت بس يا عم والله اللى مش عارف قيمة نفسك
أبتسم له الأخر قائلا بعد أن قام من مجلسه
-والله ما حد عارف قيمتى قدك، هروح انا بقى على مكتبى.

متوجها نحو غرفة مكتبه التى لم يعتَد عليها بعد بهيئته الرجولية الخاطفة للأنفاس بوسامته التى تتهافت عليها النساء، يعشق عمله ومجتهد به للغاية يحب ان يؤدى عمله على أكمال وجه كما يريد ان يحظى بالتقدير الكافى عليه، لذا لم يستمر بالشركتين السابقتين لعمله هنا بإحدى فروع شركات الكيلانى لم يمضى الكثير من الوقت بالعمل بكل منهما ليتركها ويبحث عن أخرى يستطيع ان يثبت بها خبراته ونباغته فى عمله وجده فى أداء المهام التى توضع على عاهله.

أوقف السيارة داخل القصر وترجل منها وفى أثناء ولوجه كانت شقيقته الصغرى تصف سيارتها هى الأخرى مترجلة منها بابتسامة واسعة رادفة له فى سعادة عارمة بعدما التف لها
-إيه ده مجد باشا بذات نفسه مشرفنا فى قصرنا المتواضع
ضحك على كلامها فهى أكثر شخص فى حياته المليئة بالعمل والجد الذى يجعل عيناه تلمع بالسعادة لرؤيته، اقترب منها حاضنا إياها هادرا بعد أن قبل وجنتيها فى حب.

-قولت أحن عليكوا وأجى أقعد معاكوا النهارده ثم تابع فى مشاكسة وهى بداخل أحضانه مكملا لها بنبرة مرحة وحشتونى بقى أعمل ايه
بادلته العناق فى حب وشوق جارف فقد كان متغيب عن القصر لأيام بسبب انهماكه فى عمله حيث أنه استسهل الذهاب فى الأونة الأخيرة لبيته المقارب لمقر شركته والمكوث به بدلا من العودة إلى القصر، فرقت عناقهما رامقة اياه بحزن ورادفة بنبرة مستاءة.

-مجد بلاش تغيب عننا كتير كده انت تقريبا بقيت عايش لواحدك وبتيجى هنا قليل أوى مش بنلحق لا نقعد معاك ولا نشوفك أضافت بنبرة ذات مغزى وعلى فكرة الموضوع ده مضايق بابى جدا
فهم مجد تلك النظرة والمغزى من وراء نطقها الأخير وقال لها مضيقا عينه فى مكر
-طب تعالى نشوف بابى هيعمل ايه لما يلاقى الليدى بتاعتنا جاية بعد حداشر بالليل وكمان هى اللى سايقة العربية.

أعطى لها ظهره وشرع فى الدخول وما إن خطى خطوتين حتى أسرعت إليه واقفة أمامه وممسكه به من ذراعة فى توسل قائلة فى لهفة وتوتر
-مجد please بلاش تعرف بابى انى روحت لواحدى من غير السواق
نظر لها فى جدية وعاد وجهه للجمود هادرا لها فى تحذير
-أخر مرة يا رفيف أعرف انك خرجتى بالليل من غير السواق، أنا هعديهالك المرادى، المرة الجاية مش هستنى انى اعرف بابا وهتصرف بمعرفتى وانتى عارفة ان تصرفى مش هيعجبك.

مطت شفتيها فى تبرم وأردفت بخجل وهى ناظرة للأسفل
-أنا مكنتش خارجة بالليل والله انا بره من الصبح كنت بعمل shopping وقايلة لبابى ومكنتش عارفة انى هتأخر عشان كده ماخدتش السواق رفعت أنظارها له قائلة ببسمة محببة لقلبه مش هتتكرر تانى متزعلش بقى
قالت الأخيرة وهى واضعة يدها الصغيرة على وجنته مما جعله يلين ويبتسم لها ثم امسك يدها ووضعها عند فمه وقبل باطنها وأردف قائلا بعد ان أحاط خصرها متوجها بها إلى الداخل.

-بتعرفى انتى تسكتينى وتضحكى عليا بكلمتين، ماشى يا رفيف.

ضحكت فى دلال وأحاطت خصره هى الأخرى، هى فتاته الصغيرة المدللة، يتبدل حاله بدرجة كبيرة وملحوظة للغاية معها هى فقط حيث يعاملها معاملة استثنائية غير الجميع، فهو يتعامل بجفاء وجمود مع أى أحد مهما بلغت مكانته، يخرج معها هى فقط جزء صغير من مجد الكيلانى الذى كان عليه يوما الذى اضاعه فى مكان ما بإرادته ورغما عنه ليصبح ذلك الكيان القوى الذى لم ولن يستطيع أحد فى الوجود التصدى له والوقوف امامه.

كانوا جالسين حول مائدة الطعام يتناولون العشاء بين نظرات أسيف و طيف وغمزهما وما إن كادت طيف تتحدث حتى أتى إلى مسامعهم صوت عدى قائلا فى تعجب
-مالكوا انتوا اتهبلتوا ولا ايه!
نظرت له أسيف بابتسامة واسعة رادفة بهدوء
-أصل طيف كانت بتقو...
قاطعتها طيف مسرعة وهى ناظرة لأخيها هادرة بإندفاع.

-يرضيك يا عدى ماما تقولى انها متبنيانى وتقول انها مالهاش غير أسيف واما قولتلها ان عدى حبيبى ومليش غيره فى البيت ده قالتلى وشوحت بإيدها كده لا ماهو مش طايقك هو كمان، يرضيك كده يا دودو انا هسيبك أنت تحكم فى الليلة دى
نظر لها مضيقا عينه يستشعر الكذب فى حديثا خاصةً حينما وجد أسيف اتسعت عينيها وفرغت فاهها بإندهاش مما تفوهت به أختها، توترت قليلا طيف لكنها انتبهت لأخيها حينما أردف بهدوء.

-بغض النظر عن دودو دى وياريت متتعادش تانى وده أحسنلك طبعا رمقها بنظره رأت بها التهديد مما جعلها تلقائيا تهز رأسها بالإيجاب على حديثه، مكملا لها قائلا بنبرة مرحة قليلا على العموم يا أخت طيف لا ميرضنيش طبعا الكلام ده ب...
أسرعت طيف مقاطعة أخيها قائلة موجهة حديثها لوالدتها وأختها بإبتسامة سمجة
-عشان أقولكوا عدى اللى فى البيت ده
نظر لها عدى هادرا بها فى استخفاف.

-بت هو انا كنت خلصت، انتى بتقاطعينى ليه أقوم اضربك دلوقتى
ابتسمت له ببلاهة قائلة فى تلقائية
-لا مقصدش طبعا يا دودو كمل كمل
نظر لها فى غضب مما جعلها تهئ نفسها للفرار منه اذا احست به متوجها ناحيتها وما هى الا ثوانى حتى أمسك بشعرها جاذبا إياه للخلف مما جعلها تتأوه ثم صاح بها فى قوة.

-بت انتى مصممة تنرفزينى وتطلعى البنى أدم الغبى اللى جوايا عليكى من ساعتها أنا عارف، وانا ميخلصنيش طوفى حبيبتى يبقى نفسها فى حاجة برضه ومحققلهاش ولا انتى ايه رأيك
نظرت له طيف وأردفت فى توجع وخوف مضحك
-عدى حبيبى مالك انت بتتحول ولا إيه اهدى اهدى يا بابا مش كده أعصابك، عيلة وغلطت هتعمل يعنى عقلك بعقلها ولا ايه
ابتعد عنها عدى قائلا قبل أن يتوجه إلى غرفته.

-أخر مرة أسمع دودو دى يا طيف انتى فاهمة هزت رأسها بالإيجاب فى حين أكمل هو ونبطل تحوير بقى شوية عشان والله شكلك بقى وحش هزت رأسها مجددا واشارت له بيدها كى يكمل أنا داخل انام دلوقتى نفسك ده لو سمعته رد فعلى المرة الجاية هيفاجئك صدقينى
انهى كلماته مع تركه شعرها مما جعلها تتأوه ووضعت يدها فوق رأسها تدلكها وهى تردف له بنبره متعبة قليلا
-اتفضل يا باشا نام براحتك ولا كأنى فى البيت مش هتحس بيا أصلا.

نظر لها شزرا قبل أن يغلق بابا غرفته وما إن فعلها حتى وجهت نظرها لوالدتها وأختها قائلة فى تبرم وعناد
-طب هتكلم بقى وابقى اشوف هيعمل ايه
-أنا قولت إيييه
لم يكد ينهى جملته وهو بداخل غرفته من وراء الباب حتى فرت إلى غرفتها قائلة فى حزن وبكاء مصطنع
-عيلة ظالمة والله، أنا ايه اللى مقعدنى معاكوا أصلا أنا اشوفلى ملجأ يتبنانى احسنلى، اوووف.

قالت الاخير فى لحظة غلقها للباب بقوة تاركة والدتها و أسيف تضحكان بقوة على شجارهما الذى لا يملا منه بتاتا وشاركهما عدى بعد ان فتح باب غرفته واستمع لما قالته..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة