قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل السادس والثلاثون

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل السادس والثلاثون

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل السادس والثلاثون

تمددت ناي على فراشها وهي تنظر للخاتم الذي يزين اصبعها. خاتم ثقيل وغالي الثمن. تكاد تضعة في صندوق زجاجي تحمية من شدة فخامتة
ورغم روعتة الا انا تشعر بثقل غريب في يدها وقلبها. تتمني لو كان هذا الثقل نابع من القلق من القادم. او التوجس من مستقبل مجهول الهوية
يزيد رجل هادئ رزين. له مكانتة في عالمة لن يفكر احد ان يعاملها بطريقة تكرهها. سيحافظ على شعورها وكرامتها
وقبل كل هذا سيحمي اولادها من بطش الأيام.

استرجعت حوارها معه والذي اثلج قلبها بإطمنان. فهو سيهتم بصحتهم وتعليمهم. لن تقلق. بل ستتمني ان يدوم خوفة وحرصة عليهم وعليها
اخفضت ناي نظراتها بخجل وخاتم يزيد يحاوط يدها برقة مُفرطة. شعرت بنوبة دوار انتابتها بجنون من نظراته المرتكزه في بؤبؤ عيناها. حتى همس بصوت اجش.
-مبرووك
تنحنحت تجلي صوتها الناعمه هامسة.
-الله يبارك فيك
جذب يدها وضعها على صدرة الصلب ليقول.

-عايزك تاخدي عليا بسرعه. احنا خلاص هنتجوز بعد يومين مش عايز نضيع وقت في تعارف
سحبت يدها باضطراب جعلها ترتجف جعلها تسحب يدها سريعا وهي ترمش بعيناها بخجل.
-لا وكيف هيك. لازمنا وقت لنعرف اطباع بعضنا
وو. لا تطلع في هيك
ابتسم يزيد وهو يدرك تأثيرة عليها ليرفع كوب العصير ليرتشف بضع منه قائلا.
-لا مش لازمنا وقت ولا حاجه. انا عارفك. وانتي هتعرفيني بعدين. بعد مانتجوز هتعرفي مين يزيد
حركت راسها بأضطراب هامسة.

-اممم انو لازم الاولاد يتقربو منك ويحبوك. لأني مابقبل شوف اولادي مو مرتاحين
حدق بها لثوان قبل ان يبتعد عنها ويسند ظهره إلى الخلف قائلا ببساطة.
-انا بدأت في اجراءات دخول الولاد للمدرسة
وهجبلك بيبي سيتر عشان محمد. دا غير اني هاخدهم بكره المستشفي يكشفو ونطمن على صحتهم والتطعيمات والحجات دي
فغرت فاهها بدهشة ولكن كظمتها في نفسها ليتابع.
-من انهاردة اولادك مسؤولين مني. وانتي كمان ياناي.

اعرفي ان من هنا ورايح في حجات كتير اوي هتتغير في حياتك.
خفق قلبها بإرتباك راجية اللة ان تتغير للأفضل. يكفيها ماعانتة في حياتها. يكفيها كل الألم والبكاء إلى هنا وانتهي
تنفست الصعداء وهي تُأمن على دعواها. تحت نظراتة الباسمة
قطع شرودها جلوس ابنتها الصغيرة التي جلست امامها تطالعها بصمت وبرائة. لتعتدل ناي قائلة بدلال.
-شو ياحلوة لساتك فايقة لهل الوقت!
تنهدت الصغيرة لتقول بعيون لامعة.

-اييه ماما. انا خايفة كتير. واشتقت للبابا
ايمة راح يجي!
دمعت عين ناي وهي تجذبها وتحاوطها قائلة.
-البابا راح لعند اللة يازهرتي. راح نشوفة بعد سنين طوال
بس هو بيشوفنا وعم يسمعنا لما بنجيب بسيرتة
والي راح لأللة مابيرجع ياعمري
هطلت دموع الصغيرة لتهمس.
-ماما. العم يزيد راح يضل معنا ولا بيروح عن اللة متل أبي!
ابتسمت ناي وربتت على وجنتها قائلة.

-اللة يطول بعمرو ويضل معنا ياعمري. ماراح يتركنا بمشيئة الله. انتي تنامي هلأ والصبح العم يزيد راح يجي لعنا ويلعب معكن لليل. ماشي ياحلوة!
حركت رأسها بإيجاب لتقبل والدتها بقوة ثم ذهبت إلى غرفتها المُشتركة مع شقيقتها. لتتنهد ناي هامسة بحنين.
-اللة يرحمك ميار ويسكنك فسيح جناتة. ويحميكم ياولادي
تمت دعائها وهي تغمض عيناها راجية من اللة ان يستجيب لدعاء قلبها الملكوم...

ياحلو صبح ياحلو طُل. ياحلو صبح نهارنا فل
صدح صوت المذياع القديم من تلك الشرفة المُزينة بنقوش قديمة رائعة. والاشجار الطبيعية الصغيرة مُنتشرة بها لتتنهد تلك المستمعة وهي تشعر بإسترخاء وراحة كبيران
لترفه كوب الشاي الأخضر إلى فمها لترتشف بضع منه وعيناها تمشط نهر النيل المُمتد امامها بروعة جعلتها تشهق قدر يسير من الهواء المُنعش
كان لفصل الربيع دور فعال في تغيير حالتها المزاجية.

زقزقة العصافير. الورود المتفتحه. نسمات الربيع الهادئة وشمسة الساطعة. كل ماحولها يدعو للبهجة والأطمئنان
رفعت هاتفها تقرأ تاريخ اليوم. همهمت بخفوت قائلة.
-الي عدا كتير. همم كتير اوي في الواقع
انهت كلماتها وشردت عيناها لتسمع نغمات العندليب التي تسربت إلى سمعها وسلبت لبها وهو يتغني.
أبعتلي سلام قول اي كلام من قلبك، او من ورا قلبك
مش يبقا حرام اسهر وتنام. وتسيبني أآسي نار حبك
لتتابع بغناء خرج نشاز.

-انا لك على طول خليك ليا. خد عين مني وطُل عليا وخد الأتنين واسأل فيا. من اول يوم راااح مني النوم
اتمتمت غنائها لتضحك بمرح على صوتها السيئ للغاية
ولكن ذالك لم يمنعها بمشاركة العندليب في غنائه الشجي
قطع شرودها اتصال صديقتها المُقربة لتجيب بنعومة.
-ياصباح الورد ياقمر
ضحكت الأخري لتقول.
-دا المزاج عال العال. الحمدللة ماسمعتش سارينة كل يوم الحقيني الناموس عمل فيا. الدبان قرفني. في حشرة غريبه في الصالون
هزت.

الفتاة كتفها بفخر قائلة.
-لا خلاص بقيت اتصرف لوحدي. اتصلت بشركة وجولي امبارح وقامو بالواجب وعملو الجلاشة مع الحشرات دي
شهقت بتفاجؤ لتقول.
-مريم اية جلاشة دي جبتيها منين
قهقهت مريم قائلة.
-خليكي فريش كدا يابنتي. الراجل قالهالي امبارح
عملت سيرش على النت وعرفت انها ميم وكدا
اطلقت تقي تأوه وهي تحاوط بطنها المُنتفخ.

-لا انتي هتولديني بدري. اقفلي يامريم الله يهديكي. المفروض أدم يجي دلوقتي يوديني المُتابعة وعمال يدعي صُبح وليل تكون بنت
ابتسمت مريم وشحب وجهها لتقول.
-بس انتي لسة في التالت تقريبا ناقص شهر وتعرفي نوع الجنين مش صح بردو!
همهمت تقي بإيجاب قائلة.
-ودا إلى عمالة اقول فيه بقالي ساعة. وهو مُصر
وبيني وبينك انا حاسة انه ولد
ابتلعت مريم غصة في حلقها لتقول.

-طب اقفلي دلوقتي ياتقي. جارتي بترن عليا ارد عليها واكلمك اوكية
ثم اغلقت وهي تسترجع ذكريات حملها من اشهر. إلى الآن لم ينتهي حزنها وحدادها على صغيرها. ولكن تتناسي وتنسي. وتذكر نفسها ان كل شيئ سيكون على مايرام
ليصدح صوت العندليب من جديد يكمل روعة اللحظات الفائتة.
أنا لك على طول خاليك ليا خد عين مني وطل عليا وخد الأتنين واسأل فيا. من اول يوم راح مني النوم.

شردت في الشهور الماضية. وفي اجازتها الطويلة التي تخطت شهرين كاملين. دون ان تنظر ورائها حتي. اقسمت على الفراق وفارقت. جائت في القاهرة. إلى ورثها القديم من رائحة اباها. شقة القاهرة المُطلة غلي نهر النيل
اجادت اختيار مكان عطلتها رغم انف البعوض
ورغم ان ميزاجها تحسن. الا ان ذكري جواد تعكره من جديد. لا تُحبذ تذكرة. لا تُخبذ شعور الإشتياق الذي يضرب قلبها بعنف خبيث ليذكرها بما مضي.

انتهي جواد وانتهت ايامه. وجائت ايام حريتها واستقلالها
كما رحل الحب وبقي ألمه. ولكن ستصمد ببسالة ولن تميل او يجرفها الشوق الية
فتحت هاتفها ولم يمنعها عقلها من تصفح حسابة الشخصي والنظر ان كان به جديد. رغم انه لا يميل إلى الانترنت
الا انه بات يدون مقولات قصيرة على صفحتة الشخصية
لتقع عيناها على عبارة كتبها باللغة العربية
الفراق لا يعني نهاية الحياة ومجيئ الموت. بل يعني موت العلاقة ووضع نقطة آخر السطر.

تبسمت ساخره لتهمس...
-كالعادة انا ولا فارقة معاه
تأكدت من ظنونها انه تخطاها وانتهي الأمر
غير مُدركة ان ماخلف الشاشات من الوارد ان يختلف مع الظنون ولو بنسبة واحد بالمئة
سمعت مي طرقات عالية وصلتها بوضوع لتركض إلى الباب بفزع قائلة...
-ايوة جاية اهو في اية
فتحت الباب لتجد طارق يحمل ميادة الفاقدة الوعي بين يداه. لتشهق بسعادة وخوف في آن واحد صارخة.
-ميادة. ميادة مالها ياطارق فيها اية.

دلف طارق سريعا إلى الشقة ليقول لاهثا.
-متقلقيش اغم عليها بس. حضري اي حاجة فيها سكر
بسرعة يامي متقفيش كدا
كانت تقف ترتجف وخائفة. لتقول بلهفة.
-حاااضر حاضر
ركضت إلى المطبخ تحضر اي شيئ لتجد والدتها المتشحة بالسواد تخرج من غرفتها قائلة بانتباه وملامح حزينة.
-اية الدوشة دي يامي
اتجهت مي وعانقتها بقوة هاتفه بسعادة وهي تبكي.
-ميادة في اوضتها ياماما. طارق جة وكان شايلها أغم عليها
ميادة كويسة ورجعتلنا ياماما.

تصلب جسد رغيدة وغامت عيناها بالدموع ورغم الراحة التي ارتسمت على وجهها الا انها هتفت بجمود.
-معنديش بنات. انا معنديش غيرك. بنتي التانية ماتت بعد ماجت الدنيا.
شهقت مي بصدمة وهي تبتعد عنها هاتفة.
-ماما اية الكلام دا!
كتمت رغيدة صراخها الباكي. ودلفت غرفتها من جديد واغلقت بابها بعنف بينما مسحت مي دموعها لتسمع هتاف طارق...
-يلا يامي خلصي
حضرت كوب عصير سريعا واتجهت إلى غرفة ميادة.
لتجد طارق يقيس نبضاتها لتقول.

-اهو ياطارق
وقف طارق ليقول بجدية.
-يلا حاولي تشربيها. هي بين الوعي واللاوعي. يعني سمعانا دلوقتي وتقدر تشرب
جلست مي جوارها بلهفة وهي تُقرب الكوب من فمها قائلة بحنان باكية.
-اشربي ياميادة عشان تفوقي. انا مش مصدقة انك جنبي فعلا. كنتي فين ياقلبي.

نزلت الدموع من عيناها المُغلقة وهي تسمع كلمات شقيقتها لتفتح عيناها بوهن. وانخرطت في بكاء عنيف وخافت. لينسحب طارق بصمت تاركا الشقيقتان تبكيان بجنون وهن يتعانقن. ليتوجة إلى غرفة رغيدة
طرق الباب قائلا بتوتر.
-أدخل ياأمي!
نطق كلمة امي ليلين قلبها له. ليسمع رغيده بصوتها المتحشرج...
-أدخل ياطارق
دلف طارق إلى الغرفة بإدب ليجدها جالسة على فراشها وملامحها الباكية تتحدث بوضوح عن حالتها ليجلس امامها قائلا بلطف.

-ليه العياط طيب. اهي ربنا رجعهالنا بالسلامة
رفعت رغيدة عيناها الحمراوتين لتقول.
-كانت فين ياطارق. وصلتلها ازاي
توتر طارق وهو يسترجع الطريقة التي عثر يها على ميادة
ليقول بهدوء.
-ميادة كانت برا مصر. كانت في مستشفي بيشتغل فيها دكتور زميلي كان شاف البوستات إلى نزلناها.

عشان لو حد شاف ميادة وكدا. وطبعا اول ماشافها عرفها وفضل وراها لحد ماعرف انها اتخطفت وواحد مريض نفسي فضل يضرب فيها وهربت منه بالعافية. وصاحبي ساعدها انها ترجع مصر. وروحت جبتها بسرعة
واول ماقربنا على البيت فقدت اعصابها من كتر العياط واغم عليها. لو شوفتيها وشوفتي خالتها ها...
قاطعتة رغيدة ببكاء مقهور.

-ميادة مشيت بمزاجها ياطارق. بنتي كانت بتحضر جواز السفر هي إلى فضحتنا في وسط الناس والله وأعلم لو كانت...
قطعت كلماتها وهي تلطم وجهها بجنون.
-ياريتها مارجعت. ياريتها ماتت. يارتني موت ولا شوفت فضيحتي على ايد بنتي
اوقفها طارق عن لطم وجهها قائلا بجدية.
-ياامي احنا لسه منعرفش حاجة اهدي بس ووحدي الله
بنتك المهم انها بخير. تقوم بالسلامة وحاسبيها زي ماتحبي
الي يريحك هنعمله.

شهقت رغيدة لتقول حازمة وهي تمسح دموعها.
-اتصل بأبوها يجي ياخدها انا دوري خلص لحد كدا
ويجي ياخد مي كمان. انا هروح اقعد مع اختي في اسماعيلية
طالعها طارق بتردد لتقول.
-اتصل بأبوها ياطارق. والا هدخل اقتلها بأيدي
ومش هاخد فيها يوم سجن
اخرج طارق هاتفة وطلب رقم والد مي ليخرج من الغرفة ويحادثة بحرية كي لا تعود رغيدة للبكاء
بينما كانت ميادة تبكي في احضان شقيقتها.
-انا اسفة. انا اتعذبت اوي يامي انا مش قادرة احكي.

ربتت مي على كتفها باكية بعتاب.
-ليه مشيتي ليه عملتي فينا كدا. امك كانت هتموت من القهر. وبابا نقسيتة تعبانة. وانا كنت بمووت ياميادة
عملتي كدا ليه
شقت ميادة وهي تسترجع تعذيب فاروق لها. والذي لم يأخذ يوم واحد في السجن بناءا على الشهادة التي قدمها دكتوره النفسي والتي اوضحت انه يعاني من توتر الأعصاب والاضطراب النفسي الذي يدفعة للتصرف بأساليب وحشية. وكذالك تلقت تهديد واضح وصريح من شقيقتة.

لتمكث في المشفي بضعة مايقارب شهر ونصف تعالج الجروح والكسور الذي خلفها فاروق على جسدها
لتشهق باكية...
-انا اسفة بس انتي متعرفيش انا حصلي اية يامي
وجدت الباب يفتح ليدخل اباها كالعاصفة متجها اليها يجذبها من خصلاتها بقسوة وينهال عليها بالضربات صارخا.
-انا بقا عايز اعرف جرالك اية. قولي كنتي فين انطقي
تعالت الصرخات في الغرفة من مي وميادة بينما حاول طارق ان يفك الأشتباك بينهم قائلا.

-اهدي ياعمي واسمعها الأول. كفاية إلى فيها
تمسك ميادة في ملابس طارق باكية...
-يابابا اهدي انا اسفة والله مااعرف ان دا إلى هيحصلي
وبعدين ايه إلى مزعلك ماانتا رامينا سنين ورا ضهرك
جذبها من خلف طارق وانهال عليها بالصفعات وهي تصرخ بين يداه. بينما مي تقف في الزواية ترتجف خوفا وبكاء
ليتجه اليها طارق ويجذبها من يدها خارج الغرفة تحت اعتراضها ليوقفها في الممر قائلا...

-سبيه يامي. يمكن ضربة ليها دا هو إلى يفوقها ويحسيها بغلطها. في أمور لازم تتاخد بالايد
شهقت باكية لتقول.
-هتموت في ايدة ياطارق. هتموت
ود لو يعانقها ولكن لا الوقت ولا المكان يسعفانة
ليربت على يدها برفق قائلا.
-دي بنتة في الآخر يامي
ولكن الصراخ الذي جاء من والد مي. اخبرهم أن ميادة قد انتهي امرها تلك المرة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة