قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثاني عشر

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثاني عشر

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثاني عشر

قضمت مي شفتيها بتوتر بالغ. اليوم سيتم عقد قرانها على الدكتور طارق وجدان. لم تبالي بأستنكار بعض النساء لفرق السن بينها وبين طارق. أو دهشتهم أنها ستقترن به وهو قد سبق له الزواج والأنجاب. وستخدم ولده ايضا
لم تبالي بأي شيئ سوا انها الآن أسعد فتاه قد خُلقت
حتي نظرات والدتها المتحسره لم تنغص سعادتها
يكفيها قبلته الدافئه التي طبعها على وجنتها عقب عقد القران، جعلت قلبها الفتي يطرق بخجل وسعاده.

أستفاقت على صوت رنا وهي تغمزها قائله.
-اتكتب كتابك على حب العمر. من غير خطط او تدخلي زي ماكنتي عايزه
اتسعت بسمه مي وهي تمتم شاكره.
-الحمدلله يارنا. انا مؤمنه ان تدابير ربنا أحسن من خططنا واللف والدوران. كان لازم طارق يتقدملي بأرادته
اعطتها رنا أبتسامه سعيده وهي تتمني ان لا تعلم مي.

ان طارق أراد الزواج بأي فتاه. لترشحها رنا في المقدمه. بتثرثر فوق راسه عن مميزات صديقتها طيية القلب. والتي تعلم حبها الشديد لأخاها طارق
غفي الصغير على يد طارق الذي ظل يهدهده بحنان بالغ، متجاهلا عقد القران. والضيوف والعروس نفسها
وقد لاحظ الجميع انزوائه بعيدا عن الضجه يحمل ولده الصامت دائما. ولكن ينكسر صمت الصغير حين يحاول احد جذبه من والده. لينطلق في صراخ لا نهاية له.

رمقت رغيدها أبنتها مي متحسره على أختيارها الذي ستتألم وتندم عليه فيما بعد
ثم نظرت لأبنتها مياده. والتي أصبح الهاتف لا يُترك من يدها أبدا. لتتفاقم الشكوك داخل قلب الأم. لتهمس برجاء.
-يارب ما توجعني في بناتي. انا تعبت وشقيت عليهم
انقضي حفل عقد القران سريعا. والذي لم يحاول طارق خلاله بالأختلاء بزوجته مطلقا. حتى همست له والدته بتأنيب.
-الواد نام هاته امسكه، وروح الحق اقعد مع مي شويه.

البنت عماله تبصلك بقالها ساعه وانتا ولا معبرها
لم يهتم طارق لحديث والدته عن مي. في الوقت الحالي وعقله منشغل تماما في حالة ولده الصغير. فهو في المقام الأول قبل أي شيئ وأي شخص
ولكن أطاع أمرها بعد دقائق وهو يدرك ان لابد ان يجلس مع عروسه الصغيره قبل رحيله
ذهب اليها قائلا بأبتسامه...
-تعالي يامي نقف في البلكونه شويه.

غزي الأحمرار وجهها. لتقف ويدها تعتصر فستانها البنفسجي الرقيق من فرط التوتر. لتسير خلفه نحو شرفتهم الواسعه
أخذ طارق شهيق طويل وهو يدخل بعض الهواء المنعش لرئتيه. قبل ان يقول بلطف.
-مبروك علينا حياتنا الجديده يامي
أنخفض وجه مي خجلا. وهي تهمس داخلها بشوق.
مبروك عليا أنتا ياطارق
ليتابع طارق متجاهلا خجلها.
-هتروحي بكره الكليه تسحبي ملفك!
عاد الحزن إلى قلبها. وانكسرت فرحتها على صخرته.

وهي تتذكر جيدا شروطه الثلاث التي طرحها عقب موافقتها على الزواج منه
أولاً لن تكمل تعليمها الجامعي في الوقت الحالي على الأقل
لأنه يريد مساندتها له في تربية الصغير على الأقل لعامان لا أكثر. فاأمام الصغير رحلة علاج طويله بعض الشيئ
كانت سترفض شرطه. بل الزواج به لولا آمران
أحدهما انها تعشقه ولا تتخيل نفسها مع رجل آخر. ولن يعوضها تعليمها الجامعي او الطب. شعورها نحوه.

والأمر الآخر أن الصغير يعاني من التوحد. ولابد من شعوره بحنان الأم ليتقدم في العلاج
اما شرطه الثاني
انها لن تنبذ صغيره مهما حدث. ولا تحاول التقصير في حنانها تجاهه، وأن بدر منها قسوه تجاهه سينفصل عنها بهدوء وكأن الأمر لم يكن
والشرط الثالث والأخير.
مهما حدث بينهم من خلاف، او خير
لا دخل لأهليهما فيه أبدا. وأن منزله له اسراره
فلو كان من طبعها الثرثره عن شئون منزلهما. فلن ينفعا مع بعضهما بالتأكيد.

كل تلك الشروط لم تؤثر بها بقدر صعوبة شرطه الأول
ان تترك جامعة الطب، أمرا قاسيا ان تجتهد وتجتهد ثم تصل لنجاح وتكاد تلمسه بيداك، يتبخر من يدك
تتذكر ردة فعل والدتها. كانت صراخ عنيف
ورفضها القاطع لطارق وشروطه هاتفه.
-المطلق إلى معاه طفل هو إلى بيتشرط علينا. وعايزك تسيبي مستقبلك. دا بعينه انا على جثتي الجوازه دي تكمل
ولكنها كالعاده نجحت في أقناع والدتها معلله. انها لن تنقطع عن الجامعه بل ستؤجلها عامان فقط.

استفاقت على ربتت طارق على يدها يفيقها من شرودها الطويل لتقول بأبتسامه لم تصل لعيناها...
-اه هروح اسحبه بكره
سحب طارق كفها وصار يمسح عليه باسما.
-هترجعي تدرسي تاني ياميوش. وتبقي أحسن دكتوره
لكن سليمان.
قاطعته بأيجاب قائله بنبرتها الرقيقه.
-مفيش مشكله ياطارق. سليمان هيكون في عينيا وقلبي
ارتاح قلبه لحديثها وتضحيتها المؤقته. وتمني ان تكون تلك طباعها بعد الزواج. وليس زيف كازوجته السابقه.

حل الشتاء على الاسكندريه منيرا رغم عتمته
وكاعادت شهد منذ سنوات طويله. كوب شوكلاته سوداء ساخنه. وشال كبير يدفئها من هواء الشتاء القارص
أعتادت في الماضي الجلوس على الأريكه
تنتظر زوجها يعود من عمله. لتدفئه بعناق ومشاركته لمشروبها الدافئ. وتنطلق لتحتضر العشاء سريعا.

ولكن كل هذا تبخر الآن. وهو يري العشاء مجهز وموضوع أعلي المائده ينتظره ليتناوله وحيد. والمنزل مظلم مما يعني أن شهد والأولاد قد غفو ولم ينتظروه كاعادتهم
شعر بالوحشه والوحده، والنبذ
شهد صارت تنبذه باقصي ذراعها. تلقيه بعيد عن حياتها تماما. الجفاء صار رفيقها كلما رأت وجهه
تطلب أي شيئ يخص الاولاد او المنزل بهدوء. ان لباه كان بها. وان لم يلبي. تقول له بصوت باسم
أطبخي ياجاريه كلف ياسيدي.

ثم تتركه وتحتمي في غرفة الجلوس الداخليه
والتي مؤخرا كلفته مرتبه كاملا لتشتري أريكه جديده
وبعد وقت أكتشف أنها تتحول لفراش آخر الليل
لتصير بعدها غرفة شهد الخاصه
القي سلسلة مفاتيحه المعدنيه على المنضده. وأتجه إلى الشرفه ليقف والأرهاق. والبروده تقتحم جسده بقسوه
لن يستطيع أكمال حياتهم بهذا الشكل مطلقا. عليه بوضع حدا لتلك المهزله التي تحدث في عائلته الصغيره
أستفاق على صوت رسالة هاتفه وتوقع الراسل.

ناردين ومن غيرها التي تراسله كلما سنح لها الأمر. كان هذا في السابق يجعله يفكر ان زوجته الحبيبه تنبذه. وأخري تتلقفه بصدر رحب.
تجاهل أشعارات الرسائل تماما. وصار ينفخ الهواء الساخن بيده ليدفئها قليلا
ليلحظ بعد لحظات يد تمتد بكوب شوكلاته ساخن
يد زوجته التي تنتظر أن يأخذ الكوب سريعا لتختفي عن ناظره كما أعتاد منها الهروب مؤخرا
أخذ الكوب منها ثم جذبها سريعا لكي لا تتركه. ليقول بصوت مقتضب.
-الولاد فين!

أجابته وهي تخلص يدها من يده سريعا.
-نايمين
وكادت ان تذهب ليوقفها بتساؤل جمدها في محلها.
-هنفضل كدا كتير ياشهد!
التفتت له وداخلها طاقه عظيمه باللوم والعتاب والصراخ والسُباب أيضا. ولكن كتمت كل هذا وقالت ببساطه.
-وهو في أحسن من كدا
عظيم بدأت الآن بأثارة غضبه. ليتكلم بنبره حاده.
-شهد كلامي ليكي كان عشان تفوقي مش تبقي أسوأ
افصلي بين المواقف وحياتنا
فهمت أشارته إلى ذالك اليوم الذي صفعها بكلماته القاسيه.

لتبتسم بهدوء وهي ترجع شعرها القصير للخلف.
-دا انتا عايزنا نتعاتب بقا!
اجاب بحزم.
-لو العتاب هيرجعنا زي ماكنا. نتعاتب ياشهد
رفعت حاجبها وهي تميل برأسها بأيجاب.
-تمام ياغيث أبدأ انا.

أول حاجه أختيارك ليا كان غلط. انا واحده انتا عرفتها في القسم متهمه بسرقة دهب عمتها. بغض النظر عن كوني بريئه. وكمان أنا نفس البنت إلى جوز عمتها أغتصبها وخد كام سنه معدوده بس. يعني آخد بنت رد سجون ومعيوبه. ودا مش ذنبي دا أختيارك
اراد الصياح بها غاضبا ولكن تذكر أطفاله ليمسكها من مرفقها بحده قائلا...
-اسكتي ياشهد بلاش كلام فارغ. ايه إلى بتقوليه دا
سحبت مرفقها وتابعت وهي تقاوم الا تدمع.

-عرض عليا الجواز وانا كنت أنانيه ووافقت. كنت متجاهله انك أرمل عايش على ذكري مراته. وقولت أكيد مش هحب تاني بعد خزلاني في موضوع عمار. وانتا كمان قولت إلى بينا احتياج مش أكتر
وبعد كام شهر بس من جوازنا. حبيتك. جدا
وحبيتني انتا كمان. ومع اول طفله منك لاقيتك بتصدمني انك سميتها ملك. سميتها على أسم حبيبتك ومراتك المتوفيه. والي انا مقدرتش انسيهالك أبدا ولا أنسيك حبها
وعارف أنا مقدرتش انسيهالك ليه!

عشان محاولتش أصلا اعمل كدا. كنت بقول راجل شهم مخلص قادر يحتفظ بحب مراته بعد سنين. والمهم ان انا بحبه. حبي يكفينا أحنا الأتنين
وجه ابني التاني.
لتضحك شهد بعدها وهي تدمع.
-روحت مسميه مالك. عشان قريب بردو من أسم ملك
وانا ولا هنا. بقول يمكن صدفه، يمكن ميقصدش
يمكن ويمكن. وسكت
نظرت لملامحه الممتقعه بصدمه وهي تكمل بسخريه.

-بس كتر يمكن أتقلبت عليا، وبقت ملك جزء من يومي. او مبقتش. هي جزأ من البدايه بس وجعي مظهرش من الموضوع دا الا بظهور قريبتها
ساعتها بقا قلبي أبتدي يقولي. زمانه استوعب انه أختار غلط. زمانه حن لأيامهم وهيرميكي وهياخد إلى من ريحة ملك. بس بقيت أكدب نفسي واقول لا ياشهد انتي مكبره الموضوع. انتي إلى دراميه
لحد ماجبتلي هديه صاعق كهربا. وفيزا للصباه. متخيل.

ضحكت شهد تلك المره وهي تتذكر مرارة الموقف، والأخر ينظر لها وكأنها مخلوق عجيب لم يره من قبل
بالهديه دي جابت سيرة الأغتصاب. عشان تفكرني اني معيوبه زي ماقولتلك. والصبا عشان تفكرني أن غيث الراجل الوسيم واخد واحده وحشه. مش قد كدا
وتخيل بردو اني اول ماروحت الصبا الكل اتعجب اني مراتك. وعامله قالت. ما مراته شكلها حلو أهو. امال مدام ناردين بتقول عليها ضايعه ليه.

ولما اتصدمت وقولت ضايعه. لقيت صاحبة الصبا والي بردو صاحبه ناردين لحقت الدنيا وبررت. انها قالت كدا عشان نهتم بيكي مش كاتقليل
وختامه مسك. الصور وانتا حاضنها
اكتر من صوره حضنها في مكتبك. وياسبحان الله إلى باعته الصور دي لما انا دورت وراها عرفت انها تعرف ناردين بشكل او بآخر
وانتا بردو متمسك بيها. انها قريبة ملك ولازم تساعدها في محنتها. إلى متحلتش لحد دلوقتي
وجاي بتقولي أنتي ضعيفه بتحبي تعيشي دور المظلومه.

انا لو ضعيفه ياغيث. كان زماني سبتك من زمان
من ساعة ماحسيت ان قيمتي بدأت تضيع معاك
انا أُغتصبت واتسجنت كام يوم ظلم. ورغم كل دا عمري ماحسيت اني قليلة القيمه أو ضعيفه
معاك انتا ياغيث ومع كسرتك لنفسي عرفت اني اتحولت لضعيفه خايفه تساوي راسها براس أي حد في حياتك
انهت كلماتها وهي تمسح خط الدموع التي سالت بغزاره على وجهها. وانزلقت الثقه والسخريه عنها. وظهرت الهشاشه وضعفها الانوثي.
لتتابع بصوت مخنوق.

-طلقني ياغيث
تحول استيفان إلى وحش ضاري. لا يري لوسيندا ألا ويعطيها مايكفي من الضرب والأهانه. صار يمنع عنها الطعام
رغم ندمه كل آخر ليله ولكن عندما يتذكر عذابه في الماضي يتفاقم داخله الكره والحقد
وتفاقم أكثر وأكثر عندما يهاتفه جواد أكثر من مره يسأله عن لوسيندا بقلق. انها لا ترد على مكالماته.
ليقول له أستيفان ببرود...
-قدمت أستقالتها ولا أعلم عنها شيئا.

تلك الكذبه الصغيره جعلت رجال جواد يجبون المنطقه بحثا عنها. وأن علم جواد بأنها في منزله ويعذبها
سيقتله بالتأكيد
لذا كلما رأها لا يستطيع منع نفسه من أيذائها والأنتقام الجسدي منها. لدرجة انها باتت تتلقي صفعاته وكلمه واحده ترددها برجاء.
-أريد الذهاب إلى منزلي أرجوك
تعبت لوسيندا من الصراخ. والبكاء والبحث عن أي وسيله تخرجها من سجنها الذي دام لأسبوع كامل
شعرت انها على حافة الموت. بل هي تحتضر بالأساس.

ورغم ذالك لا يشفق أستيفان أطلاقا. بل يبتسم ساخرا على عذابها. رأته كاعادة كل مساء متأنق ليذهب إلى أحد سهراته. رمقها بسخريه وهي تقف وتأهب نفسها ككل مره لتدفعه وتحاول الهروب وفي كل مره تفشل وتنال صفعات لا عدد لها. وبعد رؤيتها لنظرته المنتظره علمت انها ستفشل مره اخري
لتصرخ به برجاء...
-أستيفان ابني ينتظرني منذ ايام أرجوك خذني اليه
تصنم استيفان بمحله. وهو يعيد تذكر صراخها. أقالت ابني!
هل تملك طفل!

لتعيد صراخها المنهار. وهيأتها المشعثه ووجهها الدامي قد جعله يصدق كل كلمه قالتها.
-اقسم بروح أبني الطاهر يااستيفان. أن أخذتني إلى صغيري لأطمئن عليه. ساجعلك تقتلني أو تعذبني. وان أردت مني الأمضاء على صك ينص بكلامي لا أمانع. ولكن اتركني أذهب لولدي وأضعه بين أيدي أمينه
ارتعد وجه أستيفان للحظات قبل ان يمسك يدها يخرجها من المنزل حافية القدمين. ثم أدخلها السياره وصعد هو الآخر قائلا ببرود...

-ما عنوان أبنك هذا!
املته العنوان بشهقات متقطعه وأبتسامه صغيره شقت ثغرها الدامي من كثرة الضرب والصفع. لتضم يدها إلى صدرها تحاول تخيل عناق صغيرها الجميل قريبا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة