قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثالث والثلاثون

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثالث والثلاثون

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الثالث والثلاثون

كانت رأسها على الوساده البارده كما كل شيئ حولها
ليست جروح جسدها فقط من تنزف بألم
بل جروح روحها وقلبها. وعيناها التي تقطر الدمع ندما وعقلها يسترجع لحظات تعذيب فاروق لها دون رحمه او شفقه
حتي نظراته العدائيه وجسده الذي ينتفض بغضب عظيم
جعلها تدرك ان هذا الرجل يستطيع ان يقتلها دون ان يرمش له جفن. وخاصه عندما يدخل عليها كل آخر الليل ليبرحها ضربا ثم يخرج.

ورغم ضرباته العنيفه والداميه الا انه لم يقربها ابدا
او يلامسها بشهوه. عُظم غضبه منها اقوي من غرائز حيوانيه مُخمده داخله
قطع نشيج بُكائها صوت صرير الباب وهو يُفتح وكاعاده كل ليله يدخل ليُخرح شحنات جنونه وغضبه ويخرج من جديد. لتغمض عيناها بخوف حقيقي وجسدها يقشعر بفزع
لينظر لها ساخرا وقد اعماه الغضب.
-دلوقتي بس خايفه!
طب ماخوفتيش ليه وانتي بتخونيني
ماخوفتيش لما شوفتك بعنيا.

ليقترب منها أكثر ليصفعها بعنف صارخا بعذاب.
-ماخوفتيش وانتي بتحطي السكينه على رقبتي وعايزه تموتيني، ماخوفتيش ليه ساعتها
شهقت ميادها بألم وهي تصرخ بجنون من صفعاته على وجهها الدامي وهي تحاول ان تحمي مابقي من وجهها المشوه بالضربات ليقف قائلا بجنون...
-عارفه انا هعلمك الخوف. هعلمك تكوني خايفه مني
ليمسك احد العصيان الغليظه بغل وهو يلقي اليها نظرات كارهه مجروحه اما عيناها الخائفه لتقول بضعف.

-انا معملتلكش حاجه آاا
اطلقت صرخه عاليه عندما حطت العصا على جسدها بعشوائيه وقد جُرحت حنجرتها آثر الصراخ ليقول.
-اخرسي. اخرسي خالص مش عايز اسمع صوتك
لتتطلق صراخ اعلي في كل ضربه من تلك العصا لتبكي بأنهيار صارخه...
-مش انا. انا مياااااده انا ماخونتكش ولا قتلت حد
انا مياده...

كلماتها الصارخه التي تكاد تصم الأذان لم اصل لأذنيه ويده تضربها وعيناه تطرفها الدموع الحارقه ومشهد الخيانه يرجع إلى عقله دون رحمه ليحجب عيناه عن الرؤيه
تلك الرساله الليعنه التي وصلته منذ سنوات والتي تحوي معاني خبيثه وقاتله ان امرأته في فراش رجل آخر
يجعلته يقفز بحده وغضب وهو يحاول الوصول لصاحب الرساله. ليس ليعرف منه المزيد. بل ليؤدبه ويعطيه درسا لا ينساه.

ولم يستوعب او يتخيل ان امرأته المُحبه تخونه بيوم من الأيام. انها رفيقة الروح وحبيبة القلب. انها حب الشباب الذي يجعل قلبه يُغرد بلين
ولكن تمردت عيناه وذهبت إلى العنوان المصحوب مع الرساله بدافع الفضول. ولكن جحظت عيناه بدهشه وخوف وترقب. العنوان لجارهم الأجنبي الوسيم
الذي لطالما دلف منزله وشاركهم مائدة الطعام والأحاديث الإجتماعيه المرحه
هز رأسه بجنون وبدا الشيطان يصور له اشياء غفل عنها.

تلامس يد زوجته بيد بيتر في بعض اللحظات
نظراتهم العميقه. تهدجت انفاسه ليهب واقفا متجها لمنزله سريعا يتفقد زوجته الحبيبه
لم يدري بنفسه سوي وهو يقف في المنزل الخاوي يطالع الأركان بأعصاب مشدوده والنبض في حنجرته يزيد ويزيد بخوف وغضب. ليخرج هاتفه ليحادثها ولكن الرنين استمر للحظات. حتى سمع صوتها الناعم يقول بخفوت.
-حبيبي عامل ايه.

ارهف السمع لصوت انفاسها المتهدجه وانفاس اخري تشاركها ليتمالك اعصابه قائلا بهدوء.
-انا كويس ياحبيبتي. انا هتأخر في الشغل ساعتين
تعاليلي لو عايزه. انتي نايمه
كانت تكافح لتخرج صوتها هادئ ولكن نعومتها المُفرطه وكذبها جعلاه يُدرك صدق الرساله وهي تهمهم...
-امممم ياحبيبي نايمه مش هقدر اجيلك. هستناك على العشا
أغلق الهاتف وهو يعتصره بين قبضته وخرج من المنزل متجها لجاره وبالفعل وجد سيارته تقف امام بيته.

نظر إلى علو المنزل المكون من طابقين
صار الجنون يرتسم في عينيه ليلتف حول المنزل. ليعصر على مدخل لدخول المنزل خلسه. وبالفعل بدأ يتسلق. مواسير المنزل بخفه ويده ترتجف من فرط الغضب والخوف. وهو يقنع نفسه ان كل شيئ على مايرام
لن يجد زوجته بالداخل
وصل إلى الطابق العلوي ليدخل من نافذه المطبخ والتي كانت للصدفه مفتوحه. وكأن القدر يهيئ له الحقائق.

لمعت امامه السكاكين الحاده. ليخطف واحده ويذهب بخفه إلى داخل المنزل وضربات قلبه عاليه
ليسمع احاديث انجليزي بين بيتر، وزوجته
ارهف السمع وهو يتجه لمصدر الصوت. ليلمح زوجته نائمه في الفراش الابيض عاريه تماما. وتحادث بيتر الذي على الأغلب يحادثها من حمام الغرفه. لتقول بحنق.
-بيتر لا داعي لكل هذا الضيق. انا هنا منذ الساعه الثالثه ألا يكفي هذا. لتذهب إلى عملك
ليصله صوت بيتر الغاضب.

-قررتي الذهاب عندما حادثك زوجك
ألم يقل انه سيأخر. اذا لما الذهاب
تحركت من الفراش بخفه وهي تقترب منه على مايبدو وهي تغمغم بنعومه مفرطه لطالما جعلت قلبه ينهار من الحب...
-حبيبي لما العبوس. ا
انا آتيك وقتما تريد. لا داعي لتلك الغيره التي لا محل لها في علاقتنا. الا تعلم أنني احبك ولا اتحمل رؤيتك حزين!
الا تعلم انني احبك ولا اتحمل رؤيتك حزين
تلك الجُمله التي تقولها له لتستميل قلبه وعقله لها.

اصبحت تستخدها لعشيقها ايضا. اندفعت النار لأوردته ليقتحم الغرفه صارخا بجنون.
-هموتكو انتو الأتنين. مش هسيبك يا
انتفض كليهما والنظرة المفاجأه عليهما ولكن لم يكتمل اندفاعه الا وبيتر يصد له لكمات ويمنعه من الإقتراب منها
بينما هي تقف خلف مبيتر وملامحها هادئه مع بعض التحفز. لا وجود للفزع والندم. لا وجود للمشاعر
تناظره بهدوء وسخريه. وساعدها حجم بيتر الذي يقارب الحائط والذي جعله يقاوم ويضربه بقوه.

ادخل يده في سترته ليخرج السكين لتصرخ هي بقوه.
-بيتر انتبه
كل الغضب والحزن والإحساس بالخاينه في أحد كفتي الميزان. وصراخها خوفا على بيتر في كفه آخري
ليسدد بيتر لكمه جعلت فاروق يقع ارضا والدم يسيل من انفه وفمه بغزاره
وعيناه تحدق في وجوهم بإعياء. لتُمسك السكين وتقترب منه انخفضت له وهي تضع طرف السكين على رقبته مهمهمه بجديه.
-اممم عايز تقتلني مش كدا!

لتعلو عيناها نظره ساخره مليئه بالجنون وهي تجرح عنقه بنصل السكين لتقول.
-بس دلوقتي ممكن أنا إلى اقتلك
كانت عيناه تتوسل ان يكون ذاك حلما
غير معقول ان تلك المرأه هي زوجته التي كانت تتوسد صدره ليلة امس. غير معقول انها حب حياته هذا هراء
هذا كذب. ليرفض عقله تقبل الواقع ويذهب في اغمائه طويله نتج عنها خلل في العقل. وحالة تشنج لا تتركه في حال سبيله
وقع ارضا وارتطم جسده بالأرض بقوه وسقطت العصا معه.

توقفت مياده عن الصراخ والبكاء المبحوح وهي تحدق في جسده الذي يتشنج بجنون لدرجة الأنتفاضه
ورقبته التي تتحرك بغياب وعي. وعيناه التي ابيضت أثر التشنج
نظرت إلى جسده وهي تحاول ايقاف شهقاتها المتألمه
نظرت إلى باب الغرفه المفتوح. وعزمت على الوقوف لتهرب وتتركه يموت بسوآته. ولكن السلسال الحديدي الذي يقيد قدميها بالفراش منعها
لتطلق صراخ مستنجد ليأتي أحد ويقوم بنجدتها.

حاولت شد السلسال بيدها الواهنه وهي تبكي ألما وتبكي خوفا من ضياع فرصتها الوحيده للهرب من ذاك المتوحش الذي يتشنج ارضا لسبب لا تعلمه
صرخت وصرخت إلى ان لمحت هاتفه يضيئ في جيب بنطاله. انحنت بضعف تحاول التقاطه هامسه ببكاء.
-يارب اخرج من هنا على خير يااارب نجيني منه ياارب
وبأعجوبة وصلت إلى الهاتف لتجد صوت امرأه على الطرف الآخر لتصرخ بقوه...
-ارجوكِ اتصلي بالشرطه. انه يحتجزني في منزله.

هتفت المرأه على الطرف الآخر بفزع.
-سيد فاروق. اين هو. ومن انتي
صرخت مياده بيأس لتقول.
-ارجوكِ ساعديني انني في شقته
ان قُتلت ستحملني دمي في عنقك ارجوكِ. انقذيني من يد اللعين فاروق حداد
هدأت ساندرا لتقول.
-سيدتي امليني عنوانك اذا سمحتي
سأساعدك رغم انني أشك في حديثك عن سيد فاروق
وبالفعل أخذت العنوان وسارعت اليه. إلى من أسر قلبها متذ ان وقعت عيناها عليه. صارت تعشقه. ساندرا تعشق فاروق حداد.

أخرجت شهد قالب الحلوي من الآلي وأغلقته وهي تَشّتم رائحته اللذيذه لتقول بأبتسامه.
-تسلم ايدك ياشهود
سمعت صوت عبدالرحمن يوبخ ابنها الصغير لكثرة أمساكه للهاتف و تمئيئ عينيه فيه كما يقول دائما لترد زوجته مدافعه عن حفيدها بإستماته...
-الله ماتسيبه ياعبدالرحمن. كل إلى في سنه معاهم موبيلات وبيلعبو عليها
ضحكت شهد من تعابير والد زوجها لتضع الكيك والشاي امامهم قائله بأيجاب.

-لا ياماما بابا عنده حق. مالك بقا يمسك الايباد بالساعات
لكن ملك شاطوره بتمسكه نص ساعه بس وبتقرأ باقي اليوم
ابتسم عبدالرحمن بفخر وهو يجذب الصغيره لاحضانه قائلا.
-هي دي حبيبة جدو إلى اتعلمت منه ان الانسان إلى بيقرأ كتير بيبقا مخه ايه ياملوكه
اجابت الصغيره بحماس وخجل.
-بيبقا مخه كنز ياجدو. لأن المعرفه هي اهدي طريق للنجاح والتعايش بين الناس
شهقت شهد بتفاجُئ لتقول.
-ايه المعلومه الحلوه دي ياملك شاطره.

مرغت الصغيره وجهها في صدر جدها بدلال قائله.
-جدو هو إلى قالهالي ياماما.
عبس الصغير ليضع الهاتف جانبا ويعقد يداه إلى صدره دامعا وهو ينظر لجدته قائلا بعبوس.
-وانا مش شاطر يا آنه!
عانقته الجده بعاطفه وهي تقول.
-انتا بطل الآنه وغيث الصغير. كأنكم نسختين ياحبيبي
مش بابا بطل بردو
حرك الصغير رأسه بإيجاب قائلا.
-بابا بطل وبيمسك الأشرار ويحبسهم عشان يكونو كويسين
وبيطيييير وبيبقض عليهم ويمسكهم.

ضحك عبد الرحمن ليقول مشاكسا.
-ليه ياخويا جيرندايزر وانا معرفش
ضحكت شهد تشاركه ضحكاته بينما عبست الجده وحفيدها. ليسمعو صوت تكات الباب ليقول عبدالرحمن بمرح.
-اهو جيرندايزر شرف اهو
دلف غيث والمُفاجأه على وجهه ليقول باسما.
-وانا اقول بيتنا منور ليه. ازيك ياماما
ومال ليقبل وجنتها برقه. وكذالك اتجه لوالده يصافحه بخشونه ولازال على موقفه منه. ليجذبه عبدالرحمن بحده
-ايه يابو العيال كبرت على انك تبوس ايد.

ابوك ودماغه
مال غيث على والده بأدب مُقبلا يد والده
بينما غاص قلب شهد حزنا على علاقتهم التي تأزمت بسبب هروبها وإغاثة عبدالرحمن لها وقتها. ليتمرد غيث مُعلناً ضيقه من اخفائه لها
لتتنحنح شهد قائله برقه.
-تعالي ياماما اوريكي اشتريت ايه امبارح انا والولاد
يالا ياحلوين نوري آنا ونسيب جدو وبابا يتكلمو
وقفت والدة زوجها لتذهب معها بعدما التقطت اشارتها
ليجلس غيث امام والدة بوجوم ليقول عبدالرحمن بلا مبالاه.

-هتفضل مكشر في وش ابوك كدا على طول!
تنهد غيث بضيق ليقول.
-بابا إلى انتا عملته معايا مش قليل
كنت بتلعب على اعصابي وضميري
وخبيت مراتي وانتا عارف انا قالب الدنيا
قاطعه عبدالرحمن بهدوء...
-فاكر ياغيث امتا اتجوزت شهد!
جيتلنا من كام سنه ببنت صغيره كنت رافض وجودها بس قولت المهم يخرج من حزنه. وهي كانت جميله ومؤدبه
لكن الظروف ظلمتها من اول ما لحمها اتجرأ عليها
قبلتها بينا ومحسسنهاش بأي فرق واي حاجه.

ورغم اننا كنا بنحافظ على شعورها كنت انتا بتهدمه
كانت بتدبل قدامي. لكن انتا كنت بتعاملها كويس
بس لما بتيجي سيرة ملك الله يرحمها بتنسي شهد تماما
شهد بنتي ياغيث. ربنا هيحاسبني عليها
هي ملهاش اب يُقفلك ويقولك اعمل ومتعملش
بس ليها ابو جوزها واهله يسندوها لو انت جيت عليها
مراتك جاتلي وهي منهاره وهتموت من القهر
مكناش هرميها بين ايدك
حط نفسك مكاني وشوف كنت هتعمل ايه
ولو كنت هتعمل غير كدا فا انا معرفتش اربيك.

او مطمرش فيك تعبي انا وامك
صمت غيث تماما وهو يسمع لكلمات والدة الصريحه
وهو يعتصر قبضته بضيق لأن والدة محق. وحزن لأن الجميع لاحظ حزن زوجته منذ سنوات الاه
ربت غيث على يد والدة قائلا...
-لا يابابا كنت هعمل زيك. بس انتا تقلت العيار شويه
استرخي عبدالرحمن في مقعده ليقول بأرتياح.
-يابخت من بكاني وبكي عليا. ولا ضحكني وضحك الناس عليا. ولا كنت عايزني اضحك عليك ياشهريار.

لامه غيث بعيناه. ليضحك عبدالرحمن قائلا وهو يقف.
-نمشي احنا بقا وهناخد الولاد معانا لانهم وحشوني جدا
وقف غيث قائلا بأبتسامه جاهد لكبتها...
-لا يابابا باتو معانا
ضيق عبدالرحمن عيناه بمكر ليقول...
-متأكد
ضحك غيث وهو يعانقه ويقبل كتفه قائلا.
-ربنا يخليك لينا يابابا
خرجت شهد والاولاد وجدتهم ليقول الجد.
-يلا ياولاد بسرعه على العربيه. واعملو حسابكم مفيش خناق على إلى هيقعد جنبي جدتكم هي إلى هتقعد.

ركض الطفلين إلى الخارج. ليقبل غيث والدته ويعانقها بمحبه. بينما ربت عبدالرحمن على وجنة شهد قائلا بخفوت.
-خفي على أبني شويه. السنين مش طويله عشان يقضيها خناق وحزن. ابني معدش صغير ياشهد بلاش تضيعو احلي ايامكم في هجر هتندموا عليه بعدين
حركت راسها بطاعه وهي تقبل كفه.
-حاضر يابابا متقلقش انا بحب غيث
ابتسم عبدالرحمن وهز رأسه بمعرفه. ليأخذ زوجته ويغادرا تحت انظار كلا من شهد وغيث.

ليقترب غيث من شهد قائلا بهدوء...
-مش خلاص بقا ياشهد
حاوطت شهد يدها ببعضهم ناظره لعيناه المُشتاقه لتقول.
-غيث صدقني انا بحاول وو
قاطعها غيث وهو يعانقها برقه قائلا بصبر.
-انا هصبر ياشهد. لحد ماانتي بنفسك إلى تيجي وتقوليلي يلا نكمل حياتنا وننسي إلى فاااات.

تكورت شهد بين احضانه وعانقته بأطمئنان ودفئ. وكأن لم يكن بينهم بُعد وجفاء وشهوراً عجاف. وكأنها مهما هربت من بين يداه. تعود كالمجذوبه التي لا تلقي التعقل إلى معه
لتهمهم بنعومه وهي تُمرغ وجنتها على صدره وقد تعبت قدماها من الوقوف.
-ماوحشتكش البلكونه!
ابتسم غيث وهو يبعدها عن عناقه...
-ان جينا للحق وحشتني البلكونه والقهوه. وشهد وفيرووز وصوت فيروز. مش الاغاني الغريبه إلى بقيتي بتسمعيها.

حركت رأسها ضاحكه لتقول.
-اسبقني على البلكونه واحصلك بالكاكاو
هنغير شويه المرادي
حرك رأسه بإيجاب وهو يدرك مغزي كلماتها. لو كان التغيير سيبرد من نار قلبها المشتعله والآلمها فأهلا بالتغيير لأجل عيناها الفيروزيه الفاتنه.

اغلقت مي غرفتها جيدا وخلعت حجابها وجلست على فراشها بإرهاق وقد اتعبها الحديث مع عُلا. بكائها جعل طاقتها تنفذ. وعيناها تستحضر الدموع في شقيقتها المفقوده. ولكن مااثلج قلبها وجود سليمان الذي تشبث بها
ذاك الطفل يعطيها شعور الأمومه ويُعززه
يجعلها تنسي الامها وحزنها من طارق. انتبهت على الدفتر الأسود الذي اعطته غُلا اياه. لتضعه في خزانتها بهدوء
دون ان تفتح دفتيه وتري مابه.

اتجهت إلى الخزانه وفتحتها لتخرجه وتجلس على فراشها وهي تُمسكه بتوتر. تخشي ان يجرحها مابداخله
تخشي ان تكرهه اكثر. تكره ان يتحول قلبها اللين إلى قلب مجروح قاسي لا يعرف التسامح. وخاصه ان كانت تعشقه
مسحت على الدفتر بحنين حينما تأكدت انه نفس الدفتر التي اهدته إلى عُلا منذ سنوات طويله. لتخبرها عُلا بضجر ان طارق اعجب به للغايه وأخذه لنفسه
فتحت الدفتر لتتفاجأ بصفحاته الصفراء وكلمه.

واحده تزين اعلي الصفحات بعنوان
مي الصغيره
نبض قلبها بحده وعيناها تجري على الكلمات المكتوبه بالحبر الثقيل. وعيناها تتوسع مع كل حرف
هذا الدفتر هدية من مي الصغيره إلى شقيقتي. ولكنني أخذته لنفسي. رغم ضيق عُلا الا انني اخذته عنوه لغلافه الأسود الرائع. وخاصه انه من تلك الصغيره الخجله على الدوام. بوجنتيها المُنتفختين وعيناها اللامعه
اتمني ان أُنجب فتاه جميله مثلها. ولكن بعدما أنهي الجامعه
واتزوج غاده.

ضحكت وهي تتابع قرائه حينما قرأت كلماته العاميه.
لا انا مش عارف اكتب عربيه فصحي. انا هكتب عامي عشان عارفك هتزهقي ياغاده. رغم اني لسه في سنه اولي طب ولسه المشوار طويل. لكن عارف ومتأكد اننا هنفضل مع بعض سنين. هستني نتجوز عشان نجيب بنوته صغيره حلوه كدا شبهك او شبه جارتنا مي. البنوته الصغيره دي
ونجيب ولد نسميه سليمان
انتهت الصفحه وغصة البكاء في حلقها تهدد بخنقها.

وصارت تغوص في باقي الصفحات وعيناها تبكي الما
كان يعشق زوجته بجنون ويكتب كل شيئ لتقرأه. ويوجه الحديث لها في كل الصفحات. ويكتب الشعر لعيناها
ادركت انه لن يحبها ابدا. مهما فعلت لن تصل لقلبه الذي يعشق زوجته السابقه. المُعادله خاسره للغايه
كان التاريخ يختلف تماما عما قبله. كانه يكتب كل نهايه سنه من سنواته الماضيه. كتاباته قليله ولكن مليئه بالحب والشغف.

مر الليل ببطئ وعيناها تجري على الحروف والدموع تجري على وجهها بعذاب، تعذب نفسها بقرائتها لتلك الكلمات
مي تنساه وتكرهه. لا لن تكرهه ستنساه وسيقسو قلبها
ولكن وصلت لأحد الصفحات توقفت دموع العذاب. وبدأت دموع الألم. حينما شعرت بألمه وهو يكتب تلك الكلمات.
انهارده من كام ساعه بس طلقت غاده. طلقت حب عمري إلى كافحت عشان اتجوزها وافضل معاها عمري كله.

لكن لقيت ان دا كلام في الهوا. مفيش حب. مفيش تضحيه. مفيش جبر خاطر. مفيش اي حاجه من دي لازم تكون في الجواز. الحب دا كلمه فارغه عشان نداري بيه مشاعر غبيه. انا كنت فاكر اني لما اتجوز غاده هصحي وانام على وش إلى بحبها. نكمل بعض ونكافح مع بعض
وندعم بعض. لكن لا. انا كنت الطرف إلى بيدي. انا إلى بحب وانا إلى بكافح وانا إلى بدعم. انا إلى ماسك طرف الخيط في العلاقه. وغاده ديما بايعه. حتى ابنها بايعاه.

شاريه شغلها وكاريرها واحلامها. متجوزه الطموح والنجاح والكُتب. ورمياني انا وسليمان على الرف. كل حاجه كنت بعملها كانت على الفاضي. مشاعري على الفاضي مسايستي ليها كانت بتقابله بلا مبالاه. كانت بتقول انها بتحبني
لكن اثبتتلي ان مفيش حاجه اسمها حب. يعني إلى كان بينا بقاله 8سنين سراب. مجرد كلام مُراهق واتحسب علينا حب
حقيقي انا مش زعلان على السنين إلى ضاعت على الأرض.

انا زعلان على ابني إلى اتحرم من ام تديه الحنيه. ام مضت على تنازل لحضانته بطيب خاطر، استخسرت فيا وفيه الحب، غاده نجحت انها تفوقني من مشاعر غبيه ملهاش وجود. ولأول مره من سنين. انا بكتب لنفسي مش لغاده
مش هنسي سخريتها لما قولتلها تقرأ إلى كتباه. انا مش هنسي لغاده اي أسي شوفته منها.
مسحت عيناها وهي تشهق بألم لتقلب الصفحه وتحدق في التاريخ الذي لم يمضي عليه كثير. وحبر القلم الحديث.

لتقرأ الكلمات المُتراصه بهدوء
ونفس العنوان القديم في أول صفحه في الدفتر. يزين الصفحه من جديد مع اختلاف الشعور
مي الصغيره
عدت سنين كتير اوي. وآخر مره كتبت كنت متألم وحزين وحاسس بخزلان. دلوقتي بكتب وانا متألم وحزين ومكسور. ويتيم. أمي اغلي حد في حياتي ماتت
مش عارف اوصف ألمي وانا شايفها اختفت من حياتي
او اختي المُكتئبه. او مي إلى بقا بينا السما والأرض
مي الصغيره كبرت وبقت عروسه. عروستي.

او كانت عروستي. مش هنسي لما شوفتها في المول واتفاجئت ان البنت الصغيره ام ضفاير كبرت وبقت شابه جميله. لسه عيونها بتلمع لما بتشوفني. ودي المشكله
مي بتحبني بعد ماقلبي فقد كل ذرة ايمان بالحب. وبقيت مؤمن بالتفاهم والاحترام بين الطرفين.

ومن كتر ايماني نسيت انها لسه صغيره عايزه تحب وتتحب. عايزه حد يقولها كل شويه انه بيحبها. حد يجاري مشاعرها الشابه. وللاسف انا فكرت بأنانيه لقيت انها بتحبني فا هتهتم بيا وبابني. ومش مشكله هيَ. لكن تمردها بعد مارفضت غيرتها خلتني افكر مرتين. انا فعلا مش عايز احبها ويكون بينا حب. هو انا فعلا عايز اعيش حياه عاديه
اه هتكون احسن من حياتي مع غاده لكن لا.

انا محتاج وقت كبير وهي معندهاش صبر. هي لسه صغيره رغم جدعنتها وادبها وجمال اخلاقها لكن مش هتحملني. مش هتتحمل عدم ايماني. مش هتتحمل الم تجربتي ولا سخطي على إلى فاات. مي صغيره بسنها وقلبها ومشاعرها. وانا واحد قلبه عجز وبقا قلبه أرض بور
فا مش همسك فيها عشان مكونش ظلمتها معايا. ولا هسيبها من نفسي عشان مكاونش بايعها. مي متتباعش
مي تتشال في الراس. وتتحط في القلب.

اغلقت مي الدفتر وقد نفذت دموعها ونفذت طاقتها
لتضع رأسها على الوساده وهي تضم الدفتر إلى قلبها وعقلها ينهرها. وقلبها تائه يتجرع الألم من تلك المشاعر القاسيه
طرق استيفان على باب شقة لوسيندا وهو يتوعد لها بجنون. انه سيذيقها من العذاب ألوان الأسود ودرجاته
عندما هتفت لوسيندا من خلف الباب.
-انا آتيه من الطارق
رفع استيفان صوت المُسجل ليصدح صوت الصغير المُسجل وهو يقول بمرح.
-انه انا ماما لقد اشتقت لكي.

شهقت لوسيندا وهي تفتح الباب سريعا. ولكن تحولت شهقتها إلى صراخ عندما طالعت استيفان الممسك بالمسجل ويطالعها بنظرات اجراميه. ليدلف سريعا إلى الشقه ويمسك يدها ويكمم فمها الذي يطلق صرخات عاليه
اغلق الباب خلفه بقوه وهو يكتف حركتها ليقول بغيظ.
-تصرخين ها. هل انا وحش لتصرخي بهذا الجنون
تعرفين ماسأفعله بكِ يالوسيندا
صارت تحرك رأسها بفزع والدموع تجري على وجهها ويده التي تكمم فمها بقوه ويدها تخبط فيه تقاومه.

ليحررها أخيرا قائلا...
-نويتِ الزواج بجواد الصياد. تلقين بي وبأبنك خلف ظهرك لاجل الزواج يالوسيندا
كانت عيناها الفزعه تدور بهستيريه وهي تهمس بتقطع.
-لن اتركه لك. جواد سيرجعه إلى من جديد.
صرخ بغضب وهو يرفع يده عاليا ليخرس فمها ويمحي تلك النظره التي تقتله حيا. ولكن حالما رفع يده وجدها تسقط بين ذراعيه بفزع حقيقي.

برقت عيناه للحظات وهو يُدرك الحاله التي وصلت لها لوسيندا. باتت تخشاه وكأنه قاتل او وحش. لن يتعجب ان رأها تكرهه. نبض قلبه بتوتر وهو يحمل جسدها الناعم المُغطي بمنامه زرقاء بنعومة جسدها الغض
حملها برفق وهو يدور في الشقه الفخمه التي اهداها لها جواد. واندفع الغضب إلى شراينه ولكن حاول اخماده وهو يذكر نفسه. انها بين يداه الآن. لقد وجدها اخيرا.

لا جواد ولا ادم. ولا عائلة الصياد بأكملها تستطيع ان تأخذها من بين يداه. لن يتركها ولو تلقي رصاصات العالم. لن يتركها او يترك ولده الا ان فارقته روحه من جسده
وضعها على الفراش وهو يتفرس في وجهها الجميل وخصلاتها الشقراء. كم اشتاقها. كم اشتاق لعيناها الرائعه
وصوتها الناعم الخالي من الغضب او الخوف
يشعر وكانه امتلكها امس. وليست سنوات تلك التي مرت حين امتلك بها جسدها بحب.

تنهد وهو يدرك انه مهووس بالوسيندا. مهووس ولا جدوي من شفائه. يكرهها او يحبها يريدها جواره ومعه
اقترب منها ليقبل وجنتها البارده بقوه وكأنه يتأكد انها متمدده امامه الآن ويقبلها وهي ساكنه بين يداه
مرغ انفه في وجنتها ورقبتها وهو يهمس بخفوت...
-ااااااااوه لوسيندا الجميله. مرت سنوات ياصغيره
سنوات طويله للغايه. كم ان آسف لتلك السنوات. كم كنت احمق غبي لا يمتلك ذرة تعقل واحده.

ليفتح عيناه وهو يمرر شفتيه على شفتيها ببطئ ليقول باصرار والجنون يلتمع بعيناه.
-ولكن مهما مرت السنوات. لن اتوقف عن حبك او كرهك. او اختطافك ياجميله
وماهيا سوي لحظات وهو يضع عليها مأزر ثم يحملها بين يداه. خرج من البنايه متلصصا وهي بين يداه. ليتجه إلى سيارته ويضعها بها برفق. ثم شغل مقعد السائق وانطلق بعيدا. لينظر إلى الطريق تاره. واليها تاره
ليطلق ضحكه مرحه عاليه وهو ينظر لجسدها النائم قائلا.

-خطفتك من عرين الأسد يالوسيندا. خطفتك من الماكر جواد الصياد. ولن يستردك سوي بموتي
ليصمت للحظات وتختفي ضحكته ليحتل وجهه الحزن والتصميم مغمغما بخفوت.
-انتِ كالوشم. لا يُزال سوي بالألم. وانا لا اريد ان اتألم من جديد لوسيندا. لقد تعبت من الألم
لتسلك سيارته طرق جانبيه بعيده كل البُعد عن المدينه وصخبها. وجواد الصياد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة