قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل التاسع عشر

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل التاسع عشر

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل التاسع عشر

وقفت أمام مرآتها تضبط زينتها بتمعن. وعيناها تتوزع على ثوبها الأسود عاري الذراعين الذي يحدد خطوط كتفيها البرونزيه ذات النمش البُني الصغير الذي يحاوطهم برقه
مرورا على ضيق الفستان عند الصدر الخصر إلى الأسفل
لترفع عيناها إلى وجهها وتلك اللمسات الجريئه التي اضافتها بسهوله لتبدو وكأنها نمره بريه ترفض الهزيمه، وتقف بكل قوتها تجابه اي شخص يحاول أسقاط مكتبها الهندسي الذي كدت العناء لتجعله ذو صيت واسع.

نظراتها الواثقه العميقه اوضحت مدي أصرارها على الخروج من ذاك الحفل مُحمله بثقة رجال الاعمال وبعض الهيئه الهندسيه. لن تتقبل الهزيمه او البكاء كافتاه ضعيفه
لن تنتظر دعم والدتها او نازلي الصياد وكذالك حفيدها الذي هو زوجها
عندما وصل تفكيرها لحدود جواد. انسحبت من أمام المرآه بنظره مهزوزه. بنظره أمرأه من زجاج قابله للأنكسار والتهشم لألف قطعه منثوره أرضا تحت قدم جواد.

زاغت عيناها تحاول طرد الدموع التي لاحت عليها. لتمسك هاتف الذي صدح برنين يعلن إتصال لاري. امسكت الهاتف مجيبه بتعجل وهي تمسك حقيبتها الصغيره.
-نعم لاري، لقد أنتهيت لا داعي لأنتظار سأدخل الحفل بمفردي لا تلقِ بال لا. فقط كن على تواصل معي عندما احتاجك سأستدعيك. حسنا إلى لقاء.

اغلقت وهي تثبت السماعه الصغيره السوداء داخل أذنها. لتنسدل جدائلها عليها لتخفيها تماما. ثم تحركت في عُجاله لتخرج من غرفتها. مرورا بالشرفه الخارجيه التي تجلس بها والدتها. تراقبها بلا مبالاه وصمت
ضحكت مريم بسخريه فور تذكر كلمة والدها التي كان ينعت هدوء والدتها بها برود الأجانب
فهو كان نقيض والدتها تماما. كان كتله من النار والأنفعاال
بعكس والدتها باعصابها الهادئه دائما.

تنهدت بأعصاب تالفه وهي تدير مفتاح سيارتها لتندفع السياره بسرعه متهوره متجهه إلى مكان الحفل المُنظم
مستمتعه بالهواء البارد على بشرتها. وعقلها يعمل بلا توقف
أبتسم مجاملا للرجل الذي يقف امامه يثرثر بعمليه. ويعرض أراءه الصريحه والمحايده حول دخول جواد في عالم الاعمال. وخاصه عندما علم انه على مقربه من رجل الاعمال المصري ادم الصياد.

لتتوسع عين الرجل قليلا ليبدي رأيه في أدم هو الآخر مُقدرا صيته الواسع في الشرق الاوسط
كل هذا الحديث وأعين جواد متعلقه على مدخل الحفل. ينتظر لحظه وصولها بفارغ الصبر. وهو يعلم تمام العلم ان مريم لن تمرر فرصة حفل كاهذا دون استغلاله
رصد دخول المهندس المعاون لزوجته، المدعو لاري
يدلف بمفرده متجهًا إلى احد الطاولات الفارغه. ليجلس عليها بهدوء وأنتظار
همهم جواد داخله أن مريم لم تأتي معه. اذًا هناك احتمالان.

أولهم انها ستأتي مع والدتها السيده انستازيا
او لن تاتي وستترك لاري يحاول اصلاح ماافسده مكتبها الهندسي. وسيوافيها بالتفاصيل
زم شفتيه بأرتياح وهو يبعد عيناه عن الدخل وقد اطمئن انها لن تأتي. ولكن ماكاد ان يحرك رأسه ألا والتفت سريعا بعيناه. ليجدها تدلف إلى الحفل بثقتها المعتاده. والعتيده
وكانها تلقي إلى الجميع رسالتها الواضحه. مريم الفقي لا تنكسر ولا تهرب. وتواجه مشاكلها ببساله.

جعد جبينه وهو يجد منظم الحفل قد اتجه لها ليصافحها بدبلوماسيه لتبادله سلامه بأبتسامه واسعه وعينان تلمع بتصميم
جز جواد على أسنانه وهو يحرك راسه للجانب الآخر. يحاول كظم غيظه وهو يري بسمتها الواسعه. التي تعطيها دون تردد او ضمان
ارجع عيناه اليها من جديد وهو يراها تجلس مع مجموعة الهيئه الهندسيه تتحدث بهدوء وثقه عكس موقف مكتبها تماما. حاول التركيز على شفتيها ليعلم ماهية الحديث.

ولكن قطع انتباهه منظم الحفل وهو يمسك كأسه ويربت عليه بسكين معدنيه رقيقه ليصدر صوت قرع الكأس ليلفت الأنتباه اليه
وبالفعل اتجهت العيون إلى منظم الحفل الذي بدأ في شرح هدف التبرع. لبدأ تمويل احد المعامل والابحاث التي وجدت حلول وعقاقير طبيه لعلاج بعد الأمراض المنتشره
ولم يتردد احد رجال الأعمال وهو يبدأ بتبرعه بمبلغ جزئي كبدايه للتبرع. ليعقبه آخر متبرع. وآخر وآخر
حتي سمع صوتها وهي تتبرع بمبلغ ضخم نسبيا.

ليغطي صوتها صوت رجل آخر يعلن عن تبرعه. تبقي القليل من رجال الأعمال والمعروف عنهم بالتبرع بشكل سري
اي يرسلون احد الأوراق المدون بها المبلغ المُتبرع به دون ذكره
وعرف عن جواد هذا الأمر في بضع الحفلات الخيريه
فلم يتردد في أرسال شيك بمبلغ كبير هو الأخر. واوصله عن طريق أحد مواظفينه المرافقين له
ليصل إلى يد منظم الحفل. ليتطلع المنظم للاسم لثوان قبل ان يقول بأبتسامه مُقدره...
-نشكرك سيد چواد للتبرع بمبلغ كهذا.

أبتسم جواد وحرك رأسه بصمت. ثم التف بعيناه اليها ليري نظرتها المصدومه بوجوده. وكأنها لم تتوقع قدومه للحفل
قضمت شفتيها بعصبيه شديده عندما نأي بعيناه عنها متجهلا اياها تماما
همست بصوت خافت مستفز. لييقول لاري عبر السماعه التي تقبع في أذنها.
-لم أفهمك سيدتي
انتبهت لصوت لاري في اذنها لتقول بخفوت.
-لمَ لم تخبرني بوجود سيد جواد في الحفل لاري!
تحدث لاري بمنطقيه.

-هو زوجك سيدتي توقعت ان تأتي معه. او تعلمي على الأقل بوجوده. فكيف لي ان اخبرك بشيئ بديهي
كتمت انفاسها لثوان بعصبيه قبل ان تهمس.
-حسنا لاري
قطعت حديثها معه لتبدأ الحديث مع احد اعضاء الهيئه الهندسيه وهي توضح ملابسات ما نُسب لها من تلقاء ذاتها. لتجد همهمات الأيجاب. وبعضها التشكيك في حديثها
لتتحدث بأبتسامه لبقه.
-ومما يخص هذا الأمر ولأُثبت صدق حديثي عندي مفاجأه تخص مكتبي.

وقفت بهمه. وهي تتحرك كاغزال صائد وليس فريسه. تتجه إلى منظم الحفل لتهمس له ببضع كلمات. جعلته يطرق على الكأس قائلا.
-المهندسه مريم الصياد تود أن تعلن عن شيئ خاص
توجهت الانظار لها ومنها أنظار جواد. لتكلم بنبره واثقه باسمه.
-مرحبا بكم جميعا أولاً
أود التعريف عن نفسي بشكل صريح وغير متواضع.

انا مريم الفقي مهندسه ديكور. وباحثه في علوم التكنولوجيا ابلغ من العمر خمسة وعشرون عامًا. بالطبع قرا العديد منكم مقالاتي التي تخص التكنولوجيا. ومنكم من رأي تصميماتي الهندسيه التي شهد لها كبار المهندسين. وكان احد الداعمين لي. اي بأختصار اثبت نجاحي في كلا الأمرين رغم اختلافهم عن بعضهم البعض.

أي اثبت مدي أجتهادي. ولكن هذا الأجتهاد معرض لزلزله ان لا اقبل بها. بالطبع علمتم عن اغلاق مكتبي الهندسي وقضية الرجل الذي أدعي اني صممت له احد تصميمات هندسيه فاشله. لا تخُصني او تخص احد من فريق عملي
والغريب ان معه اوراق تعاقد مع مكتبي. لذا كان من السهل اغلاق المكتب دون النظر لصاحبته.

ولكن أنا الآن أود ان اوضح شيئ اغلب من بالحضور صممت لهم ديكور شركاتهم وحتى منازلهم والبعض يشهد بمدي نجاح التصميمات. وألآن ان اعلن أنني بمناسبه هذا التبرع عندي كل الأستعداد لأصمم ديكور هندسي دون مقابل لأثبت ان مكتبي الهندسي بريئ من تلك الأقاويل الكاذبه. هل من شخص يود ان يقبل تبرعي وأثباتي!

صمت عم المكان من ثقتها وقوة حديثها. ليهمهم أحد الرجال موافقا ولكن قطعه صوت جواد الصياد وهو يقترب منها ومن المنظم مبتسما...
-وانا كازوج مخلص سأتلقف هذا التبرع بصدر رحب لأثبت مدي صدق وأبداع زوجتي. واكون اول الداعمين
علت الهمهمات الضاحكه والمؤيده لحديثه. ولكن نظرتها المصدومه والزاجره في آن واحد جعلت شفتيه تتسع بالأبتسامه. لتهمس له بالعربيه.

-ومن مش عايزه منك مسانده ياجواد. احنا إلى بينا انتهي مش محتاج تورط نفسك معايا أكتر
حاوط خصرها ومنحها أبتسامه واسعه وكأن ماتقوله له شُكر أو غزل ليقول بنفس خفوت صوتها.
-اظن مش من عادتك ان تدخلي حياتك الخاصه في شغلك
استغلي فرصتك واثبتي العكس
نأت بوجهها عنه وهي تحاول ان تبتسم بأصطناع
وقلبها ينبض بقوه دون توقف. وشعور الحزن يطحن صدرهت بلا رحمه
لتهمس عبر السماعه قبل ان تغلقها...

-انتهي الأمر لاري سنقبل عرض السيد جواد. توقف عن جدالهم
استجاب لاري لأشارتها وتوقف عن محاولة اقناع الهيئه الهندسيه. وانتهي الأمر. وبدأ أمر جديد
لتجد جواد يربت على وجنتها كاقطه مطيعه قائلا.
-بكره ميعادك الساعه 11 في مكتبي عشان نتناقش في التصور الهندسي إلى عايزه
وهترجعي معايا البيت انهارده يامريم
هترجعي بيتك انهارده.

كلماته المضغوطه جعلتها في حيره من أمرها. هل ترجع اليه من جديد وتتخطي ماحدث بمصر. ام تتخلي عنه كازوج وداعم لاثبات وانجاح عملها من جديد!
انتهي الحفل وهي لازالت ساهمه بين يداه تحدق في الفراغ دون هدف. وعقلها يعمل. ويده التي تحاوط خصرها لا تساعد على اتخاذها القرار
ادركت بنقطه عميقه بقلبها انها تحب جواد. تحبه للغايه
تحب هدوئه ورزانته ووقاره. تحب كونه مُسالم خلوق لا يمت للعنف بصله. لين القلب حُلو الروح.

تحب مالاه تراه به. كونه يختصها بالبرود فقط
تحب نظراته الهادئه وحديثه الضاحك، تحب كل مافيه
اكتشفت انها تحبه حين تدهورت علاقتهم ارضا. وصار البرود يكسوها من كل جانب واتجاه
أدركت حبها اليأس له. حينما تلهفت عيناها وهو يفتح لها باب السياره مثبتً لها انه لن يتنازل عن قراره في عودتها.

وصلت السياره إلى منزلهم أخيرا وهي ترتجف من اعترافها الداخلي. ومشاعرها المكتومه. بينما هو يجلس جوارها ساهم في نافذه السياره. وكانه لا يشعر بوجودها حتي
هبط من السياره وتبعته للداخل. وكان المنزل هادئ لتعلم ان السيده نازلي قد رحلت في رحله سُبات مبكره
صعدا إلى غرفتهم. ولازال جسد مريم متخشب ويرتجف في الآن ذاته، وحيرتها قد تضاعفت حينما وجدته يغير ثيابه بصمت. ثم يدلف تحت الشرشف يهيئ نفسه للنوم.

ولازالت تقف بمحلها تطالعه بصدمه وأرتجاف وشعور لا يوصف. بينما الآخر قد وضع رأسه على الوساده واحتدت عيناه عكس برود ملامحه!
وضع غيث يده على رأسه محاولت تخفيف الألم الذي يقتله ببطئ. والذي زاد عن حده في الآونه الاخيره
وخاصه بعد آخر شجار دار بينه وبين والده. حينما سمع صوت شهد من هاتف والده.

ثار وقتها بجنون. صار يصرخ بغضب عظيم على اباه. وعيناه فقدت اتزانها خاصه بعد حديث شهد. وصوتها القاسي وهي تطلب الأنفصال ولا رجوع لقرارها
ليقابله والده بصوت هادئ ووجه يحمل الا مبالاه.
-وانا اقولك مكانها ليه وانتا اصلا محاولتش تصلح غلطك. ولا اعترفت بيه. انتا لو كنت دورت عليها صح كنت هتلاقيها انما ناردين قايمه بالواجب. فا مفيش داعي لشهد
جز غيث على أسنانه صارخا.

-يعني شايفني بدور عليها زي المجنون وبلف ارض ربنا ومش ساب مكان الا ودورت فيه. مخبيها عني يابابا
مخبي مراتي مني وتقولي ناردين!
تجاهل السيد عبد الرحمن صراخه. لياخذ الهاتف من يده قائلا...
-انا ماخبيتش مراتك. مراتك دي تكون بنتي، إلى لما تلجأ لأبوها تلاقيه جنبها. ووطي صوتك وانتا بتكلمني مظنش تحب ان ولادك يكلموك كدا
تنفس غيث محاولا ان يكتم عصبيته. ليقول.
-انا عايز اعرف فين شهد. من حقي اعرف فين مراتي.

عشان لو لاقيتها بنفسي ها
قاطعه عبدالرحمن وهو يلتفت له زاجرا.
-ها ايه يامحترم. هتضربها ولا هتخونها تاني
امشي دور عليها في مكان تاني، صلح حياتك إلى باظت وبعدين دور عليها بدل ماانتا عامل زي العيل إلى بيطلب وبس
وماكان من غيث سوا انه خرج سريعا من المنزل والعصبيه تكاد تقتله قتلًا. والي الآن يبحث دون ان يجدها. حتى انه حاول ان يهاتفها ولكن قد أغلقت الخط تحسبا الا يهاتفها
دلف زميله وليد سريعا إلى الغرفه قائلا.

-ايه ياغيث دماغك عامله ايه دلوقتي!
حرك غيث رأسه بألم وهو يرفع عيناه له...
-صداع هيموتني ياوليد. قولي عرفت حاجه عن موضوعي
لاحت الشفقه على عين وليد وهو يجلس قبالته قائلا.
-لا للاسف. بس عرفت حجات عن قريبة مراتك ناردين دي
انتبهت حواس غيث اليه ليقول.
-عرفت ايه
فرد وليد كفه قائلا بضيق.
-في تونس كلها مفيش اسم عيله زي إلى قالته. غير عيله متواضعه جدا وابنهم اسمه زيان. ومش متجوز اصلا فا بالتالي معندوش طفل اسمه غيث.

كمان قريبتك دي لما اتجوزت اتجوزت واحد اسمه بكر حارصي. ودا مكملتش معاه سنه حتى وبعد كدا انفصلو. وفتحت بيوتي سنتر ليها واستقرت في مقاطعه تانيه. ارتبطت باشاب من اغنياء المقاطعه دي لمدة سنتين او اكتر من غير جواز.
اقر وليد بالكلمه الأخيره بحرج على غيث. ليجز غيث على انيابه قائلا.
-وبعدين كمل
-وبعدها انفصلو. واختفي الشاب دا أصلا، وفي العلاقتين ملهاش اطفال نهائي.

يعني المدام دي بتكذب. مفيش راجل اتجوزته اسمه كدا ولا خلفت اصلا. واخر حاجه قفلت البيوتي سنتر بتاعها وجت على مصر. لأسباب غامضه
همهم غيث بأيجاب وقد اتضح الأمر امامه. كل ماقصته ناردين كذبه كبيره لتقترب منه. وبغباء شديد وقع لكذبها كالأبله. دون ان يكذب لها حرفا واحد
وضع يده على جبينه من جديد وهو يشعر انه مغفل كبير.

ابله غر. لعبت ناردين بعقله وحياته. ليتنهي به الأمر في منزله وأولاده بمنزل والده. وزوجته بمكان لا يعلمه
شهد كانت محقه حينما قالت بريبه انها لا ترتاح لناردين ولا لعلاقتهم. وكالعاده تجاهل حديثها وعنفها لقلقها الزائد
وكالعاده هي كانت تصمت دون ان تدافع على حقها فيه
تحدث وليد قائلا حينما تلقي احد الرسائل.
-غيث انتو كان ليكو شقه في العجمي صح
-ايوا بتسأل ليه
نظر له وليد موضحا.

-ليا صاحب بيشتغل في مصنع جديد هناك. وشغل لف بيدور على شقه حلوه يشتريها. او حتى يأجر على ماياخد وضعه في المصنع وبعدين يعمل طلب نقل. مبتفكروش تبيعو او تأجروها بدل...
صمت فجأه وهو يري أندفاع غيث خارج المكتب. وبقائه وحيدا فيه. عقد حاجبيه بعجب من تصرفات غيث
بينما الآخر صعد سيارته سريعا بأقصي سرعته ليتجه إلى شقة العجمي، آخر مكان بالعالم يخطر بباله بأحتمالية وجود شهد به.

لهث من فرط الأنفعال وهو يحاول تفادي زحمه السير ويسير يسيارته على أقصي سرعه ممكنه. يود لو يطير اليها ليري وجهها الندي ويشبع عينها برؤياها
صدح هاتفه برقم ناردين. جز على أسنانه وهو يفصل الخط ويحاول طردها من ذاكرته وأستحضار هيئه زوجته التي اشتاقها بجنون. ولازال الطريق طويل ممتد. ولازال شوقه يكاد يقتله.

عضت على شفتيها بخجل وهي تقف خلفه لتظهر أمامه في انعكاس المرآه ولازال هو على برودته وتباعده عنها. اصبح يبتعد قدر الأمكان. يتغيب عنها يوما كاملايقضيه اما في عمله او مع الفتيات. اما هي حوريته كما يسميها قد تجاهلها تماما
تنهدت وهي ترفع عيناها اليه لتجده يحدق بها بصمت. اخذت ملابسه التي خلعها. لتقول بخفوت.
-المفروض اعتذر كام مره ياأدم
اتجه إلى الفراش قائلا بهدوء.
-وانا في كل مره بقولك متعتذريش ياتقي.

مش محتاج اعتذارك في حاجه
جلست امامه تعيق تمدده لتقول بصوت حانٍ.
-وحيات سيدرا وجودي ماتبقاش زعلان مني. هبله وقالت كلام اهبل. ماانا كل مره بغلط وانتا قلبك كبير وبتسامحني
توقف عن اللعب باصابعه لينظر لها قائلا.

-قلبي كبير ياتقي مش اهبل. مش هفضل طول عمري عايش في دايرة الندم على إلى عملته زمان. في كل مره بنتخانق بتصممي تفكريني بأنفعالي وتصرفاتي. مع اني بعمل كل جهدي عشان اعوضك وأنسيكِ وانتي بردو مصممه تفكريني، مش هقدر افضل آئنب نفسي طول العمر على غلطات عوضتها من سنين
تجعد وجه الأخري وحاولت أبتلاع كلماته وقلبها يقرع بخوف واضطراب لتقول بخفوت والأسوء يأتي نصب عيناها...
-يعني ايه مش هتقدر. قصدك ايه.

لوي ثغره بسخريه وهي يتلقف خوفها...
-متضحكيش على نفسك ياتقي. انتي عارفه ان مش هقدر أنفذ إلى جه في دماغك. فا متلعبيش على اعصابي
لانت ملامحها وانقضت عليها بعنف تعانقه مكرره اعتذارها النادم لتقول...
-آسفه والله اسفه. حقك عليا انا إلى أور في كلامي.

انا إلى غلطانه. انا مشوفتش منك غير كل خير ومدوقتش في حياتي الهنا الا معاك انتا. اي حاجه حصلت زمان مش محسوبه من عمرنا. وحيات بناتنا ماهحاول اجادلك في حاجه ترفضها تاني
تنهد بقوه وهو يحاوطها ويربت على ظهرها محاولا التخفيف عن شعورها بالندم. وارتكز بذقنه على كتفها ولازالت تحاوطه. وهي تعلم صدق حديثه انها تلمح إلى غيرته الشديده وعصبيته حتى انها في أحد المرات كان يمازحها لتهتف به دون قصد.

-ايه انتا هترجع تضربني تاني ولا ايه!
تذكر انكماش ملامحه وصمته الذي كسره حديث صغارهم
ولكنها. لا تتعمد تذكيره ولا تتعمد شعوره بالذنب
هي تكره ان يتذكر ماضيهم المؤلم. تحاول ويحاول تخطي مامضي
شعرت به يبعدها عن صدره ويرتب خصلاتها الاماميه برقه ليقول بصوت لين...
-اظن كدا مبقاش في موضوع الجيم دا
نبقا نتدرب مع بعض يوم الجمعه والسبت ايه رأيك
ابتسمت وهي تغمز بعيناها بطريقه فكاهيه.

-زي زمان كدا. تعمل نفسك بتمشيني على الجهاز وتمسكني من وسطي وو
قاطعها وقد التبسه الميزاج العابث...
-دا كان زمان ايام ماكنت اقدر اشيلك على كتفي زي ماالموان بيلفح شوال الأسمنت على كتفه. انما دلوقتي بيقيتي حجم اكس لارج ياتوتا
فتحت فمها بغيظ لتقول.
-شكاره واكس لارج. شوف مين يعبرك يومها
قولي مين هيجيبلك العصير. ويحضرلك الحمام ها قولي
ضحك على حديثها ليقول...
-اسكتي مش انا هشترك في جيم مختلط.

لم تتمهل لتنقض عليه كانمره مشاكسه. ولم يتمهل هو في اطلاق ضحكات رنانه كانت متغيبه عنه منذ ايام عجاف
هو يعلم ام تقي هي الداء والدواء. لا سبيل منها ولا سبيل الا اليها.

وصل أخيرا إلى البنايه. ليتجه سريعا إلى المصعد وهو يشعر ان هناك نبض مدوي في رأسه. والألم يتضاعف ويتزايد. اصبحت الرؤيه مشوشه في عينه. ولكن حاول التغلب على ألم رأسه وهو يمني قلبه المتعب ان يجدها اخيرا. يريح عقله الذي يكاد ان ينفجر قلقا عليها
خرج من المصعد ليقف امام الباب وهو يحاول السيطره على ذاته ويدعو راجيا ان تكون بالداخل وبالفعل. وضع يده على العدسه التي كشف وجوده. وطرق الباب بلهفه.

سمع خطوات تقترب من الباب. ليطرق من جديد. سمع صوتها التي اودعت فيه قوتها.
-مين
تردد لثوان ان يتحدث ولكن حزم موقفه وهو يتفح فمه هاتفها بصوت مشتاق خرج واهن.
-انا غيث ياشهد افتحي
دقيقه أو اكثر حتى فتحت الباب. ومن قبل ان تراه حتى التقطها معانقا اياها بقوه الجمتها. جعلتها تحاول الخلاص منه. ولم يكتفي بعناق مؤلم. ليرفعها بعناقه ولازال متشبث بها لتقول بحده وهي تضرب على ظهره بجمود.
-اوعي وسيبني لو سمحت ياغيث.

تراخت يداه ولكن لم يتركها لتحاول الخلاص بعنف اكبر وهي تدفع جسده الذي مال عليها بثقله...
-بقولك اوعي ايه مبتفهمش
لم تكمل جملتها او دفعها له الا ورأته يقع أرضا فاقدا لوعيه
ورأسه اصتدم بالجزء المدبب بالباب جعل الدماء تندفع ببطئ
ولازالت هي تقف تطالع جسده الملقي تحت قدميها بصدمه عظيمه وجسده لا يتحرك. لتجد نفسها تصرخ بكل ماتملك من طاقه وهي تجد عيناه قد رفعت للأعلي والبياض فقط مايظهر...

ارتمت ارضا تحاول افاقته والذعر تملك منها. تقول بنحيب فزع...
-غيث قووم. ياغيث، الحقوني ياناس الحقوني
تجمع الجيران حولها. ليحمله احدهم متجها به إلى داخل الشقه. وجارهم الآخر طبيبا دلف إلى شقته ليجلب معداته
وامرأتان تربان على كتفها بشفقه. وهي تطالع مكانه ارضا بفزع وعدم استيعاب. والدموع تجري على وجنتيها بلا هواده، وقلبها يشارف على التوقف.

وقفت بأرتجاف وهي تدلف مع الطبيب تطالعه وهو يقلبه يمينا ويسار ويكشف عن كا اماكن النبض بجسده. خمسة عشر دقيقه كانت كالجحيم وهي تري غيث ممد بلا قدره او حيله
والجحيك الأكبر عندما نطق الطبيب بعجاله...
-شكلها جلطه في المخ. لازم ننقله المستشفي حالا عشان يعمل اشاعه عشان لو في حاجه يلحقوه بسرعه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة