قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الأول

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الأول

رواية مشاعر قاسية للكاتبة وسام أسامة الفصل الأول

راحت ذاكرته إلى ليلة أمس. ومجادلتهم العقيمه مره أخري
وهو يخبرها بأصراره أنه يود في طفل أو طفله من رحمها
وكالعاده كان ردها الهادئ.
-مستعجل على ايه ياچواد. احنا لسه متجوزين من تلات سنين بس!
رغم تأثره الدائم بحرف الجيم المعطش التي تلفظه على لُغة أهل الشام. وتقول چواد. بدلاً من جواد. ولكن أندثر هذا التأثر
وحل محله الجمود وهو يقول.
-وانا مش هستني أجيب طفل وأنا عندي 35 أو40 سنه.

أنا عايز أكون أسره خاصه بيا. وبقالنا سنتين بنأجل الخلفه زي ما طلبتي، ايه المانع في الوقت الحالي
نظرت إلى جلسته المتشنجه وهي ممد على الفراش. يستند بظهره إلى خشب الفراش الفاخر. ويداه الممسكه بلُعبة الذكاء ويلفها حول بعضها لتتناسق الألوان مع بعضها ولكن من أنامله البيضاء علمت مدي أنفعاله في تلك اللحظه.

خلعت نظارتها الطبيه التي تركت علامه حمراء على جهتي أعلي أنفها، وأغلقت حاسوبها المحمول الذي في العاده تعمل عليه لساعات متناسيه وجوده. وقفت من الأريكه الوثيره في غرفتهم وأتجهت اليه. لتجلس أمامه على فراش
رمقها بنظرات بارده وهو يري نظراتها الناعمه. سلاحها الفتاك الذي لم يعد يؤثر به عندما يتعلق الأمر بالأنجاب
تحدثت بنبرتها الانوثيه الناعمه وهي تميل برأسها قائله.

-ياحبيبي أحنا لسه صغيرين. ليه نربط نفسنا بطفل او طفله دلوقتي. انتا عندك مشاريع مهمه في الفتره دي
وأنا خلال السنه هفتح فرع تاني لشركتي، يعني حياتنا في الوقت الحالي فيها مشاغل كفايه. مش ناقصها طفل أبدا
تجاهل كلماتها وهو يقف متجهاً نحو زجاج الشرفه المطل على الحديقة الداخليه لقصر أل الصياد. وجوم وجهه ينعكس لها بوضوع من الزجاج.

وقفت بدلال لتتخلص من مأزرها الحريري الأزرق فوق غلالتها الناعمه إلى لا تغطي من جسدها الا القليل. وخطت نحو الشرفه، لتعانق خصره الرشيق. وتمرغ وجهها في ظهره، كاقطه مراوغه تستعطفه لمحبتها
فك جواد يدها وألتفت لها وأمارات التصميم على وجهه، أنه لن يمرر محادثتهم مُعلقه كما السابق. ولكن أستحوذته بنظراتها المتدلله وهي تهمس بأسمه مطولاً
-چوااااد. مبحبش أشوفك زعلان.

ثم بادرته بعناق طويل. عناق مغوي ولكنه كالصقيع. جعل جواد يخضع من جديد لتلك الساحره كما يلقبها في عقله. وكالعاده مر النقاش مُعلق كما السابق
وقد أعلنت مريم أنتصارها في غلقه من جديد.

أفاق من شروده وهو يلمح أنعكاس صورتها في المرآه وقد أنهت حمامها الصباحي، مُلتفه بمنشفه كبيره. غطت صدرها إلى أعلي ركبتيها. ومنشفه أخري ملتفه بخصلاتها القصيره. تابعت عيناه قطرات الماء التي تهبط من مقدمة رأسها، مرورا بصدغها ثم تنساب بنعومه على نحرها الابيض الطويل. لتتابع طريقها أسفل المنشفه. ببطئ وأثاره
هل تحالفت معها قطرات الماء هي الأخري. لتقوم بهذا العرض المثير. كما يتحالف معها كل من حوله!

رفع عيناه إلى عيناها مره أخري، ليري تلك النظره التي يجدها عقب تأثره بها. نظره متفاخره لعوب
وكأنها تقول للمره المليار منذ زواجهم أوتش وقعت ألي ياچواد
تنفس بحده وهو يتحرك من أمام المرآه. ليخطف حقيبته الجلديه وهاتفه. ومن ثم يرحل من المنزل دون توجيه كلمه إلى لتلك التي تقف خلفه. وقد أختفت أبتسامتها. وحل الشرود محلها مكتسحا ملامحها الجميله.

أتجهت بخطوات بطيئه نحو المرآه العريضه التي تزين غرفتهم، حررت خصلاتها من المنشفه ليهبط شعرها القصير يلامس كتفيها. وعيناها مسمره عالي تلك المرآه الكبيره التي تعكس اثاث الغرفه. تلك الغرفة التي صممت ديكوراتها قبل زواجهم
وحرصت أن تكون غرفة الأحلام
فقد سمعت سابقاً من جدتها المتوفاه، أن فراش الزوجيه هو من يحدد كيفية علاقه المرأه. أن كان فراش جيد كانت العلاقه سليمه مستقره. وأن كان سيئ ستطابقه العلاقه.

لا تعلم هل جدتها تقصد الفراش بعينه أم أمور أخري!
ألقت ممشط الشعر أمامها بعنف وهي تطلع إلى هيأتها الرقيقه
رقة وجمال لا يليق سوا ب مريم راشد الفقي. صاحبة الحسب والنسب والجاه. لتكمل تلك الصوره المشرفه بزواجها من جواد وليد الصياد
ذالك الرجل الجذاب الذي أنشئ أسمه في أنجلترا. ولم يعتمد على صيت عائلته في الوطن العربي فقط، بل وأصر حازما على بناء صيت مشرف في بلاد الغرب.

ذاك الرجل الحنون المتزن، ولكت الآن تضيف صفه شاذه عن صفاته الرائعه، البارد. أصبح رجل من جليد. لا يبتسم ألا قليل، وتلك الأبتسامه النادره لا تكون من نصيبها أبدا
بل نصيبها تأخذه تجهم. عقدة جبين ملازمه لوجهه. وتجاهل فقط!
تنهدت بثُقل لتهمس بلكنه عربيه ذات رنه أروبيه.
-ايه إلى بيحصل بينا ياچواد
في قاره أخري وتحديدا في أم الدنيا مصر
في أحد المعارض للكتاب. والأبداع الورقي.

أنهي حفل توقيعه لكتابه الجديد. والأبتسامه الرزينه تزين وجهه. أبتسامة نمت عقب نجاح كتابه الصادر حديثًا
نجاح يُضاف إلى باقي نجاحاته السابقه
راقب عن بُعد توافد قرائه وسؤالهم على روايته خصيصا دون باقي الروايات المعروضه. باعثين في نفسه الأحساس بالنشوه. والأنتصار.

سمع أحد الفتيات تشهق بأنبهار وهي تسمع من الفتاه التي تجاورها تقص عليها أحداث روايته. والحماس يغطي ملامحها الجذابه نوعاً ما. والأخري تقلب الكتاب بين كفيها وتسمع الأحداث بدهشه وأنبهار. لتهتف بعدها بعدم تصديق.
-مش معقول تكون الروايه دي واقعيه لا لا، دا أكيد خيال
أتسعت ابتسامته الواثقه وهو يراقب ملامحها المنبهره
أتجه له صاحب الدار منتشلا اياه من تركيزه مع الفتاتان. قائلا بمرح.

-كالعاده الطبعه كلها خلصت في حفله واحده
متهورتش لما قولتلك نخلي الطبعه الأولي ألف نسخه
أنا كنت واثق انهم هيخلصو في أقل من شهر. بس الكل شكك في قواي العقليه لما قولت العدد
هز فاروق رأسه مبتسما ليربت على كتف الرجل.
-مبروك ياهاشم. عقبال الطبعات الباقيه
بادله هاشم أبتسامته ليقول.
-قولتلي هتسافر بعد حفل التوقيع، هتقعد قد أيه هناك!
علت علامات الوجوم على وجه فاروق. وتبدلت الأبتسامه ليقول بأيجاز.

-لسه معرفش ياهاشم. هناك محتاجني معاهم الفتره دي
تقريبا هقضي باقي السنه هناك
علا الضيق وجه الآخر ليقول.
-معني كدا أنك هتيجي على ميعاد معرض السنه إلى جايه!
طب والقراء، وحفلات التوقيع. يافاروق مينفع.
قاطعه فاروق بهدوء وهو يخرج يده من كنزته الشتويه قائلا.
-هاشم انا خلاص رتبت وضعي. ورضيتك بحفلتين القاهره واسكندريه. فا بلاش تحاول معايا في الموضوع دا.

صمت هاشم على مضض، وهو يعلم أنه مهما تحدث سيسافر فاروق دون الألتفات له ولا لكلماته الكثيره
ألتفت حوله مجموعة شباب مكونه من فتاتان وثلاث شباب
كلاً منهم ممسكاً بروايته راغبا بتوقيعه، ليتفاخرو فيما بعد أنهم حصلو على توقيع الكاتب فاروق الحداد
انهي توقيعه وسط أسئله فضوليه عن أعماله القادمه. وأبتسامات معجبه من الفتيات. ومن ثم سار خارج الحفل
صاحت أحدي الفتيات التي حصلت على توقيعه بسعاده.

-مش مصدقه معايا الروايه وموقعه منه كمان
أنا فرحانه جدااا
نظرت صديقها إلى ساعة معصمها قائله بضيق.
-مياده أتأخرت يانادين، والكاتب شكله هيمشي
ولو جت ملقتوش هتعمل مناحه، ومش هتسكت الا لما يعمل حفله تانيه ويوقعلها الروايه
هزت الأخري كتفيها بلا مبالا وهي تتفحص التوقيع مره أخري والحماس يغطي ملامحها النهمه بالحروف
لتتجه اليهم فتاه لاهثه من الركض قائله...
-أزيكم ياشباب معلش اتأخرت بسبب الزحمه وال.

قاطعتها نادين بشماته ظاهره، لم تخفي على سمع مياده.
-أووه. تأخيرك مكانش في صالحك للأسف. أخر كتاب أنا خدته. وكمان أخر توقيع
بهتت ملامح مياده. بينما علا الضيق وجه الشبان والفتاه
لعلمهم بتعلق مياده الزائد بهذا الكاتب. وأغاظة نادين لها
لتنظر نادين لهم بلا مبالاه.
بينما هتفت الفتاه الأخري، وهي تربت على كتف مياده.
-الكاتب فاروق الحداد لسه ماشي من شويه
متعوضه في حفلة تانيه ياميوش.

أبتأست ملامح مياده. وتهدلت اكتافها بحزن حقيقي
لتوزع أنظارها في الحفل المليئ بالكتب والُكتاب. والقراء
حفل فقد معناه في عيناها. لعدم وجود السبب الرئيسي لتواجدها هنا
خرجت من الحفل. مبتعدة قدر الأمكان عن نادين وثرثرتها المغيظه نحو الكاتب فاروق، وأناقته، وملامحه الخشنه
وتواضعه. وكيف نظر لها بأعجاب. والكثير الكثير من أحاديثها المبطنه الخبيثه.

زفرت بضيق وهي تتذكر أحد كلمات فاروق في كتابه السابق. تلك المقوله التي شجعتها على الركض خلفه دون تردد. او خجل
طارد تلك التفاصيل الصغيره التي تسعد قلبك، وتنبت الأزهار بين جدرانه. حتى وأن كانت صغيره للغايه طاردها
وحتي أن كانت كبيره ومستحيله تحدي عقلك وأقتحمها
أما أن تعيش وتَسعد، أو تعيش وتأسف على سنوات خاليه من أبسط معانِ الحياه.

تنهدت بثقل وقد هبطت عزيمتها أرضاً. فقد قطعت مسافه طويله حتى تصل إلى حفل التوقيع. وبالأخير قد غادر
دقائق وسمعت صوت رجلان يتبادلان السلام في مدخل الحفل. التفتت للصوت لتجده المشرف على حفل توقيع الكاتب فاروق حداد. وجواره. فاروق حداد شخصيا
تهدجت أنفاسها بأنفعال وأثاره. وكاتبها المتميز يمتثل أمام عيناها مباشره. فاروق حداد يقف على بُعد خطوتين منها
ظلت واقفه كاتمثال الشمع وهي تراقب هيأته الخياليه.

كان يكتب دائما وصف شخصياته يشبهه. طويل عريض الجسد. مليح الوجه. بذقن خشنه تغطي ملامحه الوسيمه
والوصف يتجسد أمامها
فاروق طويل القامه. بجسد معتدل. ليس رياضي بجسد حامل أثقال، ولكن رجل بدون بطن ممتلئ. بل بطن متساويه فوقها صدر صلب اسفل كنزته الرماديه لم تخطئه عيناها. ولكن أملس!

أفاقت من تأملها وهو يتجه إلى سيارته ويفتح بابها. ترددت لثوان قبل ان تذهب اليه. ولكن رنت مقولته في عقلها كالأجراس. يجب أن تُطارد سعادتها. وهو وكتاباته من مصادر سعادتها، يجب أن تطارده وتناقشه في روايته السابقه، يجب أن تخبره بأعجابها الشديد بأفكاره. يجب أن تطارد سعادتها. أندفع الأدرنالين في عروقها
لتركض اليه سريعا صارخه بكل طاقه تملكها.
-فارووق.

بلد أخر قد دمرته الحرب. وقتلت اطفاله وأقتلعت أزهاره اليافعه. بلد كان رمزا للجمال. والرقه، وأضحي بلد تم تخريب كل شبر به ألا القليل منه. سوريا الحبيبه
وبالتحديد مدينة حمص
تنهدت ناي بتعب وهي تنهي تنظيف طابقي المنزل، أخيرا
ليصلها صوت والدة زوجها عاليا.
-نايه يلا بسرعه ساوي الأكل الرجال على وصول وانتي لهلئ ماخلصتي ياقليلة المروة ايمت بدك تخلصي من هالكسل وتتنشطي شوي.

دمعت عين ناي ليس من ألم ظهرها الذي بات يصاحبها مع حملها. وأعمال المنزل التي لا تنتهي ولا تنضب
وفوق كل هذا الكلمات السامه التي تنالها من والدة زوجها ليست كلمات سامه فقط بل ونظرات كارهه أيضًا، دون سبب واضح لتلك الكراهيه. وبالتأكيد أم الزوج تكره. يكرهن اخوات الزواج أيضا
-أاااه
اطلقتها ناي من أعماق قلبها. لتنفض يدها وتمسح تلك العبره التي سالت على وجنتها البيضاء. لتهتف بصوت عال.
-جاي ماما.

تحركت ببطئ نحو الشرفه الواسعه، ويدها خلف ظهرها تدلكه من أللام الحمل والعمل المنزلي
لتجد السيده سوزان تجلس أرضا ممسكه الغربال وتنقي الدقيق الأبيض في صحن كبير أمامها
تحدثت ناي بصوت ظهر التعب جلياً به.
-خلصت من تنظيف طابقين البيت خلصتي انتي من تنقاية الطحين؟
رفعت السيده سوزان رأسها ترمقها بنظرات ساخره.
-من تنظيف طابقين تعبتي وماسكي ظهرك على أساس عم تتوجعي؟
نفت ناي سريعا وهي تسدل يدها جوارها قائله.

-لا لا أنا بس عم أتوجع يا ماما لإنو قربت أولد
تسمرت نظرات سوزان على بطنها المنتفخ لتقول بحده.
-الحمل قلتيلي إي القطة بتلد من هون بتقوم من هون وعلى الساكت
لي ماذكرتي حالك بالأوجاع يلي بتصير بالحمل قبل ماتفكري تحملي كنت فكري كمان بوضع هالبلد ولا ماشايفي شو عم يصير
كان حاجتك هالولدين بس خلص شو بدنا نحكي حطيتينا تحت الأمر الواقع وحبلتيلنا بالتالت كإنو ناقصنا هم فوق همومنا.

دافعت ناي عن نفسها بوهن وهي تشعر بأن العالم يدور حولها بجنون و السيده سوزان أصبحت أثنان أمامها.
-ماما هذا ميار بدو ولد
قاطعتها سوزان بحده.
-اي اي حطي كل شي بظهر ميارمشان مانحكي معك شي وتخلي عنك المسؤولية وانتي ياحرام مالك ذنب مااا روحي عن وجهي كل مابطلع فيكي مابتذكريني غير بخراب وأوضاع هالبلد.

الي هنا وسقطت ناي أرضا. لم تدري بشئ لا السيده سوزان وكلماتها التي تطعنها طعناً ولا حتى بتلك التي دلفت المنزل صارخه باعلي صوتها مولوله بنواح...
-ماما أخي تصاوب برصاصة برجلو اخييي تصاوب يا أميي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة