قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف10

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف10

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف10

بفيلا عباس صفوان ..
زُينت بشكلٍ مبهج لتليق باستقبالٍ أحدى حفيدات عائلات زيدان، حيث تم العمل على أفخم ما يكون، امتلات الأجواء بصوتٍ الموسيقى الهادئة بعدما وزع العمال المقاعد المزينة بالستان الأبيض حول المسبح العملاق، لتقابله المنصة التي تعمل الشزلونج المذهب ليزيد من فخامتها، مياه المسبح شملتها البلالين البيضاء..
بالأعلى وخاصة بغرفةٍ يامن ..

عاونه جان على ارتداء جرفات البذلة السوداء، فأغلق الجاكيت جيداً ثم أشار له باعجابٍ:
بقيت شبه العرسان أهو..
انزوى حاجبي يامن بسخطٍ:
أمال انا أيه؟!.
تعالت ضحكاته، فانتصب بوقفته ليشير له بسخريةٍ:
أيه يا عم هتشوف نفسك علينا ولا أيه؟!
ابتسم يامن، فقال بجديةٍ وهو يربت على كتفيه:
شكراً لانك اختارت تكون جانبي في اليوم اللي المفروض تكون فيه جنب أختك.
رد عليه جان بضيقٍ:
وأنت أيه يعني ما أنت اخويا وصاحبي!.

ازدادت إبتسامته، فأشار له جان بجدية:
يلا جهز نفسك علشان هنتحرك..
أومأ برأسه بخفةٍ، فغادر من امام عينيه، اما جان فتلاقى رسالة ريان بتساءل بها عن إياد، فأجابه بأنه غادر الشركة بالأمس بالساعةٍ الثانية مساءٍ موعده المعتاد، ومنذ ذلك الحين لم يجتمع به..
ازداد قلق ريان على أخيه، فحاول أن يخلق حجة بأنه يلتقي بأحدٍ من أصدقائه حتى لا يتوقف قلبه من قسوة الافتراضات المقترحة.

عادت يارا للقصر، فتحركت بها السيارة تجاه قصر طلعت زيدان، أشارت له سريعاً بالتوقف حينما رأت مروان يقف بحديقةٍ قصره، فهبطت لتقترب منه سريعاً، كان يقف بجوار أحدى الأشجار، يتأمل الأزهار من أمامه بنظرةٍ شاردة، وكأنها تذكره بأحدٍ غالي على قلبه، خيل له بأنها تحمل مصباح سحري حينما التقت أذنيه صوتها يناديه، فاستدار ليجدها تقف أمام عينيه، بللت شفتيها بلعابها، فقالت بارتباكٍ ملحوظ:
جرحك بقى كويس..

وقف يتطلع لها بنظراتٍ صامتة، يتعمق بالتطلع لعينيها، يتشبع منها قدر ما تمكن وكأنه يشعر بأن الفراق حتماً سيمزق القلوب، انسحبت عينيه عنها ليتطلع خلفها بنظرةٍ ساكنة جعلتها تستدير، فصدمت حينما وجدت سيارة علي تقترب منهما حتى توقفت على مسافة قريبة منهما، هبط منها علي ثم أسرع ليقف مقابلها والغضب يتراقص بحرافية بعينيه، فقال بعصبيةٍ بالغة:.

خلاص يا يارا لهنا وخلاص، مفيش قدامك غير الاختيار، يا تيجي معايا حالا نسافر ونتجوز يا تخليكي هنا وبكده هتكوني اختارتي البني آدم ده...

وتراجع علي للخلف ليفتح الباب المقابل لسيارته ليشير لها بالجلوسٍ، فرض عليها الاختيار ويا ليتها كانت صريعة في تلك اللحظة البائسة، تقف بمنتصف الطريق بين سيارة علي وبين مروان الذي يحدجهما بنظراتٍ صامدة، وكأنه يعلم من ستختار لذا تعايش على الاعتياد دون وجودها بحياته، أغلقت فمها بيدها تكبت شهقات الألم الساكنة بأضلاعها، نظراتها تتوزع بين محبوبها الساكن وباب السيارة المفتوح من أمامها، وكأنها اتخذت القرار بعد دقائق مطولة، فاستدارت لتقترب من السيارةٍ، فرسمت بسمة انتصار على وجه علي الذي يرمق مروان بنظراتٍ منتصرة، شامتة، لم يحتمل مروان رؤياها وهي تغادر من أمام عينيه، اراد أن يحتفظ بما تبقى بقلبه الذي لم يلتئم جروحه بعد، فولج لداخل القصر.

تلاشت بسمته حينما أغلقت يارا باب سيارته لتخبره بدموعٍ هبطتت كالشلالٍ:
بحبه يا علي ، بحبه ومش هقدر أنساه، لو ركبت معاك هكون بظلمك أنت لأني مش هقدر أشوفك ولا هقدر أشوف حد غيره..
ثم تراجعت بظهرها للخلف وهي تهمس ببكاءٍ:
أرجوك سامحني، دور على اللي تستحقك وتستحق حبك ليها..

وركضت من أمام عينيه حتى لا تضعف عزيمتها بالقرار الذي اتخذته بعد تفكيراً طويل منحها اياه مراد ، ولجت لداخل قصر مروان ثم أغلقت الباب لتستند على جسده ببكاءٍ حارق، صعق علي من اختيارها ورغم الم قلبه العميق الا أنه كان يقدر اختيارها له، صعد للسيارة ثم غادر من القصرٍ بعدما تأكد بأنه خسرها للأبد، بداخله جرح عميق يحتاج لوقت ليطيبه، ربما شهر أو عام ولكنه بالنهاية سيشفى..

أغلق مروان عينيه بقوةٍ تعتصر الدمعة التي تهاوت دون ارادة منه حينما استمع لصوت السيارة تغادر من القصر، ظن أنه ألم الوداع فحتى وداعها لم يحظى به، ضغط بيديه بقوةٍ على ذراع المقعد فكادت بتحطمه وعينيه مازالت مغلقة، شعر بأصابعٍ مرتجفة تلامس يديه الصلبة، ففتح عينيه على مهلٍ وهو يحاول الا يضع افتراضات قد تهلكه، صعق حينما وجدها تقف أمامه، بوجهٍ باكي، ازدرد ريقه بصعوبةٍ بالغة وهو يحاول استيعاب ما يراه، أكان هو اختيارها؟!.

وقف مقابلها وهي يتطلع لها بصدمةٍ لم تكسر بعد، فرددت بصوتٍ مرتعش:
أنا مقدرش أكون لحد غيرك أنت، لأني بحبك أوي يا مروان..
احتضنها بعدم تصديق كونه اختيارها، فبكت بانهيارٍ، خرج صوته أخيراً وهو يردد:
مكنش جوايا أمل انك ممكن تختاري حبنا يا يارا..
تشبثت به وهي تجيبه ببكاءٍ:
معرفش ازاي كنت هعمل كده بس الحمد لله مراد فوقني في الوقت المناسب..
ابتعد عنها وهو يردد ببسمةٍ مشرقة:
مراد!.

هزت رأسها، فقال ومازالت الإبتسامة مرسومة على وجهه:
مراد شخص عظيم..
تعجبت لسماع هذا الجزء المتعلق بمدح مراد، فقال وهو يتمسك بيدها:
متستغربيش يا يارا في حاجات كتيرة مكنتش قادر أفهمها وفهمتها..
ابتسمت بفرحةٍ، فأشارت إليه بمشاكسةٍ:
طيب أيه، مش هتأخد خطوة جدية بقى..
لا الخطوة دي عليا أنا..

استدروا سوياً تجاه الصوت القادم من خلفهما، ليظهر ريان من أمام أعينهم، تلون وجه يارا خجلاً، وخاصة حينما اقترب منهم ريان ليستكمل بابتسامةٍ هادئة:
هكلم مراد يحددلنا معاد مناسب للجواز قبل ما تغيروا رأيكم..
اجابته يارا ببسمةٍ ساخرة لمعرفة مقصده من خلف كلماته: .
أنا عن نفسي مستحيل هغير رأيي..
أشار لها باعجابٍ:
هايل...

ثم تطلع لمروان بانتظار رأيه هو الأخر فوجده يطالعه بنظراتٍ متكتفة، مازال يشعر بالحرجٍ مما ارتكبه بحقه، أستأذنت يارا بالمغادرة لتستعد للزفاف، فوقف مروان مقابل أخيه بتوتر لاحظه الأخير ققاطع صعوبة حديثه حينما قال:
متعتذرش على حاجة يا مروان، أنا مش زعلان منك أبداً..

احتضنته مروان بحب أخوي يشعر به تارة وتارة يشعر تجاهه بحبٍ أبوي لا يتناسب مع سن ريان، عاد هاتفه ليدق من جديد، فرفعه في لهفةٍ بددت حينما استمع للطرف الأخر الذي أخبره بأنه لم يرى إياد هو الأخر، لاحظ مروان توتره فتساءل باستغرابٍ:
في أيه يا ريان؟.
رد عليه والخوف يصاحب لهجته المتقطعة:
إياد مرجعش البيت من امبارح وقافل موبيله، مراته قلقانه عليه وأنا مش عارف اعمل ايه..

صمت قليلاً وكأنه متردد في قول ما يريد، فقال ما حجب على طرف لسانه:
هتلاقيه رجع للزفت اللي كان بيشربه..
هز برأسه باعتراضٍ على ما قاله:
مستحيل يعمل كده، في حاجة غلط.
وحك جبينه بانفعالٍ ثم قال:
خد فارس وأقلب عليه الدنيا ومترجعش غير وأخوك في ايدك، فاهم؟.
أومأ برأسه في هدوءٍ ثم غادر على الفور، جلس ريان على المقعد المجاور له وعقله يكاد يتوقف من الخوفٍ.

اللون الأبيض يرمز للنقاء، لونٍ مميز يليق بعروسٍ تزف بمحبةٍ لتحمل التفاءل لحياةٍ من أحبها وأختارها بعنايةٍ لتكون زوجة له، وقفت فاطمة تتأمل ذاتها بدمعةٍ فرح تلمع بحدقتيها اللامعة، عدلت شجن من طرحة الفستان لتشير لها بابتسامةٍ صافية:
زي القمر يا روح قلبي، ربنا يسعدك يارب..
احتضنتها فاطمة ثم استدارت لتحتضن حنين التي بدورها ترتب مساحيق التجميل الخاصة بها بعدما انتهت من تزينها، لتشكرهما فاطمة قائلة:.

بالرغم من الحالة النفسية اللي كنتي فيها الا انك كنتي جانبي لأخر لحظة، وأنتي يا اشجان انا عارفة انك تعبانة وبرضه مش سيبتيني.
ربتت شجن بيدها على خصرها وهي تخبرها بعتابٍ:
متقوليش كده يا فاطمة، احنا أخوات..
جذبتها سارة لتستدير اليها، فنثرت البرفنيوم على فستانها قائلة باعجابٍ:
يامن هيبلم قدامك، قمر ما شاء الله..
ابتسمت بخجلٍ، فتداخلت سلمى بحديثهما المرح قائلة بغمزةٍ ماكرة:.

يا ستي لما يتقفل عليهم باب يبقى يبلم براحته..
تعالت ضحكاتهم وخاصة حينما حدجتها فاطمة بنظرةٍ قاتلة، انتبهوا جميعاً لصوت نجلاء حينما ولجت للداخل وهي تردد بانبهارٍ بنظراتٍ تفرقت بينهن جميعاً:
بسم الله ما شاء الله، أيه الجمال ده كله، ربنا يحفظكم جميعاً من العين ياررب..
جذبتها حنين للمقعد المقابل للسراحة، قائلة بمشاكسةٍ:
ايه ده يا نوجة، ده لبس و لفة طرحة في يوم زي ده..

جذبت منة بعضاً من مساحيق التجميل، بينما اسرعت سما لغرفتها لتنقي لها ما يليق بها، أما يارا فاختارت الحجاب المناسب بها، اقتربوا منها معاً شارت لهما وهي تردد بتحذيرٍ:
اللي هتيجي جانبي هي حرة، انتوا اغلبكم حوامل وأنا هضرب مش هيهمني، انا لبسي عجبني كده ركزوا مع نفسكم.

تجاهلوا تعليماتها والتفوا من حولها ليشكلوا حلقة دائرية انتهت باللمسات الاخيرة التي وضعتها شجن، تطلعت نجلاء لذاتها بالمرآة بصدمةٍ حقيقية، فكانت كالفتاة التي لا تتجاوز عمرها الثلاثون عاماً، جسدها الرفيع منحها نفس الاطلالة الموحدة للفتيات من حولها، وضعت يدها أمام وجهها وهي تردد بضيقٍ:
أيه ده الناس تقول عليا ايه، ده انا ابني اطول مني شيلي الهباب ده يا بت منك ليها..
أشارت لها نغم بابتسامةٍ مشرقة:.

زي القمر والله يا ماما نجلاء، بابا شكله هو اللي هيخطفك من الحفلة، مش كده ولا أيه يا بنات..
تعالت صيحاتهم المؤكدة على حديثها، فابتسمت نجلاء على حديثها، تعالى صوت طرقات متتالية على بابٍ الغرفة، ففتحته يارا لتجد سليم يقف أمامها، فرفع صوته لتستمع له العروس:
يلا يا فاطمة؟.

لوهلةٍ توقف قلبها عن الخفقٍ، لا تداري وجع لهجر منزلها أم خوفاً من اقتراب خوضها لتجربةٍ جديدة، خرجت بخطواتٍ متثاقلة لتضع يدها بين يد سليم الذي وكله بمهام تسليمها لعريسها، خطف نظرة سريعة للداخل ليجد مبتغاه حينما وجد ريم مقابله تبتسم له بحبٍ، منحها ابتسامة عاشقة ثم انتصب بوقفته ليتحرك بها للأسفل، لتجده ينتظرها بنهايةٍ الدرج، يشيعها بنظراتٍ إعجاب فعروسه يجذب الأنظار بجمالها المشرق، استلم يدها من يد سليم ثم تحرك بها لسيارته فعاونتها منة على الصعود بفستانها المتدلي، صعدت كل فتاة بسيارة حبيبها ليلحق كلاً منهما خلف سيارة يامن، وقف طلعت ينتظر نجلاء بضيقٍ من تأخرها الملحوظ، فافتربت منه باسمة، ازاح عينيه عنها وهو يتفحص الدرج باستغرابٍ:.

هي نجلاء راحت فين؟.
لوت شفتيها بغضبٍ، فتعالت ضحكاته وهو يشير لها بعدم تصديق:
مش ممكن أنا افتكرتك واحدة من البنات والله..
أجابته في ضجرٍ:
مش هتبطل بكش أبداً، بقيت جد ولسه شايف نفسك شاب عشريني.
قال من وسط سيل ضحكاته:
والله أنا خايف حد يطلبك مني على اساس اني أبوكي!.
شاركته الضحك ثم هبطت لجواره، فاسرع الحارس بفتح ابواب السيارة لكليهما..

هبطت شجن بصحبةٍ حنين، فشعرت بدوار خفيف يهاجمها، تمسكت حنين بيدها وهي تسألها بقلقٍ:
أنتِ كويسة يا أشجان؟.
اجابتها بتعبٍ:
حاسة انا دايخة أوي وحاسة أني مفيش أعصاب خالص.
اقترحت عليها سريعاً:
لو تعبانة نخلينا أفضل..
أشارت له باعتراضٍ، معللة سببها:
فاطمة هتزعل، خليكِ بس جانبي وان شاء الله اليوم هيعدي..
قالت بحدةٍ وقد تعمدت الضغط على كلماتها:
أنا كده كده هركب معاكي مش هسيبك متقلقيش..

فهمت مغزى حديثها فقالت بترددٍ:
ما تحاولي تسمعيه يا حنين آآ..
بترت كلماتها حينما صاحت بانفعالٍ:
مش عايزة اتكلم في الموضوع ده يا أشجان، علشان خاطري بلاش تفتحيه تاني..
امتثلت لرغبتها:
زي ما تحبي، المهم تكوني جانبي لحسن أنا تعبانة بجد.
اجابتها ببسمةٍ ساخرة:
كلنا لها يا اختاه، مصدقت خلصت من مرين، تطلعلي ام اربعة وأربعين اللي جاية على غفلة دي..
تعالت ضحكات شجن، فقالت بمرحٍ:
ما يمكن يطلع واد بتأنثي ليه؟!.

ردت عليها بابتسامةٍ رقبقة وهي تمسد بيدها على بطنها:
لأ، قلبي بيقولي انها بنت..
كادت بأن تجيبها ولكنها تفاجأت بسيارة رحيم من أمامها، فأسرع حازم بفتح باب السيارة الخلفي لتجده يجلس بالخلف، ويمنحها نظرة عشق تغمرها من رأسها حتى قدميها، هبطت حنين جوارها فكادت بالصعود جوار شجن، تفاجئت بقبضةٍ قوية تجذبها خارج السيارة، فاذا به يقف أمامها ليشير لها بحزمٍ:
هتركبي بعربيتي..

بعناد كبير جذبت يدها من بين يديه لتشير له بغضبٍ:
ايدك متلمسنيش تاني، فاهم؟.
وقف مراد مقابلها وجهاً لوجه، فقال بهدوءٍ يتمسك به بصعوبةٍ:
حنين خلينا نتكلم أفضل في مكان هادي..
ابتسمت في سخريةٍ وهي تعقب على ما قال:
نتكلم في ايه؟!، معتش في بينا اللي نتكلم فيه..
فرك جبينه بعصبيةٍ بالغة، فزفر وهو يستطرد بغضبٍ:
لا في اللي نتكلم فيه، في حاجات كتيرة انتي متعرفهاش..
صرخت بانفعالٍ وقد سرت دمعاتها كالشلال:.

اعرف أيه، انك قتلت ابويا!، إنك بعد ما كنت أماني بقيت السبب في خزني وتعاستي، أنا عارفة ان أبويا مكنش ملاك ويمكن مكنش بيحبني بس مفيش واحدة في الدنيا مهما كان ابوها تعرف ان ابوها اتقتل ومتتحطمش والاصعب من كل ده اني اعرف ان القاتل يبقى جوزي!.
والتقطت انفاسها لتستكمل بشكٍ:.

كان لازم أعرف من أخر لقاء بينكم انك كنت ناويله على الشر، كان لازم افهم أنك انسان اناني مفكرتش غير في نفسك وبس، مفكرتش تحطني في حساباتك، مفكرتش انا هيكون احساسي ايه لما أعرف انك قتلت ابويا!
خرج رحيم من سيارته سريعاً خشية من أن تتصعد الامور فيما بينهما أكثر من ذلك، فوقف جواره ليتداخل قائلاً:
مراد لا ده وقته ولا مكانه!.
تجاهل ما قاله ثم جذب يدها بهدوءٍ:
تعالي معايا.

حاولت أن تحرر قبضتها من بين يديه ولكنها لم تستطيع، فصاحت بعصبيةٍ بالغة:
سيب ايدي بقولك مش هتحرك معاك في اي حتة..
رفع رحيم يديه على كتفيه، فحرر مراد يدها، ثم شملها بنظرةٍ أخيرة ليردد بوعيدٍ:
ماشي يا حنين..

وتركها وغادر لسيارته، ففتح رحيم باب السيارة لتستقر بجوار زوجته، اما هو فصعد جوار حازم، ارتمت حنين باحضانٍ أشجان، تبكي بقهرٍ، قلبها يؤلمها على الفجوة التي حدثت بينها وبين زوجها، لأول مرة تتصعد الامور فيما بينهما لتلك الدرجة، فرت دمعة هاربة من عين شجن وهي تحاول أن تجعلها تهدأ قليلاً، تابعهما رحيم بالمرآة الأمامية بحزنٍ، فقال بصرامةٍ:
لو هتقلبوها نكد هوقف العربية وهنزلكم انتوا الاتنين هنا..

ابتعدت عنها حنين سريعاً ثم ازاحت دموعها، فهمست بضيقٍ:
انت على طول متعصب كده، أنا بحس اني بخاف منك أكتر من جوزي، ما تسيبنا نفضفض شوية يا ابليس...
تطلعت لها شجن بصدمة ثم انفجرت ضاحكة لتشاركها حنين الضحك وكأن لم يكن، ابتسم رحيم رغماً عنه وردد بهمسٍ ساخر:
مجانين!.
.

بين نغمات الطرب الهادئ تمايلت فاطمة بين ذراعيه بفستانها الأبيض، ولجوارها كانت تتمايل سلمى بين يد جان بخفةٍ، حتى سما صعدت على المنصة لترقص مع آدم ولأول مرة، أما سليم ففضل أن يرقص مع زوجته بالأسفل جوار الطاولة الملتصقة بالمسبح، كان الحفل رائع لا ينقصه شيئاً سوى وجود فارس و مروان، فكانت الفتيات يبحثن عنهما بضجرٍ، أما ريان فأنشغل عن سارة بتتبع الأخبار من فارس، مروان ، أما شجن فكانت تجلس لجوار حنين وعينيها تتعمق بالتطلع لمن يقف مقابلها، يغمز لها بعشقٍ من وقتٍ للأخر، اما الجوكر فقد حسم الأمر بتنفيذ المخطط المتفق عليه مع رحيم الذي بعث برسالةٍ لحارسه الخاص ففي أقل من خمسةٍ دقائق انطفئت الأنوار عن الحفل وحينما عادت بعد دقيقة واحدة كانت حنين قد اختفت من جوارها، فزعت شجن ونهضت عن مقعدها وهي تبحث عنها بخوفٍ، فجذبها رحيم للجلوس مجدداً ليجلس من جوارها قائلاً بثباتٍ:.

متخافيش، حنين في المكان اللي المفروض تكون فيه..
اشارت له بتفهمٍ ثم تطلعت جوارها بتوترٍ من أن يهاجمها الدوار مجدداً، فقال بهدوءٍ:
حاسة بأيه!.
تطلعت إليه ببلاهةٍ فكانت تظن بأنها تبرع بتمثيل دورها ولكنه شعر بها، فقالت باستسلامٍ وهي تضع يدها بيديه:
خرجني من هنا، حاسة اني مش قادرة اخد نفسي..
تطلع ليدها المتمسكة به بابتسامةٍ ساحرة، فمسد بيديه على يدها وعينيه تخطف النظرات اليها، ليردد بهمسٍ أشعل رغباتها:.

وأخدك لأخر الدنيا بس لو فضلتي ماسكة ايدي كده مش هتحرك من جانبك أبداً..

سحبت يدها بخجلٍ، فنهض ليمسك بذراعيها، خطت جواره بضعة خطوات ثم توقفت عن المضي وهي تتمسك بجبينها بألمٍ، انحنى ليضع ذراعيه اسفل ساقيها ثم حملها بين يديه ليتحرك بها لسيارته، جلست بالمقعد الامامي وهي تجاهد الاغماء الشديد الذي يهاجمها، فأغلقت عينيها باستسلامٍ لنوم تمنت ان تحظى به لتتخلص من آلامها، دقائق معدودة وشعرت بالهواء الطلق يغلف جسدها، امسك بيديه بصدمةٍ حينما حرر حجابها عنها، كادت بأن تعنفه فمازالت بالسيارة كيف له ان يفعل ذلك، ولكنها تفاجأت بالمياه تحاوطها من جميع الاتجاهات، فتطلعت امامها لتجده يخبرها بابتسامته المهلكة:.

ارتاحي، أنا جانبك..
منحته بسمة مشرقة فتركت يديه تحرر حجابها لتسلقى على قدميه ليتحرك بهما التخت بين المياه، فغفلت سريعاً بين ذراعيه براحةٍ..

انتهى الحفل سريعاً برغبةٍ يامن، فكاد بالصعود بها للأعلى ولكن التف الشباب من حوله ليمرحوا قليلاً، وبعد ساعة كاملة من الرجاء والتوسل سمحوا له بالصعود ولكن بشرطٍ أن يحملها بين يديه حتى غرفته التي تقطن بالطابق الثاني، وبالفعل حمل يامن، فاطمة ليصعد لها للاعلى وسط اجواء مثيرة من التصقيفات العالية، ولج لغرفته فتركها أرضاً ثم اغلق باب غرفته وهو يردد بابتسامة واسعة:.

عايز حد يقرصني علشان أصدق انك معايا هنا!.
ابتسمت فاطمة، فقالت بمرحٍ:
لو مش مصدق أخد بعضي وأمشي..
وكادت بتحرير مفتاح باب الغرفة، فجذبها اليه قائلاً بسخريةٍ:
حيلك حيلك دخول الحمام مش زي خروجه يا حلوة..
تعالت ضحكاتها على كلماته المرحة، فتلاشت ضحكتها خجلاً حينما اقترب منها ليطبع قبلة صغيرة على وجنتها وهو يردد بعشقٍ:
الف مبروك يا حبيبتي..
اجابته على استحياءٍ:
الله يبارك فيك..
ثم قالت بارتباكٍ:
فين الحمام..

أشار لها بعينيه على حمام الغرفة، فالتقطت اسدالها ثم ولجت للداخل، اغتسلت ثم توضأت وجلست بالداخل بترددٍ من الخروجٍ، طرق يامن على الباب قائلاً ببسمةٍ ماكرة:
أطلعي يا فاطمة، بلاش جبن. ، انا مش بعض حد.
فتحت الباب لتشير له بضيقٍ:
حد قالك اني خايفة أطلع انا بس بأخد على الأجواء هنا..
استند بجسده على الحائط ليجيبها بسخريةٍ:
بتأخدي على الاجواء في الحمام؟.
ابتلعت ريقها بارتباكٍ فاسرعت لسجادةٍ الصلاة قائلة بتهرب:.

يلا نصلي..
ابتسم على خجلها الملحوظ، فاقترب ليصلي بها أمام ومن ثم جذبها برفقٍ لفراشه ليقتل خجلها الزائد منه، تارة فتارة يحاول سحبها لعالمه...

حملها للداخل، ويديه تقيد حركات يدها واليد الأخرى تكمم فمها، اغلق باب مكتبه بقدميه ثم تركها برفقٍ لتقف امام عينيه، صرخت به حنين بشراسةٍ:
انت بتعمل أيه، انت فاكر اني كده هسمعك!.
وأقتربت من باب الغرفة في محاولةٍ مستميتة للخروج، دفعها للخلف بقوةٍ وهو يصيح بعصبيةٍ بالغة:
مفيش خروج من هنا يا حنين لحد ما المشكلة اللي بينا دي تتحل، فاهمه؟.

صراخه، طريقته الجديدة بالحديث جعلتها ترى نسخة متطابقة لرحيم زيدان في بدايةٍ عهده، معشوقها الحنون قتله بتلك اللحظة العصيبة، ابتلعت ريقها برعبٍ تحاول اخفائه خلف لهجتها الساخرة:
مش هستغرب ده منك لأنك بالنهاية أخوه..

للمرة الثانية تستنزف طاقته، ورغم ذلك حاول جاهداً ليتحكم بذاته، فاقترب منها، لتبتعد عنه سريعاً حينما شعرت بالغيثان جراء رائحة البرفنيوم القوية التي يضعها، تألم قلبه ظناً من انها تمقت الاقتراب منه، فخلع جاكيته ليجذب سلاحه المندث خلف ظهره ثم وضعه من امامها، صعقت للغاية حينما راته يخرج سلاحه فرددت بسخريةٍ:
أيه هتقتلني ولا ده تهديد!.

اقترب منها بصمتٍ قاتل، ليجبرها بوضع السلاح بين لائحة يدها ثم رفعه ليكون مقابله، انسحبت الدماء من عروقها، فحاولت سحب يدها وهي تصرخ بفزعٍ:
مراد!.
ابتسم بألمٍ، فتجاهل ندائها المتكرر؛ ليتطلع لعينيها مردداً بهمسٍ:
أنا قتلت أبوكِ وأنتي تقدري تاخدي حقك مني..
وضغط بيدها على السلاح قائلاً بعنفٍ:
اضغطي على الزناد يا حنين وانهي المهزلة دي..

بكت بانهيارٍ خشية من ان يلامسه الرصاص رغماً عنها، فحاولت جاهدة سحب يدها، ضغط بيديه ليعلو صوت الرصاص المكان، فانثقب قلبها بحسرةٍ، وهي تتطلع اليه بعينين متحجرة، لتردد بصوتٍ يكاد يكون مسموع:
مراد!.

ابتعد عنها بملامحٍ واجمة، فأضاء الضوء المجاور للفراش فألتقط السجائر لينفثها بعصبيةٍ بالغة، احكمت الغطاء حولها وهي تتطلع إليه بخوفٍ وعدم فهم لما تمر به، ردد يامن بغضبٍ:
أنا مش عارف في أيه بالظبط..
تشنج جسدها من أثر البكاء الحارق، فزفر بضيقٍ، اطفأ السجار لجواره ثم هدأ قليلاً، ليقربها لأحضانه قائلاً بهدوء مصطنع:
متزعليش يا حبيبتي، أكيد انتِ متوترة بس، يلا نامي وريحي أعصابك..

بكت بين أحضانه حتى غلبها النوم، أما يامن فظل يصارع شيطانه طوال الليل يحاول اقناع ذاته بأنه مخطئ فمن المحال ان تكون قد مارست علاقة جمعتها بإياد من قبل، ولكن ماذا لو كانت هذة الحقيقة وخاصة بأنها أردت أن تعود اليه فاستخدمت يامن كوسيلةٍ حتى تجعله يغار عليها، وحادثة الاغتصاب ليست الا اشتياق بينهما فلعب تلك اللعبة القذرة للفتك به، ودليل أخر اختفاء اياد بليلة الزفاف بالتحديدٍ، كل تلك الخيوط تراقصت بعقله طوال الليل فجعلته كالبركان الثائر، ربما سيعمى عن الحقيقة وربما سيحطم بيديه علاقة لم تبدأ بعد، ولكن ترى ما المجهول؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة