قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف17

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف17

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف17

جمال الطبيعة لا يوجد اختلاف يذكره؛ ولكن يختلف من منظور العين التي تتأمله، كعينيها التعيسة، الحزينة، ترى ما حولها ظلامٍ بائس، لا تشعر بالبهاء لرؤية هذة المناظر الساحرة، ترى ما حولها نيران تشتعل فتكاد تحرقها، سكونها ليس هدوءٍ استسلام صريح للحياة التي منحتها فرصة للعيش ثم عادت لتنتشلها منها بقوةٍ، دعستها مرة وحينما وجدت الحياة تدب بها عادت لتبتر أطرافها، أتى من خلفها الأمل القابع خلف الظلام، يراقبها بنظراتٍ مهتمة، ليست نظرات طبيب يراقب حالته ولكن فضوله بتامل تلك الفتاة الغامضة جعلته مشدوه بها، دقائق لم يسئم من وقفته تلك حتى قرر الاقتراب ليجلس على المقعد المقابل لها وهو يردد بابتسامةٍ ساحرة:.

صباح الخير يا فطيمة..
وكأنها فقدت صوتها منذ ذاك الحادث الأليم، متابعة يارا علاجها لم يجدي بثمارٍ عظيمة، فلم تسترد صوتها او رغبتها بالحياةٍ بعد، نقلت نظراتها عن تأمل الأزهار لتتطلع لمن يجلس أمامها بنظرةٍ باردة كحال جسدها الميت، استطرد علي حديثه وبسمته مازالت مرسومة:
كويس انك خرجتي من أوضتك ونزلتي هنا..

انتظر سماع صوتها ولكنها ظلت تتأمله بصمتٍ، قطع الحديث بينهما صوت هاتفه فرفعه بنظراتٍ عابثة حينما قرأ أسم والدته، ابتعد عنها قليلاً وهو يجيب على مضضٍ:
أيوه مع حضرتك..
استمع لما قالته بضيقٍ، فرفع يديه ليمررها على جبينه بغضبٍ من سماع نفس الحوار المتكرر عن خيانة يارا وكيف تقبل الأمر ببساطةٍ، وبنهاية حوارها تطالبه كعادتها بالعودة لأنجلترا، حرر عقدة لسانه وهو يجيبها بعد تحكم شديد بانفعالاته:.

يا امي حرام عليكي، مش كل ما تتكلمي تقوليلي نفس الكلام، قولتلك الف مرة هرجع انجلترا لما يارا ترجع للمصحة..
عادت لنوبتها من جديد وهي تذكره بما فعلت به وما يقدمه لها فقال باستياءٍ:
انا مضطر اقفل لأني عندي شغل..

واغلق الهاتف ليضعه على الطاولة المقابلة بفطيمة ليزفر بمللٍ، نقلت نظراته لهذة الملاك الصامت من أمامه، فشعر بنشوة غريبة لسماع صوتها، ود لو علم بالنفصيل منها عما مرت به. ، شغل تفكيره بعودة يارا فحينها سيضطر بائساً للعودة ليتابع عمله العالق بانجلترا، فردد وعينيه تتابع نظرات عينيها البريئة:
انا اللي هكون مسؤول عن حالتك يا فطيمة، هتسافري معايا أكيد..

(قريباً نوڤيلا منفردة خاصة بعلي وفطيمة بعنوان #فطيمة «صرخات أنثى!»)...

كالفراشة المبتور أحدى أجنحتها فأمتنعت عن مداهمة أعناق السماء، فبات الهواء ثقيلاً، امتنعت عن الطعامٍ لمدة لا بئس بها، لذا صارت هزيلة فلم يكن ينقصها جرحاً جديد، ازداد الضغط عليها حينما رأته ينهي ببساطة كل شيء بينهما، نعم تعلم بأنها من ألحت في طلبها بالانفصالٍ؛ ولكن يا لقلب الانثى، تريد الابتعاد ولكن قلبها يريد الاقتراب، تريد الهجران وقلبها يريد اللقاء، تخبره بالابتعاد وبداخلها تتمنى أن يظل قريب، تغلق بابها بوجهه وتعود لتفتحه من جديد تتلصص بالتطلع عليه، لطالما كانت النساء كالكمياء يصعب فهمهن، ظل يامن لجوارها لساعاتٍ طويلة، بعد أن شخص الطبيب حالتها الواهنة بسبب قلة تناولها الطعام، فعلق لها محاليل من الفيتامينات علها تتمكن من تعويض ما تسببت به، شدد يامن من التمسك بيدها، فكان يقبل أصابعها بعمقٍ تارة ويمسد على خصلات شعرها تارة أخرى، غير عابئ بمن حوله بالغرفةٍ، فمازال لا يستوعب بأنه كان على شفى خسارتها..

راقب عباس صفوان ابنه بدمعاتٍ تلألأ بحدقتيه فأستأذن بالأنصراف، وغادر لمنزله بعدما اطمئن بأن الأمور على ما يرام، جلست سلمى جوار حماتها على الأريكةٍ القريبة من الفراش، أما جان فكان يستند بجسديه على باب الغرفة، يوزع نظراته بين صديقه وشقيقته بحزنٍ بالغ..

بدأت فاطمة بفتح عينيها تدريجياً، فأصبح هو في مرمى بصرها، فمنحها الشعور بالاطمئنان بأنه لجوارها، يديه تحتضن أصابعها ليشعرها بأنها مازالت ملكه، بأنها من اختارت البقاء معه بارادتها، انسدلت دمعة خائنة من عينيها فأغلقتهما بأرهاقٍ، اقترب يامن منها ليزيح تلك الدمعات برفقٍ وهو يردد بهمسٍ:
حمدلله على سلامتك يا حبيبتي..

تطلعت له مطولاً بنظراتٍ ساكنة، وكأنها تقبلت ما تمر به، تقبلته بخطئه، تقبلته جوارها يطيب جرحها وراق لها ذلك، كادت مايسة بالاقتراب من الفراش لتطمئن على ابنتها، فأسرع جان ليقف مقابلها وهو يخبرها برجاءٍ وصوت منخفض:
سبيها معاه دلوقتي يا ماما، من فضلك..

أخفضت نظراتها المزعوجة عنه، فتطلعت لابنتها بنظرة أخيرة ثم تركت الغرفة بأكملها، دنا جان من زوجته وهو يشير لها بهدوءٍ للخروج، استندت عليه وهي تحاول النهوض بألمٍ، فأمسكت بطنها المنتفخة وهي تحتمل على ذراعه القوي للنهوض، خرجت معه للخارج فأغلق باب الغرفة بهدوءٍ ثم وجه حديثه للخادمة التي تقف أمام باب الغرفة بانتظار تعليماته:
حضري لفاطمة اكلها وطلعيه هنا..

أومأت برأسها وهي تغادر من امام عينيه، فوقف مقابل سلمى المستندة على الحائط بارهاقٍ، ليسألها بلهفةٍ:
مالك؟!.
أجابته بتعبٍ:
مش عارفة يا جان من الصبح حاسة بتعب رهيب..
طوف خصرها بيديه القوية وهو يخبرها بخوفٍ:
تحبي نروح للدكتورة!.
أشارت له بالنفي، قائلة بايضاحٍ:
معادي عندها بعد يومين علشان تحدد الولادة، دخلني بس اوضتي أرتاح شوية..

مدد يديه أسفل ساقيها ليحملها بحذرٍ، ثم توجه لغرفتهما، وضعها على الفراشٍ ثم تمدد جوارها، فاسندت رأسها على صدره، ابتسم وهو يحرر حجابها ومن ثم خلع الحذاء، جذب الغطاء ليداثرها بأحضانه حتى غفت تماماً، لفحت انفاسها صدره فجعلته يغلق عينيه بابتسامة عذباء، ربت بيديه على طول خصرها ومن أمامه يرى شعاع لبريقٍ ذكريات حملها وخاصة حينما أخبرته بما تحمله ببطنها، عادت تلك الذكرى المجيدة لتتشكل أمامه من جديد، فحينما غابت عنها عادتها الشهرية، رأى صديقه الراحل بالمنام يحمل طفل صغير ويقدمه له بابتسامةٍ صافية، لاول مرة يراه بمنامه فكان سعيداً للغاية لذا أخذها باليوم التالي للفحص وحينما اكدت له الطبيب حملها اخبرها بأنها ان كانت تحمل بولد سيسميه خالد، أفاق جان من شروده على صوتها المئن بتعبٍ شديد، ففتحت سلمى عينيها وهي تخبره ببكاءٍ حارق:.

مش قادرة، شكلي بولد خدني للدكتورة بسرعة..
نهض عن الفراش سريعاً فحملها ليهبط بها على مهلٍ حتى صعد لسيارته..

بغرفة فاطمة..
التقط الطاولة المتحركة من الخادمة، فوضعها جوار الفراش ثم التقط طبق شوربة الخضار الساخنة، فوضع الملعقة ليقربها منها، اعتدلت فاطمة بجلستها، فوزعت نظراتها بينه وبين ما يحمله، تناولت ما يحمله بهدوءٍ وعينيها تتابعه، انهت الشوربة بأكملها فسعد كثيراً باستجابتها لتناول الطعام من يديه، وضع الطبق عن يديه ثم جلس مقابلها يبحث عن الكلمات المناسبة ليفتتح الحديث بينهما، فقال بعد تنهيدة عميقة:.

انا عارف أن غلطتي كبيرة ومش هتتغفر في يوم وليلة، بس هحاول أني اعوضك عن كل اللي حصل ده اوعدك..
رفعت عينيها اليه وهي تهز رأسها بخفةٍ لتضيف بحزنٍ:
أتمنى أن اللي عملته يتمسح من ذكرياتي لانه صعب ومؤلم..
قربها اليه فاحتضنها رغماً عنها وهو يخبرها بعشقٍ:
أنا أسف، اعتذار الدنيا كلها مش هيكفي اللي عملته بس صدقيني هعوضك عن كل ده..
تدريجياً رفعت يدها لتشدد من احتضانه فابتسم بفرحةٍ، وهو يهمس:.

حبيبتي! ، بحبك اكتر من نفسي...
ابتسامة صغيرة داعبت شفتيها فابتعدت عنه باستحياءٍ، جفف دمعاتها العالقة بعينيها وهو يقول:
ايه رأيك نرجع البيت!.
انقبض قلبها، فتقلصت تعابير وجهها رغماً عنها، شعر هو بذلك فلم يرغب بالضغط عليها يكفي أنه تخطى تلك المعضلة، فمرر يديه على خصلات شعرها وهو يردد بهيامٍ بعينيها:
خليكي هنا لو هترتاحي أكتر..
ثم طبع قبلة على يدها قائلاً وعينيه تفترسها:
راحتك تهمني..

بسمة شبه عابثة رسمتها بخفوتٍ، سحبت كف يدها سريعاً بخجلٍ حينما فُتح باب الغرفة لتطل مايسة من خلفه، فسألته بقلقٍ واضح:
يامن متعرفش جان اخد سلمى على أي مستشفى!.
أجابها باستغرابٍ:
مستشفى ليه!.
تدخلت فاطمة قائلة بدهشةٍ:
هي سلمى بتولد ولا ايه؟.
ردت عليها بتوتر:
الشغالة بتقول انه أخدها وطلع بالعربية شكلها كده بتولد..
رفع يامن هاتفه وهو يشير لها بهدوءٍ:
هحاول أوصله وأعرف منه هو فين بالظبط..

قالت وهي ترتدي حجابها بارتباكٍ:
ياريت يا ابني..
وبالفعل بعد عدد من المكالمات تمكن من معرفة المشفى التي قصدها جان فتحرك بصحبة والده ليكون لجوار رفيقه بمثل هذا الوقت العصيب..

كمعاناة المرأة الحامل حينما تدخل بالشهر الثالث، ينتابها دوار حاد وتقيئ صباحي، كاد جسد ريم بالاسترخاء أرضاً فأسندها سليم بتحكمٍ، ثم ازاح خصلات شعرها عن وجهها، ليعاونها باستفراغ ما بجوفها، أشارت له بتقزز بأن يخرج سريعاً حتى لا يراها بتلك الحالة ولكنه أبى ذلك وظل لجوارها حتى نظف وجهها جيداً بالمياه، ليحملها لفراشها، ثم احضر لها كوب من العصير، فأرتوت به بعد جفاء ريقها المرير، التقطت انفاسها بصوتٍ مسموع، فقالت بالكد:.

أنت مش ناوي تنزل شغلك يا سليم..
وبحزنٍ بدى بلهجتها استكملت:
أنا قرفتك معايا بتعبي انا تقريباً كل يوم بحالة..
أجابها بابتسامته تلك التي لا تفارقه:
أنتي بالتعب ده علشان شايلة حتة منك ومني، أقل واجب عليا أني اكون جانبك وقت تعبك..
وطبع قبلات متفرقة على لائحة يدها وهو يرفع الوسادة من خلفها:
ارتاحي يا عمري، ومتفكريش في أي حاجة غير في البيبي اللي هينور حياتنا كمان كام شهر..

ابتسمت ببهجةٍ تزورها قلبٍ وقالباً حينما تراه هكذا، غفت على الفورٍ بأنهاكٍ شديد، فما ان تأكد من نومها حتى تسلل لخزانته ليبدل ثيابه سريعاً ليهبط لسيارة ريان لينضم لجان بالمشفى...

وصل يامن للمشفى، فوجده يجلس بالزقاق الطويل أمام غرفة العمليات، وجهه شاحب للغاية والخوف يسيطر عليه، اقتربت منه مايسة لتربت على كتفيه بابتسامةٍ هادئة:
هتقوم بالسلامة بإذن الله يا حبيبي..
منحه نظرة جانبية وهو يهمس برجاءٍ:
إن شاء الله..
قال يامن هو الأخر:
ربنا يطمنك عليها يارب..
تطلع اليه مطولاً وكأنه يشكره لوجوده لجواره بذات الوقت بالتحديدٍ، انتبه جان لصوت سليم القادم من خلفه متسائلاً باهتمامٍ:.

طمنا يا جان خرجت ولا لسه؟.
أشار برأسه بخوفٍ عاد لينبش من جديدٍ:
لسه، ربنا يسترها..
لف ريان ذراعيه حول كتفيه وهو يجيبه بابتسامةٍ واسعة:
هيسترها وهتقوم بالف سلامة ويشرفنا أجمل ولد بالكون كله ولا أيه يا فارس!.
اقترب منهما هو الاخر وهو يجيبه بتأكيدٍ:
بإذن الله، متقلقش يا جان الولادة القيصرية بتأخد وقت، إن شاء الله خير..
قال مروان ممازحاً إياه:.

مراتك مستقصدنا ولا أيه مختارة حتة وقت، ما صدقنا نجوز سيد امريكا ونفوق لنفسنا..
ابتسم جان ثم قال بمرحٍ:
طول عمرك واطي ومبتفكرش غير في نفسك..
انقطع الحوار بينهما بخروج الممرضة بالطفل الصغير الذي على صوت بكائه الردهة المطولة بأكملها، هرع الشباب اليها سريعاً في سباقٍ حقيقي لحمل المولود، أما جان فاقترب منها وهو يتساءل باهتمامٍ:
سلمى فين!.
أخبرته بابتسامةٍ عملية:
متقلقش بيجهزوها، شوية وهتخرج..

تركهما يتشاجران على حمل الصغير واتجاه للباب الاخر الخاص بغرفة الجراحة، اتبعه سليم ليقف لجواره وما أنا خرجت الممرضات بالسرير المتحرك حتى دفعه سليم بمعاونة جان الذي أمسك يدها وهو يردد بلهفةٍ:
سلمى حبيبتي سامعاني!.
أجابته الممرضة بهدوءٍ:
لسه مفاقتش شوية وهتفوق..

أطبق على السرير ورأسه قريبة منها يتأملها بخوفٍ، ولجوا للغرفة المشار اليها، فحمل جان الملاءة بمعاونة سليم ليضعونها بالفراشٍ، ثم جلس لجوارها يترقب استعادتها للوعي...
ولج ريان بالصغير، فطبع قبلاته على جبينه، ثم وضعه بالسرير الصغير المجاور للكبير، مرر يديه حلقات على خديه الناعم فقال ومازال يتأمله:
هتسميه أيه يا جان؟.
أجابه الاخير على الفورٍ وعينيه تتطلع للفراغ بشرود:
خالد..

اتسعت بسمة ريان بفرحةٍ، فردد بأعجابٍ:
أحلى حاجة عملتها..

تأملته بنظراتٍ هائمة، فمن ذاك الذي يمنح زوجته الفرصة الكاملة برغبتها بالاقتراب منها، الأغلب من الازواج وخاصة بمحيط الشرق يودون التأكد اولاً من عفة زوجته ومن ثم يمنحها الفرصة مثلما ارادت، كانت تظن بأنه يخدعها بكلماته ولكن بعد أن مر هذا الوقت بعد زفافهما باتت تصدقه، تثق به وهذا على غير عاداتها، شعرت سما برغبةٍ جامحة بداخلها تحثها على لمس وجهه، فلم تحاربها وفعلت ما شعرت به، أنكمشت ملامح آدم بانزعاجٍ، ففتح عينيه ليتفاجئ بها تحتصن خديه وتنظر له بعشقٍ لم يتمكن من ملامسته بعينيها من قبل، صعقت حينما رأته قد افاق من نومه فسحبت يدها سريعاً وهي تتهرب من نظراته المحاصرة، ابتسم آدم وهو يشير لها بحبٍ:.

الدنيا راضية عليا ولا أيه؟!.
ثم قال ونظراته مازالت عليها:
لا أكيد في حاجة غلط!..
رددت على استحياءٍ وعينيها تتهرب منه:
مفيش غير أني بحبك وبس..
خفق قلبه بجنون، فدقت ناقوس الخطر مرتين، مرة بملمساتها وبحديثها الذي أضرم نيران الرغبة بذاك الصدر، فأقترب منها ليدعوها لان تصير زوجته قولاً وفعلاً وسعد كثيراً حينما لبت دعوته بمحبةٍ وقناعة، فاظهرت له الشق الخفي من عشقها المتيم اليه، عشق سيد أمريكا المغرور!..

الشمس على وشك السطوع ومازال بغرفته السرية يجلس بظلامه المخيف، يتدرب لاطول فترة زمنية على التعايش والتدريب داخل الظلام حتى بات بصيراً، شعر رحيم بحركةٍ خافتة من حوله، فبحركةٍ سريعة جذب سلاحه ثم جذب الخنجر الموضوع ليلقيه ببراعةٍ على أزار الضوء فأنفتح سريعاً، سلط سلاحه تجاه الصوت المسموع، فرفعت يدها وهي تشير له بخوفٍ:
حاسب!، هتقتلني ولا أيه؟.

أخفض رحيم سلاحه بابتسامة ساحرة، وهو يشير لها بالاقترابٍ، ابتلعت ريقها الهارب بخوفٍ شديد، فأقتربت منه بارتباكٍ وهو يشير لها على قدميه، جلست على ساقه ومازالت نظراتها مركزة على السلاح الموضوع خلفه، فسألها رحيم باستغراب:
أيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي!.
مالت برأسها على صدره وهي تجيبه:
مش جيلي نوم وأنت مش موجود..
لف ذراعيه الممتزجة بعرقه من فرط المجهود المبذول:
بس أنا جانبك..

ثم مرر يديه على بطنها المنتفخة وهو يردد بابتسامته:
وموجود جواكي..
ابتسمت وهي تمرر يدها بتلقائيةٍ على يديه:
مش كفايا انت وجودك جانبي اهم..
ابتسم بثباتٍ ومازالت مجابهته بصرامة:
لو هتفضل هنا كتير أنا هكون جانبك ومش هطلع الاوضة غير وانت معايا..
مرر يديه على طول ذراعيها وهو يهمس بأنفاسه الحارقة:
بعد كل ده ما ينتهي هنسافر باليخت برحلة طويلة..
ابتسمت وهي تجيبه بحماسٍ:
ياريت...

حملها بين ذراعيه ثم خرج من جناحه الخاص، ليردد وعينيه تتأملها بعشقٍ:
هو انا قولتلك أني بعشقك..
تعالت ضحكاتها التي افتكت بقلبه، فغمز لها بخبثٍ وهو يغلق باب جناحه بقدميه:
يبقى نسيت، ونسيت كلام تاني كتير مهم هنحتاج نتكلم فيه..
وأغلق الباب بقدميه ومن ثم انطفئ الضوء ليصبح عالمهما يسوده الظلام والقلوب تنير الدرب..

حاولت النوم كثيراً؛ ولكنها لم تتمكن من ذلك، فصنعت وعاء كبير من حبات الذرة الشهي (فشار) ثم جلست أمام احد المسلسلات التركية، تفاعلت حنين مع بعض المشاهد المعروضة من امامها بتسليةٍ حتى أتى المشهد الخيالي المعتاد بكل مسلسل هندي، فلمعت عينيها بصورةٍ مخيفة وهو توزع نظراتها بين التلفاز و مراد الغارق بأحلام نومه العميق، أسرعت بلهفةٍ لتجذب المقص ثم اقتربت من الفراش لتجذب أحدى الوسادات ثم مزقتها بالمقص ومن ثم اقتربت منه لتصيح بجنونٍ:.

الحق يا مراد..
فتح عينيه الزرقاء بفزعٍ وخوف على ما قد أصابها، فما أن اعتدل بحلسته حتى افرغت الريش القابع بداخل الوسادة من فوقه، تعالت ضحكاتها بهسترية حتى انتهت من فض ما بداخلها، جف حلقها وتراجعت للخلف بخوفٍ تشكل حينما رأت لون حدقتيه يتغير للون الأحمر القاتم الذي يشع بشر عظيم ونيران لن يطفئها الفرار!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة