قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف14

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف14

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف14

تخيلك لأمر بعينيه لا يعني بأنه سيصبح حقيقة حينما يصبح ملموساً، نعم كان يخشى أن يصبح مثل والده، كان يخشى أن يكون أب سييء؛ ولكنه لم يعلم بأن عينيه ستلمع بحنينٍ وفرحة حينما يرى طفله على جهاز (السونار) من أمامه، كان شارداً لدرجة جعلته لم يستمع لما قدمته له الطبيبة من ارشادات هامة في سبيل الحفاظ على الجنين وخاصة بتلك المرحلة من الشهور الاولى، فكانت نظراته مسلطة على الشاشة الصغيرة، يستكشف ما يراه فيبحث عن يديه أو قدميه، التقطت الطبيبة الصور من الجهازٍ ثم قدمتها له قائلة بابتسامةٍ عملية:.

لسه مكملش، لأنها ببداية الحمل..

التقط ريان الصور من يدها بفرحة يستلذها قلبه، فنقل نظراته لزوجته التي تراقب رد فعله حينما رأى ما تحمله باحشائها، سعدت كثيراً حينما رأت دمع الفرحة تلألأ بعينيه وهو يتابع الجهاز، رأته شارد به وقد راق لها ذاك، قدم لها يديه لتستند عليها حتى نهضت عن الفراش، فرتبت ملابسها جيداً، ثم خرجت معه لمكتب الطبيبة البعيد عن غرفة الكشف الصغيرة بمسافةٍ ليست بكبيرةٍ، جلست على المقعد المقابل لمكتبها الأسود، تتلاقى التعليمات وارشادات الدواء باهتمامٍ، ثم غادرت معه بالسيارةٍ لتجده مازال شارداً، الصمت يسيطر عليه وكأنه لوح مختوم بالسحر الصامت، أرادت سارة أن تحظى ببعض اللحظات الرومانسية مع زوجها بمكانٍ هادئ، فجلت صوتها قائلة:.

أنت نسيت الأيس كريم ولا أيه؟.
انتبه لها، فبحث بعينيه من حوله ليستكشف معالم الطريق الذي قاد سيارته به بمهنية، يتجاوز السيارات من حوله فقط دون ان يعلم بأي منطقة يمرء، وجد غايته حينما تعلقت عينيه بأحد المطاعم، فأشار لها بابتسامةٍ هادئة:
أحلى ايس كريم بالدنيا، أنتي أطلبي بس أنتِ وهي..
ضيقت عينيها باستغرابٍ:
أنا ومين!.
اتسعت بسمته وإن كان بها لمحة من الحزنٍ لشعوره بالخوف حينما علم بحملها فندم الآن لذلك:.

أنا حاسس أنها بنت..
قال كلماته الاخيرة وعينيه مثبتة على بطنها، فابتسمت وهي تستمع اليه، تود سماعه طوال العمر، يتحدث عنها وعن ما تحمله باحشائها، قطع النظرات فيما بينهما حينما قال:
يلا أنزلي..
كادت بفتح باب السيارة، فرددت بتذكر:
ريان، النهاردة الافتتاح بتاع مطعم يوسف ، ما تيجي نروح نأكل هناك وبالمرة نباركلهم..
طرق رأسه بخفة بيديه وهو يشير لها بتذكر:
آه صحيح أنا ازاي نسيت..

ثم أشغل مقود السيارة ليخبرها ونظراتخ تتابع الطريق من خلفه ليديرها للجهة الصحيحة:
هنقف في اي مكان نشتري ورد ونروح على طول..
هزت رأسها بابتسامتها الرقيقة، فتابعته بنظراتٍ عاشقة فتصنع هو انشغاله بالطريق عن عمدٍ حتى تظل هي تتأمله بنظراتها التي تصل لنوابع قلبه..

ركضت سريعاً قبل ان يفتك بها، صوت ضحكاتها جعله غاضباً للغاية، ولج مراد لحمام غرفته وهو يرى ماذا صنعت بوجهه، جز على أسنانه بغضبٍ وهو يهمس من بين اصطكاك أسنانه:
وربنا ما هسيبك النهاردة..
حاول غسل وجهه مراراً ليمسح الشارب الذي صنعته له بالقلم الأسود فكانت صدمته بأنه ضد المياه، حك مراد شفتيه بالمنشفة الممتلئة بالمياه؛ ولكن دون أي جدوى، ألقاها باهمالٍ وهو يصيح بصوتٍ كالبركانٍ:
حنين!..

في ذاك الوقت على صوت هاتفه برسالةٍ على الواتساب، فتحها ليجد تسجيل صوتي من شقيقه، فتحه على مضضٍ ليستمع باهتمامٍ لما يقال:
«أختارتلك بدالة شيك للافتتاح، ساعة بالكتير وهتكون عندك، »..
تلون وجهه بشتات ألوان الغضب حينما تذكر موعد افتتاح مطعم يوسف، جذب الهاتف ليقربه منه قائلاً من بين اصطكاك أسنانه:
إفتتاح ايه أنا مش عارف هخرج برة ازاي بعد اللي حصل فيا ده!.

على الفور أتاه اتصال مرئي منه، ففتح الكاميرا ليسند الهاتف مقابله، ثم وقف أمام المرآة يحاول حذفه مجدداً، ضيق عينيه بدهشةٍ فقال باستغرابٍ:
مين اللي عمل فيك كده!.
توقف مراد عن مسح شفتيه ثم تطلع لشاشة هاتفه الصغيرة، ليحدجه بنظرةٍ مشتعلة كانت اجابة مختصرة لمكنون سؤاله، ابتسم رحيم ساخراً وهو يقترح عليه استعمال مادة ليزيح بها الحبر العالق، ثم ختم حديثه بكلماتٍ مرحة:.

لو هي حابة تشوفك بشنب ربيه أفضل من المشاكل والتحديات اللي هتطول بينكم..
واغلق المكالمة بابتسامةٍ تسلية، تاركاً الأخر ينفذ اقتراحه الذي نجح بازالة الحبر العميق، ليخرج من غرفته باحثاً عنها بنظراتٍ شرسة..
وجدها تختبئ أسفل تخت ابنته الصغير الذي يكشف ساقيها بالخارجٍ لصغر حجمه، ربع يديه أمام صدره وهو يحاول التماسك، فجز على أسنانه وهو يردد بغيظٍ:
أخرجي من عندك أحسن ما اقلبه فوق دماغك...
رددت بخوفٍ مصطنع:.

لا مش هطلع، اخرج أنت بدل ما أصحي مرين بصراخي، و لو زودت في تهديداتك هطلبلك بوليس النجدة يتصرفوا معاك..
أطبق بأسنانه على شفتيه وهو يصيح بانفعالٍ:
في حد عاقل يعمل اللي عملتيه!.
طلت برأسها من أسفل الفراش وهي تجيبه بضيقٍ:
ما أنا قولتلك قبل كده عايزة أشوف شكلك بالشنب وأنت مش راضي، فقولت اتصرف..
التفت جواره حتى وجد غايته، فجذب العصا الغليظة واقترب منها وهو يردد بسخطٍ:
بالحبر!، ده أنا مش هسيبك النهاردة..

ثم وقف امام الفراش ليشير له ساخراً:
فاكرة أن ده اللي هيحميكي مني!.
لم تفهم مغزى كلماته الا حينما رفعه بذراعيه كاللعبة ليضعه جانباً، ابتلعت ريقها بصعوبةٍ فرددت بارتباكٍ:
هو أنا قولتلك اني حامل ولا نسيت!.

حملها برفقٍ مخادع ثم أجلسها على قدميه ليمرر يديه على وجنتها بلمساته الساحرة التي اذابت حصونها، رفع قدميها بيديه الاخرى وابتسامته الماكرة تفضح نواياه، ومن ثم جذب العصا ليهمس لها بصوتٍ ظنته يخبرها به كم يعشقها:
الحوامل ليهم عقاب برضه يا حبيبتي..
رددت امام عينيه ببلاهةٍ:
ها...
هوى مراد بالعصا على قدميها وهو يخبرها بابتسامةٍ انتشاء:
كده...

تعالى صوت صرخاتها وهي تحاول تخليص قدميها المحكم عليها برسغيه، فرددت بألمٍ:
أنا مش هعمل كده تاني حرمت والله، أني آسف...
اخفى ابتساماته بملامحه الحازمة، فاستطردت بتبرريها الاحمق:
ده انا كنت بشوف شكلك بيه بس وأتاكدت انك معاك حق سيكا، سبني الله يكرمك مش هعيدها تاني..
اقترب بوجهه منها حتى صار مقابلها، فردد بخبثٍ:
لا عيديها أنا عايزك تخدي راحتك وتغلطي وأنا بقى هعرف أقتص منك كويس..

وحرك العصا الغليظة على قدميها مجدداً فتعالى صوت صراخها المزعج وهي تحاول النهوض على قدميها..

بالأسفل..
حركت القهوة الموضوعة على(السبرتاية) بهدوءٍ، فما أن انتهت منها حتى سكبتها بالفنجان الأصفر الصغير ثم قدمتها لمن يراقبها بابتسامةٍ تنم عن عشقٍ غريب الاطوار، التقطتها منها وهو يشم عبير رائحة القهوة الشهي بصنعٍ يدها، فارتشف منها وهو يخبرها باعجابٍ شديد:
القهوة من أيدك حكاية ملهاش أخر..

ابتسمت نجلاء وهي تستمع أعذب الكلام والأطراء على أقل شيئاً تقدمه له، فلو كان ما تفعله صعب تهونه كلماته المعسولة، فقالت بدلالٍ:
مش هتبطل تمدحني؟.
أجابها بابتسامة عرفت طريقها لشفتيه:
الانسان مش بيعرف قيمة الحاجة الا لما بيفقدها وأنا فقدتك سنين فأكيد مش هكون غبي اني اضيع كل لحظة أدلعك فيها..

اتسعت بسمتها لتزيد من اشراقة وجهها الذي صغر عشرون عاماً لسماعها ما قاله، ضيقت حاجبيها بدهشةٍ حينما تسرب اليها صوت صرخات متقطعة، نقلت نظراتها لزوجها الذي بدت معالم وجهه المزعوجة بسماعه لنفس الصوت، ترك طلعت الفنجان عن يديه فهب واقفاً وهو يتساءل بذهولٍ:
مين اللي بيصرخ كده!.
وقفت قبالته وهي تجيبه بابتسامةٍ ساخرة:
من بعد ما الأولاد رجعوا بيتهم أقدر أكدلك انها مستحيل تكون غير حنين، شجن متعملش كده أبداً.

هز رأسه باقتناعٍ والبسمة ترفرف على شفتيه، فقال حينما اشتد الصوت:
طيب تعالي نطلع نشوف في أيه؟.
اتابعته نجلاء للأعلى بخطواتٍ سريعة، طرق طلعت باب الجناح ومن ثم فتحه ليدلف للداخل، اتبع مصدر الصوت حتى هداه لغرفة الصغيرة، طرق مجدداً وهو يصيح بصوتٍ عالياً:
افتحي الباب يا بنتي، بتصرخي ليه؟.
أتاه الرد على الفورٍ، وكأنها استمعت لآمال نجاتها:
الحقيني يا طلعت باشا ابنك هيقتلني..
شهقت نجلاء بفزعٍ:.

يالهوي هيقتلها ازاي!.
صاحت بعصبيةٍ بالغة:
انتوا لسه هترغوا مع بعض اكسروا الباب بسرعة..
انفتح الباب تدريجياً حينما فتحه طلعت، فولجوا سوياً للداخل ليتفاجأ كلاً منهم حينما وجدوه يقيد قدميها بمعصمه وباليد الاخرى يكيل لها الضربات بعصا غليظة للغاية، دنا منه ابيه وهو يشير له بصدمةٍ:
أنت بتعمل ايه يا ابني!، نزلها.
أجابه دون أن يتطلع اليه، وكأنه مشغول بمهامٍ في شدة الخطورة:
غلطت وبربيها...

غمغمت نجلاء بضيقٍ من تصرفاته:
تربي ايه يا ابني، البت حامل!.
نجحت في انتشالها من بين يديه، فانتصب مراد بوقفته بثباتٍ عجيب وكأنه لم يفعل شيئاً من الاساس، حدجته بغيظٍ فقالت بشراسةٍ:
وأنت فاكر أني كده هعقل، والله لأنتقم منك يا مراد يا ابن طلعت زيدان..
ابتسم وهو يجيبها ببرودٍ وملامح صامدة:
وماله عقابي حاضر في أي وقت تحبي تتجني فيه..

جزت على أسنانها بغلٍ، فكادت بأن تجن وهي تحاول ايجاد كلمات مناسبة تبدد ثقته الزائدة بذاته، فافتربت من ابيه وهي تشكو له بضيقٍ:
ما تشوفلك حل مع ابنك يابو الطلاعت..
تعالت ضحكاته الرجولية، لتنفلت جملته من بينها:
شوفيلي حل معاكِ أنا كمان!.
وتركها وغادر الغرفة بقهقهة جعلت الدماء تتسلل لوجهها، فاستدارت تجاهه لتجده يبتسم بمكرٍ، لحقت نجلاء بزوجها وهي تهمس بضجرٍ:
مفيش فايدة..

فركت اصابعها بغلٍ، فوقفت مقابله وهي تشير له بتحدٍ:
متفكرش اني هنسالك اللي عملت، خليك فاكر ده كويس..

وكادت بالتوجه للخروج، فتصلبت محلها حينما لف يديه حول خصرها ليجعلها ترتد للخلف، ومن ثم لف كتفيها بيديه لتستدير اليه، واجهته والف آه من المواجهة التي تكون هي ضحيتها دون أبداء أي رأي، أو آمال متعلقة بالنجاة من هذة المعركة الغير متكافئة الأركان، يعرف كيف يتلاعب بنبضات قلبها وأحاسيسها كأنه يتحكم بدمية أحبالها بين يديه، عينيه الزرقاء تدفنها بين مياهها الهائجة، بلهاء هي لا تعرف السباحة أو طريق النجاة، فتجد ذاتها أسيرته، أسيرة لمساته وهمساته التي لا تنتهي عن أخبارها بعشقه المتيم، خضوع وأي قوة ستجعلها لا تخضع لجوكر علم كيف يتسلل لأعماقها؟!.

سئم الانتظار الذي طال لأكثر من اربعون دقيقة، يعلم بأن النساء تأخذ وقت مضاعف للرجال حينما يتجهزن لمناسبة، ولكن لم يصل لتلك الحد، اجتاز رحيم الردهة المطولة، التي تملأها الثياب الفاخرة بأنواعها، ليقف أمام الباب الصغير التابع لغرفة تبديل الثياب، طرق بيديه بضعة طرقات متتالية وحينما لم يستمع لردها، توقفت قدماه عن تقدم خطواته التالية وكأن القلم الذي يسطر أحداث رواية كاملة قد انتهى حبره، تعلقت نظراته بتلك الفاتنة التي تستخدم كافة اسلاحتها للفتك بما تبقى، فستانها الأخضر المنسدل بطرفه الطويل سحر عينيه، فرأها كالفراشةٍ التي تتبختر بين البساتين، شعر وكأن أنفاسه أحرقت شفتيه فبللها بلعابه وهو يقاوم شعوراً يهاجمه، فاجلى أحباله الصوتية حينما تساءل:.

أنتِ خلصتي ليه مخرجتيش!.

بدد الارتباك معالم وجهها الشبيه بحبات الكرز الأحمر، تحركت بخطواتٍ مرتبكة لتستدير بجسدها للخلف، تعلقت أنظاره بسحاب الفستان المفتوح، ليعلم الاجابة على سؤاله المطروح، حاولت مراراً غلقه دون اللجوء للمساعدة ولكنها لم تستطيع، فحتى خجلها مميت لدرجةٍ جعلتها تخجل من طلب مساعدة من عاملات المحل ففضلت زوجها أن يقوم بهذا العمل، كبح بسمته الصغيرة رغم شعوره بالارتياح لتطور العلاقة فيما بينهما بالحد الطبيعي بين أي زوجين، فاغلق الباب من خلفه ثم اقترب منها بخطواتٍ متهدجة، وقف خلفها بقامته الطويلة وجسده الذي يخفيها كلياً عن الباب من خلفه، مرر أصابعه على طول خصرها قبل أن يلتقط السحاب ليغلقه ببطءٍ جعلت جسدها يقشعر برجفةٍ لطيفة، استدارت شجن وعينيها ترفض التطلع اليه فأحنت رأسها للأسفل قليلاً وهي تتساءل بصوتٍ شبه مسموع:.

نمشي؟.
بأصابعه، رفع ذقنها لتقابل وجهها وهو يتفحص عينيها بنظرةٍ متلهفة، فقال بخبثٍ بدى بغمزة عينيه:
تفتكري يوسف ممكن يزعل لو مرحناش الحفلة؟.
هزت رأسها بالنفي في بدء الأمر وحينما تسلل لها مغزى حديثه الماكر، حملت طرف فستانها وهمت بالخروج وهي تردد على استحياءٍ:
لا أحنا مش هنتاخر علشان هو يزعل..

قرص أرنفة أنفه بابتسامة ساحرة، ليتطلع لذاته بالمرآة بنظرة اخيرة منحته ثقة لم يفقدها يوماً ثم لحق بها ليصعد للسيارة متوجهاً لمطعم يوسف..

حبسه معه بالغرفةٍ لأكثر من مرةٍ كان اول الطريق لصداقةٍ جمعتهما بالأجبارٍ، لتختم بصداقةٍ قوية دامت بالتواصل والمقابلات الدائمة فيما بينهما، وفي يوماً هام هكذا حرص آدم على الحضور ليكون جوار رفيقه يوسف، انتهى من ارتداء بذلته السوداء الانيقة، ثم التقط هاتفه ليعود بمهاتفتها من جديدٍ، سئم من انتظار ردها وحتى الآن لم تجيبه، من المفترض لعروس زفافها بالغد أن تثرثر كثيراً مع عريسها عن حفلة الزفاف والخطط الهامة بيومٍ هكذا؛ ولكنها لم تحادثه حتى وإن طلبها لم تجيبه، كان يود أن يخبرها بالانضمام إليه بالحفلة حتى يستغل الاجواء ليعرف ما بها، ولكن حتى هذا فشل به، وضع آدم الهاتف بجيب جاكيته ثم التقط مفاتيح سيارته ليفتح باب الغرفة وهو يثرثر بضيقٍ شديد:.

لا كده كتير..
اتجه لقصرها القابع بجواره، فقرع الاجراس حتى فتحت الخادمة التي استقبلته استقبالاً حار، فسأله مباشرة:
سما فين؟.
أجابته على الفور وهي تشير على الباب المقابل للدرج:
أنسة سما بأوضتها...

تركها وصعد للاعلى على الفور، لأول مرة يسمح لذاته بالتسلل للطابق العلوي لقصر سليم زيدان، ولكنها الآن زوجته ويحق له ذلك، تردد قليلاً بالطرق على باب غرفتها فكان يود الدخول على الفور ولكنه خشى بأن تكون منة بالداخل، طرق بضعة طرقات مقتضبة ليستمع لصوتها المتعصب وهي تردد بانفعالٍ ويدها تحرر مقبض الباب:
يووه أحنا مش هنخلص ولا أيه يا منة؟.

بترت كلماتها في صدمةٍ جلية، حينما رأته يقف أمامها، ارتدت للخلف كرد فعل طبيعي وهمساتها تعلو لتكون مسموعة:
آدم!.

يا ويلت هذا القلب الرقرق حينما يستمع لنداء صوتها العذب باسمه، يشعر وكأن لصداه سحر خاص بها هي، أغلق آدم الباب بقدميه واقترب رويداً رويداً حتى صار قبالتها، شعرها الطويل ينسدل على ذراعيها الظاهرة من قميصها القطني القصير، كان يتمنى رؤية شعرها ذات يوم وها قد تحققت أمنيته، بصعوبةٍ بالغة تحررت عقدة لسانه وهو يشير لها على هاتفها الملقي على فراشها:
مش بتردي على مكالماتي ليه؟.

تهربت بنظراتها عنه، ثم سألته بارتباكٍ:
انت دخلت هنا ازاي..
قال بهدوءٍ رغم حدة لهجته:
متجاوبنيش على سؤالي بسؤال تاني، مش بتردي على مكالماتي ليه؟
ردت عليه بتوترٍ:
مشفتش موبيلي..
يعلم بأنها تتهرب من شيئاً ما ويود ان يعلم ماذا بها، التقط انفاسه على مهلٍ، فوضع يديه على ذراعيها وهو يتحدث بتحكمٍ بانفعالاته:
سما، ممكن اعرف مالك، او بتتهربي من أيه بالظبط!.
قالت بتلعثمٍ:
هتهرب من أيه؟!.

أجابها ومازالت يديه مثبتة عليها:
أنا اللي بسالك، تجاهلك لمكالماتي واضح جداً وخصوصاً في وقت زي ده المفروض ان بكره فرحنا!
أخفضت يديه عن ذراعيها ثم ابتعدت عنه خطوتين لتجيبه بتوترٍ:
صدقني مش بتجاهلك انا بس مرتبكة شوية..
قطع المسافة بينهما ليسترسل حديثه قائلاً بجدية:
لو حاسة انك اتسرعتي أو مش جاهزة ممكن نأجل الفرح..

ما قاله غريب بالنسبة لها، فعلى الرغم من شعور الارتياح الذي حاوطها لمجرد تخيلها بتأجيل ما يقلقها الا ان شعور الاستياء تغلب على الاحاسيس التي تضاربها، شرودها المطول جعله يشعر بنغزة مؤلمة تعصف قلبه، ردد بصوتٍ على صداه عله يستمع لها:
سما!.
أفاقت على صوته، فقالت بهدوء مصطنع:
ايه اللي بتقوله ده، فرح ايه اللي يتأجل بعد ما وزعنا الدعوات وخلصنا كل حاجة..

تسلل الغضب لمعالمه، فوقف قبالتها وهو يردد باستياءٍ واضح:
هو ده اللي فارق معاكي، المعازيم والدعوات!، طيب وأنا!، سما انتي بتحبيني وعايزاني زي ما أنا عايزك!.
الارتبارك بهذا الوقت كان المنتصر عليها، حدجها بنظراتٍ مستنكرة لما قد يخوضه باختيارها للخيار الثاني، فاستطرد بصدمةٍ:
للدرجادي السؤال صعب!.

صمتها كان يسبر أغواره فيجرده من كل صبر تحلى به يوماً، وجد ان وجوده هنا لم يعد مرغوب به لسببٍ لا يعلمه، فتركها وكاد بالمغادرة، تصلب جسده بأكمله في صدمةٍ اجتازها شعور لا يوصف، حينما احتضنته من الخلف وهي تردد بتخبطٍ:
أنا بأحبك اكتر من نفسي، بس أنت لازم تفهمني وتقدر اني زي أي عروسة مرتبكة...

أغلق عينيه مطولاً وهو يجاهد حرب لمساتها له وحرب اعترفها بكلمات فاضحة بعشقه له، استدار اليها فمنحها نظرة اخترقتها، عينيها اللامعة بالدمع أذابت حصونها، اقترب ليطبع قبلة على جبينها وهو يردد بأنفاسٍ ملأت بالرغبةٍ:
وأنا بعشقك يا سما..

ابتسمت بفرحةٍ وهي تستمع همساته الجريئة اليها، سحابتها التي حملتها باعناقٍ السماء جعلتها تعي لوضعها الغريب، جحظت عينيها في صدمةٍ من قربه منها، وتصرفها بحريةٍ امامه رغم ما تريديه، هرولت للخزانة لتجذب مئزرها البني فكادت بأن ترتديه لتتفاجأ به يجذبه منها وهو يقول بابتسامةٍ واسعة:
أنا جوزك يا هبلة..
ثم تركها وغادر قائلاً دون النظر اليها:
هستانكي تحت البسي وحصليني..

وما أن غادر من امام عينيها حتى سقطت على الفراش بابتسامة واسعة، تعيد على مسمعها كلماته مراراً وتكراراً بانتشاءٍ..

البقاء لجوارها لبضعةٍ ساعات كان أقصى احلامه وخاصة بعدما فعله بها، استغل غيابها عن الوعي ليحتويها بأحضانه، بدأت فاطمة باستعادةٍ واعيها تدريجياً، فحينما رأته بحتضنها هكذا ابتعدت عنه على الفور وهي تتساءل بعصبيةٍ بالغة:
أنت لسه بتعمل ايه هنا، أخرج بره انا مش طايقة أشوفك..

رغم قساوة كلماتها الا أنه استمر في الاعتذار فما فعله ليس بالهين حتى ينال المسامحة بسهولةٍ، رفع يامن يديه يحتضن خديها، قائلاً بلهجةٍ ختمتها الدموع:
لو أقدر أبعد مكنتش هتردد، بس صدقيني العقاب ده صعب اوي، والأصعب وأنا شايفك مش طايقة تبصيلي..
رفعت عينيها المحتقنة مقابله بنظراتٍ ساخطة، ختمتها بقولها الساخر:.

أنت أخر واحد توقعت انه يشك فيا وفي أخلاقي، وياريت الحكاية جيت على الشك وبس أنت جرحتني مرة وكسرتني الف مرة..
ولف رأسها للاتجاه الأخر قائلة بتوسلٍ يغلبه بكاء ممزق:
أرجوك أخرج انا مش عايزة أفتكر اللي حصل تاني..
تأملها بنظرةٍ مطولة، وكأنه يتشبع منها قبل أن يغادر، فنهض عن الفراش وقبل أن يخطو خطوة واحدة قال:
هخرج يا فاطمة بس مستحيل هسمحلك تبعدي..

وتركها وغادر حزيناً، مهموماً، قلبه يصارع للبقاء حياً بعدما طافت به جروح خطيرة، وعقله عدوه الوحيد يسترجع المشاهد من أمامه وكأنه يتعمد أن يذكره بما فعله كل دقيقة حتى لا يغفل عن ذنبه الفاضح..

سادت الموسيقى الهادئة الأرجاء، حتى الأضواء الخافتة غمرة المطعم بأكمله لتمنحه مظهر أكثر رومانسية، وبمنتصف أرضيته البيضاء وضعت طاولة مستطيلة الشكل، كبيرة للغاية، تحوي اكثر من أربعة وعشرون مقعد بتجهيزاً خاص لإستقبال عائلة زيدان، وعلى رأسها جلس طلعت ومن جواره نجلاء، أما بمقابله جلسا مراد ولجواره رحيم على رأس الطاولة الضخمة، أما على يمين الجوكر فكانت تجلس مشاكسته، وعلى يسار الاسطورة تجلس شجن القلب، وبمنتصف الطاولة جلس على ثنائي مقابل بعضه البعض في تناسق وكأن كل منهما متعمد الجلوس امام معشوقه لتكون سهرة مميزة مع الطعام والموسيقى وتأمل من يسكن بنوابع القلب والفؤاد.

أمر يوسف بوضع طعامٍ من أشهى الوصفات التي سيقدمها المطعم، فتناولوا طعامهم جميعاً في جوٍ من الألفةٍ التي لم تعهدها تلك العائلة من قبل..
التقط فارس ملعقته وهو يعبث بطبقه بشرودٍ، فوزع مروان نظراته بين الجميع قبل ان ينحني ليسأله بصوتٍ أقرب للهمس:
مالك شايل طاجن ستك عظيمة ليه!.
حانت منه التفاتة جانبية له قبل ان يجيبه بغيظٍ:.

بقالي سنين وأنا بحاول بس أتقدم لسليم بشكل رسمي رغم ان حبنا مفضوح للعيلة كلها وأولهم أنت..
همس بسخطٍ:
أه ياخويا انت هتقولي، المهم ادخل في التقيل.
استطرد فارس كلماته بحنقٍ ونظراته مسلطة على أخيه الغارق بحديثه الجانبي مع زوجته:.

وعارف اني هيطلع عيني لحد ما أوصل لمرحلة الجواز، وفي الأخر يجي سيد اميركا المغرور ويلم الليلة في أقل من ٨شهور، خطوبة وجواز ومش بعيد يخلف وأنا لسه في مرحلة الترجي والتواسل أن أستاذ سليم زيدان يقرر معاد جوازنا أمته؟.

تعالت ضحكات ريان الرجولية حينما استمع دون قصد للحوار المتبادل بين فارس وأخيه، جذب الأنظار إليه وهو يحاول جاهداً التحكم بذاته، أشار له مراد عما يضحكه، فأنتبه الجميع للحوار المتبادل بينهما بالاشارات، الى أن وجه ريان حديثه لسليم الذي يقرب طبق المعكرونة بالجبن لزوجته التي ترفض تذوق الدجاج او اللحوم، فقال بسخريةٍ:
ما تجوز فارس لمنة يا سليم وتلم الدور اللي بقى حوار في الطالعة والنازلة ده..

توقف الطعام بحنجرتها، فأخذت تسعل بشكلٍ ملحوظ، ناولتها سارة كوب من المياه وهي تخبرها بمزح:
لسه بيتشاورا مخدوش قرار لسه اجمدي!.
تعالت ضحكات الفتيات، فغمزت لها سما بسخرية متناسية تماماً وجود الشباب:
شايفة الشجاعة والبوقين الحمضنين اتبلعوا مع الاكل، أمال نصايحك وكلامك اللي دوشاني بيهم ليل نهار دول رحوا فين؟، أشربي..
تداخلت سلمى بحديثهم المرح قائلة:.

والله أنكم مضخمين الموضوع يا بنات، الجواز مش صعب للدرجادي..
قالت حنين بسخريةٍ:
يا بت يا سلمى متضحكيش على البت ده انتي حامل وعلى وش ولادة هيقعدلك في عيالك اتقي الله..
ثم استرسلت حديثها ببؤس شديد متناسية هي الاخرى مشاركة الشباب في مجلسهم تلك المرة:
بصي هو الجواز ده يا بنتي كشف ستار عن الحقائق المخفية..
وتناولت قطع اللحم المعلقة بالشوكة، ثم تابعت وهي تمضغ الطعام بجوفها:.

يعني مثلاً شاب روش وعايش الدور على حبيبته وبيقولها انه رياضي وبيصحى من النجمة على التمرين بعد الجواز تبص تلاقيه نايم ليل نهار وكرشه أد كده، الخايب ميعرفش انه هيجمعهم بيت واحد وحقيقته هتبان..
تعالت ضحكات ريم فقالت بصعوبة بالحديث:
فكرتيني بواحدة صاحبتي، خطيبها فضل يحب فيها وكل يومين يجي الجامعة بورد أحمر، بعد الجواز بقت تيجي الجامعة كل عين لون، وأكتشفت أن الورد للخطوبة وشوك الورد بعد الجواز!.

شهقت يارا في صدمةٍ، فرددت باستنكارٍ:
طيب وأيه يجبركم انكم تتجوزوا يا بنات ما تفضلوا مخطوبين العمر كله هتلاقوا الدلع والحب..
اجابتها نغم بسخرية:
ياختي اتنيلي، هو انتي فاكرة ان الجواز ده بيجي بالساهل كده، ده عذاب ومرار طافح وخناق وصراعات علشان تاخدي الراجل اللي بتحبيه ومش الكل بينجح، البقاء للاقوى زي ما بيقولوا...
هزت نجلاء رأسها بتأييدٍ لما قالته، فأضافت:.

عندك حق يا نغم يا بنتي، في جوازات مش بتم بالساهل ولا سهل انك تحافظي على العلاقة اللي بينكم..
ابتسمت شجن وهي تشير لهن بمرحٍ:
أيه كل ده، كنتوا كتمينه أزاي!، ما انتوا ليل نهار قاعدين في وش بعض ما حبكش الفضفضة غير هنا!.

دقائق اتخذتها كلاً منهن لتستوعب رسالة شجن المبطنة فتطلعت كلاً منهن لجوارها ومن أمامها ليصعقوا جميعاً من الحوار الذي تمادى فيما بينهما لدرجة انستهم بمن يجلس لجوارهم او مقابلهم، التهبت نظرات مراد لمن تجلس جواره، فقال بكلماتٍ تخرج ببطءٍ:
راجل بكرش ها!.
هزت رأسها بالنفي وهي توضح له باشارةٍ يدها:
فشر، ده أنت البرنس وعمهم كلهم، أنا بتكلم عن نوعية مش موجودة فيك..

انتبهت لنظرات الشباب بأكملهم، فابتلعت باقي طعامها وهي تهمس بخوفٍ:
ولا فيكم..
استدارت الرؤؤس تجاه طلعت زيدان الذي أشار لها بحزنٍ مصطنع:
حتى انتي يا حجة!.
ابتلعت ريقها الجاف وهي تخبره بأسفٍ:
معلش يا حج اندمجت حبتين مع البنات ونسيت انك جانبي..
اضاف سليم ساخراً ونظراته تتنقل فيما بينهما:
ده اللي بيتقال قدامنا امال من ورانا بيتقال أيه؟.

فشلت شجن بكبت ضحكاتها، فتعالى صوتها، انتقلت انظار الجميع تجاهها ما بين فضول من الشباب لمعرفة ما يحدث من خلفهم وما بين نظرات تحذير من الفتيات بالا تبوح عن شيء، قال جان وعينيه ترمق سلمى بنظراتٍ قاتمة:
شكلك هتفيدنا كتير يا أشجان..
رددت سلمى بتحذيرٍ:
شجن...
اتابعتها سارة قائلة:
عمرها ما هتعملها أشجان جدعة وسرنا كلنا في بير..
أضافت حنين بنظراتٍ مغتاظة من ضحكاتها:.

اللي غيظني وقهرني أننا كلنا بنرغي في مصايب وهي الوحيدة اللي صامت ليل نهار مع أن حكايتها مع رحيم زيدان مصايب الوان..
خرج عن صمته أخيراً حينما قال بابتسامة شبه ظاهرة:
الحكاية اللي يعرفها اتنين متبقاش حكاية يا حنين..
ابتسمت على كلماته، فحسم الجوكر الحوار المرح فيما بينهما حينما قال بابتسامة هادئة:
عفا الله عما سلف..
ثم وجه حديثه لسليم بلهجةٍ آمرة:.

فارس ومروان فرحهم مع بعض الاسبوع الجاي يا سليم، جهز الترتيبات..
هز رأسه باحترامٍ له فمهما حدث هو الأكبر سناً منه والاولى بتقدير الاحترام، فور الانتهاء من المناقشة تطلع فارس لمروان وهو يردد بصدمة:
لأ...
تعالت ضحكاته وهو يعدل من جرفاته بغرور: .
قولتلك أنا وراك وراك يا ابو الفوارس..
زمجر بضيقٍ فقال بعدما دعس بحذائه قدم مروان متصنعاً الابتسامة:
حبيبي...

أتى يوسف ومن خلفه عدد من الشيفات حاملين بعض من الحلو والمشروبات، فأشار لهما قائلاً:
حطوه هنا...
وضع من امامهما، فقال آدم ونظراته مسلطة على نغم:
أنت اللي نفدت من الانفجار اللي حصل هنا ده..
ابتلعت ريقها بصعوبة، وخاصة حينما تساءل:
انفجار أيه؟!.
لكزته سما بخفة، فتناول بعض قطع التفاح وهو يجيبه بابتسامة واسعة:
لا متخدش في بالك..

اكتفى بابتسامة صغيرة لاشارة آدم الخبيثة بأنه سيخبره لاحقاً بالهاتف، فوقف امامهما يتساءل بمكرٍ:
أيه يا جماعة مش هتولعوها ولا أيه؟.
لم يفهم مغزى حديثه الا حينما اشار على منصة الرقص، فنهض الشباب باكملهم، ليجذب كلاً منه نصفه الأخر، ليتمايل على ألحان الأغاني الهادئة...

خلت الطاولة من شباب عائلة زيدان، فلم يبقى سوى بضعه مقاعد فارغة، اما على رأسها فكان الجوكر والاسطورة مازال كلاً منهما بمحله، ومن الجهة الاخرى طلعت زيدان، زفرت حنين بضيقٍ وهي تخبره:
مش هنرقص يا مراد؟.
أكمل تناول طعامه ببرودٍ وكأنه لم يستمع إليها، اشتعل وجهها بغضبٍ فجذبت الطبق من أمامه وهي تقول في سئمٍ:
بكلمك على فكرة!.

تابعت شجن ما يحدث بينهما باندهاشٍ من طريقة حنين المضحكة، والاكثر من ذلك تعامل مراد المتمارس مع حالتها الجنونية، تجاهل استلائها على طبقه وارتشف من مشروبه ببرودٍ، فنهضت عن مقعدها وهي تردد بغيظٍ:
ماشي خليك...
ثم تركته ووقفت قبالة رحيم لتقول بلهجةٍ قريبة للتوسل:
رحيم أرقص معايا أنت..

توقف رحيم عن تناول طعامه وهو يتأملها بنظراتٍ صارمة، يعلم كونها مرحة بطباعها، ولكن لأي حد سيقودها جنونها لتثير غضب وتحدي أخيه، اعتذر رحيم بتهذب: .
ماليش في الرقص يا حنين...

لوت فمها باستياءٍ، فغامت عينيها على طول الطاولة الضخمة، لتتحول لابتسامة واسعة حينما رأت المنشود، تركتهما وتوجهت لطلعت زيدان، الذي تعالت ضحكاته وهو يحاول اقناعها بأنه كهل عجوز لا يليق بمراقصتها وامام أصرارها خضع اليها وانضم لها للمنصة، هز رحيم رأسه بضيقٍ وهو يعلم جيداً عاقبة ما تفعله حنين بالنسبة لأخيه، فحانت منه نظرة لمن يجلس جواره يشتعل من فرط غضبه، التوت الملعقة الماسدة بين يديه من فرط ضغطه القاسي على جسدها، انتشالها رحيم ببراعةٍ من بين يديه وهو يشير له بالهدوءٍ، ترك الطاولة ثم صعد للمنصة وشجن تراقب ما يحدث بخوفٍ، فهمست لرحيم قائلة بقلقٍ:.

هو هيعمل فيها أيه!.
نقلت نظراته اليها وهو يجيبها بهدوءٍ:
مش هيعمل حاجة متخافيش..
بللت شفتيها الجافة وهي تبرر له:
هي مغلطتش، دي بترقص مع باباك وهو بمقام والدها..
أجابها بنظراتٍ ثابتة وكأنه يرفض التغاضي عن الخطأ:
وطلبها انها ترقص معايا ده كان صح!.
تعمقت بالتطلع اليه وهي تبرر له بعصبيةٍ:
ده لانها بتعتبرك أخوها والكل عارف ده كويس..
أجابها بنفس حدته:.

مكانة الأخ بيكون فيها حدود حمرا محدش يتخطاها يا شجن، وبعدين في رجالة بتغير على حريمهم من اقرب ناس ليهم حتى لو كان الناس دول من أهله أو من أهلها..
تفهمت ما يود قوله، فسلطت نظراتها على حنين تراقب ما يحدث بخوفٍ وقلق..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة