قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف2

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف2

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف2

راقبها وهي ترتب التوت بعنايةٍ فائقة حتى انتهت من كتابة الاسم الذي دونه، قرأ من خلفها بصوتٍ مسموع:
زين، ويا ترى من حقي أسالك مين زين ده؟.
رفعت عينيها مقابله وهي تتصنع استيائها الشديد منه، فحاولت النهوض جاهدة ان لا تحتاج لمعاونة يديه الممدودة اليها، وقفت شجن مقابله وهي تلتهم التوت الشهي بتلذذٍ أثار غضبه فقال بحدةٍ:
سألتك سؤال جاوبيني!.
قالت وهي تلوك أحداهن:
ده الاسم المناسب اللي اختارته لابني..

ضيق زيتونية عينيه بضيقٍ علل سببه صريحاً:
هو مش المفروض نختار الاسم ده مع بعض ولا خلاص بقيتي تاخدي قرارات لوحدك!.
توقفت عن مضغ ما بجوفها وهي تجيبه بعنفٍ:
هو حضرتك فاضي للاختيارات والكلام ده، أنت شخصية رحيم زيدان الشيطانية مسيطرة عليك ومش مخلياك عايز حاجة في الحياة غير القتل وبس...

لوهلة ظن بأن اللجام الموسوم على شخص من ذكرته بالإسم سيوشك على التحرر، وربما ان التهمها لن يكون بالقليل، الاتزان لم يكن بالشجاعةٍ الكافية ليتخلى عنه الآن، فقال بنبرةٍ غامضة:
وانا قولتلك قبل كده أنك لازم تتقبليني زي ما أنا..
ردت عليه سريعاً دون أي تفكير:
يبقى عمري ما هتقبلك كده..

وتركته محله ثم أكملت الطريق المرتبط بقطع التوت المنثور، قطعت مسافة ليست بقليلةٍ حتى وجدت ذاتها أمام بحيرة كبيرة للغاية، يشوبها الضوء الأصفر الذي يحيط بها، وعلى مسافة قريبة منها، وجدت حنين جالسة أرضاً، تزين الطريق بالتوت الاحمر الموضوع بسلةٍ صغيرة تحملها على كتفيها، احتدت نظرتها عليها فأسرعت بخطاها تجاهها ولكن سريعاً ما التوت ساقيها فانحنت لتتفقد مدى اصابتها ومن ثم نزعت عنها الحذاء ذو الكعب العالي، ونهضت لتستقيم بوقفتها بحرجٍ تخفى سريعاً حينما وجدت ذاتها بمفردها بهذا المكان الذي اصبح مخيفاً لمجرد بقائها بمفردها، أسرعت للبقعة التي رأت بها حنين منذ قليل فنادتها بصوتٍ مرتعش:.

حنين!.
تسلل لمسماعها أصوات مخيفة للدببة التي تعيش على جزر فنلندا، فنبش الخوف بقلبها كالقط الجائع، تراجعت للخلف بخوفٍ شديد وهي تكرر ندائها بصوتٍ منخفض:
حنين، أنتِ فين؟.

وحينما لم تجد أي رداً، طرح عقلها بفكرة منطقية لحداّ ما فبدأت بتتابع حبات التوت المصفوفة خلف بعضها بانتظامٍ، لم يكن امامها خياراً أفضل من ذلك فحتى أنها أرادت العودة بالطريق الذي سلكته علها تجد رحيم ولكن الطرقات من أمامها متشابهة فيصعب عليها تحديد أي طريق سلكته للوصول لهنا وخاصة بعدما أزالت بذاتها التوت المرشد لها برحلتها العجيبة، واحدة تلو الاخرى تتابعها حتى وصلت لمكانٍ غريب يطوف به (القش) الأصفر من جميع الاتجاهات، وقفت محلها تتأمله بارتباكٍ، تتمنى من صمام قلبها أن يظهر أمامها كالمعتاد اليه حينما تتعرض هي للسوء تراه كالحصن، بسمة ألم لاحت على شفتيها فحينما يلامسها الأمان فيكون يوجوده هو، ربما هي كلمة مبسطة لم تعهدها من قبل، حتى وإن كانت تعيش بمنزل جمعها منذ الصغر بأخيها الوحيد، لطالما كانت هناك حلقة مفقودة، فُقدت بغيابه عنها، منذ أن فرقهما القدر مرتين، مرة حينما إختار الدفاع عنها وعن شرفها ليزج به داخل السجن، معتقل مظلم إبتلعه هو؛ ولكنها هي من كانت تتألم أكثر منه، وعانت مرة أخرى حينما نُقل إليها خبر موته فكسر أخر أمالها باللقاء به، نعم كانت تتراقب خروجه حتى وإن كان لأعوام لا حصى لها ولكنها بالنهاية كانت تتنظر على أمل لقاء عينيه الزيتونية المميزة، تمنت وترقبت ونهاية كل ذلك حطام قلبها، الذي رغد بأنكسار جديد، عادت لتعاني من جديد من ظلمٍ موجوع حينما تسلل من يدعى رحيم زيدان عالمها، رأت قهراً لا يوصف ببضع سطور ولا بكلماتٍ العالم بأكمله، لتستيقظ على حقيقة مؤلمة بأنه هو نفسه ذات الشخص الذي قضت عمرها بأكمله بأنتظاره!، ربما كانت رحلتها طويلة ولكنها بنهاية الامر تقبلته ولكن بداخلها مازالت تراه فريد، لا تنكر بأن حالة من التوترٍ تسيطر عليها حينما تشعر بأنه من المحتمل ان يعود لما كان عليه من قبل لذا تريد سماعه كل دقيقة يعترف بأنه فريد، محبوب الطفولة وعاشقها الابدي ويعهد لها بأنه لن يعود لشخص رحيم أبداً...

شايف الحماس اللي كان عندك من شوية قل..
صوته الرخيم كسر حاجز صمتها الذي دفعها لتفكيرٍ مطول بين حوائط ذكريات الماضي الذي لم يتركها الا حينما يذكرها بالمحاسن والمأسي اللاتي اختبارتها، ارتسمت بسمة صغيرة على وجهها لوجوده لجوارها ولكن سريعاً ما أخفتها خلف وجهها الجامد فقالت بغرور وهي تتجه لداخل هذا الوكر العجيب:
مقلش ولا حاجة بالعكس أنا حاية استكشف المكان الجميل ده..

ولجت للداخل وهي تهدأ دقات قلبها الراقصة على لحن من معزوفة قصتهما الخالدة فاستدارت برأسها لتتفقده، شهقت بدهشةٍ حينما وجدته خلفها، تعمقت نظراتها بعينيه جعلت جسدها يقشعر برهبةٍ فقالت بقوةٍ مصطنعة:
جاي ورايا ليه؟.
رفع حاجبيه بسخريةٍ:
لو هتعرفي تكوني مرتاحة من غير وجودي انا ممكن ارجع عادي..

وتركها وتباطئ بخطواته المتجهة للخروج، تدفقت الذكريات تباعاً وكأنها عدوتها الوحيدة، أخبرته كثيراً بأنها تكره رحيله وان كان مجبراً على ذلك، ذكريات ما تعرضت له بالسوء في كل مرة ابتعدت هي عنها هاجمتها فأسرعت خلفه وهي تتمسك بجاكيته الأسود بقوة قائلة بخوف انتقل إليه بأصابعها المرتجفة المشددة على يديه:
متسبنيش لوحدي بالمكان دا...

بسمة غرور تلقتها اجابة منه، فتطلع ليدها التي مازالت تتشبث به ثم إستدار رحيم ببطء شديد تجاهها، فراها تتطلع إليه بنظراتٍ سبق أن رأها من قبل، لا يعلم أن كانت تستلذ العناد والتحد أمامه أم أن هناك شيئاً أخر مجهول لا يعلمه؟، لا ينكر بأن خطة حنين حققت غير المتوقع بالنسبة إليه ولكن تمسكها به كان حلمٍ لن يضعه على لائحة أحلامه الثمينة، مزق الرعد صفحات السماء بقسوةٍ لتصاحبه دمعات المطر القاسية لتتساقط بعضها على سفح هذا المخيم الضئيل، فسقطت بعضاً منها عليهم، لامست القطرات وجهه المنصدم لعلها ببرودتها تجعله يستعيد وعيه، تحرك تلقائياً للخارج ليرى إن كانت المياه ستتسبب بأنهيار هذا المكان المصنوع من حزمات (القش) الضعيفة، شعرت شجن بشيئاً خافت يتحرك لجوارها، فصرخت برعبٍ جلي وهي تركض إليه بخوف:.

رحيم...
إحتضنته بقوة وهي تشير تجاه تلك الحية التي تتحرك تجاه أقدامها، تركزت نظراته عليها وكأنه فاقد لحواسه الكامنة، لم يلاحظ شيئاً سوى قربها منه، إسمه الذي تردد بقوة من صوتها المعسول، إقتناعها بأنه أمانها، . أشارت له بصراخ على الحية المتحركة فنقل نظراته عنها بصعوبة ليتطلع للشيء الالكتروني المتحرك تجاهه بنظرة ساخرة، رفع يديه ليحتضن وجهها قائلاً بلهجته المتزنة:
إهدي...
وضعت يدها على يديه بصراخ:.

أهدى إزاي هنموت..
لاحت على وجهه بسمة شبه ساخرة ليخفي من خلفها خبثه التام فقال بحزن مصطنع:
الظاهر كدا...
ثم ألقى نظرة متفحصه على المكان ليسألها بمكر:
طيب مفيش عندك حاجة حابة تقوليها قبل ما نموت يعني حاجة نختم بيها الليلة المرعبة دي حتى نقابل الموت بفرحة بدل الحزن اللي مقابلنا في كل حتة دا، ده انا لحد الان مسمعتش منك كلمة تخليني اتفاءل..
وزعت نظراتها عليه وعلى الافعى المتحركة قائلة بأرتباك:
أنا بأ...

تركزت عينيها على الأفعى بتوترٍ فجذب وجهها تجاه قائلاً بأنفاسٍ متقطعة:
أنتِ أيه يا شجن؟.
أجابته بأرتباك:
بأحبك...
ابتسم وهو يخبرها بمكرٍ:
بتحبي أي حد فينا فريد ولا رحيم..
قالت بخوف وهي تتمسك به:
الاتنين، هو ده وقته بس..
دق قلبه بعنف وكأنه إستمع لما تمنى سماعه، تشكلت بسمة على وجهه وعينيه تتعمق بنظرات عينيها..
خلف كومة من القش الموضوع بأحدى الزوايا..

فشل مراد بالتحكم بها وخاصة حينما قضمت يديه المقيدة لفمها بأسنانها فتخلى عن تقيده لحركاتها لتخرج من خلف كومة القش تصرخ بجنون:
أخيييراً يا شيخة حرام عليكِ..
وتطلعت لرحيم قائلة بغرور:
مش قولتلك أنا اللي هجيب معاها من الأخر..
تطلعت لها شجن بصدمة وخاصة حينما لمحت جهاز التحكم باللعبة بين يدها، منح رحيم مراد نظرة غاضبة عن تخليه عن مهامه برجع حنين فرفع يديه بأستسلام:.

مش دي اللي ممكن أتحكم فيها وفي تصرفاتها، أني أسف..
نقلت شجن نظراتها على رحيم الذي رفع كتفيه بأشارة خبيثة تعني انقلاب لعبتها عليها، فكيف وان كان اعترافها وثاق لا ينفى، تعالت ضحكات الجميع فصرخت بهم بعصبيةٍ:
أنا مش عارفة أيه لزمة كل ده، وبعدين يا حنين انتي المفروض معايا وبتساعديني ولا معاه..
أجابتها بمرحٍ:
أنا الحق، والحق بيقول ان الراجل اتمرمط وانا بحب اساعد في قصص الحب الجميلة دي...

ربع مراد يديه أمام صدره وهو يجيبها بسخريةٍ:
وأيه تاني يا روح قلبي كملي كملي أنا سامعك..
طاف وجهها مئة لون فقالت بدلالٍ:
مبحبش اي حاجة في الكون غيرك، شوف لو هشحت كده برضه مش عايزة غيرك أنت..
جز على اسنانه بضيقٍ من طريقتها المضحكة التي لا ترغب بتركها، صرخت شجن بفزع حينما اهتزت أكوام القش من حولهما لتسقط جميعها فوق رؤؤسهم...

بقصر طلعت زيدان..
أوصل مروان الطبيبة للاسفل بعدما قدم لها مال وفيراً مقابل بشرتها العظيمة اليهما بقدوم حفيد جديد لعائلتهما الصغيرة، بينما بالأعلى كان يجلس ريان لجوار الفراش الذي يحمل زوجته الفاقدة عن الوعي وملامح الحزن تسيطر على وجهه بخطوط عريضة، تحرك رأسها يساراً ويميناً بوجعٍ ففتحت عينيها وهي تهمس بألمٍ:
آه...

فتحت سارة عينيها لتبدأ باستعادةٍ وعيها بالكامل، فأختطفت لقطاتٍ سريعة لمن حولها، وحينما وجدت ريان يجلس شارداً جوار فراشها همست بإرهاقٍ:
ر ي ا ن.
لم يستمع اليها فرفعت صوتها قليلاً حتى انتبه اليها فنهض ليجلس جوارها على الفراش وهو يحتضن يدها بين يديه بقلقٍ:
بقيتي أحسن؟
أجابته ويديه تفرك جبينها بوجعٍ:.

الحمد لله، انا معرفش أيه اللي حصلي فجأة لقيت الدنيا بتلف فيا ورجلي مش شيلاني، هي الدكتورة قالت عندي أيه؟.
طالعها بعينيه المهمومة، فاختصر جملته بمشاعرٍ غامضة:
أنتي حامل يا سارة.
الفرحة من المفترض أن تخيم عليها قبل أن تشمله ولكنها انطفئت حينما وجدته يتحدث هكذا، فتساءلت بقلقٍ:
ليه حاسة انك مش فرحان!.

نقل نظراته عنها للفراغ والكلمات لم تجد المخرج المناسب، جمود تعابيره اوحت لها بأفكارٍ مؤلمة فقالت بصدرٍ مقبوض:
ريان أنت مش بترد عليا ليه؟.
حمد الله في صمام ذاته حينما طُرق على باب الغرفة فابتعد عنها وهو يردد بثباتٍ:
ادخل..
ولجت ريم للداخل بصحبة الفتيات، فترك مساحة لهن بأن غادر الجناح بأكمله، جلست سلمى لجوارها وهي تهناها بابتسامةٍ عذباء:
الف مليون مبروك يا روح قلبي..

بالكد رسمت بسمة مخادعة وهي تجيبها، فقالت ريم بفرحةٍ:
ربنا يكملك على خير ويقومك بالف سلامة ونفرح بالبيبي الصغيور كده.
أجابتها سارة بهدوء:
ونفرح بيكِ أنتِ كمان يا ريمة...
رددت بتمني:
يارب..
لكمتها منة باستهزاءٍ:
مستعجلة على أيه، عيشي حياتك الاول برومانسيتها ومغامراتها وبعدين اتربطي بعيلين تلاتة ياختي بلى هم..
تعالت ضحكاتهن، فتدخلت سما بالحديث:
سيبك منها يا ريم هي مدورها مع سي فارس وجاية تدينا مواعظ..

أشارت لها بغضب:
أنا معرفش انا هفضل احترمك لحد امته بس يلا هانت وتتجوزي وارتاح منك للأبد..
لوت شفتيها بسخطٍ:
ده بعدك انا قاعدة على قلبك..
حاولت فاطمة فض النزاع المتبادل بينهما فقالت بمرح:
ما خلاص ياما منك ليها انتوا كل ما نتجمع كده تقفشوا في خناق بعض ده احنا بنشوف بعض من السنة للسنة..
أجابتها سلمى بتأييد:
اه والله يا فطوم قوليلهم..
فتح الباب فجأة وأشرأبت نغم بعنقها من خلفه قائلة بمشاكسةٍ:.

القعدة الحلوة دي ناقصها مين؟.
أجابتها ريم وهي تسرع لاحضانها:
أنتِ طبعاً..

صرخت وهي تحاول ألتقاط انفاسها أسفل كتل القش الضخمة، فرفعت رأسها مرة واحدة وحينما ادركت زمام الامور وجدت مراد من يمسك بها من تلباب فستانها المكور من اسفلها، سحبت الهواء لرئتها وهي تهمس بصعوبةٍ:
الحمد لله لسه عايشين..
أنفضت شجن ثيابها وهي تردد بغضبٍ:
معرفش أنا المفروض هعمل أيه معاكي يا حنين بعد كل المصايب السودة اللي بتعمليها دي..

ازدادت الامطار في مناخر فنلندا الغير مستقر، وكلاً منهما يحاول الاحتماء بأي شيئاً قريب، ابتلت ثيابها وهي لا تدرك بماذا تحتمي، جذبها لصدره وهو يرفع جاكيته كي لا تطولها الامطار، سكن جسدها وخفق قلبها بشراسةٍ، فحاصرها رحيم بكلماته:
زمان أستحملتلك علشان حالتك النفسية ودلوقتي مضطر استحملك علشان هرمونات الحمل المتقلبة، بس يا ترى بعد كده هيكون في سبب وحجة ليكي برضه..
ضحكت وهي تجيبه على استحياء:.

هو مش المفروض انك تفضل عمرك كله تحبني وتستحملني..
تطلع لعينيها وصمته يقتص بمشاعره الفياضة، المياه تتناثر على خصلات شعرخ بقوةٍ جعلتها تتناسب على عينيه ببطءٍ فمنحته جمالاً، تمنى لو قضي العمر بأكمله يتطلع لها، عاد من سماء حبها على صوت اصطدام ودفعة يد قوية، فانتبه لمراد الذي دفعه بعيداً عن فرع الشجرة الذي سقط من شدةٍ الهواء الذي رافق مياه المطر بترحابٍ، استدار مراد في مقابله ليلقي بكلماته المندفعة:.

لو خلصت رومانسيات وأمورك بقت تمام ياريت نتحرك بسرعة علشان الوضع ميطمنش..
استقام بوقفته وهو يتفحص حجم الضرر الذي سيقع عليهما ان لم يتمكنوا من العودة للخيم في الحال ولكن لسوء الحظ ان السيارات تعطلت عن العمل فجأة فلم يكن هناك حل أخر سوى ان يتحرك كلاً منهما،
فتقدموا جوار بعضهم البعض لأكثر من ساعة كاملة ولم يتمكنوا من العودة لمكان المخيم، فزفر مراد بغضب وهو يوجه حديثه لها:.

عجبك كدا أدينا تايهين على الجزيرة بسببك..
رمقته حنين بنظرة مطولة وبسمة حماس:
دا بدل ما تشكرني على الأجواء الرومانسية اللي أنا كنت السبب فيها دي..
حك رحيم طرف ذقنه الصفراء النابتة ليحجب بسمته عن تلك الحمقاء ليشير لها متصطنعاً الثبات:
حنين متتوقعيش رحلة رومانسية على جزيرة فيها أخطر حيوانات بالعالم...

ختم حديث رحيم صوت عواء مريب جعلها تتخبئ خلف مراد بخوفٍ بينما إبتلعت شجن ريقها برعباً حقيقي وهي تتوهم بأن موتها قادم لا محالة، إستدار مراد تجاهها قائلاً بسخرية:
راح فين التفائل والطاقة الأيجابية اللي عندك؟!.
أجابته بصوتٍ يكاد يكون مسموع:
كان هدفي والله أقرب المسافات بين أخوك والبت شجن..
رمقتها شجن بنظرة نارية ليبتسم رحيم مردداً بلهجة ساخرة:.

بشكرك لرقة قلبك الجميل بس للأسف مفيش حد فينا هيلحق يشوف دنيا عشان يفكر في صلح متبادل..
وضعت يدها حول خصرها بغضب:
تصدق أنا غلطانه أني عطلت فرامل العربية عشان نمشي في الجو الجميل ده وتقدر تتكلم معاها براحتك..
كبت رحيم ضحكاته بصعوبة ليشير لها بالأستدارة لتجد أمامها الجوكر بملامحٍ تجعله أشد خطورة ليضغط علي أسنانه بغضب مميت:
بقي أنتِ اللي عطلتي فرام العربية؟..
أشارت له برجفة وبسمة بلهاء تخالفها:.

كان هدفي الخير للكل وعهد الله إيش عرفني أن كل دا هيحصل!.
مرر يديه بين خصلات شعره بغيظ ليشير له رحيم ببسمة هادئة:
خلاص يا مراد اللي حصل حصل، لو فضلنا نتناقش بالموضوع أكتر من كدا هنبقي وجبة شهية للسكان الجمال اللي هنا..
تمسكت حنين به برجفة تسري بأنحاء جسدها:
أوعى اللي عملته يخليك تسيبني للضباع والديناصورات تأكلني عيب تنتقم بالطريقة البشعة دي يرضيك أبويا ميلقيش جسم يدفنه!..

إحتضن الجوكر وجهه ليردد بعدم تصديق:
الصبر وطاقة تحمل للبلاء اللي إبتليت به ياررب..

تابعت شجن حوارهم بصمت رغم خوفها الشديد من سماع هذة الأصوات، طوف رحيم المكان بعيناه بتفحص ليشير لمراد بأحد فروع الأشجار فعليهم تسلق فروعها حتي الصباح، حمل مراد حنين ليضعها علي أحد الفروع لتكمل صعوداً للأعلي ليصعد هو خلفها بأنتظار رحيم الذي تطلع لشجن مطولاً، فركت أصابعها بخوفاً أكثر من سماعها للأصوات تقترب، وقفت أمامه بملامح غاضبة تحاولت لصدمة حينما إنحني رحيم ليشير لها علي قدميه لتصعد فوقهما، ومن ثم جذبها مراد للأعلي لتكمل طريقها خلف حنين، صعد رحيم لينضم لهم فقال الجوكر بسخرية:.

مش هتفكك من حوار قيس اللي عايش فيه دا..
تطلع له بذهولٍ وهو يجاوبه:
قيس يعني الرومانسية مش عجبك بقي أسلوبه في أيه؟!.
أجابه مراد ببسمة ساخرة:
في فرق بين قيس وروميو يا خفيف قيس مات قبل ما يتجوز حبيبته لكن روميو من يومها وهو مقطع السمكة وديلها..
وتعالت ضحكاته بسخرية فدفعه رحيم ارضاً بغضب، وهو يحذره:
مش هيبقى أنت والهرمونات، خليك بعيد عني الفترة دي احسنلك وأحسنلي...

تسلق الغصن مرة اخرى ببراعةٍ وحرافية وهو يغمز له بخبثٍ:
فكك، خلينا نشوف هنقضي الليلة ازاي على الشجر وفي التلج ده!
رفع عينيه للأعلى وهو يجيبه بمكرٍ:
لا دي عليا!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة