قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف8

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف8

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف8

السعادة بالنسبةٍ اليه تختصرها نظرة من عينيها، لمسة من أصابعٍ يدها الرقيقة، كلمة تخبره بها عن حالها كونها على ما يرام، ولكن السعادة التي منحته الآن بخبرٍ كذلك جعله يشعر بدقاتٍ قلبه التي تنبض بسرعةٍ كبيرة فكادت بتمزق صدره لتعبر عن العالمٍ الذي خلق بداخله وليد هذة اللحظة، أطبقت أصابع سليم على الاختبار، دليله القوي بقدوم ما سيشهد على حبهما الخالد، طربت آذنيه بسماعٍ خطوات منتظمة تقترب منه، فأستدار ليجدها تقترب منه بفستانها المرصع بمزيجٍ من اللونٍ الأبيض والأزرق، وقفت ريم أمامه بابتسامةٍ صغيرة تصاحبها دمعة تتراقص بحداقتيها، سحب نظراته من أحضانٍ نظراتها ليتطلع لبطنها بنظرةٍ مطولة، ابتسم بعدم تصديق كونها تحمل ثمرة عشقهما، فرفع يديه مقرباً منها إختبار الحمل وهو يردد بعدم تصديق:.

ده حقيقة؟.
هزت رأسها بخفةٍ، فجلت أحبالها الصوتية لتخبره على استحياءٍ:
أنا حامل في شهري التاني وكنت مخبية عليك علشان أفاجئك باللحظة دي، وأشوف الفرحة في عيونك...
لامست أصابعه خديها، فقربها إليه يقتبس من عبيرها، ابتعد ليستند على جبهتها وهو يهمس بأنفاسٍ تكاد تحرقها:
هحبه أكتر من نفسي لأنه منك يا ريم.

ابتسامتها أشرقت على وجهها لتنيره كالشمس الساطعة التي تنير ليلٍ كحيل، فأن كانت العتمة استحوذت على عالمه فكانت هي شمسه الساحرة، تسللت أصوات الموسيقى الهادئة لتمزج عالمهما بأنشودتها الخاصة، رفع يديه ليقربها منها والأخرى خلف ظهره ليشير لها بحبٍ:
تسمحيلي؟.

قدمت اليه يدها دون شك، فخطفها كالفارس، يتحكم بحركاتها بخفةٍ وبراعةٍ، كانت رؤياها مشوشة من حولها الا من رؤية عينيه، انقطع العالم من حوله الا من نظراته الجريئة، لتسحبها على مهلٍ بعالم خاص بهما سوياً، فقضوا الليل بين الشموع وضوء القمر وخبر حملها بجنين سيقربهما حتى الموت..

وقف يتطالعه بنظراتٍ حائرة، فلطالما ظن بأنه يمقته كثيراً، حتى أنه كان متأكداً إنه إذا رأه على حافةٍ الموت سيتركه يموت بصدرٍ رحب؛ ولكن ماذا حدث لينقذه من الموتٍ بأخر ثانية!.
نهض علي لينفض ثيابه المتسخة بنظراتٍ متعصبة تستهدف مراد الذي تدخل بأخر ثانية لينقذه من براثينه، فوقف مقابله وهو يردد بعصبيةٍ بالغة:
مسبتنيش ليه أخلص عليه، أتعدى حدوده وأنا مش هرحمه..

كان يظن بأنه سيأيد ما قاله بحماسٍ لمعرفةٍ الكره الذي يكنه مراد إليه، ولكنه تفاجأ به يقف أمامه ويحدجه بنظراتٍ قاتلة، فتحرر صوته الثائر:
قبل ما تفكر مجرد تفكير إنك تأذيه فكر في اللي ممكن يحصلك مرتين، لأن الندم مش هيكفيك وقتها..
جحظت عين علي بذهولٍ، فهو يعلم جيداً بتوتر علاقة مروان و مراد، فردد باستنكارٍ:
أنت عايزني أصدق دور الحنية اللي بينكم ده، أنتوا عمركم ما هتتصافوا لبعض..

أجابه ببسمةٍ هادئة وكأنه لم يستمع للجزء الاخير:
يمكن بس الأكيد إني مش هسمحلك تتجاوز حدودك مع حد من عيلتي وأنا واقف..
ثم اقترب ليقف مقابله مردداً بهمسٍ ساخر:
زي ما بيقولوا، أنا وابن عمي على الغريب..
سحب علي نظراته المتعلقة بمروان بغيظٍ، ثم غادر وهو يتحكم بغضبه بصعوبةٍ بالغة، انشق الدمع وجهها وهي تتأمل إصابة مروان بجانب حاجبيه، كادت بالاقتراب منه؛ ولكن سرعان ما تبلدت خطاها حينما أصابها أمر الجوكر:.

السواق في انتظارك تحت يا يارا..
وقفت بمنتصف المسافة بين محبوبها وابن خالتها، نظراتها تتعمق بمن يقف أمامها يمنحها نظرة معاتبة، حزينة، تراجعت بقدميها للخلف ودمعاتها تواسيها بحنانٍ، فانصاعت اليه لتغادر من المكانٍ بأكمله، تاركة خفقات قلبها تلاحقها ببطءٍ.

طاف الصمت فيما بينهما، اشراقة شمس اليوم الجديد كانت كالبشارة اللطيفة، بانجراف علاقة مروان بالجوكر وكأنهم على موعد مع فرصة سترمم الماضي بأكمله، خرج مروان عن صمته أخيراً بكلماتٍ هاجمته منذ الوهلةٍ التي قرر بها انقاذه:
ليه مسبتهوش يقتلني ويحققلك مرادك..
بسمة صغيرة انجرفت على طرفي شفتيه، فأجابه بثقةٍ:
عارف أيه مشكلتك يا مروان؟.
حدجه بنظرةٍ ساكنة، فاستطرد الجوكر بهدوءٍ:.

إنك مش شايفني غير عدو ليك، محاولتش تدي لنفسك فرصة إنك تنسى اللي فات وتبدأ صفحة جديدة، فاضية من حسابات الماضي بأحداثه..
رد مستنكراً لحديثه الغير منصف من وجهة نظره:
وأبويا كان من حسابات الماضي برضه!.
أجابه بثباتٍ وكأن ما قاله لم يهز شعرة به:
عمران طول عمره ماشي في طريق وسخ والنهاية دي كانت المتوقعة، الحقيقة بتفرض نفسها غصب عنك وعن الكل..
صحح كلماته بمفهومه الخاص:
والنهاية دي مكنتش هتكون من غيرك صح!.

استدار برأسه للجهة الأخرى والابتسامة الساخرة مرسومة على وجهه، فيبدو بأن طريقه معه شاق للغاية، عاد لينتصب بوقفته وهو يجيبه بجديةٍ:
من غيري او بيا، فأنا عمري ما كنت هسمح لحد يهد العيلة اللي سعينا كلنا أنها تتوحد ولأول مرة..
ثم تنهد ليستكمل بوجعٍ:.

أنا عشت عمري كله من غير نقطة ضعف، ويمكن اللي غير تفكيري كده لما بقى ليا عيلة، صحيح صغيرة بس خلتني أقدر النعم اللي حواليا وأولها أنتم، وعمران كان أكبر خطر بيهدد الروابط دي، أنا أختارت أحارب بشرف، لوحدي ومن غير أي سلاح، اتحملت الأسوء من الموت لوحدي وأنا سابق رحيم ألف خطوة علشان لو جرالي حاجة يكون هو بدالي ميبقاش انا وهو مع بعض...
وتمهل قليلاً ليدرس تعابير وجه من يستمع إليه ثم استكمل بحرصٍ:.

أنا عارف أنه مهما كان فهو أبوك، بس صدقني لو أبويا نفسه كان بيحاول يعمل اللي عمران عمله كان هينال نفس الجزاء وبدون أي تردد، بص حواليك يا مروان وهتشوف بنفسك عوض ربنا في ريان اللي عاش عمره كله بيفكر فيك قبل نفسه هتعرف أن ربنا عادل..
لمع الدمع بعينيه، فخرجت كلماته متقطعة رغم حدتها:.

بررت قتلك لأبويا علشان الموضوع يعدي، بس مش هتقدر تبررلي خدعتك ومكرك علشان يارا ترسم عليا الحب، أيه كنت بتربيني أنا كمان بأني أكمل تعليمي..
ابتسم براحةٍ وهو يخبره:
ده اللي هي عارفاه..
انزوى حاجبيه بعدم فهم، فاسترسل ما قاله بابتسامته الصغيرة موضحاً:.

يارا طول عمرها وهي بتشوف أي حد بيقدملها حاجة على أنها جميلة ولازم تترد، واللي علي عمله معاها كانت شايفة الرد المناسب أنها تقبل تتجوز منه، حاولت أفهمها ان في فرق بين الواجبات والحب وأنها متتسرعش بس مكنتش بتسمعني، ويمكن اللي كان مهديني وقتها أن مكنش في حد في حياتها لحد ما أنت ظهرت..
ضيق عينيه بصدمةٍ، فأخبره مراد بالجزء الصادم:.

ابتديت الاحظ عليها علامات الحب اللي مكنتش بشوفها في علاقتها بعلي، اهتمامها بالكلام عنك، نظراتها، كل تصرفاتها كانت بتأكد ده، ولاني عارفها أكتر من نفسها كنت واثق انها هتقتل الحب اللي جواها علشان توفي بدين الصداقة، فحبيت أديلها الفرصة الكافية أنها تقرب منك وتعرفك وفي نفس الوقت هكون بدفعك انك تكمل تعليمك وتكون إنسان ناجح، ومع الوقت اتاكدت أن ظنوني كانت صح، ومبقتش تتكلم عن علي، نسيته تماماً..

كاد فمه أن يصل أرضاً من فرط الصدمة، وخاصة حينما أضاف مراد:
اللي عملته كان سببه حالة الارتباك والخوف اللي هي فيها باتخاذ القرار المناسب غير كده مكنتش هتكون في الحالةٍ دي.
هوت دمعة خائنة من عينيه القاسية، فأقترب ليقف جواره وهو يتساءل بصوته المتحشرج:
أنت عملت كل ده!، وأنا بدل ما أشكرك دمرت علاقتك بحنين...
ابتسم وهو يجيبه:.

مش منتظر مقابل أكتر من أنك تحافظ على علاقتك بريان وباللي حواليك أما حنين فمتشلش همها أنا عارف هعمل أيه...
وتركه وكاد بالرحيلٍ، فتوقف حينما استمع لصوته المتلهف:
مراد..
وقف محله دون أن يستدير، فأسرع تجاهه ليقف من أمامه وهو يردد بحسرةٍ وبكلماتٍ ثقيلة للغاية:
سامحني يا مراد، على كل ذنب اقترفته في حقك، الكره عماني عن اللي أنت بتعمله..

ربت على كتفيه بهدوءٍ، وكأنه تقبل اعتذاره، كاد مراد بإستكمالٍ طريقته، ولكنه تفاجأ به يحتضنه في ودٍ ولأول مرة، ربت بيديه على ظهره بقوةٍ وفرحة تغلغلت بداخله لتوضيح الامور فيما بينهما..

شعرت بأصابعٍ تعبث بخصلاتٍ شعرها، يد تضغط برفقٍ على يدها، ابتسمت بدلالٍ حينما تسللت رائحته الخاصة إليها، فتيقت بأنه لجوارها، فتحت شجن عينيها بتثاقلٍ، لتقابل وجهه المنحني مقابلها، حرك إبهامه على خديها برفقٍ وهو يعاتبها:
كده تخضيني عليكي بالشكل ده، أنا قلبي كان هيقف أكتر من مرة وأنتِ مغمي عليكي ومش بتتحركي، بس الحمد لله الدكتورة طمنتني عليكي..
ثم قدم لها الدواء قائلاً بحزمٍ:
يلا علشان تأخدي الدوا..

خرج صوتها المتحشرج وهي تجاهد لرسم ابتسامة مرحة:
دكتورة وأدوية أنت لحقت تعمل كل ده أمتى..
أجابها وعينيه تتعمق بالتطلع إليها، فطبع قبلة على جبينها يصاحبها قوله:
أنا متخيلش اللي ممكن اعمله لو شوفتك في الحالة دي تاني..
ابتسمت بعشقٍ يناديه بطربٍ، فتعلقت عينيها به بهيامٍ، عاد ليضع كبسولة من الدواء بيدها، فقالت بضجرٍ:
مش مستاهلة كل ده، انا بس تعبت شوية من السفر ومن زعلي على حنين اتلهيت عن ادويتي..

رد عليها بصرامةٍ:
شيلي اي حاجة من دماغك يا شجن أنتِ كده بتأذي نفسك واللي في بطنك..
انساب الدمع من عينيها وهي تخبره بوجعٍ:
حنين صعبانة عليا أوي، اتخدعت في مراد وكانت فاكراه أمانها، يطلع في النهاية هو اللي قتل أبوها!.
أجابها في ثباتٍ:
هي متعرفش حاجة، مراد قبل ما يكون جوزها فهو ظابط وله حقوق وعليه واجبات تتخطى أي حدود العلاقات الشخصية..
سألته في ذهولٍ:
يعني أنت مش شايفه غلط..

تأمل عينيها بصمتٍ مطول، لينهيه بأجابة ثقة:
لا مغلطش يا شجن، وبكره لما حنين تسمع بنفسها الحقيقة هتتقبل اللي مراد عمله..
ثم داثرها بالغطاءٍ جيداً وهو يشير لها بتحذيرٍ:
ممكن تنامي بقى وتبطلي كلام كتير..
ابتسمت في استسلامٍ تام بداخل أحضانه الدافئة، فسرعان ما سحبها النوم بردائه الثقيل، مسد بيديه ببطءٍ على خصرها حتى تأكد من إنتظام أنفاسها، فتسلل بحرصٍ للخارج، ثم توجه ليرى أخيه..

مدد جسده على المقعد، ثم فرد قدميه على الطاولةٍ من أمامه، يعاد من أمامه المشهد من جديدٍ بتذكر كلماتها المحطمة لقلبه، عبث يديه بمفتاح الأنارة المجاورة لمكتبه، فأطفأها ثم عاد ليشغلها من جديدٍ، التقطت اذنيه صوت لخطواتٍ تقترب منه، فقال وعينيه تتأمل الفراغ:
لسه صاحي!.
ظهر رحيه من أمامه، فتمدد على المقعدٍ المقابل له، قائلاً في مللٍ
يفترض إني شريكك في كل حاجة ولا نسيت!.

بسمة ساخرة رسمت على وجه مراد الذي باغت بقول:
والشريك ده مكتفاش بنصيبه من النكد هيتقاسم معايا مشاكلي كمان..
تمدد برأسه على المقعد، ثم أغلق عينيه وهو يجيبه بثباتٍ:
قولتلك طريقنا واحد سواء كنت حلف أو عدو..
علت صوت ضحكته الرجولية، فقال رحيم بجديةٍ:
حنين مش من السهل تتقبل اللي حصل..
هز رأسه مؤكداً له بنبرته المؤلمة:
ولا هتقبل تسامعني فلاسف مفيش قدامي طريقة تاتية غير اللي قولتهالك..

أومأ رحيم برأسه بتفهمٍ، ثم أغلق عينيه بإرهاقٍ تام، مرت اكثر من أربعون دقيقة ليلحق به الجوكر بسباتٍ عميق، فُتح الباب بحرصٍ شديد، فدلف طلعت للداخل بهدوءٍ حتى وقف أمام المكتب يوزع نظراته بينهما بسعادةٍ ود لو أن يتطلع لهما عهداً كامل عله عوضهما عن حنان الأب المفقود، التقط الغطاء الخفيف من يد الخادم ثم وضعته على ابنائه بحنانٍ..

تمدد مروان على الفراشٍ بعينين تتأمل سقف الغرفة بضجرٍ، فأستمع لطرقاتٍ خافتة على باب الغرفةٍ، نهض بتكاسل ثم فتح بابه، فصعق حينما وجدها تقف أمامه، تفرك يدها بارتباكٍ وباليد الاخرى تحمل صندوق الاسعافات الاولية، فقالت دون النظر اليه:
ممكن تسيبني أطهرلك الجرح.

جلس على المقعد باستسلامٍ ليتركها تفعل ما تشاء وعينيه تتابعها بصمتٍ، ارتجفت أصابعها بارتباكٍ من نظراته، وخاصة بملامسة جرحه، نهضت من جواره فور الانتهاء لتشير له بحزنٍ:
رصيدك بيخلص عند الكل يا مروان ، فوق لنفسك وكمل حياتك مع البنت اللي تستاهلك..
وغادرت من أمام عينيه تاركته يكاد يغلي من فرط العصبية التي استهدفته، فشعر برغبته بأن يلحق بها بأي مكان ستختاره حتى لا يسمح لذاك اللازج بأن يقترب منها..

عبث مراد بوجهه بانزعاجٍ حينما جرح وجهه بأظافرٍ رفيعةٍ للغاية، فتح عينيه بضيقٍ شديد وهو يحاول حماية وجهه من الضربات المجهولة التي يتعرض لها، ابتسامة عدم تصديق رسمت على وجهه وهو يرى أخر من توقع وجودها لجواره بهذا الوقت بالتحديد، فردد في ذهولٍ:
مرين، جيتي هنا ازاي؟!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة