قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف9

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف9

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف9

حركت الطفلة يدها بتلقائيةٍ، وعينيها مسلطة للأعلى، تلامست أظافرها الرقيقة مع وجهه، ففتح عينيه بانزعاجٍ تبدد تدريجياً حينما رأى أميرته الصغيرة تتمدد على صدره في أريحيةٍ تامة، مرر يديه على جسدها الصغير برفقٍ وهو يتساءل بفرحةٍ:
مرين، مين جابك هنا!.
إجاباته تشكلت على حقلة دائراتٍ صغيرة إفتعلتها دخان القهوة الساخنة التي يرتشفها من يجلس جواره، ليجيبه رحيم بهدوءٍ تام:.

الملاك الجميل ده لقيته مع المربية وأنا بلعب رياضة الصبح فجبتها معايا.
اعتدل بجلسته وهو يحملها بحنانٍ، فرد عليه وعينيه مشغولة بتأملها:
أحلى صباح في الدنيا كلها..
وضع رحيم كوب القهوة على الطاولة المستديرة القريبة منه، ثم اقترب بجسده تجاهه، فأمسك بيد الصغيرة بين لائحة يديه الصلبة، لترسم بسمة صغيرة على وجهه رغماً عنه، فحك طرف انفه ليتساءل بترددٍ:.

بقولك يا مراد، هو كل الأطفال اللي في السن ده صغيرين اوي كده!.
تأمله مراد قليلاً، قبل أن ترتفع صوت ضحكاته الرجولية، ليجيبه بصعوبةٍ بالتحكم بانفعالاته:
مش عارف بصراحة، يمكن لانها اول عينة فأن شاء الله المرات الجاية يكون عندي الخبرة الكافية اني أجاوبك.
حدجه بنظرةٍ صلبة، ليسأله بحدةٍ:
مرات!، هو أنت ناوي على ربع دستة ولا أيه؟.

حمل مراد، مرين بحنانٍ ثم وضعها على قدم أخيه، فبدى غير مرحب بالفكرةٍ، رفع رحيم يديه وهو يحاول جاهداً التعامل مع الصغيرة، فعلى ما يبدو لا يحسن حملها بعد، التقط مراد يديه اليمنى ليضعها على جسد ابنته وهو يخبره باستحسانٍ بعد ان ابتعد عن المقعد ليحملها رحيم بمفرده:
شوفت، الموضوع بسيط.

تأملته من تقف على عتبة باب الغرفة بقلبٍ يرفرفٍ بسعادةٍ لا مثيل لها، لا تنكر بأنه ولد بداخلها شعورٍ بالقلقٍ والخوف من تعامل رحيم مع صغيرها، نعم تحسن معها ومع الجميع ولكن طباعه مازالت حادة وإن يكن يبذل اوسع ما بجهده، ابتسمت بسعادةٍ كبيرة منذ سماعها حديثه مع أخيه إلى ان رأته يحملها بمفرده ونظرات الحنان تلمع بزيتونية عينيه، خشيت بان يلتقطها وهي تراقبه هكذا، فرفعت يدها تطرق باب الغرفة لينتبهوا إليها، استدار كلاً منهما تجاه الباب، فأشار لها مراد قائلاً:.

تعالي يا أشجان..
دلفت للداخل بخطواتٍ بطيئة، وعينيها متعلقة برحيم و مرين رغماً عنها، فقال ما ان رأها أمامه:
أيه اللي خلاكي تقومي من السرير، مش الدكتورة منبه عليكي أنك ترتاحي!.
أجابته على استحياءٍ من وجود مراد بالغرفةٍ:
متقلقش انا كويسة..
ثم توجهت لتقف مقابل أخيه، قائلة في ارتباكٍ:.

انا كنت جاية أتكلم معاك شوية يا مراد، في موضوع حنين، أنت عارف أنها زي أختي وأنا مش قادرة أشوفها كده صدقني اللي هي فيه ده صعب عليا قبل ما يكون صعب عليها، أنا اتعودت اشوفها بتضحك على طول أول مرة اشوفها في الحالة اللي هي فيها دي..

بالرغم من الآلآم التي غلفت قلبه لسماع كلماتها المعبرة عن استيائها لشيئاً يخص محبوبته، الا أنه قال بحكمةٍ لم تتخلى عنه أبداً:
مقدر اللي أنت فيه يا أشجان، بس صدقيني حنين متعرفش غير نص الحقيقة بس، متعرفش انا ورحيم واللي زينا واجهنا أيه من ورا ابوها، متعرفش هو قتل كم نفس ولا أتسبب في اغتصاب وبيع كام بنت وغربتهم عن أهاليهم، انا مش ندمان اني أقتلته لو رجع بيا الزمن لورا هقتله تاني..

كلماته المختصرة عن ما تسبب به الوزير من جرائم فاضحة جعلت الصدمة تتعمق بأحتضانها، فتحولت نظراتها لزوجها فتذكرت كلماته التي اخبرها بها أمس، لوهلةٍ شعرت بالأرتياحٍ بان ثقتها به لم تهتز أبداً؛ ولكنها لم تأتي إلى هنا لقضيتها، استجمعت شجاعتها البالية وهي توجه حديثها للجوكر الذي يتابع تأمل تعابيرها الشاردة بأخيه باهتمامٍ:.

اي واحدة فينا بتتمنى وقت زعلها من شخص غالي على قلبها أنه ميبعدش حتى لو هي طلبت ده، بتبقى عايزاه يبرر هو عمل ليه كده حتى لو هينكر ده، فياريت يا مراد متسبهاش لوحدها، خليك جانبها..

منحها بسمة صافية، لطالما كان يتعجب من الكمية الغريبة التي جمعت زوجته المشاكسة بزوجةٍ أخيه العاقلة، فهي الأن يعلم بأن كلاً منهن تكمل الأخرى، لم يستاء بتداخلها بما لا يعانيها بل سعد كثيراً بالنصيحة التي قدمتها إليه، حتى رحيم كان يظن دائماً بأن الخوف يتملكها أينما ذهبت، فكان يراها على الدوام بمفردها، لا تحبذ الاختلاط بالفتيات أو بأحداً من القصر، يرأها دائماً بصحبةٍ والدته أو بصحبةٍ حنين، فحتى أعظم المشاكل لم تتداخل بها فكانت بعيدة كل البعد، أما الآن فيراها بشكلٍ أخر، وكأنها تزيح كل الخطوط تدريجياً.

خرج مراد عن صمته حينما قال بابتسامةٍ تقدير لها:
أوعدك ان سوء التفاهم هيتحل وقريب أوي.
منحته ابتسامة صغيرة، ثم اتجهت لرحيم الذي يتابعها بثباتٍ، انحنت قليلاً لتمرر أصابع يدها على وجه مرين بابتسامةٍ مشرقة سلبت لب العقل قبل ان يخفق قلبه لها بجنونٍ، حملتها من يديه وهي تشير له بهدوءٍ:
شكلها جعانة، هجهزلها البيبرونة.
وتركتهما وغادرت الغرفة وهي تداعب الصغيرة بسعادةٍ واشتياق لحمل صغيرها..

استدار برأسه ليتابع طيفها المغادر للغرفة، فاستفاق على صوت مراد الساخر:
أسطورة، روحت فين!.
منحه نظرة غاضبة، فجلس لجواره وهو يخبره بلهجةٍ جادة:
تفتكر لو ابنك طلع بطباعك دي حد هيحبه!.
اجابه بنفس بصرامةٍ لا تتناسب مع لهجة الأخر:
لأ.
اكتفى الجوكر برسم بسمة صغيرة، ليقول وهو يرتشف من كوب قهوة رحيم:
بقول كده برضه..

احياناً المزح يكون وسيلة للترفيه بين الأصدقاء ولكن المزح فيما بينهما جادي للغاية حتى انه يفشل بمنحهما صوت الضحكات المنتظر!.
.
بغرفة حنين..
ولجت نجلاء للداخل بصينية المشروبات الباردة، لتقدمها للفتيات بعدما اجتمعن بغرفة حنين ليحاولن اقناعها في المشاركة بطقوس زفاف فاطمة ، ناولت نجلاء الكوب لفاطمة فرفضت أن تلتقطه منها، فقالت بضجرٍ:
أشربي يا بنتي كده ده النهاردة فرحك عايزينك تفرحي كده..

فهمت مغزى حديثها الماكر، فأجابتها بحزنٍ مصطنع:
وأفرح ازاي وحنين مش راضية تخرج من أوضتها ولا راضية أنها حتى تحطلي الميكب!.
قالت سارة بمرحٍ بعدما نهضت عن مقعدها لتجلس جوار حنين:
مين ده اللي مش راضية، دي حنين ما بتصدق حد يتجوز علشان تمكيجه مش كده ولا أيه!.
رسمت بسمة صغيرة على وجهها، فقالت ريم هي الأخرى:
لا أحنا كلنا عايزين نتمكيج يا حنون، عايزين فرشة شمال وفرشة لمين، ظبطينا كده..

تعالت الضحكات بينهما، فقالت سما باستهزاءٍ:
أنتي بالذات متتكلميش خالص، بقى بعد ما ساعدنكي امبارح منشفش حتى حتة جاتو طول عمرك معفنة..
تداخلت نغم بالحديث الساخر:
قال يعني عبرت أختها اللي سهرت طول الليل تشرف على عمايل التورتة والحلويات!.
نهضت ريم عن الأريكةٍ لتتوسط بيدها خصرها:
جرى أيه يا ولية منك ليها انتوا سيبتوا مهمتكم وفوقتولي، إن كان على التورتة والساقع فهناكل في حفلة البت فاطمة كمان ساعتين..

رددت فاطمة بضيقٍ ساخر:
واطية من يومك..
صاحت منة بعصبيةٍ:
يا بنات في الاهم من الاكل والشرب أحنا لسه مجهزناش اللبس وبنضيع وقتنا في الفاضي..
أجابتها سلمى بتأكيدٍ:
اه والله معاكِ حق، الرجالة بتلبس في دقايق وأحنا هناخدلنا ساعتين تلاتة علشان نعجب، مش كده ولا ايه يا نوجة..
اجابتها نجلاء بابتسامةٍ بشوشةٍ:
انتوا قمرات من غير حاجة يا بنتي..
تساءلت سارة باستغرابٍ وهي تتفحص الغرفة:.

محدش شاف صباح يا بنات، مش باينة من الصبح!.
استطردت نغم بذهولٍ:
ولا حتى اشجان مش باينة!.
فُتح الباب، لتطل من خلفه وهي تجيبها ببسمةٍ واسعة:
أنا أهو..
ولجت أشجان للداخل، لتضع مرين بين يد نجلاء، ثم اقتربت من حنين التي تمسكت بيدها وهي تسألها بلهفةٍ:
الدكتورة كانت عندك امبارح ليه!.
لمعت الدموع بعينيها، فعلى الرغم مما تمر به الا أنها لم تنساها، ربتت على ذراعيها الممدود على يدها وهي تخبرها في ود:.

مفيش يا حبيبتي تعبت بس امبارح بليل شوية.
تساءلت نغم في اهتمامٍ:
ليه يا قلبي، مالك بس!.
اخبرتها بابتسامةٍ صافية:
مفيش والله، انا احسن كتير الحمد لله..
ثم تطلعت لحنين قائلة بحزنٍ:
ايه يا حنون مش هتمكيجيني مع البنات ولا ايه؟.

تعالت ضحكات حنين، لتحتضنها بقوةٍ ودموعها تنسدل باصطحاب ضحكاتها، فعلى الرغم من استياء شجن من مستحضرات التجميل وخاصة حينما تصر حنين في كل مناسبة أن تزينها الا انها تطالبها بذلك الآن لتخرجها مما هي به، التفت الفتيات من حولهن ليحتضن بعضهن بمرحٍ، فابتعدت حنين عنهما لتسرع لخزانتها فأخرجت عُلبة ضخمة من المكيب ثم وضعتها على السراحةٍ لتشير لهن بحماسٍ:
ها مين حابة تحط البوهية الأول..

انفجرت الضحكات فيما بينهما حتى نجلاء تمددت على الفراشٍ من فرط ضحكاتها، لتهمس بعدم تصديق:
الله يجازيكي يا حنين..
قطعت حنين ضحكاتهم حينما قالت في توترٍ:
بنات، بصراحة في حاجة كده عايزة أقولهالكم بس تمسكوا نفسكم..
رددت شجن في خوفٍ:
حاجة ايه دي!.
عبثت بأصابعٍ يدها وهي تردد بارتباكٍ:
لما مراد رجع من السفر، آآ، يعني أنا، آآ، مكنتش عاملة حسابي وكده..
ضيقت ريم عينيها بعدم فهم:
حد فهم حاجة!

أشارت لها سلمى نافية، فاستجمعت حنين شجاعتها لتنطق بسرعةٍ الصاروخ:
انا حامل..
صعقت الفتيات، فرددت منة في دهشةٍ:
حامل ازاي يا بنتي، ده بنتك لسه مكملتش ٤شهور!.
أجابتها بخجلٍ شديد:
ما أنا قولتلك مكنتش عاملة حسابي وكده..
قالت سما بقلقٍ:
بس أنتي لسه والدة قيصري يا حنين والفترة بين الجراحة والجراحة مش كبيرة فكده مش مؤلمة ليكي او خطر!.
تملكها الرعب فتساءلت بخوفٍ:
خطر ازاي يعني هموت ولا أيه يا بت؟.

تعالت الضحكات فتداخلت نجلاء قائلة:
ولا موت ولا حاجة يا بنتي، على أيامنا الواحدة مننا كانت بتبقى حامل على السبوع..
تساقطت الفتيات أرضاً من فرط ضحكاتهن، حتى شجن لم تتمالك ذاتها فجلست على الأريكةٍ حينما لم تعد قدميها تحملها، غلف قصر طلعت زيدان المهجور وابل من الضحك والسعادة التي حرم منها لسنواتٍ، سعادة لم تنشأ لعداءٍ أو لصراعٍ، بل ولدت بينهما بالحب والترابط الذي جدد روابط القلوب..

عادت لطلب رقمه للمرةٍ التي تعدت الثلاثون مرة دون ملل، قلبها يكاد ينشطر من فرط القلق، حتى أنها لم تنتبه لطفلها الرضيع الذي يبكي على ذراعيها، لم تجد صباح حل أخر إختياري أمامها، لذا ارتدت جلبابها الأسود ثم عقدت نقابها لتخفي وجهها جيداً، لتسرع لغرفة ريان حتى تخبره بغياب شقيقه، طرقت على بابٍ الغرفة اكثر من مرةٍ، ففتح من بالداخل عينيه بانزعاجٍ شديد، فهمس بنومٍ:
سارة، شوفي مين.

وحينما لم يستمع لصوتها، تحسس بيديه الجانب الأخر للفراش فلم يجدها لجواره، جذب ريان قميصه الموضوع على الكومود المجاور للفراش، فارتداه وهو يفرد خصلات شعره بأصابعٍ يديه، فقال بانزعاجٍ:
حاضر.
فتح الباب وهو يحاول فتح عينيه، فردد باستغرابٍ:
صباح!.
غامت عينيه على الصغير الباكي بين يدها، فحمله ليتساءل بقلقٍ وهو يتفحصه:
تعبان ولا أيه؟.
أجابته سريعاً:
لا جان كويس..
ثم قالت بصوتٍ باكي:.

إياد مرجعش من إمبارح وبكلمه موبيله مقفول من إمبارح، أنا قلقانة أوي عليه..
طمنها رفقاً بحالها:
إهدي بس الأول، اكيد بايت في الشغل أو مع حد من اصحابه...
هزت برأسها لتنفي هذا الاقتراح:
لأ، عمره ما عملها.
قدم إليها الصغير، قائلاً وهو يجاهد بأخفاء القلق بثباتٍ لهجته:
متقلقيش، انا هشوف جان عنده شغل معاه ولا لأ ولو مش معاه هتصرف متقلقيش..
همست برجاءٍ:
لو لقيته ابقى اتصل بيا يا ريان بالله عليك..

أجابها بعدما التقط جاكيته ليرتديه على عجلةٍ من أمره:
حاضر، بس اهدي انتي بس وأهتمي ب جان..
وتركها وأسرع بالرحيلٍ، فدعت الله ان لا يصيب زوجها بالسوء، وكأنها تعلم بأن هناك خطب ما يستدعي القلق!

.
جلس بالحديقةٍ يرتشف عصير البرتقال الطازج، وبيده الأخرى يتفحص جريدته، ربما الارتياح النفسي الذي يشعر به جعل آلآم بدنه تتبدد كلياً، شعر طلعت بأنفاسٍ احداً لجواره، فأخفض جريدته ليتفاجأ حينما وجد رحيم يجلس على المقعد المجاور إليه، يتأمل أحد المجلات الموضوعة من أمامه بصمتٍ قاتل، ارتسمت بسمة اللهفة على وجه طلعت زيدان، فناده بحبٍ:
فريد!.

بسمةٍ ساخرة تسللت على طرفي شفتيه، فقال ومازال يتأمل الجريدة من أمامه:
الاسم ده بقى بالنسبالي غريب..
رد عليه طلعت بحيرة، عله يجهل ما يضايق ابنه:
يعني بيضايقك ولا بيفرحك..
وضع المجلة عن يديه، ليجيبه باتزانٍ:
مش هتفرق بالنسبالي اد ما هيكون راحة للي حواليا بأن رحيم لسه عايش..
سكن الحزن ملامحه لتذكره ابنه الراحل، فقطع صمته المطول حينما قال:
من النهاردة هناديك فريد..

التقط أنفاسه على مهلٍ ليضمن استحواذه على اعصاب من يتابعه، فتحرك فكيه ناطقاً:
قولتلك مش هتفرق معايا، لانه بالاخر أخويا ولا أيه!
أنارت السعادة وجه طلعت البائس، فأجابه بصوتٍ حنون:
صح يا ابني.
هز رحيم رأسه بثباتٍ، ثم انتصب بوقفته ليغلق زر بذلته السوداء ليخبره بغموض لهجته:
الدنيا كانت برد امبارح، شكراً على اللحاف..
وتركه وغادر فازدادت ابتسامة طلعت بسرورٍ، وعينيه تتابع ابنه الذي يغادر لسيارته.

جلست من أمامه وهو تحاول التهرب من نظراته المتفحصة لحالها، وجدته يتطلع لها بصمتٍ قطعته هي بتذمرٍ:
ممكن تبطل تبصلي كده!
ردد ببرودٍ:
حاضر..
ثم تناول الشطائر من أمامه بهدوءٍ أثار استفزازها، فصاحت بضيقٍ:
مراد!..
أكمل تناول طعام افطاره ببرودٍ، متعمداً تجاهلها، فزفرت يارا بانزعاجٍ، وكأنها تحاول التحكم بقنبلة ستنفجر بأي وقت، فقالت بعصبيةٍ: .
هو احنا جايين نفطر بره القصر علشان تسكت!.

بسمة ماكرة اجتازت شفتيه، فقد وصل لمبتغاه وقد اوشكت على المشارف، استكمل تناول طعامه وهو على ثقةٍ تامة بأنها ستنفجر بما يعتليه قلبها، فما لبثت سوى دقيقة حتى قالت بانفعالٍ:
أنت السبب في كل اللي انا فيه ده، أنت اللي خلاتني ألعب على مروان علشان أساعده، وغصب عني نسيت علي اللي المفروض خطيبي!.
ردد وهو يلوك طعامه باسترخاءٍ:
طيب وأيه المشكلة ما تتجوزي علي وتسافري معاه، مهمتك خلصت خلاص!.

حدجته بنظرةٍ قاتلة، فصرخت بعصبيةٍ:
أنت بتتكلم ببرود كده ازاي، أنا حبيت مروان وآآ..
تخلت عن باقي كلماتها حينما نطقت عما تخفيه بداخل قلبها، ترك مراد الشوكة والسكين عن يديه ليشير لها بجدية تامة:
بالظبط، ده اللي بحاول أوصلهولك..
انسدلت دمعة خائنة من عينيها، فقالت دون النظر إليه:.

مينفعش يا مراد، علي له أفضال عليا كتير وأنا مينفعش أنكرها أبداً، كان على طول جانبي في الوقت اللي بحتاجه وأنا لازم أردله جزء من أفضاله عليا بأني أوافق على اول طلب يطلبه مني..
حدجها بنظرةٍ شاملة قبل أن يكون بثباتٍ:.

الصداقة عمرها ما كانت دين يا يارا، الصديق اللي يقدم خدمة أو اي شيء يقدر عليه وينتظر رد على اللي عمله ده ميبقاش صديق، الصداقة ليها واجبات وأهمها انك تكون جنب صديقك في أي وقت يحتاجك فيه، للاسف أنتِ فاهمة الصداقة غلط..
تدفق الدمع بعينيها وهي تستمع إليه، فاسترسل مراد حديثه بهدوءٍ:.

من البدايه وأنا شايف نظرات الإعجاب لمروان في عيونك علشان كده اديتك الفرصة دي، حاولي تستغليها صح يا يارا ، بلاش تحطي عقلك وقلبك في مقارنة لانك انتي اللي هتدفعي التمن..
وأخرج المال من جيبه ليضعه على الطاولةٍ، ثم أشار لها بحزمٍ:
فكري كويس اوي ومترجعيش القصر غير وأنتي أخدة القرار اللي شايفاه مناسب، بس خليكي متأكدة أن أي قرار هتأخديه مش هيأثر على حد غيرك..

وغادر مراد ليترك لها سيارة خاصة بالسائق الخاص به، ثم عاد للقصر لينفذ مهامه الأخير ليرمم جراح محبوبته..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة