قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل السابع

وتحت المياة الدافئة استكان جسدي اخيرا وكف عن الإرتجاف. ربما لم استطع رؤية شيء وانا في المقابر لكن من دبر هذا لم يتوقع اني سألتقط رقم السيارة. لكني قد فعلت فأنا لا اركب سيارة ابدا دون ان انظر الى رقمها. انه هوس لا يعرفه احد سوى كاثرين. حالتي الأن لا تسمح بالتفكير وكذلك لا وقت فبيتر ينتظرني.

خرجت من الحمام وقد هدأت تماما. لم احاول التفكير في اي شيء للأن فلو بدأت في ماذا؟ ولماذا؟ فإن بيتر لن يأكل اليوم بالتأكيد. لذا حاولت تناسي ما حدث وتنهدت وانا اغادر الغرفة قبل ان اصرخ وانا اهبط السلالم:
- بيتر! لقد انتهيت. بيتر؟
اتاني صوته من غرفة المعيشة وهو يقول:
- لا داعي للصراخ
قلت وانا اتقدم نحوه:
- ارى انك قد اعدت كل شيء
اومأ وقال وهو يجلس:
- والأن اجلسي فأنا اتضور جوعا.

ابتسمت وجلست في مواجهته وانا اقول:
- ما كان عليك الإنتظار حقا.
ثم نظرت الى المقعد الخالي بجانبه وقلت وانا أأكل بالفعل مشيرة بشوكتي الى المقعد:
- الن يأكل؟ هل هو هنا اصلا؟
- اجل لكنه اخبرني انه مشغول الأن
رفعت احد حاجباي:
- بماذا؟ بالكاد هناك اي مشاكل في عمله. فما الذي يشغله بالضبط؟

لاحظت على الفور كيف تلفت بيتر حوله في توتر باحثا عن اي عذر ليقوله وكعادته لم يفلح في إخفاء هذا على الإطلاق فصمت مما جعلني اقول:
- انت اقربنا اليه ولا تدري؟
هز رأسه نافيا:
- للأسف.
تنهدت وتابعت أكل طعامي في صمت حين سمعنا صوت باب المنزل يفتح ويغلق ثم بصوت حركة قبل ان يمر علينا دريك فتوقف لحظة فعاجله بيتر قائلا:
- الن تأكل؟

هذا سؤال عبثي الى حد ما خاصتا مع دريك فهو لا يرى طعاما إلا ويأكل منه حتى لو كان قد أكل للتو، اجاب دريك:
- لا. لست جائعا.
اسقطت شوكتي ونظرت الى بيتر في ذهول قبل ان يتحول اهتمامي لدريك وانا اقول مستنكرة:
- اتمزح؟
لكن الإنزعاج والضيق بدا جليا على وجهه وهو يقول:
- الأن اعزروني.
ليتركنا في حالة من الذهول العارم عاجزيين حتى عن الحديث حتى اخيرا قلت:
- هل. هل هذا دريك؟
حاول بيتر العودة الى طعامه وهو يقول:.

- لابد ان هناك ما ضايقه بشدة وهذا لا يحدث ابدا.
- الا يجب ان نطمئن عليه؟
قال بيتر كأنما يفيق من حلم:
- فلنتركه للأن. فقط ما خطبهمم هذه الأيام.

وافقته في صمت. انهينا الطعام وعاد كل منا الى غرفته. وعلى فراشي جلست افكر فيما حدث اليوم. ماذا قد يكون خلف انذاري؟ اهناك من يريد الإنتقام مني شخصيا؟ لكن لماذا؟ لا هذا لا يبدو مقنعا. كريستل لم ترد سوى المال. لذلك كان الوصول اليها سهلا الى حد ما لكن ما الذي قد يريده مني من يحاول قتلي. ربما انا ابالغ. ربما هو مجرد مقلب ثقيل. وكأن هذا يمكن ان يكون صحيحا. لكن ايا كان السبب فلو اننا وضعنا انه ينذرني وقد فعل هنري قبل موته. فإن اسقاطه لي عند قبر والداي ونواه فهذا يعني انه امر متعلق بهم بطريقة ما. ربما يتعلق بالماضي. لكن حقا، ما دخلي انا؟ سؤال مهم لا نجد له إجابة إلا متأخرا جدا. ربما يجب ان اتحرك بعد ذلك ومعي حرس. لا هذا يعني ان حريتي ستنتهي تماما وبمجرد ان اتخذ هذا حلا فأخوتي لن يستمعوا الى رأيي حين اقول اني لا اريدهم بعد الأن. اذن لنرتب ما حدث حتى الأن.

اولا: موت هنري وإنذاره قبل موته
ثانيا: إلقائي في المقابر وهذا نذير اخر
هل هذا كل شيء؟ اشعر ان هناك شيء ناقص، عندها تذكرت يوجين! لقد حاول يوجين انذاري او هذا ما بدا على حد قوله. فما الذي كان يعنيه؟ وهل هو مرتبط بما يحدث الأن؟ شعرت بالندم لعدم استماعي لم كان يريد ان يقول. ولو ان الأمر مرتبط حقا بالأحداث الجارية فيجب على التواصل معه لكن كيف؟ ربما كاثرين تستطيع مساعدتي في هذا.

غالبني النعاس وانا افكر فأستسلمت له.
خلال إستراحة الغداء تقابلت انا وكاثرين- اخيرا-. قررنا ان نتحدث في الكافتيريا. وبعد ان احضرت هي غدائها جلسنا فقلت:
- والأن يا انسة انا بحاجة الى تفسير.
نظرت لي في براءة وهي تقول:
- عن ماذا؟
- لا تلعبي دور البريء معي. اخبريني اين اختفيتي الأسبوع الفائت وايضا لما لم تردي على مكالماتي!
نظرت الى طعامها وغمغمت في خفوت:
- هل امامي اختيارات؟
اجبت على الفور:
- لا
تنهدت وقالت:.

- تغيبت ليوم واحد فقط يا جوزيفين، وكنت مريضة كذلك.
لسبب ما لم اصدق ما قالت مع ان كاثرين نادرا ما تخفي عني اي شيء لكني تجاهلت هذا وسألت:
- ومكالمتي؟
قالت مدافعة عن نفسها:
- تلك لم اتجاهلها. بل كانت تحول الى خاصية الإنتظار.
قلت مستنكرة:
- كل مكالماتي!
احمر وجهها وهي تقول:
- اجل.

فصمت وانا اوصل النقاط ببعضها. انشغالها الدائم وتصرفاتها المريبة هذه الأيام واخيرا محادثات طويلة على الهاتف. الأمر لا يحتاج الى خبير ليعرف ما يعينه هذا. ارتسمت على شفتاي ابتسامة ماكرة وانا اقول:
- الن تخبريني من هو؟
- م. ماذا؟!
- عزيزتي رغم كل ما قيل عني على مدار حياتي إلا ان احدا لم يتهمني بالغباء قط. وانت بالذات تعلمين هذا اكثر من غير. هيا لم يتبق غلا ان تخبريني ما اسمه؟
ازداد احمرار وجهها وهي تقول:.

- لا استطيع. وقبل ان تسألي اكثر، انا حقا لا استطيع ان اخبرك.
تنهدت في إحباط قبل ان اقول:
- حسنا لكني بحاجة الى تعويض. فأنت تجاهلتني لإسبوع
كادت ان تحتج لولا ان اوقفتها بإشارة من يدي فقالت:
- حسنا ماذا تريد جلالتك؟
- ما احتاجه بسيط خاصتا وانك رئيسة مجلس الطلبة. تتذكرين يوجين؟ ذلك المغني المشهور الذي كان طالبا في هذه المدرسة السنة الماضية؟
اومأت وهي تقول:
- ومن ينسى؟
- انا اريد رقمه
نظرت لي في تعجب:.

- تريدين رقمه؟ لكن هذا.
- مخالف لقواعد المدرسة؟ اعلم لهذا ستأتينني به يا عزيزتي
- جوزيفين هذا ليس بالأمر البسيط.
- اعلم لكني حقا بحاجة الى الرقم لو امكن اليوم. ارجوكي.
- حسنا. لكن تذكري اني فعلت هذا لأجلك
- بالتأكيد!

نظرت لي ريبة وهي تهز رأسها يمينا ويسارا. لم نستطع التحدث في شيء اخر فقد انتهت الإستراحة ومضى اليوم كالمعتاد حتى عدت الى المنزل. بمجرد ان دخلت ادركت على الفور ان لدينا ضيوف فهذا الصخب لا يحدثه إلا شجاري انا ودريك فيما عدا ذلك فالبيت دائما هادئ.

اتجهت الى الصالة فوجدت هلين- ابنة عمتي كريستل- تتحدث الى دريك وهارولد- زوج عمتي كريستل- يتحدث هو الأخر الى سيتو وبيتر وعلى قدمه جلس هاري يعبث بملابسه وكان هو اول من لاحظ وجودي اذا هتف في سعادة وهو يحاول التملص من بين يدي والده:
- جوزيفين! جوزيفين!
ثم حين اطلق سراحه عدى نحوي بقدميه الدقيقتين ثم القى بنفسه علي ولتعودي على هذا الهجوم التقطه وحملته بين ذراعي وقلت وانا اقبل وجبينه:.

- لقد افتقدتك يا صغيري
التفت يداه الصغيرتان حول عنقي وهو يصرخ بإسمي فضحكت حتى قاطعني صوت هارولد قائلا بحزم:
- هذا يكفي يا هاري، انت تضايق جوزيفين
لكن الفتى ابى إلا ان يتركني فقلت بإبتسامة واسعة وانا اهز رأسي نافية:
- على الإطلاق، لكن كيف لم اعلم انكم ستزورونا اليوم
نظرت تجاه اخوتي في انتظار تفسير لكن الرد جاء من هارولد قائلا:.

- لم يكن هناك موعد في الواقع إنما كنا في الجوار فقررنا زيارتكم. فقط اتمنى ان لا نكون قد اثقلنا
هززت رأسي وقلت:
- على العكس
ثم حييته وادرت رأسي الى هيلين وقلت:
- كيف حالك يا هيلين؟
اومأت وقالت في هدوء:
- بخير.
وهذا بالطبع غير معتاد منها لكن بعد ما حدث السنة الماضية وسجن والدتها فإن الفتاة قد مرت بمرحلة من الصدمة استدعت طبيبا نفسيا وإني لأشفق عليها.

جلست على احد الكراسي واخذت الهو مع هاري وقد عاد الحديث الى مجراه. لا ادري عما كان يتحدث دريك وهيلين ولم اهتم كثيرا في الواقع لكن اذني كانت مع بيتر وسيتو وهارولد فقد كانو يتحدثون عن احوالهم خاصتا بعد ما فعلته كريستل وكيف سارت الأمور حتى قال هارولد:
- انا في الواقع افكر في الإنتقال الى اطراف المدينة
ثم نظر الى هيلين قبل ان يكمل:.

- سيكون افضل لها الإبتعاد عن المنطقة وكذلك الإنتقال الى مدرسة اخرى فالكل الأن يعرف ما حدث بعد ان نشرته الصحف
اومأ بيتر في صمت بينما قال سيتو:
- هذا سيكون افضل بالتأكيد فهي لا تبدو بخير
اومأ هارولد ثم قال:
- ماذا عنكم؟
رفع سيتو احد حاجبيه في تساؤل بينما قال بيتر في دهشة:
- ماذا عنا؟!
- اعني الم تفكروا في الإنتقال؟ ان المنزل هنا صغير وكذلك وريث العائلة المباشر عادة ما يسكن في البيت الرئيسي.

ايعني منزل ابي؟ تدخلت في الحديث:
- لكن هذا المكان يحمل الكثير من الذكريات لنا كما انه كان ملك لوالدتنا.
في تلك اللحظة حدق في سيتو في استنكار وكأنه يقول من تلك التي تدعين انها والدتك؟ هل اتخيل؟ لقد المتني النظرة رغم شكي اني قد فهمت مرماها وبدون ادراك مني تابعت:
-. لا اعتقد ان الأمر سيكون بهذه البساطة حتى لو احتجنا الى الإنتقال.
لا اظن ان حدا قد لاحظ كيف رمقني سيتو. اجاب هارولد بجدية:.

- لكني اظن انه لابد ان تفكروا جديا في الأمر فهذا المنزل لا توجد به حماية من اي نوع ومن السهل دخوله وهذا قد حدث مرة وقد يحدث ثانيتا
تذكرت حينها خط الهاتف الذي تم التلصص عليه من قبل. لربما هارولد محق فكلامه منطقي. تابعنا الحديث في هذا الموضوع ومواضيع اخرى لكني لم استطع التدخل في الحديث بعدها بل اخذت الاعب هاري رغم ان قلبي كان مشغولا لكن الفتى استطاع اشغالي فضممته إلى وهمست في اذنه:.

- انت تحب جوزيفين اليس كذلك يا هاري؟
هز هاري رأسه الصغير بحماس وهو يصيح بفخر واضعا كلتا يديه على وجهي:
- بالطبع! انا احبك اكثر من اي احد. وسأتزوجك عندما اكبر
اتسعت عيناي في دهشة للحظة قبل ان انفجر ضاحكة وقرصت انفه بين اصابعي وانا اقول بصعوبة:
- انا مخطوبة يا صغيري ثم من علمك ان تقول هذه الكلمات
تبرمت شفتاه وهو يقول محاولا ابعاد يدي:
- التلفاز.
اتسعت ابتسامتي وقلت:.

- وجوزيفين تحبك ايضا يا عزيزي اكثر من اي احد
قاطعنا هارولد وهو يعتل معلنا انتهاء الزيارة فتنهدت في حزن:
- يبدو انه موعد الرحيل.
اخذ الأمر بعض الوقت لإقناع هاري بتركي وحين لم نستطع اخذه هارولد بالقوة وذاك الأخير يملئ الدنيا صراخا وبكاء. عندما غادروا عم الصمت على البيت مرة اخرى مما جعلني ادرك كم ان البيت ميت وكئيب.

في تلك الليلة اتتني رسالة من كاثرين برقم يوجين. لو ان احدا اخبرني منذ يومين اني سأسعى للحديث معه لكنت قد اتهمته بالجنون اما الأن انا لا املك الخيار.
اعتذر عن التأخر لكن بداية العام الدراسي والسفر للجامعة مرهق: (.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة