قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن

في اليوم التالي خلال استراحة الغداء اتصلت بيوجين بعد ان اوقفت نفسي بالكاد من ألا اتصل به في منتصف الليل او الصباح الباكر. فقط لنأمل ان يجيب. لمست بيدي شاشة الهاتف وانتظرت. توالى رنين الهاتف دون اجابة حتى توقف الإتصال فتنهدت في إحباط. فكرت ان اتصل مرة اخرى لكن ربما هو مشغول فرغم كل شيء هو مغن مشهور. اذن هل اقابله دون اتصال؟ لا هذا سيعني مقابلة رسمية فلا اعتقد ان عنوانه سيكون متاحا بهذه البساطة مما يعني انه لابد لي من الذهاب الى الوكالة التي تمثله او الإتصال بهم مباشرة وطبعا سأضطر عن افصاح من انا حتى اتمكن من مقابلته دون ان يظن احدهم اني احدى معجابته ويغلق الخط. وهذا ما لا اريده فلو ان الأمر خطير كما بدا فلابد ان يبقى اتصالي به سرا بالإضافة الى ان جين لو علم بهذا لقتلني دون شك فهو يكره التراب الذي يمشي عليه يوجين.

تنهدت لقد اصبح الأمر معقدا اكثر من الازم. سأكرر اتصالي ليلا وإن لم يرد ربما اخترق معلوماته في السجل القومي لأعرف اين يسكن!

بعد انتهاء اليوم الدراسي لم اعد الى منزلي للأسف بل الى النادي لأن اليوم لدي تدريب وبعد ما حدث لي مع ذلك المدرب، لا اظن اني قادرة على التغيب. لذا مرغمة بعض الشيء اتجهت الى النادي بمجرد ان دخلت عم الصمت المكان. حسنا هذا متوقع بعد ما حدث، تجاهلتهم فلسبب ما وجدت اني اخر من حضر. وهذا غريب فرغم كل شيء انا احب الحفاظ على المواعيد مما دفعني لنظر الى ساعتي لأجدها الثانية بالضبط!

رفعت احد حاجباي في تعجب انتزعني منه صوت المدرب. لوكس؟ :
- إحم.
فالتفت اليه لأجده ينظر الى ساعته فهتفت في استنكار:
- إنها الثانية تماما!
لكنه تنهد على اي حال واشار لي ان اضع حقيبتي ثم قال:
- هيا فلا وقت لنضيعه
القيت بحقيبتي وانا اتبعه واقول:
- انها مجرد مسابقة، انت تدرك هذا اليس كذلك؟
تجاهلني تماما وهو يقول:
- ارتدي خوذتك وقفازك.

حركت شفتاي في اعتراض صامت لكني نفذت الأمر على اية حال وحين انتهيت اشار لي في صمت ان هيا. وهكذا مرت الأربع ساعات التالية. دون توقف وهو لم يعطني اي فترة استراحة تقريبا. هل يكرهني؟
عندما اعلن نهاية التدريب لم اصدق نفسي رغم ان الجميع قد عادوا الى منازلهم. اخيرا قال لي وهو يمسح العرق عن جبينه:
- لا بأس. لازال هناك الكثير ليحسن لكن اعتقد انه بإمكننا تغيير هذا قبل النهائيات.

قلت محاولة الإستناد الى احد المقاعد وانا اشهق وقدماي ترتجفان من شدة الإرهاق:
- انت لا تعني ان نستمر على هذا الوضع حتى النهائيات؟
رمقني دون ان يجيب فصحت:
- انا بالكاد اقف لا يمكنني ان استمر على هذا!
اجاب وهو يخلع قفازه:
- ستعتادين هذا مع الوقت لا تقلقي
- هذا لم يكن ما عنيت.

لكنه تجاهلني تماما فصمت وفي حنق بدأت الملم اشيائي. بدأت اشعر بالندم لإشتراكي في هذا النادي. ربما من الأفضل ان اتركه لكن انا بالفعل قد اشتركت في المسابقة مما يعني انه من المستحيل الهرب الأن. يبدو انه على تقبل الواقع.

خرجت من المدرسة على عجلة من امري متمنية ان اجد اي سيارة اجرة لكن الوقت متأخر ونحن في منطقة لا يقترب منها احد ليلا بسبب الإشاعات عن المدرسة. وسيتو لم يعين اي سائق لي. وانا لا اريد حتى ان احادثه في اي شيء. لذا على ان اقف في انتظار اي سيارة جرة.

مرت ربع ساعة دون ان تظهر اي سيارة. تذكرت ما معي منذ يومين فشعرت بشيء من الخوف. ماذا إن حدث الأمر مجددا؟ لو ان احدا يراقبني لعلم دون صعوبة اني سأقف هنا والأن وهذه الرتابة قد تتسبب بقتلي. وفي ظل افكاري السوداوية سمعت بوق سيارة على مقربة مني فانتفضت والتفت خلفي في ذعر واستعداد للأسوء لأجد سيارة زرقاء تقف خلفي ومن نافذتها خرج رأس لوكس جراي يحدق بي وقال مستغربا من ردة فعلي لكنه لم يعلق عليها:.

- يمكنني ايصالك الى منزلك
فتحت فاهي لأعترض فقال:
- ما من سيارة ستأتي الأن خاصتا الى المدرسة فلا تكابري واركبي.
نظرت الى سيارته ثم الى الطريق قبل ان اتجه الى الباب لأجلس في الكرسي المجاور للسائق. انا حقا لا اريد لكني ايضا لا اريد ان اقف منتظرة هنا طويلا. وفي صمت تحركت السيارة حتى قال:
- انت لا تتصورين مني معرفة عنونك اليس كذلك؟

شعرت بوجنتاي تتوردان في إحراج ثم اعطيته العنوان. لمحت الإبتسامة التي ارتسمت على شفتيه قبل ان تختفي فقررت تجاهلها. للحظة تصورت ان ربما يكون هو من يستهدفني وانا قد اعطيته الفرصة المثالية لخطفي. احسست بسخافة الفكرة. لكن هذا لم يمنعني من النظر الى مذلاج الباب لأجده غير مغلق. فتنهدت في ارتياح وقلت لنفسي اني اصبحت مصابة بالبارانويا دون شك. عندها فاجئني صوت لوكس- لا ادري لماذا نسيت وجوده للحظة- يقول وفي عينيه نظرة ريبة:.

- هذا المنعطف؟
نظرت امامي واومأت. وفي اقل من دقيقة كنا امام المنزل فأسرعت بالنزول واغلاق الباب من خلفي مدركة كم كانت تصرفاتي مثيرة للريبة. اتخذت خطوة للأمام قبل ان استدير الى السيارة لأقول:
- شكرا!

رأيت حاجبيه يرتفعان في دهشة ثم هز رأسه وانطلق بسيارته بينما اسرعت انا الى باب المنزل. دخلت المنزل فلم اجد احدا نظرت الى ساعتي فوجدتها السابعة مساء. حسنا هذا معتاد بالنسبة لسيتو ودريك لكن ليس كذلك بالنسبة لبيتر. وعلى ذكر دريك، انا بالكاد اراه هذه الأيام اين يذهب؟ على اية حال يجب ان استريح قليلا قبل ان افكر في اي شيء.

القيت نفسي على فراشي واخذت نفسا عميقا واغلقت عيناي لأتذكر فجأة يوجين! التقت هاتفي في عجلة قبل ان اتصل مجددا على نفس الرقم وكما سبق اخذ الهاتف يرن دون إجابة حتى كدت افقد الامل عندها سمعت صوت يوجين المميز يقول:
- من معي؟

إلتمست الغرور في صوته. كالعادة. الن يعرف نفسه حتى؟ للحظة تذكرت يداه على جسدي بينما انا مقيدة وشعرت بيدي ترتجف. فقد تذكرت لتوي اي وغد اكلم، فكرت ان انهي الإتصال حين سمعته يقول بسخرية:
- اهذه مزحة ما؟
اهدأي يا جوزيفين، انت قد اتخذتي قرارك بالفعل واتصلتي به ولن تتراجعي الأن:
- إنها انا يا يوجين. جوزيفين
سمعت صوت صفير ثم به يقول في تهكم:
- جوزيفين بنفسها تتصل بي انا، لم اتصور ان هذا قد يحدث يوما.

اجبت ببرود:
- ولا انا صدقني، والأن هلا دخلنا فيما هو مهم، هناك ما اردت ان اسألك عنه
اتاني صوته ضاحكا في سخرية وهو يقول:
- إن لديك اسلوبا ساحرا في الطلب لكني سأتغضى عن هذا. تابعي
قاومت بصعوبة إنهاء المكالمة وقلت وانا اجز على اسناني:
- عندما قابلتني امام المدرسة قلت انك اردت انذاري او شيئا كهذا؟ هذا ما اردت سؤالك عنه. اخبرني بالضبط ماذا كنت تعني بهذا؟ وما الذي.
قاطعني قائلا:.

- توقعت هذا. اتتصورين مني الإجابة هكذا ببساطة بعدما فعلتيه معي امام المدرسة؟
صمت برهة وببطء قلت:
- لقد كان غباء مني ان افعل.
شعرت بالإبتسامة في صوته وهو يقول:
- بالضبط
اعتصرت الهاتف في يدي وسألت:
- ماذا تريد يا يوجين؟
امكنني تخيل الإبتسامة الصفراء التي ارتسمت على محياه وهو يجيب:
- وانا الذي ظننت انك لن تسألي. ماذا عن مقابلتي لأخبرك بما تريدين؟
شعرت بنفسي يحتبس في حلقي قبل ان اصيح في إستنكار:.

- انت تحلم! انا لن اقابلك وحدي ابدا!
اجاب بكياسة:
- إما هذا او ان تنسي ان اخبرك بأي شيء على الإطلاق
قلت بغضب:
- انا حتى لا ادري إن كان ما تملكه من معلومات ذا اهمية اساسا! ثم كيف تظن انه من الممكن ان اقابل.
قاطعني للمرة الثانية:
- لكنك لا تستطيعين مقاومة فضولك في اتعرفي فقد تكون ذات اهمية اليس كذلك؟ لا تقلقي سأقابلك في مكان عام تختارينه انت لكني اصر ان يكون اللقاء بيننا فقط
قلت بحدة:.

- انا لست قلقة منك!
بتهكم ساخر قال:
- حقا؟، وردة فعلك هذه تدل على هذا. دعينا مما يعلمه كلانا واخبريني هل ستقبلين ام لا؟
عجزت عن الرد عليه. فما فعله معي يوجين جعل من المستحيل ان اثق بحرف مما يقول. كما ان ما فعله قد. قد ترك خوفا في نفسي لم اتغلب عليه إلا بصعوبة. ورغم كرهي لأن اعترف لكني حقا قلقة. اخيرا قلت:
- هل يجب ان اجيب الأن؟
- اجل فأنا لن اتفرغ خصيصا لك.

تحملي يا جوزيفين. تحملي ارجوك. انت بحاجة الى ما لديه من معلومات:
- حسنا سأقابلك لكني انا من سيحدد المكان. متى ستكون متفرغا؟
- يوم الجمعة القادم في الرابعة مساء سيكون مناسبا
قلت وانا لازلت غير مصدقة اني قد رضخت في النهاية:
- سأرسل لك المكان على هذا الرقم يوم الخميس.

ثم اغلقت الخط قبل ان اسمع رده والقيت بهاتفي على الفراش بقوة وانا اشعر بضيق وغضب. لكني هدأت نفسي. إنها مجرد مقابلة بسيطة يا جوزيفين. ولها سبب مقنع لذا لا داعي للغضب. لا داعي.
امسكت هاتفي مرة اخرى ودون وعي مني وجدت نفسي اتفحص المكالامات حين لاحظت ان جين قد اتصل بي فاتصلت به راجية ان يكون بجوار الهاتف وقد كان فلم تمض إلا لحظات وقد اتاني صوته على الجانب الأخر يقول بهدوء:
- مرحبا يا جوزيفين.

شعرت بضيقي يخف وقلت وعلى شفتاي ارتسمت ابتسامة تلقائية:
- مرحبا!، كيف حالك؟
وكأن لصوته سحر فقد تخللت الراحة قلبي وهو يقول:
- بخير وانت؟
- الأن انا بخير
قلتها بتلقائية وحين ادركت ما قلت احمر وجهي في خجل رغم علمي انه لا يراني عندها جاءتي صوت قهقة خافته قبل ان يقول بلهجة لعوب الى حد ما:
- حقا؟، يسعدني هذا إذن.
حمدت الله انه لم يتحاذق. تابع:.

- لقد اتصلت بك مرتين لكنه حولني للإنتظار. لابد انها كانت مكالمة طويلة. اهي كاثرين؟
ترددت للحظة ثم قلت:
- أ. أجل.
شعرت بتأنيب الضمير لكن لو ان جين علم اني تحدثت الى يوجين لكانت كارثة اما لو علم ان بيننا موعدا للقاء لمنعني منعا باتا من مقابلته. وانا لا ارغب بأن اتشاجر معه الأن. ثم غيرت الموضوع قبل ان يتسائل اكثر فهذا جين قد يدرك ان اخفي شيئا:
- إن صوتك يبدو مرهق، هل انت حقا بخير؟
تنهد وقال:.

- إنها القضية الأخيرة التي اخبرتك عنها. توجهنا بعض المشاكل رغم اننا تقريبا اغلقنا ملفها.
لم اسأل عن التفاصيل لأني اعرف الإجابة لذا قلت:
- لا ترهق نفسك.
قال بخفوت وقليل من التعجب:
- لا ادري لما انت صريحة هذه الليلة لكن هي مفاجأة سارة
شعرت بالخجل لكني تجاهلته وقلت متسائلة:
- ما سبب الإتصال اذن؟
تغيرت نبرة صوته فقد شابها حنان لا شك فيه:
- لا شيء فقط اردت الإطمئنان عليك.

ولجملته هذه غمرتني السعادة وقضت على كل ضيق وغضب كنت اشعر بيه منذ قليل، اتسعت ابتسامتي ولم اجب فتعالت ضحكاته على الجانب الأخر مما زاد شعوري بالإحراج ثم قال:
- وبعد ان تأكدت انك بخير حال فأنا مضطر لإنهاء المكالمة فرغم معزتك عندي إلا اني بالكاد احافظ على عيناي مفتوحتان والنوم الأن يبدو اهم من الحياة ذاتها
ضحكت وقلت:
- حسنا. وداعا.

فأجاب التحية ثم اغلق الخط. يبدو ان القضية التي يعمل عليها هذه الأيام صعبة. على اي حال لقد غيرت هذه المكالمة مذاجي تماما لذا قررت ان أأكل واشاهد التلفاز. وبينما انا اقلب في القنوات توقفت عن نشرة الأرصاد الجوية والتي لرعبي وجدتها تنذر بعاصفة رعدية غدا. اوه يا الهي! لقد نسيت تماما اننا في فصل الشتاء. من الجيد اني قد علمت بهذا الأن. هذا يعني انه لا دراسة لي غدا. لا تقلقي يا جوزيفين. لا داعي للذعر لقد علمتي مبكرا وستمر هذه كأي عاصفة اخرى مرت من قبل. فقط يجب ان اخبر سيتو. وكأنه قد جاء على ذكر الإسم فقد سمعت الباب يفتح ويغلق وحين انتظرت لأرى من القادم كان سيتو. هذا جيد.

خطوت خلفه ولحقت به على السلم وناديته:
- سيتو. انتظر.
لم يلتفت لي بل تابع صعوده وهو يقول ببرود:
- جوزيفين انا لا املك الوقت الأن
تلعثمت انا اقول:
- لكن.
فالتفت نحوي وقال بشيء من الحدة:
- قلت ليس الأن!
فصمت وتصلبت في مكاني على السلم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة