قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع عشر

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع عشر

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الرابع عشر

حدق في جين بتركيز صامت قبل ان يقول:
- الي انا؟
- او ناحيتك على الأقل
لم يرد بل تغيرت ملامح وجهه للحظة قبل ان تعود كما كانت وكأن شيئا لم يكن لكني لاحظت في تلك اللحظة رأيت الإدراك في عينيه مما دفعني للسؤال:
- ماذا هناك يا جين؟
تردد لحظة قبل ان يتابع سيره وهو يقول:
- لازال هناك من يراقبني كما اخبرتك. وانا لم اتوصل لهويته حتى الأن وهذا يقلقني فما الذي يمكن ان يريده مني حتى لا يتخذ اي رد فعل للأن.

تذكرت انه قد اخبرني بالفعل من قبل لكني نسيت الأمر تماما مع كل ما امر به. للحظة مر على ذهني خاطر غريب. إذ هل يمكن ان يكون من يراقب جين له علاقة بما يحدث لي؟ لا بالتأكيد لا! هذا تفكير سخيف يا جوزيفين. عما قريب سأصاب بالجنون من كثرة الشك.
- اعتقد انه ربما يجب ألا نتقابل لفترة.
هتفت في دهشة:
- ماذا؟!
كنا تقريبا امام منزلي حين قال:
- ربما كان الأمر خطرا فلا داعي ل.
قاطعته صائحة:
- لا!
- جوزيفين.

قاطعته مجددا:
- لا يا جين! ألا يكفي انك منعتني من زيارتك. ومن يلاحقك بالتأكيد يعلم علاقتك بي لذا لو ان هناك ضرر ما لكان قد وقع بالفعل
اغمض عينيه كمن يكلم طفلا:
- انت لا تعلمين هذا. لا احد يعلم حقا وانا لا اريد ان اخاطر بحياتك لذا لا تجادليني يا جوزيفين
- انا يمكنني الإعتناء بنفسي، لطالما فعلت!
عقد ذراعيه قائلا:
- وانظري الى ماذا اوصلنا هذا السنة الماضية؟!

نظرت له عاقدة حاجبي في غضب مكتوم. حاولت تهدأة نفسي حتى استطيع ان اصل معه الى حل لكن العزم بدا جليا على وجهه وهو يقول:
- ليس وكأنني لن اقابلك مطلقا لكن من الأفضل تقليل مقابلتنا لذا وها انا اكرر لا تحاولي زيارتي يا جوزيفين حتى اتصل بك واخبرك بغير هذا.

تجلى عدم الرضا على وجهي واضحا قبل ان استدير الى عتبة منزلي وانا اخرج مفاتيحي ثم فتحت الباب ودون ان التفت اليه دخلت ثم صفقت الباب خلفي معربة عن ضيقي في نفس الوقت الذي سمعته يتنهد لكن الباب قد انغلق حينها.

اتخذت طريقي مباشرا الى غرفتي دون ان انظر الى اي شيء امامي. دفعت باب غرفتي في عنف ثم القيت حقيبتي في عنف فأحدثت ضجة مما لفت انتباه احدهم وبالفعل لمم تمض ثوان إلا وقد تجسد دريك امام باب حجرتي وهو يقول:
- ماذا حدث؟ اكل شيء على ما يرام؟
تعجبت لوجوده خاصتا في هذه الساعة فهو دائما خارج البيت هذه الأيام واحيانا كثيرة لا يعود إلا صباح اليوم التالي.
غمغمت بشيء ما قبل ان اقول:
- لقد اوقعت حقيبتي فقط.

نظر الى حقيبتي الملقاة على الأرض وقد ارتسم الشك- دقيق الملاحظة كالعادة- بوضوح على وجهه لكنه لم يسأل وهذا غريب جدا على دريك عندها لاحظت الإرهاق الذي على وجهه والهالات السوداء التي تحت عينيه. هالات! في وجهه دريك! هذا لا يصدق! دريك يعتني بنفسه احسن مني او من اي شخص اعرفه- وهو لاطالما تمتع ببشرة افضل من بشرتي! - لذا قلت:
- بل انت الذي لا يبدو بخير. ماذا بك؟
ابتسم ابتسامة لم تصل الى عينيه وهو يقول:.

- بخير فقط العديد من السهرات والحفلات، كما تعلمين.
لم اقتنع لكنه بدا على وشك فقدان وعيه على باب حجرتي فقلت:
- لم لا تأخذ قسطا من الراحة إذن؟
- صدقيني هذا ما انتويه. لكن عندما اعود، هل تريدين شيئا؟
رفعت احد حاجباي في اسنتكار:
- انت تمزح يا دريك. انت بالكاد تقف! والى اين يمكن ان تذهب الأن؟ اننا في وضح النهار في يوم إجازة! لا يوجد اندية مفتوحة اوحفلات او اي شيء. فأين انت ذاهب؟

التفت حوله في ارتباك ثم فتح فاهه ليتفوه وانا اعلم جيدا ما الذي سيقوله بعد هذا التوتر والإرتباك فقاطعته قائلة:
- إن كنت ستكذب فلا تقل شيئا على الإطلاق. فقط ما بك هذه الأيام؟
ابتسم بمرارة وقد بدا التعبير غريبا على وجه دريك. وكأنني لا اتحدث الى اخي الذي عرفته منذ فتحت عيناي لهذه الدنيا. في تلك اللحظة بدا اكبر سنا ثم قال:
- بل ما بال الجميع في هذا البيت هذه الأيام.

اومأت موافقة مدركة انه لن يخبرني بشيء لذا قلت:
- ايا كان ما تمر به فنحن هنا يمكنك دائما الإعتماد علينا
ضحك لوهلة ثم قال:
- سماعك انت بالذات تقولين لي هذا الكلام او كلانا يتحدث مع الأخر بجدية لهو امر مثير للسخرية والضحك
فإبتسمت انا ايضا مستسلة لما قال:
- انت محق
وقبل ان يرحل ربت على رأسي قائلا:
- اعلم انكم هنا
وقبل ان ارد غرز يده في شعري ثم عبث به يمينا ويسار بسرعة ثم قفز للخلف:
- سلام.

صرخت خلفه وانا اعيد ترتيب شعري منطلقة خلفه:
- دريك ايها الأخرق. لا اصدق اني استمعت لك!
لكن في الوقت الذي كنت فيه على سور السلم كان هو يغادر المنزل في تشفي واضح فهتفت خلفه:
- إذا رأيتك سأحلق رأسك يا دريك، انا اعدك بهذا!
عدت الى غرفتي في حنق. لازلت غاضبة من جين حتى وإن كان ما قاله نتطقي لكن اغلب ضيقي قد ابتلع مع دريك.
القيت نفسي على الفراش بمجرد ان غيرت ملابس وفي ثوان كنت في سبات عميق.

((ترجل دريك من سيارته امام بوابة الجامعة وفي عجالة احكم إقفالها قبل ان يسرع الخطى نحو مبتى كليته وهو يدعوا ألا يكون حديثه مع جوزيفين قد اخره.

تلفت حوله في حذر كلما اقترب من مبنى كليته اكثر رغم العدد القليل من الطلاب فاليوم هو إجازة في اغلب اقسام الجامعة وكليته ليست الإستثناء لكن خوفه لم يكن من الطلاب بل من ما هو اسوء. الصحافة. فلو ان احد الصحفيين الحمقى يتبعه الأن لكانت كارثه على جميع الأصعده. فهو ليس من المفترض ان يكون هنا اليوم وليس في هذا الوقت بالذات لكنها فرصة لن يضيعها فأخيرا استطاع استخلاص موعد ومكان اللقاء من احدى الفتيات. لقد اصبح هذا روتينه الأسبوعي بعد ان توقف نايثن عن إخباره بمواعيد اللقاء. كان هذا بعد ان حاول دريك منعه من الذهاب مرة. لكن دريك لم يستطع التخلي عن صديقه. وكيف يفعل وهو صديق طفولته؟

توقف امام مبنى كلية اللغات والترجمة ولم يلبث إلا ان دخله عدوا قاصدا المعمل الفوري. ذاك الأخير لا يتواجد فيه احد اليوم والأهم من هذا كله لا تصله شبكة فهو تحت الارض. ما علمه دريك انهم ستقابلون اليوم فيه. هو لا يدري كيف استطاعوا الحصول على مفاتيح المعمل ولا يريد ان يعرف حتى فلو انهم اجتمعوا في ذلك المكان اكثر من مرة فهذا يعني ان احدا بإدارة الكلية لابد يعلم وبسمح بهذا. وهذا اكبر من ان يتدخل فيه دريك. كل ما يريده هو إنقاذ صديقه وليذهب الباقون الى الجحيم.

لذا دريك لم يفكر كثيرا في تبعات ما يفعله الأن. إذ انه وبدون تفكير اقتحم المعمل المظلم جزئيا وفي ركن بعيد فيه رأى مجموعة من الشباب والشابات ينتفضون قبل ان يدركوا من هو. عندها قال ترافيس الذي عرفه دريك على الفور رغم انه لم يحادثه من قبل فعندما يتحدث ترافيس يصمت الجميع:
- دريك الدن؟ هذة.
ثم نظر الى نايثن ببرود مكملا:
- مفاجأة. لما لا تغلق الباب؟
هتف نايثن في دهشة حقيقية:
- ماذا تفعل هنا؟!

لم يغلق دريك الباب لكنه اقترب منهم ليراهم بوضوح وهو يقول مدركا مع من يورط نفسه:
- انا لم أأت لأتسبب في اي مشاكل فقط اريد نايثن
ارتسمت ابتسامة صفراء على فم ترافيس وهو ينظر الى نايثن الذي ارتجف قليلا وهو يقول بجزع ولوعة:
- ترافيس انا لم اخبره بالمكان او الموعد. اقسم اني لم افعل!
تجاهله ترافيس تماما وهو يجيب دريك:.

- لكنك برغم هذا جئت الى هنا مقتحما المكان دون دعوة. انت لم تفكر كثيرا فيما قد يؤول اليه تصرفك المتهور هذا؟ وكما ترى نايثن لا يريد الذهاب معك.

نعم دريك لم يفكر فيما فعله. وهو لا يفكر كثيرا في الواقع. وهذا كان دائما ما يجلب عليه المصائب. فهو يعلم ان ترافيس لا يوزع بمفرده دائما ما يكون معه إثنين البلطجية- كما يحب ان يسميهم- لا يدري هل مستأجرين ام الأمر اكبر من هذا. وها هو يراهم بوضوح احدهم ركن الحجرة والأخر اقرب اليه يقف مستندا الى الجدار. اجاب دريك في توتر:
- لو كنت افكر في رأيه ما كنت لأكون هنا الأن. فقط دعه يذهب معي.

اتسعت ابتسامة ترافيس وهو يقول:
- لكننا لا يمكننا تركك تأتي وتذهب كما تحب. انت تدمر عملنا هذا. واعتقد اني تساهلت معك بما يكفي.
نظر دريك الى الرجلين وتراجع خطوة للخلف وهو يقول:
- ترافيس لا ترتكب هذه الحماقة، انت تعرف من انا
ثم نظر بقلق الى نايثن الذي كان لا يكف عن الحك في جسده وقال مخاطبا إياه:
- نايثن دعنا نخرج من هنا الأن ولنتفاهم فيما بعد.

لكن نايثن لم يلتفت اليه اصلا ومن الواضح انه ليس بكامل وعيه او تحت تأثير شيء ما. بينما رده لكلام ترافيس لم يعجب ذاك الأخير الذي قال وهو يشير الى الرجلين في حنق:
- يبدو انك بحاجة الى درس.
ثم تابع مخاطبا الرجلين:
- إنه لكما
فإبتسم الأقرب الى دريك وهو يقترب منه في حين عقد دريك حاجبيه وقال:
- انا لن انسى هذا يا ترافيس.

ثم نظر الى الباب مقدرا المسافة. لن يستطيع الوصول اليها دون تخطي احد الرجلين. زمجر دريك في سخط. مدركا انه لن يستطيع إقناع نايثن وأنه يجب ان يرحل الأن إن اراد ان يعود الى منزله قطعة واحدة. لكن مواجهته لرجلين في اتجاهين مختلفين سيكون صعبا. ليس مستحيلا لإنه رغم كل شيء قد تلقى تدريبات في الدفاع عن النفس لسنوات بتوجيه من خاله - عمه- براين ثم إصرار سيتو عليها. لكنه ليس كجوزيفين فتلك الأخيرة اخذت ذاك الطريق الى الإحتراف. وهزيمة هذان الرجلين كتقليم الأظافر بالنسبة لها فلطالما كانت الأبرع والأمهر في الفنون القتاليه. اما هو فبالكاد متوسط. قاطع افكاره عندما انقض عليه احد الرجلين فقفز دريك متفاديا الرجل في نفس اللحظة التي تلاقى فيها جانبه بقدم الرجل الأخر في ركلة قفذفته ليرتطم ظهره بالجدار قبل ان يسقط ارضا.

دريك لم يمكث على الأرض اكثر من لحظة برغم الألم الذي تفجر في جانبه لكن الأن اصبح كلا الرجلين امامه وهذا في صالحة وبسرعة لم يتوقعها احد الرجليه كور دريك قبضته ثم بكل عزمه لكم اقرب الرجلين اليه فسقط الرجل ارضا مما جعل الرجل الثاني يحدق في زميله الملقى ارضا لكن دريك لم يمنحه الوقت لهذا فهو يعلم ان الأن فرصته وقد تفاجأ الرجل فكال اليه لكمته قهقرته للخلف.

كان بإستطاعة دريك الهرب حينها لكن سخطه جعله يركل الرجل بين قدميه فصرخ الرجل ثم انهار ارضا فإلتفت دريك الى ترافيس وصاح وهو يسرع إلى الباب صائحا بغضب:
- ستندم على هذا يا ترافيس. اعدك بهذا.

ثم انطلق يعدو خارج المعمل ثم المبنى كله حتى لا يلحقه احد الرجلين وعندما اصبح على مسافة امنة من المبنى ركع ممسكا ركبتيه وهو يشهق محاولا إلتقاط انفاسه. اخيرا حين هدأ قليلا اعتدل واضعا يده على جانبه الأيمن حيث ركل وبكل سخط وغضب هتف:
- اللعنة
راكلا الحصى امامه ثم حنق زم شفتيه متجها الى سيارته)).

رغم حاجتي الشديدة للنوم إلا اني بمجرد ان سمعت صوت باب المنزل يغلق انتفضت على فراشي مستيقظة من نومي. ضغطت على اسناني في الم واضعة كلتا يداي على رأسي التي توشك ان تنفجر من شدة الصداع. اني في حال اسوء مما نمت فيه. كم اكره هذا! عندها سمعت تأوة وانين مكتوم. رفعت يدي عن رأسي في تعجب ظانة اني تخيلت هذا حتى سمعت الأنين مرة اخرى. فألقيت بالغطاء عني وتعجلت بالقيام فكدت افقد توازني واسقط ارضا لكني تشبثت بالطالولة الصغيرة المجاورة لسريري ثم اسرعت مغادرة الحجرة.

قبضت بيداي على سور الممتد من السلم وانا انظر الى باب البيت لتتسع عيناي في ذهول وفزع وقبل ان يستوعب عقلي ما اراه حقا انطلق جسدي يقفز السلالم ليصل الى الدور الأول في ثوان وانا اصرخ في ذعر:
- دريك!
رفع بصره نحوي في ذعر هو الأخر كأنه لم يتوقع ان يقابله احد هنا. ثم قال بإبتسامة ساذجة:
- الم تقولي انك ستخلدين الى النوم؟

انحنيت عليه فقد جلس على الأرض مسندا ظهره الى الجدار بجوار الباب مباشرة! وهناك كدمة بشعة المنظر تغطي الجانب الأيسر من جبهته بينما ملابسه رثة وممزقة في اكثر من مكان. يا الهي، ماذا حدث؟! تملكني الفزع وعندما لاحظ دريك إختفت إبتسامته وقال في هدوء:
- لا تقلقي يا جوزيفين انا بخير
هتفت في استنكار وانا امسك وجهه بكلتا يداي لأرى الكدمة جيدا:
- بخير! ماذا حدث؟ من فعل هذا؟

وقبل ان انهي قولي كنت قد اعتدلت عادية الى المطبخ ملتقطة اول كيس بلاستيكي قابلني ثم جزبت باب المبرد في عنف. مددت يدي اكوم قطع الثلج الطغيرة داخل الكيس وانا اصيح:
- اجبني يا دريك!
اتاني صوته ضعيفا لكن دون انفعال:
- مجرد شجار في الجامعة لا اكثر.
عقدت الكيس وانا اقطع المسافة بين المطبخ وباب المنزل قائلة:
- الجامعة التي لم يكن من المفترض ان تكون فيه اليوم؟

جلست بجواره وبحذر وضعت كيس الثلج على جبهته فتأوه ثم ابتعد عن يدي هاتفا:
- هذا يؤلم! اضغطي برفق، اتريدين ادخال الثلج في رأسي!
عقدت حاجباي وبصعوبة منعت نفسي من ان الا افعل بالضبط ما يقول غيظا وبرفق عدلت الكيس على جبهته مرة اخرى وانا اغمغم:
- هذا ليس مضحكا يا دريك. كيف تشعر؟ انت لا تشعر بالغثيان او البرد الشديد؟
نظر لي مستغربا وقال كأني اهذي:
- ما دخل هذا بهذا.

مشيرا الى رأسه. هذا الأبله الجاهل! تنهدت في صبر وقلت:
- انها علامات الإرتجاج يا عزيزي. انا اتأكد من إذا كان مخك لازال في مكانه رغم انه كما الواضح انت لست بحاجة له.
اجاب في عناد طفولي:
- من تتكلم. ثم انا لم اصطدم بالجدار بتلك القوة.
قالها رافعا يده الى مؤخرة رأسه فهتفت في دهشة:
- اصطدمت بالجدار! دريك!
استندت على ركبتي وبيدي الفارغة حركت رأسه للأسفل وانا اتابع:
- وهذا كان في شجار؟!

مررت بيدي على رأسه لأتأكد أنه بخير حتى تحسست اناملي بروزا في مؤخرة رأسه لكن شعره الكثيف جعل رؤية اي شيء مستحيل فقلت:
- امسك الثلج هناك بروز في رأسك
غمغم في تذمر:
- جوزيفين فالتتركيني. انا لست بطفل وللمرة الألف انا بخير!
لكنه على كل حال حرك يده اليمنى ليلتقط الكيس مني حين لاحظت ان يده اليسرى لم تتحرك من مكانها منذ رأيته جالسا. حيث احتضنت يده اليسرى جانبه الأيمن. حدقت في يده للحظات في صمت ثم في دريك:.

-...
استجمعت كل ما امتلك من الهدوء وببطء مددت يدي متناسية الكدمة ورأسه وكيس الثلج، قبضت على معصمه مبعدتا يده عن جانبه حاول ان يقام لكني الأن اقوى منه فتمتم:
- جوزيفين هذا يكفي انا.
رفعت قميصه ليقع بصري على اقبح واكبر كدمة رأيتها في حياتي! شهقت في جزع وتراجعت للخلف بحركة حادة قبل ان اتمالك نفسي مجددا حين قال ديريك في شيء من الامبالاة:
- انها ليست بهذا السوء، لا داعي للمبالغة.

لكني من نظرة واضحة امكنني بكل وضوح إدارك ان كدمة كهذة قد تتسبب في نزيف داخلي. لم ارد على دريك كي لا افقد اعصابي فأنا على شعرة واصفعه لأعيده الى صوابه وبحذر رفعت قميصه مرة اخرى. ليقابلني منظر الكدمة وقد إتخذت جزء لا بأس به من جانبه الأيمن. سوداء اللون وقد خدش الجلد حولها قليلا. هززت رأسي وانا اقول:
- هذا ليس بجيد. ليس بجيد على الإطلاق. يجب ان اتصل ببيتر.

انتفض دريك من مكانه لكنه سرعان ما تهوى مرة اخرى وهو يقول معترضا:
- لا يا جوزيفين إن الأمر لا يستحق، لا داعي ل.
صرخت فيه دون إنذار:.

- هلا كففت عن هذا! انت لست بطفل فكف عن التصرف كواحد. انا لا ادري ما حدث حقا ولا تظن للحظة اني اصدقك حين تقول انه مجرد شجار. لكني لا أأبه فليكن ما يكون، ما يهمني الأن هو التأكد انك فعلا بخير فكف عن العناد ودعني اتصل ببيتر وايا كان ما تنوي إخباره فالتفكر فيه من الأن فمن الأفضل ان يكون مقنعا لأن ذاك الأخير لن يتركك لحالك!

رمقني في صمت وانا اسحب هاتفه من جيبه ثم اعطيته اياه ليفتح قفل الشاشة وانا اقول:
- من الأفضل لك ان تفتحه الأن ولا ترهقني.

ففعل دون ان ينبس ببنت شفة. اتصلت ببيتر الذي بالكاد سمع ما قلت حتى لم تمر ربع ساعة وكان في المنزل. ثم ظل يحوم حول دريك بالأسئلة عما حدث ثم عن ما يشعر به. وفي دقائق كان قد تأكد ان دريك بخير. رغم اصراره على اخذه الى المشفى لكن دريك رفض بشدة. ثم تبع هذا ليلة طويلة من الأسئلة والعتاب والقلق ثم الشجار منتهية بإعتذار من دريك لكنه رفض ان يتفوه بحرف اكثر من كون ما حدث إنما هو شجار. اخيرا استسلم بيتر وكذلك أنا. وسيتو لم يعد تلك الليلة ولم يستطع ايا منا التوصل اليه. لذا بعد ان تأكدنا ان دريك بخير افترق كل منا الى غرفته. فغدا سيكون يوما طويلا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة