قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والعشرون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والعشرون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والعشرون

امسكت بيد مرتجفة كوب الماء الذي قدم لي ونظرت الى الشرطي الذي جلس امامي كان هذا بعد ساعة تقريبا من اكتشاف جثة كاثرين او هكذا قالوا لي فأنا مازلت اشعر بدم كاثرين الدفئ يجري بين يدي. وحين هدأت اخيرا على يد بيتر استدعتني الشرطة على الفور كشاهد اساسي وها انا هنا. انتظر اسئلة هذا الشرطي محاولة إلا انهار مجددا. لكن الى متى سأصمد؟ الى متى سأظل واقفة؟ ومتى سيقرر من يتلاعب بي انه قد مل وانه حان الوقت للخلاص مني؟ متى ينتهي كل هذا؟

- هل انت بخير الأن؟
كان هذا اول ما قاله الشرطي لي فأجبت بمرارة:
- وهل سيشكل هذا فارقا؟ انا هنا على اية حال. لننتهي من هذا سريعا
اومأ برأسه ثم قال:
- هل يمكنك اخباري ما الذي رأيته بمجرد دخولك الغرفة؟
نظرت الى الكوب بيدي ثم قلت:.

- لم ارى شيئا معينا بالتحديد، كانت الغرفة كما رأيتمها ولم استطع في البداية رؤية كاثري. اعني جسدها لوجوده خلف الفراش وللحظة ظننت انه لا احد بالغرفة لكن قبل ان ارحل لاحظت الدماء مما دفعني لإكتشاف الجثة
اومأ ثم قال:
- وكيف كانت حين رأيتها؟

كنت اعلم ان هذا السؤال ات فقد غيرت موضع الجثة حين احتضنتها. ارتجف جسدي وانا اتذكر كيف وجدت كاثرين. وبصوت مبحوح بدأت اصف كيف وجدتها وانا اشعر بغصة في حلقي واكاد انهار مجددا. وحين انتهيت نظر لي الشرطي في صمت لبرهة ثم اخيرا سأل:
- لقد وجدنا بصماتك على هاتفها فم.
قاطعته قائلة:.

- اجل فقبل صعودي الى حجرتها مباشرة كنت قد اتصلت بها عدة مرات وحين دخلت غرفتها لاحظت وجود هاتفها على فراشها فالتقطه حينها. وقد كان مفتوحا على الرسائل.
اومأ ثم قال:
- وما الذي دفعك للصعود الى غرفتها؟
عقدت حاجبي وقلت متعجبة:
- لإنها تأخرت كثيرا بالنزول؟ اليس هذا بديهيا؟
- اجل ربما. وهل تعلمين بالضبط متى صعدتي الى غرفتها؟
- اجل كان بعد ساعة تقريبا من بداية الحفل، بالضبط في الساحة الثامنة وسبع دقائق.

دون هذا في مفكرته ثم سأل:
- وماذا كنت تفعلين قبلها بالظبط؟
ببطء اجبت وانا اشعر بالريبة من اسئلته:
- في الحفل.
قال وهو ينظر لي في شك:
- وهل تحدثتي الى احد بعينه في تلك الساعة التي قضيتها منذ بداية الحفل؟
صمت هينة ثم قلت:
-. لا
- كيف كانت علاقتك بكاثرين في الاونة الأخيرة؟
حدقت في الرجل لبرهة وقد بدات افهم المنحنى الذي بدأت تتخذه الأسئلة:
- هل تظن اني قتلت صديقتي؟ الهذا تسألني هذه الأسئلة؟

تنهد ثم ترك مفكرته وقلمه وشبك اصابعه قائلا:
- الواقع يا انسه الدن انه لا احد يتذكر اين كنت بالضبط قبل اكتشافك للجثة ولم يرك احد وانت تصعدين الى غرفتها، اي انك الشخص الوحيد الذي يملك الإجابة عن تلك الأسئلة، كما ان الفتاة قد قتلت مباشرة قبل اكتشافك للجثة مما يزيد الشك حولك وبدون وجود حجة غياب مقنعة فهذا يجعلك المشتبه الأول في مقتل كاثرين ماكفادن.

هل جن؟ ما الذي يهذي به هذا الشرطي؟ الا يكفي ان كاثرين قتلت؟ بل ويتهمونني في مقتلها؟ تصاعد الغضب بداخلي ممتزج بألم لا يوصف ودون مقدمات وجدت نفسي اصرخ في وجه الشرطي:
- هل جننت؟ كيف لي ان اقتل صديقتي؟ ولماذا قد افعل؟ ما الدافع الذي قد يجعلني اقتلها في حفلة يوم ميلادها التي ساعدت في ترتيبها؟
اجاب الرجل في هدوء:
- هذا ما نريد معرفته بالضبط. لذا اريد ان اطلب منك الحفاظ على هدوئك.
قاطعته صارخة:.

- الحفاظ على هدوئي؟ وانتم تخبرونني اني قتلت اعز اصدقائي؟! وبلا اي دليل في الواقع سوى ذلك الكلام الفارغ الذي قلت؟ فلو ان احدهم اعتمد على ما قد قلت للتو لكان بمقدور اي شخص قد حضر الحفلة اليوم قتلها اذن الجميع مشتبه به وفقط لأنني اول من فكر في الصعود واكتشاف الجثة اذن انا القاتلة؟ هل هكذا تقوم الشرطة بعملها هذه الأيام؟!
- انسه الد.
لم اترك له المجال ليكمل وقلت عاقدة يداي على صدري:.

- هذا ليس إلا استجواب دون علمي وانا لن اقول كلمة اخرى دون محام لذا اغرب عن وجهي
حاول الرجل مرة اخرى قائلا:
- من الأفضل التعاون مع الشرطة الأن.
ضيقت عيني عليه في صمت ثم قلت بهدوء:
- ماذا قلت اسمك يا هذا؟
لاح شيء من الخوف في عينيه فابتسمت بسخرية رغم ما اشعر به وقلت:
- هذا ليس تهديدا ايها الأبله لكن ربما هناك من هو اجدر منك لتولي هذه القضية
وحين لم يجب قلت مكررة طلبي:
- اريد محام الأن.

تنهد ثم قام مغادرا المكان وقبل ان يخرج قال:
- انت لا تدرين مع من تعبثين يا فتاة ربما كان الأعتراف الأن افضل. وهذا ليس بتهديد.

عقدت حاجبي في استغراب؟ ما الذي يعنيه؟ لكن سرعان ما تناسيت هذا حين سمحوا لي بالخروج لأجد في انتظاري سيتو وبيتر مع المحام الذي كان ينهي بعض الإجراءات. اسرع الى جانبي بيتر في حين ظل سيتو في مكانه منتظر المحام. شعرت ببيتر يضمني اليه وهو يربت على رأسي مواسيا اياي وفي اذني يهمس الأعذار ويطمئنني لكن كلامه لا يصل لي حقا. كل ما افكر فيه هو الإنتقام. لا ادري كيف وصلت الى هذه النقطة لكن تفكيري انحصر عندها يجب ان اقتل بيدي من قتل كاثرين. يجب ان اراه يتألم، يصرخ. يطلب الموت ولا يجده. واني لأعد بأن افعل. بل اقسم ان افعل. ولنلعب تلك اللعبة الشيطانية التي كما يبدو ان الهدف منها هو تدمير حياتي قبل التخلص مني. ولنرى من منا سينجو. ايا ما كنت وحيثما كنت سأجدك وسأقتلك بيداي هاتين.

عندما انتهى عمل المحام وقف متحدثا الى سيتو فاقتربت انا وبيتر ولم اعبئ كثيرا بما يقول إلا انني سألته:
- ما اسم الشرطي الذي كان يستجوبني؟
نظر لي المحام في حيرة لبرهة ثم قال:
- ذاك كان المفتش ويل جوردن
اومأت برأسي ثم نقلت بصري الى سيتو الذي بادلني النظرات في الصمت دون ان ينبس ببنت شفة وقبل ان ادرك ما افعل خرج السؤال مني دون تفكير:.

- ما الخطأ الذي اقترفت؟ ما الخطأ الذي قد يجعلك تقف صامتا الأن امامي وانت تعلم ما امر به؟ اخبرني ما الخطأ البشع الذي اقترفت؟ الن تخبرني يا سيتو؟
اتسعت عيناه في دهشة وتراجع خطوة للخلف وكأنه لا يصدق السؤال او ربما لم يتوقعه حقا لكنه كور قبضته معتصرا انامله دون ان يجيب فقلت بشفتين مرتجفتين:
- الا استحق الإجابة حتى؟

لكنه لم يجب فوجدت نفسي اقترب منه خطوة. فقط خطوة علها تقربني اليه لكنه تراجع خطوة اخرى ثم استدار تماما قائلا:
- لا يجب ان نبقى هنا طويلا وإلا ستلاحقنا الصحافة
ثم اسرع خطاه الى خارج القسم. حدقت في صدمة وذهول الى ظهر سيتو وانا احاول استيعاب انه حتى لم يكلف نفسه بالإجابة او الكذب حتى. احسست حينها ان شيء بداخلي قد تحطم. واني قد لا استطيع إعادته الى ما كان عليه مهما حاولت.

شعرت بيد بيتر تربت على كتفي وهو يحثني على الخروج قائلا:
- لا تقلقي انا سأعرف ما الخطب بالضبط.

((خرج دريك من سيارته مسرعا الى حيث يتجمع الناس في منتصف الطريق وامام البناية التي كان يقصدها. مخترقا صفوف الناس التي تجمعت متخطيا بعضهم ومتفاديا الأخر حتى وصل الى مركز الدائرة وقلبه يخفق في عنف ورعب متمنيا ألا يرى ما يهابه امامه لكن عندما وقع بصره على الجسد الغارق في الدماء. تخرج الدماء من اذنه وانفه وفمه وحتى من بين جفونه. تحطمت كل اماله وانهار ارضا بجوار جثة صديقه نايثن وهو يجهش بالنحيب. لقد تأخر. تأخر جدا. لو انه كان هنا قبل نصف ساعة فقط حين وصلته الرسالة. لو انه لم اكترث ولم يتجاهل. لو ان همه الأول لم يكن اللهو. لو ان. لو ان. لو ان. لكنه الأن يشهد ما فعلته انانيته. كان بإمكانه ايقاف نايثن. كان بإمكانه انقاذه من كل هذا. لكنه لم يفعل. لماذا لم يسمع صديقه؟ لماذا لم يهتم بما قاله اكثر؟ كان بإمكانه منع موته. لكنه لم يفعل.

وقد مات نايثن بسبب انانيته وعدم اكتراثه. وبسبب ذلك السم الذي كان يدمنه. بسبب تلك المخدرات اللعينه. كيف تتغافل الشرطة عن ما يحدث عند دائرة النار. بل كيف يستمر توزيع ذلك المخدر بين المراهقين والشباب. هؤلاء هم المسؤولون الحقيقيون عن موت نايثن. وغيره. قبض دريك كلتا يديه معتصرا اصابعه. هو سينتقم إن لم يكن احد سيفعل اي شيء. اذن هو سيفعل. هو سينتقم. بل سيسعى لتدمير من يوزع ذلك المخدر رغم ادراكه ما يفعله بمدمنه. سينتقم ولو كان هذا هو اخر ما سيفعله)).

دخلت المنزل وانا اجر قدمي خلف بيتر بينما سيتو اختفى مسرعا داخل البيت كأنه يهرب مني. تنهدت وانا ارتجف كالورقة وبيتر يحاول مساعدتي على المشى وحين كنا على وشك صعود السلالم سمعنا صوت باب المنزل يفتح ويغلق فإلتفت كلانا - انا وبيتر- لنرى دريك يتجه نحو السلالم ولا يكاد يرانا وعلى وجهه اعتى علامات الألم وعيناه حمراوتان كالجمر وكأنه كان يبكي؟ لكنه لا يعلم ان كاثرين قتلت ولو علم لما اثر به الأمر الى هذه الدرجة. ما به؟ سبقتي الى السؤال بيتر الذي وصل الى نفس استنتاجي قائلا:.

- دريك؟ ماذا بك؟ انت لا تبدو بخير.
زفر دريك في ضيق ثم قال:
- لإني لست بخير والأن هلا تحركت مبتعدا عن السلم فأن...
قاطع حديثه عندما لاحظ الحالة التي ابدو بها ومساندة بيتر لي. تنقل بصره بيني وبين بيتر ثم قال:
- ماذا بكما؟ هل حدث شيء ما؟
تذكرت جثة كاثرين فارتجف جسدي بعنف وكدت اسقط ارضا لولا يد بيتر الذي قال مربتا على ظهري:
- لقد. قتلت كاثرين في منزلها اليوم. وجوزيفين كانت اول من اكتشف الجثة.

اتسعت عينا دريك في ارتياع وغمغم:
- الكل يموت.!
لكنه اسرع يكمل وهو يقترب مني:
- هل انتي بخير؟
ارتجفت شفتاي وانا احاول الإجابة لكن صوتا لم يخرج مني وللحظة شعرت اني سأنهار هنا والأن. لكن إن فعلت فمن سيأخذ بثأرها؟ من سينتقم لموتها؟ وانا اقسم اني سأفعل حتى لو كلفني هذا حياتي.

استدرت تاركة يد بيتر وصعدت الى غرفتي في خطوات سريعة وبمجرد دخولي اغلقت بابها بعنف وانا اتنفس بصعوبة. اهدأي يا جوزيفين. اهدأي. لا تنهاري الأن. انتظري حتى تصلي للفاعل. حتى ينتهي كل هذا ولو خرجت حية. فالتنهاري حينها. لكن ليس الأن. اخرجني من صراعي الداخلي صوت رنين هاتفي. فأخرجته من جيبي لأجد ان المتصل هو كارل فأجبت الهاتف ليقول على الفور:.

- اعلم ان الوقت غير مناسب لكني اعتقد انك ستريدين سماع هذا، لقد وجدت ما طلبته مني لكن الأمر قد يكون اعقد مما تصورتي فإن كنتي متفرغة غدا لنتقابل؟
اجبت بصوت مبحوح:
- ليكن، متى بالضبط؟
- الخامسة مساء
- حسنا
واغلقت الخط. ثم تحركت بخطوات متثاقلة الى حيث الفراش قبل ان القى بجسدي عليه دون تغير ملابسي اوحتى خلع حذائي. وبعد برهة ظللت خلالها اترنح بين ارض الواقع والنوم حتى استسلمت له.

شعرت بمن يتحسس وجهي فعقدت حاجباي دون ان افتح عيني. والتفت بوجهي الى الجهة الأخرى. انا مرهقة. انا اتألم زلا اريد ان استيقظ. اريد ان اظل نائمة الى الأبد. لكن اليد تحركت لتعبث بشعري قبل ان يهمس صوتا في اذني بخفوت:
- اني اسف.

فإرتعد جسدي فجأة وانتفضت جالسة على الفراش. احدق في ظلام غرفتي وانا التفت حولي في خوف ورعب. لكن احد غيري لم يكن بها. نظرت الى الباب فوجدته مغلق. فوضعت يدي على صدري لأشعر بدقات قلبي التي تسارعت وهمست لنفسي:
- لابد انه كان حلما
اخذت نفسا عميقا قبل ان استلقي مجددا على الفراش.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة