قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي عشر

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي عشر

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي عشر

عدوت حول الصالة وانا احاول التركيز ونفض احداث البارحة عن ذاكرتي. ومع كل دورة اشعر فيها بالإرهاق يصبح التفكير صعبا ومرهقا اكثر ربما هذا ما كان يريده لوكس من هذا التمرين وليس كعقاب كما ظننت في البداية. مما جعلني ادرك كيف ان لكس يشبه سيتو الى حد كبير لكن هناك بعض الفوراق اراها الأن. سيتو رغم بروده وقسوته إلا انه تغلبه العاطفة وتلك العاطفة احيانا وتلك تجعله يفعل ما قد يندم عليه او هكذا قال لي اما لوكس فلا. وهذا جيد.

عدت الى الصالة بعد انتهائي واستكملت التدريب انا ولوكس ولأنني اخذت استراحة او كما يسميها هو فقد انتهى مني على السادسة والنصف لم املك القدرة على الإعتراض خاصتا وان كل مفصل في جسدي يأن. هذا الرجل مجنون حتى لو ان المسابقة ستبدأ الأسبوع القادم لكن ما يقوم به هو جنون مطبق.

إتخذت طريقي نحو البوابة وانا اعبث في حقيبتي بحثا عن هاتفي عندما اكتشفت انني قد نسيت كتاب الهندسة الفراغية ولدينا امتحان فيه غدا شعرت بالغيظ والإرهاق وانا استدير عائدة الى الفصل وخلال دخولي الى المبنى اصطدمت بأحدهم فتاوهت وانا اهتف:
- ألا تنظر الى اين تسير؟
لأسمع صيحة مدهشة:
- جوزيفين!
- كاثرين؟!
وبصعوبة استطعت رؤية ملامحها خلال الظلمة فقد اغلقت الأضواء، قلت في استنكار:.

- ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت المتأخر؟
قاتل في تلعثم:
- لقد. كان هناك اجتماع لمجلس الطلبة وقد تأخرنا الى الأن للأسف
رفعت احد حاجباي في عدم تصديق لما تقول:
- حقا. إجتماع الى الأن؟
اومأت وهي تؤكد قائلة:
- اجل.

لما تكذب؟ اعني هذا ليس طبعها. كاثرين لا تحب الكذب وهي سيئة جدا فيه فلماذا تكذب؟ هل هناك ما لا تريدني ان اعرفه؟ تجنبت الموضوع رغم انزعاجي لكني لست بحالة تسمح للجدال ويبدو ان الأمر واضح حتى ان كاثرين قالت:
- هل انت بخير؟
اجبت بإبتسامة لن تراها في الظلام على اية حال:
- اجل انا بخير
عمت برهة من الصمت ثم قالت:
- هل انت متأكدة؟ صوتك لا يدل على ذلك
تنتهدت وقلت:
- لا تقلقي انه المعتاد وانت تعرفين سيتو...

قاطعتني قائلة:
- ذلك الأحمق، الن يكف ابدا عن مبالغتته في حمايتك؟ انت لست في العاشرة من عمرك!
شعرت بغصة في حلقي وللحظة ظننت ان دموعي ستفر من عيني. لكن لا. ليت هذا ما به فعلا لكنه الأن. الأن لا ادري ما به؟ لا ادري لماذا هو غاضب مني او ما قد فعلته خطأ. ليعاملني هكذا. لكني قلت على اية حال:
- اعلم.
التفتت حولها فجأة ثم قالت:.

- لنا في هذا الحديث بقية فأنت حقا لا تبدين بخير لكن ليس الأن فقد تأخرت جدا وعلى الرحيل.

ثم حيتني واسرعت ذاهبة. حسنا ما حدث الأن كان غريبا بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكني حاولت تجاهل كل هذا واكملت طريقي الى الفصل حيث نسيت كتابي وعندما وجدته وضعته في حقيبتي ثم اعتدلت لأرحل لكني توقفت فقد اثار انتباهي امر مقلق للغاية. انا في المدرسة ليلا للمرة الأولى منذ ما حدث السنة الماضية. التفت الى الزجاج المحيط بالنوافذ ومجددا شعرت بأن الإضاءة قد تلونت بالأحمر كما في ذلك اليوم. تذكرت كوابيسي واحسست بالرعب يتجلى داخلي فأسرعت خارجة من الفصل ثم من البناية فالمدرسة بأسرها.

ولم انتظر اي سيارة اجرة هذه المرة بل اتخذت طريقي بنفسي. لكن الى اين؟ انا لا اريد الذهاب الى المنزل حيث ينتنظرني سيتو ببروده وتجاهله. لا اعتقد اني سأتحمل. ليس اليوم. لذا سرت. سرت ظانتا اني اسير بلا هدف لكن قدمي قادتني الى المكان الوحيد الذي ربما بالفعل اريد الذهاب اليه في الوقت وانا في هذه الحالة.

توقفت امام بناية عادية متوسطة في كل شيء ولا يميزها شيء وبهدوء صعدت الى الطابق الثالث داعية الله ان يكون موجودا. بهدوء طرقت الباب وتوقفت لحظة في انتظار اي إجابة. مرت برهة قبل ان يفتح الباب ليقابلني وجه جين عاقدا حاجبيه ولا يبدو سعيدا على الإطلاق لكنه اشار لي بالدخول وحين فعلت اخرج رأسه يتفقد الممر ثم اغلق الباب في حذر واخيرا التفت لي وهو يتنهد قائلا:.

- ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ ولماذا لم تتصلي بي قبلها؟
نظرت له في عدم فهم لإنفعاله وقلت:
- اليس مسموحا لي بالمجيء دون اتصال؟
رمقني للحظة عاقدا ذراعية حول صدره ثم قال:
- هذا ليس ما اعني.
ربما لا داعي للإنفعال او الإنزعاج يا جوزيفين. بهدوء قلت:
- اذن ماذا هنالك؟ ولماذا كل هذه السرية في إدخالي؟
اتجه نحو الأريكة وجلس قائلا:
- هذا بالضبط ما عنيت بالإتصال بي خاصتا ليلا.

هذا ليس اللقاء الذي توقعت لكني اتجهت نحوه على اية حال وانا اسأل:
- هلا اخبرتني ما الذي يجري هنا؟
صمت لبرهة ثم اشار الى البقعة الفارغة بجواره على الأريكة فابتسمت وجلست بجوراه فقال بحزم:
- لا اريدك ان تقابليني هنا دون اتصال وإن امكن فلا اريد مقابلتك هنا لفترة.
فتحت فاهي لأعترض مستنكرة ما يقول لكنه سبقني قائلا بجدية:.

- إن القضايا التي اعمل عليها مؤخرا خطرة وترددك على هذه الشقة قد يعرضك للخطر لذا لا اريدك ان تأتي الى هنا بعد الأن
- ماذا تعني بخطرة؟ اوليس كل ما تعمل عليه من قضايا هكذا؟ ما الجديد؟
قال بضيق بدا جليا على ملامحه:
- ألا يكفيك ما قلت؟ هل لابد ان تسألي عن كل شيء؟
هل يتعمد استفزازي؟ وانا التي اردت ان افرغ القليل من توتري هنا. قلت ببرود عاقدتا ذراعي حول صدري وانا اضغط على كل حرف مما اقول:.

- اعطني عذرا مقنعا وربما اكف عن الأسئلة
بدا وكأنه سوف ينفجر في اية لحظة لكنه ادرك ان هذا سيجعل الأمر اسوء خاصتا معي لذا قال في استسلام:.

- انا ملاحق. لا ادري من من حتى لا تسألي. لكن هناك من يراقبني منذ فترة وبالكاد استطيع التحرك. ومن يلاحقني قد تبعني لأكثر من مرة الى هذه الشقة وهذا يقلقني. ايا كان من يراقبني فهو يعلم بمكاني ورغم هذا هو لم يقم بإتخاذ اي فعل لذا انا لا افهم ما الذي يريده بالضبط. لكن الوضع ليس امنا لذا اطلب منك عدم زيارتي هنا اهذا كثير؟
قلت بتذمر:
- لو انك قلت هذا من البداية لكان الأمر قد انتهى.

اذن فقد كان قلق. ومن الواضح انه مضغوط بسبب عمله ومن يراقبونه وهو ما يعني ايضا انه في خطر. كاد ان يجيب على تعليقي فأسرعت اقول:
- لماذا لا تغير محل إقامتك؟
لوهلة نظر لي في دهشة ثم غمغم:
- ليس الكل بمقدوره ان ينتقل بهذه البساطة وليس الكل يملك الإمكانيات مثل بعض الناس
دت اعرض عليه انه بإمكاني مساعدته لكنه قاطعني قبل ان اتفوه بكلمة:
- لا تفكري حتى في الأمر يا جوزيفين
- انا لم اقل شيئا بعد.

- لكني اعلم جيدا ما كنت ستقولين وهو امر سيزعجني فلا داعي للخوض فيه
وهو محق في هذا فرغم ان يوجين ليس حساسا من الفارق المادي والإجتماعي بيننا إلا انه لا يحب مطلقا ان اعرض عليه اي مساعدة مادية من اي نوع وهو ليس في دائقة علىاية حال هو يعتبر في اعلى سلم الطبقة المتوسطة لكن يظل الفارق بيننا كبيرا. وهو يتعامل معي بكل إعتيادية وهذا يسعدني.
- ليست مريحة اليس كذلك؟

عقدت حاجباي في حيرة ما لاذي يعنيه ثم فهمت ما يرمي اليه فقلت بإبتسامة:
- الأريكة؟
اومأ وقد شقت إبتسامة مرهقة طريقها الى وجهه:
- ليس ما إعتدتي عليه؟
رفعت احد حاجباي وقلت بشيء من الإستنكار:
- انها ليست المرة الأولى لي هنا ثم انا قد جربت ما هو اسوء واجل هي ليست مريحة على الإطلاق
ثم اسندت جانبي الى جانبه مريحة رأسي على كتفه مازحة:
- لذا يجب ان تتحمل المسؤلية وتعيرني كتقك
ضحك ثم همس:
- هو لك.

شعرت بوجهي يلتهب لكني ابتسمت براحة وانا اغمض عيني مسترخية فقال بخفوت وهو يحركني معه لنستند على ظهر الأريكة رغم اني مازلت استند الى كتفه:
- إذن ما الذي جعلك تأتين لرؤيتي دون اتصال يا جوزيفين؟
غرزت رأسي في كتفه اكثر مخفية وجهي حتى لا يرى تعبير وجهي في تلك اللحظة وقد تذكرت كل ما جئت هاربة منه الى هنا وهمست بصوت لا يكاد يسمع:
- لقد اشتقت اليك
انا لم ارى الدهشة على وجهه بل استشعرتها في صوته وهو يقول:.

- هذا جديد لم اعتدك بهذه الصراحة
غمغمت وإحراجي يتزايد في كل لحظة:
- انا فقط مرهقة بحيث لا استطيع التفكير في عذر ذكي اخبرك به
قهقة ضاحكا فشعرت بالدفئ يملئ صدري بينما قال في حنان وهو يداعب شعري بين اصابعه:
- وما الذي يرهقك يا جوزيفين؟

كنت انتوي إخبارة حقا. لكني عدلت عن هذا هو مجهد من عمله وقلق على بالفعل فلا داعي من زيادة قلقه وانا لا اريد الخوض في مشاكلي وتعكير مزاجي بعد ان عدله لي لذا قلت العذر الوحيد الذي لن يشك في صحته الأن:
- انت تعلم ان المسابقة ستبدأ الأسبوع القادم؟
شعرت بكتفه يهتز فيما اظن انه إيماءة فتابعت:.

- وبما انني امثل المدرسة فإنه يتم اعتصاري عصرا! المدرب لا يرحم وقد. احم. كيف اقول هذا. انطباعه الأول عني لم يكن. انت تعلم كيف انا لذا هو يكرهني حاليا وينتقم مني بالتدريب.
- لسبب ما اعتقد انك تستحقين
رفعت رأسي اليه وقلت في الم زائف واضعتا يدي على صدري:
- كيف تجرؤ، انا ملاك قد هبط على هذه الأرض!
اتسعت ابتسامته مجاريا اياي في مرح:
- اعلم اعلم وكلنا شياطين.

ضحكت ثم قلت معتدلة وبشيء من الجدية رافعتا اصبعي في وجهه:
- لكني اتوقع منك ان تحضر المبارة
امسك اصبعي قائلا وهو يخفضه:
- حسنا.
قاطعنا صوت هاتفي يرن فتأففت وانا امد يدي الى جيبي لأرى ان المتصل هو بيتر. بالتأكيد يتصل ليطمئن فقد تأخرت. قلت متنهدة وانا اعيد الهاتف الى جيبي:
- وهذا هو إعلا انتهاء هذه الزيارة
فابتسم جين وقال:
- انت اخبرتي سيتو انك ستأتين هنا اليس كذلك؟
صمت برهة ثم قلت كاذبة:
- اجل بالطبع.

لم امنحه الفرصة ليسأل اكثر واعتدلت واقفة لكي ارحل فقادني الى باب الشقة وهو يقول:
- كوني حذرة في طريق عودتك وإن حدث اي شيء اتصلي بي
لازال يعاملني كالطفلة لكني فقدت الأمل في ان يرى ان بإستطاعتي الإعتناء بنفسي لذا اومأت في إستسلام:
- وداعا
وعلى الباب وقبل ان اخرج قال بجدية وهو يقبض على معصمي:
- انا جاد فيما قلت يا جوزيفين. لا تأتني هنا مرة اخرى حتى اخبرك انا ان الأمر قد حل.
لم يترك يدي حتى رضخت:
-. حسنا.

عندها اطمئن واشار لي مودعا قبل ان يراقبني وانا اهبط السلالم بسرعة واكاداركض في طريقي الى المنزل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة