قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الثاني للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثاني

عقدت حاجباي في صمت. لم احتج حين رأيت الجدية في ملامحه واستسلمت ليده تقودني. بعد ربع ساعة من السير الصامت في الطرق الجانبية اخيرا توقف بي فالتفت اليه عاقدة يدي على صدري في تساؤل فأجاب بخفوت وهو يتلفت حوله:
- كان هناك من يلاحقنا
في تعجب رددت:
- لكني لم اشعر بأحد
- وهذا اكثر ما يقلقني من يتبعنا لم يكن اي احد.
- هل تشعر بوجده الأن؟
هز رأسه نافيا وهو ينظر الى وجهي قائلا:.

- لا، فلا تقلقي غالبا هذا الشخص يتبعني انا. لقد شعرت بوجود من يتبعني وانا في طريقي اليكي لذا حاولت تضليلهم مما تسبب في تأخيري والواضح اني فشلت فإن كنت محقا فهؤلاء محترفون
غمغمت وانا ابعد شعري عن وجهي:
- او انك واهم
التفت الي حينها مبتسما وقال:
- او انني واهم.
نظرت الى ساعتي وهتفت في غيظ:
- انها التاسعة وعشر دقائق الأن. اين سنذهب في مثل هذا الوقت؟
اومأ قائلا وهو يشير امامنا:.

- ما رأيك بالحديقة؟ خاصتا وان سيتو لن يدعك تتأخرين كثيرا رغم وجودك معي
شعرت بالإحباط. بعد كل هذا الإنتظار ينتهي بنا الأمر في الحديقة! لكن ما من خيار اخر:
- حسنا. نحن هنا على اية حال.
جلسنا على احد المقاعد في الحديقة الخالية فقلت بإستغراب:
- إن الوقت ليس متأخرا الى هذه الدرجة. لا احد هنا.
اسند جين ظهره الى المقعد واغمض عينيه متنهدا:.

- هذه الحديقة بعيدة عن الطريق الرئيسي الى حد ما ولا احد سيحبذ وجوده هنا ليلا
نظرت له في اتهام:
- اذن لماذا نحن هنا؟
لم يحرك ساكنا وهو يقول:
- لقد حاولت استدراج من يتبعني لكنه لم يتناول الطعم وها نحن هنا.
كدت اعترض لكنه فتح إحدى عينيه وهو يرمقني ببتسامة اعرفها جيدا:
- ولكي اضمن ان نكون وحدنا دون ان يقاطعنا احد.

شعرت بالدم يصعد الى وجهي فأدرت وجهي عنه لأشعر بيده على وجهي فالتفت اليه في دهشة وانا اقول متلعثمة:
- م. ماذا تظن نفسك فاعل؟
انحنى على وقد اتسعت ابتسامته هامسا:
- الم تشتاقي لي؟
ازداد ارتباكي وانا اقول:
- انا لم ارك منذ اسبوعين فقط. هذه ليست بمدة. طويلة.
تلاعبت ابتسامة عابثة على شفتيه وهو يتمتم:
- حقا!

انه يستمتع بهذا لا محالة. بعد كل ما مررت به مع جين ثم بعد ان اصبحنا مخطوبين رسميا. تعلمت عنه الكثير. وادركت كيف تتغير شخصيته عندما يتعلق الأمر بعمله لكني كذلك ادركت كم يحب ان يحرجني. هو يستمتع بذلك وهذا يزعجني بشدة مما جعلني اعتدل في جلستي باعدتا يده عن وجهي في حزم وقلت مغيرة الموضوع:
- انت لم تخبرني علما انتهت القضية التي كنت تعمل عليها؟

حين يحقق جين في قضية هامة فإنه يقطع جميع وسائل الإتصال به. في تلك الفترة يكون من المستحيل الوصول اليه او حتى معرفة إن كان حيا او ميتا ولقد تشاجرنا بشأن هذا الأمر لكنه اقنعني بضروريته كي لا يعرف احد من هو او يعرض اقربائه للخطر. لذا ليس امامي سوى السؤال الأن.
- لقد استطعنا تحديد المجرم لكنه هرب للأسف قبل القبض عليه. وهنا ينتهي دوري في القضية ما تبقى تقوم به وحدات الشرطة العادية.

وطبعا ما من تفاصيل. طبيعة عمله تمنعه من هذا رغم ان فضولي في بعض الأوقات يكاد يقتلني.
تحدثنا قليلا متبادلين الإبتسامات. كان الحديث خفيفا، مريحا ومطمئنا خاصتا في ظل هذا التوتر الذي اعيشه الأن.
عندما اصبحت الساعة الحادية عشر مساء. كان لابد ان اعود الى البيت. لذا تنهدت، لا اريد ان اعود. وعلى عتبة الباب همست لجين:
- انا سعيدة انك بخير.

اومأ دون ان يجيب واشار الى المنزل فهو لن يغادر حتى يتأكد اني قد دخلت المنزل وقد كان. بمجرد ن اغلقت الباب خلفي واستدرت لأشهق في رعب متراجعتا الى الخلف بحركة حادة وحين ادركت ان من امامي لم يكن إلا سيتو فقلت:
- لقد اخفتني!
لكنه تجاهلني قائلا:
- كل هذا مع جين؟
اومأت وانا اقول في تساؤل:
- الم تخبركم الخادمة؟
- الا ترين ان الوقت متأخر؟ حتى لو كنتما مخطوبين.
- لم اقصد، سأحاول عدم تكرارها.

لم يجبني بل استدار راحلا.!
((خرج دريك ومجموعة من اصدقائه من النادي وهم يضحكون ويتبادلون بعض النكات البذيئة ثم استقلوا سياراتهم متسابقين على الطريق فسأل دريك صديقه وهو يقود:
- هل لابد لنا من الذهاب الى الغابة؟
فقهقه زميله الذي قد اسكرته الخمرة قبل ان يقول متلعثما:
- انه المكان الوحيد الذي لن تجدنا في الشرطة.

لقد كان متأكدا. إنها احدى تلك السهرات اللعينة التي لا يحب الإشتراك بها او التواجد فيها لذا قال في شيء من الغضب:
- الم تعدني اننا لن نفعل هذا اليوم؟
لوح زميله بيده في لامبالاة:
- لماذا انت دائما هكذا. سنمرح فقط.

دريك يعلم اي نوع من المرح هذا ولا يريده. لكن تراجعه الأن سيجعل الأمر اسوء. عندما وصلوا الى الغابة، تركوا سيارتهم خارجها ثم توغلوا داخلها على ارجلهم متجهين نحو دائرة النار المكان الذي لا يوجد من لا يعرفه في المدينة ورغم ذلك تتجاهله الشرطة.

وعند وصولهم الى شعلة نار تلتهب وسط الغابة، لتف حولها مجموعة من الشباب الذين بمجرد رؤيتهم اخذوا يحيون بعضهم بالكلمات البذيئة والصفعات وقد تصاعد من حولهم الدخان في جو عام لا يبشر بالخير. جو يكرهه دريك ويمقته بشدة ومع ذلك لا يمكنه تركهم. فصديقة نايثن احمق ولن يستطيع العودة وحده وهو على هذه الحال من ذهاب العقل.

بعد برهة بدأ الشباب يتبادلون المزيد من الشرب والسجائر. ثم ما يأتي اليه من يأتي الى دائرة النار المسحوق. نظر اليهم دريك في اشمئزاز وهم يتداولنه بينهم وكل منهم يستنشق منه لينتشي. لتتعالى الضحكات وتتمايل الأجساد. وبين كل هذا وقف دريك يرمقهم في امتعاض حتى مد له نايثن بلفافة تحتوي على ذلك المسحوق مبتسما:
- يجب ان تجرب
فرد يده دريك قائلا في عصبية:
- لا شكرا
فضحك صديقه في مجون وصاح:
- إنها الأشياء الجيدة.

ثم قرب اللفافة الى انفه في لهفة. ليتأفف دريك. المخدرات. ))
في اليوم التالي لم استطع لقاء كاثرين مطلقا طوال اليوم الدراسي وبعده يوجد اجتماع لمجلس اتحاد الطلاب مما يعني اني سأعود وحدي. حتى عندما اقترحت عليها ان نقضي بقية اليوم معا اعذرت بأنها مشغولة. بماذا؟ لا ادري.

قررت ان القي التحية على ريتشارد قبل ذهابي لكن حين مررت بالعيادة لم اجده وهذا غريب. هل جئت متأخرة؟ تنهدت وانا اسير نحو بوابة المدرسة. وحين خطوت اولى خطواتي خارجها توقفت فجأة وانا انظر الى الشخص الواقف امامي في ذهول وبصوت غير مصدق قلت:
- يوجين؟!
ابتسم الفتى في حبور وهو ينزع نظارته الشمسية قائلا:
- اهلا يا جوزيفين!

ضيقت عيناي في إتجاهه قبل ان استدير في صمت مبتعدة عنه. ماذا يريد هذا الأخرق مني؟ ولماذا بالتحديد في اليوم الذي اخبرت هنري الا يقلني فيه؟ بطرف عيني رأيت يده تمتد نحوي فأمسكتها قبل ان تصلني وقلت بخشونة:
- لا تلمسني!
ثم دفعت بيده بعيدا عني فقال كاتما عضبه:
- لم اكن لأفعل لو لم تتجاهليني
تأففت في ضجر وانا اعقد يداي على صدري:
- ماذا تريد؟
قال في حقد وغل:
- اردت ان انذرك.
قلت في تهكم.

- تنذرني؟ من ماذا؟ الم تكفك فضيحة السنة الماضية؟ لقد تم طردك من المدرسة لكنك تصر على ارتكاب الحماقات.
صاح في غضب:
- بل انت هي الحمقاء. انا لست هنا لأنذرك مني!
ما هذه الترهات التي يتفوه بها! انا ليس لدي وقت لهذا. يجب ان اعود الى المنزل قبل ساعة بعينها لذا قلت بسخرية وانا اسير مبتعدة عنه:
- ايا كان ما تنوي عمله فأعلم انه لن يجدي بشي فكف عن تضيع وقت كلانا ارجوك.

لم اسمع اجابة منه ولم ارد ان اسمع. المرء لا يدري من اين تأتيه هذه الكوارث. على كل حال انا متأخرة لذا اسرعت الى حيث ابغي.
توقفت امام المبني والتفت يمينا ويسارا لأتأكد ان احدا لا يراني وانا ادخل الى هنا. فأنا لم اخبر احد عن هذا.
بمجرد ان رأني موظف الإستقبال إبتسم فأنا عضو معتاد هنا. اشار لي بالدخول وهو يقول:
- الكابينة رقم 5؟
- اجل كالمعتاد
اتسعت ابتسامته وقال:
- ثوان وتكون جاهزة.

بالطبع حتى وإن كان هناك شخص بها سيعملون على تفريغها لي فأنا هنا VIP. وبالفعل لم تمض ثوان إلا وقد عاد الموظف وهو يقودوني نحو الكابينة قائلا:
- إنها جاهزة للأستخدام الأن.

اومأت وتبعته حتى وصلنا وهناك إستأذن هو ورحل فدخلت انا واغلقت الباب خلفي ثم وضعت حقيبتي على طاولة مجاورة قبل ان امسك سدادت الصوت التي تشبه السماعات الى حد كبير وبهدوء امسكت البندقية مصوبة اياها نحو الهدف. احكمت التصويب ثم ضغطت على الزناد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة