قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الحادي والثلاثون

اتسعت عيني في دهشة محاولة استيعاب ما يقول، اوقعت حقيبتي وانا اقول بصوت راجف:
- انت تمزح اليس كذلك؟ اخبرني انك تمزح ارجوك
لكن سيتو قابلني بالصمت فتهاويت ارضا وقلت وقد اختلط بكائي بكلامي:
- لا. لا. المزيد من القتلى، لماذا؟ لماذا؟
اسرع بيتر نحوي واجلسني على احد الكراسي وهو يحاول تهدأتي بينما قال سيتو:
- ستقام الجنازة بعد غدا حيث تكون الشرطة قد انتهت من فحص الجثة وتشريحها.

ثم قام من مقعده ورحل فقال دريك:
- على الأرجح هو الأكثر تأثرا بموت العمة شارلوت.

اما انا فكنت في حالة سيئة فعلا ليس وكأنني كنت على علاقة قوية بها لسبب ما لم تكن علاقتنا جيدة الى هذا الحد لكن المزيد من القتلى المزيد من الضحايا لذلك السفاح وانا عاجزة عن فعل اي شيء فقط اقف ساكنة انتظر دوري، متى ينتهي هذا الكابوس؟ كم عدد الجنازات التي حضرتها هذه السنة؟ متى. متى ينتهي كل هذا؟ اعانني بيتر على الذهاب الى غرفتي وحين اصبحت فيها وحدي بدأت افكر في الأمر بصورة عقلانية. لماذا قتلت العمة شارلوت؟ لماذا هذا التوقيت بالذات؟ لماذا لم يقتلها مع ابنها وزوجها؟ لماذا الأن؟ ربما. ربما لأنها كانت على وشك ان تخبرني بأمر مهم فقتلها قبل ان تفعل. لكن ذلك مستحيل! اعني من غير يعرف هذا الأمر لا احد، انا لم اخبر احدا اني تحدثت اليها اصلا، اني تعبة جدا ولم اعد احتمل اي ضغط نفسي يجب ان ارتاح قليلا خصوصا بعد ما حدث اليوم لكني قبل ان استغرق في النوم مر على كل ما فعلته اليوم. مشاجرتي مع جين وكاثرين. اذا فكرت في الأمر مجددا اجد اني اخطأت التعامل مع كلاهما وخصوصا كاثرين لقد كنت قاسية عليها واخبرتها بذكرى هي تكرهها وانا بالذات اعلم شعورها فقد مررت بنفس التجربة. ثم مكالمة ريتشارد واخيرا موت العمة شارلوت، يا له من يوم كان هذا اخر ما فكرت فيه قبل ان استسلم للنوم.

في طريقي وانا عائدة من المدرسة بعد ان اصررت على العودة سيرا على الأقدام لم اتكلم مطلقا مع كاثرين ولم استطع مقابلة ريتشارد، جميل جدا يوم اخر قد ضاع تماما ماذا الأن؟، انها تمطر وقد حذرني بيتر من الذهاب الى المدرسة اليوم بسبب المطر لكني لم استمع كالعادة وهذا ليس السبب الوحيد في سيتو تغيب اليوم عن عمله بسبب تأثره بموت العمة شارلوت وهو في المنزل وحده فبيتر ودريك مشغولان اليوم وانا لا يمكنني المكوث مع سيتو وحدي في نفس المنزل، تنهدت في احباط وانا اقول:.

- ماذا الأن. لقد مات خيط معرفتي الوحيد
انها تمطر بغزارة والجو يزداد تغيما يجب ان اسرع الى البيت لن يكون ظريفا ان تبرق وترعد، لم اعد امشي بل اهرول وانا اغمغم:
- لا يوجد من هو اسوء حظا مني
لم ادر كم انا محقة فقبل ان ادخل الشارع الذي يوجد في منزلي رأيت البرق يسطع في السماء:
- لا لا، لا لا لماذا الأن؟

اعني انا على وشك الوصول الى منزلي والأجمل ان المنطقة المحيطة بالمنزل مقطوعة تماما من الأحياء السكنية وانا وحدي هنا:
- ماذا افعل؟
سمعت صوت الرعد فصرخت واسرعت بوضع يدي على يخفت الصوت ولو قليلا. انني ارتجف بقوة ولا احد حولي وسيتو ليس معي، ان الرؤيا تسود امامي. هل افقد الوعي من شدة الخوف؟ لا هذا غير معقول، صوت الرعد يدوي للمرة الثانية ومعه اهتز جسدي وانا اشهق وأقول:
- يا الهي. يا الهي.

فتراء الى ذهني صور للموتى. لخالي وهو جثة هامدة اخرى لنواه ثم للعمة شارلوت. لا انا لا اريد ان اتذكر هذا لا اريد ان ارى هذه الصور. اجهشت بالبكاء وانا اهتف:
- لماذا ارى هذا الأن؟

الصور تتوالى حتى توقفت عند امرأة شابة ملقاة على الأرض والدم يسيل من عنقها مكونا بركة من الدماء حولها ويندفع نحوي وسيتو يصرخ بشيء ما، ما هذا الذي اراه؟ لم تعد قدماي قادرتان على حملي فسقطت على الأسفلت المبتل في حالة مزرية وعينين دامعتين وجسد يرتجف كالورقة. نظرت الى السماء بعينين شاخصتين لأرى البرق يشقها فازداد بكائي لم اعد اتحمل فكرة سماع ذلك الصوت مرة اخرى. لا اريد رؤية تلك الصور:.

- سيتو. سيتو. اين انت؟ لقد وعدتني. لقد وعدتني!
((انتفض جسد سيتو عندما سمع صوت الرعد فنظر الى النافذة:
- انها ترعد
هب فجأة من مقعده حين تذكر ان جوزيفين لن تأتي بالسيارة بل سيرا مما يعني انها وحدها في مكان ما:
- ان العاصفة تشتد يجب ان اسرع
تناول معطفه وهو يعدو نحو الباب، )).

لم اعد استطيع الحركة اطلاقا مع ان الأسفلت بارد جدا على قدمي العارتين فالتنورة لا تكفي لحماية قدمي من الماء، كانت رؤيتي شبه منعدمة الأن بسبب دموعي وانا اكرر:
- سيتو. ستو...
- جوزيفين؟!
سمعت هذا الصوت المألوف. صوت اعرف صاحبه جيدا لكني كنت عاجزة عن التصديق رفعت بصري اليه لأجد سيتو امامي وهو يلهث:
- اخيرا
قالها وهو يمد يده لي كي اقف لكني لم اتحرك مطلقا بل نظرت اليه بوجه خال من التعابير فعقد حاجبيه وقال:.

- ماذا بك؟ هيا علينا الذهاب
هو لم يعتد ردة الفعل هذه خصوصا في وقت انا في امس الحاجة فيه اليه. جذبني من يدي واسندني حتى وصلنا الى المنزل فأسرع بإجلاسي على اقرب اريكة قابلته ونظر لي في قلق وهو يقول:
- جوزيفين ما بك؟ لماذا لا تتكلمين؟
لكني لم ارد وكأني لا اراه اصلا ان عقلي لا يزال يحاول استيعاب الصدمة. قال وكأنما ادرك شيئا للتو:
- يا الهي انت مبتلة تماما
نظر حوله ثم اتبع قائلا:
- لا تتحركي حتى اتيك.

ثم ذهب وعاد في ثوان قصار. عاد بمنشفة بدأ يجفف بها وجهي ثم وضعها على شعري ليجففه وهو يسأل:
- لماذ لا تتحدثين؟ اريد ان اعلم هل انت بخير؟
انفرجت شفتاي لأقول:
- انت تعلم اليس كذلك؟ تعلم لأنك كنت هناك اليس كذلك؟
نظر لي في عدم فهم فقلت:
- لقد كنت موجودا عندما حدث. الجثة الملقاة على الأرض والدم يسيل من عنقها، انت. انت كنت هناك. كنت معي تحاول منعي من الرؤيه...
قال غير مصدق:
- هل تذكرتي؟
بإرهاق قلت:.

- لا انا لا اذكر سوى هذا تلك الصورة فحسب لكن انت تعلم اليس كذلك؟ تعلم من تلك المرأة ولماذا كنت هناك في ذلك المكان
نظر لي في شيء من الإنزعاج وقال:
- انا لا اعلم من هي، ارى ان ترتاحي قليلا
قلت بإنفعال:
- بل تعرف، توقف عن الكذب الى متى ستتركوني محاطة بهذه الأكاذيب لمجرد اهوائكم
- جوزيفين.
- لا تنطق اسمي لا اريد لكاذب مثلك ان يقوله، انت تعرف ولم تخبرني بل ولم تكن تنوي ان تخبرني
- جوزيفين اسمع...

وضعت يدي على اذني واغلقت عيني وانا اهتف:
- اصمت لا اريد ان اسمع المزيد من الأكاذيب لا اريد سماعك
شعرت بيده تضغط على يدي بقوة ثم ابعدها عن اذني بعنف وهو يقول:
- جوزيفين انظري الي
فتحت عيناي ببطء ليقابلني سيتو قائلا:
- ان الأمر صعب علي كما هو عليك
كان صوته عاليا. راجفا بدا وكأنه على وشك البكاء نظرت اليه غير مصدقة فأكمل:.

- اتعتقدين ان الصوت لا يرعبني؟ انه يرعبني كما يرعبك. انه يذكرني بما لا تستطيعين تذكره. انا لم انس شيئا من تلك الليلة كما اتذكرك تصرخين في كل مرة عند سماع الصوت حيث يحاول عقلك بشتى الطرق ان لا يستعيد تلك الليلة. لكن العاصفة الرعدية في ذلك اليوم جعلت النسيان صعب. وفي كل مرة اسمعك تصرخين اتألم اكثر اتذكر ثانية. لم ارد ان اخبرك لكي لا يكون الأمر اسوء بالنسبة لك كما هي لي. انا اعلم جيدا اننا ما دمنا قد وصلنا الى هذه المرحلة فلابد ان تعرفي الحقيقة...

(( كان يوما عاديا ككل ايام الشتاء السماء ملبدة بغيوم. يوم عادي لكل من يراه حيث انطلق الأربعة يعدون في بهو المنزل في مرح طفولي بينما جلست امرأة شابة تنظر الى الساعة في قلق ثم انتقل نظرها الى الأطفال يعدون في كل مكان. ببطء تحول بصرها الى النافذة ثم قامت بهدوء اليها وبأصابع مرتجفة متعرقة رفعت الستائر بحذر لتجد ما كانت تتوقعه. السيارات السوداء تتوقف امام المنزل لم تنتظر اكثر بل اسرعت نحو الهاتف بأقصى ما تستطيع لتتصل بالرقم الوحيد الذي يمكن ان يساعدها في وقت كهذا حين استجاب الطرف الأخر اسرعت تقول:.

- انهم هنا اسمعي جيدا. لا. لن تستطيع في الوقت المناسب. اعلم اني لم استمع لك لكن، قلت لا اسمعني سأخرج الأطفال من المنزل، سألهيهم بعض الوقت حتى تتمكن من الوصول وتستلم الأطفال، لا. هذا هو الحل الوحيد
ثم ابتسمت بمرارة:
- وداعا
واغلقت الخط ثم تنهدت ونادت على الأطفال فتجمع الأربعة الأربعة امامها وقالت:
- اريد منكم ان تقوموا بما سأقوله بالضبط. اريدكم ان تخرجوا وتختبئوا خلف الأشجار المحيطة بالمنزل
قال سيتو:.

- لماذا؟
- مجرد لعبة لا تشغل بالك كثيرا لكن يجب ان تفعلوا ذلك حرفيا وإلا تعودا حتى اتي اليكم اتفقنا؟
فرد دريك وبيتر وجوزيفين بحماس:
- حسنا
بينما قال سيتو في شك:
- لكنها تمطر بالخارج
اتجهت نحو سيتو وهي تغمغم:
- كالعادة انت تسأل الكثير من الأسئلة
وقامت بتعديل ملابسه:
- عليك ان تكون مطيعا في بعض الأوقات
فأجاب مرغما:
- حسنا
وعلى هذا خرجوا جميعا من الباب الخلفي للمنزل نحو الأشجار. )).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة