قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والأربعون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والأربعون

رواية ما وراء الأكاذيب الجزء الأول للكاتبة تسنيم مصطفى الفصل الثامن والأربعون

اصيب بعض الرجال جراء رصاصات جين الذي قلب الأحداث رأسا على عقب خصوصا مع عدم قدرتهم على استخدام اسلحتهم مما مكننا من مناوشتهم قليلا وقد لاح لي بعض الأمل. البعض منه فقط. لكن ومن حيث لم نحتسب اتت رصاصة اطاحت بمسدس جين من مكان لم نتصوره. نعم يا سادة من عمتي كريستل التي ابتسمت بوحشية وهي تمسك بمسدس صغير وقالت:
- هذا يكفي
ثم وبصوت منخفض لكني سمعته جيدا قالت:
- فقط لو لم يكن على قتلها بنفسي.

ثم رفعت مسدسها الى رأس جين واكملت:
- فلتمت
اما انا فكنت بعيدة قليلا ولا مجال لي لأحميه كما انني شعرت بمن يمسك كلتا يداي مانعا اياي من الحركة كان هذا احد الذين تبقوا من الرجال وهم في حدود الخمسة فصرخت:
- جين!

في تمام هذه اللحظة بالضبط وقبل ان تطلق عمتي الرصاص سمعنا صوت اقدام ات من الإتجاه الذي سلكه جين ليصل الى هنا ثم رأينا رجلان يقفان على مدخل المكان الذي نحن فيه وكلاهما يلهثان بشدة وبعد لحظة قال احدهما:
- جوزفين! اخيرا وجدتك.

رغم كل القلق والخوف الذي اعتراني على جين إلا ان كل هذا اختفى ليحل محله الذهول. ذهول مطبق ولم يكن هذا حالي وحدي بل حال الجميع. وانا احدق في الرجل الواقف جوار اخي. وكأن الزمن قد توقف. لم استطع رفع عيني عن رجل من المفروض انه ميت وبصوت مبحوح قلت:
- ريتشارد
لكن صيحة خالتي المندهشة غطت على جملتي قائلة:
- ريتشارد! كيف؟ المفروض انك ميت
ثم قالت بوحشية:
- لا يأس من قتلك مرتين على اية حال.

ثم اطلقت الرصاص لكن ريتشارد تفادها ببراعة وخلال انحنائته اخرج مسدسا من جيب معطفه وصوبه نحوها قائلا:
- ان دورك في اللعبة قد انتهى
وكاد يطلق بالفعل لولا ان اعترض طريقة احد الرجال بينما قال الرجل الأخر الذي تبينت انه سيتو:
- جوزفين هل انت بخير؟

كان عاجزا عن الوصول إلى لأني كنت محاطة برجلين لكن قدومهما احدث بلبلة لا شك فيها وكل ما كنت احتاجه هو فرصة لأتملص منهما وقد اتت من حيث لم اتوقعها. دوي سيارات الشرطة حول المدرسة وابتسامة جين الماكرة. وبسرعة رفعت رأسي بقوة لتصطدم بذقن الرجل الذي كان يمسكني فتخلت يده عني فأنتهزت الفرصة لأركله بعيدة عني متحررة منه ليتحرك الثلاثة واعني بالثلاثة جين وسيتو وريتشارد فتولى كل منهم احد الرجال حين لم اعد مهددة بالخطر. يبدو ان كل شيء على وشك الإنتهاء اخيرا او هذا ما ظننت حين...

((نظرت كريستل حولها بعد ان سمعت دوي سيارات الشرطة ثم تحرر جوزيفين. ورجالها يسقطون واحدا تلو الأخر. لا. لا يمكن ان يحدث هذا هكذا فكرت. ثم نظرت امامها لترى جوزيفين تبتعد عن كل هذا وعلى شفتيها شبح ابتسابة ذكرتها بتلك التي كانت على فم مادلين فشعرت بالدم يغلي في عروقها فرغم وجود السلاح في يدها إلا انها لم تعلم على من تصوبه بالضبط خاصتا بعد ان ادركت فشل خطتها وانها خسرت تمام. لكن ان كانت ستسقط فلن تفعل وحدها فرفعت سلاحها الى جوزيفين وهي تغمغم:.

- لا يهم بأي طريقة تموتي. فقط موتي
وبتلك المشاعر التي تعتريها ضغطت على الذناد))
- جوزيفين احترسي.
صوت جين يرن في اذني وانا انظر الى ما يحذرني منه. والذي تبعه صوت خروج الرصاصة من المسدس. لا مفر. لا مهرب. ثم صوت الرصاصة وهي تخترق اللحم لتغوص فيه. تأوهت وانا ارتطم بالحائط. كل شيء حدث بسرعة. بسرعة جعلتني احدق بعينين متسعتين الى الجسد الملقى على في ذهول قبل ان اصرخ:
- لا. لااااااااااااا.

انهمرت الدموع من عيني وانا اهز الجسد واهتف بجزع:
- جين. جيين!
يا الهي. يا الهي. لقد حماني جين. تلقى الرصاصة بدلا عني وانا بعيني الرصاصة وهي تخترق صدره. في تلك اللحظة اقتحم رجال الشرطة المكان. وانا لا اكف عن البكاء والهستريا وعيني حين الساخرتان ترمقني وهو يقول:
- كفي عن. البكاء. فأنا لن اموت. من هذا.

حاولت ان اتماسك لكن محاولتي باءت بالفشل حين رأيت كلا من سيتو وريتشارد يسقطان ارضا فاقدين للوعي في نفس اللحظة ودون مقدمات وكان هذا كفيلا بجعلي انفجر بالبكاء من جديد بينما رجال الشرطة حولي يحاولون تهدأتي بعد حملوا جين وسيتو وريتشارد الى عربة الإسعاف لكن هيهات. لم يستطع احد منهم تهدأتي حتى بعد ان اخبروني ان جرح جين ليس بالخطير وان الرصاصة لم تخترق صدره كما ظننت بل عند مفصل الكتف ورغم امساكهم بكريستل متلبسة إلا اني لم استطع الكف عن البكاء ولم ادري لذلك سببا...

هدأت اخيرا بعد ما يقرب من نصف ساعة جعلت فيها رجال الشرطة يلتفون حول انفسهم في حيرة من امري. كنا خارج المدرسة الأن، امام بوابتها في الواقع فقد استغرقنا وقتا طويلا للخروج من تلك المتاهة خصوصا بعد فقداننا للخريطة وبمجرد خروجي رأيت ما يرب من عشرة سيارات شرطة واثنين اسعاف وقد نقل الى احداهما ريتشارد وسيتو والتي تحركت بهما مسرعة الى اقرب مستشفى اما الثانية فكانت لجين لكنها لم تتحرك بل تم اسعافه فيها خصوصا وان جين لم يفقد الكثير من الدماء. وقفت غير عالمة ماذا افعل؟ او الى اين اذهب؟ فجأة تذكرت بيتر ودريك يا الهي لابد وانهم جنوا لذلك اتجهت الى احد الضباط وسألته عن هاتف فأعطاني هاتفه وعلى الفور اتصلت ببيتر فأتني صوته مبحوحا مضطربا:.

- من معي؟
فرددت:
- هذا انا يا بيتر
- جوزفين؟!
قلت بألم:
- لا تصرخ في اذني
هتف سائلا:
- اين كنت؟ بل اين انت؟ لقد اوشك الفجر على البذوغ اتعلمي.
قاطعت صياحه قائلة:
- كف عن الصراخ واسمع انا الأن مع سيتو ونحن الأن متجهون الى مشفى (، )
- مشفى؟ لماذا؟
تنهدت وقلت:
- الى اللقاء.

اغلقت الخط. اسفة يا بيتر لكن ليس لي طاقة للشرح اعلم اني كنت جافة في الحديث معه لكن لا يمكن ان يلومني احد بعد كل ما مررت به تنهدت مرة اخرى في صمت عندما احسست بمن يضع يده على كتفي ويقول:
- انت هي جوزيفين الدن اليس كذلك؟
نظرت خلفي لأرى رجلا في منتصف الأربعينات يقف وعلى شفتيه ابتسابة فقلت بعد ان ازحت يده بعنف:
- من انت؟
اتسعت ابتسامته وقال:.

- اهدأي. يبدو انك لم تتعرفي على صوتي. انا كارل. كال ماكأرثر الصحفي الذي اتصلت به منذ يوم تقريبا
بدهشة سألت:
- لما انت هنا؟
اجاب بسخرية:
- انا صحفي ماذا تتوقعين؟
نظرت اليه بدقة ثم فكرت ساخرة انه لابد كان وسيما في صغره لأنه لايزال يحتفظ بالكثير من وسامته هذه وهو في الأربعين ثم بعد برهة قلت ببرود وكأني غير مؤمنة بما اقول:
- على اية حال شكرا على المعلومات التي اعطيتني ايها لقد كانت مفيدة الى حد كبير
فرد هو:.

- ان صوتك في الهاتف عبر عنك بشكل كبير
عقدت يداي على صدري وقلت بنفاذ صبر:
- ماذا تعني؟
ضحك وقال:
- لا شيء
ثم مد يده واكمل:
- تشرفت بمعرفتك ايتها الوريثة الوحيدة للعائلة وللثروة الطائلة التي تركها براين خلفه
قالها بغموض غريب لكن منذ متى لم يكن شيئا غريبا منذ بدأت هذه السنة وعلى كل مددت يدي لأصافحه...

اتجهت بتردد الى عربة الإسعاف بعد ان تركني كارل لاطمئن على جين فوجدته يتكلم مع احد افراد الشرطة عاري الصدر وقد تم تضميد جراحه. فتبسمت بإرتياح. لا يبدو حتى وكأنه اصيب فتمتمت:
- هذا جيد
لمحني جين وانا اتقدم نحوه فابتسم بركن فمه ثم انهى كلامه مع الشرطي وقال لي:
- الم اخبرك اني سأكون بخير؟
اومأت برأسي ثم قلت بهدوء:
- اذن فقد انتهى عملك هنا اليس كذلك؟
تاملني لبرهة قبل ان يقول:
- اجل لقد انتهى.

لم ارد لأني لو فعلت الأن لبكيت حاولت التظاهر بالهدوء لكن محاولاتي باءت بالفشل اذ كيف اخبر شخصا اني، وانا على علم مسبق انه لا يحبني وان كل ما حدث حتى الأن لم يكن إلا خطة نفذها هو ببراعة لا اكثر ولا اقل:
- لكن هناك امر لايزال يحيرني
نظر لي متسائلا فقلت:
- اعني الكس؟
ابتسم وقال:
- لقد كانت تعلم من انا واصرت ان تخبركي وان تفسد كل ما جئت هنا لأجله...
- تعني انها كانت تعلم انك محقق للشرطة
- ليس بالضبط...

هنا تذكرت امرا غريبا فقلت:
- كم عمرك؟
قال في بساطة:
- واحد وعشرون
اذن هو بالفعل اكبر مني لكن هذا يتنافى مع ما اخبرني به:
- لكن!
- اعلم ما تريدين قوله. انا لا ازال في الكلية في اخر سنة بالتحديد لكن عرض على الطلبة المتفوقين المشاركة في قضية حقيقة وكانت تلك هي قضية عائلتك لكنها قضية لن انساها ما حييت
ثم نظر لي ومد يده ليصافحني وهو يقول:
- لقد سررت بمصاحبتك لهذه السنة يا جوزيفين.

لكني لم اصافحه وكيف افعل؟ الأن فقط ايقنت الحقيقة التي انشق لها قلبي وانني يجب ان استيقظ لقد كنت مجرد عمل بالنسبة له. هكذا ابعدت وجهي عنه لأني احسست بأني موشكة على البكاء فابتسم بمرارة:
- الا تنوين حتى مصافحتي؟
هتفت بحدة:
- بالطبع لن افعل
كنت منزعجة بحق وعلى شفا البكاء فقال:
- جوزفين؟ ما الخطب؟

ما الخطب؟! ايسألني ما الخطب؟ نظرت له بغضب حقيقي وانا داخلي بركان يغلي وقد كان يكفيني ما قال لأمزقه اربا وانا التي كنت انوي اخباره بمشاعري. ودون مقدمات رفعت يدي وبكل قوتي هويت بها على وجهه وقلت بصوت حاولت الحفاظ على بروده:
- كاذب
ثم ابتسمت بمرارة ساخرة من نفسي:
- مثل البقية تماما
طالعتني نظرات جين المذهولة فأكملت:
- هذا ما اردت قوله. وداعا يا جين.

ثم استدررت واتجهت نحو اقرب سيارة شرطة ودون ان التفت ركبت السيارة وانا احبس دموعي فقال السائق:
- انسة جوزيفين هل انت بخير؟
رفعت حاجباي باستغراب وانا اسأل:
- ماذا تعني؟
قال بارتباك:
-. أعني. انت تبكين
ادركت حينها دموعي التي انهمرت كالمطر فأسرعت امسحها ثم قلت:
- لندعي ان هذا لم يحدث. خذني الى المشفى الذي فيه سيتو.
الفصل القادم هو الأخير وسأنزله بعد غد ان شاء الله ^^.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة