قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني

فتحت باب شقتها بهدوء فقد تأخر الوقت حقا وبالتأكيد عمتها قد خلدت للنوم الآن وما أكد لها فكرتها هو الظلام والسكون الذي كان يعم المكان، رمت مفاتيحها على الطاولة بإهمال وتوجهت إلى غرفتها لترمي حقيبتها أيضا وتخلع حذائها بتعب وتستلقي بخفة على فراشها وأغمضت عينها بنعاس.

ولكن هل كان العاشق يوما يستطيع النوم دون أن يتصفح أوراق الماضي ويتجول بين حروفه. وجدت نفسها رغما عنها تغرق في دوامة ذكرياتها التي لاتكفى عن مطاردتها ليلا أو نهارا
#flash back:.

بعد الحفلة بيومين كانت تجلس في الصباح الباكر كعادتها بأحد المقاهي القريبة من سكنها تنتظر قهوتها الصباحية وهي تنظر عبر الزجاج إلى المنظر الخارجي الذي كان عبارة عن لون واحد وهو الأبيض، فقط غطت الثلوج معالم المدينة وألوانها تماما لتوحده برمز النقاء...

إبتسمت للنادلة بمجاملة وحركت رأسها لها كنوع من الشكر والإمتنان ما إن وضعت أمامها فنجان كبير من القهوة المرة (سادة)، رفعتها بين راحتيها تستشعر حرارتها لتقربه من أنفها وتستنشق رائحتها الذكية بإبتسامة نابعة من القلب فهي من عشاقها حقا...
أغمضت عينها وهي تحاول الإستمتاع على قدر المستطاع بهذه اللحظات النادرة الحدوث ولما لاااا فأجمل أوقات الإنسان هو أن يحظى بصباح رائع كهذا...

كافيه أجوائه هادئة مع منظر تساقط الثلوج في الخارج ورائحة القهوة التي تغزوها، وااا، لحظة. بالتأكيد وجميعا نعلم أن من شبه المستحيل أن يكون كل شئ على أكمل وجه وكامل كما نريد، يجب أن يأتي احد ويخرب هذه الأجواء عليك...

وهذا ماحدث بالفعل ما إن وجدت شخصا ما يجلس إلى جانبها دون إستئذان لتلتفت له بإستغراب من فظاظته ولكن سرعان ما إبتسمت بتهكم واضح وهي ترى ذلك الرجل المجنون التي إلتقت به بحفل عيد زواج صاحبتها إستيلا...
- بتبصيلي كده ليه، إيه معجبة فيا للدرجادي، قالها يونس بخبث وهو يميل عليها برأسه قليلا لترفع الأخرى حاجبها من طريقته معها ونظراته المتفحصة والتي بالتأكيد غير بريئة تماما...

ولكن قبل أن ترد عليه أو تبدي أي رد فعل وجدته يقرب وجهه منها أكثر وأخذ يتمعن بنظره إلى عينها هذه المرة وهو يكمل بوقاحة وجرأة والتي علمت فيما بعد إنها جزء لا يتجزء من شخصيته
- ماكنتش أعرف إن شكلي حلو أوي كده إلا لما شفت إنعكاس صورتي في عنيكي...
إلتفتت له بجسدها ووضعت ساعدها على ظهر مقعدها ونظرت له بنصف عين وهي تقول بسخرية لاذعة: بجد، حلو، هو في راجل شحط زيك كده يقول على( نفسه حلو،.

- مين ده اللي شحط، قالها يونس بصدمة ممزوجة بغضب لتعتدل بجلستها وهي تقول بلامبالاة بنظراته النارية: هو في حد غيرك قاعد معايا، ختمت كلماتها وهي تتذوق قهوتها بثقة وما إن كادت أن تضعها على( سطح الطاولة حتى وجدته يسحبها من بين أناملها وأخذ ينظر للفنجان ليديره قليلا وأخذ يتذوقها هو أيضا ولكن من نفس مكان شفتيها ليهمهم بصوت رجولي يدل على المتعة ليقول بعدها بسفالة وهو يمرر لسانه على شفته السفلية.

- ماكنتش أعرف إن طعم القهوة مع المارشيملو ليه نكهة خاصة ترفع المزاج كده، وااااااااه، اااايه ده،!
قال الاخيرة بصدمة وهو ينهض بسرعة عن مقعده بعدما فاجئته بسكب الفنجان على صدره لتنهض الأخرى معه وهي تقول بتشفي: شفت آخرت قلة أدبك إيه، بس أنا لازم أصلح غلطي وأغسلك القميص بنفسي مع إن اللي حصل قليل في حقك، ختمت كلامها وهي تسحب كأس الماء وترميه على صدره أي فوق سكب القهوة...

صعق جميع من بالمكان من فعلتها لترفع هي يدها وتضعها على فمها وهي تقول بإبتسامة حاولت أن تداريها
- أوووه أنا شكلي كده بوظته خالص إممممم يلااا مش مشكلة فدايا تعيش وتأخد غيرها ياااااا، يا دكتور
سحبت سترتها الطويله وإرتدتها لتخرج خصلاتها من تحت ياقتها لترتد خصلاتها على ظهرها بدلال ثم سحبت حقيبتها وهي ترفع يدها أمامه بإبتسامة نصر وهي تقول: تشششااااااو...

إتبعها بنظره بصدمة وكأنها تنين ذو رأسين ولكن ماجعله يفتح فمه بذهول حقا هو ما إن سمعها تقول للنادلة وهي تشير عليه بسبابتها: الحساب، ثم أكملت وهي تنظر له بمكر...
معلش إدفع إنتا ماهو أصلي انا ماشربتهاش، قميصك اللي شربها، واااه متنساش البقشيششش...
أخرج من محفظته بعض الأوراق النقدية و وضعها على سطح الطاولة وخرج بسرعة للحاق بها.

وبالفعل خرج من باب الكافيه وأخذ ينظر يمينا وشمالا لا أثر لها رفع يده واخذ يسحب شعره إلى الخلف بضيق وهو يكز على أسنانه ولكن ما إن وقع نظره على قميصه الذي أقل ما يقال عنه إنه أصبح كارثي
ضرب الثلج الذي على الأرض بغضب وهو يقول بتوعد لتلك التي لم ولن يرى مثلها أبدا
- إن ماكسرت عزة نفسك وغرورك ده مابقاش أنا يونس الهلالي...

أما الأخرى كانت تنظر له بتشفي من خلف أحد التماثيل الحجرية لتلتفت وتكمل طريقها وهي تضحك عليه وعلى حالته، لتقول بعدها بإنتصار ممزوج بغرور: تستاهل عشان تحرم تلعب بعد كده مع ريهام الصعيدي.
#back:
نزلت دموعها بهدوء من عينها المغمضة لاتعرف متى ستتخلص من هذه اللعنة التي دخلت حياتها منذ سنين
لاتعرف متى الخلاص...

نهضت وأخذت تمسح دموعها بتعب قلب مكسور لتستقيم بطولها وتتوجه إلى الحمام وهي تفتح سحاب الفستان من الخلف وما إن أغلقت الباب عليها حتى أطلقت سراحه ليسقط عند كاحليها لتتخطاه وتقف تحت الدش
لتداهمها ومضات الماضي ضحكاته لمساته وقاحته وااااا قطعت موجهة حنينها له وهي ترفع وجهها لتلك القطرات لتتغلغل بداخلها لعلها تعالج روحها وجروحها.

بعد دقائق من حربها مع ذاتها أغلقت الماء لتخرج من الكابينة وترتدي مأزر الحمام وتلف شعرها بمنشفة صغيرة وهي تقف أمام المرآة لتمسح بيدها البخار عنها لتظهر صورتها واضحة لتقول وهي تتكلم مع قلبها وتؤنبه وكأنه امامها.

- إسمعني يازفت إنتا هتنسي يونس بمزاجك أو غصب عنك سامعني ولا عايزني أعيد، صدقنى حنينك ليه كل ليلة مش هيفيدك بحاجة بالعكس ده بيزيد من كرهي ليه، أوعى حد يشوف أو يحس بوجعك وضعفك، خد حقك منه أوعى ترحمه في يوم، إستغل الفرصة وإنتقم لجروحك اللي أخذتها منه، ساااامعني، قالت الأخيرة ثم خرجت ورمت نفسها على فراشها الوثير لتبتسم بسخرية وهي تقول.

بقا دي أخرتي إني أقف وأكلم نفسي، منك لله جننتني معاك يا إبن الهلالي، وأخذت تغمغم بكلام غير مفهوم مع نفسها بضيق وماهي سوا ثواني حتى غفت على وضعها هذا
أشرقت شمس الصباح لبداية يوم جديد لتدخل سيدة كبيرة بالعمر تدل ملامحها ع الطيبة وشعرها الأسود الممزوج بشعيرتها البيضاء التي لم تزدها سوا وقاراااا
ولما لا فهي( نادية الصعيدي تبلغ من العمر 52 سنه هي من قامت بتربية ريهام منذ الصغر).

جلست إلى جانب إبنة أخيها الراحل وهي مستغربة من وضعها هذا وضعت يدها على ذراعها بحنية وأخذت تيقظها وهي تقول بتسائل
- إصحي ياريري، انت جيتي إمتا إمبارح، وإتأخرتي ليه، و نايمة بالبرنس ليه مغيرتيش ليه.
- خلااااص بقااا ياعمتو إيه ماسورة الأسئلة اللي إنفجرت في وشي ع الصبح دى، قالتها ريهام بإنزعاج شديد وهي تفتح إحدى عينيها بنعاس
نادية بإستنكار وهي تضربها بخفه على كتفها.

- ماسورة؟ ياقليلة الرباية والله أنا معرفتش أربيكي، قومي فزي وجاوبيني، وياويلك مني لو حاولتي تزوغي زي كل مره...
- حاضر، أهو صحيت، قالتها وهي تجلس بنعاس وما إن إنغلقت عينيها بغفوة حتى جفلت على صوت نادية الصارم: هااااا انطقي...
أخذت تدعك عينها و وجهها وهي تقول بصوت مبحوح من أثر النوم
- ياااعمتو كل الحكاية إن بعد الحلقة ما إنتهت خرجت شفت عربيتي مابتشتغلش فضيفي اللي كان معايا أصر إنه يوصلني.

نادية باستنكار لما تقول الأخرى
- ضيفك اللي انت بهدلتيه إمبارح وصلك لغاية البيت! والله طلع فيه الخير إنه بص في وشك أصلا بعد اللي عملتيه فيه قدام الناس.
- هو جنس آدم كده تديهم على دماغتهم يجرو وراكي حبيهم يدوسو عليكي يخلوكي تخرجى أسوء مافيكي. قالتها وهي تسحب المنشفة من رأسها لتنزل خصلاتها السودا التي كالحرير تداعب ملامحها الجميلة.

رفعت يدها وأخذت تمررها على رأسها بحنية وهي تقول بإبتسامة حزن تغزوها على حالة إبنتها فنبرتها التي تكلمت بها مليئة بخيبات الأمل التي عاشتها عن تجربة مؤلمة: مش كلهم يقلبي...
- لاء كلهم كده. هما باكدج واحد صدقيني، قالتها ريهام بضيق وسخرية
نظرت لها نادية بعدم رضا لما تقول
- بقالك سنين وانت بتعيدي وتزيدي بالكلام ده لغاية ماطفشتي الكل من حوليكي...

- أنا اللي بطفشهم بردو إش حال إن ماكنتيش عارفة وراسية على كل الحكاية من أولها، قالتها بقهر حاولت أن تداريه
نادية بمحايلة
- وطالما عارفة يابنتي إنه قادر أوي كده وبيمحي أي حد يقرب منك ماتتجوزيه ده بيموت فيكي، وافقي وريحي قلبك اللي مش شايف غيره وريحيني وريحي الناس اللي هو مخليهم يراقبوكي ليل ونهار ده وإنتم عاملين زي القط والفأر. وااا.

صمتت ما إن سمعت صوت جرس الباب لتنهض وهي تقول بتنهيدة- غيري هدومك لغاية ما أشوف مين...
في الخارج كان يقف أمام باب شقتها وهو يحاول بقدر المستطاع ان يرسم الهدوء على ملامح وجهه فهو ما إن تلقى خبر من الحرس بأنها عادت إلى منزلها مع ذلك رجل العمال الفاسد و زير النساء أصبح يغلي كالبركان
إبتسم بحب وهو يرى تلك السيدة الطيبة تفتح له وأخذت ترحب به بحرارة وهي تفتح الباب أكثر لدخول يونس.

- ياأهلا وسهلا إتفضل يابني...
دخل وإنحنى ليقبل يدها بإحترام فهو إستطاع أن يستحوذ على حبها وكسبها لصفه ولكن بعدما اكد لها بأنه لا يحب إبنة أخيها بل يعشقها بكل كيانه...
- وحشاني ياندوش إيه الجمال ده كله. شكلي كده هغير رأيى وأسيب البنت الخنيقة وابص للحنينة، ختم كلامه وهو يغمز لها بهزار
نظرت له نادية بإستخفاف
- ليك نفس تضحك وتهزر والبنت هتطير من إيدك يا دغف.

رفع حاجبيه متصنع الدهشة: دغف، هو حضرتك متأكدة انك بقالك عمر بحالة عايشة في إيطاليا...
وبعدين مين دي اللي تطير مني رقابهم هما اللي حتطير قبل ما يحاولوا حتى.
- من يومك بربري مش شئ جديد عليك يعني، قالتها ريهام بقوة وهي تتقدم نحوهم وما إن وقفت على قرابه منهم حتى أكملت بفظاظة، وياترى إيه سر الزيارة اللي مش لطيفة خالص دي...
- ريهااااااام، عيب كده، قالتها نادية بصرامة لتقول الأخرى بتسائل مصطنع.

- اااالله فين العيب اللي في الموضوع ماهو دكتور عارف ومتأكدإنه غير مرغوب فيه هنا، جاي ليه بقاااا...
إنحنى يونس نحو نادية وهو يهمس لها بغيظ
- بجحة بجحة يعني مافيش كلام...
إلفتت له وهي تربت على ذراعه بتحذير: طب لم نفسك لا توريك البجاحة اللي على حق
إعتدل بجلسته وهو يعدل من حلته بعدما قال لها بخفوت: توري مين ده أنا صايع قديم...

سحبته نادية من حلته وهي تقول بشراسة تليق بعائلة الصعيدي: صايع على نفسك، إلا ريهام متخلنيش أقلب عليك أنا اللى مصبرني عليك هو إني متأكدة من حبك ليها بس لو شفت غبائك ظهر هديك الصابونة وأزحلقك من ع السلم وأكسر رقبتك وجوزها من بكرة سيد سيدك...
نظر لها بصدمة فهي طبق الأصل من معشوقته بلسانها الذي يجلد من امامه و لايبالي. اخذ يضرب كفيه وهو يقول بصوت خفيض- مستغرب ليه ما ريهام تربيتها...

تنهدت ريهام بفارغ الصبر وهي تقول
- شكلك كده جاي تقعد مع عمتو شوية أنا نازلة بقا
نهض و وقف بطوله المهيب أمامها وهو يقول بجدية: على فين...
- شئ مايخصكش، قالتها وهي ترفع وجهها له بتحدي
نظرت نادية لهم بيأس من حالتهم تلك لتنهض هي الأخرى وتقول
- ااااه هي الإسطوانة هتبدأ زي كل مرة تتقابلوا فيها لازم تتخانقوا وتقلبوها حريقة، أدخل أنا أعمل فطور أحسن
نظرت إلى أثر عمتها التي ذهبت بغيظ وهي تقول.

- لا حريقة ولا مطافي أنا نازلة، كادت أن تتخطاه لتصل إلى الباب الرئيسي للشقة حتى أوقفها عندما قبض على عضدها وهو يقول بجدية ممزوجة بغضب: شكلك كده حالفة تجننينى معاكي عشان كده رجعتي معاه بنصاص الليالي.

- حالفة إيه و أجنن مين قال يعني العقل بيخر منك كل يوم، نصيحة مني بلاش تدي لنفسك أكبر من حجمك إنتا اصلا كلك، قالتها وهي تشير له بيدها اليسرى ثم أكملت بثقة، إنتا مش في بالي، أوعى كده، قالت الأخيرة وهي تسحب عضدها اليمنى من بين أنامله القاسيةبضيق وخرجت من الشقة بأكملها ليرفع هاتفه وهو يقول بأمر ما إن تم الرد عليه.

- أريد تقرير دقيق عن جميع تحركاتها يصل لي كل ساعة، هل كلامي واضح، اغلق الهاتف وهو يغمغم بإنزعاج، كان مالي أنا بالحب وقرفه
- بتقول حاجة، قالتها نادية بفضول ليلتفت لها وهو يقول بإنفعال وغيرة: بقول ماتجوزيهالي ياندوش ينوبك فيا ثواب بدل ماهي قاعدة جنبك كده هتخلل
نادية بإمتعاض: ومين السبب بإنها تخلل مش انتا، كل ماحد يحاول يقرب منها تديله تذكرة ذهاب بلا عودة...

يونس بإصرار وتملك: ما انا قولتلك من الأول إن ده اللي هيحصل ريهام ليا يعني ليا، مافيش جنس ذكر يقدر يقرب نحيتها ده انا أنسفه
نادية بإندهاش من كلامه- تنسف مين يخربيتك هتضيعنا
يوووونس إنتا بتشتغل إيه بالضبط
- دكتور نفساني. قالها بكل بساطة لتقول الأخرى بعدم اقتناع مضحك: مش باين شكلك كده بيدي على قطاعين الطرق.

- الله يكرم أصلك ياحاجة ويارب دايما أكون على قد حسن ظنك فيا، أستأذن انا بقا عشان عندي شغل في المستشفى، سلام...
أما الأخرى ذمت شفتيها وهي تقول بعدما خرج
- قال دكتور قال والله شكله بيدي على زعيم مافيا هو و الحرس بتوعه دول انا عمري ماشفت دكتور يمشي مع جاردات كده. ولااا مش بس كده ده بيراقب ريهام وكإنها تحت المجهر الألكتروني صحيح الحب بهدلة خلى الراجل يمشي وعنيه بقفاه
(هههههههههههه والله عسل ياندوش ).

كانت تمشي والإبتسامة الواسعة تزين وجهها ولما لا فهي متوجهة إلى غرفة محبوبها ذلك الذي أسرها من أول ماوقع نظرها عليه نعم إنه غريب الأطوار ولكن ليس باليد حيلة وليس لها حكم على قلبها الذي لايسمع ولا يرى سوى مجنونها...
توقفت قبل أن تدخل وأخذت تهندم مأزرها الطبي وتمشط خصلاتها بأناملها ثم وضعت يدها على مقبض الباب وفتحته لتمد رأسها منه وهي تقول بمرحها المعتاد
- صباح الخيرر...

- صباح النور يانور إتأخرتي ليه، قالها إياد بجدية وهو يرسم كالمعتاد ونظره معلق بلوحته فقط لا غير...
دخلت وأغلقت الباب وهي تتنهد بضجر فهو لم ينظر نحوها حتى ولم يلاحظ هيئتها الجديدة، إقتربت منه وهي تقول بمحاولة لفت نظره لها.

- آااه قولتلي إتأخرتي ليه هو انا أخلص من مستر بعبع أقع فيك إنتا، وع العموم ياسيدي حاضر هقولك أنا إتأخرت ليه، عشان مرات عمي الحرباية اللي قولتلك عليها قبل كده كلمتنى وقال ااااايه محتاجة فلوس ولازم أبعتلها و أساعدهم مش هما اللي ربوني ولازم أردلهم الجميل قده مرتين. تربية الندامة قال ربتني قال ده أنا كنت خدامة بكنس وامسح واطبخ وهي بتهزقني ع الفاضي وع المليان وكانت ديما تقولي إشتغلي بلقمتك، مش بقولك انزل مصر عشان العزا الاقيها تكلمني وتزعق فيا بكل بجاحة وتقولي اللي كان بينا مات لا عايزة اشوفك ولاتشوفيني بعد كده وإفضلي صايعة في بلاد برا اللي الله أعلم بتعملي فيها إيه...

ومن وقتها لاكلمتها ولاكلمتني أه والله زي مابقولك كده بس تفاجئت فيها النهاردة بتكلمني وتطلب فلوس لإن حالتهم بقت واقعة خالص بعد عمي الله يرحمه
- وحتعملي إيه، قالها إياد بهدوء مستفز وهو يمرر ريشته بإحترافية
إقتربت منه وهي كلها غيرة وهي تراه مندمج بهذا الشكل برسم ليله...
- حعمل اااايه يعني، هبعتلها اللي هي عايزاه ماهو الظفر مايطلعش من اللحم. مع إني شفت معاهم الويل بس أهو كل واحد يعمل بأصله.

ختمت كلامها بيأس مرة أخرى فهو مايزال لايعيرها إهتمام بتاتا لتكمل بمحاولة صريحة ومباشرة للفت نظره لها.
وإتأخرت كمان لغاية ما قدرت أعمل شعري ستريت كده عشان أخلص من تريقتك عليا كل يوم اللي مش بتخلص، ايه رأيك بقا حلو،؟

ما إن قالت كلامها هذا حتى رفع رأسه لها لينظر إلى هيئتها الغريبة من وجهة نظره قطب حاجبيه بضيق شديد فهي قد قامت بتسريح شعرها و وضعت روج بناتي رقيق ليضيف لمسة سحرية عليها مما جعله يترك ماكان يفعل و ينهض ويقترب منها غير آبه بثرثرتها التي لا تنتهي او بالأصح هو لايسمع ماتقول.

صمتت وتوترت بشكل طفيف وأخذت تبتسم بخجل من إقترابه هذا حاولت أن ترجع إلى الخلف إلا ان يده القاسية قبضت على عضدها ليسحبها نحوه وبيده الأخرى أخذ يمسك خصلاتها بانزعاج فهي أصبحت ناعمة بشكل كبير ولامعه لايوجد فيها تلك التجعيدات التي تعود عليها...

حمقاء،! هذا ماكان يدور في باله و وصفها به أما نور تلك المسكينة لا تعرف ماذا تفعل فقد ظنت إنها هكذا ستتخلص من تنمره عليها وتصبح بنظره أكثر جمالااااا، لتقول بتسائل وأمل بعد ما إبتلعت لعابها
- إيه حلو مش كده، إاااااياد إنتا مبتردش عليا ليه
جفلت وفتحت عينها بترقب ما إن وجدته يمسك رأسها بشكل مفاجئ بين يده الإثنين وهو يقول بغضب مخيف
- زفت،! تعالي معايا...

ختم كلامه وسحبها معه إلى الحمام الملحق وفتح صبور الماء ليمسك خلف عنقها ليجعلها تنحنى رغما عنها و وضع رأسها داخل الحوض تحت الماء رغم مقاومتها ولكنه لم يتركها حتى تأكد بأن شعرها عاد كما كان
رفعت رأسها نحوه بغضب لترتد خصلاتها المبللة على ظهرها لينتفض قلبه بخفقان غريب ما إن تناثرت قطرات الماء عليه...
نظرت نور إلى حالتها بغضب لتدفعه من صدره بضيق شديد وهي تقول بنفعال
- اااايه اللي انتا عملته ده...

- عملت الصح، كده أحلى، هي دي نور اللى انا أعرفها.
قال الأخيرة بهدوء وهو يمرر أنامله داخل تموجات خصلاتها ويستشعر ملمسهم براحته. ولكن لايعرف متى إنتقلت أنامله من شعرها الى شفتيها الوردية وأخذ يمسح ذلك اللون التي صبغتهم بها ببطء وشرد بنظره بتلك الكرزتين الشهيتين الناعمتين وهو يتحسسهما واااا ابتعد بسرعة عنها كمن لدغته أفعى وهو مستغرب من حالته تلك.

حاول أن يتجاهل ما شعر به وإلتفت بجسده عنها وإحمرت عينيه بغضب من نفسه منذ متى وهو هكذا سحب منشفة صغيرة ورماها على وجهها بفظاظة وهو يكمل كلامه ببرود مصطنع
- شعرك بيدل على شخصيتك انت ماتحاوليش إنك تغيريه...
نظرت له وهو يتركها ويخرج لترمي المنشفة على الارض بانزعاج وخرجت خلفه وهي تقول بإندفاع
- إنتا متأكد إنك مش مجنون...
وضع يده بجيب بنطاله القطني وهو يقول بجدية
- وانت شايفة إيه، ياست العاقلين.

فتحت فمها لترد عليه إلا أنه اشار لها أن تصمت وأكمل كلامه مغير للموضوع بعدما تنهد بقلة صبر
- أنا جعان ولسه مافطرتش، روحي جيبيلي فطار
قطب جبينها بإستغراب فقد فات وقت الفطار
- ليه لسه مافطرتش لحد دلوقتي؟
- ماكنش ليه نفس ودلوقتي غيرت رأي، يلا روحي، قالها وهو يعطيها ظهره...
- ماشي دقايق وراجعة، قالتها وهي تخرج وقد خطرت فكرة جهنمية لها ولاتعرف ماذا سيكون رد فعله.

بعد برهة دخلت غرفة الممرضين بعربة الفطار التي أتت بها وذهبت نحو دولابها الصغير وأخرجت منه علبة صغيرة نوعا ما (حافظة طعام) واخذت تسكب محتواه بالطبق...
وما إن إلتفتت لتخرج حتى وجدت أمامها سارة كانت تقف وهي تراقبها لتقول بترقب
- واخذه فطارنا على فين ياست نور مش قولتي إننا هنفطر سوا
نظرت لها نور ببلاهةوهي تقول: هاااا.

- هااا إيه انت هتعملي فيها هبلة. قالتها سارة بانزعاج من مراوغة صاحبتها الواضح لتبتسم الأخرى باتساع
وهي تقول بسماجة
- ماهو أصلي أنا غيرت رأيى وقلت أفطر مع إياد حرام كل يوم يفطر لوحده من أكل المستشفى اللي لا ليه طعم ولا لون قولت أكسر الروتين ده يمكن نفسه تنفتح معايا.

نظرت لها سارة بغيظ وهي تقول: يااااحنينه، بقاااا تبيعي صحبتك عشان حبيب القلب وانا اللي فضلت جعانة لغاية ماتيجي وأول ماوصلتي جريتي عليه من غير حتى ماتصبحي عليا ياكلب البحر
نور بحب: معلش ماتزعليش هعوضها إن شاء الله وبعدين شكلك نسيتي المثل اللي بيقول من لاقى أحبابه نسي صحابه وأنا بصراحة مش بس نسيتك ده انا مسحتك من ذاكرتي.

- بقا كده ياجزمة، قالتها وهي تعقد ساعديها امام صدرها بإنزعاج لتؤكد الأخرى بكل صراحة على كلامها
- وأبو كده كمان لحد إياد ولا أعرفك، انت أصلك متعرفيش اللي حصل. ده انا هسجل اليوم ده في التاريخ، ده أحلى يوم في عمري ياصرصورة أفرحيلي بقا
إعتدلت سارة بوقفتها وأخذت تقول بترقب
- ليه حصل ايه، إنطقي انا هموت من الفضول
نور وهي تتنهد بهيام شديد
- ااااالنهاردة
- هاااا، قالتها سارة بشوق كبير.

عضت شفتها وأخذت تحرك يدها من فرط المشاعر
- اصلك ماتعرفيش إيه اللى حصل النهاردة
- إنطقي أحسلك. بدل ما أنط في كرشك، قالتها وهي تخنقها بتصنع لتبعدها نور عنها وهي تقول بحالمية وعينين مليئة بالقلوب
- هييييييح أقول ايه ولا إيه، النهاردة أول مرة من يوم ماشفته كلمني كده عادي، تصوري فضلت معاه نص ساعة ماجبش فيها سيرة ليله أبدا ولااا غسل شعري ومسح الروج وااا
سارة بصدمة من ماتسمع: غسل اااايه ومسح ااايه.

إنتو هببتوا ايه بالظبط. اه صحيح إيه اللي بهدلك كده وهدومك نصها مياة ليه...
فاقت نور من دوامتها الوردي ما إن وقع نظرها على ساعة الجدار حتى قالت بسرعة: لالالالا وفري أسئلتك دي لبعدين أنا اتأخرت على إياد أوي وهو جعان ياقلبي. ولما أرجع هبقى اقولك بالتفصيل، سلااام، قالتها وهي تدفع العربة أمامها بحماس ياترى ماذا سيكون رد فعله وهل سيعجبه طعامها...

ما إن وصلت غرفته حتى فتحت الباب ودخلت عليه وإبتسمت بحب ما إن وجدته يجلس بالشرفة ينظر الى الخارج وهو يرتدي قميص وبنطال ابيض ومع حذاء أبيض كان جذاب حقا بشكل لايوصف ومع لون عينيه وشعره الأسود هييييييح. ماذا سيحدث إن ذهبت وقبلته الآن هل ستنقلب الدنيا أم ماذا، نفضت أفكارها المنحرفة بعيدا وأخذت تحمحم لتنظف حنجرتها و ذهبت نحوه وهي تقول باستغراب
- غريبة.

- إيه الغريب بالموضوع، قالها وهو ينظر للمنظر الخارجي الذي كان يطل على الحديقة الأمامية من المستشفى
أخذت تنظر لما ينظر له وهي تقول
- كل اللي هنا غرفهم مافيهاش بلكونة الا غرفتك أو نقدر نقول الجناح بتاعك، إزاي المدير سمح بكده...
إياد بجدية: عشان أنا مش أي حد، أنا دخلت هنا بمزاجي وممكن أخرج بأي وقت، ده أنا حتى من اكبر المستثمرين فيها.

فتحت نور فمها بذهول مما سمعت لتقول بعد ثواني من صدمتها- بجد ده انا كنت مفكرة انك اااااا
قاطعها وهو يعتدل بجلسته: اه بجد، ويلا هاتي الفطار وبطلي رغيك اللي مش بيخلص ده...
أومأت له وأخذت ترص الأطباق أمامه على الطاولة الصغيرة وهي تقول بتذمر.

- والله انا مظلومة الكل بيقولي إنك رغاية وأول ما افتح بقي تسكتوني على طول معرفش ليه مع إن دمي خفيف وعسليةج~~ بس انتو اللي قارشين ملحتي شوية، لااا شوية ايييه نخليها شويتين تلاتة كده واااا
- بااااس أبوس إيدك، ما إن قاطعها إياد بها حتى رفعت( يدها أمامه وهي تقول بدلال عفوي: إيدي أهي.

نظر لها بنصف عين وضرب يدها ليبعدها من أمامه وقدم كرسيه ليقترب من الطعام ل، أخذ ينظر نحو الأطباق، كان هناك نوعان من الطعام...
أما الأخرى إبتسمت بانتصار وجلست أمامه وهي تقول بمكر خفي
- انا جبت فطاري عشان نفطر سوا أصل انا مابحبش آكل لوحدي وقولت أجي وأنورك.
إياد بتهكم: تنوريني ده ايه التواضع ده...
- ده أقل شئ عندي هو أنتا لسه شفت حاجة ده انا عندي مواهب يااااما دوق انتا بس الفول وأدعيلي...

قالتها بإبتسامة وهي تسكب له الشاي وتضعه أمامه...
أما هو كان يدقق نظره بطبق الفول الذي أمامه بإبتسامة خفيفة ولكنها مبطنة بوجع كبير وعميق، كان هذا دائما مايكون فطاره عندما كان صغيرا فزوجة عمه الراحل والدة ملك (ملك بطلة انت لي وحدي) دايما ما كانت تعده له بطريقة ممتازة وبنكهة ولا اروع ومن بعد وفاتها حتى هذا اليوم لم يتذوق طعام منزلي أبدا، أو بالأصح مصنوع بحب
دائما ما يأكل من يد الخدم...

لاحظت نور نظراته وفهمت مايدور في داخله فالمحب دايما مايشعر بألم من يحب، مسكت قطعة صغيرة من الخبز ووضعتها بداخل الطبق ورفعتها أمامه ليأكل منها ولكن الأخر ضرب يدها بعنف ما إن فاق لنفسه وهو يقول بصرامة: مش عايز...

ولكن نور لم تكون نور إن لم تعاند لترفع قطعة أخرى من الخبز أمامه ليعيد هو فعلته ولكن بشكل أقوى لدرجة إنضربت رسغ يدها بسور الشرفة الحجري لتتأوة بصمت ولكنها لم تيأس وقدمت له مرة أخرى وقبل أن يضربها مسكت يده وهي تقول بترجي
- عشان خاطري يا أياد خد مني دي بس...
نظر لها بعينين حمراء تلمع بدموع يحاول أن يداريها بغضبه جز على أسنانه ليتشنج فكه بصورة واضحة لها
ليصرخ بها.

- قولتلك مش عايز انت إيه مابتفهميش انتى...
صمت وهو ينظر لها بذهول من حركتها الجريئة فهي دست الأكل بفمه ليمضغه رغما عنه وهو يحدجها بنظرات متوعدة وما إن إنتهى حتى وضعت قطعة اخرى بفمه بسرعة قبل أن ينفجر بها ولا تعلم بأنه نسى فعلتها تماما ما إن تذوق طعمه ياااالله كم هو لذيذ.

سحب رغيف الخبز منها وطبق الفول و وضعه أمامه واخذ يأكل بصمت تام مما جعلها تعض على شفتها السفلية بحماس وفرحة لأنه أعجب بطعامها إقتربت منه بكرسيها لكي تشاركه ولكن تفاجئت به يدفع يدها أي يمنعها من الأكل معه...
- على فكرة أنا كمان جعانة و ده اكلي أنا لو واخد بالك يعني، قالتها بضيق طفولي لترفع حاجبيها بعدم رضا ما ان وضع امامها طبقه الذي يحتوى على أرقى وأغلى أنواع الجبن ودفع نحوها أيضا الشاي...

زمت شفتيها بقهر وهيا على وشك البكاء حاولت مرة اخرى أن تأكل معه إلا أنه ضرب يدها قبل أن تصل الطبق لتقول باستغراب ممزوج بضيق
- ده ايه الطفاسة دي ده الطبق بتاعي وانا عاملاه لشخصين يعني هيكفينا إحنا الإتنين
- لاء. ما إن قالها برفض حتى وجدها تعقد ساعديها أمام صدرها بزعل وضيق ليتوقف عن الاكل وقرب منها الطبق وهو يقول: إتفضلي معايا، بس ماتاكليش كتير.

- ماشي. قالتها بفرح وأخذت تشاركه كادت تأكل أول لقمة إلا أنها نست كل شئ واخذت تتأمل ملامحه عن قرب لتذهب إبتسامتها بالتدريج وحل مكانها الحزن وهي تراه بهذه الحاله مرت عليها عدة ثواني لتخرج من تأملها له ما ان انهى الطبق تماما لترفع يدها وتعطيه لقمة ايضا وهي تقول برقة وحب خالص نقي زرعه الله في قلبها له ليعوضه سنين الحرمان التي عاشها
- خد دي كمان...
- لا دي خليها ليكي، قالها وهو يشرب الماء
إبتسمت بسخرية.

- بجد كتر خيرك إنك سيبتلي حاجة
نظر لها وهو يغلق نص عينيه ما إن استشعر سخريتها ليقول: تصدقي إني غلطان انت مش وش نعمة، هاتيها، قال الأخيرة وهو يخطفها من بين اناملها ليأكلها هو ثم نهض ليغسل يديه ولكن قبل ان يدخل وجدته يقول بجدية وهو يعطيها ظهره. أنا عايز كل يوم من الفطار ده...
نهضت هي الأخرى بلهفة وسعادة من كلامه لتقول بتساؤل
- يعني افهم من كده ان أكلي عجبك...

إياد بمكابرة وهو يذهب نحو الحمام: مش بطال...
اخذت نور تحرك يديها بسعادة وهي ترقص بمكانها وتقول: النهاردة مش بطال بكرة هيبقى طعمة حلو، وبعده هيبقى تسلم إيدك، ومش بعيد يعترفلي بحبه لو عملتله حلة محشي، هييييح صدق اللي قال ان أقرب طريق لقلب الراجل معدته، عاااااا انا فرحانه أوي، أما اكلم صرصورة واقولها...
(هههههههه متتتتت البنت نور دي حكاية)
في الأسفل بالتحديد عند البوابة دخل بهيئته الضخمة.

المعضله فحجمة أصبح ضعف ماكان عليه بسبب تكثيفه لممارسة الرياضة كان يرتدي بنطال صحراوي وقميص أسود مفتوح حتى منتصف الصدر ومرفوع الأكمام يظهر من خلالهما قوة ساعديه، مع نظارات شمسية ورائحة عطره كانت تغزو المكان مما جعل تلك التي تتكلم مع نور عبر الهاتف لترى لما تأخرت الى هذا الحد تلتفت نحوه
وفتحت فمها من شدة وسامته أخذت تقترب منه وهي تقول
- دي الدنيا بقت بتمطر مزز يانور.

- مزز مين يابت، انت بتقولي إيه، قالتها نور وهي تخرج من مطبخ المستشفى بعدما أوصلت العربة
لتقف بمكانها ما إن سمعتها تقول
- بصي يانور أنا هروح أتعرف عليه
- تتعرفي على مين انت تجننتي في عقلك وإلا حاجة مين ده أصلا، قالتها نور باستغراب من كلام الأخرى
لتقف الأخرى بقرب ذلك المهلك وأخذت تعدل ثيابها وتمشي نحوه: ده واحد أول مرة اشوفه يدخل هنا بس ماقولكيش عليه سمار ااايه وطول اااايه وعرض ااايه.

لاااااا انا لازم اتعرف عليه مستحيل اسيب الفرصة دي تروح مني...
- إتلمي يااااابت، بلاش قلة أدب، قالتها نور بصرامة
لتقول الأخرى بإعجاب صريح
- اتلم اييييييه ده انا مصدقت ألاقي حد بالمواصفات دي...
نور بتهكم: هتقوليله ايه بس، شفتك وعجبتني.

اقتربت منه نوعا ما وهي تضع الهاتف ع اذنها ونظرها مسلط عليه لتقول- هقولو يخربيت جمال أمك ياجدع، وحضربه بكتفي كده وهوووب اشقطه أبن اللذينا اللي أكيد كانوا بيرضعوه عسل ابيض مصفى، أمور أوي
قطب الاخر حاجبية من خلف النظارة وهو يبطئ حركته فهو سمع وفهم كل كلامها، هل هي تقصده بالكلام ام ماذا، واااااا
قطع حبل أفكاره ما إن أصدمت به حقا ليمسكها من خصرها بسرعة ويسحبها نحوه قبل أن تسقط على الأرض...

لتلتفت له بشهقة رقيقة خرجت من ثغرها الصغير لتتطاير خصلاتها معها، اما الاخر فتح عينيه بعدم تصديق يقسم بأنه لو لم يسمعها لصدق بأن هذا كله حصل بمجرد الصدفه فهي حقا بارعة بالتمثيل ولكن من سوء حظها وحسن حظه بأنه سمع و فهم كلامها
إعتدلت بوقفتها وهي تتصنع الإحراج لتقول بلغتها الإنجليزية وبالتحديد باللكنة البريطانية التي ورثتها عن والدتها- أووووه انا اسفة حقا...

نظر لها من خلف النظارة الشمسية من رأسها حتى أخمص قدميها، يالها من جميلة و مثيرة ولكنه تحمحم وإرتدى قناع اللامبالاة فهو هنا الأن من أجل العمل
ليقول: لا بأس أيتها الصغيرة
وقفت أمامه لتمنعه من الذهاب وهي تقول بضيق انثى هل هو يستخف بها: ولكني لست صغيره...

استطاع ان يخفي إبتسامته ببراعة وهو يقول بجدية مصطنعة: حسنا ايتها الكبيرة لكي هذا. أستأذنك أنستي. قالها وهو يتخطاها لتدب هي قدميها على الارض بغيظ طفولي ورفعت الهاتف على أذنها وهي تقول لصاحبتها التي كادت ان تموت من كثرت الضحك.

- ماتضحكيش أحسنلك. انا على أخرى ده سابني ومشي مع ان غيره يتمنى، على فكرة انا مش معجبة انا بس كان عندي فضول أشوف لون عينيه، ما إن قالتها حتى جلست نور على الارض من شدة الضحك لتبتسم هي باتساع ما إن وجدته يلتفت وينظر لها لبرهة ثم اكمل طريقة نحو الداخل وهو يضحك بخفة ما إن أكملت.

سارة بسعادة وهي تصرخ بحماس: يااااا نور ده التفت عشاني أكيد عجبته صح مش كده. بت انت اسكت وبطلي ضحك انا هجيلك عشان نشوف ايه موضوع المز ده ولاااازم نجيب قراره...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة