قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

خرج من سيارته بعنفوان ثم أغلق الباب خلفه بقوة بعدما توقف عند باب الفيلا الداخلي وما إن فتح الباب حتى سأل عن معشوقته إحدى الخادمات ليعلم بأنها في الحديقة الخلفية
ليكمل طريقه وهو يأكل الأرض بخطواته الغاضبة نحو هدفه وكلمات يوسف ذلك البغيض تتردد برأسه دون رحمة لدرجة يكاد أن يجن من شدة التفكير.

أما هي كانت تحتسي قهوتها بهدوء وهي تتصفح هاتفها بأجواء هادئة مريحة للأعصاب ولكن هل الراحة تدوم طويلا بالتأكيد لاء...
همهمت بإستمتاع لشعورها بالإرتياح ما إن أرجعت رأسها للخلف ولكن سرعان ماشهقت بفزع عندما وجدته
يقبض على عضدها بعنف وسحبها منها لتقف أمامه وما إن أصبحت توازيه بوقفتها حتى صرخ بوجهها كالليث المفترس
- إاايه الجنان اللي أنا سمعته
فتحت ريهام فمها بذهول من هجومه هذا لتقول بإستغراب شديد.

- في إيه، مالك!
رفع سبابته أمام عينيها وهو يقول بصوت حاد
- هو سؤال واحد بس، إنتى فعلا ناوية تكشفي أوراق المنظمة اللي هتجيلك عندك بالبرنامج
- عرفت منين، قالتها وهي تنظر له تنتظر منه الجواب
ليصعق الأخر من ردها هذا ليقول بإنفعال
- بقولك إااايه ماترديش على سؤالي بسؤال، الكلام ده بجد، إتكلمي
انكمشت ملامحها المتألمة وهي تحاول أن تحرر نفسها منه وهي تقول
- آه بجد، ولو سمحت سيب إيدي إنتا بتوجعني.

تجاهل كلامها ليسحبها من عضدها الآخر لتكون مقيدة منه تماما وهو يصرخ بها بغضب ممزوج بخوف
- جد ااايه وزفت إيه هو لعب عيال ولا إيه. الكلام ده مش هيحصل
- يونس، قالتها وهي لاتصدق مايقول لتتفاجئ أكثر ما إن قال بأمر وتجبر
- مافيش يونس في حاضر، كلامي يتسمع بالحرف وإلا تنسي الشغل من أساسه، أنا معنديش إستعداد أخاطر بيكي حتى ولو ب1%...

هدأت مقاومتها له، نظرت على الارض لثواني ثم رفعت نظرها و إبتسمت له إبتسامة خاليه من الروح نستطيع أن نقول عنها إبتسمت بغضب وهي تسحب يديها منه وتقول بهدوء لايمد صلة لنظراتها المشتعلة
- أولا يادكتور الأسلوب اللي كلمتني بيه ده مرفوض بشكل قاطع عندي وياريت ميتكررش تاني لو حابب منزعلش من بعض
كاد أن يفتك بها من طريقتها هذه معه بالكلام ليصرخ بها بإنفعال.

- أسلوب إيه اللي عايزاني أفكر بيه وأنا عارف إنك بتلعبي بنار مالهاش آخر
عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تقول بجدية بحتة
- بردو ده مش مبرر لطريقتك دي، المفروض تيجي تقعد قدامى وتسألني تتكلم معايا تفهم الموضوع مني. مش تسمع من برا وتيجي تهب فيا زى العاصفة، وياترى دلوقتي عايز مني إني أقولك تمام اللي إنتا عاوزه أنا هعمله...
يونس بضجر
- والله ده اللى المفروض يتعمل.

إقتربت منه ونظرت إلى عينيه وهي تقول ببرود حاد يحرق الأعصاب
- المفروض يتعمل لو كنت أنا أمينة يا سي السيد بس مع الأسف أنا ريهام الصعيدى وإنتا عارفني كويس لاعمري جيت ولا هاجي كده...
صرخ يونس بإنفعال وهو يحترق وينطفئ من شدة غيظه.

- إنتى عايزة مني إيييه، عايزاني أتصرف إزاي لما إبن عمي يدخل عليا المكتب ويقولي إنه شافك وكلمك وإتفق معاكى على كل حاجة، و رب العزة كان هاين عليا أطلع روحه بإيدي وبعدين إنتى إزاي تقعدي مع واحد حقير زي ده أصلا
قلبت ريهام عينيها بضيق منه وهي تقول
- والله مكنتش أعرف إن إبن عمك حقير، إنتا اللي تعرف وأدرى بقرايبك وإنتا اللي عزمته على فرحك. وعرفتني عليه، ماتجيش دلوقتي تلومني.

- ريهااام، الأوراق دي مش هتتعرض وده آخر كلام، ما إن قالها بأمر قاطع حتى باغتته هي برفضها الناري
- مش هيحصل يا إبن الهلالي، أنا بلغتك قبل كده إن شغلي خط أحمر وحضرتك قولت ماشي فاكر ولا أفكرك، وبعدين أنا واعية وفاهمة الحياة ماشية إزاي مش صغيرة ولا مبتدئة عشان تعمل كل ده
يونس بتهكم.

- لاء ياقلبي ده كان قبل الجواز لما كان شورك من رأسك تعملي اللي إنتى عايزاه. بس دلوقتي في راجل ترجعيله وتاخدي برأيه قبل أي خطوة تخطيها
- أهو إنتا قولتها بنفسك آخد برأيه مش بحكمه وخلاص وكأني قدامه آلة تنفيذ بس، وبعدين الجواز ده.

معناه إننا نتشارك الحياة سوا مش معناه أبدا إنك تمشي حياتي على مزاجك أو تمحيها وقت ما إنت عايز ومش بس كده ده إنتا عايزني كمان أنفذ من غير حتى ما اناقشك. لحد هنا وأحب اقولك ستوب، لا عمري كنت خاضعة ولا هكون خاضعة، لاء وألف لاء
هدء قليلا ما إن رأى إنفجارها هذا. إقترب منها وهو يحاوط وجهها بحنان لعله يجعلها تلين قليلا بيديه
وهو يقول بخوف حقيقي صادق.

- حبيبتي، إفهميني، حاولي تتفهمي وضعي فالساعتين اللي فاتوا...
انا كنت هتجنن حرفيا من الخوف عليكي
عايزاني أتصرف إزاي هاا إزاي، كان عقلي فاضله حبة ويطير مني بسببك
ريهام بتساؤل وضيق
- ليه كل ده! وتخاف ليه! دي مش أول مرة، وبعدين الراجل اللي بجد هيعرف يحمي مراته ولو كانت وسط نار زي كده مش يحبسها ويسجنها بحجة إنه خايف عليها
يونس بلهفة.

- ده انا أحميكي بروحي ياقلبي، بس دول ناس غدارة وأنا بخاف آه بخاف على أغلى ماعندي واللي هو إنتى
- عن إذنك عايزة أطلع آخد شاور، قالتها بجمود وهي تبتعد عنه لتلتفت نحو الداخل ولكن توقفت ما إن سمعته يقول بجدية
- خفي اللعب يا ريهام، خفي اللعب، الذكاء هو إنك تكوني مرنة و تطاطي للريح زي القصب و أوعي تقفي في وشها لأنها هتكسرك
كادت أن تكمل طريقها بصمت إلا إنه أكمل بعذاب.

اأااانا مش قد حمل خسارتك وأذيتك سااامعاني مش قدها حتى ولو بخدش صغير إنتى عندي دنيتي ونهايتك يعني نهايتي
- سيبها بظروفها يادكتور ربك كريم، ومحدش عارف بكرا مخبي لينا إيه، قالتها وهي تستأنف طريقها نحو الداخل ثم صعدت إلى غرفتها ليزفر هو بضيق و يقول
- غبي غبي، كان لازم تتهور وتزعق يعني أهي عاندتك وحلني بقا لما تبقى دماغها تلين. أووووف أصالحها دلوقتي إزاي بقاااا.

(هههههههه الله يرحمك يارجولة، مين فاكر الجملة دي لما قالها ل أيمن، شكلك بقا يكسف يا إبن الهلالي )
الساعة 7 مساء في شركة الهواري بالتحديد بمكتب رئيس مجلس الإدارة إياد الهواري
- بذمتك ده شكل عريس فرحه كان إمبارح، قالها أيمن وهو ينظر إلى هيئته المزرية بحنق بعدما خرج مدراء الفروع الرئيسية وانتهى الإجتماع الذي دام لساعات طويلة.

- مين اللي قالك تجي الشركة، ولا إنتا جاي هنا مخصوص عشان تقرفني ماكنت تاخد مراتك وتسافر شهر عسل في أي حتة، قالها إياد بانزعاج وهو مازال يراجع ملف المشروع
رفع أيمن طرف شفتيه بتهكم ثم قال بنبرة حزينة
- إحنا عمرنا ما كان لينا فالعسل ولا هيكون...
نظر له إياد لوهلة ثم أغلق الملف الذي أمامه وهو يقول
مستغربا من هذه النبرة
- ليه بتقول كده، أنا حكايتي مع نور معروفة وجوازي صوري بس إنتا مالك شكلك مش مبسوط ليه.

- عادي، مش حاجة جديدة عليا يعني. ما إن قالها بيأس
حتى نظر له إياد بجدية وهو يقول
- عادي إيه يا إبني، مش إنتا بتحب سارة وأتجوزتها خلاص، هي لحقت تنكد عليك ولا إيه
- أنا اللي نكدت عليها وجرحتها، قالها بصوت منخفض وهو يتنهد بعذاب لينظر له إياد بحيرة من حالته هذه وما إن كاد أن يتكلم إلا أنه صمت ما إن وجد الآخر ينهض عن مقعده وهو يقول محاولا تغيير الموضوع.

- يلا هو إحنا مش هنمشي بقا ولا إنتا ناوي تنام هنا، ده إحنا سيبين البنات من الصبح لوحدهم شكلنا بقى يكسف
بقا حد يسب مراته في يوم صباحيتها ويجي ع الشغل
- يا أخي قرفتني فعيشتي وإنتا عامل زي خالتي اللتاتة
يا ريتك ماجيت كنت إرتحت من زنك ده، يخربيتك صدعتني
أيمن بضجر وهو يشوح بيده: أنا فكرتك مش هتيجي عشان كده جيت
إياد بتوضيح.

- ماكنش ينفع ماجيش النهاردة. وخصوصا موضوع الجواز جا كده من غير أي تخطيط وإنتا شايف زحمة الشغل قد إيه، وبعدين أنا ماكنتش عارف إنك هتيجي قولت دلوقتي زمانه خد مراته وسافر بس إستغربت لما جيت وشفتك هنا قبلي
- سيبك من ده كله وقولي هتيجي ولا مش هتيجي، قالها أيمن بنفاذ صبر ليصمت الآخر لثواني ثم قال بتهرب فهو لايريد أن يبقى مع نور لوقت طويل
- لاء مش هاجي لسه بدري عندي شوية ملفات لازم أراجعها. روح إنتا.

- ماشي سلام، ما إن قالها أيمن وخرج حتى أخذ إياد يتأوه بتعب وهو يرجع جسده إلى الخلف ليريح عضلات ظهرةه المتشنجة من جدول أعماله المزدحم...
أغمض عينيه قليلا يحاول أن يسرق لحظات من الزمان ليريح أعصابة المشدودة فبرغم إنشغاله إلا أن نوره لم تفارق تفكيره للحظة مما جعل ألم رأسه يزداد حتى يكاد أن يفتك به...

مرت عشر دقائق وهو مسترخي على وضعه هذا ثم نهص ونزع سترته وذهب الى الحمام الملحق بمكتبه ليغسل وجهه بالماء البارد لعلى هذا يرجع بعض من نشاط جسده المهدور
خرج من الحمام وهو يرفع اكمام قميصه قليلا ثم جلس خلف المكتبه ليرفع سماعة الهاتف وهو يقول بعملية
- إحضرى لى ملف آخر مشروع مع فنجان من القهوة.

لتمر ساعة تلو ساعة وهو منكب على الأوراق التي أمامه يحاول جاهدا أن يشغل نفسه عنها، عن تلك التي سرقت ماتبقى من عقله دون أدنى جهد يذكر
كانت هناك حرب لا ترحم مندلعة بين العقل والقلب لينقذه صوت الباب من هذا العذاب لتدلف ميليسا بعد أن أذن لها
- ماذا هناك، قالها وهو يغمض عينه و يضغط على جسر أنفه بقوة
ميليسا بعملية
- هناك سيدة في الخارج تريد رؤيتك
- من تكون، ما إسمها...

قالها بتساؤل وهو مايزال على وضعه ولكن سرعان ما فتح عينيه وهو يسمعها تقول
- Nadia AlSaidi(نادية الصعيدي)
فتح باب المنزل وهو يدور بعينيه على أرجاء المكان
بإبتسامة محبة يبحث عنها بلهفة وشوق كبير، ولكن إنمحت إبتسامته عندما لم يجدها.

أخذ يبحث عنها هنا وهناك وهو مرعوب عليها ومن أفكاره السوداء التي تمكنت منه ليخرج بسرعة نحو الحديقة الخلفية ما إن إستمع إلى صوت ضحكاتها يأتي من هناك، تسمر بمكانه و توقفت قدمه عن المشي عندما وقع بصره عليها ليفتح فمه بذهول
فتلك الشقية التي كان يظن بأنه سيعود الى المنزل.

و سيجدها حزينه منكسرة تبكي أو حتى غاضبة ولكنها تخطت كل تخيلاته فهي الأن تجلس أمامه على الأرض إلى جوار صديقتها وهي تأكل الفواكه وتسرد لها إحدى مقالبها القديمة مع ذلك التافه من وجهة نظره المدعو طارق
لتغلي دمائه من شدة الغيرة وهو يراها مستمتعة من سيرته ولكن ماجعل جميع حواسه تنصت لهم ما إن وجد نور تقول بخبث بعدما لمحت بطرف عينيها ظل أيمن
- ألا قوليلي ياسارة هو إنتى بتحبي.

- طارق!، قالتها سارة بإستفهام لتقول نور بسرعة
- طارق مين يخربيتك، هتلبسينا نصيبة، أنا بتكلم عن جوزك
- أيمن، نطقت أسمه بمنتهى القرف وهي تكرمش وجهها بإشمئزاز ليرفع أيمن حاجبه بغيظ من طريقتها ليقول وهو يقترب منهم بصوت متوعد
- أيوة أيمن، ياقلب أيمن...
نظرت له سارة من طرف عينيها بحنق ثم إلتفتت إلى الجهة المعاكسة بأنف مرفوع ليبتسم على حركتها الطفولية هذه ثم أخذ يلقي السلام على زوجة صاحبه وهو يقول...

- إزيك يانور
- الحمدلله بخير، أومال إياد فين، قالتها وهي تنظر خلفه بأمل أن تراه قادم هو أيضا نحوهم ولكن خاب أملها ما إن قال بتنهيدة
- إياد لسه في الشركة عنده شغل وهيتأخر
- يتأخر،! طيب، قالتها بحزن شديد ثم إستأذنت بالرحيل ليقترب أيمن من سارة التي كانت تتجاهله تماما وهي تأخذ صور سلفي لنفسها، جلس إلى جوارها على العشب الأخضر يتفرس ملامحها الرقيقة لينطق بخفوت
- سارة، ياعمري إنتى.

أكمل كلامه ما إن وجدها مازالت تتجاهله ولكنه يعلم بأنها تنصت له بكل كيانها
مسك يدها وقبلها بإعتذار...
- أنا أسف على اللي حصل مني، صدقيني أنا عملت كل ده عشان تكوني معايا
سحبت يدها منه بهدوء وهي تقول بجمود
- واهو نجحت وبقيت معاك، عايز إيه تاني
أيمن بتمني عاشق
- عايز سارة حبيبتي، أصلها وحشتني أكتر من روحي.

- لو لقتها إبقى قولي على مكانها، لاني ضيعت نفسي ومش لاقياها. ما إن قالتها بحزن حتى سند رأسه على صدغها وهو يقول بترجي
- عشان خاطري ياصرصورة عشان خاطر حبنا
سامحيني وانسي
وضعت ساعدها على صدره وأبعدته عنها وهي تقول بإختناق
- أنسى إيه! أغتصابك ليا ولااا الأجبار ع الجواز، ولا أسامحك على خيانتك، قولي أسامحك على إيه ولا إيه، أنا بجد تعبت منك، إنتا عملت أسوء حاجة ممكن تحصل لأي بنت فمالكش حق تطلب السماح حتى.

أيمن برفض قاطع لهذه التهمة
- انا مغتصبتكيش، أيوة أجبرتك تكوني معايا من خوفي عليكي ولهفتي ليكي بس مش هتقدري تنكري عشقي اللي كان باين بكل لمسة مني كنت بعاملك على إنك حاجة غالية وأنا مش مصدق لحد دلوقتي إنها بقت ليا، ماتقدريش تنكري إحتوائي ليكي...
صرصورة إنتى من حقي أنا وأنا من حقك معرفش زعلانة ليه
ده شئ طبيعي إنه يحصل إنتى مراتي وكنتي عايزة تمشي فمالقتش حل تاني غير ده.

وزعلانة ليه لإني إتجوزتك إجباري ليكي ده كان من حبي فيكي وده أكبر دليل على اللي في قلبي نحيتك
كنتي عايزاني أعمل إيه أسيبك تمشي وخلاص وأقول حكاية وخلصت وأكمل كده عادي من غيرك...
مش هقدر أمحيكي من حياتي واقول زي شباب اليومين دول الخايبين إن كل حاجة قسمة ونصيب، أنا تعلمت إن أي حاجة أعوزها أخدها بس بطريقتي وأنا ملقتش حاجة أعملها غير كده عشان تفضلي هنا.

- ملقتش حاجة! ولا قصدك إختارت أسهل طريق ومشيت فيه، كان ممكن تخليني معاك بأي أسلوب إلا كده، بس أزاي تعمل كده ما إنتا متبقاش أيمن لو مادورتش على أوسخ طريقة وتعملها لأن الوساخة بتمشي بدمك، سيبني أنا ااا أنا بكرهك.

قالت الأخيرة بضعف ممزوج بتوتر ما إن سحبها من خلف رقبتها نحوه بحركة خطيرة، أخذت تنظر إلى شفتيه التي لايفصلها سوا إنش واحد عن خاصته لتشهق بخفة ما إن ألصق أنفه على أنفها ببعض الغضب وهو يقول بعتاب
- إنتى ليه تحكمي عليا بالقسوة دي مش يمكن معرفش أمشي او اعمل حاجة تاني إلا كده، كبرت وعشت على كده.

- وهو عشان إنتا متعرفش أنا لازم أستحملك وأستحمل عمايلك دي كلها وأفضل أطبطب وأداري وأقول لنفسي معلش ماتزعليش محصلش حاجة هو يادوب داس عليا ومشي، صحيح أنا مكبرة الموضوع كده ليه
صمتت وهي تضع سبابتها على صدره ثم أخذت تنقر عليه بها وهي تقول ببطئ لكي يستوعب ما حدث لها بسببه.

- إللي كسرته فيا ده، كااان قلبي اللي حبك. يعني خسرت كارتك الوحيد اللي كان يشفعلك عندي. واللي دوست عليها بجزمتك دي، كرامتي. فما تجيش دلوقتي بعد كل ده وتقولي إنسي، لااا ياحبيبي إنتا اللي تنسي
قالت جملتها الأخيرة بحزم وهي تدفعه عنها وهي تقطب جبينها بغضب شديد من فرط الإنفعال التي تعرضت له...

إرتفع صوت رنين هاتفها ليقاطع هذا الحوار المتكهرب بيهم ليقع بصره على الشاشة ليسحق أسنانه بغضب فهو لم يكن سوى سئ الحظ طارق...
توترت من نظرات أيمن حتى كادت أن ترفض مكالمته فذلك الأحمق لما لايفهم فهي منذ الصباح يتصل بها بين الحين والأخرى وهي ترفض إجابته ولكن الأن قبل أن تضغط على زر الرفض حتى وجدته يسحب هاتفها من بين أناملها ليفتح الخط ويضغط على زر السماعة الخارجية ليصدح صوته بالمكان وهو يقول بغضب.

- ااااإنتى إزاي تتجوزي غيري مين اللي سمحلك تعملي كده، إنتى ملكي أنا
ليقول أيمن بصوت هادئ وهو يحاول أن يسيطر على جنونه ما إن أستمع إلى نبرته المتملكة لزوجته
بعدما اخذ يحرك رقبته يمينا وشمالا بتوعد مهلك
- إنتا فين!

صمت طارق بصدمة ولكنه سرعان ماتدارك نفسه و قال بسخرية ممزوجة غيرة: أيمن! أهلا وسهلا بعريس الغفلة، إنتا بقا اللي سرقتها مني، بقولك إيه سيبها وإبعد عنها أحسلك دي حبيبتي أنا، أنا اللي حبيتها قبلك، أنا اللي هعرف أسعدها مش إنتا
- قولتلي حبيبتك وتسعدها، ماشي، طب إسمع بقا إن ماجيتلك وعملت، و...

أغلق الخط بعدما سبه بجميع لغات العالم التي يعرفها والتي لا يعرفها ثم نهض من مكانه متوجها نحو سيارته وهو يقسم بأنه يرى الأن أمامه شياطين الإنس والجن تتراقص غير آبه بنداء سارة عليه ولا حتى بركضها خلفه...
فتح الباب وصعد بسيارته وما إن استقر خلف الموقد حتى إنطلق غير مكترث باللتي صعدت إلى جواره فهو مشغول الأن بشئ أهم وهو كيفية قتل طارق بطريقة تشفي غليله المحترق...

وخلال عشر دقايق أو أقل وصل إلى مقهى المصريين من شدة سرعته ولكن قبل أن يصل موقعها حتى وجد طارق بالقرب من المكان كان يمشي وحيد حزينا شريدا
أوقف سيارته أمامه ورمى نفسه منها بخفة ليتوجه نحو غريمة بسرعة فهد وقبل أن يفهم الآخر ماذا يحدث حتى إفترش الأرض بسبب لكمة أيمن القوية التي كادت ان تحطم وجهه، فأيمن رياضي من الدرجة الأولى.

وضع طارق يده على فكه بألم ولكن سرعان ما سحبه الاخر من تلابيب ثيابه بعنف ليرغمه على الوقوف أمامه ليعاجل أنفه بثلاث ضربات متتالية من مقدمة رأسه الحديدي
وهو يصرخ به
- سارة ملكي أنا مش إنتا حبيبتي أنا مش إنتا، دي بقت مراتي يا ااااابن الكلب
ختم كلامه وهو يضرب معدته بعنف جبار جعل الدماء يندفع من فم وأنف ذلك المسكين ثم أخذ ينهال عليه بالضرب كالوحوش الجائعة التي تمزق فريستها إربا إربا.

أما سارة رجفت أوصالها من هول المنظر وشراسة أيمن التي لأول مرة تراها فهو دائما مايرتدي قناع البرود
. أخذت تقترب منه بتردد ما إن زاد عنفه أضعاف وهي تقول ببكاء فهي حقا مرعوبة من هيئته هذه التي أخذت تتوحش أكثر وأكثر.

- كا اااا ك كفاية، أيمن، أخذت تحاول أن تبعده عن ذلك المسكين ولكن لاحياة لمن تنادي لتفقد أخر ذرة صبر لديها واخذت تصرخ به بإنفعال فعلى مايبدو بأن الآخر فقد وعيه، كفاااية بقا كفاية، بطل همجيتك دي، كان يوم إسود يوم ماشفتك أنا إيه اللي هببته في نفسي ده
تجمدت الدماء بعروقه و توقفت يده مرفوعة بالهواء من كلامها الذي كان مثل السكين السام الذي غرز بقلبه دون أدنى شفقة منها، هل هي حقا نادمة على حبها له.

عند هذه النقطة رفع رأسه نحوها لينظر لها بوجع كبير ممزوج بطياته عتاب عميق ما إن توقف عن ضرب الأخر وحرره من بين يديه بعدما أصبح لاينفع لشئ
كادت أن تذهب نحو ذلك المسجي على الأرض عندما وجدته يسعل بضعف إلا إنه منعها من أن تتخطاه ما إن قبض على عضدها بعنف وسحبها معه نحو السيارة لم يكترث بتأوهاتها. ليفتح باب المقدمة ويرميها بعنف داخل السيارة...

وما إن إنطلق بها حتى أخذ يزأر ويلكم الدركسيون بيده وهو يقول بتوعد نابع من نيران الغيرة
- بقا عايزة تجري عليه. خايفة اوي كده عليه، ماكنتش أعرف إنك بتحبيه أوي كده
- أحب مين إنتا اكيد إتجننت، قالتها بذهول وهي تلتفت بجسدها نحوه ليبتسم بغل وهو يقول.

- أيوة تجننت، وبعدين ليه لاء محامي وإبن عيلة، يعني أصل وفصل وقريب من سنك كمان، أكيد يعني لو كنتي إتجوزتيه كانت حياتك هتبقى تمام وعال العال بس مع الأسف حظك السئ وقعك معايا عشان تكوني مراتي، ساااامعه إنتى مراتي أنا، مرات المسخ اللي خدك غصب، وهتبقي معايا غصب وهتبقى أم ولادي غصب عنك، أنا قدرك، ومش هتخلصي مني أبدا إلا بموتي.

قال جملته الأخيرة بجدية لتجفل بجسدها الصغير من رهبتها منه وإلتزمت بالصمت وهي تحاول أن تسيطر على دموعها التي أغرقت وجنتيها لكي لاتنزل أكثر
وأخذت تسترق النظر له خلسة بين الحين والأخرى فهو كان أمامها كالغول المجروح بعمق، ومن شدة ألمه كان يؤذي من هم حوله...

فتحت الباب نزلت بسرعة ما ا6ن وصلو إلى منزلهما لينتظر هو داخل السيارة بضع دقايق وهو يحاول أن يعود الى هدوئه السابق وما إن نجح بذلك قليلا بعدما مرت أكثر من نصف ساعة حتى نزل هو الآخر خلفها
وما إن خطت قدمه الى الداخل حتى تفاجئ بوسادة ترمى بوجهه والتي لم تكون الفاعلة سوى سارة وهي تقول بغضب مصطنع تحاول أن تداري به على خوفها منه
- براااا
نظر إلى الوسادة بعدم فهم أو رفض أن يفهم مقصدها
ليقول
- قولتي إيه!

زمت شفتيها بزعل طفولي وهي تقول
- قولت برا...
- ولا كأني سمعت حاجة
قالها وهو يرمي الوسادة على الأرض ثم صعد إلى الأعلى وهو يتجاهلها، وما إن دخل غرفته حتى اخذ ينزع ثيابه عنه بضجر ثم يرميهم على الأرض بإهمال متوجها نحو الحمام ليغيب بداخله عشر دقايق تاركا خلفه تلك التي تكاد أن تموت غيظا منه، لا تعرف أيهما أسوء غضبه البركاني أم بروده الثلجي.

أخذت تأخذ الغرقة ذهابا وإيابا وهي تفكر ماذا سيحدث الأن. اإلتفتت نحوه ما إن خرج وهو يجفف شعره بمنشفة صغيرة حاولت أن تكلمه ولكنه تجاهلها للمرة الثانية متوجها نحو دولابه ليخرج له ثياب أنيقة لترفع حاجبها بترقب فشكها أصبح يقين، نعم هو سيخرج الأن.

- إنتا هتروح على فين فالوقت ده، قالتها بفضول شديد ولكن اغتاظت بشدة من طريقته معها وعدم رده عليها لتذهب نحوه وما إن لمست ذراعه حتى شهقت عندما وجدته يأسر خصرها بذراعه ويدفعها نحو الدولاب المفتوح، ليصبح الوضع هي أسيرة بينه وبين ثيابه
تجمدت عضلات صدره بعنف ما إن شعر بأنفاسها الساخنة تحرقه من شدة قربه منها، اقترب أكثر بتخدير فجسده يطالب بالمزيد.

أخذ ينظر إلى بؤبؤ عينها تارة وإلى شفتيها المنفرجة تارة أخرى إنحنى نحوها برغبة لتغلق عينيها بقوة وضيق مفرط فقد ظنت بأنه سيقبلها حقا ولكنه خالف ظنها ما إن سحب قميصه من خلفها ثم إبتعد عنها بلمح البصر وأخذ يرتدي ثيابه ببرود مما جعلها تحمحم بإحراج وأخذت تلعن نفسها من هذا الموقف المخجل حقا
فاقت من جلد ذاتها على صوته العميق وهو يقول بشماتة
- نامي وإرتاحي، وبطلي تاكلي فنفسك كده.

- رايح فين، ما إن قالتها وهي تراقب هيئته الأنيقة بغيرة حتى نظر لها عبر المرآة وهو يرفع حاجبه بإستهزاء وهو يقول
- يهمك يعني
لتقول سارة بإندفاع
- أكيد
- ليه، قالها وهو يلتفت لها ويمسكها من عضديها وهو يكمل بخبث وهو يغمزها بخفه، ليه يهمك، ليه بتسألي أوعي بتكوني بتغيري عليا ياصرصورة
نظرت له بكبرياء وأخذت تقول بتعالي كاذب.

- أغير على مين، عليك إنتا، قول كلام غير ده، إنتا دلوقتي بالنسبالي ولا حاجة، صفر ع الشمال
- طالما كده يبقا تخليكي في حالك، ومتسأليش رايح فين وجاي منين، قالها وهو يتركها ثم أخذ يتخطاها ويذهب نحو الباب ليخرج
سارة بغيظ
- لو خرجت هخرج أنا كمان...
مط شفتيه بتساؤل وهو يقول: تخرجي تروحي فين
سارة بتهور
- امممم مش عارفة بس ممكن أخرج أسهر مع صحابى لوش الفجر
- لا بجد، قالها بغضب متوعد وهو يقترب منها لتعقد.

هي ساعديها أمام صدرها وتنظر له بقوة مزيفة وتقول
- آه بجد وبعدين الكلام ده إنتا مالكش فيه أنا حرة
عض خده من الداخل بقوة وإعتصر قبضته بعنف حتى ابيضت مفاصله وهو يحاول أن يسيطر على أعصابه وأن لا يذهب ويخنقها الآن
إلتفت وأكمل طريقه نحو الأسفل بسرعة وكأنه يريد الهروب من أفكاره الشيطانية التي تشجعه إلى العودة نحوها وتمزيق شفتيها بأسنانه الحادة كعقاب على ماتفوهت به.

نظرت من جدار غرفتهم الزجاجي إلى الخارج لتدمع عينها من شدة الغيرة فهو بالتأكيد سيذهب الآن عند عشيقته، يالله هي تكاد أن تموت من غيرتها التي بدأت تأكل بقلبها دون رحمة
أما أيمن ما إن وصل للبوابة الخارجية حتى فرض أوامره الصارمة على الحرس بأن سارة ممنوعة منعا باتا أن تخطي خطوة واحدة خارج حدود الفيلا
(ياترى هتروح فين يا أيمن، )
في مكتب إياد الهواري.

كان ينظر لها بتمعن يدقق بوجهها الذي تغير كثيرا عما كانت عليه ولكن مهما تغيرت إلا أنه يحفظ شكلها بقلبه، لايصدق هل هي الأن أمامه بعد سنين طويلة كان يطوق لرؤيتها ويحلم أن ينعم بقربها، كان كل ليلة ينام ب أحضان دموعه وأحزانه بدلا من أن ينعم بحنانها لقد تركته وإستغنت عنه بمقابل الإقتران برجل آخر
بعد وفاة والده...

أغمض عينيه بغصة ما إن تذكر ذلك اليوم الذي قبل حتى قدمها وأخذ يصرخ بترجي ويبكي بحرقة لكي لا تتركه نعم يتذكر ذلك اليوم المشئوم كان يبلغ من العمر تسع سنوات فقط لا أكثر ولكنه كان يفقه مايدور حوله
يتذكر عندما أخذ يجري خلف سيارتها ليقع أرضا بعدما تعب جسده الصغير
- جايا دلوقتي ليه، قالها بتساؤل بارد على عكس العواصف التي تهب بداخله
نظرت له نادية بحنان أم: حبيبي أنا.

- قدامك عشر دقايق تقولي فيهم اللي إنتى عاوزاه، قالها بجمود وهو ينظر إلى ساعة يده وكأنه يخبرها بأن العد التنازلي قد بدء
توترت نادية من لهجته الجامدة هذه ولكن هذه هي فرصتها لكي تتكلم معه ويجب أن تستغل هدوئه الغير متوقع هذا
- كنت صغيرة أوي لما إتجوزت باباك كنت مبسوطة أوي زي زي كل البنات وهو كان إنسان محترم أوي وعشت معاه ع الحب والمودة وأغلى هدية إدهاني في عمري هو إنتا.

بس القدر خطفه مني، ف ااا ف بابايا الله يرحمه كان عايز يجوزني بعد موته، بس أنا رفضت كتير أوي، والله رفضت
بس أنا كنت صغيرة وهو مارضيش إني افضل كده وخصوصا لما صاحب أخويا خطبني من أبويا وقتها قرى فتحتي من غير مايرجعلي
. ولما عرفت قلبت الدنيا بس بردو حصل اللي هما عاوزينه، فوافقت بشرط إني آخدك معايا
- كدابة، إنتى سيبتني ومشيتي، صرخ بها برفض
لتنزل دموعها وهي تحرك رأسها ب لا.

- والله ما بكدب يا حبيبي، كان شرطي الوحيد هو إنتا بس، جدتك الله يسامحها رفضت إني آخدك معايا وحصلت مشاكل كتيرة أوي وقتها بس بردو عشان كان موقفها أقوى مني بسبب العادات والتقاليد التي كانت معاها وهو إنه إبن إبنها مايترباش عند الغريب.

واليوم اللي مشيت فيه كان يوم موتي، والله غصب عني سيبتك، ده إنتا إبني حتة من قلبي، كنت دايما باجي عشان أشوفك بس كانت ستك بترفض إني أشوفك ولو حتى من بعيد، كانت وقتها زعلانة لأني إتجوزت بعد إبنها، وقالتلي لو عايزة إبنك إتطلقي وتعالي أقعدي معايا وربي إبنك ده لو بتحبيه صحيح
قاطعها إياد بسخرية
- إخترتي جوزك طبعا
مسحت دموعها لتنزل دموع أخرى غيرها بسرعة وهي تكمل سردها.

- روحت وطلبت الطلاق منه وأخذت هدومى ورجعت على بيت أهلي، بس لما أبويا عرف باللي عملته، ضربني ورجعني بنفسه على بيتي وخلاني أعتذر عن حركتي دي
بعدها جت فرصة شغل كويسة أوي لجوزي فسافرت معاه حاولت أشوفك قبل ما أسافر بس معرفتش، عيلة باباك كانت جبروت...

بعد سنتين تقريبا من سفري عرفة إن ستك ماتت ولغاية ما كملت أوراقي و قدرت أني أنزل مصر عشان آخدك معايا كنت إنتا إختفيت ولما سألت عنك قالو إن إبن عم بابا رحيم جا وأخدك معاه على بلاد برا وقتها أنا إتجننت وفضلت أدور عليك بس معرفتش أوصلك، الحاجة الوحيدة اللي عرفتها إنك عايش في كنده، فأصريت على جوزي إننا نسافر ونعيش بكندة وبكده أقدر أدور عليك والاقيك بس مع الأسف سنة جرت سنة وأنا زي ما أنا بدور على إبرة بكومة قش.

لغاية ما حصل حادثة غيرت كل الموازين أخويا ومراته وجوزي وتوفوا كلهم بالحادث ده ومافضلش ليا غير بنت أخويا الصغيرة فأخذتها وجيت على هنا بعد ما فقدت الأمل وقعدت أربيها وأنا بموت كل يوم وبقول مع نفسي لو إبني معايا كان دلوقتي عمره بقا قد كده، ياترى شكله عامل إزاي.

لغاية ما إتعرفت على دكتور نفساني عنده معارف كتير أوي وإيده طايلة كلمته عليك وإديته إسمك الرباعي عشان يدورلي عليك، كانت أمنيتي الوحيدة هي إني أشوفك لمرة واحدة بس قبل ما أموت...

ومن سنتين بالتحديد يوم ما جاه وأخدني عشان أشوفك إتصدمت لما شفتك كنت فالمستشفى فأوضة لوحدك كنت لسه واصل متصاب وحالتك حالة فضلت معاك شهور وإنت بتتعالج بس الدكتور اللي متابع حالتك رفض إني أشوفك أو حتى تعرف حاجة عني لأن حالتك متسمحش وفضلت ع الحال ده لغاية ماعرفت إنك خرجت الحمدلله فقولت خلاص مابدهاش بقا لازم أجي وأشوفك أنا مش هقدر على بعدك أكتر من كده إياد أاانا.

- العشر دقائق خلصت، قاطعها بها وهو ينهض بعدما نظر إلى ساعة يده، ليتركها ويخرج من المكتب لا بل من الشركة بأكملها، أخذ يقود وصدى كل كلمة نطقت بها والدته تتردد بداخل رأسه لا يعرف ماذا يفعل لم يشعر نفسه إلا وهو يقف أمام باب غرفته كيف ومتى وصل هنا لايدري حقا.

فتح الباب بهدوء ودخل ليجد الغرفة مظلمة لاينيرها سوا ضوء القمر، أخذ يقترب بتريث من تلك التي تنام على فراشه الوثير يالله كم هو محظوظ ذلك الفراش وهو يحتضن جسدها بهذه الطريقة
إنحنى وجلس على ركبتيه أمامها وهو ينظر اليها وهي غافية ليهمس لها بخفوت وهو يبعد عنها خصلاتها التي تناثرت عن وجهها: نور، نوري
كرمشت وجهها بضيق ولكن سرعان ما تبدلت لمحبة ما إن فتحت عينها ووجدت حب حياتها جاثي بجانبها.

لتقول بصوت خائف ولكنه خرج مبحوح من أثر النوم ما إن رأته بقميص مفتوح أولى أزراره مرفوع الأكمام مع شعر مبعثر وعين كالجمر من شدة إحمرارها كان واضح جدا بأنه يحبس دموعه بداخلها بصعوبة
- حبيبي مالك
لينطق إياد بتعب وإحتياح نفسي وجسدي
- أنا محتاجلك...
- إيه اللي حصل. إنتا زعلان كده ليه، قالتها وهي تضع يدها على وجنته بعدما رفعت نفسها وسندتها على ساعدها لينظر لها بضعف وهو يقول بترجي
- ممكن تاخديني في حضنك...

أشرق وجهه بسعادة ما ان وجدها تومئ له بسرعة وهي تبتعد قليلا بجسدها وترفع الغطاء عنها لتجده ينهض وينزع حذائه وفي ثانية واحدة فقط كان رأسه يفترش صدرها كالأطفال الصغيرة التي تبحث عن حنان والدتها
لتحاوطها بيده وتضمه نحوها بشغف وهي لاتستطيع وصف إحساسها بهذه اللحظة ولكن سرعان ما أخذت تنصت له ما إن قال
- جت بعد سنين تقولي انها مظلومة
وبتحبني قد ما بحبها ويمكن أكتر كمان.

صعقت من ما سمعته تشعر بأن قلبها سيتوقف ما معنى كلامه هذا هل عادت له ليله،! لتنطق بصعوبة بترقب
- مين دي، إنتا بتتكلم عن مين!
- أمي
- أمك، الحمدلله، ألف الحمدلله يااااختي قلبي كان هيقف، كانت تهذي بهذه الكلمات ولكن سرعان ما حزنت مرة أخرى ما إن سمعت كلمات إياد وهو يشرح كيف تعذب في بعدها وكيف كان يتمنى أن يكبر بكنفها
أخذت تقبل رأسه وجبهته وهي تداعب شعره وتسحبه أكثر نحوها...

كانت تستمع له بإهتمام شديد لم تقاطعه ولا تعاتبه أو حتى تأيده تركته يقول كل مالديه، صمتت قليلا ليغفي على نبضات قلبها المحبة لقلبه
إبتسمت بإتساع وهي ترى كيف ينام بقربها، إقتربت من أنفه لتستنشق أنفاسه الهادئة بهوس فعشق إياد يجري بعروقها هو شريانها شريانها النابض لو إنقطع عنها ستموت لا محالة، سحبت نفس عميق ثم زفرته دفعة واحدة بهيام.

أخذت تمرر أطراف أناملها على شعيرات ذقنه المهذبة ببطئ لتسري قشعريرة بجسدها ما إن أخذت تمرر وجنتها الناعمة عليها لتدغدغ حواسها
إياد، نطقت اسمه بدون أن تصدر صوت، مجرد إسمه قادر على أن يبث الطمأنينة بداخلها همست بصوت مبحوح ولكنه مليئ بالمشاعر الصادقة وهي تغني له أغنيتها المفضلة التي لطالما حلمت بأنها تغنيها له
- نفسي اقوله كنت إيه قبله وإستنيته ليه
كنت صورة حلوة ناقصة حاجة كملها ب عينيه.

كنت عايشة عمري خوف تحت رحمة الظروف
كنت قصة حلوة ناقصة أو كلام ناقص حروف
نفسي اقوله إيه كمان، كنت قبله من زمان
ورده ذبلت وأما قرب فتحت قبل الأوان
شردت بوسامته لتتنهد بعشق خاص وهي تكمل
نفسي أقوله ياااا، حلم كنت هموت وأطوله
نفسي اقوله يااااا، أسم برتاح أما أقوله
نفسي أقوله ياااا، حب أنا سنيني تعاشوله إتعاشت عليه
صمتت ما إن وجدته يفتح عينيه وينظر لها بطريقة هزت كيانها ليقول وهو يريح جسده بالأكمل عليها.

- كملي، الأغنية حلوة أوي، اإضلي كده غنيلي لغاية ما أنام بجد
إبتلعت لعابها لينطق فؤادها بالكلمات له قبل لسانه
- حالي كان وأنا مش معاه، زي طفل بسكة تاه وتحرم من حضن أمه وإتنسي ويا الحياة
نفسي اقوله كنت إيه، قبل مايقربني ليه
كنت عنوان حلم ضايع واتلقى وأنا بين إيديه
نفسي أقوله ياااا، دنيا لياليها تعادولي
نفسي أقوله يااا، فرح وشموعها تقادولي
نفسي أقوله يااا، حضن دفي وشال حمولي
لما هربت فيه.

ما إن انتهت من الغناء حتى سمعت يقول
- إنتى نعمة ربنا مايحرمني منها أبدا
مالت برأسها على رأسه وهي تقول بتمني
- ولا يحرمني منك يا حبيبي
- طب يلا غنهالي مرة تاني، قالها وهو يدفن نفسه بها لتبتسم بسعادة مفرطة من ما تعيشه الآن من سعادة
(سعادة! طب ربنا يديمها ياحبيبتي، بصراحة قلبي عندك).

داخل أحد الملاهي الليلية وهو يمشط المكان بنظرات خبيرة تعرف عملها جيدا لتلتقط عنيه هدفه بعد ثواني معدودة من دخولة لينزل الدرج بخطوات متمهلة وثقة
ليجد غريمه يجلس على أحد الطاولات ليقترب منه ويجلس بالكرسي الذي يلي كرسيه ليقول بعدما سند نفسه على مقعدة
- دكتور يوسف الهلالى، سمعت أنك بتدور عليا
توقف الآخر عن شرب مشروبه فهذا الصوت مألوف بالنسبه له ليلتفت وينظر إلى المتكلم.

- أيمن، ما إن نطقها بإستغراب حتى نظر له الآخر بقوة وأخذ يقول بتأكيد
- أيوة أيمن بشحمه ولحمه
- كنت فين، أنا قلبت عليك الدنيا
- كنت فين دي مالكش فيها، قولي بقا كنت عايزني في إيه
- بيزنس كبير أوي
- مش عايز، شكرا، قالها برفض ثم نهض بطوله ولكن قبل أن ايخطوة بخطوة سمع يوسف يقول
- المنظمة طالباك بالإسم
وعايزين يقابلوك
- ليه
- ليه! ده إسمه كلام، إنتا فرصة بالنسبالهم رأس مدبر ويد عاملة، يعني بتفكر وتخطط وبتنفذ.

كل ده إنتا بتعمله لوحدك، وهما أكيد مش هيسبوك فحالك
فنصيحة مني إعمل اللي هما عايزينه بمزاجك وإلا
- وإلا إيه
- وإلا هتعمله تحت تهديد. وإنتا عارفهم أكتر مني، والقرار ليك، إستنى مني رسالة بعنوان المكان اللي هتيجي عليه بكرة بالليل شوفهم وكلمهم بعدين قرر وأعمل اللي إنتا عاوزه...

قالها يوسف ثم تركه وذهب نحو البار ليطلب كأس آخر ليخرج أيمن بسرعة من هذا المكان لينظر إلى أثره يوسف بنظرات غامضة وهو يحتسي كأسه دفعة واحدة
وهو يقول
- ده شكل اللعب هيحلو أوي مع نزول أيمن للملعب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة