قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

رواية لن أكتفي منك للكاتبة أماني جلال الفصل الثامن والعشرون

نظرت إلى نفسها والهيئة التي أصبحت عليها بعدم تصديق، لتلتفت إلى صاحبتها وهي تقول بسعادة طفلة
- إيه رأيك ياصرصورة هيعجب إياد!
رفعت الأخرى إحدى حاجبيها وهي تقول
- يعجب؟ ده هايطير الحبة اللي فاضل من عقله
شقت إبتسامة عريضة وجهها وهي تقول بلهفة
- بجد، طب يلا بسرعة ننزل ده انا هموت وأشوف رد فعله يااااه ياصرصورة أخيرا، ده أنا هطير من الفرح...
سارة بدعاء وتمني
- ربنا يفرحك كمان و كمان
- آااااامين.

في الأسفل بالتحديد في الجنينة الأمامية لفيلا الهواري كانت يوجد حفلة صغيرة عائلية تتضمن أيمن وسارة و يونس و ريهام و، نادية التي كانت شاردة بتفكيرها وهي ترى كل هذه الترتيبات والتجهيزات
أما إياد كان ينتظرها على أحر من الجمر لايعرف كيف ومتى أصبح متيم بها بهذا الشكل، إبتسم ما إن سمع أيمن يقول من خلفه بهزار
- كل التوتر ده عشانها، والله وطلعت نور مش سهلة خالص عرفت توقعك صح يا باشاا.

نظر له إياد من طرف عينيه ثم قال بتهكم ساخر
- شوفو مين اللي بيتكلم ده لولا الهانم عاملة معاك الواجب وبزيادة، كنت قولت حقك تقول كده
تقدم منهم يونس وهو يضحك ويؤيد كلام إياد
- هههههههههه والله معاك حق، وبعدين بنات حواء دول ماسابوش حال على أولاد آدم وعاملين معاهم أحلى واجب
إياد بإعتراض
- لااا نور مافيش أطيب منها
يونس وهو يغمز له
- يابختك ياعم هو في حد زيك
بس شكلها بتتقل عليك عشان كده سايباك ع الشحن كده ملطوع.

فتح إياد عينيه بفزع مضحك ما ان سمع كلامه ليقول
- تتقل ايه بس
الكلام ده ماينفعش معايا، أنا هروح أشوفها خلصت ولا لسة، وإنتا بلاش قر و رحمة أبوك انا عايز الليلة دي تعدى على خير، قال الأخيرة وهو يذهب نحو الداخل ليقول يونس بعدم إطمئنان
- والله ماظنش انها هتعدي
أيمن بترقب
- ليه بتقول كده
يونس بتوضيح وهو ينظر نحو الطاولة
- بص على نادية هانم، دي فاضلها تكة وتنفجر
نظر أيمن لمكان ماينظر له الأخر ليقول بتأكيد.

- فعلا دي عاملة زي القنبلة الموقوتة، بس ليه كل ده
- بتغيير
ما إن قالها بكل بساطة حتى قطب أيمن جبينه بإستغراب وهو يقول بتساؤل
- من مين؟
يونس بنظرات خبيرة وهو يتمعن بملامح الأخرى
- من نور على إبنها، بس فيها حاجة غريبة المرادي لمعة عنيها حزينة ومكسورة...
- مش مطمن، ما إن قالها أيمن حتى أيد كلامه الآخر وهو يقول
- ولا أنا
أيمن بتساؤل وهو ينظر له ويقول
- طب إيه؟

- سيبها على ربك أنا نصحتها اكتر من ميت مرة أما نشوف اخرتها معاهم إيه، صمت قليلا ثم اكمل بإستفهام، ألا قولي عملت إيه مع المنظمة...
أيمن ببرود
- هعملهم اللي هما عاوزينه في مقابل إني أمشي
- ياترى هيوافقو، قالها يونس بضيق
أيمن بجهل مصطنع
- مش عارف
رد عليه يونس بقوة
- لاء أنا عارف ومتأكد أنهم هيرفضو فبلاش تلعب كده
أيمن ببساطة
- هيوافقو لو كان قصاد حريتي الشحنة اللي هكون مكلف بيها.

نظر له يونس بذهول من ما يفكر به ألا يعلم بأن هذه الحركة خطيرة لا بل إنتحارية ليصرخ به منفعلا وهو يقول
- إنتاأكيد إتجننت، ده إنتحار رسمي، بلاش غباء إنتا عارف خطورة الخطوة دي، إنتا بتجازف بحياتك
أيمن بضجر
- أنا عايز أعيش بشكل طبيعي تعبت من كل ده
رد عليه يونس بنفس الإنفعال: إنتا كده بتنهي حياتك مش بتعيشها، إديهم كل حاجاتهم وإنسحب بهدوء...

- لو إديتهم مش هيرضوا إني أمشي. قالها أيمن بإختناق من وضعه هذا ليضع يونس يده على كتفه وهو يقول بجدية
- حاول مش هتخسر حاجة، بس أوعى تتحداهم وتبوظ كل اللي إحنا مخططين ليه...
أيمن بغموض
- سيبها على الله
تنهد يونس وقال وهو يومئ له ويقول
- ونعم بالله
عند إياد في الداخل كاد أن يصعد إلى الأعلى ليراها ولكن تسمرت قدميه ما إن وجدها تنزل على الدرج كالأميرات في العصور القديمة،.

بل كانت سندريلا بشعرها الأسود الكيرلي مع فستانها اللامع من الأوف وايت الذي كان يضيق عند الخصر وينزل بتساع إلى نصف الساق بتل مع الطبقات الشيفون مع حذاء من البلور الشفاف كانت سندريلا بكل معانيها
وقفت أمامه وهي تقول بإبتسامة ساحرة لاتقل سحرا عن إطلالتها
- حلو!
نظر لها دون أن ينطق مايقارب العشر ثواني ثم مال برأسه نحوها و همس أمام شفتيها بحرارة وقال.

- بصي يانوري أنا هخرج أمشيهم بلا حفلة بلا عزومة وهاجي أرد عليكي بشكل عملي إذا كان حلو ولا لاء، هاا قولتي إيه، قالها وهو يهم بتقبيلها بخفة ولكن ليس كل مانتمنى يتحقق
- ااااحمممممم نحن هنا، قالتها سارة وهي تنظر لهم من أعلى السلم بإبتسامة عريضة رفعت بها ضغط الأخر ليبتعد إياد عن زوجته وينظر لها بغيظ وهو يقول
- غمضي عينك لو مكسوفة...
اخذت تنزل الدرج بثقة لتمسك نور من يدها وهي تقول بإستفزاز.

- وأغمض ليه وأنا أقدر أخدها وأخرج وأسيبك لوحدك كده يا هواري باشا
- لاء تاخدي إيه، قالها بخوف وهو يسحب نور منها ويخرج بها بسرعة تاركا خلفه تلك التي أخذت تضحك عليه بإستمتاع فسارة وإياد كالقط والفار...
خرجت خلفهم وهي تحرك رأسها بقلة حيلة على أفعال إياد المتناقضة، لتتلاشى إبتسامتها بالتدريج ما إن وجدت أيمن يقترب منها وهو يقول
- حبيبتي أنا ساعتين زمن كده و لازم أمشي.

- ليه، قالتها وهي تنظر له بلوم وعتاب ليتهرب من نظراتها وهو يقول بعملية
- عندي شغل وإحتمال مرجعش الليلة
لتقول سارة بغصة بعدما عضت شفتيها بقهر
- إمشي و روحلهم من تاني، بس ع الله مايغدروش بيك، وتكون حياتك أو حياتي هي الثمن
- بعد الشر عليكي، قالها وهو يحاوط وجهها الصغير بين يديه لتنظر له بدموع تفيض من عينيها لتسحب نفس عميق حتى تستطيع السيطرة على إنفعالاتها وتمنع نفسها من البكاء.

- خليك معايا، ما إن نطقت بها بصعوبة حتى سحب رأسها إلى صدره وإحتضنها لتصمت هي وتهدء إنفعالاتها على نبضات قلبه الذي خدرتها وإخترقت روحها، لتدير وجهها نحو صدره وتقبل مكان تلك العضلة الجبارة التي تضخ بعشقها وأخذت تستنشق عطره بقوة بعدما اخذت تمرمغ نفسها داخل ذراعيه كالقطط الأليفة
أيمن بمشاكسة
- إيه الرضا ده كله، يارب تفضلي كده على طول وماتتحوليش
ساره بهجوم: ومين السبب بتحولي ده أنا ولا إنتا
أيمن بحب.

- انا لو غلطت إنتى سامحي يا سارة سامحي
نظرت سارة له بتعب وهي تقول
- أسامح إيه ولا إيه يا أيمن، إنتا كل جرح بتدوس عليه جامد، زي ماتكون حالف أنه يعلم على روحي قبل جسمي
- بحبك
إبتسمت بتهكم وهي تقول بوجع ومرار
- ياريتك ماحبتني ولا حبيتك ولا شفتك وشفتني
أيمن بإصرار.

- إنتى قولتيها بنفسك أهو ياريت بس الواقع حصل العكس ده معناه إني قدرك، مهما حاولت أوصف حبي ليكي ومشاعري إتجاهك مش هعرف أديكي حقك وهظلم قلبي بالتعبير
نظرت له بضعف نعم ضعف فهو نقطة ضعفها كماهي نقطة ضعفه، إقترب منها وهو يتنقل بالنظر بين عينيها ويديه أخذت تتحسس بشرتها من وجنتها نزولا لعنقها وهو يقول بإعجاب
- مش هقولك طالعة قمر بفستانك ده ولا هقولك...

بأن الأسود يليق بك، لان ده العادي بتاعك وهو أنك كل يوم بتبقي أحلى من اليوم اللي قبله
سحرت بقربه وكلماته رغما عنها لأنها تعلم بأن كلماته خارجة من قلبه ليس فقط حروف مجملة
رفعت نفسها قليلا نحوه وأخذت تداعب شعيرات ذقنه وكأنها منومة مغناطيسية ليصرخ عقلها بها وهو ينهرها و يحاول أن يجعلها تستفيق من حالتها هذه و يقول.

- خلاص يا سارة شيلي إيدك من عليه و زقيه عنك أصرخي في وشه مش ده اللي جرحك مش ده اللي كسرك وغصبك، ليه دلوقتي قلبك بيرفرف عليه، مش قولتي نسيتيه ولا الكلام بسيط والفعل، اآااااخ من الفعل...
طب جربي تخيريه بينك وبين شغله زي ماعملتي قبل كده وشوفي بعينك إزاي هيختار شغله، عارفة ليه لأنه ضامن وجودك
حركت رأسها بعنف بعدما إبتعدت عن أيمن لينظر لها بإستغرب وهو يقول
- مالك يا حبيبتي.

- هتختارني صح، هتختارني أنا، قالتها بصوت يغلبه البكاء وهي تتمسك بحلته، ليضع يده خلف رقبتها ويسحبها نحوه بحركة سريعة لينحني نحوها وأخذ يقبلها بعمق فهو يرفض الرد ولكنها فهمت بأن فعلته هذه يعلن بها أختياره لها إبتسمت بعدم تصديق من بين قبلاته لها لتحاوط عنقه وأخذت تبادله الجنون
بعد مدة قصيرة أنزلت يديها على منكبيه و أبعدته عنها ما إن وجدت إنطفاء الإضاءة بالأرجاء لتنظر حولها بتساؤل وهي تقول بصوت لاهث.

- في إيه
أخذ يداعب فكها وهو يقول
- شكل إياد بدء الحفلة من غيرنا
شهقت بخفة وهي تقول: ياخبر انا نسيتهم خالص، يالا بسرعة نروح لهم دي نور هتقتلني
لنعود عشر دقايق إلى الوراء من هذه الأحداث
عند نور وإياد، ما إن خرج بها حتى توجه نحو الإستيدج
مباشرة أمام الجميع مما جعل نور تستغرب فعلته هذه ولكن ما جعلها تفتح عينيها بإندهاش ما إن وجدته يجلس أمامها ويقول بعشق صادق
- نوري.

- ياقلب نورك، همست بها له وهي تجلس أمامه على ركبتيها
ليقول بعدما احتضن يديها الصغيريتين داخل كفيه
- أنا عارف إن طريقة جوازنا مكنتش واو فعشان كده
عايز أسألك قدام كل الموجودين، إنتى موافقة على جوازنا ده وعندك إستعداد إنك تكملي حياتك الباقية معايا
تشعر بأنها تطير بين الغيوم لينطق لسانها بما يجوب بصدرها
- أنا عندي إستعداد أني أفني حياتي ليك يا إياد مش أشاركها معاك بس...
إياد بتساؤل
- يعني إنتى مواف...

قاطعته وهي تقول
- يعني أنا ملكك
إبتسم لها إبتسامة جذابة سرقت روحها منها لينهض ويجعلها تنهض معه ومسك وجهها بين يديه وقال
بجدية وهو ينظر إلى سواد عينيها
- أوعدك، إني عمري ماهزعلك، أوعدك أني هكون حمايتك وسندك، أوعدك إني عمري ما هسيبك ولا هسمح بإنك تبعدي عني، هنفضل مع بعض لأخر العمر
ختم كلامه وهو يحرر وجهها ليغلغل أنامله بخاصتها ليلوي ذراعيها خلف ظهرها وهو يسند جبهته على جبهتها.

لتعض نور على شفتها من الخجل فهذا كله أمام الجميع ولكن سرعان ما فتحت عينها ونظرت له ما ان شعرت بأصابعه الماكرة تسحب الخاتم من يدها اليمنى بهدوء وما إن نجح حتى ألبسها باليسرى
ليحرر يديها ويحتضن خصرها وهو يقبل مابين عينيها
لتصفق ريهام بحماس شديد هي وسارة لينظر يونس إلى أيمن ويقول بضحك
- اااالله، ده صاحبك طلع روميو وحبيب بزيادة
- سيبه يعيش يادكتور ده طول عمره متعذب
يونس بهزار.

- أسيب إيه هو أنا عملت حاجة ده انا بقر بس يااابخته
فتح أيمن عينيه بذهول وأخذ يضرب كفيه ببعضهم ويقول: يخربيتك ده الرجل ليلته هتبوظ
يونس بحسد ولا مبالاة
- ماتخافش ده مافيش حاجة بتحوء معاه، مش شايف نور بتتمناله الرضا إزاي بالنقطة دي تحديدا يابخته مش زينا طالع عينه بدلع
الستات وكيدهم
(بلااااش قر يايونس الضرب بالميت حرام الواد مش ناقص. فكرني ب علييييي العامري والله ).

كانت تنظر إلى إبنها بقهر و كيف يغرق أكثر وأكثر بحب نور، تود لو تصعد لمكانهم وتخنقها، كيف إستطاعت أن تخدعه بحبها، لم تصدق في بادئ الأمر لتذهب وتتأكد من صحة الأوراق وبالفعل هي هنا بأمر من ذلك الذي يدعى ب عزالدين السيوفي
هذا يعني بأن كلام يوسف صحيح. هي وافقت أن تتزوجه فقط من أجل المال وإلا كيف ستفسر تقربها من رجل مجنون بحب إمرآة أخرى لا يعي للعالم الخارجي
لما تحملت تناقضاته وقسوته معها في بادئ الأمر.

أفعى ماكرة دخلت حياته وجعلته مجنونها هي...
وأن لا يرى غيرها هي سيطرت عليه كليا...
وأكبر دليل ما تراه الآن
صدحت الموسيقى بالأرجاء لتنظر نور إلى إياد بتساؤل
ليبتسم لها بخفة ليشدد من إحتضانها ليبدء بالتمايل معها على أنغام هادئة وكلاسيكية لتدفن نور نفسها داخل أضلاعه أكثر وأكثر وهي لاتصدق كل مايحدث
بالتأكيد هي تحلم الأن.

- حلوين أوي مع بعض، قالتها سارة وهي ترفع رأسها وتنظر لزوجها الذي سرعان ما إحتضنها من الخلف وقبل وجنتها الشهية بسعادة لا توصف ثم نظر للإستيدج وهو يقول
- ترقصي
- أرقص، قالتها بعشق وهي تسدير بوجهها نحو وجه الذي يسنده على كتفها لتقبل فكه برقة. فعلتها هذه جعلته يسحبها من بينهم دون ان يشعر به أحد وهي بيده ليذهب بها نحو منزلهم وما إن دخل وأغلق الباب خلفه، حتى إعتصرها بين ذراعية وهو يقول بوقاحة
بعدما غمزها.

- إيه رأيك نحتفل ونرقص لوحدنا
ضحكت بخجل من طريقته هذه لتقول بتساؤل لكي تتأكد: إنتا أخترتني أنا صح، ومش هتروح المهمة دي عشاني مش كده...
- كده ياقلبي، قالها بكذب لكي يسايرها وهو يدفن وجهه بتجويف عنقها بتعب من كثرة الجدال أراد ان يحظى معها ببعض السلام لايعرف بأنه كتب نهاية حكايتهم بفعلته هذه...
بعد مرور ساعة في البهو بعدما دخل الجميع إلى الفيلا نظرا لبرودة الجو. كان ينظر يونس إلى نادية وهو يقول بهمس.

- يالا ياندوش عشان نمشي
نادية برفض غامض
- لا أنا هفضل هنا
رفع يونس حاجبيه بصدمة
- تفضلي فين ماينفعش طبعا، سبيهم براحتهم الليلة بلاش شغل الحموات ده...
ريهام بتأكيد على كلام زوجها
- آه ياعمتو فعلا ماينفعش
- مستحيل أسيب إبني مع دي بعد ماعرفت حقيقتها قالتها مع نفسها بإصرار غريب. ثم نهضت وهي تنظر نحوهم و تقول بجدية
- إياد لو سمحت عايزاك في حاجة مهمة
اعتدل إياد بجلسته وهو يقول بترقب
- أكيد يا أمي، إتفضلي سامعك.

- لوحدنا، ما إن قالتها حتى نهض إياد وهو يقول
- طب إتفضلي ع المكتب
نظر يونس إلى أثرهم بعدما إختفوا خلف باب المكتب وهو يقول لريهام
- نادية مش ناوية خير
- ليه بتقول كده...
يونس بضيق
- ليه! هو إنتى مش شايفة تصرفاتها الليلة غريبة إزاي
- فعلا، ربنا يستر، قالتها ريهام وهي تنظر نحو تلك المسكينة الذي كانت تشعر بأن قلبها مقبوض
في داخل المكتب.

فتحت الباب ودخلت ودخل هو بعدها لتجلس على مقعد جلدي وثير ليجلس أمامها وهو ينظر لها بتحفيز ويقول: إتفضلي يا أمي هو في حاجة
فتحت نادية حقيبتها وأخرجت منه الملف الخاص بأوراق نور ووضعتها على الطاولة التي بينهم وهي تقول
- قبل ما أقول أي حاجة إتفضل شوف الأوراق دي
- إيه ده، قالها وهو يسحب الملف ويفتحه ليقطب جبينه بإستفسار وهو يقول، دي أوراق بعثة نور الدراسية!
نادية بتأكيد.

- بالظبط. أوراق البعثة، بس ياترى تعرف مين اللي قدملها البعثه دي، بص كده بين الأوراق وشوف الإسم
رمى إياد الملف بعدم إهتمام على الطاولة مرة اخرى وهو يقول بإستعجال بعدما نظر إلى ساعة يده
- مش وقت الكلام ده يا أمي وخصوصا الليلة أنا مجهز مفاجأة لنور وكده الطيارة هتفوتنا
لتقول نادية بقوة واصرار: يبقى أنا هقولك مين، نور هنا بأمر من عزالدين السيوفي، قالت الأخيرة وهي تفتح الملف وتضع سبابتها على الإسم.

أما إياد ما إن لفظت أسمه حتى نظر نحوها بحاجبين معقودتين وصدمة حادة اعتلت وجه...
نظر إلى الملف ثم لها لينهض وهو يسحب منها الملف وأخذ يدقق الأوراق بعينين متربصة كالصقر لتبرز عروقه وتحمر عينيه لدرجة كبير وهو يقول بصوت خالي من الحياة
- إنتى بتقولي إيه، أكيد الكلام ده كدب إيه دخل نور ب عز، الأوراق دي مزورة.

نادية بغيظ من دفاعه عنها: نور دي هنا بمهمة محددة وهي إنها تخليك تحبها دخلت حياتك على أنها ممرضة وعرفتك بالصدفة وحبتك، بس الحقيقة أبعد عن كده بكتير
عرفت إزاي تحوم حواليك وتخليك مش شايف غيرها
والله شاطرة قدرت تمثل الطيبة والحب عليك شهور وسنين، وكل ده ليه، عشان شوية فلوس
إياد بصدمة أكبر من سابقها: فلوس!
نادية وهي تومئ له بنعم وهي تقول.

- طبعا عشان الفلوس والمركز، البعثة دي بتتكلف مبلغ خيالي لو ماكنتش حكومية، طب سيبك من كل ده ياترى إنتا عارف ليه وافقت تتجوزك بالطريقة دي...
عشان بعثتها خلصت وكان لازم ترجع لمستنقعها الحقيقي وخاصة بعد ما نجحت وخلتك تنسى ليله يعني كده عز عمل اللي هو عايزه وبعدك عن أخته
ولو مش مصدقني شوف عقد إيجار شقتها اللي بأسمه كمان والعقد لمدة سنتين وإنه إنتهى بعد جوازك منها بأسبوعين.

فعشان كده وافقت عليك وخصوصا لما شافت بيتك وفلوسك، وإنتا كنت بالنسبالها فرصة ذهبية ومافيش حد عاقل يرفض ده، لو كانت واحدة غيرها مستحيل ترضى تتجوزك كده فين أهلها فين ناسها، إزاي تتجوز من دماغها كده...
صمتت ما إن وجدته صامت لم ينطق بحرف واحد لتقترب منه قليلا ما إن وجدت عروقه نافرة لتقول.

- إياد حبيبي أوعى تزعل عليها دي ماتستاهلش، زاد خوفها عليه عندما لم تجد رد منه لتكمل هي، طب خلاص حقك عليا، انا مش قصدي أزعلك أنا كل اللي عايزاه إنك متفضلشي مخدوع بالشكل ده، فتح عينك وشوف حقيقة اللي حوليك، نور أوسخ من ما تتوقع
- برا...
نادية بذهول من ما قال لتقول بمحاولة أن تأخذ وتعطي معه بالكلام
- إياد انا عارفة إن الصدمة كانت كبيرة عليك بس أنا جنبك واا.

- أطلعي براااا، ما إن صرخ بها حتى إختنقت نادية بالدموع على طريقته معها إنحنت نحو حقيبتها وحملتها و هي تقول
- حاضر هطلع بس أنا أمك يا إياد ومستحيل كنت هقدر أسكت وأنا شايفة حقيقة اللي حواليك من غير ما أنبهك مافيش أم تشوف بشاعة الناس اللي حوالين إبنها وتفضل ساكته.

رمت كلامها بوجهه وخرجت من المكتب بعدما فجرت قنبلتها ليبقى هو بحالة لا توصف، تشنج فكه ودمعت عينه رغما عنه ليرفع يديه المرتجفه ويمررها على وجهه ثم سحب شعره إلى الخلف بقوة وهو يحاول أن يبتلع غصته دون أن ينفجر بالصراخ
في الخارج عند البقية وقفوا بإستغراب ما إن وجدو نادية تخرج من المكتب بغضب وهي لاتصدق بأن ابنها قد طردها بسبب تلك الحثالة...
لتذهب نحو نور ما إن وقع نظرها عليها وهي تقول بإستحقار.

- هو إنتى لسه هنا
نور بتفاجئ من هجومها
- أومال اروح فين
نادية بغضب وهي تقبض على عضدها
- تروحي للزبالة اللي كنت فيها قبل ماترمي بلاكي علينا
- نادية فوقي إيه اللي بتقوليه ده، قالها يونس بتحذير وهو يحاول أن يجعلها تفوق من ماتفعل...
إلتفتت نحوه وهي ما زالت تمسكها وتقول
- إيه عايزني أسكت ولا إيه بعد ما عرفت حقيقتها
أخذت نور تحاول أن تحرر نفسها
- لو سمحتي سبيني، وبعدين حقيقة إيه، انا مش فاهمة...

تركتها وهي تقول بسخرية: أيوة مثلي البراءة مثلي، بس ياترى تقدري تقوليلي مين اللي متكفل بمصاريف بعثتك دي...
- ناااادية إنتى بتعملي إيه، صرخ بها يونس لكي لاتزيد الطين بلة ما إن فهم ما تنوي عليه
لتقول نور بعد تفكير بسيط
- عز باشا هو اللي متكفل بالمصاريف
نادية بإندهاش من وقاحتها: يعني بتعترفي
نور بعدم فهم
- أعترف بأيه هو أنا كنت خبيت عشان أعترف.

نادية بإنفجار غاضب: يابجاحتك، يعني مش همك وبتقوليها ع العلن كده إنك هنا بأمر من أخو ليلة وإن مهمتك إنك تخليه يحبك للدرجادي إنتى جبروت
نور بصدمة من كلامها لتنطق بصوت مهزوز
- أخو ليلة مين وأمثل إيه، هو في إيه أنا مش فاهمة بجد حد يفهمني
- إنتى هتصيعي علينا، قالتها وهي تسحبها من رسغها لتتدخل ريهام وتفصلها عنها وهي تقول
- عمتي براحة هو في إيه؟
رفعت نادية سبابتها بوجه ريهام وهي تقول بحدو.

- أوعى ياريهام تدافعي عنها إنتى هتعومي على عوم جوزك ولا إيه، دي واحدة كدابة ومحتالة
إنصدمت نور من ما قالت الأخرى لتنظر حولها تبحث عن إياد عن منقذها فهي حقا لاتعي ما يحصل الأن، لتجفل وتلمع الدموع بعينيها ما إن دفعتها نادية من كتفها وهي تقول بشراسة أم تحاول أن تدافع عن حقوق إبنها (أو كما تظن هي)
- إطلعي برا، إطلعي من حياة إبني...
أخذت نور تتراجع بخطوات متعثرة وهي لا تصدق كيف تحول حلمها إلى كابوس.

كادت أن تسقط ولكنها بدلا أن تسقط على الأرض سقطت بأحضان معشوقها الذي حاوط خصرها من الخلف...
- إياد، همست بها وهي تنظر له لتتحرر دموعها من مقلتيها بإنكسار، فهي لا تملك أحدا يدافع عنها سوى هو
إياد ونور سند لبعضهم البعض
إياد بجمود
- دكتور يونس ممكن تاخذ نادية هانم معاك لأن شكلها كده أعصابها تعبانة
نادية بذهول.

- أعصابي تعبانه! معقول سحراك بالشكل ده، لدرجة أنك مش قادر تستوعب اللي قولته ليك، قاعد بتدافع عنها بعد كل اللي عملته
- يلا بينا يا عمتي، قالتها ريهام وهي تأخذها معها لتومئ لها بنعم ثم نظرت إلى إبنها بإنكسار فهو طردها الآن للمرة الثانية ولكن هذه المرة أمام الجميع ولما كل هذا لأنها أرادت أن تحميه من شر الأخرى
وبالفعل ماهي سوى ثواني حتى بقى هو وهي لوحدهم بعدما ذهبوا...

ليلتفت نحو نور بملامح مجروحه تعبر عن ما في داخله ليرى الترجي بعينيها ليتذكر أول لقاء جمعهم كم كانت تثرثر دون توقف كم كانت مزعجة كم كان يمقتها كيف تحول كل هذا لمحبة
إنكمشت ملامحه بإختناق وهو يتمنى أن يمحي تلك الشكوك التي أخذت تتزاحم بعقله، ليبعد عينه عنها ما إن أقتربت منه خطوة وهي تقول بصوت موجوع على وجعه هو
- إياد صدقني أنا مكنتش أعرف أنه أخوها. صدقني.

أنا أصلا ماكنتش مخبية الحكاية زي ما كلكم فاهمين بس أنا ماجاش على بالي إني أبلغك والله، بلاش تبعد عنيك عني، بوصلي وشوفني كويس أنا نور...
نورك، حبيبتك
أبتلعت ريقها بصعوبة ما إن وجدت جموده وسكونه الذي لا يبشر بالخير بتاتا فقط كان ينظر لنقطه وهمية
إقتربت منه أكثر وهي تكمل بمحاولة أن تجذب إنتباهه فهي أدرى الناس بحالته النفسية ورعبها الحقيقي هي أن تنتكس حالته وتعود معه لنقطة الصفر.

- أتكلم قول أى حاجة، إياد ماتخوفنيش عليك أكتر من كده، أرجوك
إلتفت لها اخيرا ولكن قبل أن تنطق بحرف وجدته يمسك يدها بعنف ويسحبها معه للأعلى بقوة غير آبه بتعثراتها ولا بترجيها أن يسمعها ويصدقها
فتح باب غرفتهم وما إن دخل حتى دفعها نحو الدولاب وهو يقول بقسوة: لمي حاجتك بسرعة و إمشى أنا مبقتش عايزك في حياتي...
نور بصدمة تزين ملامحها.

- إياد إنتا بتقول إيه، أنا عارفة إنك مصدوم مممم اللي سسسمعته بس أقسملك بالله اللي وصلك كككدب مش حقيقة
انا ماكنش قصدي أخبي بس مممجاتش مناسبة أقولك
- شهور وسنين قصاد بعض وماجتش مناسبة، خلتيني أحبك و أثق فيكي
إزاي قدرتي تعملي فيا كده، وكل ده ليه هاا ليه عشان شوية فلوس...
صعقت نور من ما سمعت لتقول بضياع
- فلوس إيه!
تجاهل كلامها وأكمل بقسوة: كنتي تعالي و قوليلي وكنت هديكي قدهم أضعاف، بدل ماترخصي نفسك كده.

عند هذه الكلمات القاسية صرخت نور بحدة من كلاماته السامة التي يطعنها بهم دون رحمة
- إياد حاسب على كلامك، أنا مقدرة موقفك وحالتك بس مش كده كل حاجة وليها حدود...
سحبت نفس ولانت نبرتها ما إن رأت لمعة القهر بعينه
لتؤشر على نفسها وهي تبتعد عنه خطوة ليراها جيدا لعله يستوعب
- حبيبي بصلي كويس أنا نور، أنا البنت اللي حبيتها أنا مراتك.

- إنتى ولا حاجة بالنسبالي ولا حاجة، ما ان قالها حتى نزلت دموعها بعدما اغمضت عينيها من قسوة كلامه
إلتفت وأعطاها ظهره وهو يقول بصوت مكسور
- إمشي يا نور إمشي مش عايز أشوفك
- إياد أنا بحبك، ما إن قالتها حتى جفلت ما إن وجدته
ينفجر بالضحك بطريقة مجنونة لدرجة انها قلقت عليه وما إن حاولت أن تلمسه، حتى أبعد يدها عنه بعنف بعدما إستدار لها وقد تغيرت ملامحه للغضب وهو يقول.

- إياد اللي بريالة خلاص بح إختفى مسح ريالته وشافك على حقيقتك، فعشان كده براااا، قال الأخيرة وهو يدفعها نحو الباب
كادت أن تقع ولكنها إستطاعت أن تتدارك نفسها لتقول بعدما رفعت رأسها نحوه
- مستحيل أسيبك وأمشي وإنتا بالحالة دي...
إياد بتهكم
- طبعا مستحيل تمشي، ما إنتا عملتي كل ده عشان يبقا ده كله ليكي، ماشي خليكي هنا إشبعي بيه، مبروك عليكي أنا اللي همشي.

فتحت فمها وأخذت تحرك رأسها بنفي ما إن تركها وخرج لتحاول أن تفهم ما حصل ولكن عقلها لم يسعفها لتلتفت نحو الباب ثم ركضت خلفه وهي تناديه
ما إن سمعت صوت محرك السيارة
- إااااااااياد
أخذت تنزل السلم بسرعة لدرجة إلتوى كاحلها في آخر درجة ولكنها تحاملت على نفسها ما إن سمعت تحرك السيارة وصوتها يبتعد...

خرجت بسرعة رغم ألم قدمها الفتاك لتجد سيارته تتحرك نحو البوابة بسرعة فائقة حاولت أن تركض خلفه ولكنها سقطت على الأرض الصلبة ما إن إلتوى كاحلها مرة أخرى لتصرخ بصوتها كله لا تعرف أيهما يألمها أكثر قلبها أم قدمها
أنزلت رأسها لتتساقط دموعها على الأرض ما إن خرجت سيارته من البوابة الخارجية بالفعل وإختفت من أمامها
في الفيلا الخلفية عند الثنائي الجرئ.

خرج من الحمام وهو يجفف شعره الرطب ليجد بأن مفعول الدواء قد أتى بنتيجته ونامت بالفعل...
تقدم منها وجلس إلى جوارها ليقبل جبهتها
- أستودعتك الله الذي لاتضيع ودائعه، ما ان همس بها حتى قبل يدها ونهض ليرتدي ثيابه ثم خرج دون أن ينظر لها وهو عازم أن ينهي كل شئ لأجلها ولكن قبل هذا يجب أن يتمم هذه العملية، خرج من المنزل وصعد سيارته ذات الدفع الرباعي وإنطلق بها.

غافلا عن تلك التي تتوسط فراشها وتنزل دموعها ونظرها مثبت على السقف فهي لم تشرب العصير مثل كل مرة بل تخلصت منه بطريقتها وتظاهرت بالنوم، ذهب، خدعها وذهب
قال لها بأنه اختارها هي، كذب عليها ليحصل على رضاها، لااااااا ليس ليحصل على رضاها بل ليحصل
علي اااا...
عند هذه النقطة نهضت ونظرت إلى جسدها لتتمسك بالغطاء بعدما حاوطت نفسها به و إنفجرت ببكاء بشكل يمزق نياطها ما إن رأت أثاره عليها...

- ليه كده يا أااايمن ليه، ليه قطعت أخر خيط كان بيربط بينا، بعد عملتك دي مستحيل أكمل معاك إن ماسبتك وكسرت قلبك، مابقاش أنا سارة
كانت تتكلم بحرقة قلب وصوت مبحوح من أثر البكاء
وكأنه امامها، بعد مدة ليست بقليلة رفعت رأسها و مسحت دموعها بظهر كفها ونهضت متوجها للحمام وهي عازمة على الذهاب لن تتحمل أكثر من هذا ولن تصبر عليه
في فيلا الهلالي صدح صوت يونس بإنفعال بداخلها وهو يقول.

- تقدري تقوليلي إستفدتي إيه لما عملتي كده
نادية بتوضيح موقفها
- كنت عايزني أعمل إيه وأنا بشوف واحدة نصابة بتحوم حواليه، واحدة كل همها الفلوس دي مش بس متفقة مع عدو إبني عليه لاء دي مدسوسة عليه كمان، إزاي عايزني أسكت إزاي، وليه أصلا أسكت. و قبل محد يجي يحاسبني يحط نفسه مكاني...
يونس بتساؤل
- مين اللي قالك ده وجبتي الأوراق دي منين
- يوسف وااااا
قاطعها بغضب.

- يوسف، إزاي تصدقي كلامه وإنتي عارفة إن نيته مش خير ليه تسيبيه يوصل على اللي هو عايزه
نادية بضيق
- طبعا مش هصدقه بس أنا روحت وإتأكدت بنفسي من الأوراق قبل ما أجي ع الفيلا وطلعت فعلا سليمة وإنت شفتها إزاي إعترفت على نفسها
ليقول يونس وهو يفكر بعدما خرب كل شئ كان مخطط له: إعترفت إيه. نور مظلومة
نادية بإنزعاج من الآخر
- إنتا بتدافع عنها ليه...
نظر لها وقال بصدق.

- لأنها فعلا مظلومة ومتعرفش إن عز أخو ليله، وهي جت هنا عشان تعالجه بس، عز لعبها صح لما حطها فطريق إياد بس نيته كانت طيبة وهو أنه يوريه الطريق الصح، كان عايز إبنك يحبها لأنها بجد إنسانة كويسة.

عز مش محتاج يلعب كل ده عشان يأذي إبنك لو عايز يأذيه هيأذيه مش هيستنى يعمل كل الليلة دي، بس اللي متعرفهوش هو اللي أنقذه من الموت لما رحيم كان حاول يقتله وبعته هنا ليا عشان أعالجه بس لما وصلت نور قال إن دي هي اللي هتمسك إيده وتخرجه من ضلمه لنور، هي دي اللي هتكون عوضه عن كل اللي مر فيه بحياته، بس كل ده و نور متعرفش حاجة عن الكلام ده...

وأهو فعلا ده اللي حصل و البنت حبت إبنك بجد وبقت نور حياته من غير ما حد يتدخل حبته بالفطرة وإستحملته بتصرفاته وبتناقضاته وساعدته على تخطي حالته دي...
تعبت جدا لغاية ما سمعها كلمة حلوة وأول ما إحلوت الدنيا ليهم وضحكت، جيتي إنتى خربتي كل حاجة
نظرت له نادية بإستنكار وهي تقول
- بقيت أنا دلوقتي الوحشة مش كده
ريهام بمحاولة تقليل حدة الموقف
- يونس مش قصده كده
يونس بجدية.

- لاء قصدي يا نادية وقصدي أوي كمان، ليه قبل ماتعملي الخطوة دي مارجعتليش زي مابتعملي كل مرة ليه إتصرفتي من دماغك وهديتي الدنيا
نادية بتهرب
- كان مشغول تفكيري بإياد وكل حاجة جت ورا بعضها
يونس بعدم إقتناع فهو يعرفها جيدا
- جت ورا بعضها،؟ ولا إنتى ماصدقتي ولقيتي حاجة ضد نور عشان تمشيها بيها
نظرت له نادية بإندهاش من كلامه ليبتسم لها من طرف شفتيه بإستهزاء وهو يقول.

- غيرتك على إياد عامتك وخلتك تظلمي بنت يتيمة، كل ذنبها إنها حبت إبنك بجد، كنتى عايزة تمشيها، أهي مشيت
ريهام بتدخل
- مشيت بجد؟ عرفت إزاي
يونس بثقة
- ده العادي يعني، إياد اصلا شكاك ومتهور...
نادية بترقب
- يعني إياد ساب نور
أومى لها وقال
- من خبرتي معاه لسنتين وبصفتي دكتوره النفسي أحب أقولك...
برافو نادية هانم برافو، قدرتي تفرقي بينهم وخلتيه هو بنفسه يمشيها، أشبعي بإبنك دلوقتي ده لو رضي يبص فوشك أصلا.

نادية بخوف
- ليه أنا عملت إيه،؟
نطق يونس بكل بساطة
- إنتى قفلتي الباب اللي كان مفتوح بين إياد والعالم الخارجي الباب ده، نور، وأنا قولتلك سابق لو عايزة تقربي منه يبقى عن طريق نور وطالما إنتى قدرتى على هد علاقتهم يبقى إتهدت علاقة إياد مع الكل و أولهم إنتى إستحملي بقا اللي عملتيه
صمت و نظر إلى ريهام التي كانت علامات التعب والقهر والزعل يزين ملامحها ليقول لها بعدما أقترب منها
- يلا نطلع فوق عشان ترتاحي.

ريهام بحزن
- أرتاح إزاي وعمتو كده
تنهد وقال
- سبيها تقعد مع نفسها شوية يمكن تفوق لنفسها ولو تعبت هي عارفة أوضة الضيوف فين...
ريهام برفض
- لاء انا مش هقدر أسيبها كده
- ريهام،! أنا مش فاضي للدلع ده، إتفضلي قدام على فوق عشان ترتاحي، ما إن قالها يونس بصرامه ممزوجة بعصبية حتى خضعت له وصعدت معه إلى الأعلى لتحظى ببعض الراحة ولكن هيهات أية راحة
ستجدها بعد كل ما حصل
في مقر المنظمة.

كانت ميليسا تأخذ غرفة الإجتماعات ذهابا وإيابا وهي تكاد أن تنفجر من الغيظ وهي تقول
- كيف وافقت على هذا يا مارك. كيف وافقت على شرطه، بل كيف سمحت له بأن يتجرأ ويفكر أن يساومك حتى
نظر مارك ببرود على غليان أعصابها وقال بهدوء غامض
- ولما لا فكل عضو بالمنظمة له الحق أن يعبر عما يريد ولكن في الواقع يحدث ما أريده أنا
توقف ميليسا وقال بإستفسار
- ولكنك وافقت على شرطه هذا وستعطيه حريته.

سحب نفس عميق من سيجارته ثم إبتسم بخبث وأخذ يزفر الدخان للأعلى ثم قال بإستمتاع وهو يرى كيف يختفي الدخان في الجو
- ظاهريا فقط، فلا تغركي المظاهر عزيزتي
- بماذا تفكر، قالتها ميليسا بترقب ليضع ساقه على الأخرى وهو يقول بشر متوعد بعدما سحب نفس أخر من سجارته بتلذذ
- أفكر بأن أتخلص من السبب الذي يفكر أيمن بالإنسحاب لأجله
- سارة، ما إن نطقت بها بخفوت حتى إعتدل بجلسته وهو يقول بحماس لما مقبل عليه.

- exactly(بالضبط)
ميليسا بحقد
- وماذا تنتظر، لما لم تأتي بها حتى الأن
ليقول مارك بضيق بأنه لم يستطيع الأستمتاع بجمالها
- لا أملك الوقت الكافي لهذا عزيزتي لأتي بها اللي هنا بل بعثت مجموعة من رجالي لأتمام المهمة هذه
ولمعلوماتك أن أيمن قد تزوجها وهذا يعني أنها لم تعد عذراء لهذا فقدت جزء من شغفي للحصول عليها
نظرت له ميليسا بعدم تصديق أو بل الأصح ترفض التصديق وهي تقول
- لحظة، أيمن تزوج من!
مارك بإبتسامة حقيرة.

- أنتى حقا تسأليني من؟ أم أنك تريدين مني أن أنكر مافهمتي
- سارة أليس كذلك، قالتها ميليسا بغير وغل ليغمز وهو يقول بسخرية
- أحسدك على ذكائك عزيزتي
ميليسا بكره
- متى ستمحيها فالعالم أصبح لا يكفيني ويكفيها معا
مارك بتأكيد خبيث
- سيحدث عزيزتى سيحدث ولكني الأن أنتظر مكالمة منه على إتمام المهمة وقبل أن يصل إلى منزله سيجد بأن كل شئ قد إنتهى ولن يجد سوى بقايا ذكرياته والحطام.

إبتسمت ميليسا بشر ما إن سمعت كلماته وبالفعل لم يمر وقت كبير إلا وقد إتصل به أيمن و قال
- كل حاجة تمام والشحنة بقت بالمخازن
أرجع مارك رأسه الى الخلف يسنده على ظهر الأريكة وهو يقول بإنتشاء
- برافووو...
نزل من سيارته وأخذ يتمشى وهو يتأمل ظلام الليل وهو يقول بمغزى
- أعتقد أنا عملت اللي عليا...
مارك بصوت يملئ الغدر
- وأنا كمان عملت أللي عليا
تسمر أيمن بمكانه وقال بترقب بعدما إستشعر الخطر
من نبرة صوته
- مش فاهم؟

مارك بإستفزاز
- تؤ تؤ تؤ، وأنا اللي بقول عليك ذكي وبتفهمها وهي طايرة على العموم هتلاقي ردي على شرطك لما ترجع بيتك، تشاووو
- بيتك! ااااا، س سارة، ما ان نطقها وفهم مقصده حتى سقط الهاتف من يده على الأرض ليتحطم إلى أشلاء ليهرول نحو سيارته وما إن إستقر خلف الموقد حتى ضغط على المكابح بكل قوته لينطلق بها بأقصى سرعته ليشق غبار الطريق بعنف مصدرا صوت مزعج عالي من المحرك...

في شارع عام مضيئ بمصابيح باللون الأصفر خالي نوعا ما، نجد سيارة أيمن تطير على الأسفلت هذا الشارع ليميل بجسده قليلا ليفتح الدرج و بحث عن هاتفه الاخر وهو ينظر تارة على الطريق أمامه وتارة أخرى على الدرج...
وما إن وجده حتى بدء بالإتصال بها ولكن لا يوجد رد من قبلها، أخذ يضرب الدركسيون بإنفعال وهو يصرخ بجنون
- مش وقته ردي،!

أخذ يزيد من سرعته وكأنه يتحدى الريح لينظر إلى شاشة الهاتف وإتصل ب إياد الذي ما إن رد حتى صرخ بلهفة
- إياد سارة كويسة صح
لياتيه صوت إياد المستفهم: أيمن؟ مالك في إيه، إنتا كويس
صرخ أيمن بجنون رسمي وهو يقول
- سيبك مني دلوقتي وقولي سارة كويسة
- معرفش، ما ان نطقها إياد حتى فتح الاخر عينه لدرجة كادت ان تستدير من الرعب الذي أحتل قلبه على معشوقته حتى كاد أن يفتعل حادث ولكنه.

نجا منها بأعجوبة إلهية بعدما تجاوزه بحركة ماهرة ثم أخذ يصرخ به مرة أخرى ولكن هذه المرة بشبه إنهيار
- متعرفش إااايه وزفت إاايه، إديني نور يمكن هي تعرف
ليقول إياد بترقب لرد فعله: نور في الفيلا مش معايا
أوقف أيمن سيارته بشكل مفاجئ بنصف الطريق من صدمته غير آبه بضجيج ومزامير السيارات، وما هي سوى ثانية واحدة حتى إستطاع ان يستوعب كمية الخطر الذي يحيط بالفتيات ليقول بتأنيب حاد شرس.

- إنتا إزاي تسيبهم لوحدهم هناك،!
إياد بخوف على نور
- هو في حاجة؟
- في حاجات ومصايب، إلحقني ع الفيلا بسرعة، سامع بسرعة
ما إن صرخ بها حتى أغلق الهاتف ورماه بإهمال على الكرسي الذي بجانب السائق وإنطلق مرة أخرى بسرعة البرق متوجها نحوها، نحو الذي اعطته الحياة وجعلته يتذوق معانيها...
لا يعرف كيف خانته عينيه وأطلقت سراح دموعه الذي كانت أشبه بكاسات من الدم من شدة إحمرارها.

أخذ يمسح دموعه بضعف وعجز لأول مرة يشعر به...
مسك صدره بوجع مفاجئ وكأن هناك خنجر مزروع بوسطه. ففؤاده الأن يحترق بشدة عليها يطالب بها يريدها الأن بين أحضانه وكأنه يرفض فكرة انه على وشك خسارتها
أغلت سحاب حقيبتها بعدما وضعت كل مايخصها بداخلها ثم وضعتها على الأرض لتخرج من غرفتها وأخذت تنزل الدرج بها بهدوء.

وما إن وصلت الصالة حتى إرتفع طرق الباب بصوت ضعيف، لتنظر إلى ساعة الجدارة وجدت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل...
ذهبت نحو الباب وما إن فتحته حتى وجدت نور أمامها بحالة يرثى لها، أما الأخرى ما إن رأتها حتى رمت نفسها بأحضانها وهي تبكي
- بسم الله، نور حبيبتي مالك...
نور ببكاء كالأطفال.

- والله ياسارة معرفش إنه أخوها والله ماكنتش أعرف، صدقيني ماتبقيش زيهم، أنا مش نصابة ولا محتالة أنا بس حبيته، والله العظيم حبيته، هو مفكر إني رفضت أمشي من هنا عشان نفسي فالفيلا. بس أنا رفضت أمشي وأسيبه هو كده.

- هشششششش ياقلبي إهدي، كادت نور أن تتكلم إلا أنها أسكتتها وهي تكمل، كفاية عياط وكلام دلوقتي، تعالي جوا، قالتها وأخذت تساعدها على المشي ما إن لاحظت قدميها الحافيتين و تورم كاحلها الذي كان واضح جدا ولونه كان مائل للأزرق
جعلتها تجلس على الأريكة وأعطتها كأس من الماء وما أن إرتشفت منه نور قليلا حتى قالت وهي تتوجه نحو المطبخ
- أنا هروح أجيبلك شوية تلج عشان رجلك بعدين أشوف إيه حكايتك.

في نفس الوقت في الخارج عند السور المجاور لفيلا
أيمن، كان هناك رجال ملثمين يرتدون ثياب أسود يتسلقون السور بكل خفة وما إن نظروا إلى هدفهم
حتى تسلحوا وأخذوا يقتربون من الفيلا كادو أن يقتحمو المنزل إلا انهم وجدو سارة تظهر أمامهم عبر الجدار الزجاجي للصالة الذي يطل على الحديقة لاحظو وجود فتاة أخرى معها ولكن لا يهمهم هذا.

عند هذه اللحظة أعطى قائدهم الضوء الأخضر لرميهم بالرصاص بدلا من أن يقتحمو المكان وهذا سيوفر لهم الوقت وبالتأكيد ستكون النتيجة لهم واحدة
في الداخل خرجت سارة من المطبخ وهي تحمل كيس مليئ بالثلج لترفع حاجبيها بإستغراب ما إن وجدت نور تجلس على الأرض بجانب الطاولة وتسند ظهرها على مقدمة الأريكة
سارة بضحك وهي تقول
- إيه ده، إيه اللي قعدك كده
- رجلي بتوجعني قولت أما أريحها على الأرض شوية.

ما إن قالتها نور بألم حتى ضحكت عليها سارة أكثر واخذ تقترب منها ولكن قبل أن تصلها نظرت بشكل تلقائي نحو الزجاج الذي يطل على الخارج.

تلاشت إبتسامتها وأغلقت عينيها قليلا لتركز لتفتحهم على وسعهما بفزع ورهبة ما ان لمحت مجموعة ملثمين يرفعون أسلحتهم نحوها، تركت الطبق يسقط من بين أناملها لترفعهم نحو فمها وأخذت تصرخ برعب من هول هذا الموقف تزامنا مع صوت تكسر الزجاج الذي هز المكان مع صوت الرصاص الذي أصبح عليهم كالمطر
- سارة،!

صرخت بها نور بأعلى صوتها حتى شعرت بأحبالها الصوتية تتمزق وتستشعر طعم الدماء بحنجرتها قبل ان تسقط غارقة بدمائها بعدما رأت صديقة عمرها تخر أمامها ببركة من الدماء لا حول لها ولا قوة من هذا الهجوم المباغت عليهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة