قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني بقلم فاطمة حمدي الفصل السادس عشر

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني بقلم فاطمة حمدي

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل السادس عشر

كان يقود السيارة بجنون ..ووجهه صلبًا يحدق أمامه بعينين تتوهجين نارا ...
صف السيارة وترجل منها في سرعة شديدة، راح يركض داخلًا إلى القصر وأنفاسه تتسارع بشكل عنيف ..
يركض على الدرج بغضب لم يحل عليه من قبل ..بقسوة لم يعرفها قلبه قط ..
بصدمة جليـة قضت على ثباته وصموده ..

توجه ناحية الغرفة الخاصة بـ تمارا ..فتح الباب بقوة ودخل فوجدها نائمة على فراشها المبعثر ..
ضرب السرير بقدمه ما أن اقترب وراح يقبض على شعرها بين قبضة يده ...جرها جرا من على الفراش مجبرًا إياها على الوقوف ..
أصاب تمـارا الذعر وهي تنظر له بريبة ..وكان أدهم قد خرج عن وعيه بالكامل ..لف شعرها حول يده صافعًا إياها وصاحبت الصفعة صفعة أخرى بينما يصرخ بوجهها:
-يا (...) ... بتستغفليني يا (...) .. إزاي اتجرأتي وعملتي كدا؟ إزاي يا شيطانة يا (..) ...

تابعت تمارا وهي تلتقط أنفاسها بالكاد وتحاول الابتعاد عنه بصعوبة بالغة:
-آآ ..أنت اتجننت ولا ايه إيه ..إزاي تقولي الكلام دا ..أنت مجنون ...
أدهم وقد هزها بعنف فتألمت وصرخت جراء قبضة يده على شعرها ..ليتابع بصياح كاد يصم آذنيها:
-ابن مين؟ حملتي من مين؟ انطقيييييي ..!
حاولت الابتعاد ..هتفت بارتجافة عنيفة ..:

-حملت من مين إزاي أنت اتجننت انت بتتبلى عليا كمااان هي حصلت يا أدهم!
-هقتـــلك ..والله هقتلك ..
هكذا صرخ بلا وعي منه وهو يترك شعرها ثم يقبض على رقبتها بشدة. تلوت بين يديه وجحظت عيناها وهي تحاول تخليص عنقها من قبضة يده عليها، بينما هو يضغط أكثر فأكثر وهي تعافر بكل ما تملك من قوة ..

فرفعت ركبتها تضربه بعنف في بطنه فيبتعد متألمًا ...وتركض هي وهي تسعل بشدة ..ركض أدهم خلفها وهو يمسك معدته بيده ..عازمًا قتلها بالفعل ..
هبط الدرج بسرعة الفهد ...ووصل إليها لكنها استطاعت الهرب منه مجددًا ..ولفت الطاولة وهو من خلفها ..أمسكت بتحفةٍ كانت موضوعة عليها وما إن وصل إليها حتى ضربته بها في رأسه ..فارتدت للخلف صارخا وهو يسمك رأسه بألم سافر ..

وهي دفعته بكلتا يديها ليسقط أرضًا ...فلم يستطع النهوض مجددًا ..حيث أن الدماء تدفقت من رأسه ..فضحكت تمـارا بهستيرية واقترب منه بعد أن ألقت التحفة المعدنية من يدها ..وانحنت قليلاً لتخبره بلا ذرة خجل:
-أيوة مش إبنك ..إبن واحد تاني وكتبته بإسمك أنت ...موووت بقى بحسرتك يا بيبي . ..دا جزاء اللي يلعب بتمارا ..جزائك اللي تستاهله ..

كان أدهم يكاد أن يفقد وعيه ..عينيه تنظران إليها بشراسة قاسية ..ثقلت أنفاسه وبات في حال غير الحال ..فضحكت وقالت:
-عاجبني منظرك أوي يا بيبي ..هسيبك بقى تموت كدا وأنا همشي من هنا ..وهسافر وهعيش حياتي يا أدهم ..وهعمل كل اللي نفسي فيه ..باي باي...
انصرفت تمارا وتركته ينزف ..ولم يكن رأسه فقط الذي ينزف ..فقد كان قلبه ينزف أيضاً بلا توقف ..يتألم بلا رحمة ..يصرخ بلا هوادة ..

أصبح وجه "مـاهر" صلبًا قاسيًا بعد أن قصت زوجته چنا ما فعلته بزوجة أخيها ...وكيف بات قلبها أسودا بهذه الدرجة المُخيفة ...
نعم يرى الندم بعينيها ..
ولكن هذا ليس كافيا ..لم يكن يظن بها هكذا ..
ولا يعلم أنها تمتلك هذا الكم من الصفات السيئة ..
حقا هو صُدم ...ذُهل وذايلته دهشة كبيرة ...

ونطق لسانه بجمود:
-أنا فعلا اتخدعت فيكي ..مكنتش أعرفك إنك بشعة بالشكل دا ..للدرجة دي يوصل بيكي الحقد يا چنا ؟! ...
بالطبع لم ترد ..لم تجد كلاما مناسبا لتجيب عليه ..فقط هي تبكي ..
وهو لم تأخذه الرأفة بها ..وازدادت نظراته قسوة حين قال:
-أنا مش عارف هعيش معاكي إزاي بعد كدا؟ أنتِ بجد صدمتيني فيكي ..وشكلي مش هعرف أكمل حياتي معاكي ..أبدا ...أبدا يا چنا !

هنا توسلته من بين بكاؤها:
-أنا آسفة..بس بلاش تطلقني ..أنا مستعدة أعيش خدامة تحت رجلك ومستعدة أروح أعتذر لمامتك وأصلح اللي عملته ..
صمت ماهـر قليلا ...وازداد وجهه قتامة ..ليتابع هادئا لكن بحزم:
-هتعيشي معايا بشروطي ..مش عاوز أتكلم معاكي خالص! وكل طلباتي هتنفذيها وبس.. لكن كلام بينا إنسي! ماهر القديم الحنين دا تنسيه خالص.. دلوقتي واحد جديد بيعاقب اللي بيغلط وعقاب يستحقه.. تمام ؟!
ولم تكن چنـا تملك سوى أن تقول من بين دموعها المتدفقة:
-تمام ...

"في المستشفى"
هتفت السيدة چيهـان بقلب واجل:
-الحقيني يا ميرال ..أدهم ..أدهم
بينما تهتف ميـرال بهلع:
-ماله ..ماله يا ماما أدهم !
-تمارا خبطته الخدم بلغوني وهو فقد الوعي أنا لازم أمشي حالا أنا طلبت الإسعاف يارب يكونوا وصلوا !

تنهض ميرال عن الفراش مسرعة وهي تقول بخوف:
-أنا جاية معاكي ..
لكن سرعان ما فقدت اتزانها لولا ذراعي والدتها ..لتقول الأم بتعجل:
-خليكي أنتي يا ميرال وأنا هروح ألحق أخوكي خليكي يا بنتي ..
-طيب يا ماما بالله عليكي طمنيني على أدهم ..
هكذا أنهت ميرال جملتها باكية ...لتهرول الأم إلى الخارج وهي تردد:
-ألطف بينا يارب ...ألطف بولادي !

بينما في القصر..
كانت قد وصلت ملك ..والتي تحاملت على نفسها لتلحق به منذ أن أتته تلك المكالمة اللعينة ..
وفي نفس اللحظة ..كانت سيارة الإسعاف قد وصلت أيضاً.. ورأت أدهم يخرج فوق السرير النقال غارقا في دمائه .. !
وفاقدا الوعي !
-أدهـــم ! أدهم ...
صرخت باسمه وركضت نحوه بهلع شديد ..حركت رأسها يمنى ويسرى بعنف وعدم تصديق ..

أدهم مسجى أمامها لا حول له ولا قوة !
ترى ماذا أصابه ؟!
هكذا راح عقلها يفكر وهي تركض لتصعد معه سيارة الإسعاف ...بينما دموعها في تسابق وهي تنحني عليه وتقبل رأسه بشفتين مرتعشتين ..وتردد بحسرة:
-أدهم حبيبي إيه اللي جرالك!
وتتابع بتوسل:
-يارب إشفيه...

انطلقت تمـارا بالسيارة وهي تضحك بهستيرية كأنها جنت !
تلتقط هاتفها وتجري اتصالا على "شـادي" ..
تردد ما إن أجاب عليها:
-واطي يا شادي ! ..مش جديد عليك يا بيبي ...

يتكلم شادي لكنها تقاطعه ضاحكة:
-يا بيبي متكذبش أنا أوردي مش زعلانة منك .. لأن أنا تمـارا الجزار ...ماحدش يقدر يكسرني أبدا ..ولا يقضي عليا ..أنا أقضي على بلد يا قلبي ..فكك ...أنا مش زعلانة أنا كدا كدا عارفة إنك واطي .. المهم أنا عاوزة مكان محدش يوصلي فيه على ما أسافر برا مصر !
-كمان؟ ليه ؟
-اسمع اللي بقولك عليه ..دبرهولي بسرعة وهديك الخمسة مليون اللي وعدتك بيهم عشان تقفل بؤك خالص ..اوك !؟
-ماشي يا تمارا ..اقفلي ..خمسة وهكلمك ..هدبرلك مكان ...

"في منزل حـازم"
طرقت رغدة الباب بحذر شديد ..فتوجهت سانـدرا وهي تتحامل على نفسها لتفتح الباب ..ابتسمت ما إن رأتها وقالت:
-رغدة ! تعالي يا حبيبتي..
دخلت بالفعل رغدة وهي تسألها بخوف:
-هو حازم مش هنا؟ صح؟
أومأت ساندرا برأسها وهي تخبرها باطمئنان:
-أيوة متخافيش ..

-الحمدلله .. أنتِ عاملة إيه طمنيني على صحتك؟
-الحمد لله في نعمة ..
ابتسمت رغدة وقالت بمرح:
-ماشاء الله بقيتي بتتكلمي زينا يا ساندرا..
-عشرة بقى يا ستي ... تعالي شوفي نور ..
أنهت ساندرا جملتها واتجهت إلى الغرفة ..فتتبعها رغدة وهي تقول:
-أنا جاية عشانها ..

أسرعت رغدة تحمل الصغيرة النائمة بين يديها وهي تبتسم وتقول:
-الله أكبر ما شاء الله زي القمر ..تتربى في عزك وعز حازم يارب ..
ساندرا بهدوء:
-ءامين يارب ..
بينما تسمع رغدة صوت الباب وهو يغلق فانتفضت في مكانها فزعا عندما ولج حازم إلى الغرفة ...
ولم ينظر لها كعادته ..ولم يتكلم معها ..مما أدى إلى احراجها ..فتركت الصغيرة إلى أمها وقالت بخجل:
-عن إذنك ..

فقالت ساندرا بجدية:
-استني يا رغدة ليه هتنزلي أنتي ملحقتيش !
-معلش هبقى أجي تاني ..
انصرفت على ذلك في سرعة ..بينما نظرت ساندرا إلى حازم الصامت وقالت بعتاب:
-ليه كدا بس يا حازم؟ دي في بيتنا برضوه خلاص سامحها ..
لم يتحرر حازم من صمته ..إنما توجه إلى الفراش واستلقى عليه متألما ومتعرقا بشدة ..جسده بالكامل يرتجف بفعل الآلام جسده ..

أصاب ساندرا الهلع وراحت تضع الصغيرة فوق الفراش وتتجه نحوه قائلة بفؤاد قلق:
-حازم ..في إيه؟ ..
أغلق عيناه وأجابها::
-مش قادر يا ساندرا مش قادر ..
ضمت رأسه إلى صدرها ...وقالت باكية:
-فيك إيه يا حازم أنت كنت كويس ..
أخذ يتنفس ببطء ورد بارهاق::
-جسمي كله بيوجعني ..مش قادر أتحمل أكتر من كدا ..بموت يا ساندرا بمووت ..
مسحت عرقه بيدها في رفق وأخبرته من بين بكاؤها:
-هتكون كويس والله ..اجمد يا حازم عشان خاطري.. والله هتخف وتبقى كويس ...

بعد مرور ساعة ..
يخرج الطبيب من الغرفة بالمستشفى..
وتهرولان إليه كلا من چيهان وملك تسألانه في وقت واحد:
-طمنا يا دكتور ..
فيرد الطبيب برسمية:
-الحالة مستقرة الحمدلله.. الحمدلله مافيش خطورة ..قدرنا نعالج الجرح ونقلنا له دم ..وهو دلوقتي نايم بفعل المسكن والمهدىء ..لأنه للأسف هيحس بصداع مستمر هيقعد معاه فترة ..وممكن يحس بالغثيان أو أنه عاوز يتقيء ..لكن كل دا طبيعي وهيعدي المرحلة دي بإذن الله ..

تنهدت السيدة چيهان بارتياح ..ورددت:
-الحمدلله يارب ..
بينما تقول ملك:
-ينفع ندخله يا دكتور ؟
-دلوقتي لأ ..لما يفوق ونشوف حالته الاول وبعدها تقدروا تشوفوه ..
انصرف الطبيب ..واستندت ملك على الحائط تقول بألم:
-يارب اشفي أدهم وقومه بالسلامة ..

وقالت الأم:
-يااارب ..حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا تمارا
ملك وقد اتسعت عينيها:
-تمارا ؟ تمارا اللي عملت في أدهم كدا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة