قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني بقلم فاطمة حمدي الفصل الخامس عشر

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني بقلم فاطمة حمدي

رواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني (بعنوان: مذاق الحب والألم) بقلم فاطمة حمدي الفصل الخامس عشر

كان حازم يصعد الدرج إذ أنه استمع إلى صوت بكاء يأتي من شقة والدته ..وهو قد ميز الصوت على الفور ..إنه صوت شقيقته رغدة !
ترى ماذا بها ..وأي سوء مسها؟!
مؤكد أنها تتألم ..وهو يعلم ما الذي يؤلمها جيدًا ..
أكمل حازم صعود الدرج ولم يكترث كثيرًا لصوتها الباكِ ذاك !

لكن الذي استوقفه صوت والدته وهي تهتف بإسمه ..لتريه ماذا حدث لشقيقته ..
اضطر حازم لأن يلتفت ويواجه والدته بعينيه ..لتسحبه معها إلى داخل الشقة وتهتف ببكاء مرير:
-تعالى يا حازم شوف جوز أختك عمل فيها إيه !!!!
تحول بصر حازم إلى رغدة الباكية بندم وصُدم !, تصارعت أنفاسه بشكل عنيف وقد اتسعت حدقتاه بذهول ..كيف تجرأ سعيد !
كيف فعل ما فعله بها ..!!!

لم يتحرر من صمته المهيب ..لتقول رغـدة وهي تنهض مقتربة منه بحذر:
-حازم ..
لكن ما أحزنها هو نفوره منها وابتعاده السريع عن خطواتها التي تقترب منه ..وكف يده الذي أوقفها بصرامة ..
تسمرت في مكانها ..وابتلعت غصة مريرة بحلقها ..وراحت تقول بألم:
-أرجوك يا حازم سامحني ..
وصمتت قليلًا قبيل أن تتابع برجاء:
-وساعدني متسبنيش يا حازم ..

التفت حـازم وأولاها ظهره ما إن أنهت جملتها وقال بتهكم شديد:
-زي ما وحَلتي نفسك معاه لوحدك ..خرجي نفسك من نفس الوحلة برضوه لوحدك! ..أنا قطعت صفحتك من يوم ما خرجتي من البيت دا وهسد وداني عن عياطك ووجعك دا وكأني مش شايفك هكمل ..زي ما عملتي !
ولم يترك لهما المجال لإضافة كلمة أخرى فقط خرج من الشقة وصعد إلى شقته تاركًا شقيقته تبكي بألم ..
فتح بالمفتاح ودخل وهو يزفر أنفاسه يحاول طرد هذا الغضب من صدره ..

كانت ساندرا تستند على ظهر السرير وقد نيمت إبنتها بصعوبة ..فأشارت لحازم حتى يأخذها منها ويضعها على الفراش ..
بالفعل حملها برفق وابتسم لها بحب وراح يضعها على الفراش قبيل أن يمنحها قبلة حنونة...
ومن ثم جلس جوار زوجته وهو يربت على كتفها ويسألها باهتمام:
-حاسة إنك بتتحسني يا ساندرا؟

فأجبت بنبرة خافتة:
-الحمد لله أحسن من الأول يا حازم ..ثم تابعت تسأله بقلق:
-مالك يا حازم؟, شكلك مش مبسوط في حاجة؟
-لأ يا حبيبتي مافيش حاجة .. ماتشغليش بالك وركزي أنتِ في صحتك عشان تقومي على حيلك كدا .. أعملك حلبة بالعسل؟
فضحكت بارهاق وهي تقول:
-يوه يا حازم كل شوية حلبة بعسل ..لأ زهقت ..
حازم بنبرة جادة:
-أمي قالت إنها هتساعدك وتقويكي ..

-أيوة بس أنت عملتلي النهاردة كتير يا حزوم ..كفاية!
ابتسم لها بصفاء ..واقترب منها ..ثم ربت على وجنتها وقال:
-يااه بقالك كتير مدلعتنيش كدا ..حقيقي وحشتيني ووحشتني حتى تكشيرتك اللي كنتي بتصدريها لي دي لما أعمل اللي ميعجبكيش .. أنتِ عملتي فيا إيه؟

ابتسمت بخجل وهي تحتضن نظراته بعينيها وتلتهم ملامحه الرجولية ..بينما تقول له بصدق:
-لما كنت بكشر في وشك كانت بالنسبة لي حرب ..كنت حاسة إني بحاربك بكل قوتي عشان تتخلى عن الحاجات دي ..خصوصا يعني إننا وضعنا الإجتماعي مش متوافق وناس كتير كانت بتتحداني إني هسيبك من أول شهر جواز عشان عدم التوافق دا ..بس أنا يا حازم كنت حاسة إن فيه حاجات كتيرة هتعوض عدم التوافق دا وهنخلق لنفسنا مجتمع جديد ..مجتمع بتاعنا أنا وأنت بس ..

مد يده يلتقط يدها بين راحتيه ويخبرها ما في قلبه؛
-بحبك يا ساندرا وبحب كل حاجة فيكي ..أوعدك بحياة مختلفة دي الحياة اللي أنتِ بتتمنيها وهحاول أحسن مستوايا المادي عشانك ...

-لأ يا حازم أنا مش عاوزة ماديات ..أنا عاوزة الحياة اللي أنا ملقتهاش عند أهلي ..عاوزة البساطة والتدين وحب الخير ..عاوزة الرفق وإننا قلبنا يبقى على بعض ..نخاف على بعض ..عاوزاك تسمعني وتطبطب عليا وتقولي كلام حلو ..مش عاوزاك تديني فلوس ولا تطحن نفسك عشان نبقى أغنية ..أنا راضية حتى بعيش حاف صدقني يا حازم ..

منحها حازم قلبة عميقة على جبينها عقب حديثها الذي روى قلبه العاشق لها ..واحتضنها آخذًا رأسها على صدره بحنو ..ثم ربت على رأسها مرورًا بظهرها في رفق ..وراح يقول لها:
-حاضر ..بس أنتِ ادعيلي يا حبيبتي..ادعيلي أعدي المحنة دي على خير وربنا يكرمني واتعافى من كل دا ..أنا بقاوم آلامي دلوقتي عشانك وعشان بنتي وعارف إن ربنا هيقف معايا ..

-إن شاء الله يا حبيبي.. ربنا هيكرمك ومش هتحس بأوجاعك دي وأنا بس أقف على رجليا وهعملك كل اللي أقدر عليه وهكون جنبك ..
ضمها بحنان إليه أكثر ..وهمس لها بامتنان:
-ربنا ميحرمنيش منك يا غالية ..

نهض "علي" عن مجلسه وابتعد عن ميـرال عندما يأس في إقناعها بأن تعود معه إلى بيتهما ..اتجه إلى نافذة الغرفة باختناق شديد وهو يردد بعصبية مفرطة:
-واضح إنك مصممة تروحي مع أهلك بطريقة أنا مش قادر أفهمها ..!
وتكلمت هي بمرارة:
-أنا آسفة يا علي ..بس دا حل كويس أنا محتاجة أعيد حساباتي من أول وجديد ..علي أنا فعلا مأقدرش أعيش من غيرك بس أنا هظلمك معايا جدا ..

التفت ينظر لها ساخرًا وقد قال:
-بلاش تناقض بقى !, وكفاية كلام ملوش لازمة ..منين عاوزة تبعدي ومنين مش قادرة تعيشي من غيري .. أنتِ بتضحكي عليا ولا على نفسك يا ميرال !
انهمرت الدموع من عينيها وتابعت بحزن:
-الله يسامحك يا علي ..أنا مش متناقضة ولا بضحك عليك ربنا وحده يعلم بحبك قد إيه.. بس أنا تعبت مش قادرة أشوفك حيران ومتبهدل معايا مرة يغم عليا ومرة مأقدرش أقف على رجلي ومرة مأسمعش كلامك وألغبط في الأكل وتزعل وعارفة إنك خايف عليا بس أنا كنت غلطانة يوم ما اتجوزتك وشيلتك الشيلة دي كلها ..

فرد عليها علي بنفس العصبية:
-خلاص ؟, خلصتي كل اللي عندك ؟! ...تمام ..روحي مع أهلك وأعملي كل اللي يريحك ..أنا تعبت أوضحلك موقفي من ناحيتك وتعبت أقولك إنك مش حمل عليا ..تعبت حقيقي ..روحي معاهم طالما هتبقي مبسوطة كدا ... سلام يا ميرال !
اتجه ناحية الباب بخطوات عنيفة وفتحه خارجًا منه بغضب شديد، لتنهض السيدة چيهان مقتربة منه قائلة:
-الدكتور بيقول لازم تخرج آخر اليوم ..

هز علي رأسه بضيق وقال بجدية تامة وحاول كبح غضبه:
-تمام ..أنا لازم أمشي دلوقتي وميرال حابة تروح مع حضرتك..
ثم تابع وهو ينظر إلى والدته:
-يلا يا ماما من فضلك ..

نهضت والدته على الفور وقالت بجدية:
-سلام عليكم يا مدام چيهان ..كلمة بس قبل ما أمشي ..إبني علي مقصرش مع بنتك لحظة وكان حاططها جوا عنيه ..وكلمة لحضرتك يا أدهم... اسمحلي أقولك أدهم من غير ألقاب أنت زي إبني برضوه، علي صان الأمانة كويس أوي وكانت كأنها جوهرة بالنسباله .. أتمنى حضرتك تسأل ميرال وتعرف علاقتهم كانت إزاي قبل ما تزعق في إبني كدا !

اصطحبت الأم ولدها معها وسارا معا ..يستندا على بعضهما ..بينما تقول الأم بجدية:
-كان لازم أقول كدا ..دا أنا اللي يجي عليك أكله بسناني يا علي ..

بينما دخلا چيهان وأدهم إلى الغرفة مجددًا وراحت چيهان تجلس جوارها ..فبكت ميرال وارتمت بحضنها وتعالت شهقاتها العنيفة، بينما تردد من بين الشهقات:
-علي يا ماما ..علي مشي !!
فبادر أدهم يتكلم بذهول:
-مش أنتِ اللي عاوزة كدا يا بنتي!
لم ترد ميرال إنما قالت بانهيار:
-أنا كدا هموت من غيره ..

لتقول الأم بصبر:
-يا حبيبتي ما أنتِ اللي اختارتي دا ..وياستي ريحي كام يوم وبعدين ترجعيله إيه المشكلة في كدا بس!
-أنا مش عاوزة أرجع .. طالما مش قادرة أسعده ..هو بيعمل كل حاجة تسعدني وأنا مبعملش حاجة ولا في إيدي حاجة أعملها ..
-طب إهدي يا حبيبتي ممكن تهدي شوية ..
كانت هذه جملة أدهم الذي مسح على شعرها برفق ليتابع:
-أنتِ محتاجة بس تريحي أعصابك عشان تقدري تفكري كويس بس أنتِ إهدي كدا ..

كانت چيهان تربت على رأسها باستمرار ..فهدأت ميرال وسكت صوتها ارهاقا ..
وأغمضت عينيها باستسلام تحاول الهروب إلى النوم ..
أضافت السيدة چيهان بقلق:
-طمني عن ملك يا أدهم عملت إيه معاها أنا آسفة نسيت أسألك وطلبتك كدا بسرعة بس لما عرفت اللي حصل لميرال مكنتش شايفة قدامي ..
-كويسة يا ماما الحمدلله.. أنا لازم أمشي وأروح لها دلوقتي.. عشان سايبها لوحدها وبليل هجيلك عشان أخدك أنتي وميرال..
-ماشي يا حبيبي مع السلامة ..

بعد آذان الظهر ...
حيث أنهى حازم صلاته وخرج من المسجد وهو يتحامل على نفسه ..حيث أن آلام عظامه تزداد جراء توقفه عن تناول الحبوب المخدرة ..لكنه يعافر ليبقى صامدًا لا يهزمه الريح ...
توجه ماشيًا إلى محل ذاك المدعو سعيد ..وعلى وجهه غضب شديد وقد برزت عرق عنقه من فرط غيظه ..

كان يجلس سعيد أمام المحل في الخارج يحتسي الشاي وهو يتجول هاتفه بإبهامه ..وحين شعر بحركة جواره رفع رأسه ليجد حازم ينظر له من علو ..ويقول بصرامة قاسية:
-لولا إنك راجل كبير وصحتك على قدك وأخاف تموت في إيدي كنت عملت فيك زي ما عملت في رغدة بالظبط أنت فاهم ؟
نظر له بعدم فهم ونهض يواجهه حيث قال:
-في إيه ...أنا مش فاهم حاجه يا حازم؟

-هنستعبط ؟!أختي رجعالي ومضروبة ومتبهدلة أخر بهدلة وتقولي في إيه ؟؟؟ أنت هتهزر معايا ؟!
-والله ما لمستها ..معقول اللي بتقوله !!
ثم صمت لبرهة وقال بعدها عندما راح عقله إلى أبنائه:
-اااه !! صدقني ...

قاطعه حازم صارما بشدة:
-لأ تصدقني ولا أصدقك ..ورقة طلاقها توصلها بالذوق كدا من غير شوشره وحقوقها على داير مليم، وتروح لحالك بعيد ودا أحسن ليك، غير كدا قسما بالله أنا لا هعمل حساب جيرة ولا راجل كبير ولا كلام فاضي وهتشوف حازم هيعمل فيك إيه .. معاك اسبوع ٱن ما طلقتها وبعت حقوقها ودي كدا متبقاش تلوم إلا نفسك ..
واستدار حازم ماشيًا تاركًا إياه في حالة عجيبة من الذهول والغضب .....

ظلت چنا جالسة ما يقارب الأربع ساعات أمام باب شقتها ..حيث أنها نست مفتاحها قبيل أن تذهب إلى والدتها وطرقت الباب كثيرًا لكن يبدو أن ماهر لم يكن بالداخل ..تورمت عيناها بفعل بكاءها الشديد وباتت في حالة يُرثى لها ..لا تعرف كيف وصل قلبها إلى هذه المرحلة من القسوة ..فهي كادت تقتل ..
كلا هي بالفعل قتلت روح داخل أحشاء والدته بمنتهى القسوة ..

هزت رأسها يمنى ويسرى بعدم تصديق وبكت قهرًا ...وبعد مرور عدة دقائق كان يصعد ماهر عبر الدرج ..نظر لها بقسوة ولم يبد منه رد فعل سعيد لعودتها إليه ..
إنما قال بجمود قاس:
-إيه اللي جابك؟, مش خرجتي بإرادتك ولميتي حاجتك ؟؟؟
نهضت چنا بجسد يرتجف وطأطأت رأسها بخزي مع قولها:
-أنا آسفة.. دخلني واعمل فيا اللي أنت عاوزه ..
وفي تلك اللحظة تحرر من قسوته قليلا وفتح لها الباب ليشير لها بيده ..فتدخل ويدخل خلفها ثم يغلق الباب....

أخذ يمسد على شعرها بصمت وهو ينظر إلى عمق عينيها ببسمةٍ حانية ..قبل أن تسأله وهي تبادلة تلك البسمة:
-مالك يا أدهم ؟, ساكت ليه كدا ؟
تابع يرد عليها:
-قلقان ..
-إزاي؟
-مش عارف يا ملك بجد ..قلقان وعندي إحساس فظيع اليومين دول ..حاسس بحاجات كتير كدا مع بعض لدرجة إني بقوم بليل أفكر في مصير أحمد ومصيرك لو حصلي حاجة !

تابعت ملك بحدة:
-يا أدهم حرام عليك ليه كدا؟ بعد الشر عنك ...
-كله مقدر ومكتوب يا ملك .. و ..
قطع حديثه رنين هاتفه المحمول.. ليجيب على المتصل:
-ألو ..مين؟
فيأتيه الرد من الآخر:
-معاك واحد عاوز يفتح عينك على حاجات تهمك يا أدهم بيه ..
-نعم ؟!

-زي ما بقولك يا باشا ،اسمعني بس وفتح ودنك كدا معايا ..مراتك اسمها تمارا مظبوط كدا؟
اعتدل أدهم في جلسته وقال بعصبية:
-أنت مين ؟؟؟
-اسمع بس ...مراتك لمؤاخذة يا بيه ملبساك العمة ولمؤاخذة إبنك دا من واحد تاني ولو مش مصدقني اعمل تحليل وهتعرف كل حاجة ..مراتك ماشية على كيفها أوي ...
أدهـم وكل خلية بجسده ترتعش من فرط غضبه:
-أنت بتخرف تقول إيه يا حيوان أنت ..آ

أغلق الطرف الآخر الهاتف ولم يمهله الفرصة ...فنهض أدهم متسع العينين وقد سقط الهاتف من يده ..
صدمة.. ذهول ...رصاصة عنيفة كأنها اخترقت صدره وقلبه ...
تجمدت ملامحه وهو يردد اسمها بصدمة عارمة:
-مش إبني !!!!
وهتفت ملك بقلق بالغ:؛
-يا أدهم في إيه ؟؟؟
ولم يدر أدهم بنفسه إلا وهو يندفع خارج الغرفة وخارج المستشفى بأكملها وهي يكاد يسابق الزمن للوصول إلى "تمـــارا"

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة