قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول بقلم فاطمة حمدي

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس

( رواية بونسوار سابقا )

لحظاتٍ مرت وهو يحملق بها بصدمة، فكانت تبكي بلا توقف وحالتها يُرثى لها، ثم ألقت جملتها عليه على حين غرة:
-أنا سبت البيت يا علي..
اتسعت عينيه بصدمة أشد وهو يسألها بقلق:
-سيبتي البيت؟
-أيوة يا علي ومش راجعة تاني،،،
أخبرته بألم وكل ذرة بها ترتجف بشدة، وصدرها يعلو ويهبط بعنف..
بينما عيناها في وادٍ آخر.. تُخبرانه بكل شيء..

بالحب والخوف والقلق..
بالحيرة والعذاب والألم..
كأنها الغريقة وهو لها المُنقذ..
التائهة وهو لها بر أمان..

تعلم.. وتتيقن أنه سيداوي كل شيء وسيرمم كل شيء كُسر..
إن ثقتها به ليس لها حدود..
تُرى هل سيخذلها؟
سيكسرها؟
أم أنه سيحملها ويركض إلى البعيد ويبقى لها وتبقى له؟!..
كان عقلها في صراع مع الأفكار..
وقلبها ينتظر ويتلهف كلمة واحدة منه.. كلمة تطمئنها فحسب..
-علي؟!

كان هذا النداء لوالدته.. التي أتت من خلفه في ذهول.. تسأله بدهشة:
-مين دي يا علي؟!
تنحنح علي ونظر إلى ميرال.. بعجز، لا يعرف كيف سيتصرف..
لكنه قال وبجدية تامة:
-ماينفعش.. ماينفعش يا ميرال، أنتِ لازم تروحي دلوقتي حالا وأوعي تسيبي البيت تاني..
حينها نظرت له بانكسار.. وعيناها تفيضان بالدموع.. ثم تتوسله بمرارة:
-مش عاوزة أرجع يا علي، لو رجعت هموت..
-ماتقوليش كدا!

قالها بصرامة، ثم اقترب منها أكثر وأردف باطمئنان:
-كل حاجة هتتحل.. أوعدك، بس أرجوكِ اسمعي الكلام وروحي دلوقتي، مافيش بنت متربية ومؤدبة تعمل كدا مهما كانت الأسباب..
ثم ابتسم وتابع بلطف:
-وميرال ست البنات كلهم.. متربية أحسن تربية..
أخفضت بصرها خجلا حينما شعرت بعتابه الرقيق.. وكأنه أبرز لها خطئها بمنتهى الرفق...

وكانت والدته تتابع الموقف بصمت.. وتتابع تعابير ميرال.. دموعها وارتجافة جسدها باهتمام واستغراب..
كما تمعنت النظر في جمالها الآخاذ ذو النكهة الخاصة..
تبدو بريئة جدًا.. وصغيرة هادئة..
ابتسمت لها بدون مقدمة وقالت بحنان وافر:
-خليها تدخل تستريح يا علي، تعالي يا بنتي.. أوعى كدا يا علي، ادخلي يا حبيبتي ادخلي..

ابتسمت ميرال بارتياح شديد وهي تنظر للسيدة بامتنان، وولجت معها حيث جلست على الأريكة المقابلة للباب بخجل، نظر -علي- إلى والدته بضيقٍ وعتاب..
ميرال يجب أن تذهب وبسرعة من هنا..
هو لن يقبل أن تُوضع حبيبته الصغيرة في هذا الموقف لن يسمح لها حتى وإن كانت تلك رغبتها!
-أنتِ بقى ميرال؟

قالتها والدة علي بابتسامة حانية وهي تتأملها باعجابٍ، ثم تابعت:
-ما شاء الله زي القمر، الواد علي طلع مبيعرفش يوصف كويس، هو قال إنك حلوة صراحة بس مقالش إنك جميلة وقمر قمر كدا، اللهم بارك يعني..
ابتسمت ميرال مجددًا بسعادة وهي تقول برقة:
-ميرسي يا طنط، دا من ذوق حضرتك..
بينما قال علي متضايقا:
-ماما من فضلك!

والدته برفق:
-ماتقلقش يا علي، كلامك اللي قلته لميرال من شوية مظبوط وهي اكيد اقتنعت بيه، بس دا مايمنعش إنها ضيفتنا ولازم نقوم معاها بالواجب...
ثم نهضت إلى المطبخ بحماس، وزفرت ميرال أنفاسها ثم ابتسمت بعفوية وارتياح وهي تنظر إلى علي الذي بادلها ابتسامتها رغمًا وقال ممازحا وهو يشيح بيده:
-أمي!

تحرر أدهم من صمته الذي طال وهو يجلس جوار والدته الثائرة... حيث قال
-ماما، أنتِ فاهمة الموضوع غلط.. لو أنتِ شايفة إن جوازي من ملك غلط، فأنا الغلطان وهي حقيقي ملهاش أي ذنب..
-ملهاش ذنب؟!

هكذا هتفت بوجهه بانفعال، ثم تستكمل:
-يا بني دي اتجوزتك في السر، البنت اللي تعمل كدا تبقى قليلة الأدب، أنت ترضى كدا على أختك ميرال؟ قولي.. رد عليا؟!
-أنا إتجوزت ملك بموافقة باباها وحضوره يا ماما، على سنة الله ورسوله وكنت مضطر لكدا جدا، ملك مكنش لها حد غيري ومكانش ينفع أتخلى عنها!
-إزاي يعني؟!

تنهد أدهم بصبرٍ وراح يقص عليها بهدوءٍ:
-ملك زي ما أنتِ عارفة كانت ساكنة هي وباباها في منطقة شعبية ووالدها مرض فجأة وكانت حالته صعبة جدا، في نفس الوقت كان فيه شباب بترخم على ملك في الرايحة والجاية، في الحالة دي كنت أتصرف إزاي؟.. هي حتى مش قادرة تودي باباها مستشفى أو تعمله أي حاجة وفي نفس الوقت الناس بتستقوى عليها، كان لازم ساعتها أنقذها يا أمي ودي تربيتك والرجولة اللي عملتهاني فمتلومنيش ولا تلوميها لأنها ملهاش أي ذنب!

تنهدت بعمق وهي تنظر له متسائلة:
-طب إزاي قدرت تخدعنا المدة دي كلها يا أدهم!؟، سنتين كاملين وأنت متجوز وإحنا ولا دريانين! أتاريك كنت بتسافر كتير وكل دا كنت بتبقى معاها!
أدهم مجيبا:
-أنا مكنش قصدي أخدعكم أو أي حاجة، أنا يوم ما كتبت عليها كنت هعرفكم واللي يحصل يحصل.. بس دي كانت رغبة ملك.. لأنها كانت خايفة من بابا جداً.. لأنه ببساطة رفض أبوها من الشركة وبهدله لمجرد إني حبيت بنته ومتنسيش إنه هدده كتير وأنا كنت كل ما أجي أقول كنت بسكت بسبب خوفها وبصبر عشان خاطر راحتها..

-ودلوقتي؟ .. هي مابقتش خايفة؟!
-خايفة وجدا بس أنا اللي صبري خلص بعد ما بابا جوزني تمارا، فكان لازم ملك تظهر وتاخد وضعها الطبيعي يا أمي وأرجوكِ متزعليش مني ولا منها صدقيني هي طيبة جداً..
كزت شفتيها وكأنها تفكر فيما قال.. قبيل أن تستطرد:
-هقوم أحضر العشا وخليها تنزل تتعشى معانا..

ج جملتها بابتسامة، فراح يقبل يدها بحب وقال:
-ربنا يخليكِ ليا يا حبيبتي..
ثم تساءل باهتمام:
-هي ميرال فين؟!
أجابته بإيجاز:
-راحت تزور واحدة صاحبتها زمانها جاية إن شاء الله..

وضعت كوب العصير الفارغ على الطاولة أمامها، ومن ثم سمعت صوته يقول بخشونة:
-يلا بقى عشان أوصلك..
نظرت له بتذمرٍ وقالت بعتاب طفولي:
-أنت زهقان مني ومش طايقني ليه يا علي!
ضحكت والدته -سميرة- على طريقة حديثها المرحة، بينما تابع علي مبتسما:
-أنا خايف عليكِ بس!

-طيب..
قالت ونهضت ثم صافحت والدته بودٍ ومحبة، وبادلتها الأخيرة نفس الشعور هذا، ثم انصرفت بصحبة -علي - بينما ابتسمت -سميرة- ورفعت يديها معا داعية:
-يارب اجبر بخاطر ابني واجعلها من نصيبه أنت قادر على كل شيء.

-ممكن أفهم زعلانة مني ليه؟!
هكذا تحدث (علي) بلطفٍ فيما يراقب غضبها الطفولي منه بابتسامة عابثة، في حين نظرت له وهي تخبره ببساطة:
-عشان رجعتني مكسورة الخاطر..!
كتم ضحكة كادت تخرج من شفتيه، ثم قال:
-مكسورة الخاطر؟! ميرال!؟

تأففت بضيق:
-خلاص يا علي مش عاوزة أسمع المواعظ دي دلوقتي، أنا عارفة إني غلطانة بس مش عارفة أعمل إيه! هو أنا أجرمت عشان عاوزة أبقى معاك و... وبحبك!
ابتسم ملء شفتيه قائلًا:
-هنبقى مع بعض... إن شاء الله! ..
كزت ميرال على شفتيها وهي تحدث نفسها بغضب:
-بقوله بحبك وهو بيقولي هنبقى مع بعض.. إيه دا!
-مالك؟

سألها بدهشة لغضبها، فردت بإيجاز:
-سلامتك..
ثم صمتت قليلًا وتذكرت شيئا جعلها تبتسم وهي تقول:
-بس بيتكم حلو أوي يا علي وشيك ومريح، ومامتك جميلة وطيبة أوي، ربنا يبارك فيها..
أومأ برأسه مؤمناً ببسمة:
-آمين،،

نظمت السيدة 'جيهان' طاولة الطعام بمساعدة "ملك" التي شعرت بالراحة قليلًا حينما حدثتها جيهان برفق، كما اعتذرت لها عن اسلوبها السابق..
وشاركهما أدهم بمرح ترتيب الطاولة، بينما قالت جيهان بقلق:
-مش عارفة ميرال اتأخرت ليه!
أدهم مردفا:
-هكلمها ماتقلقيش...

ولم يكد يهاتفها حتى وجد الباب يُفتح ودون أن ينظر إلى الآت قال:
أهي جات..
لكنها كانت -تمارا- زوجته!
التي دخلت مصدرة صوتا عاليًا اثر حذائها، وفاحت رائحتها النفاذة..
بينما تقترب من أدهم وهي تبتسم بلا وعيٍ جراء احتساء الخمر!
ثم عانقته برقة وأراحت رأسها على صدره قائلة:
-وحشتني يا بيبي..

رفع حاجبيه مندهشًا لتصرفها المفاجئ وراح يبعدها عنه قائلًا بصوت جهوري:
-أنتِ كنتِ فين؟
والأخيرة لم تنتبه لغضبه، إنما قالت غير مكترثة:
-في الديسكو..
كز على أسنانه وهو يكرر ما قالته،،
-ديسكو..
في حين اشتم رائحة الخمر التي تفوح من فمها، لتتسع عينيه بذهولٍ، هو يعلم أنها طائشة لأبعد حد.. سلوكها سيء للغاية..
لكنها تسكر!

هذا هو الجديد عليه..
رائحتها أثارت نفوره وغضبه معا..
فلم يتردد في أن يصفعها بغتة وهو يهتف بها بحدة عارمة:
-أنتِ سافلة...

وعلى الجانب الآخر...
أخذت ساندرا شهقيا عميقا وقررت حسم الأمر خاصتها..
لذا توجهت إلى والدها الذي يجلس ويعمل في مكتبه..
وطرقت الباب فسمح لها بالدخول مرحبا كعادته:
-تعالي يا روحي..
اقتربت منه وهي تبتسم ثم قبلته برفق، فبادلها القبلة وقال:
-اقعدي.. أكيد عاوزة تطلبي حاجة صح؟!

أومأت برأسها إيجابًا بتوتر، بينما قال متسائلًا:
-إيه يا روحي؟
ازدردت ريقها بارتباك شديد، لكنها استجمعت رباطة جأشها وأردفت بثبات:
-بصراحة يا بابا في واحد عاوز يتقدم ويطلبني منك..
رفع حاجبه وابتسم بمشاكسة:
-عريس؟!
أومأت برأسها مجددًا، فتابع بهدوءٍ واهتمام:
-مين هو يا ساندرا وعرفك إزاي وفين؟

-أخو زميلتي بالكلية لما كان ساعات بيجي يوصلها كان بيشوفني يا بابا وفاتحني في الموضوع..
هز رأسه متفهمًا وسأل مجددًا:
-بيشتغل إيه؟
عضت على شفتها السفلى وتنحنحت قائلة:
-حداد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة