قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول بقلم فاطمة حمدي

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

( رواية بونسوار سابقا )

-حداد!
كرر (فاخر) كلمتها ورمقها بنظرة ذاهلة قبيل أن ينهض ويتجه نحوها ثم يجلس قبالتها مباشرة، فباغتته ساندرا بالرد حيث قالت:
-الشغل عيب يا بابا؟!
مط شفتيه لعدة لحظاتٍ طويلة دون رد، يبدو أنه يُفكر، ثم قال بهدوءٍ صارمٍ:
-مش عيب، ولكن، التوافق الاجتماعي مهم جدا يا ساندرا، وماينفعش ساندرا الجزار بنت فاخر الجزار من أكبر رجال الأعمال في مصر، تتجوز حداد دا جنون!

ردت بثبات:
-مش جنون يا بابي، لو هو نصيبي هتجوزه رغم كل اللي أنت بتقوله وإرادة ربنا فوق كل شيء ولا حضرتك عندك رأي تاني؟
زفر زفرة قصيرة، بعدها قال بجمود:
-إيه اللي عجبك فيه وإيه الميزة اللي هتشفعله!؟
أخذت شهيقًا عميقًا قبل أن تضيف:
-اتكلمت معاه كذا مرة وقدرت أفهم إنه راجل بجد، وشهامته تشفعله... الحداد لو بيشتغل بشرف يبقى إيه عيبه؟ كلام الناس بقى والتوافق الاجتماعي كل دي حجج فارغة... وسوري يا بابي الأولى إنك كنت تخاف على شكلنا الاجتماعي لما تمارا كانت كل يوم في ديسكو شكل وحضرتك مش قادر عليها..

اتسعت عينيه وهدر بها:
-أنتِ ازاي تكلميني كدا يا بنت!
-أنا مش بغلط في حضرتك يا بابي، أنا بواجهك بالواقع.. فيه حاجات كتير نخجل منها غير الموضوع دا..
اتجهت صوب الباب وفتحت ولكن قبل أن تخرج التفتت له وقالت بحزم:
-بابي.. لو رفضته فأنا مش هتجوزه ومش هعرفه تاني لأن رضاك عندي أهم..
ولكن ساعتها إعرف إنك دبحتني من غير ما حتى تسأل عنه أو تتكلم معاه!
برحت المكان وأغلقت الباب خلفها.. فراح ينظر في اثرها بتعجبٍ ولكن شيء ما داخله يخبره أنها مُحقة!

دخل غُرفته وهو في حالة عصبية شديدة، بعدما حدث مع تمارا في الأسفل..
تذكر كيف دفعته في صدره وتطاولت عليه بلا ذرة خجل..
فكاد ينطق بالطلاق إلا إنه وجدها تكتم فاه وترتجف بلا إرادة..
ثم تتوسله بضعف لم يره في عينيها من قبل
-لا لا أنا آسفة.. آسفة طلاق نو بلييييز...

وانحدرت الدموع فوق خديها.. وكاد قلبها يحترق..
فدفعها وصعد رغم ذهوله من موقفها وحالتها الضعيفة تلك التي تناقض تمردها المعتاد..
وكانت (ملك) تنظر له بحيرة.. لمَ لم يُطلقها وينتهي الأمر؟
ألم يذعم أنه لا يحبها؟!
بل هي لا تعنيه شيئا!
فلمَ انصاع لها وتركها على ذمته.. تشاركها فيه ولها نفس الحق..

لمَ مصر على ذبحها؟
لكنها لم تخبره بما يجول بخاطرها.. ستصمت إلى أن ترى ماذا هو بفاعل؟!
-اهدى يا أدهم..
راحت تربت على كتفه برفقٍ في مواساة كما تفعل دائماً فوجدته يحتضنها كما يفعل دائماً أيضًا عندما يغضب..
فتلك الطريقة تمنحه السكينة والهدوء..
ابتسمت وزال غضبها منه وتبخرت غيرتها.. ثم دعت ألا تفسَد علاقتهما أبداً...

تأخر الوقت كثيرا ..مما دفع القلق داخل قلب "چيهان" على إبنتها ميرال .. هي تتصل بها ولكنها لا ترد عليها مما أزاد من قلقها الحاد ..

أسرعت نحو غرفة أدهم وراحت تطرق الباب وهي تهتف بلهفة:
-أدهم ..أدهم ..
فتح أدهم قائلا بتلهف:
-أيوة يا ماما ..
-أختك مرجعتش لحد دلوقتي يا أدهم إلحقني يا أدهم أرجوك ..أنا بتصل عليها مبتردش أعمل إيه يا ربي ...
تسرب القلق إليه وقال يحاول تهدئتها:
-طب بس أنتِ إهدي يا ماما وهاتي عنوان صاحبتها اللي راحتلها بسرعة ..
-حاضر حاضر ثواني ..

بعد قليل ..
أدهم وقد قال بتوتر بالغ:
-صاحبتها بتقول إنها مشفتهاش خالص يا ماما !
-إيه ! إزاي ؟! إومال بنتي راحت فين ؟
هدئتها ملك قائلة:
-إهدي حضرتك ممكن تكون في أي مشوار وزمانها جاية إن شاء الله..
جيهان هزت رأسها بنفي تام:
-لا لا بنتي أكيد حصلها حاجة ..

قال أدهم بعصبية خفيفة:
-متقوليش كدا يا ماما بإذن الله هتكون كويسة بإذن الله..
-يارب نجيها دي مريضة مش حمل خضة أو بهدلة يارب نجيها يارب أتوسل إليك ..
كان قد حضر نجيب في ذلك الوقت وراح يقول بتساؤول:
-خير في إيه ؟!

جيهان وقد أخبرته بتوتر شديد:
-ميرال خرجت من بدري ولسة مرجعتش يا شوقي أنا بجد هموت من الخوف ..
-من بدري بقالها قد إيه يعني ؟!
-حوالي ٥ ساعات !
نظر إلى أدهم وقال:
-ومافيش حد من الحرس خرج معاها ليه ؟؛

تنهد أدهم وخرج إلى حديقة القصر وإلى البوابة حيث يوجد أفراد الحراسة الخاصة بهم ..
أخذ يسألهم إن كانوا يعلمون شيئاً !
وكان رد أحدا منهم:
-أدهم بيه الأنسة ميرال جت وسألتنا عن بيت "علي" زميلنا ..وأخدت العنوان ..
-أخدت العنوان !
هكذا صاح شوقي بصوت أجش صارم... ليقول أدهم بخفوت:
-معقولة ميرال تكون راحت لـ علي !

بعد مرور نصف ساعة تقريبا ..
طرقات قوية على باب منزل "علي" ليتوجه في سرعة ويفتح ولم يكن يتوقع هذه اللكمة التي أخذها ما أن فتح الباب من السيد شوقي!
فتراجع علي للخلف متألما في ذهول وجاءت والدته صارخة حيث قالت بحدة عارمة:
-إيه دا أنت اتجننت يا راجل أنت ..إيه اللي بتعمله دا وإزاي تمد ايدك على ابني كدا ؟!

بينما هتف شوقي متجاهلا حديثها:
-ميرال فين ؟ دا أنا هوديك في داهية أنت وأهلك كلهم ..
-داهيــة لما تاخدك !
هكذا صاحت والدة علي وهي تمسك ذراع ابنها،فرمقها شوقي بنظرة نارية ..ليقول "علي":
-اصبري يا أمي ..
وقال أدهم زافرا:
-بابا من فضلك إهدى نفهم الأول !
ثم نظر إلى علي وأكمل:
-ميرال جات هنا يا علي ؟!

علي بقلق أجابه بجدية:
-أيوة جات هنا و ...
-هي فيييين ؟!
قاطعه شوقي بصرامة... ليجيب علي بفؤاد قلق:
-فين إزاي هي مروحتش ؟
-أنت هتستهبل ؟ أنت عملت فيها ايه انطق دا أنا هحبسك حالا لو متكلمتش ..
هُنا صاح علي محتدا:
-تحبس مين يا شوقي بيه؟! .. حاسب على كلامك أنا سكت لك كتير ومش هسكت على إهانتك تاني أبدا !

بينما تدخل أدهم مرة أخرى قائلا بحزم:
-طب طالما ميرال جات لك هنا يا علي هي فييين بقى ؟!
-فين إزاي ! أنا نزلت وصلتها لحد قبل القصر بمسافة قصيرة جدا وسبتها ومشيت إزاي مرجعتش ازاااي ؟!
قال أدهم وقد ازداد قلقه على شقيقته:
-أنت متأكد إنك متعرفش عنها حاجة يا علي بجد ؟! طب هتكون فين دلوقتي ؟

علي وهو يشعر بأن قلبه ينشطر من شدة خوفه عليها:
-معرفش أنتوا دورتو كويس طيب،أنا لازم أدور عليها حالا ...
كاد ينصرف كي يرتدي ملابسه لكن صوت شوقي أوقفه وهو يقول:
-أنت بتضحك علينا ولا على نفسك يابني أنت ؟ .. ميرال أنت عارف مكانها كويس !
لم يلتفت له علي وأسرع إلى الغرفة كي يُبدل ملابسه ..فـ ميرال الآن مؤكدا أنها بخطر وإيجادها هو الأهم ولا مجال لما يقوله والدها الآن !

بينما تلقى شوقي الرد من والدة علي التي قالت محتدة:
-عيب يا أستاذ إبني متربي ويفهم في الأصول كويس ومستحيل يخبي بنتك ..بنتك جت ضيفة وخرجت معززة مكرمة مع إبني عشان يوصلها عيب والله عيب عليك ..
استدار شوقي خارجا من الشقة متجاهلا إياها وكان أدهم يقف على أعصابه ... إلى أن جاء علي إليه يحاولان إيجادها بشتى الطرق...
في هذا الوقت رن هاتف السيد شوقـي معلنا عن اتصال ..ليجيب ويأته الرد من الطرف الآخر قائلا بتهكمية شديدة:
-إيه يا شوقي بيه حاسس بإيه دلوقتي وبنتك بعيدة عنك ؟! قلبك بيحرقك صح ؟!

شوقي بانفعال شديد:
-أنت مين يا ***** وبنتي بتعمل إيه عندك والله ما هرحمك لو لمست شعرة منها ...
لم يستطع "علي" الصبر أكثر من ذلك وراح يجذب منه الهاتف قائلا بتلهف:
-ألو .. أنتوا مين وميرال دخلها ايه أيا كان اللي عايزينه ..؟
الطرف الآخر:
-وأنت مين أنت كمان يا حيلتها ..بقولك إيه أحنا حسابنا مع الخسيس اللي اسمه شوقي لو عاوز بنته يبقى ينفذ اللي يطلب منه ورجله فوق رقبته ! ...

تندى جبينه وهو يستمع إلى المكالمة الهاتفية عبر هاتفه الخاص .. ازدرد ريقه بتوتر بالغ وهو يحاول الرد بصوت متقطع '
-تـ تمام ... ك كل اللي عاوزينه هيحصل بس خرجه بنتي من الموضوع دا أرجوكم !
-خنخرجها لما تخرجنا احنا كمان وصدقني هتلعب بديلك بنتك هتموت !
أغلق الهاتف وجلس يلتقط أنفاسه بصعوبة وهو يشعر بأن كارثة حلت فوق رأسه وستدمر حياته ! .. بل ستقلبها رأسا على عقب !
ماذا سيقول الآن لكل هؤلاء القلقين عليها ؟!
-في إيه يا بابا ما تتكلم ؟!

كان أدهم الذي سأله بحدة وتوتر ..بينما قال "علي" بعصبية:
-ياريت حضرتك تعرفنا إيه اللي بيحصل !
فقال شوقي بجمود:
-أنا هتصرف وأنا اللي هرجع ميرال ماحدش يتدخل منكم ..
صاح "علي" بنفاد صبر:
-هو إيه اللي بتقوله دا ..ميرااال فييين ؟

زفر بعنف وهو يجيب عليه:
-أنا أبوها وأنا اللي هرجعها وقلت مش عاوز حد يتدخل خالص مفهوم !
لينطق أدهم كذلك:
-هو إيه أصله دا ؟! ما ترد علينا وفهمنا فين ميرال !
أنتوا روحوا وطمن جيهان يا أدهم وأنا قلت هتصرف خلاااااص !
انصرف ولم يترك لهما أي مجال لمعرفة أي شيء !

-مالك ؟! متغيرة ليه ؟
سأل "حازم" بنبرة يشوبها القلق ..واستكمل:
-مش على طبيعتك يعني ؟! حصل إيه يا ساندرا !
-أبدا مافيش يا حازم،أنا فاتحت بابا في موضوعنا أخيرا ..
سأل في لهفة:
-ها وبعدين ؟!
-بيفكر ..
-نبرة صوتك مطمنش يا ساندرا ..
-صدقني بيفكر ..
-تمام ..

تنهدت بصوت مسموع ثم قالت:
-هضطر أقفل دلوقتي محتاجة أنام ..
رد بنبرة حنون:
-تصبحي على خير ..
-وأنت من أهله ...
ختمت جملتها وأقفلت الخط بينما فُتح الباب وولجت والدتها"سهير" ثم اقتربت منها وقد عقدت ساعديها أمامها في ضيقٍ سافر بينما تتحدث:
-إيه اللي أنا سمعته من باباكي دا يا بنت أنتِ؟!

اعتدلت ساندرا في فراشها وتساءلت بضجر:
-سمعتي إيه يا مامي ؟!
ابتسمت الأم في تهكم شديد وأضافت:
-العريس ...بتاعك !
-وحضرتك زعلانة دلوقتي ليه ؟!
صرخت سهير فجأة بغضب:
-زعلانة ليه ؟،دا أنتِ أكيد اتجننتِ ! عاوزة تتجوزي حداد يا ساندرا ؟! دي اخرتها ..بنتي أنا عاوزة تتجوز حداد !
ساندرا وقد ضحكت غير مكترثة:
-وماله الحداد يا مامي ؟!،مش بني آدم ولا إيه ؟!

-لا بني آدم بس مش من مستوانا خالص ! هو حاجة وإحنا حاجة تانية ..
-دا من وجهة نظرك أنتِ يا مامي لكن من وجهة نظري أنا ...فأنا بحبه ! وقلبي اختاره هو وبس !
-قلبك ؟ بليز ساندرا قوليلي إنك بتهزري معايا !
-لا يا مامي للأسف مش بهزر وللأسف بتكلم جد !
-مستحيل ..دا لو حصل مش هتكوني بنتي أبدا يا ساندرا ! ..
تركتها وانصرف صافقة الباب خلفها في عنف،واستلقت ساندرا على فراشها لتنعم بالنوم ولا قليلا رغم إعصار قلبها النابض بألم !

يعني إيه ؟ ما تفهموني أنا مش فاهمة حاجة خالص !
هكذا قالت السيدة چيهان بعصبية تامة وأكملت:
-يعني بنتي راحت كدا ؟! ضاعت ؟ إزاي ابوك قال أنا هرجعها وليه مأخدش الحرس على الأقل معاه ؟
أدهم بانفعال شديد:
-مش عارف ! أنا حتى مشيت وراه بالعربية تاه مني بقصده ودخلني في طريق غلط ..الموضوع دا فيه حاجة كبيرة أوووي يا ماما !
-وبنتي يارب ذنبها إيه،يارب احميها ورجعهالي بالسلامة يارب ...

-يـــاررب ...
قال أدهم كلمته وجلس جوار والدته ..فجاءت تمارا من الخلف وجلست جواره أيضا لتقوم بالنربيت على ظهره في حنو وقالت بمواساة:
-إن شاء الله هتكون بخير يا أدهم إهدى أنت بس عشان نعرف نفكر ونلاقي حل ..
نظر لها أدهــم باستغراب شديد ولم يعقب بينما استدارت (ملك) وصعدت إلى غرفتها في صمت مؤلم ..كما ابتسمت تمارا بظفر ولاتزال تربت على ظهر أدهم !

وصل "شوقي" إلى محافظة من محافظات الصعيد وهي يقدم قدم ويؤخر الأخرى في توتر شديد ...
كان على تواصل بشخص ما طوال الطريق وها هو تقابل معه ليأتي عدة رجال ويقومون بتفتيشه في دقة ..
ثم ييأخذونه إلى مكان ما يضم عدة رجال أيضا ...
ليقول الشخص الوسيط:
-هو دا شوقي يا بيه ..

نظر له رجل ذو هيبة طاغية اشتعل رأسه شيبا ..يرتدي جلباب أبيض وعمة رأس كبيرة ..كانت نظراته مصوبه تجاهه كمدافع رشاش تخترقه بلا رحمة ..ليقول (عواد):
-يا أهلا ومرحبا بالبيه الندل ...
شوقي وقد تكلم في جدية رغم توتره الملحوظ:
-ما بلاش غلط و...

انقض الرجل عليه وجذبه من تلابيب ملابسه ثم هزه بعنف وصاح به معنفا:
-الشغل دا مهيخيلش عليّ أبدا .. إحنا صعايدة وجدعان وعندنا ناس أشراف متعلمين ومتنورين يا أخينا أنت .. واللي يجي جنب شرفنا احنا نطخه ونطلع قلبه ومصارينه في يدنا .. اوعاك تفكر نفسك بيه علينا لا دا احنا نتاويك ولا حد يدرى بيك ولو مش فاهم كلامنا نفهمك باللون اللي يعجبك !

شوقي بهدوء حذر:
-كل اللي عاوزينه هيحصل بس بنتي فين ؟! أرجوكم بنتي مريضة مش حمل بهدلة ومرمطة خلوني أشوفها.
-بنتك عندينا چوا في أمان محناش أندال زيك بنضر الحريم ..
شوقي وقد شعر بالخجل من ذاته:
-طب فين بنتي ..
-هنكتب على بنتنا لأول يا بيه وتعقد عليها رسمي على سنة الله ورسوله وبعدها تبجى تشوف بتك ..!
لولا إنك اتچوزت بنتنا عرفى كنا تاوناها وتاوناك امعاها لكن احنا برضوه ماعيزينش فضايح وفرجة عالم ..اتفضل امعانا چوا...

في الداخل ...
حيث حضرت فتاة صغيرة تبدو في مقتبل عمرها ..لم تتبين ملامح وجهها بوضوح آثار ضرب مبرح قد تعرضت له من قبل والدها عواد ...الذي كاد يدفنها حية ولكن وجد من الصواب أن تتزوج رسمي على سنة الله ورسوله من ذلك الدنيء ((شوقي)) .. وإن كان بالقوة مثلما فعل ..
جلست قبالة شوقي وراحت ترمقه بنظرات أليمة تحمل في طياتها العتاب الكثير ..وزاغت أنظاره هو في كل اتجاه ..

عُقد قرانهما بعد قليل وأصبحت الفتاة منار زوجة لـ شوقي رسميا ...
تعرق جبين شوقي بشدة ..لا يعلم كيف سيواجه زوجته بهذه الزيجة ؟! وكيف سيواجه ابنته وولده وكل من حوله ؟! ..
دخل أحد الرجال على الموجودين وهو يقول بجدية:
-في واحد جه برا وبيقول أنه تبع الأفندي دا .. وأشار إلى شوقي بيده ..

ليقول عواد بجمود:
-أنت چايب حد معك ؟
شوقي بتوتر:
-لا أبدا بس ممكن يكون إبني عرف الطريق وحصلني ..
عواد بنبرة ساخرة:
خليه يدخل الجليل حضر كتب كتاب أبوه !
انصرف الرجل وعاد بعد قليل بصحبة (علـي) الذي قال باستغراب تام:
السلام عليكم!

لينهض شوقي بارتباك ويقول بانفعال:
-أنت إيه اللي جابك هنا وعرفت الطريق إزاي ؟!
-كنت مراقبك ودا مش موضوعنا دلوقتي ..فييين ميرااال ؟! ومين دول ؟
صاح عواد:
-هو دا الحيلة ابنك ولا مين ؟
شوقي وقد أجاب:
-دا ..لا دا من الحراسة بتاعتي ..

ضحك عواد وقال:
-أصله بيسأل على بتك وملهوف عليها اكتر منيك..فكرته أخوها .. على العموم البنت في الحفظ والصون ..
نادى على أحد رجاله ليأتي ويصطحبها معه ... كان "علي" يشاهد ما يحدث بذهول وأعصاب تحترق ..ما الذي يجري؟ لا يعلم ! لكنه يشعر بأن ميرال بأمان هنا هكذا شعر وانتظر قدومها بلهفة شديدة ..

بالفعل أتت بعد قليل مع الرجل وما إن التقت عيناها بعينين "علي" ابتسمت وحركت شفتيها في خفوت بنطق اسمه .. ثم انتقل بصرها إلى والدها ورمقته بنظرة شديدة العتاب ..حيث أنها على علم بما حدث ..السيد عواد أخبرها أن والدها تزوج ابنته عرفي وعندما طالبته بالزواج الرسمي رفض .. حدثته مرارا وتكرارا وبالأخير لجأت لأهلها ..ليقوم والدها بفعل هذا ولم يجد حلا آخر سيأتي شوقي راكعا أمام ابنته مقابل أخذ ابنته هو !
-الضنى غالي !

هكذا قال عواد بحدة،وهو يتابع:
-بتك سليمة ماحدش مسها يا افندي ..وتاني مرة ابجى أعرف أن بنات الناس مهياش لعبة في يدك ..ودلوجت هتاخد بتي معك وترحل ..وهتعبش بنفس البيت اللي مرتك الاولانية عايشة فيه أو تاخدها بيت زييه وطبعا أنا مهرميهاش معك هزورها كتير وهطمن عليها ولو جالت إنك هنتها وربك لاجتلك مفهوم ولا منتاش فاهم عاد ؟
لم يعقب شوقي الذي نظر إلى علي وميرال بارتباك شديد، بينما قد فهم "علي" ما يحدث حوله لذا تحرك مبتعدا خارجا من هذا البيت وتبعته ميرال مناديا عليه إلى أن خرجا ...

-علي !
قالتها ميرال باشتياق فالتفت وقابلها بنظرة لا تخص إلا هي فحسب !
وابتسم بارتياح وهو يقول بصدق تام:
-قلب علي ..كنت هموت من القلق عليكِ ..
-بعد الشر عنك يا علي ..أنا كويسة والناس اللي جوا عاملوني كويس جدا رغم اللي حصل دا كله أنا مش قادرة أصدق ومصدومة أوي في بابا بجد!
-وأنا كمان !

ميرال بحزن
-يا حبيبتي يا ماما دي هتتصدم أكيد ..
توجه شوقي إليهما بصحبة زوجته منار ..راح يقول بقلق:
-ميرال أنتِ كويسة ؟
هزت رأسها بايجاب وقالت: كويسة ..
زفر شوقي وتحرك تجاه االسيارة ليستقلها وهم معه ..في حين قال لـ ميرال بحزم:
-مش هتجيبي سيرة لحد عن اللي حصل يا ميرال لحد ما أظبط أموري ...
لم ترد ميرال عليه ليهتف بنفاد صبر:
-سمعتي؟

ميرال باقتضاب:
-شوف هنقول لماما ايه وقولي أقول ايه !
شوقي بغضب:
-هقولك !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة