قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السادس والعشرون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السادس والعشرون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السادس والعشرون

كل ما أتمناه في هذه الحياه هو ألا أسير في الإتجاه الخطأ. ألا تنطفئ روحي من كثرة التجارب، ألا اكتشف ماهيه قلبي بعد ما تنتهي طاقتي. و أن لا التفت إلى الوراء أسأل نفسي في أي لعنه أفنيت عمري.

- إيدك لو اتمدت عليها تاني هكسرهالك فاهمه.

ارتجف جسد سميره من شدة الصدمه و هي تطالع تلك النيران التي تندفع من أعين زوجها الغاضب فهي بقاموسه قد تخطت بفعلتها كل الخطوط الحمراء فيكفيه ما عاناه معها طيلة هذه السنوات و التي كانت السبب في بعده عن وحيدته و عائلته ليجدها علي وشك لطم تلك اليتيمه ابنة أخيه فلم يكفيها كل ذلك التجبر و الظلم في حق والدتها حتى تنتقم من طفلتها أيضًا عند هذا الحد لم يتمالك نفسه و قد قرر بأن يضع حدا لأفعالها الغاشمة...

- انتي اتجننتي يا سميره ايه اللي انتي بتعمليه دا؟!
كان هذا صوت صفيه التي ما أن وقف مراد ليمنع سميرة من فعلتها الحمقاء حتى اندفعت لتحتضن تلك التي ترتجف من خوفها فبرغم جرئتها منذ قليل إلا أنها ما زالت تخشي تلك المرأة و بشدة.

- ايه إلى بيحصل هنا؟!
تحدث رحيم القادم من الأعلي و يليه خروج يوسف الذي ما أن سمع صوت الشجار في الخارج حتى خرج مهرولا يسبقه قلبه لهفةً علي محبوبته يخشي أن يصيبها أي مكروه فهو لا يطمئن سوى لوجودها بجانبه ليخرج إسمها من بين شفتيه دون وعي.

- (كاميليا،! )
فإذا به يتفاجئ بذلك المشهد الذي جعل الدماء تندفع إلى عروقه من شدة الغضب.
محبوبته ترتجف في أحضان والدته من شدة بكائها الذي مزق نياط قلبه ليرتفع رأسها تطالعه بتلك النظرات الحزينه المملؤة بالألم و كأنها تقول له
أرأيت.!

ليشعر بغصه مريرة تجتاح قلبه علي مظهرها ليقسم أنه سيذيق تلك اللعينة الويلات إذا ما تأكد من أنها السبب فيما يحدث فتوجه بأنظاره نحو تلك المرأة يراها تقف و أمامها عمه مراد و الذي كان ينظر إليها نظرات يملؤها الكره و الإحتقار و قد كانت هيا تبادله كذلك و لكن نظراتها تحولت إلى الرعب عندما وجدت يوسف يتقدم منها في خطى ثابته كنمر يوشك بالإنقضاض علي فريسته لتجد نفسها في مواجهته و جميع من في الغرفه يشاهدون ما يحدث بأنفاس مقطوعه فخرج صوته الغاضب و هو يجاهد في منع يداه من الوصول إلى عنقها و التخلص من شرها نهائياً: - أنتي عملتي فيها ايه؟!

لن يتلقى منها أي رد حتى أنها و لأول مرة في حياتها لم يسعفها عقلها في إيجاد كذبه مناسبه فتعلم أن مراد من نظراته لها لن يصمت بل سيقول الحقيقه و ستدعمه أيضا صفيه فأخذت تبتلع لعابها بصمت حتى فاجأها بصوت أقوي فهو لم يعد قادر علي الإنتظار أكثر
- ردي عليا بقولك عملتي فيها ايه؟!
- يوسف.!

كان هذا صوت رحيم الذي شعر بأن زوجة ابنه قد تمادت كثيراً هذه المره فحاول تهدئه حفيده الذي كان ينفث النيران من أنفه فتحدث قائلا بقوة
- ايه يا يوسف هتعلي صوتك علي مرات عمك و انا واقف؟!
ليرد عليه يوسف بنبره مماثله
- و هي إلى بتعيط و منهارة بسببها دي مش بنت ابنك و وصيته ليك قبل ما يموت يا جدي و لا انت نسيت؟
اهتزت نظرات رحيم ليضيف يوسف بغضب يتصاعد بداخله حتى أنه نسي مع من يتحدث وتابع.

- و الأهم من دا كله مراتي إلى مش هسمح أبداً لحد في الدنيا دي كلها أنه يفكر حتى يضايقها.
ايه يا جدي مش من حقي أعرف مراتي منهارة بالطريقة دي ليه؟!
ختم يوسف حديثه مشددا علي كل كلمه تفوه بها ليقول رحيم بنبره هادئه نسبيا محاولا امتصاص غضبه
- طبعا من حقك انا مقولتش متعرفش، بس قولت حاسب علي أسلوبك في وجودي،
ابتسم يوسف بسخريه ثم قال بهدوء مفتعل
- تمام عندك حق.

ثم عاد بنظراته مره آخري لزوجه عمه و هو يتوجه إليها و لكن نظراته مازالت غاضبة تحمل الكثير من الوعيد ليتابع بنفس لهجته السابقه وقال
- ممكن بقي اعرف عملتي ايه خلاها منهارة بالشكل دا.؟
- أأ. أنا. مع. معملتش حاجه.
تحدثت سميره بتلعثم لتندفع روفان التي كانت تشاهد ما يحدث منذ البدايه لتقول
- لا عملت يا أبيه شتمت طنط زهره و قعدت تهين في كاميليا و كمان رفعت إيدها عشان تضربها لولا عمو مراد لحقها.

ما إن اختتمت روفان كلماتها حتى صُدِم جميعهم مما تفوهت به من بينهم يوسف الذي تحولت صدمته إلى غضب رهيب لأول مرة في حياته كان علي وشك إرتكاب جريمه قتل فتقدم منها علي وشك الانقضاض علي عنقها و لكن سبقه مازن و أدهم الذان لاحظا ذلك الجحيم المستعر بعيونه و علي الفور أصبحا أمامه يمنعانه من القيام بأي فعل طائش ليصرخ بهم قائلا بصوت جهوري
- أبعد يا زفت انت و هو من وشي،.

- اهدي يا يوسف دي مهما كان واحده ست و مرات عمك،
كان هذا صوت مازن يحاول تهدئه ذلك الذي كان كالإعصار يود لو يفتك بجميع من حوله لتنتهز سميره الفرصه و تذهب للإختباء خلف رحيم و هي تقول ببكاء مزيف
- الحقني يا عمي يوسف اتجنن دا عايز يضربني،
- ايه يا يوسف أنت اتجننت هتضرب مرات عمك هي دي تربيتي فيك!

كان هذا صوت رحيم الذي كان مزهولا مما يحدث و من حاله حفيده الذي خرج عن سيطرته و لكنهم تفاجئوا من ذلك الصوت الذي تحدث بنبرة ثابته وهتف
- سيبه يا بابا لو سمحت سميرة أهانت مراته و امها و بالنسبه لإنها مرات عمه فدي غلطه و لازم تتصلح سميره انتي،.

- لا يا مراد اوعي تنطقها
كان هذا صوت صفيه التي اندفعت لتقف أمامه تحاول منعه عن قراره رأفة بحال تلك المسكينة التي ترقد في الأعلى فيكفيها ما عانته من حقد أمها وغياب أبيها ليجعلها ذلك عدوانية تكره الجميع.

- مرااد انت اتجننت هتطلق مراتك ام بنتك؟!
تحدث رحيم بغضب
ليرد مراد بثبات و كأنه تائه منذ سنوات و أخيرا قد عرف وجهته...
- أنا متجننتش يا بابا. انا عقلت. القرار دا كان لازم أخده من زمان انا أتأخرت فيه اوي.

جن جنون تلك الحيه لتندفع من خلف رحيم الحسيني و تقول بغضب هادر
- بقي بعد العمر دا كله بتبيعني يا مراد بعد ما اتحملت منك كل دا عايز تغدر بيا و تطلقني.؟!
أجابها مراد بنبرة مستهزئه
- أنتي إلى اتحملتي يا سميرة.؟! طب ما تيجي نقعد كدا و نتكلم و كل واحد يحكي إلى عنده و نخلي الناس دي تحكم بينا و تقول مين فينا إلى اتحمل قرف التاني.؟!

ارتجفت سميره من السموم المخبئه بين طيات كلماته ليأتيها صوت رحيم المنقذ الذي صرخ في ولده قائلا بغضب
- مراد انت واعي انت بتقول ايه و بتتكلم مع مراتك ام بنتك ازاي،؟
- أيوا واعي يا بابا
تحدث مراد غاضبا ليقاطعه رحيم بقوة
- و لا كلمه لينا كلام تاني مع بعض و انتوا اتفضلوا يالا عشان نتغدي ايه مش مكتوبلنا نتجمع مره واحده زي الناس من غير مشاكل.؟

- محدش هيتحرك من هنا يا جدي غير لما كاميليا حقها يرجعلها !
تحدث يوسف بعد ما ضاق ذرعا بما يحدث حوله و قرر أن يعيد الحديث إلى الحدث الأساسي و هو إهانه تلك الأفعي إلى زوجته و حبيبته ليقرر هو إهانتها بطريقته الخاصه و هذه البدايه فقط !
تحدث رحيم بهدوء بعد ما رضخ مراد لرغبته و التزم الصمت
- عندك حق يا يوسف كاميليا بنت الغالي و مرات الغالي و حقها لازم ييجي.

اختتم جملته و هو يقترب من تلك التي لازالت خائفه من كل ما يحدث حولها حتى إنها تمنت لو سنحت لها الفرصه بالفرار من هذا المنزل و كل ما يحدث بداخله لتتفاجئ برحيم يربت علي كتفها و هو يقول بنبرة لينه.

- كاميليا
رفعت رأسها تنظر في عينيه بكل ما تحمل بداخل قلبها من وجع حتى أنه و لأول مرة يؤلمه قلبه تجاهها نتيجه رؤيته لتلك النظرات المنكسرة التي انبعثت من عيناها فشعر و كأنه قد خالف وصيه ابنه الوحيده ليقول لها بحنان لم تعهده منه من قبل.

- سميرة متقصدش تزعلك و حقك عليا انا. ، و من هنا و رايح محدش هيقدر يضايقك طول مانا موجود،
- لا طبعا يا بابا حضرتك تراضيها ليه ما إلى غلط فيها يعتذرلها،
كان هذا صوت مراد الغاضب ليوافقه أدهم الرأي و يقول مؤيدا لحديثه
- عمي مراد عنده حق المفروض إلى غلط يعتذر و أظن أن أي إهانه لكاميليا إهانه لينا كلنا عشان هيا مش بنت عمي بس دي مرات كبير العيله دي صح و لا أنا غلطان.؟

زفر رحيم حانقا علي سميرة و غبائها و تهورها و لكنه يجب أن ينهي هذا الوضع سريعا و خاصة و أن صمت يوسف هذا يقلقه و نظراته أيضا لا تبشر بالخير ليتحدث أخيرا و هو يقول بصيغة الأمر الذي لا يقبل النقاش.

- سميرة اعتذري لكاميليا عن إهانتك ليها و إهانتك لوالدتها و إياك دا يتكرر تاني،
براكين من الغضب تملكت تلك الشيطانيه فهل هيا من كانت تذلها و تذيقها الويلات كل تلك السنوات مجبرة الآن علي للإعتذار منها لا و ألف لا فهذا لن يحدث هذا أبدا ليأتيها صوت رحيم الغاضب من الخلف و الذي جعلها تغير جميع خططها و ترضخ لأوامره حاليا
- سميرة مسمعتيش قولتلك ايه.؟

اقتربت سميرة من كاميليا و هيا تلعن بداخلها جميع من في هذا المنزل و خصوصا هذا العجوز اللعين و لكن مهلا فهي ستجعلهم يدفعون الثمن غاليا.

- أسفه يا كاميليا. سامحيني مكنتش اقصد إني اهينك أو أهين مامتك. انا بعتبرك زيك زي نيفين انا بس انفعلت شويه بسبب إن نيفين تعبانه بقالها كام يوم فجت فيكي معلشي.

بداخلها كانت تعلم أن تلك المرأة حتما ستجعلها تندم أشد الندم علي عودتها إلى ذلك المنزل مرة آخري و أن انصياعها لأمر جدها الغريب عليها ما هو إلا تخطيط لشئ ما و هذا ما جعلها خائفه كثيرا.

ضغطه خفيفه من يد صفيه جعلتها تخرج من بحر أفكارها لترسم نظرات القوة التي لا تمتلكها في صوتها و هيا تجيب بإختصار
- حصل خير .
فاجئهم ذلك الصوت العميق الذي كان يشاهد ما يحدث بإستمتاع تمهيدا لقنبلته حتى أنها تفاجئت بيده تسحبها من خصرها و تحيط بها في تملك و هو يقول بنبرة ثابته بتلك البحه الرجوليه التي تهلك جميع حواسها.

- طيب يا جدي كتر خيرك اوي جبت حق بنت أخوك. الدور عليا بقي أجيب حق مراتي و لا إيه.؟
اندهش معظمهم من حديث يوسف و غضب البعض الآخر و لكن لاقت الفكرة استحسان مراد الذي نظر إلى زوجته شامتاً ليتحدث رحيم بغضب قائلا.

- يعني ايه يا يوسف كلامك دا ما احنا اعتذرنالها و الموضوع اتقفل علي كدا عايز ايه تاني.؟

شدد يوسف من إحتضانها قائلا بقوة و عنفوان
مانا قولتلك يا جدي انت مشكور انك جبت حق بنت أخوك بس حق مراتي انا لسه مخدتوش و الموضوع متقفلش بالنسبالي.

ايه إلى يرضيك يا يوسف و يرضي مراتك.؟
كان هذا صوت مراد الذي كان يؤيد موقف ابن أخيه بشدة فهو لم يرضيه ذلك للإعتذار الكاذب التي قدمته تلك المسماه بزوجته.

مش هقعد علي سفرة واحده مع أي حد أهان
مراتي !
أجابه رحيم الذي لم يفهم المعني المبطن لكلمات حفيده
ماشي يا يوسف اطلعي يا سميره مع بنتك فوق و الغدا هيجيلكوا علي اوضتكوا.
ما ان انهي رحيم حديثه حتى فاجأه يوسف بحديثه الذي جعل جميع الأعين تجحظ من شدة زهولها.

لا يا جدي احنا مابنكفأش سميرة هانم أنها أهانت مراتي فهنبعتلها تتغدي فوق في أوضتها أنا بقول سميرة هانم تتغدي في المطبخ مع الخدامين زي ما بتقول عليهم طبعا مع احترامي ليهم .!

انت اتجننت يا يوسف.؟
تحدثت صفيه بغضب فقد شعرت بأن يوسف قد تمادي قليلا ليجيبها قائلا بغضب
انا متجننتش يا أمي انا بخيركوا يا إلى بقوله يتنفذ يا إما هاخد مراتي و اروح نعيش في مكان الناس فيه تحترم جزمتها. قولت إيه يا جدي.؟

صمت زهول. ترقب. كان هذا حال الجميع لدي سماعهم كلمات يوسف و نظراته التي يملئوها التصميم علي كل حرف مما تفوه به و أيضا نظرات رحيم الذي شعر و كأن اقل كلمه منه قد تجعله يخسر حفيده الحبيب للأبد فهو عندما يصل الأمر إلى كرامته لن يكتفي بالحديث فقط.

كان كل هذا يحدث أمام تلك التي تشعر بالأرض تميد تحت قدمها فهل من الممكن أن تجلس علي طاوله واحده مع من أمضت عمرها تحتقرهم و تقلل من شأنهم.؟ لا يعقل هل يمكن أن تحدث معها كل هذه المصائب في يوم واحد.؟

قاطع ترقبهم جميعا صوت رحيم الغاضب
- سميرة سمعتي يوسف قال ايه.؟!
- عمي . أن
- نفذيه و مش عايز و لا كلمه.
- أوامرك يا رحيم بيه
قالت سميرة كلماتها الأخيرة بلهجه غامضه ثم توجهت مسرعه إلى المطبخ و هي تتوعد لهم بشتي انواع العذاب نتيجه لاذلالها و خاصة يوسف و تلك الغبيه كاميليا.

- أظن كدا نفذنا كل أوامرك يا يوسف بيه ياتري خلاص كدا و لا لسه في حاجه تانيه.؟!
تجاهل يوسف حديث جده الغاضب المغلف بالسخرية ليلتفت إلى حبيبته قائلا بحنو يتناقض كليا مع صوته الآمر منذ قليل
- مرضيه.؟!

كانت كاميليا تطالعه بنظرات مدهوشه فاغره الفاه غير قادرة علي التفوه بكلمه واحده فما حدث في خلال الساعات القليله الماضيه أكبر ما قد تصل إليه بتفكيرها. و ها هو حبيبها و زوجها لا بل بطلها فهذا أفضل وصف له و لما فعله من أجلها فقد قام بالنيل من تلك المرأة و إهانتها أقسي أنواع الإهانه التي لم تخطر يوما ببالها بل و جعل كرامتها فوق الجميع حتى جدها.

فهرب الكلام من علي شفتيها ليبتسم لها تلك الإبتسامة الرائعه فقد كان يعلم ما يدور بداخلها و كم كان يتمني أن يراضيها علي طريقته الخاصه و لكن ليس أمام كل هذه الأزواج من العيون التي تطالعهم بتركيز ليعيد سؤاله مره آخري بنبرة أعمق.

- مرضيه يا كاميليا؟!
أعادتها نبرته إلى الواقع لتدرك أنه يتوجب عليها الحديث فجميعهم ينتظرون جوابها لتقول بخجل من نظراتهم إليها خاصتا و هو يحتضنها بهذا الشكل.

- خلاص مرضيه
تنفس جميعهم الصعداء ثم أمرهم رحيم بالتوجه إلى مائدة الغداء و تجاوز هذا الموقف السئ.

??
ماما يا ماما انتي فين.؟
كان هذا صوت على الذي ما أن وطأت قدماه منزلهم حتى أخذ يبحث عن والدته ليصله صوتها القادم من المطبخ هاتفه
ايوا يا علي تعالي يا حبيبي انا في المطبخ
دا ايه الريحه إلى تجنن دي يا ست الكل.

تقدم علي منها و قام بتقبيل جبينها ثم أمسك بكفيها ليقبلهما أيضا اعتزازا و تبجيلا فهي بر الأمان خاصته و وجهته الآمنه في هذه الحياة لتربت فاطمه علي ظهره بحنان كبير فهو أول فرحتها و صديقها الصدوق قبل أن يكون ولدها لتقول بحب
حمد لله عالسلامه يا حبيبي عملالك الأكل إلى بتحبه.
ليرد علي بمرح ملتقطا تفاحه من الطبق بجانبها
الله يسلمك يا طماطم. انتي كل حاجه بتعمليها بحبها عامله ايه بقي بالظبط.؟
لترد فاطمه بمزاح.

انت هتقولي ما شاء الله عليك مبتكرهش حاجه أبدا.
ماشي يا طماطم مقبوله منك عندي ليكي خبر حلو
التفتت إليه فاطمه متلهفه لسماع أخبار سارة من بين جميع التخبطات و الأزمات الأخيرة و قائله بعجل
و ساكت ليه من ساعتها قولي لي اي حاجه تفرحني يا علي.
في عريس جاي لغرام
قطبت فاطمه جبينها لوهله ثم سرعان ما بدر إلى ذهنها أن يكون ذلك العريس هو أدهم فتهللت أساريرها قائله
بجد يا علي و مين هو.

ليقضم علي قضمه آخري من تفاحته و يقول بعدها
تخيلي مين.؟
مين يعني.؟
تحدث علي مشاكسا إياها
فكري كدا يا طماطم شغلي الجمجمه شويه
غضبت فاطمه من مراوغته لها قائله بنفاذ صبر
ما تقول ياد انت مين هتفضل تلاعبني كدا كتير.؟
خلاص يا ستي الواحد غلطان أنه بيهزر معاكي العريس دكتور رامي إلى كان بيتابع حاله كاميليا في المستشفي.

زمت فاطمه شفتيها و قالت بتذمر
جتك نيله في أخبارك. قوله مش موافقين غرام لسه صغيره
بس أنا موافقه يا ماما.!

ما أن أنهت فاطمه كلماتها حتى اندفعت تلك التي كانت تتابع الحديث عندما استوقفتها كلمات أخيها عن العريس المزعوم لينتفض قلبها لهفه عسي أن يكون ذلك العريس هو حبيبها و معذب فؤادها و لكن سرعان ما عنفت نفسها علي ظنها الأحمق هذا عندما فاجأها علي بهويته و رفض والدتها لتنتهز الفرصه و تثأر من ذلك المتعجرف المغرور و ذلك بخطبتها من ذلك الطبيب فهي مازالت تذكر كيف كان غضبه عندما رأي نظراته إليها فكيف إذا علم بخطبتها منه !

علي يا حبيبي ادخل غير هدومك و خد دوش علي ما يكون الأكل جهز.
كانت كلمات فاطمه التي جاءت متجاهله اندفاع غرام و دهشه على من إقتحامها لحديثهم و ذلك للتعامل مع تهور صغيرتها و محاوله إرجاع عقلها إلى محله ليأتيها الرد من على بإيماءة بسيطه من رأسه و قام بحشر ما تبقي من تفاحته في فم غرام و هو يقول بمزاح
خدي كملي دي يا أم لسانين قال عايزة تتجوز قال.
ياباااي عليك غبي والله.

كان هذا رد غرام علي مزاح علي لتجد والدتها تقبض علي معصمها و هيا تجرها خلفها لتجلسها علي الكرسي أمامها و تتحدث بهدوء مفتعل
اصبري يا قلب امك انتي لسه شفتي غباء
حمحمت غرام بخوف و هيا تقول بلهجه خافته
إيه يا ممتي غباء ايه بعد الشر ربنا ما يجيب حاجه وحشه أبدا
اممممم آخر العنقود بتاعي إلى جايه الدنيا عشان تكفر سيئاتي قولتيلي بقي إنك موافقه علي دكتور رامي صح.؟!
إحممم أأأأ أنا قولت كدا امتا يا ممتي.؟!

امسكت فاطمه بالملعقة الخشبيه الخاصه بتقليب الطعام في حركه تهديديه صاحبها إرتفاع إحدي حاجبيها و هيا تقول بتهديد
غرام . اظبطي نفسك معايا أحسن ما أظبطك أنا.
تلعثمت غرام من حركه والدتها و نبرتها لتقول بمسايسه في محاوله لكسب ود والدتها
إيه يا ماما بس دانا بهزر معاكي. الواحد ميعرفش بهزر في البيت دا و لا إيه.؟!

لم تتلقي رد من والدتها سوي إيماءة خافته منها تحثها علي الحديث لتتابع بلهجه مهذبه بعيدة عن أسلوبها الدائم في السخريه و المزاح.

بصي يا ممتي رامي باين عليه محترم و ابن ناس و كمان دكتور و شكله قمور و دمه خفيف و كدا يعني يعتبر عريس لقطه حرام نرفضه كدا من غير ما ادي لنفسي فرصه ولا إنتي إيه رأيك.؟
بدا علي فاطمه الاقتناع بحديثها لترد بعد دقيقه من الصمت
والله عندك حق الواد ميتعيبش و شكله ابن ناس و ذوق و محترم يعني بصراحه عريس لقطه.
لتجيب غرام بلهفه
اديكي قولتي يا ممتي يبقي ليه نرفض علي طول كدا مش نشوفه الأول.؟!

و بالمرة لو ربنا أراد نعمل خطوبتك انتي و كارما في يوم واحد إيه رأيك.؟!
صفقت غرام بحماس من اقتراح والدتها و تناست للحظه خطتها في إقناع فاطمه و هتفت قائله
الله عليكي يا ممتي هو دا كدا تبقي ضربه معلم بصحيح
ما أن استمعت فاطمه لحديث غرام حتى صدق حدثها في الشك بنوايا صغيرها لتهب من مقعدها جاذبه غرام من إحدي خصلاتها قائله.

أاااه قولي كدا بقي. ضربه معلم لمين يا ست هانم قاعده تثبتيني من ساعتها علي أساس أن امك مختومه علي قفاها و هتعرفي تضحكي عليها بالكلمتين دول
تململت غرام تحت أيدي والدتها و هيا تقول بألم
أثبت مين يا ماما والله أبدا انتي فهمتني غلط خالص.
رفعت فاطمه إحدي حاجبيها و هيا تقول بسخريه.

اممم وحياه امك فهمتك غلط ! تصدقي انا أم شريرة ظالمه بنتها الملاك البريئه يا بت دانتي تربيتي دانا اعرف بتفكري في أيه من قبل ما تفكري فيه.

تصنعت غرام البكاء و قالت من بين شهقاتها
والله ظلماني يا ماما حرام عليكي سيبي شعري بقي.
تركت فاطمه شعرها و هيا تقول بنفاذ صبر.

بصي يا غرام كلمتين ملهمش تالت مشاكلك تحليها بنفسك لكن تظلمي حد معاكي عشان تغيظي بيه حد تاني دا مش هسمحلك بيه ولاد الناس مش لعبه في إيدك و إلى مقبلهوش علي ولادي مقبلهوش علي حد و يكون في علمك لو اتخطبتي لرامي مفيش فسخ خطوبه و لو علي موتك قدامك يومين تفكري و تردي عليا و القرار إلى هتاخديه هتتحملي نتيجته ايا كانت فاهمه و لا لا،؟!

فاهمه يا ماما.
قالتها غرام بخنوع ثم تابعت بعد أن ابتعدت مسافه عن يد والدتها
أما الحق اختار فستان الخطوبه بقي
و ما أن أنهت كلماتها حتى أتتها قذيفه من والدتها تفادتها بصعوبه شديدة و هيا تضحك و تقول
بغطي الحله يا ماما يا مفتريه عايزة تشلفطيني قبل خطوبتي والله يبقي حرام عليكي
لتقول فاطمه بغيظ.

هو انا كان عقلي فين يارب و قبل ما أخلف البت دي.؟ ما كان معايا الواد و البنت الأولانيين متربيين و ولاد ناس. ايه خلاني عملت في نفسي العمله السودا دي.؟ ربنا يهديكي يا غرام يا بنت بطني و يردلك عقلك إلى لحس خلاص من المسلسلات التركي و افلام الشياطين إلى بتتفرجي عليها دي .

كان جو الغداء مشحونا بالتوتر من جانبهم جميعا فما حدث منذ دقائق ليس بالقليل و عواقبه لن تكون جيده هكذا فكر البعض. البعض الآخر كان يشعر بالتشفي و الشماته في تلك الحرباء و الآخر كان غير آبه بكل ما يدور حوله و هذا هو حال كاميليا التي أصابها الزهول من تصرفات حبيبها بسبها مع تلك المرأة و إستماتته في الدفاع عنها و الثأر لها و لكرامتها و ها هو الآن منذ أن سحب لها ذلك الكرسي حتى تجلس بجانبه و هو يتعمد تجاهلها.

كانت متحيرة كثيرا هل هذا الذي يتجاهلها الآن كان قادر علي القتل منذ دقائق لأجلها.؟!
مازال ذلك الرجل يحيرها بأفعاله و نظراته و كلماته كل شئ به غير مفهوم تشعر بأنها تتعامل مع شخصان شخص يعشقها و قادر علي هدم الكون من أجلها و شخص آخر غامض و غاضب و صامت و لا تعلم كيف تتعامل مع هذا أو ذاك فعشقه يرهبها و تجاهله يقتلها و لا تعلم ما عليها فعله...

أخيراً لم تستطع تمالك نفسها من لفت إنتباهه فأخذت تنقر بأصابعها علي ركبتيه تحت غطاء الطاوله تريد بشتي الطرق أن تلفت إنتباهه و لو بنظرة خاطفه و لكنه لم يعيرها ادني انتباه فأصاب قلبها اليأس و علمت بأنه لم و لن يسامحها بسهوله و أن الطريق أمامها طويل فأخذت تلهو بملعقتها في طعامها الذي لم يُمس.

و أخذ الحزن يتمكن منها حتى أنها أحنت رأسها حتى لا يشاهد أحد تلك الطبقه الكريستاليه التي تكونت كغلاف من الدموع يغطي عينيها الجميلتين.

و كان كل هذا لا يخفي عن ذلك الذي كان الندم يقرضه من الداخل حزناً علي مظهرها اليائس و حزنها الذي يظهر جليا في إنحنائها و رجفه يدها و كأنها تحارب كي لا تسقط العبرات من عينيها، و لكنه أبي الإستسلام إلى مشاعره و ألم قلبه لأجلها و يجب أن تعلم إن الطريق إلى غفرانه ليس سهل أبدا.

فهو إن كان قد تنازل عن بعضاً من مبادئه لأجلها فهو حتما ينوي جعلها تتعلم الدرس جيداً فهو لن يقدرعلي تحمل نفس الألم مرة ثانيه. ألم هروبها. الذي يكاد يقسم أنه لم يمس قلبه وجع أقسي منه طوال حياته
لهذا يجب أن يتأكد من أنها تعلمت من أخطائها و لن تعيد ذلك مرة آخري.

و لكن دائما للقلب رأي آخر يضرب بعرض الحائط كل قرارات العقل و ينحيها جانباً ليجد يده تمتد تلقائياً لتُمسِك بيدها الموضوعه فوق الطاوله لتلتفت إليه غير مصدقه أنه أخيراً قرر أن يُشفِق علي حالتها البائسه لتلقي عليه نظرات مُعذبه مُعتذِرة و أيضا مُعاتبه ليقاوم و بشدة أوامر قلبه بإحتضانها و محو تلك النظرات الحزينه من فوق ملامحها و لكنه اكتفي ببضع كلمات بسيطه لكنها تحمل بداخلها الكثير من الإهتمام و الحب الذي لم يخفي عن الجميع حولهم ممن يراقبونهم بتركيز و إهتمام.

لازم تاكلي و تتغذي كويس انتي لسه خارجه من المستشفي مينفعش تتعبي تاني
كان يود لو يخبرها بأنه لا طاقه له أبداً علي رؤيتها تتألم و لو قليلا و أنه لن ينسي أبداً رؤيتها و هيا بين يديه فاقده للوعي فقد شعر بإنسحاب الروح من جسده.

حسناً اكتفي ببضع كلمات بسيطه و لكن عيناه أخبرتها الكثير و الكثير حيث كانت نظراته كالبلسم لجروحها العميقه و كالعناق الدافئ في ليله شتاء قاسيه البرودة. تضفي الكثير من الدفئ و الأمان علي جميع حواسها لينتفض قلبها عشقا بين ضلوعها فذلك الرجل يملك من الحنان ما يمكنه إذابة جبال من الجليد فكيف طاوعها قلبها علي هجره بتلك الطريقه و كيف استطاعت أن تمضي كل ذلك الوقت بعيده عنه فأي خطأ جسيم قد ارتكبت في حقهما.؟!

فلم تكد تجاوبه حتى لفتت إنتباههم حمحمه خرجت من مازن جعلتهم جميعاً يلتفتون إليه خاصتاً عندما تحدث قائلاً.

في الحقيقه يا جماعه أنا كان عندي خبر اتمني أنه يفرحكوا. ممكن الوقت مش مناسب بس انا هستغل فرصه إننا كلنا متجمعين عشان اقولكوا.

صمت دام لثوانٍ معدوده و تعلقت كل العيون به ليحثه رحيم علي التحدث قائلاً
خير يا مازن خبر ايه لي عندك.؟
و تضيف صفيه بلهفه
خير يا مازن يا حبيبي طمني
خير يا خالتي اطمني. انا كنت عايز اقولكوا إني نويت أخطب.
ما أن أنهي مازن حديثه حتى تهللت أسارير صفيه كثيراً و انتفضت من مقعدها معانقه إياه بفرحه كبيره قائله بحب
الف مليون مبروك يا مازن يا حبيبي. أخيراً هييجي اليوم إلى أشوفك عريس.

قام مازن بمبادلتها العناق بحب كبير فهذه السيده لاطالما اغدقته بحنانها و عطفها و دائماً كانت بجواره منذ رحيل والديه فقام مازن بتقبيل جبينها و قال بحب.

الله يبارك فيكي يا حبيبتي ربنا ما يحرمني منك.
توالت عليه التبريكات و التهنئات من الجميع ليقاطعهم رحيم قائلاً
مبروك يا مازن يا ابني. بس مش نعرف العروسه مين و بنت مين.؟
الله يبارك فيك يا رحيم بيه العروسه جزء منكوا يعرفها و جزء لا. العروسه تبقي كارما بنت طنط فاطمه خالة كاميليا
قاطعه رحيم بصوته القوي و بنبرة ذات مغزي
قصدك بنت الدكتور هاشم سالم و حفيده اللواء سالم الرفاعي مش بنت فاطمه !

أصبح الجو مرة ثانيه مشحوناً بالتوتر و الغضب من قبل البعض ليرد مازن بثقه و قوة
في الحقيقه يا رحيم بيه انا ميهمنيش هيا بنت مين انا إلى يهمني كارما و بس لإني بحبها فعشان كدا أي حاجه تانيه مش فارقه معايا.

ابتسم رحيم بسخريه و قال
والله يا مازن انا فرحنلك و كل حاجه بس انت عارف معزتك عندي و إنك زيك زي أحفادي فعشان كدا انا واجبي انبهك.!
ضيق مازن ما بين عينيه و قال مستفسراً
تنبهني.!
اه يا مازن انبهك ماتسبش الحب يتمكن من قلبك اوي و يضعفك عشان ميضيعكش حكم عقلك في كل حاجه بتعملها غيرك خسر حاجات كتير اوي بسبب الكلمه دي .!

أنهي رحيم كلماته التي كانت تحمل في طياتها الكثير من اللوم الموجه لأحفاده و لأبنه في المقام الأول ليتفاجئ برد يوسف الذي كان هو الآخر يوجه حديثه لشخص ما يحتل كل جزء من تفكيره ليقول بنبرة واثقه.

انا مختلف معاك في الرأي يا جدي.! عمر الحب ما بيضيع صاحبه و لا يضعفه أبداً الحب لو مقواش صاحبه ميبقاش حب لو حسيت انك خايف تبقي مابتحبش و أحيانا المكسب و الخساره بتختلف من شخص لشخص. يعني مثلا خسارتي بالنسبالك ممكن تكون مكسب كبير اوي ليا ! فأنا رأيي أن الإنسان كل إلى عليه أنه يختار صح يختار إلى يليق بيه إلى هو شايف أنه يليق بيه مش إلى غيره شايف أنه يليق بيه .! و في النهايه محدش صغير و كل واحد مُجبر يدفع نتايج أخطاءه عشان يتعلم ميغلطش تاني و دا بقي بيتسمي الخبره و لا إيه .؟

أنهي يوسف كلماته تزامناً مع تلك الرجفه القويه التي ضربت كل كيانها فقد شعرت و كأن كل حديثه موجه إليها فهي من كانت ضعيفه خائفه و هيا من تركته و رحلت دون أن تنظر خلفها و هيا من أضعفته بعشقها فلم تملك سوي أن تتمتم بعض عبارات الاعتذار لهم لكونها متعبه و تحتاج إلى الراحه لترحل محافظه علي ما تبقي لها من إرادة حتى لا تنفجر أمامهم في البكاء و لكن عند وصولها لأول درجات السلم سمعت كلمات جدها إلى يوسف التي اخترقتها في الصميم و أشعلت براكين غيرتها.

كل واحد له وجهه نظر يا يوسف بس ياريت بعد ما تخلص حكمك و مواعظك في الحب تطلع تطمن علي نيفين بنت عمك عشان تعبانه بقالها يومين.

أراد يوسف أن يطرق عالحديد و هو ساخن كما يقولون ليرد علي جده بكل رحابه صدر قاصداً أن يصل حديثه إلى مسامعها عله يصل إلى مبتغاه
ألف سلامة علي نيفين. أكيد طبعا لازم اطلع اطمن عليها. نخلص غدا و اطلعلها علي طول.

عند وصول تلك الكلمات إلى مسامعها شعرت بأسهم ناريه تنغرز بصدرها حتى أنها لم تعرف كيف وصلت إلى غرفتها و لم تلحظ أبدا أنها علي حالها مثلما تركتها فقد شعرت بأن التنفس بات ثقيلاً عليها حتى أنها أوشكت علي الإختناق جراء ذلك الألم الذي اقتحم قلبها عندما وجدته أكثر من مُرحِب بالإطمئنان عليها لتدفن وجهها في الوساده محاوله كتم صوت بكائها الذي لو أطلقت له العنان سيسمع به العالم أجمع .

???
انتي يا ست هانم اصحي هتفضلي ميته كدا لحد امتا.
أنهت سميرة كلماتها الغاضبه و هيا تنظر إلى ابنتها النائمه و التي حتى و إن استعادت صحتها لم تستطع لملمه شتات نفسها من تلك الحقيقه التي قلبت حياتها رأسا علي عقب.
هبت نيفين من نومها مفزوعه علي إقتحام سميرة الغاضب علي غرفتها لتتحدث برعب من مظهر والدتها.

إيه يا ماما في ايه.؟
تحدثت سميرة بإستنكار
في إيه.؟! انتي كمان بتسأليني.! طبعا مانتي مخمودة هنا و لا علي بالك البلاوي إلى بتحصل تحت. مانتي جبله. بلوة و اتحدفت فوق دماغي.
لاطالما آلمتها كلمات سميرة لها و تعنيفها الدائم لأتفه الأسباب و لكن الآن لم تبالي كثيرا لأنها الآن عرفت السبب وراء ذلك. لهذا تحدثت معها بتلك النبرة اللامباليه.

ما تقولي في ايه بدل مانتي عماله تنوحي كدا انا تعبانه و مش حمل ضغط عصبي كمان.

رفعت سميرة حاجبها بإستنكار و قالت ساخره.

يا عيني تعبانه و مش ناقصه ضغط عصبي.! تصدقي صعبتي عليا. طب خدي بقي الخبر الحلو دا يمكن يخلص عليكي و ارتاح منك و من قرفك. الست كاميليا هانم جت تحت، دخلت من باب الفيلا و هيا في حضن حبيب القلب و لا أكنهم راجعين من شهر العسل. لا و إيه ياريت علي قد كدا دي جايه فاردة قلوعها عالآخر و البيه بيسندلها و عاملي فيها حامي الحمى خلاني أنا سميره اعتذر للجربوعه دي و آكل في المطبخ مع الخدامين.

قالت كلماتها الأخيرة بصراخ لتُصدم نيفين مما سمعته و لكن صدمتها لم تدم طويلا إذ شعرت بالشماته في تلك المرأة فهاهي نالت الإذلال علي يد أكثر شخص تكره في هذه الحياه
لاحظت سميرة نظرات ابنتها الغامضه التي ظهر بها لمحه من الشماته لتهب من مكانها قائله بغضب
ساكته يعني ايه مش زعلانه علي امك و إلى اتعمل فيها من بنت زهرة.؟!
لا طبعا زعلانه بس بحاول استوعب إلى حصل و ايه إلى غير يوسف من ناحيتها كدا.

تحدثت نيفين محاوله أن تبدو متأثرة بما حدث علي عكس إحساسها الداخلي بالشماته و لكن ليس من الصائب أن تخسر تلك المرأة في هذا الوقت بالتحديد فهي تحتاجها للتخلص من وجود كاميليا في هذا القصر لذا تابعت بلهجه حاولت أن تضفي عليها الغضب
تفتكري قالتله ايه الزباله دي خلته نسي كل حاجه و رجعلها كدا.
ما أن نطقت هذه الكلمات حتى وصلت إلى مبتغاها في تشتيت نظرات سميرة الثاقبه لها لتنفعل الأخيرة قائله بقهر.

انا عارفه عملتله ايه بنت زهرة خلته قلب 360 درجه كدا دي ولا اكنها سحراله.! طالعه حيه زي امها بتعرف تبلف الرجاله و تضحك عليهم.
أنهت كلماتها موجهه نظرات محتقرة لابنتها ثم تابعت بغيظ
واحده ذكيه. مش طالعه غبيه زيك مبتعرفش تعمل أي حاجه.
تحدثت نيفين بسخريه
قصدك طالعه حلوة لأمها و ذكيه بردو لأمها.
كل واحده طالعه لأمها يا ماما و دا مش ذنبي انك أمي.

جحظت عين سميرة و هيا تسمع كلام ابنتها لتندفع ناحيتها ممسكه بخصلات شعرها تجرها بعنف و هيا تقول
تقصدي ايه يا كلبه انتي. قصدك انك طالعه وحشه و غبيه لأمك.؟! دانتي نكرة و زباله من غيري مالكيش اي لازمه و لا وجود فاهمه !

تحدثت نيفين من بين دموعها محاوله تخليص نفسها من يد والدتها
كويس انك فهمتي قصدي و لو عايزة تعرفي مين فينا إلى غبي افتكري كدا إلى حصل زمان بينك و بين زهرة هتلاقي ان هيا إلى فازت و انتي إلى خسرتي. هيا عاشت مع واحد بيحبها و ماتت و ادفنت في حضنه و انتي عشتي عمرك كله مع واحد مش طايق يبص في وشك يبقي مين فيكوا إلى انتصر عالتاني.؟ مين فيكوا إلى ذكي يا سميرة هانم.؟!

اخرسي !
تحدثت سميرة بغل بعد أن رفعت كفها و هوت به علي خد نيفين في صفعه مدويه. فهيا بحديثها كانت قد فتحت جراح أبت أن تندمل بعد مرور كل تلك السنوات بل كانت تزيد من وقود اشتعالها و حقدها علي تلك اليتيمه و مهما فعلت معها لم تخمد نيرانها أبدا.

لا مش هخرس و افتكري أن وجودك في البيت دا مربوط بيا. يعني لو قولت لجدي أو لبابا اني مش عيزاكي هنا في ثواني هتلاقي نفسك في الشارع.
تحدثت نيفين بغيظ و قهر كتمته لسنوات لتتفاجئ سميرة من لهجتها و تهديدها الصريح لتقول بإستنكار
انتي بتهدديني يا نيفين.؟!
اه بهددك. و إياكي. إياكي تفكري تقللي مني تاني و لا تمدي إيدك عليا و لا تقوليلي كلمه متعجبنيش.

بتأكدي علي كلامك كمان.! هيا دي آخرتها؟! بعد ما اتحملت عمايل ابوكي فيا كل السنين دي عشان خاطرك تيجي تقوليلي كدا.

ضحكت نيفين بسخريه قائله
والنبي بلاش افلام هندي و جمايل ملهاش وجود من أسااسه. يا سميرة هانم. انتي ممشتيش و اتحملتي عمايل بابا فيكي غير عشان مالكيش مكان غير هنا. و عشان انتي متقدريش تتخلي عن و فلوس و عز و نفوذ عيله الحسيني. و كان عندك استعداد تتحملي قد إلى اتحملتيه عشر مرات بس متمشيش من هنا و كل إلى فات دا انا بس إلى اقدر اضمنهولك. عشان كدا اتحملتي زي ما بتقولي.

شعرت سميرة و كإن دلو من الماء قد انسكب فوق رأسها فمن تقف أمامها ليست تلك الطفله التي أخذتها من الملجأ و ربتها و اوهمت الجميع أنها ابنتها هل يمكن أن تكون تشبهها إلى هذا الحد؟!
ليخرج من بين شفتيها إستفهام هامس
تقصدي إيه.؟

اقصد إننا مصلحتنا واحده و هنفضل ام و بنتها حلوين كدا لحد ما نمشي بنت زهرة من القصر و نغورها. من حياتنا خالص. و أنا اتجوز يوسف و ابقي الهانم هنا و مرات كبير العيله و طبعا انتي لك هينوبك من الحب جانب. هتقدري تأمري و تنهي هنا براحتك من غير ما حد يقولك تلتت تلاته كام
و هتعملي دا ازاي بقي.؟
نيفين بغموض
هتشوفي ! و هتعرفي مين فينا إلى ذكي و مين إلى غبي يا ممتي.

قالت الأخيرة بسخريه لم تخفي علي سميرة التي لوهله ظنت أن نيفين قد علمت حقيقه هويتها و لكنها نفت هذا الظن من رأسها تماما فلا أحد يعلم هذا الموضوع سوي هيا و شخص آخر !

قاطع حديثهم طرق علي الباب ليلتفت كلا منهما لمعرفه الطارق ليجدوا أنه لم يكن سوي يوسف الذي وجه نظرات محتقرة إلى سميره و من ثم تجاهلها لينظر إلى نيفين التي كانت تتطلع إليه بزهول فهو لم يدخل غرفتها أبدا و ما فاجأها أكثر هو سؤاله عن حالها
اذيك يا نيفين. عامله ايه دلوقتي؟
أجابت نيفين بصوت حاولت أن تضفي عليه الضعف و الإنكسار
الحمد لله يا يوسف.

وجه يوسف إنظاره لتلك التي كانت تنظر إليه بترقب و حذر من أي ردة فعل قد تصدر منه فهي لم تنسي مظهره المرعب و هو غاضب بالأسفل ليتحدث إليها بنبرة آمرة محتقرة
بينادوا عليكي في المطبخ تحت عشان ميعاد العشا
اغتاظت كثيرا من نبرته و مغزي كلماته لكنها آثرت الصمت خوفا من عواقب قد تجعلها في موقف أسوء لاحقا فالتفتت إلى ابنتها قائله
انا هنزل تحت اخليهم يجهزولك العشا و يجبهولك علي هنا. عن إذنكوا.

ما إن خرجت من باب الغرفه حتى احنت نيفين رأسها متظاهرة بأنها تجفف عبراتها لينظر إليها يوسف بتفكير فهل هي حزينه حقا من اجل والدتها أم كل هذا تمثيل لجعله يشعر بالندم.؟! هكذا أخذ يفكر لثوان ثم قطع ذلك الصمت المحيط بهما قائلا بلهجه حاول أن تكون ودودة بعض الشئ
اقعدي يا نيفين خلينا نتكلم مع بعض شويه.
طاوعته نيفين بدون أن تتفوه بكلمه واحده ليقطع صمتهما مرة ثانيه قائلا.

اولا ألف سلامه عليكي انا عرفت انك كنتي تعبانه و أنا مسافر.
لتجيبه هامسه
الله يسلمك
زفر يوسف حانقا فهو يعلم أن كل ذلك الحزن و الإنكسار ليس من طبيعتها ليقول بنبرة حاده بعض الشئ
نيفين ياريت ترفعي راسك و تعلي صوتك شويه و لو بإلي بتعمليه دا عايزة تعرفيني انك زعلانه عشان إلى حصل لممتك فممتك اخدت اقل من إلى تستحقه كمان.

رفعت نيفين رأسها بحده و قد لمعت عيناها بوميض من الغضب قائله بصوت ينافي تماما صوتها الرقيق منذ برهه
لا هفرح و أنا شايفه امي بتتهزق و بتتذل و بتاكل مع الخدامين في المطبخ عشان ست كاميليا
تتبسط.
ابتسم يوسف و قال ساخراً
أيوا كدا يا شيخه خلي صوتك يطلع
ثم تابع بلهجه جديه و مرعبه
و بعدين كاميليا دي مراتي و مش هسمح لحد أبدا أنه يضايقها أو يهينها طول مانا عايش و ممتك غلطت فيها.

ايه عرفك.؟ مش يمكن كاميليا إلى استفزتها؟ ممتي مش هتغلط فيها من الباب للطاق كدا.

تابع يوسف بلهجه ساخره
لا و الشهادة لله ممتك مش غلاطه خالص. بصي يا نيفين انا مش جايلك عشان اتناقش في إلى حصل تحت عشان دا موضوع و اتقفل و من هنا و رايح أي حد هيغلط في كاميليا هيدفع التمن غالي اوي و دا شئ مفهوش جدال.

قاطعته نيفين غاضبه
و ياتري يا يوسف لو كاميليا هيا إلى غلطت في حد هيكون دا موقفك منها و هتجبله حقه منها و لا هتقول مرات يوسف الحسيني مبتغلطش و هتقف في ضهرها بردو.؟!

انا عمري ما كنت ظالم يا نيفين و الغلط عندي مفهوش تهاون و حتى لو كاميليا غلطت هكون اول واحد يعاقبها. و ياريت نقفل عالموضوع دا و مش عايز اسمع فيه حرف تاني.

اهتزت نيفين لنبرة الغضب في صوته فآثرت أن تمثل الضعف قليلا حتى لا تضيع تلك اللحظات الذهبيه بينهم فلأول مرة تجلس معه في مكان واحد يتحدثان سويا، بالعادة كان معظم الوقت يتجاهلها و لا يحاول حتى النظر إليها لتقول بنبرة ضعيفه
حاضر يا يوسف إلى تشوفه.
زفؤ يوسف بحنق فهو يريد أن يمسك أعصابه قليلا حتى يصل لمبتغاه معها فحاول أن يخفف من حدة نبرته قليلا عندما قال.

نيفين. احنا طول عمرنا عايشين في بيت واحد بس عمرنا ما قعدنا مع بعض و اتكلمنا يمكن عشان أنا طول الوقت مشغول و مش موجود. يمكن عشان فرق السن ايا كانت الأسباب بس انا عايزك تعرفي انك زيك زي روفان عندي بالظبط.

ما أن قال جملته الأخيرة حتى طالعته عيناها بحده جعلته يسب بداخله فهو لن يستطيع استمالتها بالطريقه التي يريد أبدا لتقطع عليه حبل أفكاره قائله بحدة
عايز توصل لإيه بكلامك دا يا يوسف.؟
تحدث يوسف بلهجه ذات معني
عايزك تكسبيني صديق يا نيفين. مش عايز اكون عدوك أبدا عشان صدقيني هتندمي اوي.

انت بتهددني يا يوسف.؟!
لا طبعا مش بهددك أنا بحاول اوجهك للصح بحاول ارسيكي علي بر أمان، مش عايزك تخسري يا نيفين.!

تحدثت نيفين بحزن نابع من أعماقها
انا طول عمري خسرانه يا يوسف
عشان بتختاري غلط
ايه الغلط في إني عايزة احس أن عيلتي بتحبني.؟!
تحدثت نيفين بغضب ممزوج بدموعها ليجيبها يوسف بعقلانية
اسلوبك غلط يا نيفين. و بعدين مين قالك أن عيلتك مش بتحبك.؟ كلنا حواليكي و انتي غاليه علينا كلنا. انتي بس إلى بتسمعي من ناحيه واحده! حاولي تقلعي النضاره إلى كلها كسور و شروخ دي و شوفي الناس بعنيكي انتي انتي مش محتجاها.!

لم يتلقي منها إجابه سوي نظرات مستفهمه فزاد حنقه و قرر إنهاء تلك المحادثه الثقيله علي قلبه كثيرا فتابع قائلا
فكري في كلامي يا نيفين. و اعرفي أن كلنا جمبك و حواليكي. و لو احتاجتيني في أي حاجه باب مكتبي مفتوح لك في أي وقت.

أنهي كلماته و سار متجها إلى باب الغرفه حتى استوقفه سؤالها المباغت
طب و باب قلبك يا يوسف. مش ممكن يتفتحلي أبدا.؟
تنهد يوسف و نظر إليها قائلا بنبرة قاطعه
قلبي اتفتح مرة من سنين يا نيفين و اتقفل علي صاحبته خلاص، و مش هينفع يتفتح تاني
أبدا.!
قالت صارخه بلوعه و أنهار من الدموع تجري علي خديها
لا هينفع لو أديت له و أديت لنفسك فرصه. القلب مبيتفتحش غير بأمر من صاحبه يا يوسف.

المشكله يا نيفين أن القلب و صاحبه ميملكوش في نفسهم حاجه!

انهي كلماته ثم انصرف تاركا إياها تكاد تنفجر من شده الغضب و القهر و الحزن معًا ليضفوا نارا فوق نارها من تلك التي سرقت ذلك الفارس و وضعت ختم ملكيتها علي قلبه للأبد فهو للمرة التي لا تعرف عددها يقوم برفضها لأجل تلك الكاميليا و لكنها أبت أن تستسلم و قررت أن تلك المحادثه أبدا لم تنتهي سوي بالنهاية التي تريدها هيا لذا اندفعت خلفه و هيا عازمه علي إخباره بكل ما تحمل بجعبتها من اسرار و لتري اذا ظل ثابتا علي موقفه هذا ام سيغير رأيه .

ما أن دخل يوسف إلى غرفته و قام بخلع معطفه حتى فوجئ بتلك الشعله الغاضبه تقتحم غرفته من دون أي استئذان و بريق عينيها المتوهج بفعل الغضب و قامت بإغلاق الباب خلفها قائله بصوت مختتق.

إحنا لازم نتكلم !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة