قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السابع عشر

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السابع عشر

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل السابع عشر

النسيان لا يأتي كاملا أبدا...
فالشعور المفاجئ بالضيق سببه ذلك الوجع الكامن في اعماق الروح...
الوحشه التي تأتي مباغته دون سابق إنذار ما هي الا بكاء عالق في الحنجرة
الغصه التي نشعر بها في الحلق نتيجه سهم مسموم غرزه احدهم بمنتصف القلب
دائما ما يوجد بقايا جروح عالقه في اعماق الفؤاد نظن أننا قد نسيناها و لكن هيهات ان ينسي الإنسان خيباته يظن انه نسي و لكنه في الحقيقه يتناسي،!

- عامله ايه دلوقتي يا حبيبتي كان هذا صوت صفيه الحاني و هي تربت علي ظهر كاميليا بعد ما افرغت بين احضانها كل تلك الاوجاع التي تحملها بقلبها فهزت كاميليا رأسها بإيمائه بسيطه قائله بصوت مبحوح من كثرة البكاء
- أحسن الحمد لله، ميرسي اوي يا ماما
- ميرسي ايه يا ست كامي هو احنا بينا الكلام دا و لا تحبي اشدلك شعرك زي ما كنت بشدهولك قبل كدا لما كنتي بتضايقيني...

تحدثت روفان محاوله التخفيف من وطأه الموقف و إضفاء جو من المرح
- لسه مفتريه زي مانتي قالتها كاميليا بابتسامه واهنه.

- لا دانا بقيت مفتريه اكتر من الأول. و لا عشان ما بقيتي مرات اخويا الكبير بقي هخاف و اكش لا شغل الوسايط دا ميكلش معايا تحدثت روفان بمرح دون ان تدري ان كلماتها كرصاص يستقر بمنتصف قلبها مذكرا إياها بحلمها الضائع و حياتها التي انهارت فوق رأسها دون ان تستطيع الاستمتاع بها سوي لدقائق معدوده فقالت بوجع من بين دموعها.

- مرات مين ما خلاص بقي يا روفان كل حاجه انتهت
- بت انتي حاجه ايه إلى انتهت. انا سكتالك من الصبح و بقول نفسيتها تعبانه لكن دلع بنات مش عايزه يوسف جوزك عارفه يعني ايه جوزك...
- بعد إلى حصل يا ماما خلاص يوسف معدش عايزني قالتها بألم.

- كرامته وجعاه يا كاميليا و اي حد في مكانه كان هيطربق الدنيا علي دماغك إلى انتي عملتيه مش سهل و بالذات بالنسبه لحد زي يوسف و مع ذلك مقدرش يقسي عليكي لو مكنش بيحبك فعلا كان زمانه طلقك و مسألش فيكي فاعقلي كدا و خلينا نصلح الهباب إلى انتي عملتيه دا
- معدش هينفع يا ماما صدقيني.

- بطلي جنان يا كاميليا يوسف مش هيتجوز حد غيرك و لا هيسمح انك تبقي لحد غيره و انتي فاهمه دا كويس. و لا نسيتي مقابلات الجنينه إلى في نص الليل و لا لما كنا نيجي نصحيكي تروحي المدرسه تقعدي تعيطي و تقولي لا والنبي مابحبش اصحي بدري و الاقيكي قايمه من سته الصبح عشان تعمليله قهوة، و لا البيتزا إلى كانت بتتعمل نص الليل في الخباثه كدا و تطلعله فوق آل ايه اصله اصله ملحقش يتعشي معانا و طالع عينه طول النهار في الشغل...

هو انتي فكراني نايمه علي وداني
لا انا قفشاكوا بس كنت بعمل نفسي مش واخده بالي
خجلت كاميليا كثيرا من حديث صفيه و ااذي اخذها لعالم ملئ بالسحر معه فأخذت تتذكر ذكرياتها الجميله برفقته.

فلاااش باااك.

- كاميليا بقولك ايه مشفتيش كوكي عماله ادور عليها في البيت مش لقياها
- مشوفتهاش والله يا روفي دورتي عليها في اوضه جدو دايما بتستخبي هناك
- اه دورت و ملقتهاش، طب بقولك ايه شوفيها في الجنينه إلى ورا كدا علي مانا ادور عند البوابه.

- حاضر هروح ادور هناك و انتي متقلقيش يا روفي اكيد هنلاقيها ماهي كل مرة بتغلبنا كدا، بس الاول هروح اغير الفستان دا لاحسن اوفر اوي و كمان لونه فاقع و خايفه ابيه يوسف يشوفه يزعقلي.

- لا. لا ماهو ابيه يوسف مش هنا و مش هيشوفه و علي ما تطلعي تغيري و تنزلي ممكن يكون كوكي جرالها حاجه وحشه يالا روحي كدا انتي كدا مزه و بعدين محدش هنا عشان يشوفك متقلقيش يالا
- طيب بالراحه متزوقيش ربنا يستر
ذهبت كاميليا إلى الجنينه الخلفيه و ما ان خطت خطوتين داخلها حتى تفاجئت بتلك الرابطه القماشيه تغمي عيناها و يد قويه تعتصر خصرها فهمت بالصراخ فاوقفها همسه بداخل اذنيها قائلا.

- هشششش. دا انا يا روحي
- يو. يوسف هو. هو في ايه
- عيون يوسف، متقلقيش يا قلبي، تعالي معايا
ثم اخذ يتقدم بها إلى ان وصلا إلى المكان المنشود و قام برفع العصبه عن عيناها فتفاجئت بذلك المنظر الذي أقل ما يُقال عنه بأنه رائع...
الحديقه مغطاه بجميع انواع الورود الجميله و الشموع علي الارضيه علي شكل قلب كبير يتوسطه طاوله مستديره عليها قالب حلوي جميل منقوش عليه اسمها بجانب صوره لهما.

كان ذلك الجمال تزينه ضي النجوم في السماء فكان المكان تحفه تسر الناظرين فشعرت بالفرح يغمرها و خاصه حينما قام بتمرير يديه علي طول ذراعها حتى وصل لكفيها وقام احتضانها فالتصق ظهرها بصدره و طبق قبله حانيه فوق كتفها قائلا بحب
- كل سنه و انتي طيبه يا حبيبتي
- هاااه، تاهت كاميليا من هول المشاعر التي عصفت بها جراء تلك المفاجأه الرائعه و تلك الكلمات الجميله التي يهمس بها و ذلك القرب المهلك لقلبها.

ادارها يوسف اليه و اعطاها واحده من ابتسامته الساحرة التي دائما ما تجعل قلبها ينتفض عشقا له و قال بحب
-كل سنه و انتي طيبه يا روح قلبي
- هي. هيا مين رو. روح قلبك دي
- انتي، انتي روح قلبي
- دا بجد
- طبعا بجد كل دا و محستيش يا كاميليا
تحدث و هو يمرر يديه علي ملامح وجهها بحب
محستش بأيه
- اني بحبك.

كأعمي أبصر النور حديثا كان هذا حالها عندما نطق تلك الكلمه التي لطالما تمنت ان تسمعها كثيرا و لطالما حلمت بهذه اللحظه في المنام و اليقظة و لكن روعه حدوثها في الحقيقه تفوق ما حلمت به كثيرا.

- انت ايه
- بحبك . بعشقك بموت فيكي تحدث بهمس قاتل
فاجئتها كلماته و تصريحه بعشقه لها فشعرت بالأرض تدور بها فترنحت و لكن ذراعيه القويتين التقطتها قبل ان تقع و أسندت رأسها علي صدرة فشعرت بجنون دقات قلبه و التي كانت تخبرها بمدي عشقه لها و ظلت يديه تمسد شعرها بحنان لم تشعر به سوي معه.

شعرت به يحملها و يجلسها فوق ساقه حول تلك الطاوله و أخذ يوزع قبلاته فوق شعرها و جبينها فشعرت بأنها تحلق فوق الغيوم من فرط السعاده
ظلت علي هذه الحال وقت ليس بقليل إلى أن امتدت يداه تحت ذقتها ترفع وجهها إليه و نظر إلى اعماق عيناها و قال بعشق.

- ياااه أخيراً.
- عارفه قعدت احلم باللحظه دي قد ايه،؟
تحدث يرسف أخيرا بعد ما حاول السيطرة علي برككان المشاعر الثائرة التي أيقظتها حوريه فاتنه بقلب طفله بريئه جعلت من قلبه بنتفض عشقا لها...

- قد ايه
- من و انتي لسه بضفاير و بتلعبي انتي و روفان
بالعرايس
كنت عارف انك بتحبيها عشان كدا في كل عيد و في كل راس سنه و كل سنه في عيد ميلادك كنت بجبهالك و احطها في اوضتك هيا و الشيكولاته من غير ما حد يحس او ياخد باله
ابتسمت كاميليا برقه و قد كانت كلماته بلسم لكل الجروح العالقه بقلبها فقالت بحب.

- و انا صغيره كنت مفكرا بابا نويل إلى بيجبلي العرايس
دي و بعدين لما كبرت شويه و عرفت ان بابا نويل
مبيجيش غير في راس السنه بس فكرتك الجني إلى في مصباح علاء الدين...
و لما كبرت شويه كمان قولت دا فارس الأحلام إلى هييجي يخطفني علي حصانه و أتمنيت من كل قلبي يكون الفارس دا انت يا يوسف.

- بس انتي مغلطيش يا قلب يوسف انا كل دول
فعلا
انا بابا نويل إلى في كل راس سنه هيجيلك احلي هديه في الدنيا و انا الجني إلى في مصباح علاء الدين إلى هيحققلك كل تتمنيه انتي بس تأمري.
و انا فارس أحلامك إلى هييجي يخطفك علي حصانه و يخبيكي في مملكته و مش هيخلي حد يشوفك اصلا...

- عارف يا يوسف
عايز اعرف يا قلب يوسف قولي كل إلى جواكي
- انا حياتي ابتدت من اول ما قولتلي بحبك إلى فات دا كله مكنش حياه اصلا...
انا عشت عمري كله يتيمه بس النهارده لا ربنا عوضني بيك
كم آلمته تلك الكلمه فهو يود لو يجلب لها الارض و السماء مقابل أن تكون سعيدة و لا تشعر بذلك الشعور البغيض أبدا فقال بحب.

- انتي عمرك ما كنتي يتيمه يا كاميليا كلنا هنا بنحبك ماما صفيه ممتك و أدهم و روفان اخواتك و عمو مراد بالرغم انه مش دايم التواجد هنا بس بيحبك اوي و جدي.

قاطعه بحزن
- جدي عمره ما حبني يا يوسف بالرغم من أني والله بحبه. تصور دا حتى مبيخلنيش اعمله فنجان القهوة بتاعه و بيطلب من نيفين او روفان و عمره ما طلب مني.

- جدي صعب شويه يا قلبي لكن هو بيحبك اوي اوعي تفكري التفكير دا تاني. و علي فكرة بقي اياكي تعملي قهوة لحد غيري. انا بس.

- عيوني
تسلم عيونك الحلوة دي. مش عايز اشوف فيهم الحزن أبدا يا كاميليا انتي اغلي حد عندي في الدنيا مقدرش أبدا تكوني زعلانه أو حزينه.
و بعدين تعالي هنا انتي ايه يا ست هانم إلى منزلك بالفستان دا كدا
قالها بلهجه حاول ان تكون جاده حتى ينتشلها من بحر احزانها الذي يؤلم قلبه كثيرا و بالفعل قد نجح في ذلك فقالت بخوف.

- والله يا يوسف انا كنت هغيره روفان شدتني و طلعتني برة الجنينه و أكدتلي ان مفيش حد هنا.

- الصراحه الواحد اول مرة يستفيد من روفان اختي دي في حاجه
- ايه دا مش فاهمه تقصد إيه
ابتسم يوسف علي براءة محبوبته التي تزيدها جمال علي جمالها فقال بحب
- يعني انا إلى اشتريت الفستان دا و قولتلها تخليكي تلبسيه بأي طريقه و تنزلك الجنينه هنا و طردت مازن و أدهم عشان تعرفي تلبسيه براحتك.

شعرت بالفرح يغمرها من فعلته و لكنها تنبهت لجلستهم الحميمية و هي تتوسط احضانه فقالت بخوف.

- طب هو مش ممكن حد يشوفنا كدا
- انني لسه واخده بالك اننا كدا قالها يوسف بمكر أخجلها كثيرا فلم تعرف بماذا تجيبه فهي في حضرته تنسي كل شي و تتبخر جميع الافكار بداخلها و لا تراودها سوي فكرة وجودها معه
لاحظ يوسف خجلها الذي يعشقه كثيرا فقال يمازحها
- وبعدين بصراحه بقي انا نفسي يشوفونا كدا
شهقت بصدمه و قالت
- يوسف انت بتكلم بجد
- طبعا بتكلم بجد ياريت حد يشوفنا و يقول لجدي و يخلينا أصلح غلطتي.

لكزته في كتفه و قالت بخجل من تلميحاته التي تعبث بدقات قلبها
- بطل قله ادب غلطه ايه دي
- هو انا مش لسه بايسك من شويه دي غلطه كبيرة اوي
- يوسف بطل والله هقوم امشي
- طب ينفع اكون صارف و مكلف كدا و تسبيني و تمشي
قالها بمرح حتى يصرف انتباهها عن الحديث بهذا الموضوع الشائك
- ميرسي اوي انك افتكرت عيد ميلادي
- و انا من امتا نسيته يا روح قلبي.

- السنادي الناس كلها نسيته حتى روفان و ماما صفيه نسيوه مفيش غير أدهم إلى قالي الصبح كل سنه و انتي طيبه قبل ما يروح الشركه.

- طب فكريني الطشله اول ما يرجع عشان انا منبه عليهم محدش يقولك حاجه عشان اجهزلك المفاجأة دي.

- حرام عليك متقولش كدا دا دافع عني قدام طنط سميرة النهارده و خلاها كانت بتاكل في نفسها من الغيظ.

- ليه حصل ايه؟ هيا حاولت تضايقك تاني؟ تحدث يوسف بغضب فهو لا يحتمل فكرة ان يزعج صغيرته و حبيبته احد.

- العادي بتاعها يعني كنا بنتكلم عن النتيجه و ان احنا خايفين و كدا و لقتها بتقول ان انا فاشله اصلا و مش هجيب تقدير فقام أدهم قالها بكرة النتيجه هتظهر و كاميليا هتجيب اعلي تقدير فيهم و هتشوفي دي تلميذة يوسف الحسيني عمرها ما هتبقي فاشله و هيا اتضايقت بقي لما قال كدا و قعدت تبرطم و قامت و سابتنا.

ف- كريني اصرفله شهر مكافأه هالحركة دي و بعدين إلى بتتكلم عن الفشل دي أساسا ساقطه إعداديه.

أطلقت ضحكه صاخبهخطفت قلبه فقريها اليه أكثر قائلا بعشق
- أنا بحبك اوي يا كاميليا. مقدرش اتحمل اشوفك زعلانه لحظه واحده
ضحكتك دي أجمل نغمه سمعتها في حياتي متحرمنيش منها أبدا
و اوعي تخافي من حد خلقه ربنا علي وش الدنيا دي
الي يقولك كلمه قوليله عشرة و انا هاجي اكمل عليه بعدك حتى لو كان هو مين عايزك دايما قويه و اوعي تسمحي لأي حاجه تكسرك.

- حتى لو مجبتش تقديركويس السنادي برغم تعبك معايا دا هتفضل تحبني كدا بردو و لا هت . قاطعها يوسف بوضع إصبعه علي شفتيها قائلا بصدق.

- حتى لو مبتعرفيش تقري و تكتبي يا قلب يوسف قلبي مش هيعشق غيرك بردو
باااااااك
- سرحتي في ايه كدا يا كاميليا
أبدا، افتكرت مواقف لينا مع بعض و قد ايه كنت طايره من الفرحه و انا معاه و كنت حاسه بأمان الدنيا في حضنه بس للأسف اخفضت رأسها محاوله ان لا يلحظوا تجمع العبرات داخل عيناها
- مفيش للأسف يا كاميليا كلنا بنغلط المهم نتعلم من غلطنا و منكررهوش تاني
- غصب عني يا ماما انا خايفه اوي
- خايفه من ايه بس.

- خايفه من يوسف و عارفه انه عمره ما هيسامحني قبل ما يعرف انا هربت ليه
- طب و انتي هربتي ليه يا كاميليا
اخفضت كاميليا رأسها بحزن شديد و هيا تشعر بأنها ممزقه
من الداخل لا تستطيع التحدث بما تخفيه و لا تستطيع كتمانه أيضا...
تشعر الحيرة التي تمزقها إربا من الداخل و لكنها حسمت قرارها أخيرا فالقت نظرة علي روفان فهمتها صفيه علي الفور فتحدثت إليها قائله.

-روفي ما تروحي تجيبيلنا حاجه نشربها من الكافتيريا و هاتي لكامي ليمون يهديها شويه.

- امممممم حسي الأمني بيقول ان انا بتوزع صح
جعدت روفان أنفها فكانت اشبه بطفله جميله متذمرة
- بما ان البعيدة مابتحسش ف أه بتتوزعي ويالا هوينا بقي
- ماشي يا ست ماما خليكي فكراها ابقي شوفي مين إلى هيفتنلك علي اخواتي تاني
- طب يالا من هنا بقي عشان مفتنش انا عليكي يا ام لسان عايز قطعه تحدثت صفيه بنبرة ذات معني فهبت روفان من مقعدها قائله بلهفه.

- احلي كوبايه ليمون لكامي و فنجان قهوة للليدي صفيه دانتي لو عيزاني اسيألك المستشفي دي كلها اعتبريه حصل.

- طب يالا ياختي يالي مش باينه من الأرض و بقيتي تعرفي تخبي و تداري اتفضلي من هنا.

خرجت روفان علي الفوز و هيا مغتاظه من حديث والدتها فقد كانت تموت لتعرف السبب الذي جعل كاميليا تهرب من أخيها
فظلت تزرع الممر ذهابا و إيابا و أخيرا لم تقدر علي الصمود أكثر فرفعت رأسها للأعلي و قالت.

- سامحني والنبي يارب عالي هعمله بس فضول الأنثى إلى جوايا هيموتني . لازم اعرف كاميليا عملت كدا ليه.

لم تكد تنهي جملتها حتى اتاها ذلك الصوت الرجولي الجذاب من خلفها فخفق قلبها بعنف و زادت وتيره أنفاسها و سرت رجفه بسائر جسدها ما أن سمعته يقول.

- و يا تري ايه بقي إلى شاغل بال القمر اوي كدا و عايز يعرفه
التفتت روفان بخجل و تلاقت العيون للحظات كانت كفيله لجعل قلبيهما يطيرا من فرط السعاده فقد كانت هناك نقطه إلتقاء تجمعهما دائما.

دائما ما تخبرنا العيون ما تعجز الألسنه عن البوح به...
فلغه العيون تعد من أخطر اللغات علي الإطلاق فلا يفهمها سوي عاشق يعرف جيدا كيف يُخضعها و يجعلها تبوح له بأسرارها...

في الداخل
- ها مش هتقوليلي بقي ياا كاميليا ايه إلى خلاكي تهربي بالشكل دا
احتارت كاميليا ماذا تقول او من أين تبدأ تموت الكلمات عند شفتيها و هيا عاجزة عن إخراجها
تشعر بغصه في حنجرتها تمنع الكلمات من التدفق يغمرها الشعور بالضياع الكامل و هيا غير قادره علي الوقوف علي أرضا ثابته.

أدركت صفيه معاناتها فشعرت بأنه يوجد خطب كبير و بأن هروبها ورائه سر خطير فأخذت تطمنها قائله.

- كاميليا ليه العذاب و الضياع إلى انتي فيه دا يا بنتي متعمليش في نفسك كدا كلنا حواليكي و بنحبك و مش هنسمح لحد او لحاجه تأذيكي. اتكلمي و ريحي قلبي خليني اقف جمبك و اقدر اساعدك اظن انا مش يوسف هتخافي مني.

ممكن أسألك سؤال تحدثت كاميليا بنبرة مهزوزه و صوت يرتجف من حول ما تخبئه بداخلها.

- طبعا ممكن
- هي هيا ماما كانت وحشه زي ما هما بيقولوا عليها
- لا طبعا ايه إلى بتقوليه دا
- امال ليه بيقولوا عليها كدا
-هما مين يا كاميليا إلى بيقولوا تقصدي سميرة و بنتها و لا حد تاني
- اقصد. يو. يوسف يا ماما صفيه قالتها ثم انخرطت في البكاء بإنهيار مرتميه في أحضان صفيه تنشد الأمان من كل ذلك الخوف و القهر الذي يعصف بداخلها.

في الخارج
قطعت روفان التواصل البصري بينهم و الذي كان ينقلها لعالم آخر و يغرقها في دوامه من المشاعر التي تربكها فقالت بخجل.

- سياده الرائد انت هنا بتعمل ايه
- لنفس السبب إلى انتي و ممتك هنا عشانه
- تقصد كاميليا قالتها بصدمه فقد اربكها حضورك حتى جعلها تنسي وجود كاميليا في الداخل و أيضا إحتماليه حضور يوسف في اي وقت.

- بالظبط كدا
- هو انت عرفت منين ان كاميليا هنا
- يعني هيا فعلا هنا قالها علي بفكر
- اااا. لا. انااا اصلي استغربت. او. يعني
- تعرفي انك لما بترتبكي بتبقي زي القمر قالها بغزل صريح
فقد كان تلعثمها و رفرفه رموشها و رجفه شفتيها تجعلاها شهيه لدرجه ان تكون خطر علي قلبه الذي لا يعرف ماذا دهاه منذ أن رآها...

- هاااه . تاهت روفان من نظراته و كلماته الجميله التي جعلت الفراشات تطير في معدتها.

- هو انتي زي القمر علي طول دي حاجه مفروغ منها بس بتحلوي اكتر لما خدودك دي تحمر و تتوهي كدا.

ظلت روفان تنظر إليه مشدوهه لا تقدر علي النطق من فرط الخجل و المشاعر التي أيقظتها كلماته بداخلها و لكنها صُدمت و برقت عيناها عندما رأت ذلك الذي يقف مع الطبيب في أول الممر فألتفتت إلى على برعب و قالت بتلعثم.

- هو. ااا، انت. يعني. ممكن تعزمني علي حاجه في الكافتيريا اصل انا عيزاك في موضوع مهم.

اندهش على من طريقتها المتلعثمه و لكنه تفاجئ بها تسحبه من يده و تنزل به إلى الكافتيريا قائله.

- اصل انا عايزة اقولك حاجات كتير اوي انت متعرفهاش
لم يقدر علي مقاومتها بل لم يستطع ان يضيع تلك الفرصه في أن يكون معها و قلبه الذي كانت ينتفض فرحا من رؤيتها و قد قام بتسليمه لها لتفعل به ما تشاء فهي ملاكه الجميل الذي خطف قلبه من اول وهله.

من أقوي الحروب التي يخوضها الإنسان في حياته هيا أن يحارب شوقه تجاه شخص يمثل له العالم و اكثر...

كان يوسف يأكل الخطاوي حتى يستطيع الوصول لمعشوقته في أسرع وقت فقلبه كان يدق بصخب يريد أن يرتوي من رؤيتها حتى و لو كان لقائهما سريعا باردا ظاهريا و لكن هذا يكون أفضل ألف مرة من أن لا يراها مطلقا.

حتي و أن حاول ان ييمنع نفسه من رؤيتها فقلبه يتمرد عليه دوماً مطالباً بها و هو بكل. ما يمتلك من القوة لا يستطيع السيطره عليه...

اوقفه الطبيب المعالج لها يطمأنه علي حالها و بأنه اختار لها طبيب نفسي تستطيع المتابعه معه فانهي محادثته سريعا و قاده قلبه علي الفور إلى معشوقته فعلا هم بفتح باب الغرفه فصعق مما رآه و سمعه.

- انا بموووت يا ماما صفيه . بموووووت مش قادرة اصدق أبدا ان ماما تطلع وحشه زي ما بيقولوا عليها
حتي يوسف بيقول عليها كلام وحش و بيقولي هستني ايه من بنت زهرة انا في جوايا نار هتموتني مش قادرة اعيش بيها.

كانت كاميليا تتحدث بإنهيار و بكاء هستيري حتى خانتها قدماها و خرت علي ركبتيها امام صفيه ممسكه بثيابها من الأمام و أخذت شهقاتها تعلو شيئا فشيئا حتى خرجت عن السيطرة.

فشعر يوسف بنصل حاد ينغرز بقلبه عند رؤيتها بهذا الانهيار فقد كانت دموعها تحرق قلبه و تجعله يرغب لو كان اقتلع لسانه قبل ان ينطق بتلك التراهات التي آذت حبيبته و عشقه لهذا الحد.
أي شيطان لعين قد سيطر عليه في ذلك الوقت ليقتل صغيرته و حبيبته بتلك السموم فاندفع ناحيتها و خر علي ركبتيه يحتضنها بقلبه قبل ذراعيه و يحاول تهدئتها قائلا.

- كاميليا اهدي و متعمليش في نفسك كدا حقك عليا أنا أسف والله أسف أسف يا روح قلبي.

هدأت للحظات بعدما شعرت بزراعيه تطوقانها و تنتشلها من بحر العذاب التي كانت تغرق به دون القدرة علي المقاومه و لكن كيف يمكن له ان يداويها بعد ما تسبب في قتلها فأخذت تتململ بين أحضانه و تضربه بكلتا يداها و هيا تقول بصراخ مزق قلبه.

- ابعد عني متلمسنيييش. انا بكرهك . انا بكرهك، بكرهكوا كلكوا
و ظلت علي حالها لدقائق و هو متقبل كل ما تفعله دون ان يحاول مقاومتها فقط يداه تطوقان خصرها و كأنه يخبرها بأنه علي استعداد ان يتقبل منها كل شئ مقابل الا يخسرها.

فتلك المرأه تملك سلطه علي قلبه لم يسبق أن رآي لها مثيل. حتى بات يتقبل منها العذاب متلذذا به
ماذا عساه ان يفعل مع قلب لا يقبل من جنس حواء سواها بل الأصح أنه عينيه لا تري إمرأه غيرها
فهاهو يلوم نفسه للمرة التي لا يعرف عددها علي كلماته التي جرحتها بل انها جرحته قبلها.

كان كل هذا يحدث أمام صفيه التي شعرت بتوالي الصدمات فوق رأسها فأشعرتها بالخرس لدقائق لا تعرف عددها و لكنها استفاقت من صدمتها علي اعتذارات يوسف الذي يأبي ان يترك حبيبته و كلماتها الغير مفهومه له فأشفقت علي حالتها و قامت بجذبها من بين يديه وسط زهول منهما و امسكت بوجهها بين كفيها و قالت بنبره لا تقبل الجدل.

- ممتك دي كانت أشرف ست في الدنيا اوعي تصدقي حرف حد قالهولك عليها فاهمه .
و إلى مش عاجبه بنت زهرة يبقي ميستحقش تراب رجليها قالت الأخيرة و هيا تنظر ليوسف بغضب كبير.

أتذکُْرُ العهدَ الّذي لِي قُلتَهُ
الغدرُ بينَ قُلوبٍنا لا يُقبَلُ؟
لم تكتفي بعد الذي أجرمتَه
حيٌ أتيتُكَ، و رحلتُ نعشاً يُحملُ.

- دلوقتي انا حكتلك علي كل حاجه يا طنط فاطمه و مخبتش عنك أي حاجه و عارف إني غلطت إني خبيت عليها بس صدقيني مكنتش متخيل انها ممكن ترجع تاني أو الموضوع يتفتح أصلا.

- والله يا مازن يا ابني ما عارفه أقولك إيه يعني مش قادرة ألوم عليك و في نفس الوقت زعلانه منك.

- أنا نفسي زعلان و متضايق و بلوم في نفسي عالي حصل بس غصب عني دا كان أقرب صاحب ليا و فداني بروحه كان لازم احافظ علي أمانته إلى أمنهالي و فعلا قعدت سنتين حاطتهم في عنيا لحد ما فيوم لقيت الناس بدأت تتكلم عن أخته كلام وحش فاضطريت اني اقول اني خاطبها و اتفقت مع مامتها اني افضل في نظرهم كدا لحد ما تخلص جامعتها و يسافروا لخالها في كندا و بكدا تبقي مسؤوليتي انتهت بالنسبالهم بس هيا صدقت و حبت تعيش في الوهم و كنت بقول لنفسي انها صغيره و بكره تكبر و تعقل.

-طب انت قلتلي من شويه انهم سافروا قبل ما هيا تخلص ايه إلى خلاهم يعملوا كدا
- في الحقيقه حصل حاجه أجبرتهم يسافروا بس اعذريني انا مينفعش احكيها لحضرتك هيا حاجه متخصنيش و دي مهما كانت اخت محمود الله يرحمه.

- لا يا ابني و لا يهمك مادام أسرار مقدرش اقولك حاجه
- بس انا يهمني اعرف هتعمل ايه في الموضوع دا عشان اقدر اعرف بنتي مصيرها ايه معاك قبل ما افاتحها في اي حاجه.

- الموضوع دا منتهي يا طنط مفيش في كلام و مامتها عارفه كدا كويس و موافقاني علي رأيي.
كمان انا لو احتاجوا مني أي حاجه مش هسيبهم أبدا لكن انا عمري ما هضحي بكارما أبدا انا روحي مردتليش غير لما شفتها صدقيني والله ما بكذب عليكي.

- مصدقاك يا ابني من غير ما تحلف. الحب باين في عنيك زي الشمس و لو انت كذبت عنيك مش هتكذب.

انفتح باب الشقه فتوقفت فاطمه عن الحديث و التفتت هيا و مازن لرؤيه القادم من الخارج و التي لم تكن سوي كارما.

صُدمت عندما رأت معذبها يجلس مع والدتها و لكن ما أغضبها حقا تلك المشاعر التي اجتاحت قلبها فشعرت بالعواصف بداخلها حتى كادت ان تمطر عيناها اشتياقا له و لكن تلك الغصه التي إنتابتها لدي تذكرها خداعه لها.

فلاش باك
- متصدقيهووش بيكذب عليكي
التفت كلا من مازن و كارما لذلك الصوت الذي يحمل من الشر ما يجعل الجسد يقشعر له...

فاندهش مازن من فرط وقاحت تلك المدعوه سيدرا و شعر بالغضب يتصاعد بداخله عندما رأي ذبول وجه معشوقته و ذلك الألم البادي علي محياها فقال من بين أسنانه.

- أنا مشفتش بجاحه كدا دانتي بتراقبينا بقي
- دي مش بجاحه يا مازن بيه انا واحده صعبان عليها تشوف بنت زيها بتتخدع تحدثت سيدرا بخبث.

- هيا مين دي إلى بتتخدع انتي بتتكلمي عن إيه بالظبط
- بتكلم عن الآنسه المحترمه كارما إلى واقفه في نص الشارع في حضن خطيبي و لا هاممها بس انا بقي احسن منك و منها و جيت انبهها.

وجهت سموم حديثها إلى تلك التي تقف دون حراك و كأن قدرتها علي التحدث انعدمت.

- يا آنسه كارما مازن بيه إلى انتي شيفاه و مخدوعه في مظهره دا اكتر إنسان كداب في الدنيا طبعا قالك انه عمره ما حبني و انه خطبني عشان صاحبه الله يرحمه. احب اقولك انه بيكذب خطبني عشان يصلح غلطته بعد ما اخد إلى مش من حقه و كان بيستغفل صاحبه إلى فداه بروحه فضميره أنبه و خطبني و لإنه إنسان خاين بطبعه لما زهق مني رماني و أجبرنا بنفوذه إننا نمشي و نسيب البلد انا و أمي.

و لو مش مصدقني الظرف دا في صورنا مع بعض شوفيها و اعتقد هتقدري تحددي اذا كنا بنحب بعض و لا جوازة عشان الواجب زي ما كان عايز يقنعك.

بااااااك
- انت بتعمل ايه هنا
- في ايه يا كارما مازن كان جاي يشوفني عندك مانع و لا ايه تحدثت فاطمه بصرامه بالرغم من حزنها لرؤيه ذلك الألم المُرتسم في عينيها.

- عندي ألف مانع مش مانع واحد تحدثت كارما بألم
- كارما ممكن تقعدي و تسمعيني تحدث مازن برجاء فهو يأمل لو تستمع لقلبه الذي يقطُر حزناً و ألماً علي فراقها.

- أنا عمري ما هسمعك و لا هصدقك أبدا كفايه كذب بقي يا أخي. انت ايه،! تحدثت كارما بكل ما تحمله بداخلها من قهر و ألم
فنظر مازن إلى فاطمه التي همت بنهرها و قال
- أنا فهمت حضرتك كل حاجه و هستني منك تكلميني
- لو هتكلمك بخصوص فمفيش كلام هيتقال تاني، انا مش عيزاك و دا قراري النهائي
- كارما. بلاش تقولي كلام تندمي عليه بعدين
تحدث مازن من بين أسنانه بعدما اشتعلت شراره الغضب بداخله بفعل كلماتها.

- أنا لو هندم علي حاجه في الدنيا هندم علي إني استنيتك العمر دا كله انت متستحقش لحظه واحده افكر فيك و ياريت تخلي عندك كرامه و تمشي من هنا.

- لا دانا اظاهر عليا معرفتش أربيكي بقي قالتها فاطمه بغضب و همت بأن تصفعها فأوقفتها يد مازن التي امسكت بمعصمها فمنعتها عن فعلتها التي كانت ستحدث لأول مره في حياتها و قال بصرامه.

- لا يا طنط بلاش تعملي كدا . هيا عندها حق انا هخلي عندي كرامه و همشي و اوعدك يا كارما انك مش هتشوفي وشي تاني عن اذنكو ا.

صُدمت كارما من فعلة والدتها هل حقا كانت سوف تصفعها.؟ و لكن ما اوجع فؤادها دفاعه عنها و حمايته لها فشعرت بألم كبير يعصف بداخلها فها هو يلبي طلبها بالإنسحاب من حياتها و لا يدري ان هذا الانسحاب بمثابه موت بالنسبه لقلبها الذي يرفض الانصياع لأوامرها و نسيانه.

- اول مرة احس إني معرفتش اربي تحدثت فاطمه بعد خروج مازن و هيا تنظر لها بخزي
- ارجوكي متلوميش عليا انتي متعرفيش حاجه قالتها كارما بإنهيار
- لا عارفه كل حاجه...
- هو إلى حكالك و انتي صدقتيه علي طول صح
- لا اروح اصدق واحده ملهاش اصل من فصل جايه ترمي بلاها عليه
- و هيا ايه إلى هيخليها تقول علي نفسها كدا و تشوه سمعتها بايدها.

- مسألتيش نفسك انتي السؤال دا ليه يا ست الدكتورة، اجاوبك انا، عشان انني متهميهاش اصلا و لا تفرقي معاها انها تشوه سمعتها قدامك كل إلى يفرق معاها انها تشوه سمعته هو و تخليه في نظرك وحش...
ايه تعرفك منين هيا عشان تيجي تنصحك، و لنفرض انها كويسه ليه اول ما شافته اترمت في حضته و قالت انه خطيبها لو هو زباله اوي كدا،؟
تفسري دا بأيه،؟

اقولك انا بردو لو كانت لاقت منه وش و لا واحد حتى معبرها مكنتش هتيجي تفسد بينكوا و لو هو وحش و لقي واحده رخيصه كدا ما كان زمانه قضي معاها يومين و السلام...

عارفه يا كارما انتي مشكلتك ايه مع مازن.؟ مشكلتك انك بتفكري ان كونك رجعتيله فانتي كدا بتمني عليه برجوعك له و مع اول زعله بينكوا بتبتدي تعايريه بحاجات عملتيهاله من غير حتى ماهو يطلب منك كونك استنتيه كل السنين دي دا كان بإختيارك هو مأجبركيش، كون انك مسمحتيش لحد يدخل حياتك بعده بردو كان بإرادتك.

- و هو بعده عني كان بإرادته صرخت كارما بوجع ناتج عن جرحها له و جرحه لها فكلام والدتها معها اشعرها بالسوء اكثر لظنها انها قد تكون ظلمته.

- مكنش بإرادته في حاجات كتير انتي متعرفيهاش.!
حطي نفسك مكانه. و لو للحظه واحده فجأه خسرتي ابوكي و امك في لحظه واحده لا و كمان كانوا زعلانين منك.

- إيه، توقفت كارما عن البكاء مصدومه من حديث والدتها
- ايوا زعلانين منه او هو مفكر كدا
مازن كان زيه زي اي شب في سن المراهقه و عايز يخرج و يسهر مع اصحابه و يجرب و يعيش حياه المغامرة و خصوصا انهم كانوا قافلين عليه طول حياتهم. و دا طبعا كان مضايق والده توفيق...

يوم ما ماتوا كان متخانق معاهم خناقه كبيرة عشان مش عايزينه يسافر مع اصحابه و هو عاند معاهم و مشي بعد ما توفيق طرده من البيت، انا و باباكي سمعنا الخناق روحنا جري نشووف في ايه لقينا منال منهاره من العيال و توفيق بيغلي من الغضب.

قعدنا معاهم. و هديناهم و باباكي اتفاهم مع عمك توفيق الله يرحمه و فهمه ان دول شباب و اننا لازم نحتويهم و نصاحبهم مينفعش حياه المعسكر دي و اقنعه و وعده لما مازن يرجع هيصالحه و يتفاهم معاه و حصل إلى حصل و جت صفيه اخدت مازن من المستشفي يعيش عندهم و حالته ساعتها مكنتش تسمح باي كلام و انقطعت اخبارنا مع بعض، عرفتي بقي مكنش قادر يرجع ليه و ليه عقده الذنب خنقاه و عامله فيه كدا.

- بهتت ملامح كارما و الجمت الصدمه لسانها فقط كل ما تشعر به هو انها تريد ان تاخذه بين احضانها لتخفف عنه وطأه المعاناه التي عاشها طوال السنين الفائته و تخبره بانه افضل شخص علي الاطلاق
و تذكرت حلمه لهما الذي افرحه كثيرا و لكنها لم تكن تدري عمق تألمه بسبب ظنه بأنهم رحلوا و هم غير راضيين عنه.

واصلت فاطمه جلدها بسوط كلماتها الذي كان يفتك بقلبها قائله بحزن
- انتي عارفه ان مازن مكنش حابب يدخل شرطه اصلا...
طول عمره كان عايز يدخل هندسه دا كان حلمه طول حياته بس لما حصل إلى حصل صمم انه يحقق حلم ابوه الله يرحمه و يدخل شرطه زيه...

تنهدت فاطمه بأسي علي حالة ابنتها و لكنها قالت بحزم
- هسيبك تدوري كلامي في دماغك يا بنت بطني و تقرري هتعملي ايه، و بالنسبه لحوار البنت دي افضل تسمعيه منه هو و تحكمي قلبك مع عقلك و تشوفي هيودوكي فين.

نظرت لها كارما نظرات ذات مغذي فاقتربت منها
فاطمه قائله
- عقلك لوحده هيتعبك و قلبك لوحده هيضعفك و الحيره بينهم صعبه يا بنتي، و مش هتعرفي تعيشي غير مع إلى يريحهم اللتنين غير كدا تبقي بتضحكي علي نفسك...

- انت قولت إيه لكاميليا يا يوسف عن زهرة
تحدثت صفيه بغضب من تلك الحاله المزريه التي تعرضت لها كاميليا
- قولت إلى قولته يا ماما تحدث يوسف بإيجاز فهو في حاله لا يحتمل فيها اللوم من أحد
- رد عليا و قولي قولت ايه يا يوسف خلاها تنهار بالشكل دا و تدخل المستشفي...

لم تتلقي منه إجابه فقط الصمت المطلق و ذلك البرود القاسي الذي دائما ما يحيط به فمن ينظر إليه يراه كتمثال يوناني يتسم بكم. كبير من الجمود و الجمال معا و لكنه في داخله نيران تأكل كل إنش بجسده أشواك تمزق روحه كلما تذكر صورتها المنهاره أمامه و لكن كعادته مع الجميع سواها لا يظهر مشاعره و لا يتحدث عن ما يدور بداخله.

فاغتاظت صفيه من صمته الدائم و قالت بغضب
- انا مستغرباك ليه و زعلانه منك،؟
ماهو دا حالكوا كلكوا يا ولاد الحسيني...
انت و ابوك و حتى اعمامك عدوكوا تأذوه و حبيبكوا بردو تأذوه مفيش حد بيقرب منكوا غير و بيتدمر، يا خساره يا ابني كان نفسي تبقي غيرهم و تتقي ربنا في اليتيمه إلى مرميه جوا دي لكن هقول ايه ربنا يهديك و ينور بصيرتك قبل ما تخسر زي ما كلهم خسروا،!

ألقت بأسهم كلماتها في منتصف قلبه و خرجت دون ان تدري مراره ما يشعر به فهو بداخله نيران ان اطلقها ستحرق العالم بأكمله و لكن كعادته يخبئها بداخل قلبه فلتحرقه هو أهون من أن تمس أحدهم بسوء...
و لكنه عزم علي تنفيذ أمر ما عله يهدأ من تلك النيران التي تشتعل بقلبه...

- الصفقه دي لو الشركه خسرتها هيا كمان معناه خراب بيوت يا رائد بيه
- و هو دا المطلوب يا هند
- المطلوب انك تخرب بيت صاحبك إلى المفروض زي اخوك قالتها هند بإحتقار
- مش شغلك انني تنفذي و بس قالها بحده جراء مراره كلماتها التي شعر بها في حلقه.

- لا شغلي، لما تخليني اعض الايد إلى اتمدتلي و أخون الراجل إلى أمني علي شغله و ماله و لما تدخلني معاك في دايره قذره زي دي و تخليني احتقر نفسي في اليوم ألف مره و اتكسف ابص لنفسي في المرايه يبقي من حقي اعرف ليه بتعمل كدا
- دا إيه صحوة الضمير المفاجأه دي قالها رائد بسخريه
- انا ضميري و كل حاجه حلوة فيا ماتت يوم ما عرفت و حبيت و آمنت لواحد زيك قالتها بإنهيار ثم أردفت لتجهز علي ما تبقي له من ثبات قائله.

- كان لازم افهم ان إلى يخون صاحبه و عشره عمرة يبقي مالوش أمان
أنقض علي رسغها يعتصره بين يديه و هو يقول بغضب جحيمي
- عشان عيلته دي سرقت مني كل حاجه حلوة في حياتي...
- و هو عمل فيك أيه قالتها بنفس نبرتها المنهاره
آلمته كلماتها التي اشعرته بمقدار حقارته و لكن لو تعلم انه اختار أكثر الطرق نزاهه للإنتقام لانحنت له فقال محاولا السيطرة علي غضبه و ألمه جراء تلك النظرة المحتقره في عيونها.

- كفايه انه ابن عامر الحسيني.! اكتر إنسان بكرهه في الدنيا و أكتر إنسان آذاني في حياتي
- تقوم تاخد ابنه بذنبه
- و انتي مالك، قالها بصراخ فقد كانت تضيق الخناق عليه و يساعدها في ذلك ضميره الذي كان يجلده هو الآخر و يهمس له بنفس كلماتها و كأنهمت اتفقا سويا علي إيصاله لحافه الجنون
- أنا الظاهر عليا اتساهلت معاكي اوي لحد ما نسيتي نفسك و نسيتي اني ممكن ادفنك هنا.

- ياااارييت قالتها بصراخ فقد ضااقت ذرعا بكل ما يحدث معها و سقوطها في هذا الوحل منذ ان وقعت في حب
- ياريت تقتلني و تعفيني من رغبتي في الانتحار كل دقيقه و إلى هتتغلب عليا في يوم و تخليني اموت كافره بسببك...

- انتي زعلانه عشان خاطره اوي ليه كدا اذا كان هو نفسه مش هامه شركته تضيع و لا تتحرق و قاعد جمب حبيبه القلب إلى هربت منه و كسرته و لا فرق معاها.

- و لما هيا وحشه اوي كدا و انت بتكرهه كل الكره دا أنقذتها ليه،؟

- ها بقي يا ستي جبتيني علي ملي وشي وراكي زي العيل ااصغير عشان عيزاني في موضوع ايه هو،؟
تحدث علي بعد ما دام صمتها الذي اتاح له التفرس في ملامحها التي صارت المتصدره لجميع احلامه و لكنه أراد أن تبادله الحديث حتى يتعرف إليها أكثر.

- هااه، أصل يعني انا كنت عايزه أشكرك عالي عملته معايا قدام ماما و كدا
- و الشكر دا مكنش ينفع فوق
- لا انا يعني حبيت اني اشكرك علي موقفك و كمان اعتذرلك علي كلام ماما ليك لما جت و شافتنا سوي في الكافيه و بالمرة نشرب حاجه سوي و لا انت مش عايز
كانت تتحدث برقه أذابته و جعلت قلبه يرقص فرحا بين ضلوعه فقد شعر بأنها حقا تريد الحديث معه و لكن رجل بذكائه يستطيع فهم جميع تناقضات أنثاه فقال بصوت رقيق.

- أولا انتي مش محتاجه تشكريني علااي حصل لأني معملتش حاجه و مينفعش حد يوجهلك اي لوم أو إهاني و انني معايا
و ثانيا بقي كلام ممتك مش مزعلني أبدا عشان اي حد في مكانها كان هيقول أكتر من كدا
ثالثا بقي مش مضطره تخبي عينك ممي عشان رعشه إيدك و التوتر إلى انتي فيه دا بيقولي ان في سبب تاني خلاكي تجبيني بالطريقه دي هنا و مقولتيهوش.

- إيه، لا طبعاا مفيش اي سبب تاني، انت مش مصدقني و لا ايه، و بعدين هيكون في ايه تاني يعني.

- لا مصدقك و اوي كمان، بس انا ظابط يا روفانتي و اقدر افهم إلى قدامي مخبي ايه و خصوصا لو كان حد قمر كدا زيك و مبيعرفش يكذب.

علميا تعلم انه مستحيل و لكنها شعرت فعلا بأن قلبها قد خرج من بين ضلوعها و رفرف بجناحين خلقتهم كلماته الجميله و تلك الياء التملكيه التي وضعها بآخر حروف إسمها جعلتها تشعر بقشعريره في سائر جسدها تنقضا مع جبينها الذي نبتته به حبات من العرق فكان كل هذا الميكس من التناقضات إعلانا من جسدها بأنها وقعت في المحظور
ألا و هو العشق،!
تحدثت أخيرا بصوت مبحوح من فرط ما يعف بداخلها و قالت
- تقصد إيه،؟

كان هو يملك من الذكاء ما يجعله يدرك جيدا مدى تأثيره عليها و كان يعجبه هذا كثيرا خاصتاً و هيا أيضاً تملك تأثير مدمر عليه و لكنه حاول تغيير دفه الحديث حتى تتحرر من فرط المشاعر التي تحيط بهما
- أقصد إنك خدتيني و نزلتي جري عشان مش عايزاني اقابل حد عند كاميليا او مش عايزه حد يشوفني عندها مثلا.

أندهشت روفان من ذكاؤه في كشف مخططها العفوي النابع من خوف فطري داخل قلبها علي أخيها منه و خوف آخر تملكها عندما تخيلت ان يقوم يوسف بأذيته...
شعر على بما يدور بداخل عقلها و التي تترجمه عيناها التي كانت تبرق من فرط الدهشه فابتسم إبتسامه هادئه عندما سمعها تردد دون وعي
- إنت عرفت إزاي
هم بأن يجيبها و لكن قاطعهما ذلك الصوت الغاضب خلفهم و هو يقول بغيظ
- هو انا كل مرة هقفشكوا متنحين لبعض كدا،!

رن جرس الباب في بيت فاطمه فخرجت غرام التي كانت للتو تنهي فرضها بعدما تضرعت إلى ربها بأن ينسيها عشق ذلك الرجل الذي يملك كل مقومات البطل في نظرها و لكنه يفتقد إلى أهم شئ و هو القلب...
فتحت غرام الباب لتري من الطارق و لكنها صُدمت و برقت عيناها حتى كادت تخرج من محجريها و قالت بلاوعي.

- إنت،! وووووووو.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة