قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن عشر

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن عشر

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن عشر

احيانا نشكر تلك الاسباب السخيفه التي تُمكنا من البكاء على خيباتنا العظيمه التي لا نجرؤ عن التحدث عنها...

- هو أنا كل مرة هقفشكوا متنحين لبعض كدا،!
التفت كلا من على و روفان علي مصدر هذا الصوت و كإن المشهد يتكرر مرة ثانيه فكالعاده خجلت روفان و ارتعبت من مظهر والدتها الغاضب و ابتسم على داخليا علي مظهرها و لكنه لم يبدي اي انفعال علي وجهه و تحدث بثبات كعادته.

- والله يا طنط انا محظوظ عشان كل مرة بكون محتاجك فيها بتكوني موجوده
تغيرت ملامح صفيه علي الفور من مغزى كلماته فقد عرف هذا الماكر ان يصرف نظرها عما شاهدته
- خير يا علي هو في حاجه حصلت
- بصراحه يا طنط كان هيحصل بس ربنا سخر روفان عشان ميحصلش
القي نظرة مطمئنه علي فتاته الصغيرة المشاغبه التي كانت تنظر لوالدتها بوداعه الاطفال حتى لا تتلقي العقاب.
اندفعت صفيه لتقول بلهفه.

- خير، ايه إلى كان هيحصل.؟ طمنوني.
- خير يا طنط متقلقيش ممكن حضرتك تتفضلي تقعدي و انا هفهمك
جلست صفيه و هيا مرتعبه ان تستمع لشئ قد يزيد من الأوضاع سوءا فلاحظ على حالتها و أشفق عليها فتحدث مطمئنا
- محصلش حاجه يا طنط متقلقيش كدا، كل الحكايه اني عرفت ان كاميليا موجوده في المستشفي هنا و جيت عشان اطمن عليها فقابلت روفان بره و...

- اوعي تقولي انك قابلت يوسف، تحدثت صفيه يإندفاع ليستغل على تلك المعلومه لصالحه و يقول.

- مادا إلى كنت بقول لحضرتك عليه ان روفان منعته...
هيا اخدتني و نزلنا تحت اكيد عشان يوسف ميقابلنيش بالرغم من اني شفته قبل كدا و علاقتنا كانت كويسه و انا بردو مش جاي اتخانق ولا اعمل مشاكل عشان كدا كنت هلجأ لحضرتك عشان افهم منك في ايه و ليه روفان اتخضت كدا من اني اقابل يوسف.

- عشان انت حتى لو كنت قابلته قبل كدا و كانت علاقتكوا كويسه فدا لأنك بعيد عن كاميليا و إلى انت متعرفوش بقي ان يوسف لو في اي حاجه ناحيه كاميليا بيتغير 360 درجه و بيبقي واحد تاني ممكن يقتل بدم بارد اي حد يفكر يأذيها او يقرب منها
تحدثت صفيه و هيا تأمل ان يفهم المغزي المبطن لكلماتها و الذي فهمه علي الفور فابتسم قائلا برزانه.

- حقه،! و انا مش هلومه لإني راجل شرقي زيه و متحملش حد يقرب من حاجه تخصني خصوصا لو كانت حبيبتي و مراتي
قال الأخيرة و عيناه تلقي نظره خاطفه علي طفلته التي غزي الإحمرار وجهها بالإضافه إلى وداعتها فبدت شهيه اكثر...
مما ذاد من دقات قلبه و ود لو يتذوق طعم التفاح المطبوع علي وجنتيها...

أخرجه من شروده كلمات صفيه التي لم يفوتها ما يحدث و داخلها يشعر بالسعاده فهي احبته و اعجبت بذكاؤه و دماسه أخلاقه و لكنها غيرت مجري الحديث قائله
- مقولتليش يا على كنت محتاجني في ايه و عرفت منين مكان كاميليا
- مش مهم عرفت منين المهم اني عرفته، انا دلوقتي كنت عايز اطمن عليها و اعرف اذا كانت مرتاحه هنا و لا لا و لو لقيتها مرتاحه و عايزه تفضل اكيد مش هضغط عليها.

اما لو لقيتها مجبورة تقعد هنا فأنا هقف معاها و مش هسبها تقعد غصب عنها
- شجاعتك عجباني يا على بس تفتكر انك ممكن تقف ادام يوسف الحسيني و تاخد مراته منه
- و هو يوسف الحسيني هيقبل علي نفسه يجبر مراته تفضل معاه غصب عنها.

احتارت صفيه بماذا تجيبه فهي تدري ان ابنها عاشق لزوجته حتى النخاع و لن يتركها حتى لو علي موته و لكنها أيضا خائفه من عقابه و من انتقامه خاصتا مع رفض كاميليا الشديد للإفصاح عن أسباب هروبها و لكنها تحدثت أخيرا متجاهله سؤاله.

- و انت ايه إلى منعك تدخل لكاميليا حتى لو يوسف جوا
- بصي يا طنط انا مش عايز اضايق حد و لا اعمل مشاكل لإن كاميليا مراته و لإني عارف انهم بيحبوا بعض و مش هكذب عليكي كاميليا غلطت لما هربت من جوزها ايا كانت أسبابها...
كل الحاجات دي هيا إلى منعاني من اني اروح اخد كاميليا من أوضتها ارجعها بيتنا تاني...
- يعني مش خايف من يوسف او جدها.

- انا مابخفش من حد و إن كنت قاعد مع حضرتك دلوقتي بتكلم معاكي فلإني لمست حضرتك بتحبي كاميليا قد ايه و بتخافي عليها و لإني كمان بعرف الأصول فحبيت أطلب من حضرتك تخليني اشوفها و اطمن عليها.

احتارت صفيه بماذا تجيبه فهيا خائفه من يوسف كثيرا فهي تعلم مدي غيرته و انه لن يتفهم أبدا أسباب على و لا دوافعه تجاه كاميليا فهي تعرفه و تعرف ما يجري بدمائه فهو يشبه كثيرا شخص قام بتدمير معشوقته بسبب تلك الغيرة اللعينه و لكن كل ما يهمها الآن ان تتحسن حاله كاميليا و ربما لقائها بعلى يريحها و لو قليلا...

- قوم معايا يا على.

أحيانا اتمني لو انني لم التقي بك ليس كرها أبدا بل من فرط حبي لك أخشي فراقك...

كانت كارما تحتضن وسادتها و هي تبكي بصمت فهذا هو حالها منذ ان استمعت لكلمات والدتها التي كان لها تأثير مدمر علي قلبها الذي أخذ يلومها تارة علي تهورها و تارة علي غبائها. فلم تعد تدري أتبكي علي حالها معه.؟ أم تبكي علي جرحه منها الذي كان هو المتسبب الرئيسي به؟

تشعر بالكثير من الأسئله التي تتقاذفها جاعله منها غير مستقرة علي قرار، فهيا منذ بضعه ساعات كانت قد قررت بإقتلاعه من قلبها و البدأ من جديد لتتفاجئ به في منزلها يعطيها تلك النظرات العاشقه الممزوجه بالرجاء فتجعل جسدها يشتعل إشتياقا له و قلبها ينتفض يود لو يخرج من بين ضلوعها ليرتمي بين ذراعيه...

يا إلهي كم أفتقده و لم يمضي علي لقائنا سوي ساعات قليله و لكني أشعر بأنها دهرا...
لقد شعرت بروحي تنشق مني و تذهب معه مطالبه إياه بعدم الإلتفات لتلك الترهات التي خرجت مني إثر ذلك الجرح الغائر بمنتصف قلبي ممتدا إلى كبريائي الذي أجبرني علي التفوة بتلك الحماقات...

نعم حماقات فما أشعر به نحوه ليس حباً عادياً فقد فاق الحب بمراحل كبيرة فأنا أشعر به يحتلني و يمتلك جزء كبيرا داخلي، فجميع حواسي تتمرد علي من أجله...
أشعر بالجنون التام عندما اتخيل ان هناك أنثي آخرى غيري قد تستوطن قلبه، تستمتع بعناقه، يعطيها تلك النظرات العاشقه التي تجعل قلبي يطير من فرط السعاده.

لا. لا. لا لن احتمل حقا التفكير في حدوث هذا الشئ فهو لي وحدي، امتلكه مثلما يمتلك كل ذره في كياني و لن أسمح بأن تمتلكه أنثي غيري...
عند هذا الحد انتفضت كارما من فوق مخدعها و التقطت هاتفها و قامت بإجراء إتصال هاتفي.

- آلوو، احنا محتاجين نتكلم سوي
عزمت هلي تنفيذ خطتها التي حاكها قلبها المشتعل حبا و شوقا له و قامت بإرسال رساله نصيه لشخص ما و همت بالدخول إلى الحمام الخاص بها لتتجهز للخروج فهيا قد أعلنت حربا و حسمت نتيجتها لصالحها مسبقاً.

من كل قلبي اريد ان ينتهي كل هذا العبث، حقا اتمني ان أجد وجهتي التي أشعر فيها بأني آمنه من بشاعه ما يحدث حولي...
فلم يعد لي طاقه بتحمل هذا الثقل الرهيب الذي يرسو فوق قلبي مانعا عنه التنفس...
فأنا اشعر بأني مكبله بتلك الاصفاد الحديديه الساخنه التي تحرق سخونتها قلبي و تكتوي بنارها روحي و لا استطيع سوي ان اتحمل كل ما يعتمل بداخلي في صمت تام...

كانت كاميليا مستلقيه تنظر إلى سقف الغرفه و هيا تفكر في حياتها التي تغيرت بلحظات من حال إلى حال...
من أقصى درجات السعاده إلى أقصي درجات الحزن...
الجميع يطالبها بالبوح بأسبابها للهروب بملئ إرادتها من جنتها التي طالما حلمت بها و تمنتها دون أن يشفق أحد علي حالها و تلك العبرات الحارقه التي تسيل علي خديها فيحترق علي إثرها قلبها...

قلبها الذي لا يعرف من الحياه سوى عشق رجل بات النظر إلى عيناه محرما عليها...
كانت تملكه و يأسره عشقها للحد الذي يجعله يهديها الشمس و القمر إن أرادت، رجل لم يأبه لشئ في العالم سواها. لم يحظ أحد بالقرب منه و التنعم بجنه عشقه أحد غيرها و لكن ماذا حدث،؟

انتزعته منها الحياه عنوة بعد ان كبلتها بأصفاد الماضي التي
حاصرتها من جميع الجهات و أجبرتها علي الإستسلام لفراقه الذي لو يعلم أنه يمثل موتها و هيا علي قيد الحياه و لكنها لا تقدر سوي ان تظل علي صمتها الذي تعلم انه يقتله و يقوده للجنون و لكنها للأسف لا تملك سوى أن تظهر كمخادعه علي أن تظهر ك،؟

صُدمت كاميليا عندما رأت ذلك الشخص القادم من الخارج خلف صفيه و لكن سرعان ما تحولت صدمتها إلى فرحه كبيرة و لأول مرة منذ وقت طويل تنزل دموعها بحبور و هيا تقول
- على...
- ايوا على يا ست كاميليا يالي ممرمطه الدنيا كلها وراكي
تحدث على بمرح محاولا تلطيف الأجواء فقد هاله مظهرها الحزين و شحوب وجهها و بحور عيناها التي يغزوها ذلك الإحمرار الذي يدل علي جفاف أنهارها من فرط البكاء.

همت بالنهوض فاوقفتها يداه التي احتوت كفيها و ربتت عليهم بحنان أخوي كبير و قال بلطف
- خليكي زي مانتي، متقوميش
- مش مصدقه ان انا شيفاك يا على، طمني علي خالتو و كارما و غرام وحشوني اوي
- بالنسبه لإسمي إلى متذكرش في اللسته دي ايه مش معترف بيا و لا حاجه دانا قولت هلاقي بختي معاكي بدل القردتين إلى عايزين قص لسانهم إلى هناك دول
يا خساره الشيكولاته إلى كنت بجبهالك انتي و هما دانتوا خربتوا بيتي.

ضحكت كاميليا علي كلماته المرحه التي تعرف انه قالها ليخرجها من حزنها فأردف على بعد ما وصل لمراده
- أيوا كدا يا شيخه اضحكي خلي الشمس تطلع بدل مانتي مغمقاها علينا كدا
ابتسمت صفيه داخليا فقد صحت ظنونها و استطاع على ان يخرج كاميليا من حاله الحزن المسيطرة عليها حتى لو كان ذلك مؤقتا.

و لكنها شعرت بذلك اللهيب الذي يندلع من عينا ابنتها فتأكدت من أن ظنونها تجاههم صحيحه فهي شعرت بأن هناك شيئا ما بينهم حتى و إن كان في بدايته و غير مصرح به و لكنها إمرأه قد عشقت بشده و علي قدر عشقها كان ألمها لذا فهي تجيد معرفه العشق أينما تراه...

تحدثت صفيه أخيرا لتتأكد من ظنونها و تطفئ تلك النيران المندلعه في هاتان العينان البريئتان و تقطع الشك باليقين داخل ذلك القلب الذي تخاف عليه من نسمه الهواء فقالت بنبرة ذات مغزي
- يااه يا كاميليا. يعني ضحكتك منورتش وشك غير لما على جه. لو اعرف كدا كنت بعت جبته من زمان.

- انتي متعرفيش يا ماما صفيه على دا بالنسبالي ايه دا أخويا إلى ربنا مرزقنيش بيه بعتبره زيه زي أدهم. من يوم ما روحت عندهم و هو بيعاملني زي اخواته كارما و غرام و احسن كمان
تحدث على الذي كان يشعر بما يدور حوله و إلى نظرات روفان المسلطه عليهم و التي تنبعث منها النيران فرقص قلبه فرحا لظنه انها تغار عليه. فتلك العينان تأسرانه و تأخذه لعالم من السحر لم يتذوقه قلبه مطلقاً.

- والله يا طنط صفيه ربنا يعلم كاميليا دي عندنا كلنا ايه مش عندي انا بس و انها من يوم ما دخلت بيتنا و هيا زيها زي غرام و كارما و يمكن اكتر. كفايه إنها من ريحه خالتو زهرة إلى طول عمري بسمع عنها و للأسف آخر مرة شفتها كنت لسه طفل صغير و مش فاكر اي حاجه من اللقاء دا.

تنهدت صفيه لتذكرها معاناه زهرة مع رحيم الحسيني الذي منعها منعا باتا الإلتقاء بأي فرد من عائلتها فقالت بحزن
- كل شئ نصيب يا ابني. و أحيانا كتير مبيبقاش لينا سلطه علي القدر إلى اتفرض علينا
- قصدك فرضته الناس علينا يا طنط
- مش هتفرق يا على كتير، في النهايه هو مقدر و مكتوب حتى لو كان ظلم
- لا يا طنط هتفرق عشان ربنا مش ظالم البشر هما إلى ظلمه و بيفتروا دايما علي الضعيف.

- البقاء دايما للأقوي هو مش دا قانون الحياه
تحدثت روفان بغضب فهيا تعلم ان الحديث يدور حول عائلتها و بالأخص حول جدها و هيا لن تسمح أبدا لأحد بإهانته حتى لو كلفها الأمر التخلي عن قلبها الذي أصبح ينبض بإسمه.

- لا دا قانون الغابه يا آنسه روفان مش قانون البني آدمين إلى ربنا ميزهم بالعقل عشان يعرفوا الفرق بين الحلال و الحرام الظلم و العدل الغلط و الصح شدد على علي كلماته الأخيره فقد غضب داخليا من إنحيازها الواضح في حديثها لظلم جدها لخالته.

- والله الموضوع نسبي و بيختلف من واحد للتاني
فقط ارادت مجادلته فهي اغتاظت من مناداته لها بهذا اللقب و كأنه اختار ان يبعدها و يضع الحدود بينهم.

- موضوع ايه إلى نسبي، الحلال بين و الحرام بين و الغلط معروف و الصح معروف بس الإنسان بيحب يقاوح عشان يبرر لنفسه أخطاؤه و أخطاء إلى بيحبهم مع إنه في الحاله دي بيبقي بيظلم نفسه و بيظلمهم، إستنادا علي قول سيدنا محمد انصر آخاك ظالماً أو مظلوماً، فمظلوماً يا رسول الله فكيف ظالماً. قال بأن ترده عن ظلمه
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ?.

اندفعت روفان مغتاظه من سهام حديثه التي اخترقتها و أشعرتها بغبائها أمامه فقالت بهجوم
- مانا ممكن اظلمك أو أأذيك عشان فكرتك ظلمتني او اذيتني او حد وصلي الفكرة دي ياتري كدا بقي ابقي ظالمه و لا مظلومه
- كدا تبقي غبيه، سوري يعني بس إلى يظلم انسان او يأذيه من غير اسباب قويه و حجه بينه في ايده دا يبقي انسان غبي، و اصلا الانسان إلى يفكر في في مبدأ الإنتقام نفسه يبقي انسان غبي و مش مؤمن بربنا...

ربنا هو إلى بيرد الحقوق لاهلها و بياخد حق المظلوم إلى لو فوضله امره هيجيله حقه من غير ما يحرك ايد او رجل و هياخد حقه دنيا و آخره...
الإنتقام دا سلاح الناس إلى ايمانها ضعيف و ياريته بيريح بالعكس دا نار اول لما بتحرق بتحرق صاحبها...

أوشكت روفان علي ان ترد عليه ففاجئهم ذلك الصوت الآتى من الخارج
- هو في ايه بيحصل هنا،؟

يوقظني الحنين في منتصف الليل فالتقط هاتفي باحثه عن مكالمه او رساله منك فأتذكر اننا افترقنا لأعود إلى النوم ثانيه و بداخلي جميع خيبات العالم...

كان هذا حال غرام التي لم تقدر علي نسيان ما كان بينهم فهي تتظاهر بأنها بخير و لكنها علي النقيض تماما تشعر بالخراب الداخلي الذي سببه الرجل. الوحيد الذي عشقته...
تفتقده و تفتقد روعه كلماته التي كانت لها تأثير السحر علي قلبها...
فقد كانت تجعلها تذوب عشقا له و لكن ماذا حدث،؟
بليله واحده استطاع ان يذيقها جميع انواع العذاب و الألم...

استطاع أن يشعرها بالخزي الذي لم تعرفه طوال حياتها سوي عندما تلقت اول صفعه منه و هو يحاول ان ينتهك حرمه جسدها كعاهرة رخيصه...
عند هذه الكلمه تألم كبرياؤها الذي دهسته فعلت رجل يتحكم في دقات قلبها فهطلت أنهارها الغزيره لتعلن إنهزامها أمام غزوات عشقه فهي تحبه و تحبه و تحبه لدرجه أنها تتمني ان يعود معتذرا حتى تلقي بنفسها بين احضانه تشكو له مراره ما جعلها تعيشه.

و كالعاده تمتد يد الله لتربت علي قلوبنا و تنتشلنا من بحور العذاب التي توقعنا بها تعلق قلوبنا بغيره و انشغالنا الدائم عنه
فانطلق صوت المؤذن من أحد المساجد القريبه و كأنه دعوة لكل القلوب الذي أضناها الحزن و تلك الأرواح المعذبه بأن ما من أحد قادر علي بثها الأمان و إمتصاص ذلك الحزن منها سوي الله سبحانه و تعالى.

لبت غرام النداء علي الفور و توضئت و اتجهت لربها تتضرع له ان ينسيها مراره ما حل بها و لكنها لم تكن تملك القدرة علي الدعاء و لو لمرة واحده بأن ينزع الله حبه من داخلها لم يطاوعها لسانها بنطق تلك الدعوة ابدا و ساعده علي ذلك قلبها الذي لا ينشد سوي السعاده بين ذراعيه.

بعد وقت ليس بقليل أنهت صلاتها و هيا تشعر براحه كبيرة تغمرها و بهدوء كبير سيطر عليها فقد كانت تلك نصيحه والدها دائما لها و لأخوتها بأن الصلاه هيا ذلك الخيط الذي يربط العبد بربه فلا تفلتوه حتى و أن أخطأ العبد فصلاته حتما تصلحه...

طرقات علي الباب و رنين الجرس أخرجاها من تلك الحاله الروحانيه التي كانت تنعم بها بعد وقت كبير من التعب الذي انهك كل خليه في جسدها فهمت بأن تري من الطارق فوالدتها تخلد للنوم و كارما قد خرجت لمشوارها المفاجئ الذي ظهر من العدم و لكنها تجمدت في مكانها عندما رأت الطارق فتحدثت بصدمه.

- أنت...
- انتي تقريبا غرام،؟
تحدث يوسف الذي قد عزم أمره بالتوجه إلى الاسكندريه حتى يتحدث مع فاطمه و يشرح لها ما حدث عله يجد من يتفهم ذلك الجرح الغائر الذي تسببت به تلك المرأه التي يمكنه ان يتخلي عن كل شئ في هذه الحياه شرط ان تبقي معه.

- أأ. أه انا غرام و حضرتك يوسف بيه.
قاطعها يوسف قائلا بهدوء
- يوسف بس، ممكن ادخل و لا هنفضل واقفين عالباب كدا.؟
تحدث بعدما لاحظ صمتها الممزوج بالدهشه و الزهول فهو نفسه لم يتوقع ان يقدم علي فعل ذلك و لكنه رجل يائس من عشقه و وجعه و كبرياؤه و لا يدري ماذا عليه ان يفعل.

تنبهت غرام لوقوفهم كل هذه المدة و هي تنظر اليه كالبلهاء فتحدثت متأسفه
- أسفه. اتفضل
دخل يوسف إلى الصالون و هيا تنظر في إثره و آلاف من الأسئله تنهش بعقلها فخرج منها أحدهم بلل وعي
- هو انت جاي لوحدك.؟
- انتي شايفه ايه
تحمحمت غرام بإحراج من رده فهي شعرت بغباء سؤالها فقالت محاوله تغيير الحديث
- هيا كاميليا كويسه
تجاهل يوسف حديثها و قال بإيجاز كعادته و بغرور لا يليق سوي به
- الحاجه فاطمه موجوده.

- اه ثواني هناديها
و ما أن همت بالدخول حتى أتاه أتصال جعل كل ذرة منه تنتفض غضبا.

معك أتحدي كل شئ، و بدونك يهزمني أى شئ...
فأنا أدركت بأنك منبع قوتي و عشقك هو مصدر صمودي كل هذا الوقت...
و لأول مرة أتصالح مع قلبي الذي لطالما عاندته لإنتظاره لك فأجدني الآن ممتنه له و لهذا الانتظار الذي سيتوج أخيرا بدفء ذراعيك ??.

ددخل مازن إلى المقهي يسبقه قلبه المتلهف للقاء معشوقته فأخذ يبحث بعينيه عنها ليشعر برجفه قويه في قلبه إثر إلتقاء عيناه بخاصتها فشعرت هيا الآخري بتلك الرجفه التي ضربت قلبه ترتد إلى قلبها فاصبح الهواء بينهم مشحون بتيارات العشق المتبادله فأخذ مازن يتقدم تجاهها و مع كل خطوه يخطيها تذداد رعشه يديها و ارتجافه شفتيها و تذداد دقات قلبها حتى كادت ان تصل إلى مسامعه.

جلس مازن دون ان يتحدث بشئ بل أخذ ينظر إلى عيناها و كأنه يعاتبها في صمت و لكن جانب منه كان يتأملها بشغف و اعجاب صريح من زينتها التي لم يعتد عليها و أناقتها المفرطه فبدت كحوريه من الجنه ثم تلقائيا تحولت نظرات العتب و الإعجاب إلى نظرات عاشقه صريحه فبدأت هيا بالحديث علها تقضي علي هذا التوتر الذي يُنهك اعصابها فقالت بخفوت.

- تشرب إيه
ابتسم مازن داخليا فهو يدرك كم هيا متوترة و كالعاده تنتظر منه ان يبدأ بالحديث و لكنه أبي ان يسلم رايته امام غزو فتنتها المهلكه له و قال بصوت ساخر
- من كام ساعه قولتيلي بكرهك و مبقتش عيزاك و لو عندك كرامه امشي و دلوقتي جايه تقوليلي تشرب ايه مش حساها غريبه شويه.

- مازن لو سمحت بلاش كلامك دا
- دا مش كلامي دا كلامك انتي يا كارما انا بفكرك بيه دا
- مازن أرجوك
- ترجوني،! غريبه دي، مانا كنت بردو بترجاكي من شويه بس انتي قولتيلي حتى لو اترجتني مش هرجعلك و لا هسمعك.

ترقرقت الدموع في عيناها و شعرت بالألم يغزو قلبها فهاهو يفعل معها ما فعلته معه و يذيقها مراره ما أذاقته إياه فلملمت أشيائها و قررت الإنسحاب فقالت بخفوت
- انا همشي.

فلم يطاوعه قلبه علي تركها ترحل فهو قد عادت إليه روحه عندما قرأ رسالتها و عاد الأمل يسطع في سماؤه من جديد فامتدت يداه تمسك برسغها و هب واقفا كالمارد أمامها بطوله الفارع فأدي ذلك إلى هذا القرب المهلك لكليهما فقد اصبحت تقريبا وكأنها بحضنه فغزت رائحتها العطره انفه و دغدغت مشاعره فأخذ يحارب جيوش شوقه لها من ان يعتصرها بين أحضانه...

و كانت هيا الاخري في عالم آخر فقد لامسها ذلك الدفء بين ذراعيه فلم تستطع ان تمنع نفسها من الاسترخاء بين احضانه و لكنها لم تستطع الا ان تسند جبهتها في منتصف صدره خوفا من رفض قد تتلقاه من كبرياؤه الذي حتما آذته كلماتها.
لتشعر بجنون دقات قلبه و تستمع لنبره صوته المهتزه من فرط الحرب التي تدور بداخله.

- خليكي متمشيش
فرفعت كارما رأسها ليرتوي قلبها بتلك النظرات العاشقه التي تنبعث من عيناه منبع هلاكها و التي لم تفشل يوما في ارسالها لتحلق بين النجوم من فرط السعاده فقالت بتوسل القته سهام عيناها فاستقر بقلبه ليقضي علي ذلك الثبات الزائف الذي يختبئ خلفه.

- لسه عايزني يا مازن
اخفض رأسه ليسند جبهته علي خاصتها و تمتد يديه ليطوق كفيه وجهها بعشق هو يود لو يلتهماها في تلك اللحظه ليقول بصوت اجش
- انا عمري ما كنت عايز حد غيرك
- بتحبني يا مازن
- بعشقك مش بحبك بس
- كنت هتتجوز حد غيري
قاطعها بلهفه قلبه العاشق الذي لم يتمني شئ في هذه الحياه سوي قربها.

- أبدا عمري ما كنت هجوز حد غيرك ياا قلبي والله غصب عني انا اتجبرت اخطبها باتفاق مع والدتها انها بعد ما تخلص جامعه هتاخدها و تسافر لكندا...
هيا إلى فكرت اني بحبها انا عمري قلبي ما دق لغيرك انتي و عمر ما في واحده تانيه هتشيل اسمي غيرك حتى لو علي رقبتي اموت و لا اكون لواحده غيرك.

- يعني انت ملمستهاش زي ما هيا بتقول
- والله ما حصل انا ايدي تتقطع و لا تلمس واحده غيرك، انتي عشقي يا كارما إلى اتولد جوايا من اول يوم شلتك فيه و انتي مولوده و انتي لسه حتى مفتحتيش عيونك اوعي تصدقي كلام اي حد عني بحبك والله بحبك
قال الأخيرة بقهر قلب يائس من كل شئ في الحياه و لا يقدر شئ علي إعادة الأمل إليه ثانيه سواها...

امتدت يداها لأول مرة لتحاوط عنقه و تقربه اكثر إليها و هيا تهمس
- و انا مش هسيبك ابدا لغيري، انت حقي انا يا مازن و حبيبي انا
جحظت عينا مازن عندما وجدها تهمس بتلك الكلمات و هيا تنظر خلفها لتقول بقوة و شراسه أنثي قادرة علي إقامه الف حرب لتظفر بحبيبها في النهايه.

- بيتهيقلي انتي سمعتي و شوفتي إلى حصل دلوقتي و ياريت تكوني عرفتي انك ملكيش مكان بينا و ان مازن دا مكتوب علي اسمي و قلبه دا ملكي و مش هسمح لاي حد في الدنيا ياخده مني او يفرق بينا.

تفاجئوا جميعا من صوت رحيم الذي كان يقف علي باب غرفه كاميليا التي ارتعبت من وجوده فقد كانت تهابه طوال حياتها و لم يكن يحميها من يطشه سوي يوسف و الآن هو غير موجود و رحيم يملك الآن السبب الذي يجعله يفتك بها بدون ان يستطيع أحد إيقافه
و هذا كان حال صفيه التي ما أن رأته حتى اوشك قلبها علي السقوط بين قدميها من فرط الرعب خاصتا و أن تلك الحرباء المسماه بسميرة كانت تقف خلفه تنظر إليهم بشماته.

- الولد دا دخل هنا ازاي يا صفيه
تلعثمت صفيه و لم تجد رد مناسب فقد اربكتها تلك النبرة الغاضبه في صوته فاستغلت سميرة توترها و ارتباكها الذي جاهدت ان تخفيه و قالت بصوت يملؤه الشر.

- مانتا عارف صفيه يا عمي و طيبه قلبهاثم وجهت انظارها إلى صفيه قائله بنبرة اندهاش مصطنعه
- بس انا متوقعتش يا صفيه ان طيبه قلبك دي تخليكي تحطي ايدك في ايد إلى هدد بقتل ابنك.

أنهي على تلك الحربلتي علي وشك ان تبدأ و تحدث محاولا تغيير دفه الحديث عن صفيه التي كان الارتباك يسيطر علي ملامحها فقال بثبات.

- أهلا يا رحيم بيه
- انت بتعمل ايه هنا يا ابن فاطمه
- اسمي الرائد على هاشم الرفاعي
- بتتبري من اسم امك قالها رحيم بسخريه
- لا أبدا اسم والدتي دا وسام علي صدري هفضل افتخر بيه طول حياتي. بس احنا عندنا الرجاله بتتنادي باسم أبهاتها لو الموضوع مختلف عندكوا بقي يبقي دي حاجه ترجعلكوا بقي.

قالها على بسخريه مماثله قاصدا استفزاز ذلك الرجل الذي يشبه كثيرا جده ذلك الرجل الظالم المتجبر الذي اذاق والدته الويلات.
فهما الاثنين اكثر من يكره في حياته فهم من عذبوا والدته و خالته
- اخرس يا ولد، انا لو كنت ساكت عنك فانا ساكت عشان جدك إلى ميستاهلش يكونله حفيد مش متربي ذيك.

- لا انت ساكت عشان متقدرش تعمل حاجه...
و مشكلتك معايا انك عارف ان كلامي صح مليون في الميه. و عارف اني اتربيت احسن تربيه عشان امي ست محترمه و عرفت تربيني كويس.

اغتاظ رحيم من حديثه فخرج الكلام الغاضب منه دون ان يعي ما يتفوه به و هو ينظر إلى كاميليا بنظرات محتقره
- كنت بسمع الكلام دا عن تربيه اختها إلى بنتها هربت و فضحتنا و حطت راسنا في الطين.

- إلى بتتكلم عليها دي تبقي مرات يوسف الحسيني و تفكر الف مرة قبل ما تجيب سيرتها يا رحيم بيه.

فاجأهم ذلك الصوت الغاضب القادم من الخلف و كأنه ينتوي علي جريمه ما، ووووووو.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة