قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والعشرون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والعشرون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والعشرون

للهِ سلَّمْتُ أمرًا لَسْتُ أَعْلَمهُ
‏ مالي على حِمْلِه لكِنْ سَأرْضَاهُ
‏ربّاهُ لولاكَ لا سندٌ ولا أحَدٌ
‏ فأنْتَ حَسبي وَحَسْبِي أنّكَ اللهُ??.

يبقي تثبتلي انك بتحبني
التقمت عيناه توترها الملحوظ و رجفه يدها و تململ الكلمات علي اعتاب شفتيها فاقترب منها قاصداً بأن يطيح بكل ذرة ثبات تمتلكها محاوطاً خصرها بيديه و قام بإلصاقها به حتى اصبحت كجسد ثان له و قام بطبع قبله بجانب اذنيها و قال بهمس
- و إيه يثبتلك إني بعشقك يا كاميليا
- طلقني...

حاولت كاميليا المحاوله علي ثباتها أمام غزو سحره الذي يمارسه علي كل ذره من كيانها و قالت كلمتها و ياليتها لم تفعل فقد شعرت بسكونه للحظات أدركت أنها السكون الذي يسبق العاصفه فأسرعت تصلح ما تفوهت به لتردف بلهفه
- اقصد يعني نمثل قدامهم اننا اتطلقنا لحد ما نشوف هنعمل ايه معاهم.

تجمد يوسف للحظات يحاول أن يستوعب ما تفوهت به ليتحول جموده تدريجيا لغضب كبير و هي تكمل تلك التراهات التي تخرج من فمها الشهي الذي يريد الآن و بشده أن يعاقبه و يفتك به ليلقنه درساً كبير علي كل هذا الغباء و لم يدري أن يداه كانت تقبض علي خصرها بقوة آلمتها فأخذت تتململ بين أحضانه و هيا تتمتم بألم
- يوسف. ارجوك. انت بتوجعني كدا.

زفر يوسف محاولاً التتفيس عن غضبه الذي لا نهايه له فتركها بغته و هو ينظر إليها بنظرات مرعبه تشير بأنه علي شفا الإنفجار ليتحدث بلهجه آمرة لم تعتادها منه.

- تلت دقايق تكوني مجهزه حاجات عشان نمشي، مستتيكي تحت
القي بكلماته و توجه ناحيه باب الغرفه و هو يحاول التحكم بغضبه كي لا يحطم الغرفه فوق رأسها ليجد تلك التي هرول قلبها ساحبا إياها خلفه لتمسك بكفه قبل ان يخرج و تديره إليها و هيا تهمس و تغطي عيناها طبقه كريستاليه نتيجه تجمع العبرات في مقلتيها.

- لا يا يوسف متخرجش و انت زعلان مني، حقك عليا والله مقصدش. انا بس خايفه، خايفه ليشوهوا صورة مامتي و يحاولوا يبعدونا عن بعض تانذ. غصب عني يا يوسف والله.

حاول يوسف ألا يضعف أمام حزنها الذي أدمي قلبه ليقترب منها رافعاً ذقنها لتصبح عيناها في مواجهته و هو يقول بثبات عكس كل ذلك التخبط الذي يشعر به.

- المرة إلى فاتت لما سميرة هددتك هربتي يا كاميليا و المرادي بردو عايزه تهربي و تبيني قدامهم اننا منفصلين. للدرجادي مش واثقه فيا اني اقدر احميكي،؟

لم يتلق رد سوي اعتذار صامت من عينيها مصحوب بدموع الندم الذي يقرض كل ذره في داخلها ليردف بنفس نبرته
- الهروب ضعف يا كاميليا و انا مش هقبل تكون مراتي ضعيفه، انا شايل عيله كامله علي كتافي لومقدرتش اوفر الأمان و الحمايه لكل فرد فيهم يبقي مستحقش اكون كبيرهم لو مش مدركه لكل دا يبقي دي مشكلتك.

قاطعته مستعطفه ترفرف برموشها في حزن
- يوسف...
قاطعها بعنفوان رجل لم يعرف معني الضعف أبدآ.

- انا معنديش وقت للهروب يا كاميليا لو عايزه تتطلقي عشان أي سبب من الأسباب يبقي هاخدك دلوقتي عالمأذون و ننهي كل حاجه و بردو هفضل جمبك و هفضل أحميكي، اما لو عايزه تكملي معايا يبقي تحطي إيدك في إيدك و تواجهي الدنيا كلها و انتي رافعه راسك و مقدره انتي مين و مرات مين، الإختيار ليكي. و صدقيني مش هناقشك في اي قرار هتاخديه و لا هفرض عليكي حاجه و هنفذلك إلى انتي عيزاه.

قال جملته الأخيرة و هو يشعر بغصه في حلقه و سرت مرارتها إلى قلبه الذي ارتعب من فكرة فراقها و لكنه أخذ قراره إما أن تفعل ما يليق بها و بقلبه او تدفع ثمن خياراتها، اغلق باب الغرفه خلفه و هو يلتقط هاتفه و يجري مكالمه هاتفيه ليقول بعد ثوان
- هات أدهم و تعالولي عالقصر دلوقتي حالاً...

- و بعدين يا على من ساعه ما رجعنا إسكندريه و انت حالك مش عاجبني هتفضل كدا كتير
كان هذا صوت فاطمه التي منذ ذلك اليوم عندما قرر على الرجوع إلى الإسكندريه فجأة و هيا تراه علي غير عادته مشتت و غاضب و متجهم الوجه ليخبرها قلبها بأن شيئاً ما حدث معه و لكنها أبت التدخل إلا ان قلبها لم يحتمل ان يكون فلذه كبدها بمثل هذا التشتت و الضياع لتأخذ قرارها بالتحدث معه.

- ماما بتقولي حاجه
جفل على إثر صوت والدته الذي اخرجه من شروده فلم يلحظ ما كانت تقوله فقد كان غارق في عالمه الخاص.

- مالك يا على
- مالي يا ماما
- متغير من يوم ما كنا في القاهرة و خرجت و قولت شويه و راجع و جيت حالك متشقلب كدا ممكن اعرف حصل ايه
زفر على بحزن و الإحساس بالذنب يتآكله من الداخل فلأول مرة في حياته يعجز عقله عن التفكير ليهب من مكانه ناصباً عوده متوجهاً لنافذه غرفته ناظراً للفراغ لا يدري بماذا يجيب والدته لتفاجأة هيا و تقطع عليه شوط طويل من المقدمات.

- حصل إيه عند جدك خلاك كدا يا على
التفت لها على متفاجئاً من ذكائها لتبتسم بهدوء و تقترب منه قائله
- إيه يا علي فكرت انك كبرت عليا و هتعرف تخبي، لعلمك بقي انا بفهمك من عنيك و هفضل كدا علي طول فمتحاولش مرة تانيه تخبي عليا عشان هاخد منك موقف يزعلك.

ابتسم على و امسك بكفيها مقبلاً إياهم و هو يقول بحب ممزوج بالأسف
- حقك عليا يا ست الكل انا مكنتش عايز اضايقك أو أشغلك معايا
نظرت إليه فاطمه بنصف عين و هيا تقول بتهكم
- و دا من إمتا إن شاء الله. امممم عموماً احنا لينا قاعدة طويله عشان عنيك فيها كلام كتير يا سياده الرائد.

تحدث على بمرح
- دا إستجواب بقي
اضافت فاطمه بنبرة آمرة مصطنعه
- بالظبط كدا اتفضل اقعد و قولي حصل ايه
انهت جملتها ثم امسكت بكفه و اجلسته بجانبها و اعطته إيمائه من رأسها بمعني ان يبدأ بالحديث ليبتسم علي طريقتها التي تجعلها و كأنها طفلته و ليست والدته ليبدأ حديثه من عمق المعاناه التي يشعر بها.

- عمرو كلمني عشان اروح اشوف جدي لإن حالته الصحيه متدهورة بصراحه مكنتش ناوي اروح بس في آخر لحظه غيرت رأيي لما افتكرت بابا الله يرحمه و قولت مينفعش يكون تعبان و مروحلوش. صمت لثوان و صوره جده بذلك الضعف يشعره بألم لا يدري ما سببه ليتتابع بصوت حاول ان يكون ثابتاً.

- دخلت لقيته نايم عالسرير و متعلقله خراطيم و محاليل بصراحه اتصدمت لما شفته متخيلتش ان كل القوة و الجبروت دي في لحظه تتحول لمنتهي الضعف إلى انا شفته فيه وقتها كان نفسي أسأله سؤال واحد. كل جبروتك و قسوتك نفعوك دلوقتي.؟ بس فاجئني بكلامه.

فلاش بااك.

- انا عارف يا علي ايه إلى بيدور في دماغك دلوقتي. زمانك بتقول الراجل الضعيف دا هو إلى كان من كام سنه بس بيحاربنا و عايز ياخدنا من امنا.؟
كان هذا صوت هاشم الرفاعي الجد الاكبر لعلى و قد اهتزت نبرة صوته من كثرة التعب فقد تمكن منه المرض ليشعر بأن أيامه علي وشك الإنتهاء فحاول ان يصلح بعضاً من أخطاؤه ليقول بألم.

- انا عارف كل إلى بيدور في دماغك يا ابني و انا استاهله و استاهل انك تشمت فيا
قاطعه على و قد غزا الألم قلبه و لكنه حاول الظهور بمظهر اللامبالاه
- استغفر الله لو سمحت متقولش كدا مفيش شماته في المرض.

ابتسم هاشم ابتسامه بطيئه فأي غرور قد اعماه ليبقي بعيداً عن أحفاده فقد شعر بأنه أضاع الكثير من الأشياء القيمه في هذه الحياه ليمد كفه المرتعش لعلى و عيناه يملئوها التوسل بألا يرد يداه خاليه ليتبادلا النظرات لمده ليست قصيره حتى شعر هاشم بالحزن فهاهو حفيده يرفض حتى الإقتراب منه و حين أوشك علي إعاده يده التقطها على محاولاً الا يظهر ايه رده فعل و أخذ يقنع نفسه بأنه يفعل هذا لذكري والده و أيضاً فإن أخلاقه تمنعه من أن يرد يد عجوز قد امتدت إليه ليضغط هاشم بكل ما يمتلك من قوة علي يد على و قد فرت دمعه هاربه من عيناه تحكي مدى ندمه و أسفه و هو يقول.

- انا عارف إني مستهلش يا على، صدقني يا ابني عارف بس انا طمعان في شهامتك و مروءتك و عايزك متحرمنيش من اني اموت وسط احفادي إلى اتحرمت منهم عمري كله بسبب جبروتي و غبائي.

قطب على جبينه فهل سيتجرأ و يطلب منه أن يبعدهم عن والدتهم مرة ثانيه ليقول علي بإستفهام غاضب
- تقصد ايه،؟
- أقصد إن آن الأوان نتجمع مع بعض و نلم شملنا يا على و تيجوا تعيشوا معايا في القصر و تاخدوا حق ابوكوا.

ثار على و هب من مكانه منفعلا و قد تذكر معاناه والديه بسبب ذلك الرجل
- أبويا إلى انت حرمته من كل حاجه و فضلت تحارب فيه طول عمره و حتى بعد ما مات مفوقتش بردو و استمرت أنانيتك و جبروتك و حاولت تحرم عياله من أمهم. تصدق أنا غلطان إني...

قاطع حديثه سعله قويه خرجت من جوف هاشم ليتقدم على بلهفه منه ليمسك هاشم بكفه و هو يبتسم بود فقد لمسه قلبه تلك اللهفه التي وجدها في عينيه ليقول بحب.

- تعرف يا على ان عنيك نفس عنين ابوك الله يرحمه انت واخد نفس صفاته كان يتخانق معايا و يقسي عليا و لو حس اني تعبان و لا فيا اي حاجه كنا بييجي جري عليا و كنت بشوف في عنيه نفس اللهفه إلى شوفتها في عنيك دلوقتي.

حاول على أن يترك يداه فقد أصابته كلماته في الصميم ليتمسك هاشم بيده أكثر و هو يقول في ضعف
- المرادي انا عايزكوا كلكوا يا على و تقدر تجيب الست والدتك معاكوا
تفاجأ على من حديثه و لكنه سرعان ما أجاب بسخريه
- و إيه سبب التضحيه العظيمه دي
ليجيبه هاشم بفظاظه و قد أبي الإعتراف بأخطاؤه حتى و إن نوي تصليحها.

- عشان احفادي مقدرش ابعد عنهم و اموت و هما مش حوليا مضطر اتحمل و اضحي باي حاجه في سبيل انهم يكونوا جمبي إلى باقيلي من عمري.

شعر على بالسخريه من نفسه لظنه بأن هذا العجوز يمكن ان يلين و يعترف بأخطاؤه ليتجاهل براكين الغضب التي عصفت بداخله و تحدث بنبره قويه و ثابته
- انا مقدر تضحياتك دي بس طلبك مرفوض يا هاشم بيه انا و امي و اخواتي هنعيش في بيتنا بيت ابويا إلى اتربينا فيه و مش هنقدر نسيبه ابدا و لا نعيش في مكان تاني، ثم اقترب قليلا منه مضيقا بلهجه حاده.

- البيت إلى امي متتشلش فيه عالراس ميلزمناش و حق ابويا إلى انت بتقول عليه خليهوبك يمكن ينفعك احنا مش محتاجينه.

القي علي كلماته التي استقرت في قلب ذلك العجوز و قد ادرك انه أخطأ هذه المرة أيضا ليردف بعدما رأي على علي وشك المغادره
- هستناك تفكر و ترد عليا يا على انا عارف انكوا لسه قاعدين في مصر يومين بنات الغالي وحشوني اوي و نفسي اشوفهم و اكيد هما كمان نفسهم يشوفوني.

استدار على بنصف جسده ثم قال بلهجه ساخره
- معلوماتك غلط احنا مسافرين اسكندريه كمان شويه و اخواتي مش فاكرينك اصلا و لا يعرفوك عشان توحشهم او يكونوا عايزين يشوفوك.

باااااااااك
- غلط يا على
تحدثت صفيه بعدما استمعت لحديث على لتقرر مساندته ليصل إلى الطريق الصحيح ليهب على من مكانه ما ان استمع لحديثها ليقول مستنكرا.

- هو ايه إلى غلط يا ماما
- إلى انت عملته و إلى انت قولته، أصول كنت جيت خدت اخواتك و روحت خلتهم يشوفوا جدهم و يطمنوا عليه.

صُدم على من حديثها و قال مستفهماً
- انتي يا ماما إلى بتقولي كدا بعد كل إلى جده عمله فيكي
- أيوا انا إلى بقولك كدا، إلى حصل بينا و بين جدكوا زمان كان ناضي و اتقفل و انتوا ملكوش دعوة بيه دول اهلك انت و اخواتك و دا جدككوا و له حق عليكوا.

قاطعها على غاضبا
- دانتي ناقص تقوليلي خد اخواتك وروحوا عيشوا معاه
- مش هقدر اجبركوا علي حاجه يا على بس هقولك كلمتين تحطهم حلقه في ودنك أبوك الله يرحمه عاش متعذب عشان كان بعيد عن أبوه كان بيتمني ان جدك يراجع نفسه و يرضي عنه و مفيش حاجه هتفرحه في تربته غير ان ابوه ياخد ولاده في حضنه، صمتت لثوان ثم اقتربت منه و هيا تربت علي كتفه ثم قالت بصوت حاني.

- اعمل الصح يا على عشان متجيش تندم يا ضنايا بعد فوات الأوان و متفكرش انك لما تروح تزوره انت و اخواتك انكوا كدا بتيجوا علي كرامتي لا، انا كرامتي ابوك الله يرحمه ردهالي يوم اختارني و وقف قدام الدنيا بحالها عشاني و دي اكتر حاجه تاعبه جدك يا ابني. فكر يا على و انا واثقه انك هتقدر توصل للقرار الصح. انا واثقه فيك.

اتهت كلماتها لتتركه يتخبط في حيرته فقد أشعره حديثها بالذنب تجاه ذلك الرجل فهو يعلم حق المعرفه انه يحتاج اليهم كثيرا و لكنه يعشق والدته و لا يستطيع نسيان ما عاشته من الم كان هو المتسبب الرئيسي به...

بعد وقت ليس بكثير قضته كاميليا في السيارة بجانب يوسف لم يتحدث معها سوي بعد إنطلاق السائق الذي وجه سؤاله إلى يوسف إلى أين سيذهبون لتسرع كاميليا بالرد عليه
- عالقصر يا عم عبده
ثم أخذت تنظر إلى جانب وجهه بوسامته الفائقه و تلك الهاله من الهيبه تحيط به لتجد نفسها تقترب منه و تطبع قبله رقيقه علي صدغه و تقول هامسه بجانب أذنه
- أسفه.

و لكنها لم تجد منه أي استجابه لفعلتها فأصابت قلبها الخيبه لعدم تأثره بإعتذارها و لكنها لم تكن تدري شيئاً عن تلك العواصف التي اخذت تضرب قلبه ففعلتها تلك و قربها منه بهذا الشكل المهلك لجميع دفاعاته و حصونه قد اربكوه كثيراً فهو في كل الأحوال حتى و إن كان غاضباً منها يعشقها حتى النخاع و لكنه أراد أن يقسو عليها قليلاً حتى لا تعود لتلك الافعال الغبيه مرة آخري.

وقفت السياره أمام الباب الداخلي للقصر ليترجل منها يوسف بطلته المهيبه و وسامته المفرطه و يتجه إلى باب القصر متجاهلاً وجودها خلفه ليتفاجئ بتلك اليد الرقيقه تنسل بين كفه تمسك به بشده ليلتفت يجد تلك النظره التي كان لها وقع السحر علي قلبه و تلك النبرة الرقيقه و هيا تهمس له.

- مش المفروض ندخل إيدنا في إيد بعض هو أنا مش مراتك و لا ايه
أبي عقله أن يسلم رايته ليمنع نفسه بصعوبه من إلتهامها و هيا بكل تلك الرقه و الجمال ليقول بنبرة ساخره
- إيه
ثم ترك يدها لتشعر بالحزن يخيم عليها حتى كادت ان تضفر الدموع من عينيها و لكن فاجئها ذراعه التي إمتدت تطوق خصرها بتلك القوه حتى جعلها ملتصقه به تماماً فعلت دقات قلبها و ذادت بشكل جنوني لتقول له بهمس و وجنتين مشتعلتين من فرط الخجل.

- يوسف. انت بتعمل ايه حد يشوفنا
أجاب يوسف و هو مأخوذاً برائحتها العذبه و جمالها الذي يأسره
- و ايه المشكله هو إنتي مش مراتي و لا ايه
لتشعر بالسعاده إذن فهو كان يشاكسها منذ قليل و حاولت رسم القوة في نبرة صوتها
- أيوا طبعاً مراتك بس لو حد شافنا كدا يعني ميصحش، و بعدين مانا كنت ماسكه إيدك إيه بقي لازمته كدا.

راقله حديثها الممزوج بالخجل ليقترب منها مقبلا أسفل شفتاها بحب و قال متخابثاً
- مزاجي، و بعدين دا جزء من عقابك عالهبل إلى قولتيه في المستشفي
اغتاظت من حديثه لتهم بالرد عليه و لكن فجأه انفتح الباب و رحبت بهم الخادمه و سرعان ما جذبها يوسف من خصرها لتلتصق به فكان كل من يراهم يظن انها قادمان من شهر العسل لا من المشفي.
دخلا إلى الردهه علي وضعهم ذلك ليجدوا ان الجميع في انتظارهم كما أمر.

اندفعت روفان تجاه كاميليا محتضنه اياها و كذلك صفيه و كان خلفهما كلا من سميره التي كانت نظراتها ممتلئه بالحقد و الغضب من ما تراه و مراد الذي عاد للتو من رحلته و رحيم الذي كانت عيناه مشتعله من طريقه التصاقهم ببعض ليذيد إشتعالها عندما وجد ذلك القادم من الخلف و هو يناظره بنظرات تملؤها السخريه ليستشيط غضبا و يقول صائحاً.

- انت ايه إلى جابك انا مش قولتلك مش عايز اشوف وشك هنا تاني
دب الزعر في اوصالهم جميعاً من هيئه رحيم الغاضبه ليفاجئهم يوسف و هو يقول بقوة
- أنا إلى قولتله ييجي يا جدي عشان دا بيته
اذداد غضب رحيم ليرد بقوة
- انت بتكسر كلامي يا يوسف
بادله يوسف الحديث بنفس القوة و هو يقول.

- انا مبكسرش كلامك يا جدي بس القصر دا مش قايم لوحده القصر دا مبني علي عمدان ولاد الحسيني و لو عمود منهم اتكسر و لا غاب ان مكانه القصر دا هيتهدم فوق راسنا كلنا و أدهم عمود من عمدان القصر دا عشان كدا مينفعش يتطرد منه أبداً، ثم وجه أنظاره للجميع و هو ممسك بيد غاليته قائلاً بعنفوان لا يليق سوي به.

- احنا كلنا عيله و المفروض نبقي إيد واحده و نبقي في ضهر بعض العيله دي كفايه عليها اوي الاعداء إلى بره مش محتاجه اعداء جوه كمان طول ما احنا مشتتين كدا سهل اي حد يدوس علينا و دا إلى مش هسمح بيه و لآخر يوم في عمري هتفضل العيله دي راسها مرفوعه و مش هسمح لأي حد، اي حد حتى لو كان هو مين يحاول يهد العيله دي
اظن كلامي واضح للكل.
ليقترب منه مازن يربت علي كتفه و هو يقول.

- يمكن انا مش اسمي مازن الحسيني بس انا في ضهرك يا صاحبي
ليرد عليه يوسف بنبرة يملؤها العرفان
- العيله مش بس اسم يا مازن، و انت اخويا و صاحبيي و دي عيلتك و دول اهلك
ابتسم مازن ابتسامه ذات معني ليردها اليه يوسف و هو يربت علي كتفه ليتقدم منهم مراد قائلاً بمرح.

- طب ايه يا شباب مش عايزين أخ صغير وسطكوا
قهقه الشباب و أضاف أدهم
- والله يا عمي انت باشا و إلى يشوفك يقول انك اصغر مننا فعلا
ابتسم مراد و وجه انظاره إلى يوسف و قال بفخر
- طول عمرك راجل من ضهر راجل يا يوسف و انا معاك في اي حاجه
ثم نظر إلى صفيه نظره ذات مغذي لتبتسم هيا بتفهم
- مش لما تبقي موجود الأول تبقي تقف معاهم يا مراد بيه
التفتوا جميعهم إلى ذلك الصوت الملئ بالشر ليقول يوسف بقسوة و توعد.

- قريب اوي هيزول السبب إلى مخليه مش موجود و دا وعد مني
شعرت سميرة بالرعب من نظرات يوسف و مغذي حديثه فهل يا تري تلك الحمقاء كاميليا اخبرته بما يحدث. لا فلو علم شيئا كان سيقيم القيامه إذن لماذا يتحدث بتلك النبرة و ذلك التأكيد...
أخرجها من شرودها صوت صفيه و هيا ترحب بكاميليا قائله
- نورتي بيتك يا حبيبتي
ليتقدم مراد ناحيه كاميليا و هو ينظر اليها بنظرات اعتذار قائلاً بحب.

- الف سلامه عليكي يا كاميليا حقك عليا مسألتش عليكي و انتي تعبانه
شعرت كاميليا بحنانه فردت برقه
- و لا يهمك يا عمو حمد لله علي سلامت حضرتك
- الله يسلمك يا حبيبتي. نورتي بيتك يا غاليه يا بنت الغالي ثم نظر إلى يوسف بنظره ذات معني و اردف
- و مرات الغالي.

خجلت كاميليا من حديثه و شعر رحيم بالغضب يتصاعد بداخله بعدما فرح بحديث يوسف و تجمع عائلته من جديد لتذكره كلمات مراد بتلك الحقيقه التي يرفضها عقله و لكنه آثر الصمت حتى حين آخر.

- دا نور حضرتك يا عمو والله حضرتك وحشتنا اوي
اقترب مراد منها و قد افرحته كلماتها بشده و قال بحب أبوي كبير
- طب تعالي في حضن عمك بقي
ما ان همت بالارتماء بين ذراعيه حتى وجدت ذلك المارد يقف بالمنتصف و هو يقول بغضب و غيره
- إيه يا عمي هيا وكاله من غير بواب حضن مين إلى تيجي فيه ثم التفت اليها و القي عليها نظرات ارعبتها قائلاً
- و إنتي إيه رايحه كدا علي طول.

تفاجئوا جميعا من غيرته التي لم يستطع التحكم بها فقد كان دائما بارد و لا يعرف احد دواخله اما الآن فلم يستطع السيطرة علي نفسه كان هذا ما يفكر فيه رحيم و هو ينظر بزهول لحفيده.

قهقه كلاً من مراد و مازن و أدهم بشده علي غيرته و قال مراد بجانب اذنه
- بالراحه شويه يا جو عينك هتطق شرار
نفث يوسف النيران من انفه فقد شعر بالغيره القاتله عند رؤيتها تندفع إلى أحضان رجل غيره حتى و ان كان عمهما فهي ملكه حبيبته و عشقه الذي لا يتحمل لأي شخص ان يحظي بلمسه واحده منها.

- يالا كل واحد يجهز عشان الغدا قدامكوا ربع ساعه مش عايزين تأخير عايزين نتجمع كلنا زي زمان.

كان هذا صوت صفيه التي ارادت إنهاء الموقف سريعا ليلتفت يوسف إلى كاميليا قائلا بصوت ينافي نظرات الغضب التي تطل من عينيه
- انا هدخل انا هدخل المكتب ورايا شويه شغل هخلصهم و انتي خليكي مع ماما و روفان
- و انا جاي معاك يا يوسف
كان هذا صوت مازن الذي تبعه صوت أدهم و هو ينظر بسخريه لجده و يقول
- و انا جاي معاك يا جو اصل عندنا شغل عايزين نخلصه.

انصرف جميهم كلاً إلى وجهته لينفجر يوسف ما ان اغلق ادهم باب المكتب خلفه
- زي ما توقعت. كاميليا بتكذب عليا، و خبت عليا السبب الحقيقي لهروبها
تحدث مازن مهدئاً إياه فهو يعلم ان نوبات غضبه جنونيه
- إهدي يا يوسف شويه انت ايه عرفك إنها كذبت عليك
حاول يوسف تمالك غضبه ليقول من بين اشنانه
- طلبت الطلاق
فغر أدهم فاهه من فرط الزهول و كذلك مازن ليتابع يوسف بسخريه
- عايزانا اننا نمثل اننا متطلقين و انفصلنا قدامهم.

- هيا كاميليا اتجننت
كان هذا صوت ادهم الذي غضب لغضب اخيه ليردف مازن بهدووء
- لا هييا اكيد متجننتش هيا زي ما يوسف قال في سبب كبير يخليها تطلب دا مش بس مجرد تهديد.

- مهما كان السبب فانا واثق ان سميره السبب و مش بعيد جدك كمان يكون له يد فيه
قال مازن بغضب قائلاً
- أدهم حاسب علي كلامك
- انا عارف بقول ايه يا مازن
قاطعهم يوسف قائلا بحزن
- أدهم كلامه صح يا مازن جدي بقصد او بغير قصد له يد في الموضوع
- يوسف انت بتقول ايه
كان هذا صوت مازن المذهول من حديثه ليقول يوسف بجمود
- انا لسه متأكدتش بس عندي شك بنسبه كبيرة
تحدث أدهم بنفاذ صبر
- طب و هنتأكد ازاي.

اطلق يوسف تنهيده خرجت من اعماقه و قال
- انا هقولكوا هنتأكد ازاي.

في الخارج قام الخدم بإعداد مائدة الطعام و كانت صفيه تباشر عملهم إلى أن اقتربت منها سميرة قائله بخبث
- ايه يا صفيه شيفاكي فرحانه اوي و ضحكتك منورة وشك كل دا عشان كاميليا جت من المستشفي و لا تكونيش ناسيه انها كانت هربانه من ابنك و هو قبل علي نفسه و رجعها لا و ايه جاي حاضنها عادي قدامنا كلنا و لا كإنهم كانوا في شهر العسل.

غضبت صفيه بشده من حديثها المسموم و لكنها ابت ان تجعلها تشعر بالانتصار عليها لتنظر لها صفيه نظرة يملؤوها الاحتقار قائله بسخريه.

- فرحانه عشان شايفه ولادي ربنا يخليهملي متجمعين مع بعض و ضحكتهم منورة وشهم و الحمد لله ربنا رجعلنا كاميليا بالسلامه من عند خالتها إلى كانت قاعده عندها بعلم جوزها، انتي بقي ايه مضايقك و مخليكي تهري و تنكتي في نفسك كدا.

شعرت سميره بكلماتها و كإنها دلو مياه انسكب فوق رأسها لتحاول منع تصاعد الغضب بداخلها و تقول بهدوء عكس ما يعتمل بداخلها من حقد
- أبدا و انا ههري ليه انا بس صعبان عليا الكبير بتاعنا حته عيله متجيش لحد كتفه تضحك عليه.

- و مين قالك يا سميرة انها بتضحك عليه
- باين اوي يا روحي و بعدين هيا هتجيبه من بره ماهي طالعه لأمها.
- أمهاااا. انتي مشكلتك مع امها، عارفه يا سميرة كتير بسأل نفسي انتي بتغيري من زهرة الغيرة دي كلها و هيا ميته امال لو كانت عايشه كنتي عملتي ايه.

لم تستطع سميرة منع تدفق الكلمات من فمها لترد بغضب شديد
- اخرسي، زهرة مين دي إلى اغير منها مبقاش غير الرخيصه دي إلى اغير منها والله عال
- انتي إلى تخرسي و تحترمي نفسك و انتي بتتكلمي عن امي
كان هذا صوت كاميليا الغاضب ما ان سمعت كلمات سميرة المهينه عن والدتها حتى اشتعلت النار برأسها و لم تستطع تمالك نفسها لتهب مدافعه عنها مما أثار غضب سميرة و لكنها نظرت اليها نظرة ذات معني و قالت بسخريه.

- الله الله دي القطه المغمضه فتحت و بقت ترد...
ثم قامت باللف حول كاميليا لترهبها و قالت ساخره بجانب أذنها بصوت مسموع قليلا
- بقي انا مش محترمه يا بنت زهرة
شعرت كاميليا بما تشير اليه و لكنها تماسكت و قالت بقوة و هيا تنظر اليها بكره كبير.

- لما تغلطي في واحده ميته و تقولي عنها الكلام دا يبقي ايوا مش محترمه
ثارت ثائرة سميره و قالت بصياح غير عابئه بشئ حولها
- طب انا بقي هعيد تربيتك من اول وجديد و هعلمك الاحترام إلى امك معرفتش تعلمهولك يا بنت زهرة.

ثم رفعت احدي يديها لتهوي علي وجه كاميليا التي اغمضت عينيها بشدة لتشعر بتلك الانفاس الغاضبه التي امسكت بيد سميرة لتمنعها من الوصول لخدها ناظرة اليها بنظرات شيطانيه من فرط الغضب و ذلك الصوت الرنان و هو يقول بصراخ هز اركان القصر
- إيدك لو اتمدت عليها تاني هكسرهالك ووووووو...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة