قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الخامس والسبعون

اشعر بأن الشوق يقيم حربا في قلبي و لم اعد استطع تحمل ذلك الدمار الذي يخلفه غيابك. لذا أتوسل اليك باسم الحُبِ أن تقهر الفراق، و تعود لسُكناك فقد سئمت روحي كل هذا العذاب..

نورهان العشري.

شعر يوسف بأن قدميه لم تعد تحملانه فسقط جالسا علي المقعد خلفه من هول ما سمعه ذلك الأخ الذي فرقته الحياه عنهم فجعلت منه عدوا كان يخطط للنيل منه بأبشع الطرق لتأتي حقيقه صادمه تثبت بأنه جزء منهم يحمل نفس دمائهم فصار يحاول حمايته بكل ما أوتي من قوة انهارت فور أن سمع ذلك الخبر الصاعق فهرولت إليه تلك التي فزعها مشهده عندما رأته علي تلك الحاله من الصدمه فقد كان تنفسه سريعا و عيناه جاحظه ينظر للفراغ لتجلس هيا أمامه علي الارض ممسكه بيده و هيا تقول بلهفه.

حصل ايه يا يوسف..؟
لم يجبها بل إنه لم يسمعها من الأساس لتعيد سؤالها بلهفه أكثر و هيا تمسك بكتفيه تهزه برفق حتي يستفيق من صدمته تلك فصاحت قائله بقلق.

يوسف رد عليا، حصل ايه خلاك بالشكل دا..؟
رائد اتقتل!

هكذا أجاب بآليه فلم يكن عقله استطاع ترجمه تلك الجمله لتخرج منها صرخه فزعة جعلته يتنبه لما تفوه به و افاق من صدمته فهب واقفا في مكانه و قام بإلتقاط الهاتف الذي سقط من يده ما أن نزل الخبر فوق رأسه و قام بمحاولة الإتصال مرارا فكان الطرف الآخر يغلق الخط بوجهه في كل مرة فلعن يوسف بصوت مسموع غاضب و صار يدور حول نفسه و هو يفرك وجهه بيديه و يتمتم مستنكرا
لا اكيد في حاجه غلط، مش معقول دا حصل..

كان غضبه في الداخل يأس كبير و إستنكار لما وقع علي مسامعه من صاعقه جعلت عقله يتوقف عن العمل لأول مرة بحياته. يشعر بأنه لا يعرف ماذا يفعل لتأتي هيا و تمسكه بيديها توقفه بكل ما أوتيت من قوة فليس وقت الضعف الآن و خاصتا و هو يائس الي تلك الدرجه فحاولت أن تهدئه قليلا قائله بلهجه حازمه
يوسف ممكن تهدي و تفهمني حصل ايه؟

يوسف بيأس خرج علي هيئه صراخ
معرفش جالي تليفون من رقم غريب أنه رائد اتقتل و عمال ارن بيقفل عليا..
كاميليا بتعقل
طب اهدي شويه، ما ممكن يكون حد بيضايقك، أو بيهزر هزار سخيف مثلا.
يوسف بسخريه و هو يعبث بهاتفه
هزار ايه يا كاميليا! هو مين يعرف أننا اخوات عشان يضايقني؟ أو حتي يهزر معايا؟ الموضوع اكبر من كدا؟ و تليفونه خراج نطاق الخدمه هو و هند.

كان معه كل الحق في حديثه فاخذت تفكر حتي اتتها فكرة كانت غائبه عنه في خضم ذلك التوتر و القلق المسيطر عليه فقالت بلهفه
طب ما ترن علي البواب بتاع العمارة مش هو اصلا تبعك
لم يجبها بل شرع في تنفيذ فكرتها و قام بالإتصال بالحارس الذي لم يجبه أيضا فزاده ذلك جنونا و صار يطلق السباب الي أن اتاه ذلك الإتصال الذي ما أن رأه حتي أجاب علي الفور فجاءه الصوت الغاضب علي الطرف الآخر.

ايه يا يوسف عمال ترن عليا كنت هتكشفنا، الزفت دا كان جمبي..

تجاهل يوسف حديثه و قال بغضب
سيبك من الهري دا كله. رائد جراله ايه؟
الرجل علي الطرف الآخر بصوت خفيض
هيجرله لو ملحقتوش. راغب ادي أمر بقتله.

ارتاح قلبه كثيرا عند سماعه تلك الجمله فتنفس الصعداء لتهرول تجاهه كاميليا التي كان القلق يأكلها لمعرفه ماذا حدث فقام بلف ذراعه حول كتفها يضمها الي صدره و هو يهز برأسه مطمأنا إياها و يستمع إلي الطرف الآخر الذي انهي حديثه قائلا
المصيبه دي لو متلحقتش هنروح كلنا في داهيه، شوف هتتصرف ازاي؟

يوسف بغضب اعمي
انا هتصرف متقلقش..

اغلق يوسف الهاتف و قام بالنظر الي كاميليا التي كانت متلهفه لسماع ما حدث فقال بلهجه حازمه
كاميليا مفيش اي حاجه من الي حصلت دي حد يعرفها فاهمه..
كاميليا بلهفه
فاهمه بس طمني حصل ايه؟

يوسف بتعجب و هو يعبث بهاتفه
رائد محصلوش حاجه بس الكلب دا أمر بقتله..
كاميليا بعدم فهم
طب انت قلقان كدا ليه ما هما اكيد مش هيعرفوا مكانه.
كان يوسف يحاول الوصول اليه و لكن دون جدوى فزفر بحدة قبل أن يقول بنفاذ صبر.

المفروض رائد يكون بايت قدام المقابر الي مفروض أن هند مدفونه فيها يا كاميليا، احنا واهمين الحيوان دا بكدا عشان نهدي اللعب شويه علي ما نشوف هنعمل ايه، مش لازم يعرف أبدا أننا عرفنا حقيقه ان رائد اخونا. و خصوصا دلوقتي.

لم تفهم الكثير من كلامه و لكنها آثرت عدم السؤال أكثر فقد بدأ و كأنه علي شفير الإنفجار لذا اقتربت منه و حاولت أن تهدئ من روعه قائله بهدوء
طب استغفر ربنا كدا و أن شاء الله هتتحل..

كان يأخذ حماما منعشا بعد أن قضي ليله بالجنه برفقه محبوبته التي و أخيراً طٓرِبٓ الفؤاد بقربها و ارتاحت روحه بين أحضانها بعد كل هذا العذاب و الشتات ليعلم أخيرا اين مستقره و لأول مرة استطاع أن يتنفس براحه خاصتا بعد أن أخذت بيده لأولي خطوات التقرب لله عز و جل عندما طلبت منه بعد ليلتهم الأولي أن يكون إمامها في الصلاة ليبارك لهما الله عز و جل في حياتهما الجديدة. في البدايه صدمه طلبها كثيرا و شعر بالخجل من أن يفعل ذلك بعد كل تلك المعاصي التي كان يرتكبها دون أن يشعر بذرة ندم واحده. فشعرت هيا بما يجول في خاطره فأمسكت كفوفه بحنان أطل من عيناها الجميلتين و تجلي في نبرتها حين قالت.

اوعي ابدا تتكسف أن تلجأ ربنا لما يكون عندك محنه أو كرب. بالعكس باب ربنا دايما مفتوح لأي إنسان في اي وقت. انما تتكسف لما ربنا يزيل عنك الكرب الي انت فيه فتقوم تنساه بعد كدا. ربنا بيغفر للإنسان كل حاجه ما عدا الشرك بيه. و المحنه الي تقربك لربنا احسن الف مرة من النعمه الي تبعدك عنه.

لامست كلماتها قلبه الذي لم يستطع أبدا أن ينكر شعور الإرتياح و الطمأنينة التي اعترته ما أن وضع جبهته علي الأرض ساجدا لرب العالمين ليشعر بدمعه يتساقط من عيناه تأثرا و رهبه جعلت الكلمات تخرج من أعماق قلبه
يااااارب. اغفر لي و سامحني يارب أنا عارف اني غلطت كتير اوي بس انا تولت و عشمان في مغفرتك. يارب سامحني.

ما أن أنهوا صلاتهم حتي ظل لدقيقه مغمضا عيناه يتنفس بإرتياح جديد كليا عليه فقد كان يشعر و كأنه في حلم جميل لا يود الاستيقاظ منه عائلته حوله و حبيبته بجانبه كل شئ مكتمل حد الإندهاش. فهل يمكن أن يتغير قدر الإنسان بلحظه واحده. لحظه فاصله قد انتشلته من فوهه بركان ثائر علي وشك الإنفجار لتنقله بلمح البصر الي جنه لم يكن يتخيل وجودها من الأساس.

كان كل هذا يدور بعقله حين سمع صوتها الناعم يناديه بخجل من الخارج فابتسم بتخابث قبل أن يقول متصنعا عدم السمع
بتقولي ايه يا هند مش سامعك..

كررت حديثها و لكن بصوت اعلي نسبيًا و هيا تحاول عدم الإقتراب من باب المرحاض كثيرًا
بقولك تليفونك عمال ييجي عليه مسدجات كتير، شكل في حد بيحاول يتصل عليك.
سمع حديثها من المرة الأولي و لكنه اراد إيقاعها في فخه لذا قال متصنعا الغضب
هند قربي من الباب مش سامع بتقولي ايه؟

عضت هند علي شفتيها ثم اقتربت من باب المرحاض و كررت حديثها ليبتسم بمكر علي نجاح خطته فقام بلف المنشفه حول خصره قبل أن يقترب من الباب و قال متخابثا
طب ناوليني الموبايل من ورا الباب..

بعفويه قامت بفتح الباب و مدت يدها الممسكه بالهاتف حتي يأخذه و لكن ذلك الثعلب قد استطاع ألإيقاع بفريسته إذ امتدت يداه ووقبضت علي معصمها جاذبا إياها بحركه مباغته لتجد نفسها فجأه بين أحضانه محتجزة بينه و بين باب المرحاض فنظرت إليه بزهول سرعان ما تحول لخجل فابتلعت ريقها بصعوبه قبل أن تقول بتلعثم
هو. هو في ايه؟

ابتسم علي خجلها و تلعثمها فبرائتها كانت تجعلها شهيه للغايه فعلي الرغم من كل ما حدث بينهم في اليومين الماضيين و لكنها مازالت تخجل و بشدة فيجعلها ذلك الخجل جميله و بريئه و كان هذا أكثر من مرضي لرجل مثله لذا اقترب يمرر أنفه و شفتيه فوق ملامح وجهها ببطئ قتلها قبل أن يقول أمام شفتيها بوله
وحشتيني.

لم تستطع التفوه بحرف فقد خدرت حواسها أفعاله و ألهبت مشاعرها كلماته فبللت حلقها بحركه عفويه اقتنصتها عيناه فشدد من إحتضانها إليه و قال يرغبه ممزوجه بالعشق
و بعدين فيكي، دانتي لو قاصده تجننيني مش هتعملي كدا.

هند بعدم فهم
هو انا عملت ايه؟
رائد بإبتسامه
بتعملي الي مفيش واحده قبلك قدرت تعمله، بتتحركي مشاعري بنظرة واحده منك، انا بحس ان قلبي عايز يخرج من مكاني يحضنك هو بدالي..

تاهت في كلماته الساحرة و نظراته العاشقه فرفعت يدها تطوق عنقه تلقائيا و هيا تقول بتأثر
انا بقي لو ينفع احطك في قلبي و اقفل عليك عشان احميك من كل حاجه في الدنيا دي هعمل كدا..

تأثر كثيرا من كلماتها و عشقها الممزوج بحنان يشعر بأنه يتدفق كنهر عذب يروي صدوع و شروخ قلبه فتشفي و تتعافي بها روحه المنهكه و التي شعرت و كأنها خلقت من جديد علي يديها.
اقترب اكثر منها و قام بوضع قبله حانيه فوق جبينها و هو يقول بصدق.

انتي اجمل حاجه في الدنيا دي، ازاي انا كان جمبي الدوا كل الايام الي فاتت دي و اختارت افضل اتعذب كدا. ياريتني كنت سمعت لكلام قلبي من البدايه و كنت خدتك و هربت بيكي من كل العك دا..

اخذت تتلمس بيديها ملامح وجهه و هيا تقول بحب
كل حاجه بتيجي في وقتها، ربنا مابيحبش حاجه وحشه، و انت تستاهل احلي حاجه في الدنيا دي..
رائد بعشق
عارفه اجمل حاجه فيكي انك جيتي زي مانا محتاجك بالظبط. انتي بتكملي كل حاجه ناقصه فيا. انا عمر ما كان في حاجه هتطبطب علي قلبي غيرك..

دمعت عيناها من فرط التأثر بروعه و عذوبه كلماته التي جعلت قلبها ينطق بخفوت
بحبك.
لم تشعل كلمتها براكين عشقه فقط و إنما رغبته أيضا فمثلما كانت جميله كانت أيضا مثيرة بل مهلكه فجعلت دقات قلبه تنبض بجنون فقام بوضع يديه أسفل ركبتها و الآخري خلف ظهرها و حملها بلهفه قائلا برغبه
انا بقي مش هقولها بس هخليكي تحسيها حرف حرف. هطبعها علي كل مكان فيكي عشان تحسي انا قد ايه بحبك.

حملها و توجه بها الي مخدعه و قام بوضعها برفق و لم تتركها يداه التي كانت رقيقه كالنسمات عندما كانت تتجول فوق ساحه جسدها الذي ختمه بعشقه الذي لم ينفك يخبرها به مرارا و تكرارا و كان يقرن الأقوال بالأفعال الذي جعل كل إنش بها حاملا رائحته و جنون أفعاله التي راقت لها كثيرا و دون وعي منها خلعت رداء الخجل و تركت العنان لقبها الذي كانت تخرج منه آهات العشق علي هيئه سيمفونيه اطربت قلبه و سمعه كثيرا و الأكثر من ذلك عندما اخذت تبادله شغفه فصارت تقربه منها بلهفه تحاول مجاراته بالرغم من عدم خبرتها إلا أن أفعالها كانت نابعه من القلب لذا كان لها وقع خاص علي قلبه فأخذ يلتهمها دون تحفظ تلك المرة حتي كان الأمر قاسيا قليلا و لكنه كان جميلا ذا رونق خاص انتهي بتنهيدة حارة من قلبها الذي لم يهدأ بعد علي الرغم من أنه أخذ يمرر يديه بحنان يمسد عضلات جسدها المنهك و هو يطلق عبارات الأسف ظنا منه بأنه آلمها و لكنها نفت بهزة من رأسها اتبعها لمسات حانيه من يديها فوق ملامح وجهه قائله بخفوت.

متتأسفش علي حاجه كانت مشتركه بينا احنا الاتنين. و بعدين حتي الألم معاك حلو و له طعم تاني..

ابتسم علي كلماتها الجميله التي خطفت قلبه بروعتها و قام بإحتضانها برفق و وضع رأسها فوق صدره و يديه تطوق خصرها و قال بتمني
هند انا عايز منك اطفال كتير اوي، و عايزهم كلهم شبهك و حنينين زيك..
ادهشتها كلماته و لكنها راقت لها كثيرا فوضعت قبله دافئه فوق موضع قلبه النابض بعشقها و قالت بحب
و أنا كمان عايزة ولاد كتير منك بس انا بقي عيزاهم شبهك انت..

اعتدلت في نومتها و قامت بوضع يدها أسفل رأسها و نظرت إليه بحب تجلي في نبرتها حين قالت.

انت احن إنسان قابلته في حياتي، رائد اوعي تفكر نفسك انك وحش أو قاسي، انت مش كدا ابدا. لو حد شاف الي انت شوفته كان هيبقي قد كدا عشر مرات، لكن انت بالرغم من دا كله مأذتش حد. انت في عز ما كان عقلك متسمم كنت بتدافع عن اهلك و عيلتك حتي و انت فاكرهم اعدائك. انت أنقذت كاميليا في عز ما كنت بتخطط تنتقم من يوسف. و أنقذت عمو مراد في عز مانتا كنت بتخطط عشان تدمرهم. حتي و انت وحش موسختش ايدك. متحملتش تشوف جدك مكسور أو حزين بالرغم من انك مقدرتش تسامح بس بتحاول..

كان ينظر إليها بتأثر كبير فكلماتها خففت من وطأ ندمه كثيرا فقد كان يلوم نفسه للآن علي كل ما حدث سابقا و يود لو يكفر عن كل أخطاءه و لم يكن يمتلك القدرة لمسامحه نفسه أبدا لولا حديثها الذي كان يدخل الدفء و الأمان الي قلبه الذي ذاب عشقا أمامها حين قالت بحب
انا شفت في حضنك حنان مشفتوش اابدا في حياتي. حنان عوضني عن كل حاجه وحشه شفتها من يوم ما اتولدت.

أوشك أن يرد عليها ليفاجئه رنين هاتف المنزل فاستغرب كثيرا فهو لم يلحظ وجوده سابقا لذا هب من مكانه و قد شعر بأن هناك شئ فالتقط سماعه الهاتف دون أن يجيب فوجد يوسف الذي قال بتحفظ
رائد.

فأجابه رائد بعد أن اطمأن بأن المتصل هو
ايوا يا يوسف معاك.
ما أن سمع يوسف صوته بخير حتي انفجر في وجهه بغضب جحيمي
انت فين يا بني آدم انت بقالي ساعه بحاول اكلمك و مش عارف اوصلك.

جفل رائد من صراخ يوسف و لهجته الغاضبه فقال بإندهاش
في ايه يا يوسف مسمعتش التليفون.
يوسف بحدة
كل دا مسمعتش التليفون ليه كنت بتعمل ايه؟
رائد بتهكم
مينفعش تعرف خالص انا كنت بعمل ايه.

وصل إلي يوسف المعني المبطن خلف كلماته فتراجع قليلا قبل أن يقول بصرامه
ركز معايا في كارثه علي وشك تحصل لو ملحقنهاش..
رائد بزعر
في ايه يا يوسف؟

روي يوسف ما حدث بإختصار فصُدِم رائد و نظر إلي عينان هند التي كان الرعب يرتسم بها فابتسم مطمأنا إياها و تصنع المزاح و هو يقول
ياخي خضتني انا قولت في كارثه، ثواني يا يوسف الشبكه بتقطع هطلع الصاله.

فهم يوسف ما يحدث و قال
هيا جمبك مش كدا.
فأجابه رائد بمزاح
طول عمرك نبيه والله.
أعطاها غمزة و قبله صامته في الهواء لكي يطمأنها و يصرف عنها أي مكروه قد يأتي في تخيلاتها و خرج من الغرفه مغلقا الباب خلفه و قد فهم يوسف ما يحدث فقال بقلق
رائد مفيش وقت لازم تتحرك الدقيقه هتفرق معانا.
رائد بغضب
الموضوع دا لازم انهيه في اقرب وقت الحيوان دا مش هيسكت غير لما يدمرنا كلنا و أنا مش هسمحله بكدا.

على غضبه كثيرا فقال بصرامه و لهجه لا تقبل النقاش
و أنا مش هسمحلك تهدلي كل الي ببنيه و تدمرلي كل خططي، الحرب دي هنخرج منها منتصرين و محدش هيتأذي غيره و خليك فاكر انك مبقاش لوحدك و أن مراتك و امك محتاجينك، و دلوقتي نفذ الي هقولك عليه بالحرف الواحد.

سمع رائد حديث يوسف الذي كان فيه مجازفه كبيرة لذا عندما حاول الاعتراض قال يوسف بصرامه
انا حاسب لكل حاجه كويس و جه الوقت الي الخاين لازم يتعاقب. متقلقش انا معاك و مش هسيبك. يالا عشان مفيش وقت لازم تتحرك دلوقتي و علي ماتوصل هكون انا خلصت.

اغلق رائد الهاتف و هو ينظر أمامه من النافذة لا يدري كيف سيخبرها برحيله دون أن يجعل الخوف يخدش قلبها مرة ثانيه اخذ يفكر و يبحث عن حجه كي يقنعها و لكن عقله لم يسعفه ليشعر بيديها الحانيه تمسك بكفه فالتفت ليجدها تنظر إليه بحب تجلي في نبرتها حين قالت
سرحان في ايه كدا؟

رائد بحزن حاول إخفاءه
أبدا مش سرحان و لا حاجه، كنت بشم شويه هوا بس
رأت الحزن في عيناه فتألم قلبها كثيرا و لكنها أتقنت رسم المرح حين قالت
ماتقوليش أن اسبوع العسل بتاعنا خلص و يوسف بيه وحشه الشغل اوي..

تنفس الصعداء حين تفوهت بجملتها فأخذها بين أحضانه بقوة فقد شعر بأنها انقذته من حيرته لذا قال يشاطرها المزاح
طبعا مانتي عرفاه، الله يكون في عونها كاميليا..
ضحكت هند قبل أن تقول
و يكون في عوني انا كمان، طب ايه عايزك تروحله و لا ايه؟

حاول جعل نبرته ثابته حين قال
اه يا ستي مضطر امشي دلوقتي عندنا مناقصه هنشتغل عليها، لصالح الشركه و لازم اكون معاهم عشان نخلصها قبل ما الزفت دا يرجع مصر تاني.

ابتسمت بحب قائله
و لا يهمك يا حبيبي ربنا يعينكوا، يالا هحضرلك الحمام عشان متتأخرش يوسف الحسيني دقيق جدا في مواعيده..

كان ينظر إليها بشوق بدأ قبل أن يتركها فكيف عندما يغادر؟ لم تكن له طاقه للتخيل لذا هز رأسه و انسحب دون قول شئ فأخذت هيا طريقها للداخل و شرعت في تجهيز الحمام و ترتيب اشياؤه و بعد قرابه الربع ساعه كان قد انتهي من تجهيز نفسه و قد كانت تراقبه بنظرات حب حفرت ملامحها في قلبه الذي كان يرتعب من فكرة تركها و لكنه مجبر علي خوض تلك المعركه لأجل سلامهما.

توجه إلي الباب و التفت اليها يحاول أن يبدو طبيعيا عندما قال بهدوء
معتقدش اني هعرف ارجع دلوقتي ممكن يوم يومين، مش عارف الدنيا هتبقي فيها ايه، لو حابه تروحي القصر.

قاطعته هند بطمأنه
متقلقش عليا ركز انت بس و ارجعلي بسرعه و أنا هبقي كويسه..
حاول رسم ابتسامه علي ملامحه حتي لا يثير ريبتها و لكنها لم تصل لعيناه التي انعكس بها لوعة قلبه الذي يأبي مغادرتها ليجعله يقترب منها واضعا قبله سطحيه فوق جبهتها قبل أن يقول بلهجه مهتزة
خلي بالك من نفسك، و خليكي فاكرة أن انا بحبك اوي..
قطبت جبينها و قالت بإرتياب
رائد انت بتقلقني ليه؟ انت مش رايح ليوسف!

رائد بلهفه
لا ابدا مقصدش، طبعا رايح ليوسف مانتي سمعتيه و هو بيكلمني، انا بس حبيت اعيش دور المتجوزين و كدا، و اقولك بحبك و هتوحشيني. قولت اعيش الدور بس.

ابتسمت علي حديثه و قالت بمزاح
اااه إذا كان كدا معلش..
قامت بلف ذراعيها تطوق عنقه و هيا تقول بحب
هتوحشني يا جوزي يا حبيبي..

لامست كلماتها قلبه فاندفع يأخذها بين أحضانه بقوة فظل لثوان يحتضنها قبل أن يجبر نفسه علي تركها قائلا بتعجل يخشي هطول عباراته أمامها
انا همشي بقي عشان يوسف ميولعش فيا، خلي بالك من نفسك.
اوعي متصليش يا رائد..

فاجأة طلبها كثيرا و لكنه شعر في تلك اللحظه و كأنه أمام والدته فلم يستطع إلا أن يهز رأسه بالموافقه و انطلق مهرولا يبتعد عنها كي لا يضعف أمامها فهو يشعر بأن يد قويه تعتصر قلبه ألما علي مفارقتها و خوفا مما هو قادم و خاصتا كونه لم يستطع اخبارها بما يحدث و لكن هذا افضل استقل السيارة التي تنتظره في الاسفل و هو عازم أن ينهي كل تلك المعاناة لكي يهنئ الجميع بحياته.

في الأعلي ما أن أغلقت باب المنزل حتي جلست علي الأرض تحتضن نفسها بلوعه و هيا تبكي. بحرقه كما لم تبكي من قبل و اخذت شهقاتها تعلو و تعلو حتي انقطعت أنفاسها و ظلت علي هذا الحال قرابه الربع ساعه الي أن أتاها اتصال علي هاتفها فأخذت نفسا عميقا قبل أن تحاول أن تجعل صوتها هادئا و هيا تجيب قائله
عشر دقائق و هنزل..

وصل عدد من الرجال الي المقابر و أخذوا يراقبون ذلك الرجل الذي كان ينام أمام أحد القبور غير عابئ بكل ما يحدث حوله بل كان و كأنه مغيب عن الواقع فأخذوا يقتربوا منه بحذر حتي وصلوا إليه و قام أحدهم بوضع فوهه سلاحه فوق رأسه قايلا بصوت مألوف
رائد نصار، اصحي.

ابتسم بشر ذلك الذي كان ينتظرهم و بداخله غضب جحيمي ينوي حرق كل من كانت الخيانه تجري بدمائه لذا بلمح البصر التفت إليه موجهها لكمه قويه لوجه ذلك الخائن جعلته يتراجع بقوة للخلف و سقط السلاح من يده فيما اعتدل موجهه سلاحه في وجهه و هو يقول بشر
قصدك رائد الحسيني يا خاين!

صُدِم ناصر الذي كان يتوقع أن يري رائد نائم أمام القبر و لكنه تفاجئ بيوسف الذي كان يوجه سلاحه إليه و هو يناظره بشر و بعينان تقطران غضبا جعلته يتراجع خطوتان للخلف و نفسه يعلو و يزداد برعب تجلي في نبرته حين قال
يو. يوسف بيه!

يوسف بتهكم
ايوا يوسف بيه الي كان بيعتبرك بني آدم و بيعاملك كإنك واحد. من عيلته و لمك من الشوارع بعد ما كنت رد سجون و عملك بني آدم لكنك طلعت واطي و خاين..

زُعِر ناصر من حديث يوسف الذي كان يكشفه من البدايه فصارت شفتيه ترتعش وهو يقول بتلعثم
يو يوسف بيه، حضرتك. فاهم غلط. انا.

يوسف بغضب
انت واطي و عضيت الإيد الي اتمدتلك و نسيت أن الايد دي ممكن تبقي حبل مشنقه يتلف حوالين رقبتك و ياخد روحك الرخيصه..

كانت عينا ناصر تبحث هنا و هناك عن رجاله المنتشرين حول المكان ليبتسم يوسف بسخريه و هو يقول
بتدور علي مين، علي شويه الخنازير الي جايبهم معاك، متقلقش زمانهم ماتوا و شبعوا موت..

بالفعل ظهر كلا من مازن و علي و حولهم بعض من رجال يوسف الذين طوقوا رجال ناصر و اردوهم قتله. الأمر الذي جعل ناصر يُصعق مما يحدث حوله فقال بصدمه
انت عرفت منين؟

يوسف بسخريه
الموضوع كان ابسط مما تتخيل، مخدش مني وقت خالص. عارف ليه عشان انت غبي انت و الي مشغلك. بس انا كنت ممشيكوا زي مانا عايز. و سيبك بمزاجي توصل الي انا عايزك توصله، و باخد منك الي انا عايزه.

ناصر بعدم فهم
تقصد ايه؟
يوسف بتسليه
فاكر عربيه احمد الي كان مفروض يخطف مراتي عشان تسلمها للكلب الي مشغلك. و الي بعد ما قتلته بدم بارد بعدها خبطت العربيه و قلبتها في البحر علي اساس تبان حادثه و تمحي اي أثر للجريمه، و روحت هددت الراجل الي شافك بولاده عشان يسكت..

جحظت عيناه من فرط الزهول كيف عرف بكل تلك الحقائق التي كان يظن بأنه أخفاها جيدا و لكن فاجأه يوسف بأنه علي علم بها. فظل يحدق به بصدمه جعل يوسف ينظر إليه بتسليه قبل أن يضيف
اهو الراجل دا بقي طلع عنده ضمير و حكي كل حاجه بعد ما طمنته أن محدش هيقدر يتعرضله. و الي انت بغبائك فكرت انك خوفته و مفكرتش مرة واحده بس تتأكد إذا كان لسه موجود في مكانه و لا مشي..

ناصر بصدمه
مشي! مشي راح فين؟
يوسف بسخريه.

مش بقولك غبي! مفكر اني مش هاخد بالي أن لما كنت عنده أن الراجل متهدد و أن في حد في البيت غيرنا؟ الحقيقه انك كنت بتحفر لنفسك بدل ما تحفرلي و اني كنت دايما سابقك بخطوة و أتأكدت لما شفتك خارج من عنده. و فضلت اخطط و انت تنفذ. رائد ضربني بالنار قومت جريت عالكلب بتاعك قولتله أن رائد قتل يوسف. ضرب النار الي كان في الفرح، تهديد رائد ليا و حرقك لشقته و هند الي مفروض ماتت محروقه جوا الشقه! رائد الي بقاله قد ايه يا عيني نايم قدام قبر حبيبته و أنت قال ايه بتراقبه! كل دا كان تمثيليه و كل الي كنت عايزك توصله كنت بتوصله زي الغبي! و دلوقتي بقي خلاص دورك انتهي و معدش ليك لزوم في لعبتي.

جز ناصر علي اسنانه غضبا من ذلك الداهيه الذي كان طوال الوقت يخطط للإيقاع بهم و هم بكل غباء يطيعونه دون ذرة شك واحده و الآن هو سيدفع الثمن و لكن مهلا فقد أتته فكرة قد تعطيه بعض الوقت لذا أظهر وجهه الحقيقي عندما قال بدناءة
اللعبه مش بتاعتك لوحدك! اللعبه اكبر مني و منك بكتير. و لو انت مفكر انك لما تموتني هتكسبها تبقي غلطان.

يوسف بسخريه
انتي مدي لنفسك حجم كبير اوي انت مجرد أداة كنت بحركها في الإتجاه الي انا عايزه، اللعبه اكبر من أنها تنتهي بموت صرصار زيك!

علي الدم بعروقه فقال بحدة
الصرصار دا الي انت واقف قدامه ماسك سلاحك و هو أعزل! ما ترمي سلاحك و انت تشوف الصرصار دا هيعمل فيك ايه؟

ابتسم يوسف بتخابث فقد كان يعلم بأنه يحاول كسب الوقت و هو أيضا يريد ذلك فقام بالنظر خلفه الي أولئك الذين ينظرون بإستخفاف لذلك الجرذ و هم ينظرون إلي ساعتهم و تحدث على قائلا بسخرية
قدامنا عشر دقايق مش اكتر يا يوسف والنبي عشان في مسلسل متابعه و خايف الحلقه تضيع عليا..

قهقه الرجال قهقهات خاليه من المرح الغرض منها الإستخفاف بهذا الخائن الذي اعماه الغضب و ما أن ألقي يوسف بسلاحه لمازن حتي انقض عليه يحاول لكمه فكان يوسف له بالمرصاد إذ صد هجماته و أعطاه لكمه قويه جعلت الدماء تسيل من أنفه و تلتها عدة لكمات غيرت معالم وجهه بالكامل فسقط علي الأرض و في تلك الأثناء أخذ يوسف ينظر إلي ساعته بملل و لسان حاله يقول
لما تأخر ذلك الغبي؟

كان ناصر ملقي علي الأرض ينظر حوله في محاوله للخروج من هذا المأزق فإن لم يتصرف بسرعه سوف يلقي حتفه علي يدهم بمنتهي القسوة لذا حاول اخراج السكين الذي يحتفظ به مخبئ في جواره مستغلا عدم انتباه يوسف له و ما ان التقطه حتي قام بتصويبه تجاه يوسف الذي خدش السكين ذراعه عندما امتدت يد على الذي لاحظ ما ينتويه ذلك المجرم و جذب يوسف بسرعه إلي الجهه الآخري فلم تصبه السكين سوي بخدش بسيط في ذراعه فقام علي الفور مازن بإطلاق رصاصه استقرت في جسد ذلك المجرم فخر صريعا في الحال!

التف الإثنان حول يوسف الذي وصل غضبه للذروة و ما أن شاهد رائد الذي هرول عندما سمع صوت الرصاص حتي قابلته لكمة قويه من يده السليمه أطاحت به أرضا فصُدِم من فعلتة و حاول النهوض علي قدميه يقترب منهم و سرعان ما تحول زهوله الي غضب حين قال.

و دا ليه دا؟
يوسف من بين اسنانه
عشان جاي متأخر!
ثم قام بلكمه واحدة اقوي من سابقتها و هو يقول بنفس غضبه
و دي عشان ماتش الملاكمه الي كان من شويه دا كان مفروض انت الي هتعمله!

و قام بلكمه لكمه ثالثه و هو يقول بغضب كبير
و دي عشان ريحة برفان حضرتك الي شاممها من علي بعد كيلو!

حاول كلا من مازن و على كتم قهقهاتهم حين تدارك صدمته و فهم اساب يوسف فقال بحرج
هعمل ايه هند أصرت تحطلي برفيوم و أنا نازل!

خرجت الكلمه من فم مازن بتلقائية
لا وحياة امك!
رائد بغضب
مالكش دعوة بامي يا حيوان!

تدخل على قائلا بسخرية
و هيا بردو الي مسرحالك شعرك دا علي جمب!

ضيق يوسف عيناه و هو ينظر إليه فقام مازن بالاقتراب من أذن رائد قائلا بتمتمه
اهرب!
قطب رائد جبينه و قال بعدم فهم
اهرب ليه؟

ما أن انهي كلمته حتي فوجئ بقبضه قويه في أنفه الذي شعر بأنه قد كُسِر في تلك اللحظه ليستند مازن علي السيارة خلفهم و هو يقول بتهكم
اديك عرفت ليه!

أخيرا تحدث يوسف بسخريه
كدا انت جاهز للخطوة الي بعد كدا، (نظر يوسف في ساعته ثم قال بصرامه ) الحيوان دا قدامه ساعة و نص بالظبط ويوصل مصر.

حاول رائد التغلب علي ألمه قبل أن يقول بتأوة
ااه يا بقي. ربنا ينتقم منك يا ظالم،
لم يعير كلامه اي انتباه بل قال بإختصار
في تعديل بسيط في الخطه
تنبه رائد الي حديثه و قال بإستفهام
تقصد ايه؟ هو انا مش المفروض هروحله دلوقتي؟
يوسف بتأكيد
هتروحله، بس مش و انت ايدك فاضيه!

صعد السيارة كلا من فاتح و بجانبه راغب الذي كان يحاول الإتصال بأحد من رجاله ليطمئن كيف جرت الأمور و لكن لا احد يجيب و كان علي وشك الإنفجار من الغضب فأخذ فاتح يهدئ من روعه قائلا
اهدي شويه، اكيد مش سامعين التليفون.

راغب بغضب
اهدي ازاي! آخر مرة كلمت الغبي الي اسمه ناصر دا كان قبل ما اركب الطيارة يعني من حوالي ٤ ساعات. المفروض كان خلص و بعتلي عشان اعرف الكلب دا حقيقته قبل ما يموت..

فاتح بهدوء
يمكن نسي التليفون في العربيه..
راغب بإستنكار
مش عايز استفزاز يا فاتح هو انا مشغل عيال عندي. ولا احنا عندنا حاجه اسمها نسي! بقولك ايه اطلع علي هناك.

فاتح بلامبالاة
تمام. بس الصح انك متظهرش في الصورة يمكن البوليس هناك. تيجي رجلك و انت مفروض تبقي بعيد عن أي شبهه عايزينها تلبس ولاد الحسيني.

زفر راغب بغضب و قد أيقن أنه يقول الصواب لذا قال بإذعان
اطلع عالقصر.

اطاعه فاتح من دون حديث فما أن وصلوا الي القلعه حتي دخل الي غرفة المكتب مباشرة ليظل يدور حول نفسه و هو يحاول الوصول إلي ناصر و لكنه لم يكن يجيب و عندما يأس ذهب إلي البار الخاص به ليسكب كأس من النبيذ عله يهدأ من روعه قليلا و توجه إلي مكتبه تحت أنظار فاتح الهادئه و فجأه سمعوا اصوات جلبه في الخارج فهم فاتح بالخروج لرؤيه ماذا يحدث فإذا بهاتف راغب يرن فالتقطه مجيبا لتجحظ عيناه مما سمعه و يزداد زهوله عند رؤيه رائد يدخل عليه الغرفه و هيئته مدمرة بالكامل و يمسك بيده نيفين التي ألقاها بوجهه و هيا تصرخ بألم و قال هو صارخا.

كفايه مؤامرات بقي .

أُحِبُك لدرجة أني أشعر بالغربة مع نفسي التي لا انتمي إليها بقدر ما أنتمي إليكِ؛ ف انتِ موطني الذي انا منه، و انا اعود إليه.

أوقف مازن السيارة امام بوابه قصر الرفاعي و ترجل منها يسبقه قلبه اشتياقا لحبيبته التي في غيابها يشعر بأنه لاجئ في غير موطنه الي أن يلتقي بها فتستقر روحه و يهدأ ضجيج قلبه الذي ما أن شاهدها حتي ازدادت دقاته بجنون فهرول يحتضنها بشوق كبير و أخذ يدور بها فرحا و شوقا و عشقا فاق حدود الوصف.

و كان حالها لا يختلف عنه كثيرا فقد كانت تشتاقه حد الحجيم فما أن حادثها في الهاتف يخبرها بأنه في الاسفل حتي تدثرت بشالها و خرجت مهروله الي الخارج و ما أن شاهدته حتي اندفعت نحو أحضانه تعانقه بقوة و بادلها العناق بأقوي و ظلوا علي هذه الحاله لدقائق حتي انزلها أرضا و لكن يديه لم تفارق خصرها فقد كان يتوق لرؤيه عينيها الجميله التي يفتقدها كثيرا تلك الأيام بسبب انشغاله الدائم عنها فظل يطالعها بعينان يفيض منهما الشوق الذي لم يعد يتحمله قلبه أكثر من ذلك لذا قام بالهبوط علي شفتيها ليسحقها يقبله قويه نابعه من اعماقه فاجأتها في البدايه و لكنها سرعان ما انخرطت معه في مشاعره الجياشه التي تركت آثرا علي شفتيها فادمتها و سقطت بعض قطرات من الدماء منها و لكنها كانت كالمخدرة لم تشعر بالألم و لكنه ما أن شاهد ما فعله بجنونه حتي امتدت يداه بحنان تمسح دمائها و هو يقول بأسف.

حقك عليا، انتي كنت وحشاني جدا يا قلبي والله مقصدتش.

لم تفهم ما يقصد سوي عندما رأت دمائها فوق إصبعه وعندها شعرت بالخجل فهيا لم تكن أقل جنونا منه لذا قالت بخفوت
عارفه يا حبيبي..

زفر مازن بحدة قبل أن يسند رأسه فوق جبهتها و يعانقها بشغف و سار بها متوجها إلي الارجوحه التي بمنتصف الحديقه و جلس و اجلسها بجانبه و هو مازال محتفظا بها بين أحضانه و وضع قبله فوق رأسها قبل أن يقول بتاثر
انا مش بتاسف علي كدا بس. انا عارف انك زعلانه مني عشان دايما مشغول بس والله غصب عني شغلي من ناحيه و الدنيا مدربكه مع يوسف من ناحيه تانيه و أنا مينفعش اتخلي عنه في وقت زي دا..

كانت تشعر بالحزن فعليا من انشغاله عنها و لكن كلماته تلك جعلت حزنها يتلاشي خاصتا تلك النبرة المعتذرة التي لامست قلبها و جعلتها تقول بحنان
بص هو انا كنت زعلانه مش هنكر بس كلامك دلوقتي خلاني مبقتش زعلانه اوي..

ابتسم مازن علي حديثها و قال بمزاح
يا شيخه بعد ما اعتذرتلك بردو زعلانه؟
كارما بدلال
اه يعني زعلانه نص نص كدا..

مازن بوقاحه
طب ايه رأيك انا عندي حل هيمحي الزعل دا كله في لحظه.
علمت كارما لما يقصد فقالت بلهفه
لا بقولك ايه اعقل كدا احنا قصادهم يعني ممكن اي حد يشوفنا هتبقي كارثه.

مازن بسخريه
حد مين اخوكي علي طاحنله ييجي عشره النهاردة و اكيد هينام زي القتيل و امك و نايمه من المغرب و جدك شرحه و عمرو مسافر مفضلش في البيت غير البومه غرام، إلا هيا فين صحيح شكلها منفضه لأدهم باين علي وشه أنه هيطق منها..

اعتدلت كارما في جلستها و زفرت بتعب قبل أن تقول بتحسر
منفضاله بس امال لو تعرف الكارثه الكبيرة!
كلماتها اقلقته فقال بإستفهام
تقصدي ايه يا كارما؟

كارما بحزن
غرام عايزة تطلق من أدهم يا مازن!

سقطت الكلمه كالقنبله علي قلب ذلك الذي وصل لتوه ينوي الحديث معها و معرفه ما بها لما تتجاهله بهذا الشكل و تقطع عليه كل السبل للوصول إليها ليستمع الي صوت آت من الحديقه فيتوجه لمعرفه من هناك ليستمع الي ذلك الحديث الذي مزق قلبه إربا حتي أنه شعر بأن قدميه لم تعد قادرة علي حمله في تلك اللحظه فاستند الي الشجرة بجانبه ليصدر صوتا جعل الثنائي يلتفت إليه و سرعان ما توجهوا نحوه بلهفه لمعرفه ما أن استمع لحديثهم لتأتي كلماته المعذبة و هو يقول بأنفاس مقطوعه.

الي انا سمعته دا حقيقي؟

توترت كارما من سؤاله و نظرت إلي مازن الذي غضب من تلك الغبيه و أشفق علي صديقه لذا قال بقوة
اه حقيقي يا أدهم. بس انا بقولك قدام اختها اهوة أنها لو فعلا كانت ناويه علي كدا يبقي متستهلكش..

غضبت كارما من حديث مازن فقالت بحدة
مازن ايه الي انت بتقوله دا؟
مازن بغضب
الي سمعتيه يا كارما. كفاياها دلع بقي. الناس مش شخشيخه في أيدها
أوشكت علي الرد و لكن قاطعها أدهم قائلا بجمود
متقوليلهاش اني عرفت حاجه يا كارما لو سمحتي!

نظرت إليه كارما بحزن و هزت رأسها بقله حيلة فزفر مازن حانقا لتناظره بغضب و توجهت للداخل لتتركه يغلي يغلي من شدة الغضب من هذا الوضع الذي لا يستقر أبدا و خاصتا عندما نظر إلي أدهم الذي شعر في تلك اللحظه بأن روحه أوشكت أن تفارقه و لكنه حاول رسم القوة حين قال
صالح كارما و متزعلهاش هيا ملهاش ذنب..
مازن بقلق
سيبك من كارما دلوقتي انا عارف هيا زعلانه ليه. المهم طمني انت ناوي تعمل ايه؟

نظر إليه أدهم بقوة تابعه من جرح غائر في منتصف قلبه
هطلقها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة