قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الحادي والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الحادي والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الحادي والسبعون

يوسف محاولا تهديتها
حبيبي مكنش ينفع يحصل غير الي حصل، لو كنت ضربت نار عليه يبقي لازم يطلع من هنا ميت. ماهو انا مش ههوشه، بعد كل الي حصل دا كان متوقع حاجه من اللتنين يا أقتله يا يقتلني، ملهاش حل تالت..

لم تستوعب ما يقوله في تلك اللحظه كان الغضب يعمي عيناها فقالت بعناد
مش قادرة اقتنع أبدا يا يوسف مش قادرة اتخطي أننا عشنا العذاب دا كله عشان تمثيليه هتحمي بيها رائد بيه.

ضغط يوسف علي كلماته حين قال
رائد يبقي اخويا يا كاميليا، زيه زي أدهم و روفان بالظبط، لو حد منهم في مكانه كنتي هتقولي كدا..

شعرت بخطأها فقالت بصوت متألم
انا فاهمه كلامك كويس بس يا يوسف بس حقي اخاف عليك..
يوسف بحب
عارف، و هو حقه عليا أني احميه و خصوصا أنه كان ضحيه لالاعيب القذر دا طول السنين دي..

كاميليا بعناد
بس دا مش طفل صغير محتاج تحميه..
يوسف بإنفعال
كاميليا انتي ليه مش قادرة تفهميني، ابويا مات و هو رايح يدافع عنه و عن امه، يعني لو كان عاش دقيقه واحده بس كان هيطلب مني اعمل دا، كفايه اني اتأخرت الوقت دا كله علي ما عرفت أنه اخويا و سبته يتعرض لكل العذاب دا..

كاميليا بزهول
يوسف متقوليش انك حاسس بالذنب ناحيته.
يوسف بحزن
هتصدقيني لو قولتلك اه، مش عارف إذا كان ذنب و لا ندم و لا ايه. بس انا عمري ما هقدر اتخلي عنه انا حاسس أنه وصيه ابويا ليا الي ملحقش يقولهالي، ارجوكي تفهميني..

لم يسعفها الكلام في تلك اللحظه فاقتربت منه تعانقه بقوة فقد شعرت بألم يقطر من بين كلماته فهيا تعلم مقدار شهامته و اصاله قلبه الذي مهما بدا قويا و لكن بداخله حنان يسع العالم أجمع لذا رفعت رأسها و أخذت تطالعه بحب تجلي في صوتها حين قالت
فهماك يا حبيبي و هفضل جمبك و في ضهرك علي طول، بس انت توعدني انك تخلي بالك من نفسك أنا مقدرش اتحمل الي حصل دا يحصل تاني سواء بجد أو تمثيل..

يوسف بابتسامه امتنان
متقلقيش يا حبيبتي ان شاء الله ربنا مش هيجيب حاجه وحشه أبدا و هيقف معانا لحد ما نجيب حقنا من الكلب دا..

كاميليا بخوف
يوسف الراجل دا شيطان و مفيش حاجه ممكن تقدر عليه، انا خايفه اوي من الي ممكن يعمله..
وضع قبله حانيه فوق جبهتها و قال يطمانها
متقلقيش. كل حاجه معمول حسابها و مترتبه صح، انتي بس خليكي معايا و جنبي كدا و سيبي الباقي علي ربنا..
كاميليا بحب
انا هفضل جمبك طول عمري. دي حاجه مش محتاجه كلام..
يوسف بحب
ربنا يخليكي ليا.
كاميليا برقه
و يخليك ليا يا حبيبي.

قاطع حديثهم طرق الخادمه علي الباب فأجابها يوسف بأنهم قادمين و وجه أنظاره الي كاميليا قائلا بمزاح
يالا ننزل احسن حماتك تقلب علينا من اول يوم كدا..

ابتسمت كاميليا قالت برقه
هو انا ممكن اطلب منك طلب؟
يوسف بحب
انتي تؤمري و أنا انفذ
طالعته بحب قبل أن تقول بتوسل
وحياتي عندك يا يوسف ما تعمل حاجه في أدهم و مازن..

قاطعها يوسف قائلا بحزم
وحياتك عندي هقرص ودنهم بس، عشان يفكروا الف مرة قبل ما يعملوا مصيبه من مصايبهم دي..

نظرت إليه كاميليا بعتب فوضع قبله قويه فوق شفتيها و قال بتحذير
لو زعلتي مني عشانهم مش هقرص ودنهم بس لا دانا هقطعها خالص.

كاميليا بلهفه
لا وعلي ايه، قرصه ودن قرصه ودن هما يستاهلوها بصراحه..
يوسف بمزاح
شوفتي اديكي قولتي يالا ننزل بقي..

بالفعل نزل الثنائي العاشق الي الأسفل يدا بيد تحيط بهم هاله كبيرة من السعادة و الفرح الذي كان يشع من نظراتهم عندما وصلوا الي الصالون فوجدوا الجميع ينتظرهم و ما أن رؤهم حتي انطلقت الزغاريد من فم صفيه التي اندفعت تجاههم تعانقهم بسعادة و فرح تجلي في نبرتها حين قالت
حبايب قلبي الف مبروك، مش قادرة اصدق عنيا اني شيفاكوا أخيرا مع بعض..

بادلتها كاميليا العناق بحب و قالت بسعادة
الله يبارك فيكي يا ماما يا حبيبتي..
و قال يوسف بمزاح
لا ياا صفصف صدقي بقينا مع بعض و هتفضل مع بعض العمر كله أن شاء الله.

كان يقول كلمته و هو ينظر إلي مراد بإستفزاز عندما شاهده يحتضن كاميليا و يجلسها بجانبه مما زاد من حنقه فقرر أن يستفزه فلم يعيره مراد اي انتباه بل وجه أنظاره الي كاميليا التي كانت تطالع يوسف بتحذير فلم يبالي بنظراتها بل التقطت عيناه ذلك الثنائي الذي يجلس في ركن الغرفه بهدوء جديد كليا عليهم فوجه لهم نظرة تهديد قوية و انصرف الي جده يتلقي منه التهنئه و كذلك روفان.

ثم اتجه إليهم يجلس بجانبهم و هو يقول بلهجه ذات مغزي
ايه يا رجاله مش هتباركولي و لا ايه؟

شعر كلا من مازن و أدهم بأنه يوجد خطب ما فلهجته لا تبشر بالخير و لكن تجاهل مازن ما يشعر به و قال بلهفه.

دا سؤال طبعا هنبارلكلك، الف مبروك يا يوسف، الف مبروك ياخويا، فرحتلك والله..

و اندفع أدهم خلفه يربت بقوة علي كتفه و هو يقول
طبعا لازم نباركلك ياخي امال مش هنباركلك، بس المهم طمني دبحت القطه و لا ايه؟

اتبع أدهم حديثه بغمزة ففهم يوسف بأنه يريد تغيير الموضوع فقال بتهديد
الا دبحت القطه، دانا كمان اتعشيت بيها..
اندفع مازن يقول بتملق
اسد يا ابني والله، مش جديد عليك، هو انت اي حد بردو. دانتا يوسف الحسيني علي سن و رمح.

و تحدث أدهم أيضا قائلا
اخويا الوحش يا جدعان، حسيني اصيل. طب مش محتاج من العبد لله اي حاجه، يعني اشوحلك حته لحمه و اطلعهالك ارصلك حجرين شيشه اي حاجه يعني..

نظر يوسف إليه بغضب دفين و قال بتهديد
هنشوف الموضوع دا النهاردة بالليل..
نظر الإثنان الي بعضهم البعض و قالوا في نفس واحد
بالليل، هو في ايه بالليل..؟

يوسف بوعيد
ابدأ بس في عجلين احتمال ادبحهم علي باب القصر النهاردة..
نظر الثنائي الي بعضهم البعض بزعر و من حسن حظهم التفات يوسف إثر كلمات زين الذي كان متعلق بأحضان كاميليا بحب كبير و هو يقول ببراءة
وحستيني ( وحشتيني) اوي يا كامي. مس ( مش ) عالف(عارف) انام من غيلك ( غيرك ) مس قولتيلي هتيدي (هتيجي ) تنامي معايا..
شعرت كاميليا بالإحراج من كلمات زين فاندفعت صفيه تنقذها قائله.

يا زين يا حبيبي كاميليا دلوقتي بقت متجوزه و مينفعش تنام غير مع جوزها..

زين بتذمر
طب ما انام معاهم، ماهو دوزها (جوزها) يبقي أبيه يوسف و هو ساحبي (صاحبي )
نظر اليه يوسف بنصف عين و قد اغتاظ من حديثه ليقول مراد بمكر
والله فكرة يا زين ايه رأيك تبات معاهم النهاردة..

فرح زين كثيرا و أخذ يهلل و هو يقول بسعادة
هيييييه ياس ياس ياس، انا موافق و انتي كمان يا كامي موافقه صح..
شعرت كاميليا و كأن دلو من الماء انسكب فوق رأسها و لم تعد تدري ماذا تقول ليتدخل رحيم قائلا بغضب من أفعال ابنه
مينفعش يا زين يا حبيبي عشان لازم كل واحد ينام في اوضته و بعدين هتسيب اوضتك الجميله و العابك الحلوة و تروح تنام في اوضتهم الوحشه دي..

قطب زين جبينه بتفكير و قال ببراءة
صح يا ددو (جدو ) عندك حق، خلاث يبقي كامي تيدي (تيجي ) تبات هيا معايا، انا يوم و أبيه يوسف يوم.

شعر يوسف بالحنق من كلمات عمه مراد و أوشك علي الرد فاندفعت صفيه تحاول منع اي صدام بينهم و قالت بحزم
عيب الكلام دا يا زين انت مؤدب. و بعدين انت كبرت و بقيت راجل و مينفعش حد ينام معاك..

زم زين شفتيه بغضب طفولي فرق قلب كاميليا لحاله و قامت بوضع قبله رقيقه فوق رأسه و هيا تقول بحنان
زينو حبيبي مقدرش علي زعلك أبدا، ايه رأيك انا عندي اقتراح، ايه رأيك كل يوم آجي احكيلك حدوته جميله قبل النوم..

مش موافق!
كان ذلك صوت يوسف الذي كان الغيظ يأكله من ما يحدث حوله فخرجت الكلمات من فمه بإندفاع جعل جميع الأعين تلتفت إليه فحاول تصليح الموقف فقال بخشونه
زين تعالي هنا عشان عايزك..

توجه إليه زين علي مضض بعدما أخذت كاميليا تناظره بتوسل الا يقسو عليه فنظر إليها بابتسامه طمأنتها و قام بحمل زين و وضعه فوق ساقه قبل أن يقول بحنان
زين كبر و بقي راجل كبير حواديت ايه و كلام فاضي أية الي تحكيهاله احنا ورانا حاجات تانيه اهم؟

طالعه زين بحزن و قال بتذمر
حادات (حاجات) ايه؟
يوسف بمكر
امم يعني مثلا البلايستيشن الي انت كنت نفسك فيه مين هيلعب بيه؟

برقت عينا الصغير بحماس قبل أن يقول
انا طبعا..
امال سايبه فوق و قاعد ترغي هنا ليه؟
زين بعدم تصديق
فوق..

يوسف بتأكيد
ايوا طبعا جبتهولك زي ما وعدتك..
هب زين من فوق ساقيه و هرول الي الاعلي و هو يصيح بحماس جعل مراد يغتاظ من فشل خطته و ما جعل غضبه يزداد أكثر حديث ذلك الماكر حين قال ببراءة
كاميليا حبيبتي هاتي طبق التفاح دا و تعالي اقعدي جمبي.

ثم نظر إلي الثنائي مازن و أدهم بإشمئزاز قبل أن يقول بحدة
قوم ياد انت و هو من جمبي..
أطاعه الإثنان علي الفور و قال مازن بلهفه
حاضر يا باشا..

و وجه أدهم حديثه الي كاميليا قائلا بحدة
ما تيجي يا بنتي تقعدي هنا جمب جوزك الراجل نفسه في التفاح، بنجوزه عشان نريحه و لا عشان نتعبه احنا..

نظر يوسف إليه بوعيد و هو يقول بتوبيخ
انت مالك حد قالك تتدخل؟

شعر أدهم بالحرج كثيرا فنظر إلي مازن قائلا بتوبيخ
انت مالك ياخي بتدخل بين الراجل و مراته ليه هاه؟
مازن بحنق
انا فتحت بقي يا حيوان انت!

يوسف بملل
بقولكوا ايه قوموا اتخانقوا بره عشان مصدع..

ما أن قال جملته تلك حتي هرول الإثنان للخارج فقد كان وجهه لا يبشر بالخير و قد ارتعبوا من أن يكون قد علم بفعلتهم الحمقاء فما أن وصلوا الي الحديقه حتي تحدث مازن برعب
واد يا ادهم. ايه حكايه العجلين الي اخوك ناوي يدبحهم قدام باب القصر دول. يكنش يقصدنا احنا..

نهره أدهم بشدة قائلا بإستنكار
لا ياخي انت اتجننت ولا ايه؟ عجلين ايه احنا ايه علاقتنا اصلا، ولاا انا خايف لا نكون احنا العجلين الي يقصدهم دول..

مازن بحسرة
والله شكله يقصدنا احنا، اخوك مش مظبوط و عمال يكزلنا علي سنانه و شكل نهايتنا علي ايديه..
ادهم بخوف
طب و الحل هنعمل ايه؟
العمل عمل ربنا هنقعد نستني قدرنا، انا كل الي حازز في نفسيتي اموت قبل ما اتجوز البت..
أدهم بغيظ
مانتا اتنيلت علي عينك و اتجوزت متقرفناش بقي..

مازن بحسرة
اتجوزت ايه دا كتب كتاب بس. لسه اهم حاجه الدخله..
أدهم بحنق
دا كل الي فارق معاك مش فارق معاك فخادنا الي هيشويها عالفحم المفتري الي جوا دا؟ اتكتم خلينا نفكر حل نخرج بيه من المصيبه دي.

مازن بحنق
ادينا بتفكر ياخويا.
بعد دقيقه من الصمت اندفع أدهم قائلا بلهفه
بااااس لقتها .

في المساء جاءت عائله هاشم الرفاعي لزيارة العروسين و تهنئتهم و تم استقبالهم بترحاب شديد و جلست العائلتين في الصالون يتجاذبون أطراف الحديث الي أن قام يوسف و خلفه علي الذي غمز لكلا من مازن و أدهم فنظروا لبعضهم البعض دون فهم ليشير إليهم على بالمجئ و بالفعل تبعه الثنائي الي الخارج فسأله مازن بإستفهام
احنا رايحين فين يا علوة؟

اجابه على بتخابث
ابدأ عايزكوا في موضوع كدا..
أدهم بإستفسار
موضوع ايه الي ميتقالش جوا دا و بعدين الطريق دا مودينا علي اوضه الجيم بتاعت يوسف..

ما أن نطق اسمه حتي كانوا قد وصلوا الي باب الغرفه فالتفت الإثنان علي صوته القوي و هو يقول
اسم الله عليك يوسف! هاتهملي.

قال الأخيرة لعلى الذي دفع بالإثنان الي منتصف الغرفه ووتوجه يرتدي قفازه هو الآخر فقال مازن بزعر
ايه يا رجاله انتوا هتعملوا ايه؟

على بمكر
ابدأ اصل عندنا ماتش ملاكمه جماعي النهاردة.
تحدث مازن مستنكرا
ايه؟
لم ينهي جملته إذ تفاجئ يقبضه قويه حطمت اسنانه.

********************.

بعد يومان ازالت هند تلك الستائر التي تحجب عنها ضوء الشمس التي تتمني لو تشرق علي قلبها المظلم الذي يرتجف من شدة البرودة التي تعتريه جراء ما يحدث معها فاسندت رأسها علي النافذة تنظر إلي البعيد و هيا تتذكر جزء من معاناتها.

فلاش باااااك.

طرق رائد علي باب الغرفه بعد أن أخبرته الممرضه بأنها قد استعادت وعيها فدق قلبه بشدة فقد جاء وقت المواجهه التي كان يخشاها كثيرا أو لنقل يخشي نهايتها أكثر و لكن لا مفر منها لذا توجه إلي غرفتها و قام بالطرق علي الباب و فتحه بهدوء ليجدها تنكمش علي نفسها خوفا من معرفه القادم الذي ما أن رأته حتي هبت من مكانها مذعوره و هيا غير مصدقه بأنه يقف أمامها الآن و سرعان ما تحولت صدمتها الي رعب كبير عندما تذكرت ما حدث بينهم آخر مرة و ما تلاه من أحداث فظهر خوفها جليا علي ملامحها فآلمه قلبه كثيرا علي حالها و ما اُقحِمت فيه تلك البريئه لذا حاول رسم ابتسامه بسيطه علي وجهه يطمئنها و قال بصوت هادئ.

اذيك يا هند عامله ايه؟

طالعته بإندهاش و ترقب لرد فعل عنيف قد يصدر منه في اي لحظه فالرجل الذي كانت تعرفه في السابق حتما لن يتواني عن عقابها علي هروبها منه و لكنه الي الآن مازال هادئا يرسم إبتسامه بسيطه علي وجهه جعلتها تقول بصوت متحشرج
مش عارفه..

رفع أحدي حاجبيه و قال بإستفهام
مش عارفه؟
قالت مصححه
اقصد مش حاسه بحاجه، انت كويس؟
فهم رائد ما ترمي إليه فاقترب خطوة منها لتبتعد هيا بظهر إلي الوراء فقال هو بلهفه
متخافيش. انا مش هأذيكي، انا بس...

قاطعته صارخه
انت بس هتعاقبني عشان هربت منك صح..
نفي حديثها بشدة قائلا
لا ابدا مفيش حاجه من دي. انا بس عايز اتكلم معاكي و افهمك كل حاجه.

طالعته بشك فقد كانت تخشاه كثيرا و لكن ذلك السلام الذي يبدو عليه ملامحه أعطاها دفعة امان غير معهودة لها معه لذا عندما تقدم يجلس اعلي الأريكة أمامها لم تتحرك بل ظلت تنظر إليه بترقب و كأنها تأخذ وضع الأستعداد للهرب منه عند أول رد فعل قد يصدر منه و لكنه حاول طمأنتها مرة ثانيه عندما قال بهدوء.

صدقيني انا عمري ما هأذيكي انا بس عايز اتكلم معاكي و افهمك حاجات كتير و بعد كدا هسيبلك القرار تعملي الي يريحك..

هزت رأسها دون التفوه بحرف لذا أطلق تنهيدة حارة قبل أن يقول بصوت حزين.

الي فات كله من حياتي طلع كذب، الراجل الي المفروض انا ابنه و شايل اسمه مطلعش ابويا، و الي كنت مفكره عمي طلع الشيطان الي بيسمملي حياتي و الي كنت مفكرهم اعدائي طلعوا اقرب ناس في الدنيا ليا. طلعت طول السنين الي فاتت دي بخطط و ارسم عشان ادمر اهلي و عيلتي، كل حاجه طلعت كذب و وهم كل العذاب دا طلع تمثيليه حقيرة كنت أنا المغفل الي فيها مجرد أداه وسيله بيستخدمها الشيطان عشان يصفي حساباته القديمه..

كانت تعي ما يقول فهي كانت قد علمت من ذلك الحقير مسبقا بأنه ابن عائله الحسيني لذا شعرت بقبضه قويه تعتصر قلبها ألما عليه و على ذلك العذاب الذي يقطر من بين كلماته و يرتسم علي ملامحه التي كبرت كثيرا فمن بره يظنه كهل كبير يحمل من الهموم ما يثقل كاهله و ليس شاب في أوج شبابه و عنفوانه.
هطلت دموعها تأثرا بمظهره و لكن بصمت فلم تكن لها قدرة علي الحديث فأكمل هو قائلا بلوعه.

مش عايزك اصعب عليكي، مش عايز اشوف نظرة شفقه في عنيكي أبدا، انا مستاهلش، مستاهلش تتعاطفي معايا أو حتي تزعلي عشاني انا بس عندي رجاء انك تحاولي تسامحيني. عارف اني بطلب المستحيل بس انا اكتر واحد واحد في الدنيا عارف قلبك و عارف طيبته الي كت بعمي قلبي عنها طول الوقت، انا هكفر عن كل غلطاتي الي غلطها مع اهلي و علي كل حاجه وحشه اتسببتلهم فيها و عارف انهم هيسامحوني حتي من غير ما اطلب دا، بس انتي انا مستعد اقعد اترجاكي تسامحيني الي باقي من عمري.

لم تستطع اجابته و لكن تولت عيناها المهمه فقد كان الدمع يتقاذف من مقلتيها يحفر وديان من العذاب و الألم فوق خديها فاقترب هو منها و هو يقول بعذاب و لوعه
سامحيني، اغفرلي لطفل صغير كان بيقعد يرتجف طول الليل من شدة الرعب و البرد ينادي علي أمه و ابوه و ميلاقيهمش، اغفري لطفل كان بيقعد ينتفض و يهلوس من الحمي من غير ما يلاقي ايد تطبطب عليه..

انهي جملته و خر علي ركبتيه أمامها من فرط الألم الذي جعله يحني رأسه بتعب غير قادر علي النظر إلي عيناها التي اشفقت عليه و علي مظهره المحطم الذي جعل قلبها ينتفض بين ضلوعها و يداها تلتف حول عنقه تقربه منها بلهفه فسرعان ما حاوط خصرها بيديه و أسند رأسه عند قلبها الذي كان ينتفض بداخلها ألما و شفقه عليه فظل يبكي و يبكي كما لم يفعل من قبل و كانت يدها تحتضن رأسه بقوة و ظلوا علي هذا الحال وقت ليس بقليل الي أن أفرغ بين أحضان حنانها كل اوجاعه و رفع رأسه يطالعها بضياع قبل أن يقول بتمني.

ياريتني لاقيت حضنك دا زمان، مكنتش هقدر اشيل كل الحقد و الكره دا في قلبي..

أخيرا استطاعت إخراج صوتها الذي كان متحشرج بفعل البكاء
و اهو ربنا فوقك في الوقت المناسب، احمد ربنا انت لو كنت وحش مكنش زمانك في الحاله دي دلوقتي..

عند سماعه جملتها هب من مكانه ينفض عنه حالة الضعف التي اعترته و التف يرتشف بعض قطرات من الماء فأمسك الكوب بيد مرتعشه كرعشه قلبه الذي يحتاج الي الدفء فقد ارهقه كثيرا تلك العواصف و الأعاصير التي تجتاح حياته منذ طفولته التي يفعل المستحيل حتي يمحيها من ذاكرته و لكن ما باليد حيله فهذا قدره و عليه تقبل الأمر
التف يناظرها بعد أن تمالك نفسه قليلا و قال بصوت حاول أن يجعله ثابتا.

مامتك و اختك بخير اكيد عايزة تطمني عليهم، يوسف بنفسه مخلي باله منهم..

عند ذكر والدتها و شقيقتها اقتربت منه بلهفه تمسك بذراعه و هيا تقول بلوعه
بجد؟ طب هما فين؟ انا هتجنن و اشوفهم و اطمن عليهم.

و كأن يداها لامست قلبه لا ذراعه فنظر إليها نظرة إشتياق كبير و سرعان ما تحدث مطمأنا
اطمني هما كويسين و بخير. بس مينفعش تشوفيهم..

هند بإستفهام
ليه؟
كان يعلم بأنها ستسأل و قد كانت الإجابه مرة علي شفتيه و لكن لابد من اخبارها فقال بنبرة معتذرة
منقدرش نسيبك تخرجي عشان دا في خطر علي حياتك و حياتهم.

صُدِمت من حديثه و قالت بجزع
خطر علي حياتي و حياتهم! ليه؟

رائد بغضب دفين
الحيوان اي اسمه راغب دا اكيد هياذيكي هو مرعوب انك تقوليلي انا انا و يوسف اخوات..
تراجعت خطوتان الي الخلف من صدمتها التي تجلت علي ملامح وجهها فهز رأسه قائلا بغضب
انا عرفت كل حاجه، يوسف حكالي و علي فكرة هو الي انقذك من الحيوان دا، بس متخافيش هجبلك حقك من عنيه، و هندمه عاليوم الي فكر فيه يمس شعره واحده منك..

ارتعبت من كلماته المغلفه بالحقد و لكن رعبها هذه المرة كان خوفا عليه الذي تجلي في نبرتها حين قالت
و مين قالك أن انا عايزه منه حاجه، أو عيزاك تقرب منه حتي، و حقي الي عنده انا سيباه لربنا يجبهولي، المهم تبعد عن الشيطان دا.

رائد بأستنكار
انتي بتقولي ايه؟ ابعد عنه! بعد كل الي عمله فيا دا و عايزاني اسيبه كدا عادي؟
هند بقوة
ايوا تسيبه عادي احسن ما تضيع نص عمرك الباقي في انتقام بردو و المرادي مش عارفين هيروح بيك لفين؟

رائد بغضب
انا حياتي ضاعت خلاص و الحيوان دا هو السبب، علي الأقل اخد طاري منه حتي لو فيها موتي
هند بإنفعال.

موتك! اه انت جايلي هنا دلوقتي عشان اسامحك قبل ما تموت نفسك صح؟ طب اسمعني بقي انا عمري ما هسامحك أبدا، عارف مش هسامحك ليه؟ عشان دوست علي قلبي زمان و جاي دلوقتي تكمل عليه، عشان مستكتر علي نفسك تعيش زي البني آدمين عشان حياتك ارخص حاجه عندك في الدنيا، عرفت مش هسامحك ليه؟ اتفضل بقي روح ارمي نفسك في النار و موت بس و انت شايل ذنبي و ذنب قلبي الي زي الغبي وقع في حبك..

قالت حملتها الأخيرة بإنهيار و دموع مزقت قلبه من الداخل فاقترب منها يحتضنها بأسف و ندم و اعتذار و شوق كان يخفيه بين اضلعه و لكنه قد ضاق ذرعا بما يحدث فبكل مرة تتعارض مخططاته مع اجتماعهم و لكن هذه المرة كان الأمر مستحيلا لذا اخفض رأسه ينظر إلي داخل عيناها و حاوط وجنتيها بكفيه و هو يقول بألم.

ياريتني كنت اقدر اختار كنت اختارتك انتي من الدنيا دي كلها، بس انا و لا مرة الحياة خيرتني. لكن اوعدك اني هحاول احافظ علي حياتي عشان اعوضك عن كل حاجه وحشه شفتيها بسببي ارجوكي متصعبيش عليا الي انا فيه اكتر من كدا و قوليلي انك مسامحاني..

كان قلبها يرفض ما يحدث بشدة يتألم منه و لأجله و لكن ألم الخوف من فقدانه فاق ألم جرحها الغائر منه لذا انتزعت نفسها بحدة من بين يديه و قالت بلهجه قويه ازهلته
لا، مش هسامحك أبدا طول مانتا في دايرة الإنتقام دي عمري ما هسامحك، الحاله الوحيدة الي ممكن اسامحك فيها هيا انك تبعد عن كل القرف دا. حتي لو هنسيب البلد دي خالص..

طالعها رائد بألم و لم يستطع إجابتها و لكن جزء داخله شعر بالسعادة لجملتها الأخيرة و هيا أنها علي استعداد للرحيل معه تاركه كل شيء خلفها و عند هذه النقطه اقسم بداخله بأن ينهي هذا الإنتقام و يعود سالما الي أحضانها لذا توجه إلي باب الغرفه و اخرج ظرف به مجموعه من الأوراق وضعها علي الطاوله بجانب الباب و التف ناظرا إليها و قال بلهجة صارمه
الورق دا تحافظي عليه كويس عشان هييجي يوم و تحتاجيه..

هند بإستفهام
ورق ايه دا؟
لم يجبها فكررت سؤالها بصورة اقوي فاجابها بهدوء
انا نقلت كل ثروتي باسمك يعني لو جرالي حاجه..
قاطعته بقهر
انا مش عايزة منك حاجه. خد اوراقك معاك مش هاخد منك حاجه و لا و انت عايش و لا حتي بعد ما تموت..

ناظرها بغموض قبل أن يقول بهدوء
بمزاجك أو غصب عنك هتاخدي و سواء انا كتبت ثروتي باسمك او لا هتورثي فيا..
و دا ليه أن شاء الله؟

رائد بإختصار
عشان انتي مراتي!

استفاقت هند من بحور ذكرياتها البائسه علي طرق باب الشقه فانتفض قلبها من شدة شوقها الذي صور لها بأن القادم هو فهرولت الي خارج الغرفه متوجهه نحو الباب و فتحته لتصدم عندما رأت ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة