قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثاني والثمانون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثاني والثمانون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثاني والثمانون

انا معك دائما. بساطه الأحرف تتنافي تماما مع عمق الشعور الذي لامس قلبي حين أخبرتني بذلك
نورهان العشري.

برقت عيناه و تجمدت أطرافه و شعر بأن قلبه علي وشك التوقف عن الخفقان في تلك اللحظه. فهل ما يراه حقيقي؟ بعد كل تلك السنوات من العذاب و الحرمان و الفقد هل يمكن أن يكون والده مازال علي قيد الحياة؟ و لكن مهلا فهو لم يكن والده الحقيقي أنه ذلك الرجل الحنون العطوف الذي كان يظنه والده و الذي لازال يتذكر ميتته البشعه التي جعلته يعيش عمرا بأكمله يخطط ليأخذ بثأره.

اقترب رائد بخطوات سّلحفيه من ذلك الجسد الهزيل الذي كان ينام علي ذلك الفراش البالي في تلك الغرفه المقيته و التي كانت و كأنها كوخ قديم كل شئ به مهترئ و بالِ و الإضاءة تكاد تكون منعدمه لذا أخذ يقترب أكثر و أكثر إلى أن أصبح علي بعد خطوتان من ذلك الذي كان ينام و الألم يلون تقاسيم وجهه، توقف لثوان يطالع ذلك الوجه الذي كانت ملامحه محفورة بذاكرته و هو لا يدري اهو يحلم ام مازال علي أرض الواقع! حاول أن يمد يده لتلامس ملامحه التي انهكها المرض و الحزن و لكنه توقف ما أن لمح ارتجافه ملامحه و رفرفه رموشه التي كشفت عن عينان زابله انهكتها كثرة الدموع و الألم فاهتز قلبه علي مظهر والده الذي أخذ يطالعه بإستفهام فهو لم يره منذ ذلك اليوم المشئوم بل لم يكن يري أحدا من الأساس لذا أخذ يدقق النظر إليه و أخذ يغلق عينيه و يفتحها فقد أخذت سنين الظلام من بصره الكثير لذا قال بصوت متهدج و لسان ثقيل بعض الشئ.

انت مين؟

رعشه قويه ضربت جسده عندما استمع الي صوته الذي لم ينساه أبدا حتي و إن ضعفت نبرته و ثقلت كلماته فهطلت العبرات بغزارة من مقلتيه و اخذت شفتيه ترتعش و هو يحاول نطق تلك الكلمه (بابا) و لكن بدلا عن خروجها خرج انين مكتوم بفعل الوجع الكامن في أعماقه و الذي تجدد اليوم بكامل قوته حين رآى والده!

اعتدل محمود في نومته و استند بضعف علي مخدعه و هو يجبر نفسه علي التحرك فضرب الألم جميع جسده و تجلي ذلك في صوت طقطقه عظامه التي نبهت رائد لوضعه فاقترب منه بلهفه يمسك يده التي كانت تبحث عن شئ تستند عليه فإذا به يجد ذلك الغريب الذي حين اقترب رآي بعيناه نظرات كان يعرفها تمام المعرفه منذ أكثر من ثلاثون سنه لتضرب عقله حقيقه صادمه بأنه يقف أمام.

رائد!

قبل أن يستطع عقله نطقها اجابه هو بشفاه مرتعشه و دموع لم تتوقف و نبرة متهدجه فلم يستطع محمود التحدث بل أخذت أنفاسه تتسارع و جف حلقه من تلك الصدمه التي لم يكن يتوقعها أبدا فذلك الشيطان أخبره بأن عامر قد قتل ولده الصغير لإنه كان يظنه ابنه و هكذا اغرقه في بحر من الندم و العذاب لأنه المتسبب في هلاك الإثنان و لكن حقيقه وجوده جعلت العالم يدور به فاسنده رائد بلهفه و اجلسه فوق السرير و هو يقول بصوت أجش.

انت كويس؟

نعم إنه هو تلك النبرة التي كانت و لا تزال محفورة في رأسه و في قلبه أيضا إضافه الي نظرات ضربت قلبه بصوت الذكريات التي تدافعت الي رأسه بقوة فجعلته يدور فأجلسه رائد علي السرير و هو يناظره بنظرات يملؤها القلق الذي تحول الي ذعر عندما وجد باب الغرفه يفتح بقوة فتسارعت دقات قلبه حتي شعر بأن ضجيجها في أذنه و لكنه تنفس الصعداء عندما وجد فاتح الذي إندفع تجاهه و هو يقول بلهفه.

يالا مفيش وقت. راغب جاي علي هنا.

لم يستطع استيعاب حديثه أو بالأحري فقد استنكر قلبه أن يترك والده في تلك الغرفه التي من الواضح أنه محبوس بها لوقت طويل و لكن أتت كلمات فاتح الغاضبه لتعيده الي رشده
مش وقت سرحان بقولك قوم معايا بدل ما نروح في داهيه كلنا..

أخيرا نطق محمود قائلا بأنفاس مقطوعه
قوم معاه يا ابني، متخليش الشيطان دا يشوفك هنا علشان مش يأذيك.
نظر رائد إليه و كان يود الحديث و لكن لم يمهله فاتح الوقت إذ قام يجذبه بقوة من يده و اندفع الي الغرفه الآخري فسمعوا صوت جلبه بالخارج فاخذ فاتح يبحث بالمكان حوله الي أن جاءه ذلك الصوت الذي سمره في مكانه..

صباحا.

اقتربت من الفراش تطالعه بحنان ممزوج بعشق كبير ذلك الذي كان و لا يزال حلمها الجميل الذي لم تتمني سواه منذ أن بدأ قلبها الصغير يخرج الي هذا العالم المخيف ليكون هو ملاذها و الكتف الذي لا يميل أبدا و الأمان الذي لا تشعر به سوي بوجوده. كانت تعلم بأنه غاضب منها كثيرا و لكنها تعلم أيضا بأن حنانه اكبر بكثير من غضبه، لذا اقتربت منه بهدوء تتأمل ملامحه المحفورة فوق جدران قلبها المفعم بعشقه و المختوم باسمه للأبد و صارت يدها تتلمس تقاسيمه الرائعه بعشق كبير تجلي في دقات قلبها الجنونيه التي توازي جنون شوقها إليه فقد تركته منذ ساعات قليله لتجد نفسها كالمجنونه تتلهف لرؤيته و الإرتماء بين ذراعيه لتنعم بدفأهما فقد أيقنت بتلك اللحظه أن عشقها اليه تخطي حدود المعقول فهو أصبح كالإدمان الذي لا تود أبدا الشفاء منه بل تريده أكثر و أكثر لم تعد تكتفي برؤيته فقط تريد أن تروي ظمأها منه فاقتربت شفاهها تنثر عشقها فوق ملامحه التي كانت تغط في نوم عميق تتخلله رائحتها العذبه و ملمسها الناعم فهي دائما ما تكون بطله أحلامه لم يكن يكفيه وجودها في الواقع بل و بالخيال هيا متربعه علي عرشه أيضا. شعر بهمسات رقيقه كالفراشات فوق ملامحه فتململ قليلا في نومته الي أن تحولت تلك اللمسات الي جمرات تحرقه بنيراان الشوق التي اشتعلت بقلبه فور أن استيقظ علي قبلاتها فحاول الثبات قدر الإمكان متلهفا للخطوة التاليه و لكن ما أن لامست شفتيها خاصته حتي هدرت الدماء بعروقه و تعالت أنفاسه مما جعلها ترتد للخلف تناظره بخجل تحول الي خبث و قد أيقنت بأنه مستيقظ لذا قررت أن تعبث معه قليلا فأخذت تمرر شفتيها علي ملامح وجهه بالكامل دون أن تمس شفتيه فكانت تعزز شوقه إليها بدلا من أن تروي ظمأه منها و ظلت علي تلك الحاله حتي اصبح الوضع بالنسبه اليه غير محتمل و قد فطن الي لعبتها فبلمح البصر هب من مكانه جاذبا إياها لتصبح أسفله و قد تبدل الوضع تماما بعد أن كانت هيا المسيطرة وجدت نفسها تحت رحمته مع نظرات ماكرة تجلت في نبرته حين قال.

دا احنا بقينا نعرف نلعب اهوة.

تسارعت أنفاسها من فعلته و لكنها سرعان ما تغلبت علي صدمتها و ارتسمت ابتسامه فاتنه علي ملامحها قبل أن تقول بدلال
عشان تعرف أن تلميذتك شاطرة..

ناظرها بشوق تحول الي رغبه حارقه تجلت في نظراته التي كانت تتنافي مع حديثه الساخر حين قال
شاطرة اوي انتي هتقوليلي..

انهي جملته الساخرة و أوشك علي النهوض فلم تعطه الفرصه ليتفاجئ بذراعيها تكبلان عنقه لتقربه منها أكثر حتي تلامست أنوفهم فتنبهت جميع حواسه بفعلتها المباغته و نظرة التحدي التي رآها في عيناها الساحرة و كلماتها المتدلله حين قالت بخفوت
معرفش ليه حاسه انك عندك شك في قدراتي؟

حاول التحكم في دقات قلبه التي تدق بجنون تطالبه بها الآن و لكنه كان لا يزال غاضبا منها فالليله الماضيه كانت ثقيله جدا علي قلبه الذي اعتاد دفء أحضانها و التي بدونها كانت ليلته باردة كالصقيع لذا أجبر نفسه علي الثبات قدر الإمكان و هو يقول بتهكم
هيا فين القدرات دي انا مش شايفها اصلا!

شعرت بصدمه من كلماته التي بدت و كأنه يسخر منها و قد تحولت صدمتها لعتاب كبير بين نظراتها و في نبرة صوتها حين قالت بخفوت
عشان كل واحد بيشوف الي هو مؤمن بيه. و مدام انت مش شايف قدراتي يبقي انت مش مؤمن بيها، و عموما انا كنت جايه اقولك صباح الخير.

اختتمت جملتها ثم وضعت قبله سطحيه بجانب شفتيه و انسلت من بين ذراعيه تاركه إياه في زهول فهو كان يقصد شيئا آخر بحديثه و كان ينتظر رد فعل مغاير تماما لما حدث منها فقد توقع أن تقوم بمراضاته لتثبت له ما يقصده بحديثه المازح و لكنها حولت الأمر الي منحني آخر لم يكن يقصده و عندما هم باللحاق بها جاءه الطرق علي باب الغرفه و الذي لم يكن سوي لروفان التي ما أن رآها حتي شعر بالحنق فزفر بحدة تجلت في نبرته حين قال.

خير..
رسمت روفان ابتسامه سمجه علي ملامحها قبل أن تقول بإحراج.

صباح الخير يا أبيه
يوسف بفظاظه
مش عارفين لسه إذا كان هيبقي خير و لا لا استني أما نتأكد و ابقي تعالي تاني
هم بغلق الباب في وجهها و لكنها وضعت يدها قائله بلهفه.

ايه يا أبيه هتقفل الباب في وشي؟ حد بردو يعمل كدا مع أخته حبيبته!

يوسف بحنق
اللهم طولك يا روح عايزة ايه يا بت انتي عالصبح؟
روفان بهدوء مستفز
الصراحه يا أبيه انا مش عيزاك انت في حاجه انا جايه لكاميليا صاحبتي عشان مفروض ورانا مشاوير النهاردة مع بعض..

قالت جملتها ثم دخلت الي الغرفه وجلست علي الأريكه وسط نظرته المدهوشه و التي تحولت لغاضبه حين سمع حديثها فخرجت الكلمات منه مستنكرة
نعم مشاوير! هيا كمان هتقضي اليوم مع حضرتك؟

لم يكد ينهي جملته حتي خرجت كاميليا في تلك اللحظه من المرحاض مرتديه روب الإستحمام الخاص بها فقد بدت فاتنه بشعرها الذي كانت تتساقط منه قطرات المياه و ملامحها الصافيه و عيناها المتوهجه و التي كانت تشعل نيران الشوق بقلبه فاوشك علي التقدم منها ليلحظ وجود تلك الروفان التي كانت جالسه تنظر إليهم بعينان متسعه و هيا تضع كلتا يديها تحت ذقنها تطالعهم بإستمتاع و ترقب و كأنها تشاهد فيلمها المفضل فزفر بغضب قبل أن يتوجه الي المرحاض و هو يلعن بسره فما أن أغلق الباب خلفه حتي انفلتت ضحكه خافته من صغرها علي مظهره و شاطرتها روفان التي اقتربت قائله بخفوت.

بت يا كامي ابيه يوسف هيولع. شكلك نفذتي نصايح غرام..

كاميليا بخفوت
وطي صوتك الله يخربيتك لو سمعنا هيخلص علينا. انتي ايه الي جابك دلوقتي؟
روفان برقه ممزوجه بالتوسل
بصراحه يا كامي مقدرتش استني لما تنزلوا و قولت اطلع استعجلك عشان ننفذ الخطه بتاعتنا عشان على يصالحني. تصوري أنه مرنش عليا يقولي صباح الورد يا احلي وردة في الدنيا زي كل يوم؟

ناظرتها كاميليا بحنق تجلي في نبرتها حين قالت
هو انتي يا بت انتي عايزة تشليني! ما أن شالله ما اتصل. ايه يعني الي حصل؟

روفان بتأثر
اسكتي يا كاميليا. اصلك مش فاهمه انا معرفش ابدأ يومي من غير ما اسمع صوته و هو كمان. تخيلي ازاي قلبه طاوعه ميكلمنيش ازاي قدر يقسي عليا بالشكل دا؟

برقت عيناها من مظهر روفان التي كانت علي وشك البكاء فاقتربت منها كاميليا و الإستنكار باد علي ملامحها و قالت بحنق
هو مين الي قسي عليكي يا بت انتي؟ هو لسه عمل حاجه! اومال لو انتي مرتبطه بواحد شبه اخواتك دول كنتي عملتي ايه دول سقونا المر كاسات ياختي دا احنا لينا الجنه علي كدا.

روفان بإقرار
لا يا كاميليا ماهو انا فرفورة و مش حمل مرمطه. انا عايزة احب واتحب و اتفسح و انبسط. بصي انا عايزة ادلع. من الآخر كدا انا جايه الدنيا دي ادلع و بس.

لم تجبها بل توجهت الي غرفه الملابس و تبعتها روفان التي ظلت تثرثر إلي ان انتهت كاميليا من إرتداء ملابسها و خرجت من المكان المخصص للقياس و توجهت أمام المرآه لتكمل زينتها فطالعتها روفان بإنبهار قائله بحماس
ايه دا يا بت يا كامي انتي جبتي البدله دي امتا دي هتاكل منك حته.

لم تكد تجيبها حتي ظهر يوسف الذي كان يتلهف للإختلاء بها و عندما خرج و لم يجد شقيقته ظن بأنها غادرت فتوجه الي غرفه الملابس حتي يراها و هو يلتف بالمنشفه حول خصره ليتفاجئ بروفان التي ما أن شاهدته حتي وضعت يدها فوق عيناها و هيا تقول بصراخ
ايه يا أبيه حد يطلع من الحمام كدا مش تراعي أن في آنسات واقفين؟

شعر يوسف بأنه يتآكل من الغيظ لذا قال بحدة
والله انا مشوفتش في بجاحتك! يعني واقفه في اوضه نومي و تحديدا غرفة الملابس بتاعتي و كمان انتي الي مش عاجبك.

روفان بإحراج و هيا مازالت تضع يدها فوق عيناها و قالت.

معلش يا أبيه اصل عندي مشكله صغننه و محدش هيقدر يحلها غير كاميليا يالا يا كامي
خرجت و هيا تجر خلفها كاميليا التي كانت تود أن تشاكسه قليلا و لكن اجبرتها تلك الحمقاء علي الخروج برفقتها فأتاهم صوته الغاضب من داخل الغرفه.

استني يا بت انتي هنا و اشمعنا كاميليا يعني الي هتقدر تحللك مشكلتك
روفان ببساطه
عشان كاميليا صاحبتي و بعدين عندها قدرات جبارة هيا تبان سهتانه كدا بس لا بيطلع منها افكار عنب.

خرج يوسف بعد أن ارتدي بنطاله و مازال جزعه عاريا و هو يضع كلتا يديه حول خصره يطالعهم بنظرات يملؤها السخط تحولت لآخري ناريه عندما وجدها تضع أحمر شفاه قرمزي أبرز جمال شفتيها فخرجت الكلمات من فمه تلقائيه
هيا فعلا قدرات جبارة
اغتاظت كاميليا من كلماته و التي ظنت بأنها ساخرة لتمسك بحقيبتها و هيا تنظر إليه قائله بنبرة ذات مغزي.

انا عنيا ليكي يا روفي عارفه ليه؟ عشان انتي مؤمنه بقدراتي.
روفان بحماس
انا طول عمري مؤمنه بيكي يا روحي و بقدراتك، اومال هو في كام كاميليا الحسيني في الدنيا. هيا واحده بس.

تأثرت كاميليا بحديثها من ناحيه و من ناحيه آخري كانت تود إغاظته لذا اقتربت منها تعانقها بتأثر تجلي في نبرتها حين قالت
يا روفي انتي قلبي والله..
شاركتها روفان المشهد حيث قالت بأسف مصطنع
شوفتي بالرغم من إنك مطنشاني بقالك فترة و مشغوله عني و فضلتي حد تاني عليا هاه، (قالتها و هيا تنظر إليه بنظرات ذات مغزي ثم تابعت بتمثيل ) بس لا انا بردو مقدرش ازعل منك و لا أنكر انك انتي كمان قلبي.

تبادلت الفتاتان العناق تحت أنظاره الساخطه و لكن جاء رنين هاتفه لينقذهم من غضبه الذي بدأ بالتصاعد فأمسك بهاتفه مجيبا
ايوا يا أدهم..
اجابه أدهم الذي كانت كل عظمه بجسده تؤلمه
يوسف انا تعبان شويه و مش هقدر اروح الشركه النهاردة.

يوسف بتهكم
بيني و بينك اوضتين و متصل بيا عشان تقولي كدا؟
أدهم بتعب
لا ماهو انا مش في القصر انا في الشقه بتاعتك الي في المقطم و معايا مازن
يوسف بقلق
و بتعملوا ايه في شقه المقطم؟ في ايه يا أدهم انتوا كويسين؟
متقلقش يا يوسف انا بس شكلي خدت برد، كنت بلفلف بالعربيه انا و مازن و لقينا نفسنا هناك فقولنا نطلع ارتاح شويه بالليل هنبقي نيجي عالقصر
لم يرتح يوسف لحديثه و لكنه قال بإختصار
تمام. لو احتجت حاجه كلمني.

انهي مكالمته و التف ليجد باب الغرفه قد أغلق بعدما هربت الفتاتان فتوعد بداخله لتلك الكاميليا التي تثير جنونه و غضبه و شوقه في آن واحد.

في الخارج تحدثت روفان التي كانت تجلس بجانب كاميليا في السيارة
بت يا كاميليا تفتكري أدهم و مازن قاعدين في الشقه دي لوحدهم ليه؟ يكونوش بيخونوا غرام و كارما!

نظرت إليها كاميليا بإندهاش تجلي في نبرتها حين قالت
انتي اجننتي يا روفان؟ ايه الي بتقوليه دا؟

روفان بتفكير
هيا بعيدة بس انا الفار بيلعب في عبي بصراحه ايه يودي اللتنين يباتوا هناك؟ و خصوصا أن الشقه دي محدش يعرفها غير يوسف و انتي و هما مش دي الي قولتي يوسف خدك عليها لما رجعك من اسكندرية؟

انتبهت كاميليا لحديث روفان الذي أثار ريبتها و قالت بشك
ايوا هيا، بس عندك حق ليه راحوا هناك؟ هيا حاجه تقلق فعلا بس بردو لا أدهم و لا مازن عمرهم ما يعملوا حاجه غلط
كاد الفضول يقتلها لمعرفه ما يحدث فأتتها فكرة مجنونه فالتقطت هاتفها و قامت بإجراء مكالمه لتقول كاميليا بإستفهام.
بتكلمي مين؟
لم تحبها و إنما قالت بحماس
غراااام، عندي ليكي حته خبر انما ايه طازة عالفرازة..

برقت عيناها من تلك الكارثه المسماه بروفان و حاولت انتزاع الهاتف منها و لكن هيهات فقد ألقت روفان حديثها دفعه واحده
أدهم اخويا بايت في شقه المقطم بتاعت يوسف هو و مازن و منعرفش بايتين هناك ليه و احنا شاكين انا و كاميليا أنه بيخونك و مازن بيهون كارما..
أخيرا استطاعت كاميليا انتزاع الهاتف منها و حاولت تهدئه تلك القنبله التي علي وشك الإنفجار حين قالت.

متصدقيهاش يا غرام دي مجنونه، أدهم و مازن فعلا في الشقه هناك بس أدهم شكله تعبان اوي. هو قال ليوسف كدا في الفون.

علي الجانب الآخر هدأت غرام التي أثارتها كلمات روفان لتتذكر ما حدث البارحة فقالت بلهفه
ايوا يا كاميليا هو تعبان فعلا انتي معرفتيش الي حصل امبارح.

كاميليا بإستفهام
لا معرفتش هو حصل حاجه امبارح؟

انخرطت غرام في نوبه بكاء و هيا تروي لهما علي الهاتف ما حدث البارحه لتتفاجئ كلا من كاميليا و روفان من حديثها و سرعان ما تحولت صدمتهم الي ضحك هستيري و هم يتخيلون الكلاب تطارد كلا من مازن و أدهم مما ادي الي غضب غرام التي قالت بحدة
بتضحكي علي ايه يا زفته منك ليها؟ و لا عشان محدش عملكوا افكار مجنونه زي حبيبي كدا متغاظين؟

توقفت روفان عن الضحك و هيا تذم شفتيها كالأطفال و تقول بتحسر
اه والله عندك حق. شفتي اخويا بيعملك حاجات حلوة ازاي اخوكي معمليش اي حاجه من دي. يرضيكوا كدا.

قهقهت كاميليا علي مظهرها مما جعلها تقول بحنق
بتضحكي عليا. ماشي انا بقي هوريكي على هيعملي ايه؟

كان أدهم يتمدد بإهمال علي الفراش يأن من وجع جسده الشديد نتيجة السقطه القويه من فوق الشجرة و بجانبه مازن الذي كان منهكا منذ البارحه و كان يتمدد علي الأريكه و هو يقول بتعب
الله ينتقم منك يا على يا ابن فاطمه، معدش فيا نفس، انا عايز افضل نايم كدا لمدة أسبوع.

اجابه أدهم الذي كان يعاني من شدة الألم فقال بنواح
امال انا اعمل ايه، دانا جريت الصبح قبله ييجي عشرة كيلو و وقعت ذرع بصل من عالشجرة و كل دا مكفهوش الجاحد يقوم يسيب الكلاب ورايا، انا لو معمولي عمل مش هيجرالي كدا، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا على، وديني لهربيك أن ما فشكلتلك الجوازة مبقاش انا أدهم الحسيني..

اجابه مازن باعتراض
تفشكل ايه دانتا كدا بتخدمه. دا هو أكبر عقاب ليه أنه يتجوز روفان اختك.

أدهم بتأييد
تصدق عندك حق، اهي دي الي هتجلطه و تجيب أجله
رن جرس الباب فنظر الإثنان لبعضهم البعض و تحدث أدهم قائلا
قوم افتح يا ابني مش سامع الباب؟

مازن بتذمر
ما تقوم تفتح انت انا مش قادر
أدهم بحنق
يا اعمي القلب و النظر انت مش شايفني متفشفش قدامك ما تقوم يا ابني انت.

تحرك مازن علي مضض و هو مازال يلعن على في داخله و توجه إلي الباب ليفتحه ليتفاجئ بكلا من غرام و كارما التي اندفعت الي أحضانه و هيا تقول بلهفه
مازن حبيبي، عامل ايه دلوقتي؟

تفاجئ مازن من رؤيتهما و لكن سرعان ما تحولت مفاجأتة الي فرحه عارمه عندما شعر بها بين ذراعيه التي التفت حولها بشوق كبير بادلته إياه فاغمض عيناه يستشعر دفء عناقها ليفزعهم صوت غرام الغاضب و هيا تقول بصراخ
يخربيتك منك ليها انتوا ايه معندكوش بربع جنيه كسوف. الخجل ميعرفش طريق بيتكوا. بتحضنوا في أي مكان كدا.

نظر إليها مازن بحنق قائلا
بقولك ايه يا بت انتي أنا مش ناقصك مش كفايه الي الحيوان اخوكي عملوا فينا امبارح هتبقي انتي و هو علينا
غرام بحدة
ماتقولش عليه حيوان.

مازن يتهكم
طب خشي شوفي حبيب القلب متكوم جوا ازاي و انتي هتقولي عليه ستين حيوان مش حيوان واحد.

هرولت غرام الي تلك الغرفه التي أشار إليها يسبقها قلبها المتلهف إليه و ما أن دخلتها حتي صدمها مظهره المشعث و هيئته المبعثرة و ملامحه التي يبدو عليها الألم فاندفعت تجاهه و هيا تقول بلهفه
أدهم، الف سلامه عليك يا حبيبي.

وصله صوتها المتلهف و لكنه استنكر وجودها فهيا لا تعلم مكانه و هاتفه قد نفذ شحنه لذا لم يفتح عيناه و لكن ما أن استنشق رائحتها العذبه حتي فتح عيناه ليجد عيناها التي تناظره بحزن و تأثر كبير فقال بعدم تصديق
غرام، انتي هنا بجد؟

غرام بحنان
ايوا هنا جمبك. قولي ايه بيوجعك
أدهم بتحسر
قولي ايه مبيوجعنيش. كل عضمه في جسمي بتوجعني، الله يسامحه اخوكي المفتري
غرام بحب
سلامتك يا حبيبي و سلامه عضمك. عضمه. عضمه.

تاه أدهم في نظراتها و كلماتها و لكن سرعان ما ارتسم التحسر علي ملامحه حين قال
طبعا ادلعي براحتك مانا مكسر مش هقدر اعمل حاجه، ربنا ينتقم منك يا على.

غرام بحدة
متدعيش علي اخويا. اينعم هو مفتري و بيستهبل بس بردو.

ضيق أدهم عيناه و قال بحنق
والله انتوا عيله كلها مفتريه. بقي بتدافعي عنه بعد كل الي عمله ماشي خليكي فكراها
اقتربت غرام منه و قد شعرت بأنها اغضبته وقالت بندم
حقك عليا والله ما اقصد ازعلك، انت حبيبي
أدهم بحزن مصطنع
لا حبيبك ايه بقي. دانتي زي ما يكون فرحانه فيا.

غرام بلهفه
والله أبدا دانا كنت هتجنن عشانك و طول الليل منمتش من القلق عليك
أدهم بمكر
كلام
غرام بلهفه
طب قولي اعمل ايه عشان تصدق؟

أدهم بوقاحه
كان في مشروع بوسه امبارح قبل ما ينطلي الي ما يتسمي اخوكي دا فإن أمكن يعني تكمله دلوقتي.

اغتاظت غرام من وقاحته فلكزته بكتفه قائله بأستنكار
بطل قلة ادب بقي، حتي و انت تعبان كدا قليل الأدب
أصابت قبضتها جرح اصابه البارحه أثناء سقوطه من علي الشجرة فخرجت منه صرخه متألمه جعلتها تنتفض في مكانها و صدمها منظر الجرح لم يكن غائرا و لكنه آلم قلبها الذي يعشقه فقالت بخوف
أدهم انت متعور. انا هنادي كارما تشوفك.

لم تتح له الفرصه للحديث و هرولت للخارج تنادي بلهفه
كارما الحقي أدهم متعور تعالي شوفيه
بالفعل توجهت كارما يتبعها مازن للداخل و قامت بفحص أدهم و قالت بعمليه
متخافيش دي مجرد خدوش عايزة تتعقم بس عشان التلوث و كلها كام يوم و تخف (ثم نظرت إلي مازن قائله بإستفهام ) فين صندوق الإسعافات الاوليه الي هنا عشان اعقمله الجروح دي
مازن بإستنكار.

نعم ياختي و انتي مال اهلك تعقميله انتي ليه؟

كارما بسخريه
يمكن عشان أنا دكتورة مثلا و دا شغلي!
مازن بصرامه
بلا دكتورة بلا بطيخ مراته موجودة اهيه. تبقي تعقمله هيا، و بعدين مفيش هنا لا إسعافات اوليه و لا نيله خليه بطينه كدا.

ادهم بإستنكار
ايه بطينه دي يا حيوان انت. ما تحسن ملافظك
مازن بسخرية
مش عاملي روميو و متشعبط عالشجرة اشرب بقي..

تدخلت غرام قائله بحنق
لا والله دا وقت هزار احنا في ايه و لا في ايه. بدل ما عمال تتريق اتفضل روح هات الحاجات من الصيدليه و أنا هعمله انا كل حاجه.

مازن بتهليل
الله اكبر، العو جه العو حضر، حمامه و اكون جايبلك كل حاجه. انتي بس اقعدي جمب لمحروس بتاعك لحد ما نيجي، يالا يا كارمتي.

لم يتح لها المجال للإعتراض بل امتدت يداه لكارما التي لبت نداءه بلهفه و هرول الإثنان للخارج وسط نظراتها المزهوله و نظراته الماكرة التي تحولت للضعف حين شعر شعر بأنها غضبت و قال بألم مصطنع
اه يا ايدي..
تبدد غضبها فورا و تحول الي لهفه و هيا تقترب منه قائله
باهتمام
حركت ايدك ليه بس اهي وجعتك
تحولت نظراته للعشق الذي صوب سهامه إلي قلبها حين قال بصوت اجش
خايفه عليا؟

رفعت غرام رأسها تطالعه و قد اخجلتها نظراته و جعلت الدماء الحارة تندفع لوجنتيها و شعرت بخطورة الموقف فهيا الآن معه بمفردها في تلك الشقه و عادت إليها ذكري أليمه فارتعشت شفتيها رغما عنها و تعالت أنفاسها فشعر هو بما يجول بخاطرها فامتدت يداه تحتوي كفوفها برفق و يقربهم الي شفتيه ليضع قبله دافئه علي راحتها و يرفع رأسه يناظرها بحنان تجلي في نبرته حين قال.

اوعي تخافي مني أبدا، انا اهون عليا الموت و لا إني أأذي شعرة منك..

قبلته الدافئه و كلماته الحانيه اخترقت نوبات الخوف بداخلها و شقت الطمأنينة طريقها في الوصول إلي قلبها فارتسمت ابتسامه هادئه مطمأنه فوق شفتيها جعلته يتنفس براحه قبل أن يقول بخفوت
اطلعي استنيني بره علي ما آخد شاور و اطلعلك و يكون مازن و كارما رجعوا.

خرج منها الحديث بلهفه نابعه من خوفها عليه
طب هتعرف تاخد شاور و انت كدا، انا ممكن اجيب فوطه مبلوله و امسحلك حوالين الجرح لحد ما.

قاطعها بحنو قائلا
متقلقيش انا كويس. و بعدين انا فعلا محتاج اخد شاور. المنظر مش لطيف خالص بالنسبه لواحد وسيم زيي سمعتي كدا ممكن تبوظ.

قال جملته الأخيرة بمزاح لتضحك علي حديثه ثم نهضت من مكانها و مدت له يدها تساعده علي الوقوف و هيا تقول برجاء مغلف بالخجل
طب هساعدك تقوم عشان اتاكد انك كويس.

اطاعها و مد يده لتعانق يدها الممدودة إليه و حاول استجماع قوته حتي ينهض من مكانه فأصبح أمامها مباشرة تناظره بعينان يملؤها الحنان الممزوج بعشق كبير كان اضعافه بقلبه الذي كاد يود لو يأخذها بين أحضانه في تلك اللحظه و لكنه احكم سيطرته علي جيوش شوقه الذي يحرق شرايينه لكي لا يخيفها منه فهذا آخر ما يريده بعد ما قطع كل تلك المسافه للفوز بها لا يريد اي شئ قد يعيده الي نقطه الصفر معها مجددا لذا ابتسم قبل أن يقول مازحا.

بصي انا معرفش إذا كان في حاجه في الشقه دي تنفع تتشرب و لا تتاكل بس انا بصراحه جعان جدا. فإنتي خدي جوله استكشافيه في المطبخ كدا علي ما اخذ الشور بتاعي تمام
غرام بخجل
تمام.

اتجهت غرام الي المطبخ فوجدت به بعض الاشياء اللازمه لصنع بعض الطعام فتحمست كثيرا و قامت بإعداد الاطعمه اللذيذة و هيا تدندن بعض الألحان و اندمجت في الطبخ و الغناء فلم تنتبه لذلك الذي خرج من المرحاض و أخذ يقترب من صوت غناءها و قد تسمر في مكانه يراقب تلك الفاتنة التي تلهو و ترقص يمينا و يسارا و لا تدري بأنها ترقص علي اوتار قلبه المفعم بعشقها. فصارت عيناه تتابعها بحب و اعجاب كبيران و قد نسي كل شئ في تلك اللحظه المكان و الزمان وحتي جروحه المؤلمه لم يعد يشعر بها فقد أسرت تلك المرأة كل أحاسيسه و مشاهده و احتكرت قلبه و جوارحه للحد الذي يجعله لا يتردد ثانيه واحده في أن يهبها حياته بأكملها.

أنهت إعداد الطعام و التفت لتحضر بعض الأشياء من الخزانه لتتجمد في أرضها عندما وجدت ذلك الذي كان يستند علي جانب الباب يراقبها بنظرات عاشقه فخجلت كثيرا و خاصتا عندما وجدته لا يرتدي سوي بنطال قطني تاركا جزعه الاعلي عاريا و قطرات الماء التي تنساب من شعره المبلل لتصل الي جسده المفتول العضلات و التي كانت مقسمه بحرافيه جعلت الدماء تهدر بعروقها و شعرت بأن قلبها سيتوقف من شدة الخفقان و خاصتا عندما اقترب منها و هو يناظرها بتلك الطريقه فقد شعرت بأنه نظراته تلتهمها و قد أيقنت بأنها هالكه لا محاله فهي لن تستطع مقاومته كيف و كل شئ بها يريده بشدة. ما أن اقترب منه حتي أغمضت عيناها تلقائيا و كل شئ بها يتلهف للمساته و لكنها تفاجأت حين سمعت صوته المنبهر خلفها.

انا مش مصدق نفسي مكرونه بشاميل..

شعرت غرام و كأن دلو من الماء المثلج قد سقط فوق رأسها عند سماعها جملته فالتفت ببطأ لتزداد صدمتها حينما رأته يمسك بإحدي الشوكات و يغرسها بالمعكرونه التي كانت بالطاجن و التي اخرجتها للتو من الفرن الكهربائي و كان يقول بسعادة غامرة
انتي عرفتي منين اني بحبها..

لم ينتظر منها إجابه بل شرع في تذوقها و هو يخرج صفير مستمتع للغايه جعلها تنظر بغيظ مكتوم و خاصتا حين قال
تعرفي يا ميمو كل الأكل بينزل في بطني الا المكرونه بشاميل بتنزل في قلبي..

حاولت رسم ابتسامه مكرهه علي شفتيها و هيا تتمتم بحنق
وجع قلبك يا بعيد..

أدهم بإستفهام
بتقولي حاجه يا روحي؟
غرام بتحسر
لا بقول بالهنا و الشفا يا حبيبي، هقول ايه يعني؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة