قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن والثلاثون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن والثلاثون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن والثلاثون

الأمر معقد قليلا و لكن ثمه شعور قاتل يتملكني عندما اتذكر كيف أنني أعطيت قلبي لمن لم يتنازل حتي بالبحث عني فهل غلو الأشياء يكمن في العناء للوصول إليها؟
ام أن عشقي له كان أكبر من مستوي قلبه فلم يتفهمه لذا تخلي عني بكل تلك السهولة؟
الحقيقه بأنني لم اصل لإجابه تكون مسكنا لذلك الوجع الذي علي يساري و لكني وصلت إلي حقيقه ثابته هي أن الفراق الذي كان سببه عزة نفسي هو الإنتصار بعينه.

نورهان العشري.

وقع خبر إصابه مراد كالصاعقه علي مسامع الجميع و خاصة ذلك الذي تجددت ذكرياته السيئه و اسوء كوابيسه فها هو نفس المشهد يتكرر بنفس السيناريو للمرة الثالثه يأتيه خبر آحد أبناؤه فيتجدد نفس الشعور بالصدمه التي تصبح بعد إستيعابها كطلقه تستقر في منتصف القلب لا تقضي عليه فقط تشعره بألم قاتل و جروح داميه تظل طوال الحياه و ها هو قد حدث أكثر ما كان يخشاه و قد تلقي الرصاصه الثالثه التي جعلته يسقط علي الكرسي خلفه دون القدرة علي التفوه فحتي التنفس أصبح ثقيلا عليه لتنطلق الاصوات حوله منها صرخات إستنكار و صرخات ألم حقيقيه و صرخات زائفه توقفت فور سؤال أدهم الخادمه شريفه قائلا بفزع.

انتي بتقولي ايه عمي مراد جراله ايه..؟
أجابته الخادمه من وسط شهقاتها
مراد بيه لقيوه مضروب بالنار و مرمي علي طريق (، ) و ولاد الحلال ودوه عالمستشفي و حالته خطر..
تنفس إدهم الصعداء إثر حديثها فقد إطمئن قليلا لكون مراد لازال علي قيد الحياة و لاول مرة يشفق علي ذلك العجوز الذي تبدلت كل معالم القوة و الجبروت علي وجهه لمنتهي الضعف و الألم فتوجه إليه و جلس علي ركبتيه معتصره كفيه بين يديه قائلا.

عمي مراد ممتش يا جدي، عمي مراد هيعيش أن شاء الله..
طالعه رحيم بنظرات ضائعه و هو لا يدري ماذا يقول أو ماذا يفعل فقط يشعر بدوامه تأخذه الي عالم اللاوعي خشية أن يمر بنفس الأحداث مرة آخري لتنطلق كاميليا التي اشفقت هيا الأخري علي ذلك العجوز الذي لم يشفق عليها يوما و تقدمت نحوه ممسكه بإحدي يديه قائله بقوة
فوق يا جدو عمي مراد عايش و لازم كلنا نكون جمبه و حواليه مش نقعد تعيط هنا..

و كأن صوتها اتي من البعيد لينتشله من تلك الهوة العميقه التي كادت أن تبتلعه و هب من مكانه قائلا بقوة
ايوا صح لازم نكون جمبه و معاه..
توجهت أنظار أدهم لشريفه قائلا
مقالوش ودوه مستشفي ايه..؟
شريفه بلهفه
ايوا ودوه مستشفي ( )
كاميليا بلهفه
يالا بينا نروحله..
كان كل هذا يحدث أمام سميرة التي ارتعبت مما سمعته فمراد مازال علي قيد الحياة و هيا الكارثه بعينها فأخذت ترتجف عندما تذكرت ما حدث بالأمس
فلاش باااك.

توسعت عينا مراد عندما رأي زوجته في أحضان رجل آخر و الأكثر صدمه أن يكون ذلك الرجل و هو عدوهم اللدود راغب نصار
فقال بصدمه
أنت..
صدمه امتزجت بالرعب و الزعر كانت تسيطر علي كلا من راغب و سميرة خاصتا عند رؤيتهم لذلك السلاح الذي يمسكه مراد ليحاول راغب مسايسته حتي لا يقدم علي فعل طائش فقال بصوت مهزوز
مراد اهدي، متضيعش نفسك..
مراد بغضب
يا كلب مكفكش الي عملته زمان في اخويا جاي دلوقتي لتكمل وساختك مع الكلبه دي..

سميرة ببكاء
محصلش حاجه والله يا مراد، انت فاهم غلط..
مراد باستنكار
فاهم غلط..! علي أساس اني هكدب عنيا و اصدقك و لا علي أساس اني معرفش تاريخك الوسخ من اول ما جريتي ورا أحمد أخويا و هو رماكي زي الكلبه و جيتي تبقي حواليا و أنا زي الغبي صدقتك و بسبب وساختك خسرت انضف انسانه في الدنيا ، دانتي المادة الخام للقذارة، اتفو..

بصق مراد بوجه سميرة التي اندلع الحقد بجوفها فأوشكت علي الحديث فسبقها راغب الذي لاحظ تحول ملامحها ليقول بمسايسه
اديك قولت انها واحدة قذرة يبقي ليه توسخ إيدك بدمها، اعقل كدا و اهدي و كل حاجه تتحل بالعقل..
مراد بغضب جحيمي
انت تخرس خالص يا حيوان اخويا اتقتل بسببك انت و اخوك بعد ما دخلتوا بيتنا و كلتوا من خيرنا عضيتوا الايد الي اتمدتلكوا بس ملحوقه، التار الي بقالوا تلاتين سنه هيخلص النهاردة..

انهي مراد حديثه و قام بشد أجزاء سلاحه و قد قرر بدفن بذور الشر للأبد لتطاله يد الغدر و يقوم الحارس بضربه بمؤخرة سلاحه ضربه قويه أدت الي وقوعه مغشيا عليه فقد استفاق الحارس من إغماءتة التي سببها له مراد ثم توجه ناحيه الأصوات العاليه و عندها أعطاه راغب إشارة خفيه للتخلص من مراد الذي عند وقوعه تنفس كلا من راغب و سميرة الصعداء و لكن الأخيرة أخذت تولول و تنوح قائله ببكاء.

يا فضيحتك يا سميرة خلاص كل حاجه راحت و كل حاجه انكشفت، هعمل ايه انا دلوقتي مراد لما يفوق هيقتلني..
راغب بصراخ
بطلي ولوله و نواح مش ناقص قرف، كل عقدة و ليها حل..
سميرة باستنكار
حل..! حل ايه بقولك لما يفوق هيموتني.
راغب بمكر
و مين قالك أنه هيفوق..
ضربت سميرة علي صدرها قائله بفزع
يالهوي انت ناوي تعمل فيه ايه..؟
راغب بملل
هعمل ايه يعني هوديه عند اخواته اصل شكلهم وحشوه..
زاد نواح سميرة و قالت بولوله.

يا نهار اسود انت اتجننت هتقتله..
راغب بغضب
ايه صعبان عليكي ياختي، لا بقولك ايه حددي موقفك من دلوقتي يا معايا يا عليا و ساعتها متلوميش غير نفسك..
ارتعبت سميرة و قالت بتلعثم
لا عليك ايه، اعمل الي تعمله، اهم حاجه اسمي ميجيش في الموضوع..
قهقه راغب بشر ثم قال بمكر
تعجبيني و متقلقيش الموضوع دا براكي، انا هجهز لرحيم الحسيني هديه حلوة كدا و ابعتهاله زي الي قبلها..

قال الأخيرة بغموض لم ترتح له سميرة و لكنها لم تعلق عندما سمعته يقول للحارس
خده و انت عارف هتعمل ايه مش عايز اي غلط عايز الشغل يكون علي ميه بيضه..

اومأ الحارس الذي قام بسحب مراد الملتقي علي الارض فاقدا للوعي ثم سميرة التي هرولت لارتداء ملابسها و شرعت في مغادرة الشقه الي القصر الذي تسللت إليه خلسه و هيا ترتجف من شدة الخوف و التوتر و لم تخرج من غرفتها حتي بعد أن طمئنها راغب بأن مراد أصبح من الموتي و لم تلحظ تلك الأفعي التي كانت تري حالتها ففطنت الي أن كارثه قد حدثت و قد اندهشت عند رؤيتها في الصباح بالمنزل فقد كانت تتوقع بأن يتخلص منها مراد عقب معرفته بخيانتها له فهي قد زرعت بذرة الشك بداخله و أخذت ترويها بالافكار المسممه و عندما سمعت حديث سميرة مع ذلك المدعو راغب قررت بأن تتخلص منها اليوم فيعرف مراد بخيانتها و عندها لن يتردد في قتلها فيموت سرها معها و لكنها عادت بلا اي خدش و مراد لم يعد و الان عرفت ماذا حدث فقد تخلصت. منه هيا و عشيقها و لكن للقدر دائما راي آخر فها هو لم يمت لذلك هيا ترتجف مثل الورقة..

فاقت نيفين من شرودها علي مشهد كاميليا و هيا تمسك بيد جدها و تقوم بتهدئته لتشتعل غضبا و توجهت نحوه و هيا تمثل الانهيار لتبعد كاميليا بعنف و هيا ترتمي بين أحضان رحيم قائله بانهيار مزيف
قتلوا بابا يا جدو، بابا هيموت و يسبني..
انشق قلب رحيم حزنا عليها و قام باحتضانها بقوة و قد نزلت دموعه حزنا علي فلذة كبده و قال يهدئها.

لا يا نيفين ابوكي عايش ممتش، ابوكي عمره ما هيسبناا دا هو الامل الي فاضلي في الدنيا دي..
قال الأخيرة بوجع فاشفق عليه جميع الحضور ليقول أدهم بقوة
مفيش وقت بالي انتوا بتعملوه دا، لازم نروح نطمن عليه و نشوف حالته ايه..
وافقه الجميع الا سميرة التي لم تقدر علي التفوه بحرف قبادرها أدهم بالسؤال
ايه يا مرات عمي مش عايزة تطمني علي جوزك الي بين الحيا و الموت و لا ايه..
سميرة بلهفه بعد ان فاقت من صدمتها.

طبعا. طبعا أنا هاجي معاكوا..
انطلقت أدهم يتبعه الجميع الي السيارات المتوجهه المشفي للإطمئنان علي حالة مراد..

كان رائد ينظر إلي تلك النائمه بسلام بفعل المنوم الذي أعطاه إليها طبيبها الخاص حتي لا تتعرض لنوبات الزعر التي تأتيها دون أن يعرف سببها للآن و لكنه كان يرجح بأنها بسبب تلك الحادثه التي تعرضت لها و قد كان ذلك يزيد من غضبه و رغبته في الانتقام أكثر و لكن الانتقام علي طريقته الخاصه..

أخذ رائد يمسد شعر والدته في حب و هو يتمني فقط لو يستطيع معانقتها في تلك اللحظه احتفالا بتحقيقه خطوة آخري في طريق انتقامه مِن مٓن تسببوا في تسميم حياتهم و لكنه لم يرد أن يرهقها حتي عندما طلبت منه الحديث قد تهرب منها حتي لا يرهقها أكثر واعدا إياها بالحديث في اقرب وقت عندما تستعيد عافيتها..

تجعيده ارتسمت علي جبهتها و هيا نائمه عند رنين الهاتف معلنا عن إتصال قد إنتظره كثيرا فأجاب رائد بنبرة حاول أن تكون حزينه
ايوا يا يوسف انت فين..؟
يوسف بجمود
مش مهم عايزك تروح الشركه دلوقتي ..
رائد بإستفهام
ليه.؟
هتلاقي فايل علي مكتبي هتاخده و تروح بيه علي عاصم ممدوح مدير البنك الي بنتعامل معاه و هو هيتصرف..
رائد بإندهاش
انت ناوي تعمل ايه يا يوسف..
يوسف بجمود.

هرهن القصر و باقي الممتلكات و هحاول اجمع اكبر مبلغ ممكن..
رائد بسعادة غلفها بالاستنكار
ايه الي انت بتقوله دا يا يوسف..
يوسف بصراخ
الي سمعته دا قراري و محدش يناقشني فيه..
رائد بحزن زائف
و هو المبلغ الي هتجمعه هيكفي ايه و لا ايه يا يوسف..؟
نجهز الفلوس بس و بعد كدا هنحاول نتفاوض معاهم أنهم يقسطولنا المبلغ، و اعمل حسابك أنك بالكتير قدامك عشر ايام و تسافر لهم عشان تتفاوض معاهم..
رائد بحزن زائف.

دي مجازفه كبيرة يا يوسف انت متأكد من الي هتعمله دا..؟
يوسف بنفاذ صبر
صفقه الألمان دي لازم تتم بأي شكل وبأي طريقه دي املنا الوحيد إننا ننقذ الشركه....
رائد مستسلما
الي تشوفه، اهم حاجه خليك انت في الي انت فيه و أنا هتابع شغل الشركه متقلقش..
يوسف مستفهما
تقصد ايه؟
هو انت متعرفش؟
يوسف بفظاظه
اعرف ايه اخلص..
رائد بحزن حقيقي
عمو مراد في المستشفي بين الحياه و الموت لقيوه مضروب بالنار و مرمي علي طريق (، ).

في المشفي كان الجميع علي صفيح ساخن عندما أخبروهم بأن مراد حالته خطيرة و بأنه يخضع لعمليه جراحيه صعبه للغايه فأخذ الجميع يدعو إليه بالشفاء الا تلك الأفعي سميرة التي كانت تتمني موته فنجاته تعني هلاكها فمن يراها يظن بأنها زوجه صالحه ترتجف رعبا من فقدان زوجها بينما هيا أمرأة منحطة مخادعه دنستها الرزيله فقتلت إنسانيتها للحد الذي جعلها تتمني موته.

و علي الجانب الآخر تلك النسخه الأكثر شرا منها و التي كان عقلها يعمل في جميع الاتجاهات في كيفيه إستغلال الموقف لصالحها و من هنا أتتها فكرة خطيرة و قررت البدأ في تنفيذها فاقتربت من رحيم و أمسكت بكفه تزامنا مع نزول عبراتها الزائفه ثم قالت بخوف مصطنع
اقعد ارتاح يا جدو شكلك تعبان اوي..
حاوط كتفها رحيم و قام بتقبيل رأسها ثم قال بوهن
و مين هيقدر يرتاح يا بنتي و الغالي نايم جوا بين الحيا و الموت..

أتقنت نيفين تمثيل دور الانهيار جيدا فأخذت تزرف الكثير من العبرات و تنتحب بقوة و كانت كاميليا تنظر إليها بشفقه فهيا تعرف جيدا شعور القلق من فقدان شخص عزيز علي قلبها و قد تزاحمت الذكريات السيئه بداخلها فاستندت بوهن علي الحائط خلفها و أغمضت عيناها بشدة تتمني أن يأتي في تلك اللحظة فهي بحاجه ماسه الي وجوده و الاطمئنان عليه حتي تستطيع أن تتجاوز أحزانها و ما كادت أن تنهي دعائها الخفي حتي فاجئها صوت نيفين و هي تهرول تجاهه قائله بإنهيار.

يوسف الحقنا يا يوسف بابا بيضيع مننا..
اختتمت نيفين جملتها ملقيه بنفسها في أحضان ودت لو تلفظها إلي ابعد ما يكون و لكن لم يكن باليد حيله فقام يوسف بالربت علي كتفها بتحفظ قائلا بمواساه
اهدي يا نيفين أن شاء الله هيقوم بالسلامه..
ثم تركها مرورا بهم جميعا و توجه إلي رحيم الي الذي نظر إليه و كأنه السبيل الوحيد لإنقاذه و قال بضعف
عمك بيموت يا يوسف نفس المشهد بيتكرر للمرة التالته يا ابني..
يوسف بمواساة.

إهدي يا جدي عمي مراد اقوي مما تتخيل و أن شاء الله هيقوم و هيبقي احسن من الاول بس انت قول يارب..
نظر رحيم إليه بأمل و نطق قلبه قبل لسانه قائلا برجاء
يارب..
يوسف بلهفه
الدكتور قال ايه..؟
أدهم ييأس
الدكاترة كلهم جوا بقالها ساعتين و محدش طلع طمنا و لا قالنا حاجه..

زفر يوسف بتعب ثم التفت يبحث عنها لتلتقي العيون بنظرات قادرة علي سرد ألف روايه من روايات العشق فقد بثته نظراتها الكثير من عبارات المواساة التي نطق بها القلب للقلب بدون أن تتدخل الشفاه و قد بثها الامان بوجوده الذي طغي علي جميع أحزانها و أعطاها الشعور بالقوة للمقاومة وسط تلك النظرات القاتله الممتلئه بالحقد و الكره التي ترمقها بها تلك الأفعي و والدتها و التي زادت أضعاف عندما توجه إلي حيث كانت تقف هيا و والدته التي انهارت بين أحضانه فأخذ يربت علي ظهرها يهدئها ثم قام أخيرا باول شئ اراده منذ أن وطئت اقدامه المشفي و هو ضمها الي صدره الممتلئ بهموم تكفي جميع سكان الأرض لتكون هيا البلسم الذي يطيب جروحه و يهدئها و خاصتا عندما تخلصت من خجلها وبادلته العناق باقوي منه غير مبالين بكل تلك العيون التي تناظرهم منها بحب و منها بغضب و منها بحقد كبير و التي كانت لتلك الأفاعي التي أمسكت بذراع ابنتها لتقول لها بصوت منخفض.

شفتي بيحضنوا بعض ازاي، و لا عاملين اعتبار لحد..
أجابتها نيفين بحقد
شفتي هو بيحضنها ازاي و كأنه مفيش في الدنيا غيرها بس انا فالح يطبطب عليا كاني الي مرمي جوا دا مش أبويا. زي ما يكون قاصدين يقهروني بس وحياة حرقه قلبي دي لهحرق قلوبهم كلهم..

نظر أدهم لنيفين التي كانت تنظر إلي أخيه و زوجته بعينان تقطر حقدا فاقترب منهم و قام بالربت علي كتف أخيه الذي استفاق من جنه ذراعيها بعد أن أخذ جرعه من السلام كافيه لجعله قادرا علي مواجهة كل تلك الكوارث من حوله فبادره أدهم بالحديث. قائلا
عامل ايه دلوقتي.
يوسف بإختصار
الحمد لله.
نظر له أدهم نظرة ذات مغذي فترك يوسف يدها علي مضض و ابتعد بأدهم خطوتان فبادره بالسؤال
معرفتش مين الي عمل كدا..؟

زفر أدهم قائلا بيأس
للأسف لسه، احنا لسه عارفين مبقالناش ساعه زي جبتهم و جيت علي هنا و قولت اطمن عليه الاول و بعد كدا هقلب الدنيا ورا الكلاب الي عملوا كدا..
نظريوسف أمامه بشرود قائلا بغموض
متقلقش كل واحد هياخد جزائه..
لم يستطع أدهم الاستفسار عن جملة يوسف التي خربشت الفضول بداخله ليفاجئهم خروج الممرضه تهرول تجاههم و هيا تقول.

احنا محتاجين دم بسرعه فصيله (، ) و دي فصيله نادرة مش متوفر منها في المستشفي دلوقتي..
اندفعت كاميليا من بين الجموع تقول بلهفه
دي فصيله دمي انا ممكن اديكي الدم الي انتي عايزاه..
اندفعت نيفين تنحي كاميليا جانبا و هيا تقول بعنف
دي فصيله دمي انا كمان و أنا الي هديله..
قالت الأخيرة و هيا تنظر لكاميليا شذرا فتنحت الأخيرة جانبا ليندفع صوت قوي من خلفهما قائلا
لانتي و لا هيا انا الي هتبرع بالدم..

نظر يوسف الممرضه و تابع حديثه قائلا بلهجه قاطعه
خدي مني الدم الي انتي عايزاه المهم تنقذوه.
اتفضل معايا.

سار يوسف خلف الممرضه دون التفوه بحرف و لكن امتدت يداه تقبض علي معصمها في رفق ليسحبها خلفه فهو لا يضمن بقائها وسط تلك العيون التي تكاد تأكلها حقدا و كرها ليصلا معا الي غرفه سحب الدماء و أخذت الممرضه تشرع في تنفيذ عملها فغرزت الإبرة في شريانه لتبدأ بعمليه سحب الدماء و كانت كاميليا تجلس علي الكرسي بجواره في هدوء تام الي أن امتدت يده الحرة و أمسكت بكفها ليضعه فوق شفتيه يلثمه برقه قائلا بلهجه مطمئنه.

هيبقي كويس أن شاء الله.
أماءت برأسها راسمه إبتسامه بسيطه لم تصل الي عينيها و ظلت علي صمتها و بالمقابل لم يكن لديه قدرة علي الحديث فقد كان عقله يعمل في أماكن آخري يكفيه فقط أن يشعر بها بجانبه مر بعض الوقت حتي انتهي الأمر و قد سحبوا منه كميه ليست بالقليله اخذتها الممرضه و ذهبت الي غرفه العمليات فسألته كاميليا بخفوت
. انت كويس..
فأجابها باختصار
الحمد لله.

فلم تعقب علي رده المختصر و إنما أخذت تنظر في الاتجاه الآخر فاعتدل يوسف في جلسته و قام بوضع إصبعه تحت ذقنها و أدارها إليه ناظرا الي عينيها بقوة فوجد بحر العسل خاصته يملؤه الحزن و يطفئ بريقه و قد آلمه ذلك كثيرا فقال بحنان
مالك..؟

و كأن كلمته كانت الاذن بإندفاع أنهار عيناها التي حفرت خطوط كالوديان فوق خديها و أخذت شهقاتها تتعالي تزامنا مع التفاف ذراعيه حول خصرها و عناقه القوي لها و التي كانت تحتاجه بشده فاخذت تقول من بين شهقاتها
أنا آسفه، حقك عليا انا عارفه اني السبب في كل الي حصلك. بس والله ما اقصد.
اندهش يوسف من حديثها و قام بإحتواء وجهها بين كفيها ناظرا الي عينيها قائلا
اهدي شويه، مين الي قالك الكلام الغريب دا..

توترت كاميليا و نظرت للاسفل قائله بحزن
مش محتاجه حد يقولي، انا عارفه اني عبأ عليك و سبب كل حاجه وحشه بتحصلك هو إرتباطك بيا..
ابتسم يوسف ساخرا ثم قال بغضب
كاميليا لآخر مرة مين الي قالك الكلام دا، سميرة و لا نيفين.؟
نفت كاميليا حديثه بلهفه قائله
والله أبدا محدش منهم قالي حاجه
يوسف بغضب
يبقي جدي صح..
ارتبكت كاميليا و هيا تقول
هو مكنش يقصد والله بس هو كان متعصب لما سمع أنكوا خسرتوا المناقصة..

زفر يوسف بأسف ثم قال بخفوت
و إنتي صدقتيه يا كاميليا.؟
نزلت دمعه من طرف عيناها و قالت بحزن
كلامه صح يا يوسف..
قربها يوسف منه كثيرا للحد الذي أصبح رأسه فوق موضع نبضها و قال بصوت أجش
عارفه ان اكتر حاجه بتصبرني علي كل التعب و الضغط و العذاب دا هيا حضنك يا كاميليا، وقتها كل حاجه بتهون..
كاميليا بوهن
يوسف!
يوسف بحب.

قلب يوسف إلي مبيدقش غير ليكي ، تفتكري يا كاميليا لو مكنتيش موجودة في حياتي كنت هبقي قادر اواجه كل الي انا فيه دا.؟
طالعته كاميليا بعشق ممزوج بالحزن ليتابع هو حديثه الذي اهتزت له كل خليه في جسدها
انا زي الي بيحارب في الدنيا دي عشان ينول الجنه في الآخر. الي هيا انتي يا كاميليا، انتي جنتي الي هتكافئ بيها بعد كل العذاب دا. اوعي تفكري تبعدي عني أبدا..
احتضنته كاميليا بقوة و هيا تقول بانهيار.

مقدرتش والله ما قدرت اعملها حسيت ان الموت أهون من لحظه واحده بس اعيشها بعيد عنك، مش هكرر غلطي أبدا يا يوسف. مش هبعد عنك مهما حصل، انا بحبك اوي..

و لاول مرة منذ أن طوقها عشقه تخلع ثوب الخجل جانبا لتضع شفتيها فوق شفتيه لتعبر له عن عشقا يجري داخل دمائها قد بلغ ذروته فلم تعد قادرة علي التحمل فليذهب كل شي الي الجحيم فهو بمثابه الهواء الذي تتنفسه و ليست لديها القدرة علي الاستغناء عنه قاخذ هو يبادلها القبله باقوي منها و قد تولي هو زمام الأمور بعد أن تغلب علي صدمته من فعلها الغير متوقع و الذي جاء كقطرات مطر علي أرض قد جفت من فرط العناء ليعيد لها الحياة من جديد فاخذا الثنائي يتبادلان العشق بقوة و كأن قلوبهم تتنافس في من يعشق الآخر أكثر.

فقد كان الأمر أشبه بملحمه تغذيها نيران العشق التي لا يقدر علي إخمادها انهار العالم أجمع و لكن لا قدرة لاجسادنا الفانيه علي إحتمال نوبات العشق الجنونيه تلك فصارت رأتيهما تصرخ طالبه لبعض الهواء و عندها تركها مرغما و هو يود لو يحتجزها بين قضبان ذراعيه للأبد فلا طاقه له بالبعد و قد كانت هيا الأخري تشاطره نفس الشعور فظلت دوامات العشق تتقاذفهم الي أن أتي ذلك الهاتف الذي جعل يوسف يتركها مرغما و هو يجيب باختصار.

عملت الي قولتلك عليه..؟، طب استني مني تليفون،
ارادت كاميليا الاستفسار عما يحدث فلم يمهلها يوسف الوقت بل بادرها بالحديث قائلا
اول و آخر مرة تفكري تبعدي يا كاميليا..
تشتت إنتباهها بالكامل الي جملته و التي نفتها بلهجه قاطعه و هيا تقول بلهفه
والله أبدا يا يوسف انا لغيت الفكرة في لحظتها، انا قولتلك عشان اكون صريحه معاك..
يوسف بهدوء.

خلاص يا كاميليا اقفلي عالموضوع دا، و سيبك من الفكرة العبيطه بتاعت انك السبب في كل الي بيحصلي دا عشان الكلام دا مش صح انتي ملكيش ذنب في أي حاجه، الموضوع براكي خالص..
كاميليا بحزن
طب طمني هتعمل ايه بعد موضوع المناقصة دا..
زفر يوسف بتعب قائلا
هتتحل يا كاميليا أن شاء الله..
أن شاء الله، أدهم قالي أنوا شاكين أن في خاين في الشركه..؟
قالت كاميليا جملتها الأخيرة بترقب ليجيبها يوسف بأسف
دي حقيقه،.

و لسه معرفتوش مين.؟
يوسف بنفي
لا لسه، انا و رائد و أدهم بندور عليه و اكيد هنعرفه في اقرب وقت..
شحبت ملامح وجهها عندما نطق يإسم رائد و بدأ تأنيب الضمير ينخر عظامها فهل تخبره بأن هذا الخائن ليس ذلك الصديق الذي تظنه اوفي الناس و لكن بهذا الحديث فقد ينكشف سرها أمامه و قد يحدث أسوء كوابيسها فماذا عليها أن تفعل.؟
لم تستطع التفوه بحرف نظرا لدخول الممرضه مسرعه و هيا تقول.

للأسف محتاجين دم تاني. و منقدرش ناخد من حضرتك ممكن تاخد من الانسه لأن للأسف البنت التانيه حالتها متسمحش أننا ناخد منها.
قطب يوسف جبينه و قال باستفهام
بنت مين؟
الممرضه
نيفين الي هيا تقريبا بنت المريض الي في العمليات
يعني ايه حالتها متسمحش..؟
الممرضه بعمليه
حالتها الدكتور هيشرحهالك لكن انا دلوقتي محتاجه دم للمريض و مقدرش اخد الكميه دي كلها من حضرتك فهضطر اخد من الانسه.

أوشك يوسف علي الاعتراض فوضعت كاميليا يدها فوق شفتيه قائله برجاء
عشان خاطري يا يوسف ماتخفش عليا و سيبني اتبرعله بدمي، ارجوك.

قالت الأخيرة برجاء لم يستطع هو رفضه فوافق علي مضض و تمت المهمه بنجاح و اخذها يوسف متوجها حيث الجميع ينتظر علي احر من الجمر و هما في طريقهما أوقفته ممرضه آخري لتخبره بأن الطبيب يريده لأمر هام فاختارت كاميليا أن تسبقه الي أن يري ماذا يريد الطبيب منه و ذهبت الي حيث وجدتهم مثلما تركتهم و مر بعض الوقت ثم التفتوا جميعا الي ذلك الصوت القادم من خلفهم
طمنوني عمو مراد عامل ايه؟

كان هذا صوت روفان التي استطاعت تهدئة زين بعد نوبة الزعر التي تعرض لها عندما شهد صراخهم و تركته مع الخادمه ثم جاءت مهروله للإطمئنان علي مراد
و ما ان همت كاميليا بإجابتها حتي جاء خروج الطبيب الذي قال بتعب
للأسف العمليه كانت صعبه و الرصاصه كانت جمب شريان رئيسي قدرنا نخرجها بصعوبه، بس الحاله لسه غير مستقرة..
أدهم بإستفسار
يعني ايه يا دكتور لسه في خطر علي حياته.؟

للأسف اه دا غير اننا لسه مش عارفين حالة المخ هتبقي عامله ازاي لانه واخد خبطه جامدة في مكان حساس في دماغه،
رحيم بقلق
تقصد ايه يا دكتور..؟
اقصد أنه للأسف ممكن يدخل في غيبوبه و دي منقدرش نجزم هيفوق منها امتا
أدهم بيأس
طب و هنقدر نعرف دا امتا يا دكتور..
الطبيب بعمليه
في خلال ٤٨ ساعه هنقدر نحدد الحاله، الف سلامه عليه..

غادر الطبيب بعد أن تركهم فريسه للقلق و اليأس ليأتي صوت على القادم من الخلف تتبعه والدته و اختيه فقد جاءوا بعد سماع الخبر للاطمئنان علي حالته و الإطمئنان علي حالة روفان و كاميليا التي اندفعت الي أحضان خالتها تبكي و هيا تقول
حالته خطره يا خالتو بقالهم حوالي تلت ساعات في العمليات و محدش طمنا.

اقترب على من أدهم الذي تحركت كل خليه به تطالبه بإحتضانها بين ذراعيه طالبا السلام الذي يفتقده كثيرا في ظل تلك الظروف التي يمروا بها فطالعته هيا بنظرات اخترقت قلبه فقد كانت تواسيه عيناها للحظات قبل أن تجبره كلمات على الالتفات نحوه و هو يقول
الف سلامه عليه يا أدهم أن شاء الله هيقوم بالسلامه.
أدهم بحزن
أن شاء الله يا على.

ربت أدهم فوق كتفه بمواساه و قد التفت البنات حول كاميليا و روفان يحاولان تهدئتهم غافلين عن تلك النظرات القاتله التي تبادلها نظرات آخري هادئه و التي كانت تدور بين فاطمه و رحيم الذي انتفض من مكانه و قال بلهجة حادة
انتي ايه الي جابك هنا؟
لم تستطع فاطمه الاجابه علي سؤاله فغضب رحيم من صمتها و قال وسط زهول جميع الحاضرين
جايه تشمتي فيا مش كدا، جايه تتاكدي أنه مات زي الي خلصتوا عليهم قبل كدا. صح؟

عند هذه الكلمات الجارحه انتفض علي و قال بقوة و لهجه مماثله للهجه رحيم
شماته ايه يا رحيم بيه خلي بالك من كلامك، امي جايه تعمل الواجب
رحيم بسخريه
واجب! لا و هيا طول عمرها صاحبه واحب بصحيح، دي جايه تشمت فيا و تشوفني و أنا مكسور و ابني بين الحيا و الموت انا عارف. بس مش هنولهالك يا فاطمه و ابني هيقوم بالسلامه، و دلوقتي اتفضلي مش عايز اشوف وشك هنا تاني
قال الأخيرة بقهر فجعل الغضب يتمكن من على الذي قال بغضب.

انا مسمحلكش تتكلم مع امي بالطريقه دي، امي طول عمرها ست محترمه و عمرها ما فكرت بالطريقه القذرة دي أبدا..
رحيم و قد فقد كل ذرة تعقل لديه فقال بغضب
و الست المحترمه دي مقالتلكش أنها خطفت ابوك من أمك و اتسببت في موتها..؟
صدمه كبيرة خيمت علي الجميع تلاها شهقات متفاجئه و آخري مستنكرة و لكن الصدمه الحقيقيه كان عندما تفوه على بتلك الكلمات التي ألجمت رحيم و جعلته غير قادر علي التنفس.

اخرس، امي دي اشرف إنسانه في الوجود، و عمرها ما أذت حد أبدا،
تلك المرة كانت الصدمه الأكبر من نصيب فاطمه التي سقطت عبراتها كالشلال و تفاجئت اكبر بإقتراب على منها و قام بتطويقها بذراعيه و هو ينظر إليها بحب قائلا بفخر.

مالك استغربت كدا، استغربت اني عارف الحقيقه صح؟ ايوا انا عارف كل حاجه و من زمان اوي من ايام ما كنت بقدم في الداخليه وقتها بابا حكالي علي كل حاجه و وراني شهادة ميلادي الحقيقيه، بس تعرف انا وقتها حبيتها و احترمتها اكتر من الاول الف مرة..

لما تبقي بنت في عز شبابها و تقبل تربي طفل يتيم و تشيله في عينيها و تحبه و تعامله احسن من ولادها يبقي تستاهل اني أشيل جزمتها علي راسي العمر كله، الي محسستنيش لحظه واحده اني مش ابنها و الي تفهمني من نظرة عيني و الي تشيل همي العمر دا كله تبقي أعظم أم في الدنيا و مسمحش لاي حد أنه يجيب سيرتها علي لسانه، بس عارف انا دلوقتي فهمت كلام بابا لما سألته ليه قولتلي كان ممكن معرفش قالي يا ابني احنا عايشين في غابه و أنا مش هسمح لحد أبدا أنه ينهش في فاطمه بعد ما اموت لإن فاطمه دي أعظم انسانه في الدنيا عشان كدا امك الله يرحمها وصتها عليك قبل ما تموت و وصتني محدش يربيك غيرها و كان عنده حق في كل كلمه قالها،.

كان الجميع في حالة الصدمه التي سرعان ما تحولت إلي تأثر من حديث على و نبرة الفخر التي يتحدث بها عن والدته التي لم تنجبه و لكن دائما ما يشوش الغضب علي العقول و القلوب و خصوصا تلك التي انكوت بنار الفقد فأصبحت لا تدري اي طريق للنجاة فقال رحيم بغضب ممزوج بالحسرة.

ضحكت عليك زي ما ضحكت عالي قبلك، كلهم كدا ضيعوا مني ولادي كلهم، عمري ما هقدر اسامحهم و إن كان جدك ضعف عشانكوا وسامح فأنا لا. هفضل اكرهها هيا و أختها العمر كله..
اندفعت كاميليا بعد أن فاض بها الكيل من تحمل تلك الإهانات الموجهه لمن هم منها و هيا منهم فقالت بغضب ممزوج بالألم
انت ايه.؟ انت ازاي قادر تكون كدا..؟ بتظلم و بتهين الحي و الميت من غير ما يأنبك ضميرك أبدا انت ايه معندكش قلب..؟

قالت الأخيرة بصراخ امتزج مع شهقاتها ليصل غضب رحيم لذروته فارتفع كفه في الهواء صافعا إياها بقوة و لكن مهلا فتلك الصفعه القويه لم تسقط علي وجهها بل سقطت علي وجهه هو، يوسف!

خيم الصمت و الزهول علي ملامح جميع الموجودين الذي تفاجئوا عندما امتدت يد يوسف ساحبا إياها خلفه ليتلقي هو الصفعه بدلا عنها و علي رأسهم رحيم الذي اهتزت يداه و فقد النطق لوهله مما قد اقترفه بغباء بسبب ذلك الغضب الأعمي ليتدخل على قائلا بشماته و غضب.

شفت انك انت الي وحش. كل الي حصل لولادك مغيركش و حتي حالة ابنك الي بين الحيا و الموت دي مخلتكش تفكر لحظه واحده قبل ما تمد ايدك علي بنت يتيمه ملهاش حد في الدنيا بس يشاء ربنا ان القلم يتردلك و يروح لاعز حد عندك هتفوق امتا بقي..
كفايه يا على،
اندفعت صرخة غاضبه من يوسف الذي بلغ غضبه الذروة فاسودت عيناه بشكل أوحي إليهم بأن الهلاك قادم لا محالة فتراجع على علي الفور قائلا بأسف.

أسف يا يوسف، يظهر أننا غلطنا فعلا لما جينا هنا، الف سلامه علي عمك عن إذنكوا
القي على جملته ثم أخذ والدته و اخويه التان لم تتفوه أيا منهما بحرف من هول الصدمات التي شاهداها اليوم..

نظرت روفان الي على بألم. ممزوج باللوم فأهداها هو نظرة اسف منزوع الندم فهو آسف لما سيؤول إليه مصيرهما و لكن ليس آسف علي ما قام به فوالدته بالنسبه اليه منطقه محظورة لا يسمح بالمساس بها لهذا أعطاها ظهره دافنا بصدره جمرات مشتعله من نيران العشق و الخيبه معا أما عنها فلم تستطع أن تمنع عبراتها من النزول و لكن هالها مظهر جدها الذي لم يتحمل قلبه تلك النظرات المملؤة بالعتاب و اللوم و الغضب من حفيده فأعلن عن تسليم رايته بعد كل تلك المعاناه و سقط مغشيا عليه لتتلقفه يد يوسف الذي شعر بأن روحه علي وشك أن تفارقه لحظه سقوط جده علي الارض لتندلع الشهقات و الصرخات من حولهم فحضر الأطباء علي الفور لحمل رحيم و عمل الإجراءات اللازمه لعلاجه و رفضوا انضمام اي منهم إليه حتي يوسف الذي شعر و كأن الأرض بجميع اتساعها تضيق به ..

ظل علي هذا الوضع قرابه النصف ساعه حتي خرج الطبيب المختص بحالته و الذي أخبر يوسف بنجاته من تلك الازمه القلبيه التي داهمته
الطبيب بعمليه
الحمد لله قدرنا ننقذه بس لازم يفضل في العنايه المركزه فترة لحد ما نطمن علي حالة القلب.
تنفس يوسف الصعداء أخيرا قائلا بلهفه
انا ممكن اشوفه يا دكتور.؟
تمهل الطبيب لثوان قبل أن يقول.

المفروض أن الزيارة ممنوعه يا يوسف بيه بس انا شايف حالة حضرتك عشان كدا هسيبك معاه خمس دقايق بس مش اكتر من كدا، احنا عايزينه يرتاح..
يوسف بلهفه
هما خمس دقايق بس مش عايز اكتر منهم..

و بالفعل ارتدي يوسف الزي المخصص لمثل تلك الأماكن و أقترب من جده بخطوات سلحفيه و قلبه يسبقه إليه في لهفه فبالرغم من كل أخطاءه فهو سنده و درعه القوي في تلك الحياة هو من قام بتعليمه كل شئ و شاركه بكل شئ هو بمثابه الاب و الجد و الصديق و لم يختلفوا قط سوي عندما تمرد قلبه عليه و اختارها شريكه له..

ما أن اقترب يوسف منه حتي أمسك بكفه الموصول به ذلك المغذي و هو ينظر إلي كل ذلك الجبروت الذي سقط بلحظه ليصبح بمثل هذا الضعف فتفاجأ برحيم يحدثه بعدما نزع جهاز الأكسجين من فوق أنفه قائلا بتعب
سامحني يا يوسف.!
يوسف بألم
سامحني انت يا جدي، حقك عليا
رحيم بوهن
انت الوحيد الي مقدرش ازعل منه يا ابني، اجمد يا يوسف مش عايز اشوفك ضعيف و لا مهزوز، انتي الي هتشيل الشيله من بعدي، انا واثق فيك و عارف انك قدها..

كان رحيم يتحدث بتلعثم ناتج عن تعبه ليقول يوسف بنفي
هنشيلها سوي يا جدي، انت وعدتني تفضل في ضهري العمر كله..
رحيم بابتسامه واهنه
هفضل في قلبك يا يوسف، بس عايزك تريح قلبي قبل ما اموت..
يوسف بلهفه
بعد الشر عنك ماتقولش كدا..
رحيم بانفعال
مفيش وقت للكلام دا، اسمعني، انا عايزك تتجوز نيفين بنت عمك يا يوسف،.

نزل الحديث عليه كالصاعقه فاوشك علي مقاطعته و قد نفرت كل خليه به من ذلك الأمر ليقول رحيم بكل ما يعتمل بداخله من قوة
متقاطعنيش و خليني اموت مرتاح، انا مش هطمن عليها غير معاك يا ابني، ريح قلبي و اوعدني انك هتتجوز بنت عمك و مش هتسبها للغريب أبدا..
ذلك الرجاء الذي في صوته و ذلك الضعف الذي يسيطر عليه أجبرا يوسف علي الإنحناء الي طلبه قائلا بيأس
اوعدك يا جدي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة